متعة السحور... من مركب «فيرست نايل» إلى «الجحش» بالسيدة

طقس رمضاني مميز لمطاعم القاهرة

موائد السحور المصرية عامرة بتشكيلة متنوعة من الأطعمة التقليدية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
موائد السحور المصرية عامرة بتشكيلة متنوعة من الأطعمة التقليدية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
TT

متعة السحور... من مركب «فيرست نايل» إلى «الجحش» بالسيدة

موائد السحور المصرية عامرة بتشكيلة متنوعة من الأطعمة التقليدية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
موائد السحور المصرية عامرة بتشكيلة متنوعة من الأطعمة التقليدية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

يفضل كثير من المصريين تناول وجبة السحور الرمضانية خارج المنزل، باعتبارها وسيلة للاستمتاع بأجواء شهر رمضان المميزة للغاية في القاهرة، وسط التجمع العائلي، أو التقاء الأصدقاء على موائد السحور التي تمتد من مركب «فيرست نايل» إلى «الجحش» في السيدة زينب.

ومنذ بداية الشهر، دأب كثير من المطاعم القاهرية -مع اختلاف أماكنها ومستوياتها بين الراقية والشعبية، ونوعية جمهورها الذي يتراوح بين السائحين والمصريين- على إطلاق عروضها الرمضانية لوجبة السحور، والتجديد في قوائم طعامها، أو وضع قوائم خاصة لها، لتقديم تشكيلة متنوعة تلبي رغبة كثيرين.

مطعم «زوي» يدعو رواده للاستمتاع بوجبة سحور جماعية في أجواء عصرية (فندق فور سيزونز ريزيدانس)

عملاً بذلك التوجه؛ يدعو مطعم «زوي» (Zoé)، الكائن في مركب «فيرست نايل» التابع لفندق «فور سيزونز ريزيدانس»، على نيل القاهرة، رواده، للاستمتاع بوجبة السحور في أجواء عصرية، مقدّماً قائمة طعام مخصصة لتلبية الأذواق كافة.

ويقول محمد عبد العليم، مدير المطاعم لـ«الشرق الأوسط»: «تُعدّ تجمعات السحور من أهم العادات والتقاليد الرمضانية التي تُعزّز الروابط الاجتماعية والتواصل بين العائلة والأصدقاء، وهو ما جعلنا في مطعم (زوي) الذي يقدم أطباق البحر المتوسط في الأساس والمخصص للتجمعات، نعد قائمة سحور خاصة تعتمد على التنوع».

يقدم المطعم وجبات سحور من العاشرة مساء حتى الواحدة صباحاً، وتشمل قائمته المقبلات الساخنة والباردة، بينما تتنوع أطباق السحور الرئيسية بين مأكولات غربية وشرقية؛ حيث يقدم البطاطس المقلية الكلاسيكية على الطريقة الفرنسية، وجبنة الفيتا المفتتة بالأوريغانو (الزعتر)، وسلطة «الروكولا» (جرجير، وطماطم مجففة، وصنوبر، وصلصة رمان).

كما يضم السحور المأكولات المصرية التقليدية، مثل: الفول، والفلافل، والبيض. وكذلك تضم القائمة بعض أصناف الحلوى، مثل «تشيز كيك»، و«أم علي»، إلى جانب شرائح الفواكه الطازجة.

موائد السحور المصرية عامرة بتشكيلة متنوعة من الأطعمة التقليدية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

لم تغفل قائمة المطعم المشروبات؛ حيث يمكن تجربة المشروبات الساخنة والباردة، منها: السحلب، وحمص الشام، والمشروبات والعصائر الرمضانية الشهيرة في مصر، مثل: قمر الدين، والتمر هندي، والسوبيا، والعرقسوس. كما أضاف المطعم هذا العام مشروب القهوة العربية لأول مرة ضمن قائمته، مع عادات تناولها وتقديمها، والتي وجدت إقبالاً كبيراً من زوار المطعم، حسب عبد العليم.

