مبارزة «سوشيالية» على لقب أفضل طبق كشري في مصر

عبر فيديوهات وأغاني مهرجانات على شبكات التواصل

TT

مبارزة «سوشيالية» على لقب أفضل طبق كشري في مصر

يبدو أن انتشار وشهرة محلات الكشري المصرية، لدرجة افتتاح فروع لها في دول عربية، زادا حدة التنافس بينها على لقب «أفضل طبق كشري». الأمر الذي انعكس في «مبارزة سوشيالية» لـ3 من محلات الكشري المعروفة في مصر، حيث استخدم كل منها فيديوهات بخلفية أغاني مهرجانات في تحدٍّ تَصدّر «التريند» على «إكس».

ولا تظهر المؤشرات مِن أين بدأت ما سُميت «المبارزة السوشيالية»، أي المبارزة على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن فيديوهات نشرها مستخدمون على «إكس» تشير إلى شباب يرتدون زي «كشري التحرير»، وهو محل كشري له أفرع كثيرة في مصر، يقدمون أغنية تعبر عن تفردهم بـ«أفضل طبق كشري»، ليرد عليهم آخرون يرتدون زي محلات «سيد حنفي»، الذي وضع فيديو شباب «كشري التحرير» في الخلفية، ويخبرونهم بأنهم يريدون فقط الأضواء «اللقطة»، وأن الأفضل لهم الابتعاد عن المنافسة والنوم جيداً.

ونشرت مستخدمة باسم «رحومة» على «إكس» فيديو السجال بين «كشري التحرير» وكشري «سيد حنفي»، معلّقةً أن آخر شيء كانت تتخيله أن محلات الكشري «تدوس على بعض»، أي تدخل في سجال وتحدٍّ مباشر.

وعلى الصفحة نفسها، جاء تعليق من المستخدمة ذاتها: «بشرى سارة للجميع، أبو طارق ردوا يا جماعة»، بعد ذلك يظهر فيديو لشخص في خلفيته لافتة «أبو طارق»، وهو محل كشري شهير في مصر، يرد على الاثنين قائلاً في نهايته: «روحوا ناموا... بتحلموا».

ويبدو من الفيديوهات المتداولة والتعليقات عليها أن بعض هذه المبارزات يدور بين أفرع لمحلات الكشري المصرية، ولكن في الخارج.

وتتراوح أسعار طبق الكشري في مصر بين 20 جنيهاً في المناطق الشعبية، و50 جنيهاً في المناطق المتوسطة والميسورة اجتماعياً، ويختلف طعمه من محل إلى آخر حسب «الصنعة» التي يتقنها كل محل. وتقتصر مكونات طبق الكشري على الأرز والمكرونة والعدس وحمص الشام والبصل المقلي، مع إضافات مثل الصلصة والدَّقَّة.

طبق الكشري أكلة شعبية مميزة في مصر (فيسبوك)

في السياق، جاءت تعليقات تعدّ الكشري وجبة الفقراء، حيث كتبت صاحبة حساب باسم «مريم» على «إكس» أنها حاولت أن تشرح لزميلتها الأميركية في العمل ما هو الكشري، وكيف أنه بلا لحوم، فسألتها زميلتها؛ هل معنى ذلك أن معظم المصريين نباتيين؟ فردّت عليها: «بل معظمهم فقراء».

ليرد عليها متابع آخر باسم «محمد المسيري» متعجباً من ربط الكشري بالفقر، مشيراً إلى وجود محلات الكشري في كل المناطق، ويدخلها الناس من كل المستويات (الطبقات الاجتماعية)، وأن هناك فنادق 5 نجوم ومطاعم كبرى تقدم «طبق الكشري» ضمن قائمة الطعام الخاصة بها.

