سُفرة الأعياد تُجذّرها «قوة العادة» ولا يغلبها ظرف

عائلات استبدلت الدجاج بالحبش وأحالت الأصناف على البدائل

اللبنانيون يتجمّعون حول السفرة مهما اشتدّ الاختناق (الشرق الاوسط)
اللبنانيون يتجمّعون حول السفرة مهما اشتدّ الاختناق (الشرق الاوسط)
TT

سُفرة الأعياد تُجذّرها «قوة العادة» ولا يغلبها ظرف

اللبنانيون يتجمّعون حول السفرة مهما اشتدّ الاختناق (الشرق الاوسط)
اللبنانيون يتجمّعون حول السفرة مهما اشتدّ الاختناق (الشرق الاوسط)

السحر المُلقى على بيروت في هذا الشهر من السنة، يكاد لا يُفسَّر. تضيف إلى الزينة والأضواء النبضَ والروح، ويعمُّ اكتظاظٌ لا يُثير التأفّف. الاستعداد في ذروته لليلة الميلاد، وأي أطباق ستستريح على السفرة ستسيل لُعاب الضيوف. القهر المادي غيَّر أطباقاً ولم يغيّر عادات. هناك دائماً التفوّق اللبناني في اختراع المَخارج.

سفرة العيد من الثوابت (الشرق الاوسط)

«هذه طقوس»

لباسكال الجميّل من منطقة زحلة في البقاع الأوسط، روتين ميلادي: «نُحضّر أطباق الأجبان واللحوم المجفّفة مع الخبز الفرنسي. الديك الرومي طبق رئيسي مع الأرز والقلوبات. الحلويات أيضاً لا غنى عنها. نبدأ بالأجبان مع الخبز الفرنسي منذ السابعة مساء على وَقْع التراتيل، وعند العاشرة والنصف تَحضُر الحبشة، فالحلوى».

تُخبر «الشرق الأوسط» عن عائلات تستبدل هذه النِعم بواسطة أخرى أقل تكلفة، منها المازة اللبنانية؛ التبولة والكبّة النيئة، مع الأرز بالدجاج عوض الحبش. تؤكد: «مهما اشتدّ الاختناق، يُحضّر اللبنانيون سفرة العيد ويتجمّعون حولها. هذه طقوس. صعُبت اللمَّة في زمن العزلة الوبائية، وما إن عادت الحياة حتى سارعنا إلى إحياء الجَمعة».

اللبنانيون يتجمّعون حول السفرة مهما اشتدّ الاختناق (الشرق الاوسط)

سفرة العيد من الثوابت

في الماضي، كانت لُمى نصار من منطقة قب إلياس البقاعية تدعو العائلة الأوسع إلى سفرة العيد. تغيّرت العادة مع هجرة بعضٍ، وزواج آخر. تضيق الحلقة لتقتصر هذا العام على ابنتها مع والدَي زوجها ووالديها. تتولّى بنفسها إعداد الطعام: «تساعد أمي بطبق ووالدة زوجي بصنف، لكنني أحضّر المائدة بيدي. الهدايا يمسّها التغيير. أما السفرة فمن الثوابت».

كانت حبشة العيد أساسية على سفرتها، بجانب أطباق الأجبان. منذ 2019، استُبدلت بواسطة فروج محشوّ بالكستناء والأرز ولذائذ أخرى. ظلّ الجبن حاضراً، إنما بأصناف أقل. «بدل العشرة، ستة مثلاً». ولأنها مُلمّة في التزيين، اعتادت شراء «البوش دو نويل» مجرّداً من جمالياته، فتُضفي عليه من حواضر الزينة ما يمنحه المنظر المُشتَهى.

أصناف الأجبان حاضرة ليلة الميلاد (الشرق الاوسط)

وحدُها زِينة الطاولة والأطباق لم تتغيّر ضمن تقاليد لُمى نصار الميلادية: «هي أهم من الطبق نفسه. تمنح العيد أجواءه أكثر من الطعام». أما طبق شوكولاته الضيافة، فتلوّح لها بالوداع: «الوباء فرض حصر الزيارات المستمرّ إلى اليوم. نجمع الأصدقاء حول مأدبة صغيرة، وتكون الضيافة جماعية، ما يُغني عن الشوكولا، ويبلغ سعر الكيلو 30 دولاراً».

من لذائذ سفرة الميلاد (الشرق الاوسط)

نمط الإنفاق المُستعاد

يفسّر عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا الدكتور بيار الخوري التمسُّك اللبناني بسفرة العيد: «إنها قوّة العادة، نوعُها يغلُب الظرف. قد لا تحضُر الحبشة على جميع الموائد، لكنّ شيئاً لن يقف في وجه محاولة الفرح».