أما إذا أردت التمتع بالأجواء الرمضانية لكن بعيداً عن الزحام، فنرشح لك الاتجاه إلى منطقة جاردن سيتي بالقاهرة؛ حيث يوجد مطعم وكافيه «باتريموان دو كير» (Patrimoine Du Caire) الذي فتح أبوابه قبل عدة أشهر في الحي الراقي. يحاول المطعم في رمضانه الأول أن يقدم وجبات السحور وسط أجواء كلاسيكية، وعبر ديكورات هادئة، وتحف وأنتيكات قديمة، ما يجعل تناول وجبة السحور وسط هذه الأجواء الحميمية تجربة مميزة لزوار المكان.

يقول أحمد النجار، مؤسس المطعم، لـ«الشرق الأوسط»: «فكرة السحور لدينا قائمة على توفير مكان مميز، وطعام بجودة عالية». وأضاف: «إذا كانت وجبات السحور التقليدية تتشابه مع ما يُقدم في الخارج، فإننا نتميز بأمرين: الأول هو جودة الوجبات التي تنفَّذ بهدوء، بعكس الأماكن المزدحمة التي يمكن أن يجد فيها الزائر المكونات نفسها؛ لكن تنفَّذ بشكل متعجل، ما يؤثر على مذاقها»، والأمر الثاني -حسب النجار- هو «ألا نكون مجرد مكان تجاري فقط؛ بل تمتد تجربة الطعام إلى أن تكون وسط أجواء ثقافية وفنية».

يقدم المطعم وجبات السحور حتى الساعة 3 صباحاً، وتتضمن قائمة السحور وجبتين، مكوناتهما: فول، وفلافل، وبطاطس، وجبنة بيضاء بالطماطم، وزبادي، وتضاف إليها أطباق البيض (أومليت، ومسلوق، وعيون)، والبيض بالبسطرمة، والفلافل المحشوة، والباذنجان المقلي. وتشمل القائمة المشروبات الرمضانية، مثل: التمر هندي، والخروب، والسوبيا، والكركديه، إلى جانب الحلوى الشرقية.

في المقابل، يكون للمناطق الشعبية بالقاهرة مذاقها الخاص في وجبات السحور، الذي تقوم فكرته في الأساس على جذب تجمعات الأسر والشباب والأصدقاء الذين يفترشون الموائد في الشارع. وتتميز منطقة وسط القاهرة بهذا المشهد بشكل متكرر؛ حيث يلتفُّون حول أنواع عديدة من الأطباق والمُقبلات الخاصة بشهر رمضان، ومن بعدها تناول الشاي أو القهوة.

ويكتسب مطعم «الجحش» شهرة كبيرة في حي السيدة زينب؛ رغم سمة المطعم الشعبية، كما أن الخدمة فيه تتسم بالبساطة دون تكلُّف.

وخلال ليالي شهر رمضان يفترش المتسحرون الشارع أمام المطعم؛ حيث يجتذب الزبائن من جميع الطبقات، سواء الشعبية أو الأغنياء. كما يقصد المطعم المشاهير من الفنانين ولاعبي كرة القدم، بالإضافة إلى الأجانب المقيمين بالقاهرة أو السائحين إليها، الراغبين في تذوق المأكولات الشعبية المصرية على أصولها، وأبرزها: الفول، والفلافل، والبطاطس المهروسة والتشيبس والمقلية، والباذنجان.


مقالات ذات صلة

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)

الفول المصري... حلو وحار

طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)
طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)
TT

الفول المصري... حلو وحار

طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)
طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك، وفي كل الأحوال البصل الأخضر أو الناشف المشطور حلقات ضيف مائدتك، إن راق لك ذلك.

