يعدّ الشيف ألان الجعم أول طاهٍ لبناني يحصد نجمة «ميشلان» عن أطباق مطعمه «ألان عزام الجعم» في باريس. وجاء ذلك في عام 2018 على خلفية صنعه أطباقاً فرنسيةً بالنكهة اللبنانية. ومؤخراً تم تكريمه من قبل الدولة الفرنسية بوسام «فارس الاستحقاق الزراعي» (Chevalier de l’ordre du merite agricole).
وقلّده الميدالية غيوم غوميز سفير المطبخ الفرنسي وطاهي قصر الإليزيه السابق، وذلك تقديراً لأسلوبه الثابت في الطهي، والمبني على علاقة وطيدة ما بين الزراعة والمطبخ الفرنسي.

«الشرق الأوسط» التقت الشيف الفرنسي اللبناني الأصل في معرض «هوريكا 2025» وسط بيروت. وتحدّث عن معنى هذا الوسام بالنسبة له: «أنه يشكّل محطة مهمة في حياتي المهنية. لم أستوعب الأمر بداية، حتى أن معالم الفرحة لم تظهر على وجهي كما يجب. للوهلة الأولى تفاجأت وشردت بأفكاري لبرهة من الوقت. فالمسؤولية التي وقعت على عاتقي كانت كبيرة بالنسبة للمجتمعين الفرنسي واللبناني. وأدركت في تلك اللحظة بوجوب الاستمرار بمهمتي كشيف على أفضل وجه».
يتباهى الشيف الجعم بأصوله اللبنانية، لا سيما عندما يتحدّث عن بلد الأرز. «إقامتي هذه المرة كانت قصيرة جداً، وهدفها المشاركة في معرض (هوريكا). ولكنني أنوي العودة قريباً لأزور مدينتي الأم طرابلس، وللمكوث إلى جانب والدتي المهم لنحو أسبوع كي أروي عطشي من حنيني إليها، وأقوم بنزهات طويلة في شوارع المدينة وأطلّ على بحرها ومعالمها».
يبدي رأيه بمعرض «هوريكا» في نسخته لعام 2025 وبأنه يوازي بأهميته أشهر معارض الطبخ في العالم. «يكفي أنه شامل ومتنوع ويستضيف أهم الأسماء في عالم الطهي وخبراء التغذية. ويقف على أحدث الابتكارات في عالم الطبخ. ونحن كلبنانيين مغتربين يتيح لنا فرصة عرض خبراتنا على جيل الشباب».

خلال إقامته القصيرة في بيروت التقى الشيف الجعم رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون. «لقد تشرّفت في لقائه وبصورة تلقائية عبّرت له عن مشاعري تجاه حقبة حكم جديدة على لبنان. وأكدت له بأننا نتأمل بوجوده على هذا الكرسي. وبأننا متحمسون لمشاركة لبنان بنجاحاتنا».
يقول بأنه ما إن يركب الطائرة باتجاه لبنان حتى يشعر بالفرح. «يكفي شعور تنفسي هواءه وملامسة أرضه وترابه. فلبنان يمثّل جذوري وشخصيتي، وكل ما أنا عليه اليوم».
حالياً يملك ألان الجعم نحو 8 مطاعم في باريس. ومن بينها «قصتي» الذي يقدم فيه المازة اللبنانية وأطباقاً أخرى مشهورة كالشاورما.
تسأله «الشرق الأوسط» عما إذا ينوي افتتاح مطعم له في لبنان. يردّ: «لا يشغلني هذا الموضوع بقدر ما يهمني إيصال خبراتي إلى الجيل الشاب. فأفضّل أن أعقد محاضرات وأقوم بلقاءات ومناقشات مع الطباخين الشباب. وأشرح لهم معاني ثقافة الطعام، وكيفية تشكيل البنية الفكرية عند الطاهي. فهذه المهنة يلزمها الخبرة والتمتع بالصبر وثقافة واسعة»، ويستطرد: «هذا هو حلمي الأكبر والأعمال التجارية قلّما يهمّني القيام بها في بلدي».
يرفض الشيف ألان الجعم مقولة بأن لبنان يعيش حالة حرب. «أصررت على إبراز كل ما يناقض هذا القول، وسأحمل معي إلى فرنسا كل ما يشير إلى العكس تماماً. لبنان هو بلد الضيافة واللقمة الشهية. وأهله الطيبون لا يوفّرون شيئاً لإشعار الضيف مهما كانت جنسيته وكأنه في بيته».
يلفت الشيف ألان الجعم في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى اهتمام جيل الشباب من الطهاة اللبنانيين بصناعة الطعام الغربي. «في مسابقة أجريتها ضمن معرض (هوريكا) كانوا منهمكين بتحضير الأطباق اليابانية والفرنسية والإيطالية وغيرها. وبرأيي أنهم يرتكبون خطأً كبيراً. فمهمتنا كطهاة لبنانيين يجب أن تدور حول حمايتنا لتراث مطبخنا، ونقدّمه إلى العالم أجمع بأسلوب حديث». ويتابع: «لقد استغرق مني هذا الأمر كي أدركه نحو 20 سنة من العمل والاجتهاد. فأنا من الطباخين الذين وصلوا القمّة، ولكن التفاتي إلى المطبخ اللبناني هو الذي كان جديراً بالاهتمام. اليوم عدت إلى جذوري وأطباق الحمص بالطحينة وورق العنب وغيرها من التي تستحق أن نبرزها ونتباهى بها. وعلينا الانتباه إلى المكونات التي نستخدمها كي تخدم الطبق. فتكون طازجة ومزروعة في موسمها المحدد. ومن المهم جدّاً أن نلوّن هذه الأطباق العريقة بأفكار جديدة شرط الحفاظ على هويتها ونكهتها».










