«سفرة مريم» في دبي يكمل قصة «بيت مريم»

الشيف سلام دقاق ترتقي بالمطبخ الشرقي إلى مستوى آخر

طاولة السفرة التي تزينها شجرة الزيتون (الشرق الأوسط)
طاولة السفرة التي تزينها شجرة الزيتون (الشرق الأوسط)
TT

«سفرة مريم» في دبي يكمل قصة «بيت مريم»

طاولة السفرة التي تزينها شجرة الزيتون (الشرق الأوسط)
طاولة السفرة التي تزينها شجرة الزيتون (الشرق الأوسط)

لم يكن الأمر مستغرباً عندما وقع خيار «جائزة أفضل 50 مطعماً في الشرق الأوسط وأفريقيا» على سلام دقاق ليتم تتويجها كأفضل طاهية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عام 2024. ولم يفاجأ من زار مطعمها «بيت مريم» في دبي بضمه إلى دليل ميشلان لعدة سنوات على التوالي، وليحتل هذا العام المرتبة الـ15 في لائحة أفضل 50 مطعماً في العالم العربي.

«سفرة مريم» دبي (الشرق الأوسط)

قصة نجاح الشيف سلام دقاق التي تحمل عشق بلدها فلسطين في أطباقها غذتها قصة حبها الذي لا يعرف حدوداً لوالدتها مريم التي أرادت سلام تخليد ذكراها عن طريق افتتاح مطعم يشبه بيت أمها من حيث الديكور والرائحة. «بيت مريم» ليس مطعماً بقدر ما هو منزل عائلي يشبه بيت كل شخص عربي، فيه الدفء، وفيه السخاء على الطاولة والأهم ما فيه الابتسامة العريضة والاستقبال الجميل. هذا هو باختصار «بيت مريم»، المطعم الأول الذي افتتحته سلام دقاق، لتكمل بعده قصة «مريم» من خلال افتتاح «سفرة مريم» في منطقة الوصل بدبي أيضاً.

صفة المطعمين المشتركتين، هي وجود الشيف سلام فيهما، فهي تعمل في المطعمين من دون كلل ولا تعب رغم عملها الدائم والدؤوب منذ الصباح الباكر في مطبخها الرئيسي وما تنشره الطاهية النشيطة على صفحتها على «إنستغرام» وهي تقوم بتحضير الأكل يومياً مستهلة كلامها دائماً بشكر الله على كل شيء وإلقائها التحية على متابعيها الذين لا تبخل عليهم بوصفاتها التي ورثتها عن والدتها الراحلة.

ديكورات جميلة في «سفرة مريم» (الشرق الأوسط)

«سفرة مريم» هو أشبه بتكملة لـ«بيت مريم» الأصغر حجماً، فهو يتمحور حول طاولة السفرة الطويلة والتي تتسع لأشخاص عدة، وهنا تقول سلام دقاق لـ«الشرق الأوسط»: «أردت بأن يكون (سفرة مريم) مرآة للبيت الشرقي الذي يعتز بطاولة الطعام الكبيرة فيه، التي تجمع أفراد العائلة حولها». وهذه الطاولة الطويلة تزينها شجرة زيتون، يوجد مطبخ مفتوح، وركن مخصص للعصائر الطازجة وفرن حطب وديكور منزلي جميل يبدأ بمدخله الذي يجعلك تشعر وكأنك تدخل بيتاً في أحد بلدان بلاد الشام المعروفة بقناطرها الحجرية، وأول ما يطالعك في هذا الصرح الجميل صورة مريم الأنيقة والدة سلام دقام معلقة على الحائط وراء أريكة مريحة تذكرك بأثاث البيوت الشرقية في فترة الستينات والسبعينات الشهيرة بتصميماتها المميزة، من دون أن ننسى ماكينة الخياطة «سينجر» وستائر الدانتيل التي تسمح لأشعة الشمس بالتسلل بهدوء إلى البيوت.

الشيف سلام دقاق في مطعمها «سفرة مريم» (الشرق الأوسط)

المطبخ في «بيت مريم» و«سفرة مريم» يتميز كونه يرتكز على الوصفات التقليدية الأصيلة، ولكنه بنفس الوقت يواكب العصر ويركب موجة التجديد من دون الخلط والتشويه، لأن ابتكار بعض الأطباق التي تحمل توقيع سلام دقاق اعتمد على الذوق والقدرة على معرفة كيف يمكن خلق طبق جديد من دون تشويه التراث والعبث به.