فطبق الفول «حدوتة» مصرية، تُروى كل صباح بملايين التفاصيل المختلفة، لكي يلبي شهية محبيه لبدء يومهم. فقد يختلف طعمه وفق طريقة الإعداد من «قِدرة» إلى أخرى، وطريقة تقديمه حسب نوعيات الزيت والتوابل، إلا أن كلمة النهاية واحدة: «فول مدمس... تعالى وغمس».

"عربة الفول" تقدم الطبق الشعبي بأصنافه التقليدية (تصوير: الشرق الأوسط)

سواء قصدت «عربة فول» في أحد الأحياء أو اتجهت إلى مطاعم المأكولات الشعبية، ستجد طبق الفول في انتظارك، يستقبلك بنكهاته المتعددة، التي تجذبك لـ«تغميسه»، فالخيارات التي يتيحها ذلك الطبق الشعبي لعشاقه عديدة.

من ناحية الشكل، هناك من يفضلون حبة الفول «صحيحة»، وآخرون يرغبونها مهروسة.

أما عن ناحية المذاق، فيمكن تصنيف أطباق الفول وفق الإضافات والنكهات إلى العديد من الأنواع، ولعل الفول بالطحينة أو بالليمون، هما أكثر الإضافات المحببة لكثيرين، سواء عند إعداده منزلياً أو خارجياً. أما عن التوابل، فهناك من يفضل الفول بالكمون أو الشطة، التي تضاف إلى الملح والفلفل بوصفها مكونات رئيسية في تحضيره. بينما تأتي إضافات الخضراوات لكي تعطي تفضيلات أخرى، مثل البصل والفلفل الأخضر والطماطم.

طبق الفول يختلف مذاقه وفق طريقة الإعداد وطريقة التقديم (مطعم سعد الحرامي)

«حلو أم حار»؟، هو السؤال الأول الذي يوجهه جمعة محمد، صاحب إحدى عربات الفول الشهيرة بشارع قصر العيني بالقاهرة، للمترددين عليه، في إشارة إلى نوعَيْه الأشهر وفق طريقتي تقديمه التقليديتين، فطبق فول بالزيت الحلو يعني إضافة زيت الذرة التقليدي عند تقديمه، أما «الحار» فهو زيت بذور الكتان.

يقول جمعة لـ«الشرق الأوسط»: «الحار والحلو هما أصل الفول في مصر، ثم يأتي في المرتبة الثانية الفول بزيت الزيتون، وبالزبدة، وهي الأنواع الأربعة التي أقدمها وتقدمها أيضاً أي عربة أخرى»، مبيناً أن ما يجعل طبق الفول يجتذب الزبائن ليس فقط نوعه، بل أيضاً «يد البائع» الذي يمتلك سر المهنة، في ضبط ما يعرف بـ«التحويجة» أو «التحبيشة» التي تضاف إلى طبق الفول.

طاجن فول بالسجق (مطعم سعد الحرامي)

وبينما يُلبي البائع الخمسيني طلبات زبائنه المتزاحمين أمام عربته الخشبية، التي كتب عليها عبارة ساخرة تقول: «إن خلص الفول أنا مش مسؤول»، يشير إلى أنه مؤخراً انتشرت أنواع أخرى تقدمها مطاعم الفول استجابة للأذواق المختلفة، وأبرزها الفول بالسجق، وبالبسطرمة، وأخيراً بالزبادي.

كما يشير إلى الفول الإسكندراني الذي تشتهر به الإسكندرية والمحافظات الساحلية المصرية، حيث يعدّ بخلطة خاصة تتكون من مجموعة من البهارات والخضراوات، مثل البصل والطماطم والثوم والفلفل الألوان، التي تقطع إلى قطع صغيرة وتشوح وتضاف إلى الفول.