فرح الميلاد يباغت الأحزان ويحتال عليها، كما يحتال «بابا نويل» على طفل. موسم الأعياد في لبنان بارع في تخدير الزعل، حتى فكّ الشجرة وإطفاء أضوائها ولملمة الزينة من الزوايا، واستراحة صوت الأجراس في الشوارع. هذه البهجة هي محرّك الجَمعة، والسُفرة، وتبادل الهدية. يسمّيها الخوري «قوة العادة»، ويقول إنها تبلغ ذروتها في المناسبات الدينية، من رمضان إلى الميلاد.

تشهد ميزانية الأُسر وعجلة الحركة الاقتصادية بعض التحسُّن منذ أواخر 2022. بلغة بيار الخوري، «يستعيد اللبنانيون نمط إنفاق فُقِد منذ 2019». قبل عدِّ أسباب رفض التخلّي عن طَقْس سفرة العيد، يشرح سببَي نشاط الحركة الاقتصادية: «قرار وزارة الاقتصاد اللبنانية التسعير بالدولار، ما قلَّص التشوّه السعري؛ وخروج مصرف لبنان من تداولات سوق القطع، بما يضبط سُلطة المنصّات والسوق السوداء». مفيدٌ التحليل الاقتصادي في الخلفية، ولكن، فلنُبسّط الموضوع. ممَ يُحضّر اللبنانيون سُفرهم؟

يجيب أنّ الزخم المُستعاد لا يقتصر على مشتريات المحال واكتظاظ المطاعم. ويلفت إلى عودة الإعلانات التجارية إلى الشاشات والشوارع، بعدما حدّتها الأزمة بمواقع التواصل، «وهذا دليلُ ارتفاع الطلب على السلع». ذلك ليقول: «الرهان كبير على استعادة نمط الاستهلاك السابق، إنما بِطاقة اقتصادية أدنى. فالعائلة قد تستبدل الحبش بواسطة دجاج لتوفير المال، لكنها لن تستغني عن عاداتها. البديل حلٌّ يناسب الجميع».

القهر المادي غيَّر أطباقاً ولم يغيّر عادات (الشرق الاوسط)

يستوقفه دور المغترب: «قبل الأزمة، لم يكترث لقضاء موسم الأعياد في لبنان. مراراً، اختار بلداً آخر للاستكشاف أو استجابة لعروض أوفر. اللُّحمة ولّدها الإصرار على انتشال الوطن من ركامه. يتكفّل المغترب بما تتطلّبه السفرة، ويحرص ألا ينقصها ما نشأ على توافره، من مأكولات ومشروبات وحلويات. هو الطاقة المُنفِقة، والجيب الذي يمدّ المائدة بما طاب».

المحرّك الأول، هي العادة الاجتماعية. تكلّمت باسكال الجميّل عن طقوس اللَّمة، وتوقّفت لُمى نصار عند إعداد أطيب سفرة، بالأساسيات أو البديل. معادلة الخوري: «المناسبات الدينية متجذّرة في لبنان، وستظلّ تُقام تحت أي ظرف». يُعدّد البدائل: «عوض شراء (البوش) البالغ سعره 38 دولاراً بحجم 25 سنتيمتراً، يمكن شراء الوصفة بأقل من دولار وإعدادها منزلياً. (يوتيوب) وسائر مواقع التواصل تُساعد وتُعلّم. الجبن أيضاً يُستبدل بواسطة الأقل سعره، وتُعَدّ المعجنات عوض شرائها».

إذن، تُحضَّر السفرة «بما تيسّر من القدرة الإنفاقية»، فيشير الخوري إلى واحدة من خصال الشعب اللبناني: «إنه بارع في التأقلم. منذ 2019، وهو يجيد اجتراح الحلول. التأقلم أنقذه وسط ظروف لم يتخيّل خوضها. البعض يتساءل بينما يتطلّع بذهول إلى الطرقات المزدحمة والسهر وجوّ الأعياد: (أنتم أيها اللبنانيون، كيف تواصلون العيش بعد كل ما جرى؟)».

اللحوم المجفّفة بعض لوازم الطاولة (الشرق الاوسط)

إذا كانت لُمى نصار قلّلت أصناف الأجبان، من دون شطبها عن السفرة، فذلك شيءٌ من التأقلم. مثلُه انتقاء مشروبات أقل جودة، لئلا تغيب الكؤوس عن السفرة، والاعتماد على البدائل المنزلية لتوفير تكاليف السوق. وماذا عن مصير الجَمعات المُوسَّعة من منظور الخبير الاقتصادي؟ جوابُه: «أرغمتها الأزمة على التقلُّص، إلا إنْ أحضر كل زائر ما يملأ الطاولة. مع ذلك، يبقى العبء الأكبر عن المضيف. الجَمعات من 25 إلى 30 شخصاً تصبح تقريباً من الماضي».