تستخدم الشيف سلام منتجات طازجة غالبيتها من مزارع محلية، وهذا الأمر مهم جداً في أي مطبخ، لا سيما المطبخ الشامي الذي يعتمد على الخضراوات.

مدخل «سفرة مريم» في دبي (الشرق الأوسط)

تكلمت عن مواصفات السفرة الشرقية التي تتسم بالسخاء في البداية، وهذا ما ستختبره في «سفرة مريم»، فالسفرة ستكون عامرة بالأطباق اللذيذة، بدأناها بطبق مميز جداً وهو الملوخية بالزيت، ويقدم من ضمن المقبلات فهو بسيط جداً ولكن نكهته تضاهي أي نكهة أخرى لأنه يعتمد على الزيت الفلسطيني النقي والثوم والليمون، ومن الأطباق المميزة التي جربناها، الكبة النيئة ولكن على الطريقة الفلسطينية التي تضيف بهارات خاصة إليها مثل الكمون الذي يعطي مذاقاً قوياً ولذيذاً، تتناول الكبة في خبز أشبه بالخبز المرقوق الذي يحضر في فرن المطعم وتضاف إلى اللقمة قطعة من البصل وبعض أوراق النعناع والفجل. وأردنا تذوق شيئاً آخر من ابتكارات الشيف سلام فاخترنا سلطة الكيل على طريقتها. لا بد من تذوق الخبز الذي يصنع في المطعم فهو لذيذ جداً وتطلق عليه اسم «خبز البيت»، أما الطبق الفائز من حيث النكهة وطريقة التقديم بالنسبة لي فكان الشيش برك مع اللبن بالثوم والصنوبر، فهو بالفعل مميز. كما تقدم الشيف سلام كريات من الكبة تضاف إليها صلصة خاصة تشبه الـ«غرايفي» وفيها خواص اللحم والخضراوات. وإذا كنتم من محبي اللبن أيضاً فأنصحكم بفتة اليولنجي (الدولما) أو ورق الدوالي (العنب) فهي مميزة من حيث الطعم والنكهة والشكل. أما بالنسبة للطبق الرئيسي فنصحتنا الشيف سلام بالمنسف الشهير في الأردن.

لبنة بروليه (الشرق الأوسط)

سمعنا الكثير عن طبق الحلوى الذي يقدم فقط في «سفرة مريم» وهو «لبنة بروليه»، الذي يعتمد على اللبنة بدلاً من الكريمة ويتم تحميص وجهها تماماً مثلما يكون وجه الكريمة المقرمش، وتضاف إليه قطع من البسكويت المقرمش بطعم الزعتر، الطبق فعلاً مميز والخلطة أكثر من رائعة، ومن الحلويات الشهيرة الأخرى، حلاوة الجبن وقطع «الغريبة» التي تعتبر رفيقة فنجان القهوة التركية على أصولها.

الملوخية بالزيت (الشرق الأوسط)

قصة نجاح «بيت مريم» و«سفرة مريم» تعتمد على شخصية الشيف سلام دقام وقربها من الناس، فهي تتميز بشخصية جميلة وابتسامة مرحبة بكل من يأتي إليها، وميزة المطعمين أنهما (وكما أرادت دقاق) أشبه بمنزل، لمسات الشيف سلام ونشاطها واضح في جميع زوايا وثنايا المكان، بما في ذلك الرسم على بعض الجدران، فالشيف فنانة بالطبخ والرسم أيضاً، وهذا ما يفسر شغفها بالطهي لأنه فن.


مقالات ذات صلة

الشيف أحمد الزغبي يسترجع نكهات الماضي بطريقة عصرية

مذاقات الشيف أحمد الزغبي يستعيد نكهات الطواجن اللبنانية على المائدة المصرية (مطعم Aura)

الشيف أحمد الزغبي يسترجع نكهات الماضي بطريقة عصرية

الطواجن من الأطباق الشهيرة خلال شهر رمضان المبارك على المائدة العربية، حيث يتجاوز مفهومها تجمع العائلات حولها، إلى الشوق لروائح الماضي وأساليب الطهي التقليدية.

