جوي تاسيديس لـ«الشرق الأوسط»: اختياري للمطاعم الراقية له أسباب عدة

تحيته اليومية «بونجور بونجور» طبعت مشواره بصفته «بلوغر»

يختار تاسيديس المطاعم ذات الجودة العالية (الشرق الأوسط)
يختار تاسيديس المطاعم ذات الجودة العالية (الشرق الأوسط)
TT

جوي تاسيديس لـ«الشرق الأوسط»: اختياري للمطاعم الراقية له أسباب عدة

يختار تاسيديس المطاعم ذات الجودة العالية (الشرق الأوسط)
يختار تاسيديس المطاعم ذات الجودة العالية (الشرق الأوسط)

منذ نحو سنتين، يحصد «البلوغر» جوي تاسيديس نسبة متابعة مرتفعة من خلال منشوراته الخاصة بالتعريف بمطاعم لبنان. فهو يحدّث متابعيه من دون تكلّف ويخبرهم عن ميزات كل مطعم، مستهلاً منشوراته بتحيته الشهيرة «بونجور بونجور».

وبين مقاهٍ ومطاعم لبنانية وأخرى تقدم أطباقاً غربية، ينشر جوي يومياً على «إنستغرام» ما يجذب متابعيه، ولا يوفر نشر أخبار عن حياته اليومية، وهو ما ولّد علاقة وثيقة بينه وبين «الفولويرز» على صفحته.

يحمل جوي الجنسيتين، اللبنانية واليونانية، وهو ما يجعله مطّلعاً على هذين المطبخين بشكل كبير. بداياته انطلقت من نزهات كان يقوم بها مع والديه وأفراد عائلته. وكان ينشر وقائعها على «إنستغرام» تلقائياً من دون أفكار مسبقة. فهو سبق عصره بفكرته هذه، ولفت المقربين منه الذين شجعوه وساندوه. «حينها، أي منذ نحو 13 سنة، لم يكن هناك وجود للمدوّنين (البلوغرز) على وسائل التواصل الاجتماعي. فلم يكن الأمر رائجاً بعد على صفحات (إنستغرام). وبعدها لمستُ اهتمام الناشطين على (السوشيال ميديا) بمنشوراتي، فقررتُ منذ سنتين أن أحوّل هوايتي هذه إلى مهنة».

ويعترف جوي بأن هذه المهنة باتت منتشرة بشكل كبير، لا سيما أنها توفر لأصحابها مدخولاً مادياً لا يستهان به. ويوضح: «ولماذا عليّ أن أخفي هذا الموضوع عن الناس؟ فهناك مطاعم تتصل بي شخصياً. وبينها التي توكل هذه المهمة إلى وكالات تسويق تختص بإقامة علاقات مع المدونين. ومرات أقوم باكتشاف مطاعم معينة من باب حبي لتذوق الطعام».

يدخل تاسيديس مطابخ المطاعم التي يزورها (الشرق الأوسط)

تحيته الشهيرة «بونجور بونجور»، التي تصير «بونسوار بونسوار» مساءً، يرددها كثير من اللبنانيين الذين يتابعونه. بينهم مَن لا يعرف اسمه بل ينادونه بهذه العبارة. «أحياناً ألتقي أشخاصاً لا أعرفهم فيبادرونني بهذه التحية. يسعدني هذا الأمر خصوصاً أني اخترت هذه الجملة كوني درست في مدارس فرنسية. فكانت عبارة عفوية أتبادلها مع أصدقائي، واعتمدتها لأنها بسيطة ويمكن حفظها بسرعة».

يفتخر جوي بلبنانيته، وكتب أكثر من مرة في منشوراته عن سبب تعلقه بلبنان. «كثيرون يسألونني، لماذا بقيت في لبنان ولم أهاجر رغم امتلاكي جنسية أجنبية. ولكن لبنان بالنسبة لي نموذج حياة لا يتكرر، وهو بالفعل منارة في الثقافات والفنون».