ونشر حساب باسم «عصمت سليم» على «إكس» صورة لعربة كشري في الشارع (يبدو أنها صورة تعود لفترة قديمة) يأكل منها مجموعة من الصبية، وعليها أسعار «5 - 3 - 2 - 1»، وكتب معلقاً على الصورة إن سعر طبق الكشري عند أغلبية الناس أهم من أسعار الذهب. وأضاف: «طبق الكشري الأكلة الشعبية في مصر كان بـ5 قروش، والآن وصل سعره إلى 50 جنيهاً (الدولار يساوي 48.25 جنيه مصري) بزيادة ألف مرة»، وردّ عليه أحد المتابعين أن هذه الأسعار كانت في السبعينات.

ويُرجع بعض المصادر أصل الكشري إلى أزمنة قديمة، في إشارة إلى كتاب «الجيبتانا» الذي يؤرخ للمصريين القدماء، وتَرد فيه وصفة «الكوشير»، ويتكون من حبوب القمح والعدس والفول والحمص والثوم والبصل بعد طهيها في أوانٍ من الفخار، وهي مكونات قريبة جداً مما يتكون منه الكشري اليوم.

وتسعى مصر إلى تسجيل الكشري ضمن التراث الإنساني اللامادي. وكانت الدكتورة نهلة إمام، مستشارة وزارة الثقافة لشؤون التراث اللامادي، قد تحدثت سابقاً عن تقديم ملف لليونيسكو لتسجيل «الكشري» كـ«أكلة مصرية»، ومن المفترض تحكيم هذا الملف في 2025.


مقالات ذات صلة

فيديو لامرأة تضرب حماتها يثير الغضب على مواقع التواصل

يوميات الشرق الأم المعتدى عليها (صفحة نجلها على «فيسبوك»)

فيديو لامرأة تضرب حماتها يثير الغضب على مواقع التواصل

أثار مقطع فيديو تظهر فيه سيدة تضرب حماتها، غضب مصريين، حيث نشر حساب على «فيسبوك»، مقطع فيديو وصفه بأنه لـ«زوجته وهي تعتدي على والدته».

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق فيكتوريا عون سفيرة حملة لبنانية تناهض التحرُّش (حسابها الشخصي)

فيكتوريا عون صرخةُ الشباب ضدَّ التحرُّش

لم تتردَّد الممثلة اللبنانية فيكتوريا عون لتكون صرخة المراهقين في وجه الأذى والتفلُّت غالباً من العقاب.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنانة سعاد حسني وأختها جنجاه (الشرق الأوسط)

أُسر فنية مصرية ترفض تصريحات آمال رمزي «الجارحة»

قابلت أسر فنّية عدّة في مصر تصريحات الفنانة المصرية آمال رمزي في أحد البرامج التلفزيونية عن نجوم بالاعتراض والرفض، كما عدَّها نقاد ومتابعون «جارحة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق محمد رمضان في أحد حفلاته الغنائية (حسابه على «فيسبوك»)

مشاجرة محمد رمضان مع أحد المعجبين تعيد الجدل حول «انفعال الفنانين»

أعادت المشاجرة التي نشبت بين الفنان محمد رمضان وأحد المعجبين في الساحل الشمالي الجدل حول «انفعال الفنانين» رداً على تجاوزات بعض المعجبين.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق المطربة المصرية شيرين عبد الوهاب (إنستغرام)

أزمات شيرين تعود إلى الواجهة بعد معركة مع طليقها

عادت أزمات الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب وطليقها حسام حبيب للواجهة مجدداً، بعد أن نشبت بينهما معركة بالأيدي خلال الساعات الماضية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

كيف غيَّر الوجود السوري المطبخ المصري وامتزج معه؟

تجربة المطبخين المصري والسوري كانت نموذجاً للاندماج وليس لطمس الهوية (أدوبي ستوك)
تجربة المطبخين المصري والسوري كانت نموذجاً للاندماج وليس لطمس الهوية (أدوبي ستوك)
TT

كيف غيَّر الوجود السوري المطبخ المصري وامتزج معه؟

تجربة المطبخين المصري والسوري كانت نموذجاً للاندماج وليس لطمس الهوية (أدوبي ستوك)
تجربة المطبخين المصري والسوري كانت نموذجاً للاندماج وليس لطمس الهوية (أدوبي ستوك)

إذا تمكنت من مقامة رائحة الشاورما المنبعثة من عمود ضخم تكسوه طبقة مقرمِشة من لحم ذي اللون الذهبي المتدرّج، فإنك حتماً ستقع أسيراً لحلو ألسنتهم، إنهم هناك يتنافسون على إرضاء زبائنهم بكل ما لذ وطاب في سوق مدينة الرحاب الواقعة شرقي القاهرة.