مقالات ذات صلة

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)
الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)
TT

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)
الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً، وعندما نسمع أي طاهٍ يردد المقولة الأشهر: «الطهي بحبّ» (التي قد يجد البعض أنها أصبحت «كليشيه»)؛ أقول لهم إنه لا يمكن أن يبرع أي شيف بمهنته إلا إذا أحب مهنته ووقع بغرام الطهي لأن هذه المهنة لا يمكن أن ينجح بها إلا من يطبخ بحبّ.

يجب أن يتحلى الطاهي الخاص بمهنية عالية (الشرق الاوسط)

الطهي أنواع، والطهاة أنواع أيضاً، فهناك من يطبخ في مطعم، وهناك من يطبخ لعائلة أو يطبخ بشكل خاص في المنازل. أما «الشرق الأوسط» فقد قامت بتجربة الطعام في أحد المساكن الراقية، التابعة لـ«أولتميا كولكشن» (Ultima Collection) التي تضم عدة شاليهات وفيلات في أماكن كثيرة، مثل جنيف في سويسرا، وموجيف في فرنسا، وغيرها من الوجهات الراقية.

بوراتا مع الطماطم (الشرق الاوسط)

الإقامة في مجموعة «أولتيما» صفتها الرقي والرفاهية التي تمتد إلى ما هو أبعد من السكن، لتصل إلى الطبق، وبراعة فريق العمل في المطبخ في تقديم أجمل وألذّ الأطباق بحسب رغبة الزبون، ففكرة «أولتيما» تدور حول تأجير العقار لمدة أقلّها أسبوع، حيث يتولى فريق كامل من العاملين تلبية كافة احتياجات النزل، بما في ذلك تأمين طلبات الأكل وتنفيذ أي طبق يخطر على بال الزبون.

من الاطباق التي تبتكر يوميا في مجموعة أولتيما (الشرق الاوسط)

لفتنا في طهي الشيف أليساندرو بيرغامو، الطاهي التنفيذي في «أولتيما كوليكشن» والمسؤول عن ابتكار جميع لوائح الطعام في مجموعة أولتيما، أنه يحمل في نكهاته رائحة الشرق الأوسط، وبساطة الأطباق الأوروبية والمنتج الطازج وطريقة التقديم التي تنافس أهم المطاعم الحاصلة على نجوم ميشلان.

من الاطباق المبتكرة في "أولتيما"

في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، شرح الشيف أليساندرو بيرغامو كيفية تنفيذ عمله بهذه الطريقة الحرفية لمجموعة أشخاص تختلف ذائقاتهم وذوقهم في الأكل، فكان ردّه أنه يتم إعداد قوائم الطعام بعد دراسة ما يفضله الزبون، ويتم تعديل قائمة الطعام استناداً إلى تفضيلاتهم، ومعرفة ما إذا كان أحدهم يعاني من حساسية ما على منتج معين، بالإضافة إلى تلبية الطلبات الخاصة في الأكل.

طبق فتوش لذيذ مع استخدام البهارات الشرقية (الشرق الاوسط)

يقوم الشيف أليساندرو بالطهي لجنسيات مختلفة، لكن كيف يمكنك طهي طعام يناسب الجميع؟ أجاب: «يأتي كثير من العملاء لاكتشاف أطباق جديدة، ومطبخ كل طاهٍ ومنطقة. نحن نعدّ مجموعة متنوعة من الأطباق على طريقة طبخ البيت لتلبية كل الطلبات».

طاولة طعام تحضر لمجموعة واحدة من النزل (الشرق الاوسط)

تتمتع أطباق الشيف بيرغامو باستخدام كثير من البهارات العالمية، فسألناه عن سرّ نجاحه في الدمج بينها، فقال: «نحاول تحقيق التنوع في النكهات بين الحريف والحامض والحار والمالح. يتعلق الأمر بتحقيق التوازن والتناغم. وتتوفر لدينا اليوم أنواع متعددة من البهارات تسمح لنا بإجراء بحث ممتد، والتعاون مع طهاة عالميين من أجل التطوير المستمر للعمل».

مائدة طعام في أحد مساكن أولتيما العالمية (الشرق الاوسط)

وأضاف: «بالطبع، أحب البهارات، والإضافة التي تقدمها إلى طبق ما، أو نوع من الخضراوات. هناك كثير من البهارات التي أستمتع بها. منها جوزة الطيب والكزبرة والسماق والبابريكا».

وعن طبقه المفضل الذي لا يتعب من تحضيره، أجاب: «أحب طهي المعكرونة بأشكال مختلفة متنوعة، إلى جانب أطباق اللحم بالصوص».

