الطاهي العالمي آلان دوكاس يفتتح مطعمه الأول في العلا

يقدم المطعم مختلف أنواع أطباق الأطعمة الممزوجة بنكهات سعودية وفرنسية

آلان دوكاس في واحة العلا (الشرق الأوسط)
آلان دوكاس في واحة العلا (الشرق الأوسط)
TT

الطاهي العالمي آلان دوكاس يفتتح مطعمه الأول في العلا

آلان دوكاس في واحة العلا (الشرق الأوسط)
آلان دوكاس في واحة العلا (الشرق الأوسط)

أعلنت العلا افتتاح مطعم «دوكاس في العلا»، من خلال تعاون مميز مع الطاهي الفرنسي العالمي آلان دوكاس الحائز العديد من نجوم «ميشلان»، وذلك لإطلاق تجربة تذوّق فريدة من نوعها لأول مرة في العلا والمملكة.

وسيتم افتتاح المطعم لفترة محدودة بداية من يوم السبت 20 يناير (كانون الثاني) في موقعه بالقرب من جبل عكمة - موقع التراث القديم في العلا والمسجل في سجل ذاكرة العالم لـ«اليونيسكو» - حيث سيقدم المطعم مختلف أنواع أطباق الأطعمة الممزوجة بنكهات سعودية وفرنسية، مقدماً للزوّار تجربة فريدة لا تُنسى. وسيكون الطاهي أفونسو باريتو هو الطاهي الرئيسي في المطعم، وهو أحد تلاميذ دوكاس.

الطاهي الرئيسي أفونسو باريتو والطاهي آلان دوكاس في العلا (الشرق الأوسط)

يتمتع المطعم المرتقب بموقع خلاب تحيط به أشجار النخيل في واحة العلا، وسيقدم لروّاده مزيجاً من المكوّنات المحلية من المزارع القريبة والنكهات التقليدية، مع لمسة فرنسية رائعة، ما يشكّل مفهوماً جديداً لتجربة تناول الطعام الفاخر في المنطقة.

وعلق فيليب جونز، رئيس قطاع السياحة في الهيئة الملكية لمحافظة العلا قائلاً: «يشكّل افتتاح مطعم (دوكاس في العلا) قفزة كبيرة إلى الأمام في تطور مكانة العلا بوصفها وجهة رائدة للطهي، وقد تم تصميمه بشكل مدروس ليجذب المقيمين والزوار على حدٍّ سواء. وإلى جانب دور المطعم في تقديم تجربة طعام راقية واستثنائية، قمنا بتصميمه لتكريم الموارد الغذائية الطبيعية الثمينة في العلا والتي شكلت جزءاً كبيراً من ثقافة مأكولات المنطقة منذ القِدَم».

يُذكر أنّ دوكاس بدأ مسيرته المهنية في فرنسا عام 1972 عندما كان يبلغ من العمر 16 عاماً، قبل أن يعمل في عدة مطاعم مثل «ميشيل جيرار»، و«جاستون لينوتر»، و«آلان تشابل»، ومطعم الطاهي الشهير روجر فيرجي - مولان دي موجان. وتحمل مطاعم دوكاس المنتشرة في جميع أنحاء العالم حالياً 20 نجمة «ميشلان»، ويشتهر أيقونة الطهي الفرنسي ببراعته الاستثنائية في عالم الطهي العالمي، وهو يقوم بإعداد قائمة مدروسة لمطعم «دوكاس في العلا»، تقدّم لوحة نابضة بالحياة من النكهات الفريدة من نوعها؛ إذ يَعِد كل طبق بأن يكون احتفالاً بالتراث الثقافي للمنطقة، مع التركيز على دمج المكوّنات المحلية مع طرق الطهي الفرنسية الراقية، والخبرة المتميزة.