يأخذ البعض على جوي أنه مدوّن يتوجه للأثرياء وأصحاب الدخل المرتفع. فغالبية المطاعم والمقاهي التي يرتادها ويعرّف عنها في منشوراته الإلكترونية هي من الطراز الرفيع. ويدافع عن نفسه لـ«الشرق الأوسط»: «إنها ذات جودة عالية، وهو أمر مهم في عالم الطبخ. ولا أدري لماذا يضعونني في هذا الإطار. فأنا أختار المطاعم التي تعجبني بصفتي متذوق أطباق. فما النفع من أن أقصد مطاعم شعبية أو فخمة لا تفي أطباقها بشروط الطعام السليم؟ أنتقي الأماكن التي تقدم اللقمة الطيبة، وهو أمر طبيعي. أرفض رفضاً باتاً أن أروّج لمطعم لا يعجبني مذاق أكلاته. فمتابعيّ يثقون بي ويدركون جيداً أن المطعم الذي أروج له يمكنهم أن يقصدوه من دون تردد».

يشير جوي إلى أنه لا يهمه أن يحصد ملايين الأعداد من المتابعين: «لم أنشد الشهرة يوماً، أو التباهي بأعداد هائلة من المتابعين. فما يهمني هو إرضاء الأشخاص الذين يشبهونني في أسلوب حياتهم وبأذواقهم. كما أن الطريقة التي أتحدث بها مستخدماً عبارات بالفرنسية والإنجليزية يمكن أن تحدد الشريحة الاجتماعية التي يتألف منها متابعيّ. وما حصدته خلال سنتين من العمل يرضيني، وأنا سعيد به».

يعتمد جوي تاسيديس على القاعدة اللبنانية الشعبية التي تقول «اللي متلنا تعوا لعندنا». ولأن لكل «بلوغر» أسلوبه في التعاطي مع متابعيه، فهو اتخذ منها ركيزة. وبرأيه أن غالبية «الفولويرز» عنده يحبون طريقته وأسلوبه في عرض منشوراته. «جيل الشباب الحديث يؤلف العدد الأكبر من متابعيّ. كما أن هناك غيرهم من أعمار وسطية يرون في منشوراتي دليلاً سياحياً يوفر عليهم عناء البحث عن المطعم الجيد».

منشوراته تطال حياته اليومية لأنها تقرّب الناس منه كما يقول (الشرق الأوسط)

مهنة المدون ليست بالأمر السهل أبداً، يقول جوي تاسيديس. «إنها تتطلب التفرغ الكامل لها. فعدا أن على صاحبها تمضية غالبية وقته يتنقل من مكان إلى آخر، عليه أيضاً أن يستكشف المطعم الذي يقصده بتفاصيله الصغيرة. لا يمكن الاستخفاف أو الاستهانة بهذه المهنة وإلا فقدنا مصداقيتنا بوصفنا مدونين. كما أن تسجيل وتصوير هذه المنشورات وتنفيذ عملية المونتاج لها يجب أن تتم على أكمل وجه. وأنا أقوم بزياراتي هذه يومياً في بيروت وخارجها. فكل يوم أنشر مادة جديدة لأن كثيراً من متابعيّ ينتظرونها بحماس».

يتحدث جوي عن لبنان منتقداً أبناءه الذين لا ينفكون يتكلمون عن عيوبه أكثر من حسناته. «يلفتني هذا الأمر لأننا عندما نكون خارج لبنان نشتاق لكل ما هو لبناني. حتى إن الخدمة في المطاعم اللبنانية لا يُعلى عليها وهؤلاء يعترفون بذلك. ولكنهم في المقابل يهوون الانتقاد من باب التباهي بأنهم أصحاب معرفة. وللعلم فإن لبنان يملك تنوعاً في مطاعمه وأطباقه لا نصادفه في بلدان كثيرة».