مهنية تامة وروعة في التقديم (الشرق الاوسط)

ومن المعروف عن بعض الزبائن، الذين يختارون الإقامة في عقارات تابعة لمجموعة أولتيما، أن طلباتهم قد تكون كثيرة وغير اعتيادية أحياناً، والسؤال هنا؛ كيف يستطيع الطاهي الخاص أن يقوم بتلبية جميع الطلبات الخاصة؟ فأجاب الشيف ألسياندرو بأنه يحاول الاتصال بكل من يعرفه للعثور على المنتجات المطلوبة. وبفضل الموردين الذين يتعامل معهم، يضمن السرعة والكفاءة في الاستجابة لأي طلبات خاصة. وبالتالي يتمكن في غضون 24 ساعة من تحديد موقع المنتج وإحضاره لاستخدامه في أي طبق يطلبه الزبون.

أطباق جميلة ولذيذة (الشرق الاوسط)

يبقى السؤال الذي يطرحه نفسه هنا: أيهما أصعب، العمل في مطعم أم العمل كطاهٍ خاص؟ وكان ردّ الشيف أليساندرو: «في رأيي لأصبح طاهياً خاصاً، من الضروري أولاً العمل في المطاعم لأتعلم المهنة وطرق وفنون الطهي، ثم بعد ذلك إذا كنت أشعر بالارتياح تجاه التعامل بشكل مباشر مع العملاء، يمكن التفكير في أن أصبح طاهياً خاصاً. إن الأمر مختلف جداً لأنه في المطعم تكون لديك قائمة طعام، ويختار العملاء أطباقهم، لكن عندما تكون طاهياً خاصاً، تكون الوجبات معدّة بشكل كامل بناءً على تفضيلات العملاء».

مائدة الفطور في "غراند أولتيما" (الشرق الاوسط)

من هو الشيف أليساندرو بيرغامو؟

ولد في إقليم كومو في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 1989. نظراً لشغفه بالطهي الذي ظهر في سن مبكرة، وحلمه بالفعل بالمشاركة في مسابقة «بوكوس دور»، تدرب في مركز التكوين المهني والتمهين في مدينة سوندالو، بالقرب من مقاطعة سوندريو، ثم في مدرسة «كلوزوني» للطهي مع طهاة على صلة بالمسابقة.

بدأ بعد ذلك مسيرته المهنية الاحترافية بالعمل في فنادق رائدة كطاهٍ تنفيذي في كل من برغامو وفينيسيا وتاورمينا. وفي عام 2009، استقر في مدينة ليون، حيث عمل مع الطاهي بيير أورسي لمدة عامين في مطعمه الحائز على نجوم ميشلان، قبل الانضمام إلى فريق يانيك ألينو في «لي 1947 شوفال بلان» المطعم المملوك لكورشفيل الحائز على 3 نجوم ميشلان.

كذلك انضم، وهو يضع مسابقة «بوكوس دور» نصب عينيه، إلى فريق ريجيس ماركون، الطاهي الحاصل على 3 نجوم، والفائز بمسابقة «بوكوز دور» عام 1995 في سان بونيه لي فروا بفرنسا، ثم للطاهي بينواه فيدال في بلدة فال دي إيسير ليحصل مطعمه على ثاني نجمة من نجوم ميشلان بعد ذلك بعامين.

بعد تجاربه في فرنسا، انتقل أليساندرو إلى مونتريال في مطعم «ميزو بولود ريتز كارلتون» للعمل مع الطاهي دانييل بولود، وبعد فترة تدريب قصيرة في اليابان، عاد إلى إيطاليا للعمل إلى جانب مارتينو روجيري. وأثناء العمل في مطعم «كراكو» في «غاليريا فيتوريو إيمانويل» بميلانو، قرّر تحقيق حلمه، وبدأ مغامرة جديدة، وهي عالم منافسات الطهي.

أصبح أليساندرو عام 2019 مدرباً مساعداً في أكاديمية «بوكوس دور» بإيطاليا، وفاز بمسابقة «سان بليغرينو يانغ شيف»، التي تغطي إيطاليا وجنوب شرقي أوروبا، ليتمكن بذلك من الوصول إلى نهائيات العالم. وفي عام 2020، أثمر العمل الجاد لأليساندرو، وشغفه، ومساعدة فريق العمل معه، عن الفوز بمسابقة «بوكوس دور» في إيطاليا، ما أهّله إلى النهائيات الأوروبية، ثم إلى نهائيات العالم للمسابقة عام 2021، التي أقيمت في ليون، ما مثّل حدثاً مقدساً حقيقياً له، هو الذي لطالما كان يحلم بهذه التجربة المذهلة.

اليوم، بصفته طاهياً تنفيذياً، ينقل أليساندرو خبرته وشغفه، ويتألق من خلال تفانيه في العمل، ما يجعل فريق العمل في مؤسسة «أولتيما كوليكشن» يشعر بالفخر بوجوده معهم.