أفونسو باريتو وآلان دوكاس ورحلة لاستكشاف المنتجات من المزارع المحلية وتذوّقها (الشرق الأوسط)

وصرح آلان دوكاس: «عندما زرت العلا مع الطاهي أفونسو، كان لدينا فضول لاستكشاف المنتجات من المزارع المحلية وتذوّقها. لديك هذه الواحات الطبيعية التي تزرع كل شيء بدءاً من التمور والحمضيات التي تشتهر بها المنطقة وحتى الخضراوات بجميع أنواعها. كما تقع المنطقة وسط مشروع طموح لتنويع الاقتصاد وخلق الفرص للمجتمع المحلي، ويقدّم برنامج التدريب الزراعي المساعدة للمزارعين المحليين لتوفير المكونات ذات الجودة العالية وبكمّيات تلبي متطلبات قطاع الضيافة المتنامي».

تمّ تصميم مطعم «دوكاس في العلا» من قبل المصمم الفرنسي ألينور بيتشو ودونالد بوفي من «فوليوم أيه بي سي» ليتناغم بسلاسة مع البيئة المحيطة، ويتماشى مع التزام العلا بالتنمية المستدامة والحفاظ على جمالها الطبيعي. ويعكس التكامل المعماري للمطعم مع المناظر الطبيعية المحيطة به احتراماً عميقاً لجاذبية المنطقة وتراثها الطبيعي، ما يوفر لرواد المطعم تجربة طعام لا مثيل لها تربط بين التاريخ والابتكار.



هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)
البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)
TT

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)
البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

«رشّة ملح وفلفل»، معادلة مصرية تعود إلى الجدات، تختصر ببساطة علاقة المطبخ المصري بالتوابل، والذي لم يكن يكترث كثيراً بتعدد النكهات، في حين عُرف بالاعتماد على مذاق المكونات الأساسية، مع لمسة محدودة لم تتخطَّ صنفين أو ثلاثة من التوابل.

غير أن الوضع تبدّل الآن، وباتت الأكلات المصرية غارقة في توليفات التوابل، فدخل السماق والزعتر البري والكاري والبابريكا على الوصفات التقليدية. وعلى مدار سنوات عدة قريبة تطوّر المطبخ المصري، وبات أكثر زخماً من حيث النكهات، ليطرح السؤال عن مدى تأثره أو تأثيره في الجاليات التي توجد بالبلاد.

ويرى خبراء الطهي، أن معادلة التوابل لدى المصريين اختلفت بفضل الاندماج الثقافي وتأثير الجاليات العربية التي دفعتهم ظروف الحروب لدخول مصر والاستقرار بها، أيضاً منصات التواصل الاجتماعي التي أزاحت الحدود، ودفعت بمفهوم «المطبخ العالمي»، فنتج خليط من النكهات والثقافات استقبلته المائدة المصرية بانفتاح.

البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

ورأت الطاهية المصرية أسماء فوزي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن المطبخ المصري الآن «بات مزيجاً من ثقافات عربية»، وقالت: «عندما بدأت أتعلَّم الطهي من والدتي وجدتي، كانت توليفة التوابل الأشهر تشمل الملح والفلفل، وفي وصفات شديدة الخصوصية قد نستعين بالكمون والحبّهان على أقصى تقدير، أما الكزبرة المجففة فكانت حاضرة في طبق (الملوخية) فقط».

لكنها أشارت إلى أنه قبل سنوات معدودة لاحظت تغييراً واضحاً في تعاطي المطبخ المصري التوابل، و«بدأتُ للمرة الأولى أستعين بنكهات من شتى بقاع الأرض لتقديم مطبخ عصري منفتح على الآخر».

التوابل والأعشاب المصرية مرت برحلة مثيرة عبر قرون من التاريخ والثقافة، واشتهر المطبخ المصري قديماً بمجموعة من الكنوز العطرية، تشمل الكمون بنكهته العميقة التي ارتبطت بطبق «الكشري»، والكزبرة، تلك الأوراق الخضراء المجففة التي تضيف لطبق «الملوخية» نكهته الفريدة، كما عرف الشبت ذو النكهة العشبية المميزة الذي ارتبط ارتباطاً وثيقاً بوصفات التمليح (التخليل) والسلطات.