ومن خلال جولاته، يؤكد جوي تاسيديس أن أحدث «ترند» اليوم في عالم المطاعم هو استحداث جلسة تستقطب الزبون. «في الماضي كانوا يركزون أكثر على (الفيوجن)، والمزج بين الأطباق اللبنانية والغربية. كما كانوا يتنافسون على تقديم أشهر الأطباق العالمية. أما اليوم فأضافوا إلى تلك الميزات أخرى جديدة وهي استحداث مكان يشعر مَن يجلس فيه بالراحة. وعندما يؤمّن المطعم الطبق الشهي والجلسة الجميلة يكون بذلك قد حظي باهتمام الزبون».


مقالات ذات صلة

الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

مذاقات أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)

الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

بدقة متناهية يعتمد فيها على المسطرة و«المازورة» والمعايير بالغرامات يعمل الشيف حسين فياض وإذا ما تصفحت صفحته الإلكترونية عبر «إنستغرام»

فيفيان حداد (بيروت )
مذاقات القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)

الحلويات المصرية تتأثر بالعرب المقيمين

«الحلو إيه» سؤال اعتاد المصريون ترديده بمجرد الانتهاء من سفرة الطعام، فـ«التحلية» جزء أصيل من العادات الغذائية حول العالم، غير أن هذه الأصناف الحلوة شهدت تطورات

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
مذاقات اللمسة خاصة بكل شيف ولا وصفة صارمة تُطبَّق بالحذافير (فيسبوك)

حكايةُ الكنافة بالشكولاته في دبي نجمة الإنترنت الشهية

تخدع التسمية؛ ففي لبنان مثلاً تعني الكنافة كعكة محشوَّة بجبن تعلوه حلوى أقرب إلى «النمّورة»، وسط كثافة القَطر المتدلّي، عادةً، إلا لمَن يفضِّل الحدّ من الحلاوة

فاطمة عبد الله (بيروت)
مذاقات بيير هيرميه «بيكاسو الحلويات» (الشرق الأوسط)

بيير هيرميه «بيكاسو الحلويات» في أبوظبي

أعلن فندق «روزوود أبوظبي» افتتاح «المجلس من بيير هيرميه»، الذي سيكون الوجهة الفريدة من نوعها في قلب «جزيرة الماريه».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي )
مذاقات حَمْل الإرث من جيل إلى جيل (صور كلود قريطم)

مثلّجات تخطّى عمرها القرن تُحرّك ذاكرة متذوّقيها

تُكمل كلود قريطم طريق جدّها ووالدها مع شقيقتها، مُتجاوزةً تحدّيات لبنان الاقتصادية والأمنية، بالإصرار على الصمود والجودة وأمانة حَمْل الإرث.

فاطمة عبد الله (بيروت)

الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)
أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)
TT

الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)
أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)

بدقة متناهية يعتمد فيها على المسطرة و«المازورة» والمعايير بالغرامات، يعمل الشيف حسين فياض. وإذا ما تصفحت صفحته الإلكترونية عبر «إنستغرام» لا بد أن يلفتك بذلك. فكأن الطبق الذي يحضّره يولد من رحم مقاييس يحسبها بأنامله وعقله.

يلتزم بأسلوب مشبعاً بـ«الديسيبلين» أو الانضباط. فكل ما يقوم به يجب أن يأخذ نفس الحجم إذا ما تألف من الكبة أو لفائف السباغيتي ورقائق اللحم. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «منذ صغري أحب القيام بأعمالي بهذا الأسلوب. وعندما كنت أدخل مطبخ والدتي كانت تشعر بالارتباك للدقة التي أنفذ بها الأطباق. وجاءت دراستي في معهد (كوردون بلو) الفرنسي ليزيدني تمسكاً بذلك. فما يميّز طبّاخاً عن غيره هو تأنيه بما يقوم فيه. وكما الشكل، كذلك المذاق والنكهة، يجب أن يشكلوا مجتمعين عناصر أساسية لطبق شهي».

أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)

يملك حسين فياض مطعماً له في جنوب لبنان، ويعمل في هذا المجال منذ نحو 12 عاماً. أما قاعدته الأساسية في عمله فترتكز على الخبرة، «لا شك أن البدايات يجب أن تتألف من شغف وحب للمهنة. فهما يؤلّفان ميزان الطبخ عند الطاهي. كما أن الدقة في تحضير الأكلات الحلوة والمالحة يجب أن تنضج بفعل التجارب. صحيح أني أركن إلى معايير دقيقة ألتزم بها أثناء عملي، ولكن بعد تراكم الخبرات تصبح للعين مكانتها في الموضوع».