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات البطاطس المشوية بالنعناع من شيف علي عبد الحميد (الشرق الأوسط)

كيف تحضر «السناكس» بطريقة صحية؟

تظل «السناكس» أو المأكولات المسلية الصحية هي النصيحة الذهبية للطهاة، وخبراء التغذية ومدربي اللياقة البدنية؛ لدورها في زيادة الشعور بالشبع

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات يمتد زوما دبي على طابقين (غافريل باباديوتيس)

«زوما» في قائمة أفضل مطاعم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

حافظ مطعم «زوما» في دبي على مكانته محتلاً بذلك المرتبة الـ19 كأفضل مطعم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحسب جوائز «أفضل 50 مطعماً» التي استضافتها أبوظبي أخيراً.

جوسلين إيليا (دبي)
مذاقات مأكولات ريفية (مزرعة العزبة الفيسبوك)

مطاعم ومزارع مصرية تراهن على «الطعام الريفي»

من الوصفات العائلية التقليدية التي توارثتها الأجيال، إلى الأطباق الريفية البسيطة التي صمدت أمام اختبار الزمن، يمكن لمحبي المطبخ المصري، استكشاف القصص والتقاليد

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات زيارة واحدة من أحد المشاهير تجعل المطعم شهيراً جداً (نيويورك تايمز)

لماذا يذهب جميع المشاهير إلى نفس المطاعم؟

يبدو أحياناً أنه يوجد نوعان فقط من المطاعم في مدينة نيويورك: تلك التي يتناول فيها المشاهير الطعام، وكل مكان آخر.

بيكي هيوز وبريا كريشنا (نيويورك)

الشيف أحمد الزغبي يسترجع نكهات الماضي بطريقة عصرية

الشيف أحمد الزغبي يستعيد نكهات الطواجن اللبنانية على المائدة المصرية (مطعم Aura)
الشيف أحمد الزغبي يستعيد نكهات الطواجن اللبنانية على المائدة المصرية (مطعم Aura)
TT

الشيف أحمد الزغبي يسترجع نكهات الماضي بطريقة عصرية

الشيف أحمد الزغبي يستعيد نكهات الطواجن اللبنانية على المائدة المصرية (مطعم Aura)
الشيف أحمد الزغبي يستعيد نكهات الطواجن اللبنانية على المائدة المصرية (مطعم Aura)

الطواجن من الأطباق الشهيرة خلال شهر رمضان المبارك على المائدة العربية، حيث يتجاوز مفهومها تجمع العائلات حولها، إلى الشوق لروائح الماضي وأساليب الطهي التقليدية.

وتعد الطواجن جزءاً أساسياً من المطبخ اللبناني الكلاسيكي، فلها طريقتها الخاصة في الطهي، حيث تبدأ عملية تحضيرها باستخدام أواني الفخار التقليدية في المناطق الريفية، ثم تدخل إلى الفرن وتُطهى على نار هادئة.

في القاهرة؛ وفي رحلة لاستعادة نكهات الماضي، يقدم الشيف اللبناني أحمد الزغبي، طواجن بلاده بطريقة جذابة، جامعاً بين التقاليد الأصيلة وابتكارات الطهي المعاصرة، ليقدم مزيجاً على المائدة المصرية وزوارها من العرب والأجانب، حيث تتلاقى داخل طواجنه النكهات المنزلية الغنية بلمسات عصرية لتكون خفيفة على المعدة.

وخلال شهر رمضان، ومن خلال قائمة طواجن متنوعة، يقدم الشيف اللبناني تجربته لزوار فندق «فور سيزونز فيرست ريزيدانس»، وتحديداً داخل مطعم «Aura»، المتخصص في الطعام اللبناني، عاكفاً على وضع فلسفته في الطهي، التي تجمع بين تاريخ المطبخ اللبناني وخبرة الطهي الحديثة.

يبدأ الشيف الزغبي، حديثه مع «الشرق الأوسط»، بالإشارة إلى أن الطواجن جزء من التراث اللبناني، موضحاً أن أسماء الطواجن بمكوناتها الأساسية (الدواجن واللحم والسمك) تختلف في مكونات إعدادها من منطقة لأخرى داخل لبنان، وقد تقدم بأسماء مختلفة من محافظة لمحافظة، إلا أنها تشترك في طريقة الطهي داخل الأفران التقليدية، والتحضير البطيء لضمان أقصى درجات النكهة والنضج، مبيناً أنه استلهم من هذا التراث مجموعة منتقاة من الطواجن لتقديمها في مصر، لا سيما على مائدة الإفطار الرمضانية، مازجاً فيها بين التقاليد والعصرية واللمسة الراقية.