يتفق محمود عادل، بائع بأحد محال التوابل الشهيرة في مصر، يسمى «حاج عرفة»، مع القول بأن المطبخ المصري تحوّل من محدودية النكهات إلى الزخم والانفتاح، ويقول: «المصريون باتوا يميلون إلى إضافة النكهات، وأصبح أنواع مثل السماق، والأوريجانو، والبابريكا، والكاري، والكركم، وورق الغار، وجوزة الطيب والزعتر البري، مطالب متكررة للزبائن». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «ثمة انفتاح على المطابخ العالمية بسبب منصات التواصل الاجتماعي انعكس على سوق التوابل، وهو ما يعتبره (اتجاهاً إيجابياً)».

ويرى عادل أن «متجر التوابل الآن أصبح أكثر تنوعاً، وطلبات الزبائن تخطت الحدود المعروفة، وظهرت وصفات تعكس الاندماج بين المطابخ، مثل الهندي الذي تسبب في رواج الكركم وأنواع المساحيق الحارة، فضلاً عن الزعفران»، منوهاً كذلك إلى المطبخ السوري، أو الشامي عموماً، الذي حضر على المائدة المصرية بوصفات اعتمدت نكهات الزعتر والسماق ودبس الرمان، ووضعت ورق الغار في أطباق غير معتادة.

وتعتقد الطاهية أسماء فوزي، أن سبب زخم التوابل وتنوعها الآن في مصر، يرجع إلى «الجاليات العربية التي دخلت البلاد عقب (ثورة) 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011، أي قبل أكثر من عقد». وتقول: «بصمة المطبخ السوري بمصر كانت واضحة، فالجالية السورية اندمجت سريعاً، وقدمت مهارات الطهي من خلال المطاعم و(المدونين)، وانعكس ذلك على اختيارات التوابل، وبات ملاحظاً إضافة توليفات التوابل السوري، مثل السبع بهارات لوصفات مصرية تقليدية».

بهارات متنوعة (صفحة محال رجب العطار على «فيسبوك»)

كما أشارت إلى أن «المطبخ العراقي ظهر، ولكن على نحو محدود، وكذلك الليبي»، وتقول: «ما أتوقعه قريباً هو رواج التوابل السودانية، مع تزايد أعدادهم في مصر بعد الحرب، لا سيما أن المطبخ السوداني يشتهر بالتوابل والنكهات».

انفتاح أم أزمة هوية؟

كلما انعكست مظاهر الانفتاح الثقافي على المطبخ المصري، ازدادت معه مخاوف الهوية، وفي هذا الصدد تقول سميرة عبد القادر، باحثة في التراث المصري، ومؤسسة مبادرة «توثيق المطبخ المصري»: «إنه (المطبخ المصري) لم يعتمد في أصوله على النكهات المُعززة بالتوابل المختلطة»، وترى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تفرّد المطبخ المصري القديم يرجع إلى اعتداله في إضافة التوابل... «هذا لا يعني إهماله لسحر مذاق البهارات والتوابل، غير أنه كانت له معادلة شديدة الدقة، كما أن علاقة المصري بالتوابل ذهبت قديماً إلى ما هو أبعد من فنون الطهي».

وأرجعت الباحثة في التراث المصري زيادة الاهتمام بالتوابل إلى (المؤثرين) وطُهاة «السوشيال ميديا»، وتقول: «المطبخ المصري لا يعتمد على التوابل بهذا القدر، في حين هناك عوامل كانت وراء هذا الزخم، أهمها (المؤثرون) و(مدونو) الطعام؛ غير أن إضافة التوابل بهذا الشكل ربما تُفقد المطبخ المصري هويته».

ولفتت إلى أن «المطبخ المصري القديم اعتمد على الملح والفلفل والكمون فقط، أما بقية التوابل فكانت تستخدم لأغراض مثل العلاج والتحنيط؛ وفي العصور الوسطى شهد بعض الاندماج بعد فتح قنوات التواصل مع الدول المحيطة، ولكن على نحو محدود لا يُقارن بالزخم الحالي».