عمل في مطاعم فرنسية خلال دراسته خارج لبنان. فاستفاد من تجربته هذه بحيث راح يبتكر أطباقاً تجمع بين المطبخين اللبناني والفرنسي، «صرت أمرر بعض الخلطات الخفيفة للزبائن. وبعد أن لاقيت استحساناً كبيراً من قبلهم رسمت الخطة في رأسي».

وتقضي خطّته بابتكار أطباق بين المطبخين، فهناك كثير من المكونات المشتركة بينهما، «لا أركن أبداً إلى البهارات والمنكهات التي تغطي على الطعم الأساسي للطبق. أكتفي بإضافة منكهات مستخرجة من الأعشاب الخضراء. أحياناً أستخدم الصعتر والحبق. أما المكون الرئيسي في أطباقي الحلوة والمالحة فهو زيت الزيتون. فأستعمله حتى في تحضيري للمثلجات وفي الحلويات. وفي بلاد الغرب يقدّرون كثيراً هذا المكون الشائع في بلادهم. وهو اليوم ينافس بشدّة الزبدة. أنا شخصياً أفضله عليها إذ يتمتع بمذاق ألذ ولا يؤثر على صحتنا سلبياً».

في مطبخ مطعمه الجنوبي المقفل اليوم بسبب الحرب الدائرة هناك يبتكر أطباقاً لذيذة.

فمتبل «بابا غنوج» يحضّره بطريقة فريدة من نوعها. بعد شيّ الباذنجان في الفرن مع لمسة من زيت الزيتون، يهرسه في وعاء بعد تفريغه من قشرته. يضيف إليه مكعبات البندورة والبصل والثوم بقطعه الصغيرة. ومع قطع مماثلة من الفلفل الأخضر والأحمر والبقدونس يؤلّف الخلطة. ويختمها بمزجها مع عصير الحامض والطحينة. وبعد خلطها بشكل جيد يضعها من جديد في جوف قشرة الباذنجان المفرغة. ويزينها بطبقة من حبوب الرمان ليضفي إليها نكهة مميزة.

الشيف حسين فياض (الشرق الأوسط)

ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الطبق لاقى انتشاراً واسعاً حتى إن البعض في لبنان راح يقلّده. فالتجديد في أي طبق لبناني أصيل كـ(بابا غنوج) يستحوذ على أفكاري التجددية. وهناك بعض الأطباق التي تذكرني بطفولتي وبمائدة والدتي، أنوي تحديثها أيضاً».

كثافة المواقع الإلكترونية على وسائل التواصل الاجتماعي تلفته. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إنها لا تزعجني ولكني نادراً ما أتوقف عند واحدة منها. فجميعها متشابهة، وهناك نوع من فوضى لا أحبها يتبعها الطباخون في تحضيرهم الطعام. وفي المقابل، أعتقد أن هناك مواهب لافتة في مجال الطبخ في لبنان. وأتوقّع لها مستقبلاً زاهراً».

أطباق جميلة ومبتكرة (الشرق الأوسط)

وعن سبب ارتكازه بمشروعه المستقبلي على الجمع بين المطبخين الفرنسي واللبناني، يوضح لـ«الشرق الأوسط»: «المطبخ الفرنسي منتشر بشكل كبير في لبنان. ونحن نعرفه منذ نعومة أظافرنا. كما أن تحول جيل كبير من شباب اليوم إلى معاهد وجامعات فرنسية لتعلم الطبخ وثّق هذه العلاقة بشكل أكبر. وإذا ما دخلنا معظم المطاعم في لبنان فسنلاحظ حضور أطباق فرنسية فيه. فأي مطعم ندخله لا بد أن يقدّم أيضاً الحلوى الفرنسية كالفوندان والبافلوفا والكريم بروليه».