ويقول: «دائماً أفكر في طرق جديدة ومبتكرة لتحضير الطواجن، حيث أجمع أحياناً بين طريقتي إعداد من منطقتين مختلفتين ودمجهما، أو الجمع بين المكونات التقليدية بطرق إعداد غير تقليدية، أو اختيار اسم طاجن معروف مع تغيير المكونات».

يؤمن الشيف بأنه لا شيء يعبر عن شهر رمضان أكثر من مذاق الطواجن التي تتجاوز الحاضر إلى الماضي، مؤكداً أن ابتكاراته بها تعد مغامرة يخوضها لترك انطباع جيد لدى زبائنه. ولتحقيق ذلك، تضم قائمة طواجنه 5 أنواع مختلفة لكي تلبي جميع الأذواق. يأتي أولها طاجن الجمبري بالهريسة مع الزيتون الأخضر والبطاطس والفلفل الرومي ودبس رمان، وهو مناسب لمحبي المأكولات البحرية، الذين يبحثون عن نكهة أصيلة ومثالية، ومختلفة على المائدة الرمضانية في الوقت نفسه.

والثاني هو طاجن اللحم المطبوخ بالقرع والخضار، وهو يعتمد على اللحم البتلو، الذي يتم شواؤه بداية على الجريل مع البصل، لمنح الطاجن نكهة أعمق، ثم يضاف في الطاجن القرع والخضراوات المتنوعة، حيث ينضج داخل الفرن على نار هادئة.

وطاجن اللحم البقري مع الحمص والجزر، المكون من قطع اللحم البقري المقطّع المشوي مع المشروم والجزر والبصل، وما يميز هذا الطاجن أنه يغطى بطبقة عجين، ثم يدخل إلى الفرن، وعند تقديمه يصاحبه «شو»، حيث تتم إزالة هذا الغطاء من جانب أحد الطهاة ليتصاعد منه البخار الكثيف من الطاجن، ما يحفز المتذوق.

النوع الرابع في قائمة طواجن الشيف الزغبي هو الدجاج بالخرشوف مع البازلاء والجبن، الذي يعد أكثر الطواجن ابتكاراً بحسب الشيف، حيث يجمع مكونات من ابتكاره، عبر دمجها مع بعضها البعض مكوناً منها الطاجن، الذي يعد غنياً بالفيتامينات المفيدة للجسم، لا سيما مع وجود الخرشوف بفوائده الصحية المتعددة.

وأخيراً، يأتي طاجن الموزة الضأن مع ورق العنب والكوسة، الذي يناسب عشاق المذاق التقليدي الأصيل على مائدة رمضان لكن بلمسة عصرية، وهو طاجن يتسم بنكهته القوية، لا سيما مع وجود لحم الضأن بمذاقه اللذيذ والغني بالبروتينات، والذي يقدم مع صلصة الزبادي.

ويبيّن الشيف أنه بجانب الرهان على الحفاظ على المذاق الأصلي، فإنه دائماً يراعي جذب عين المتذوق عبر الألوان، وذلك من خلال الاهتمام بنوع «الصوص» المستخدم مع كل طاجن، فإلى جانب قدرتها على إكساب الطاجن مزيداً من المذاق الشهي، فهو يوظفها لعمل تنوع لوني. على سبيل المثال يقدم طاجن الجمبري مع الصوص الأحمر، بينما في طاجن لحم العجل بالقرع والخضار فيقدم مع خليط مرق اللحم المائل للون البني، فيما يقدم الصوص الأصفر مع طاجن الدجاج بالخرشوف المائل للون الأخضر بفضل مكوناته. ويعقب الشيف اللبناني على ذلك، قائلاً: «هذا التنوع اللوني يحوّل الطواجن إلى فن حقيقي، ويجعل وراء كل طاجن قصة نرويها من خلال المذاق والألوان».

تقدم جميع الطواجن مع حساء القرع، الذي يلائم فصل الشتاء لقدرته على التدفئة، وكذلك يناسب الصائمين، حيث يهيئ المعدة بعد ساعات طويلة من الصوم على استقبال أصناف الطواجن.

يقدم الشيف الزغبي قائمة الطواجن يومي الخميس والجمعة، ما يجعلها مثالية لتجمعات العائلة والأصدقاء، تماماً مثل فكرة تقديمها في المنازل اللبنانية والمصرية، حيث تناسب التجمعات والولائم الرمضانية.