وسوق الرحاب، كما غيره بمدن مصرية، قدم إليها السوريون المشتغلون بصناعة الطعام، فتركوا أثراً محبباً لدى قطاعات مختلفة، وبات ينظر إليهم من قبل اختصاصيين على أنهم تركوا - دون قصد - بصمة في صناعة الأكل على نحو يعكس، كيف تحتوي القاهرة القادمين إليها وتصهرهم وتتفاعل معهم.

الأمر ليس ساندوتش شاورما، أو قطعة من جبن الحلوم، أو حتى طبق من الكنافة النابلسية، لكنه بالدرجة الأولى معني بالانعكاس الثقافي وقبول للآخر، مما أصبح السؤال حياله جديراً ببحث مدى تأثر المطبخ المصري بالوجود السوري.

هنا يفضل الطاهي السوري بلال عمر، (صاحب الرقم القياسي في تحضير أكبر فطيرة في الوطن العربي ويتابعه الملايين)، أن يصف الأمر بأنه «التناغم» بين المطبخين المصري والسوري، ويرجع ذلك إلى تنوع مطبخ بلده.

الشاورما والبطاطس... مزيج بين الوصفة السورية والمصرية (الشيف حسام الكيلاني)

وينوّه عمر بأن «المطبخ السوري مصنف ضمن أفضل 50 مطبخاً في العالم»، لذا يرى أنه «امتزج ببساطة مع الثقافة المصرية ووضع لمسته على مائدتهم بمكونات وأسرار؛ لم تكن يوماً غريبة لتُلفظ أو تصنع أزمة أو تزاحم».

ويتحدث عن أن «المطبخ السوري بالأساس مزيج فريد من الحضارات والثقافات التي تعاقبت على بلاد الشام عبر التاريخ. من بلاد الرافدين إلى مصر القديمة، ومن الحضارة الرومانية إلى الحضارة العثمانية، كلّ حضارة تركت بصمتها على مكونات وأطباق هذا المطبخ العريق».

بات المكدوس السوري والباذنجان المخلل على الطريقة المصرية أبناء عائلة واحدة حاضرين جنباً إلى جنب على المائدة المصرية دون حدود أو تصنيف، بل واحتضن خبز الصاج السوري وصفة الشاورما المصرية المُميزة بقطع دهن الخراف (الليّة)، وسواء أضيفت الثومية السورية أو الطحينة المصرية فإنك أمام مذاق طيب جاء نتاج امتزاج ثقافتين.

وعن أكثر الأكلات السورية المحببة لدى المصريين، قال الطاهي السوري عمر: «الشاورما بلا منازع، سواء التي تعد من اللحم أو الدواجن، تليها الفلافل، وهي أحد أهم الأصناف الشعبية المصرية التي تصنع من الفول، لكن السورية منها تكون من الحمص، وبعد الوجود السوري في الداخل المصري بات المصريون على دراية بالصنفين، وذابت الفروق بين الفول والحمص».

غير أن الطاهي السوري تخصص في وصفات مثل الكبة والمحشي والحمام المحشي كنماذج للاندماج بين الثقافتين، وأوضح: «لا شك أن المطبخ السوري وضع لمسته على نظيره المصري... التاريخ المشترك والتبادل الثقافي الكبير بين البلدين كان له عظيم الأثر على تجربة الانصهار الثقافي».

