تروج في الفترة الأخيرة في بيروت ظاهرة الأكلات المبتكرة، بعضها يرتكز على المزج بين الحديث والقديم، وغيرها يقلب قواعد المطبخ اللبناني رأساً على عقب. وتدخل هذه الأكلات ضمن فئة تعرف بـ«سناك عاللبناني»، فيما تؤلّف مجموعة منها لوائح طعام لمطاعم افتتحت أبوابها مؤخراً في لبنان.
يتم الترويج لهذه الأكلات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فتعتمدها مخابز ومقاهٍ في منشوراتها الإلكترونية، فيما يلقي الضوء عليها بعض المؤثرين المعروفين بمجال تذوق الطعام.
وترتكز هذه الظاهرة على قلب موازين المطبخ اللبناني بلمسة غير تقليدية، فإعادة اختراع الأكلات الشعبية وتقديمها في قالب مختلف تستقطب الشباب اللبناني بامتياز.
وباتت اليوم الشغل الشاغل عندهم كي يلونوا سهراتهم وجلساتهم مع الأصدقاء.
وتحت عناوين وأسماء جذّابة تدخلها مصطلحات أجنبية تتم تسمية هذه الأكلات للفت الانتباه.
وينتشر في هذا الإطار الطعام «الميني» ويتألّف من حصص صغيرة نسبة إلى قياسها الأصلي. فالمنقوشة تحولّت إلى «ميني منقوش»، وكذلك الكعكة. وطبق الكبة بالصينية تحوّل إلى «بايت كبة». أما محشي ورق العنب فأخذ اسم «رول ورق عنب» المنكّه بـ«بلوسم أورانج» (زهر الليمون). وفيما تدرج ساندويتشات سلطة الفتوش، والبطاطا المقلية مع دبس الرمان. تأخذ الكفتة حصّتها من هذه الظاهرة لتصبح «شيك عرايس» المشوية مع الخبز. وصار الصنفان يقدّمان بالحبّة الواحدة، مرفقة بكوب بلاستيكي فيه سلطة الخيار مع اللبن.
وللخروج عن المألوف بشكل لافت تخترع بعض المطاعم الشعبية أكلات يمكن أن تسهم في تجديد ربحها التجاري. فراحت تقدّم «برغر كبّة» والكريب المحشو بمسبحة الحمص أو الفول. وشكّلت هذه الأكلات صدمة إيجابية عند البعض بعد أن استساغوا طعمها. بينما رفضتها شريحة من اللبنانيين لأنها لا تزال ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمطبخ اللبناني الأصيل.
«مايتي ليبانون دي إكس بي» موقع خاص بالثنائي اللبناني محمد وقمر. والأخيرة تتولى مهمة إدخال المتابعين إلى مطبخها. وتحرص قمر على تحضير أكلات لبنانية بتغليفة حديثة ومبتكرة، ومن بين أطباقها الشهيرة «الزهرة» المخبوزة بالفرن مع جبن البارميزان. وكذلك «فتّة الحمص» مع اللبن بعجين البقلاوة المقرمش. وسلطة جبن الحلّوم مع العسل وحبوب الحمص المسلوق. وأخرى تحضّرها مع «شيبس بطاطا» مع مخلل الخيار والبصل والبقدونس المقطّع.
أما المؤثر بشارة علم والمشهور بصفحته على «إنستغرام» تحت عنوان «براند أوبتمايز» يعد من أكثر المطّلعين على الأكلات الغريبة.
ومؤخراً زار المؤثر علم أحد المطاعم الذي افتتحت أبوابه في بيروت تحت اسم «مطبخ»، وعرّف متابعيه على سلسلة أطباق لبنانية، تم إعادة تركيبها بطريقة غريبة.
ومن بينها الصلصة الحارة مع ماء الورد، و«الفتوش بوكيه» الملفوف بورق الخس. ويتم تغطيس كل لقمة بصلصة دبس الرمان المقدمة إلى جانبها. ومن أكثر الأطباق غرابة هي تلك التي تعرف بـ«المحمّرة»، وتقدّم مع الكافيار ومخلل اللفت. أما «الكفتة تارتيليت» و«مهروس كبد الدجاج» فيؤلفان مكونين يخرجان عن المألوف في طريقة تحضيرهما وتقديمهما وطعمهما.
اللافت في هذه الأكلات هو توازن بين الحنين للأكل اللبناني التقليدي والرغبة في التجديد. إنها ليست وجبات جديدة بالكامل، لكنها تعيد تعريف طريقة تقديمها وتناولها.
ظاهرة «السناك اللبناني» لم تعد مجرّد أصناف تباع في المطاعم الصغيرة. فهي تحوّلت إلى نموذج اقتصادي ناجح. وذلك ضمن مشروعات منزلية كثيرة بدأت بصناديق كرتونية صغيرة تحتوي على كبة ميني، مناقيش بحجم لقمة، لفائف لبنة بالزعتر، وأحياناً حلويات لبنانية. ويزدهر الطلب عليها في فصل الصيف من قبل ربات المنازل اللاتي تنظمن أمسيات عائلية تجمعهن بالأقارب أو الأصدقاء.
ويعدّ المؤثر بشارة علم صاحب صفحة «براند أوبتمايز» أكثر المهتمين بهذه الأكلات.