الفول يحتفظ بمذاقه الأصلي بلمسات مبتكرة (المصدر: هيئة تنمية الصادرات)

ويلفت جمعة إلى أن طبق الفول التقليدي شهد ابتكارات عديدة مؤخراً، في محاولة لجذب الزبائن، ومعه تعددت أنواعه بتنويع الإضافات والمكونات غير التقليدية.

بترك عربة الفول وما تقدمه من أنواع تقليدية، وبالانتقال إلى وسط القاهرة، فنحن أمام أشهر بائع فول في مصر، أو مطعم «سعد الحرامي»، الذي يقصده المشاهير والمثقفون والزوار الأجانب والسائحون من كل الأنحاء، لتذوق الفول والمأكولات الشعبية المصرية لديه، التي تحتفظ بمذاقها التقليدي الأصلي بلمسة مبتكرة، يشتهر بها المطعم.

طاجن فول بالقشدة (مطعم سعد الحرامي)

يبّين سعد (الذي يلقب بـ«الحرامي» تندراً، وهو اللقب الذي أطلقه عليه الفنان فريد شوقي)، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إن الأنواع المعتادة للفول في مصر لا تتعدى 12 نوعاً، مؤكداً أنه بعد التطورات التي قام بإدخالها على الطبق الشعبي خلال السنوات الأخيرة، فإن «لديه حالياً 70 نوعاً من الفول».

ويشير إلى أنه قبل 10 سنوات، عمد إلى الابتكار في الطبق الشعبي مع اشتداد المنافسة مع غيره من المطاعم، وتمثل هذا الابتكار في تحويل الفول من طبق في صورته التقليدية إلى وضعه في طاجن فخاري يتم إدخاله إلى الأفران للنضج بداخلها، ما طوّع الفول إلى استقبال أصناف أخرى داخل الطاجن، لم يمكن له أن يتقبلها بخلاف ذلك بحالته العادية، حيث تم إضافة العديد من المكونات للفول.

من أبرز الطواجن التي تضمها قائمة المطعم طاجن الفول بالسجق، وبالجمبري، وبالدجاج، والبيض، و«لية الخروف»، وبالموتزاريلا، وباللحم المفروم، وبالعكاوي. كما تحول الفول داخل المطعم إلى صنف من الحلويات، بعد إدخال مكونات حلوة المذاق، حيث نجد ضمن قائمة المطعم: الفول بالقشدة، وبالقشدة والعجوة، وبالمكسرات، أما الجديد الذي يجرى التحضير له فهو الفول بالمكسرات وشمع العسل.

رغم كافة هذه الأصناف فإن صاحب المطعم يشير إلى أن الفول الحار والحلو هما الأكثر إقبالاً لديه، وذلك بسبب الظروف الاقتصادية التي تدفع المصريين في الأغلب إلى هذين النوعين التقليديين لسعرهما المناسب، مبيناً أن بعض أطباقه يتجاوز سعرها مائة جنيه (الدولار يساوي 48.6 جنيه مصري)، وبالتالي لا تكون ملائمة لجميع الفئات.

ويبّين أن نجاح أطباقه يعود لسببين؛ الأول «نفَس» الصانع لديه، والثاني «تركيبة العطارة» أو خلطة التوابل والبهارات، التي تتم إضافتها بنسب معينة قام بتحديدها بنفسه، لافتاً إلى أن كل طاجن له تركيبته الخاصة أو التوابل التي تناسبه، فهناك طاجن يقبل الكمون، وآخر لا يناسبه إلا الفلفل الأسود أو الحبهان أو القرفة وهكذا، لافتاً إلى أنها عملية أُتقنت بالخبرة المتراكمة التي تزيد على 40 عاماً، والتجريب المتواصل.

يفخر العم سعد بأن مطعمه صاحب الريادة في الابتكار، مشيراً إلى أنه رغم كل المحاولات التي يقوم بها منافسوه لتقليده فإنهم لم يستطيعوا ذلك، مختتماً حديثه قائلاً بثقة: «يقلدونني نعم. ينافسونني لا».