فتة الشاورما على الطريقة الشامية (الشرق الأوسط)

وكشف عمر عن أن «ثمة بعض الأطباق يُعتقد أنّ أصلها يعود إلى إحدى الثقافتين، الكبة مثلاً يُعتقد في سوريا أصلها غير أنها باتت إحدى الأكلات الشعبية على المائدة المصرية، فيما صنف التاريخ القطائف كأكلة مصرية غير أنها الآن وصفة شامية أصيلة».

التجربة المصرية السورية كانت نموذجاً للاندماج وليس لطمس الهوية، حسبما يرى مدون الطعام المصري حسام الكيلاني، الذي عدّ الوجود السوري في المطبخ المصري فاق حدود المذاق، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «السوريون معروفون بحلو اللسان وحسن المظهر ورقي الضيافة، وهذه السمات ساهمت بشكل أو بآخر في تمرير وجودهم في الداخل المصري، هذا البُعد فاق حد الطهي ليعزز المنافسة وتحسين المنتج الغذائي النهائي في السوق المصرية».

ونوه بأن «زيت الزيتون والزعتر والمخبوزات الشهية بجبن الحلوم غدت أطباقاً رئيسية على مائدة المصريين، مما يعكس شدة الانصهار والتأثير»، وأرجع السبب إلى بُعد آخر وهو المنافسة التي أشعلتها حرفية الطهاة السوريين.

وتابع: «بعد نزوح السوريين وقدومهم إلى مصر، لم يكتفوا باللجوء والبقاء دون عمل، بينما اندمجوا سريعاً وظهرت موجة المطاعم السورية، مما ألقى بظلاله على السوق وشجع المصريين على خوض التجربة، وأثرى السوق بمنافسة تعلي مشاعر الضيافة الودودة».

ورأى الكيلاني أن المنافسة عززت الجودة ومزجت الوصفات وخرجت بطابع حداثي له هوية عربية شامية مصرية.

بالعودة إلى الطاهي السوري بلال عمر، فإنه يعتبر أن ما شهده المطبخ المصري في العقد الأخير إضافة بالغة الأهمية، وقال: «يُمكنني القول إنّ امتزاج الثقافات في الطهي يُعدّ إضافةً هامةً للثقافة، حيث يُساهم في تنوع الأطباق، وتعزيز التواصل، مع الحفاظ على هوية كلّ ثقافةٍ من خلال ميزاتها وخصائصها».

وهو ما اتفق معه مدون الطعام المصري مؤكداً على أننا أمام نموذج من الإثراء والتطوير دون مساس بالأصل والاعتزاز بإرث الأجداد، وقال: «خرجت اتجاهات أو بالأحرى (تريندات) طعام بسبب الوجود السوري في مصر، وتفاعل معها رواد مواقع التواصل الاجتماعي ثم اختفت الحالة وبقيت الوصفات الطيبة حائرة بين الأصل المصري واللمسة السورية».

فتة الشاورما، يُعتقد أنها طبق سوري، غير أن الحقيقة أنها مزيج بين الثقافتين السورية والمصرية وشهدت العديد من الإضافات بسبب رواجها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يقول المدون المصري، الذي يضيف: «هذه الوصفة تحديداً هي مثال حي للاندماج، كذلك طريقة تحضير الشاورما شهدت تطوير من خلال إضافة صلصات حارة أو بطاطس أو الثومية، وجميعها نماذج تعكس التطوير والامتزاج».

كذلك وصفة الحواوشي المصرية التي تعتمد على مزيج من الخبز المصري (العيش البلدي) مع اللحم المفروم والتوابل، ووصفة العرايس السورية التي تعتمد أيضاً على مزيج الخبز واللحم، اندمجت الوصفتان وشهدتا مزيجاً من التطوير حتى وإن اختلفتا في بعض التفاصيل، كل هذه دلائل على عمق التأثير والتلاحم بين المطبخين السوري والمصري، الذي ما زلنا ننتظر منهما المزيد من الوصفات الطيبة.