سوزي سليم... من دراسة الصيدلة إلى احتراف الطهي

الشيف المصرية تحوِّل الحلويات والمخبوزات للوحات فنية

ابتكارات جميلة ولذيذة (الشرق الأوسط)
ابتكارات جميلة ولذيذة (الشرق الأوسط)
TT

سوزي سليم... من دراسة الصيدلة إلى احتراف الطهي

ابتكارات جميلة ولذيذة (الشرق الأوسط)
ابتكارات جميلة ولذيذة (الشرق الأوسط)

وصفات صحية مبتكرة تظهر في شكل لوحات فنية؛ هي «معادلة الطعام» التي حفرت بها الشيف المصرية سوزي سليم، طريقها نحو متابعيها. فرغم أنها درست الصيدلة، فشغفها بالطهي واهتمامها بالتغذية الصحية كانا مُحركيها للتوفيق بين المقادير، وتكرار تجارب الطهي للوصول إلى نتائج دقيقة، لتكون المحصلة حالة من الإبداع.

سوزي سليم من الصيدلة إلى عالم الطهي (الشرق الأوسط)

وفقا لتلك المعادلة والتجربة المتكررة؛ كانت النتيجة «الطهوية» أن يضم مطبخها الصحي الحلو والحادق، فعلى سبيل المثال؛ نرى سلطة الحمص الملونة بألوان الخضراوات، وتظهر أصناف الكعك والبيتي فور والغُريِّبة كلوحات فنية مُصغَّرة من دون أي ألوان صناعية، أما المخبوزات فهي بطلتها، ومنها معمول الشوفان الصحي، وسينابون بنكهة الفراولة، وتمتد التجربة إلى خبز الفوكاشيا الإيطالي، مرورا بالمناقيش اللبنانية.

سوزي سليم تعتمد الألوان في وصفاتها (الشرق الأوسط)

وسوزي، المقيمة حاليا في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية، بحكم عمل زوجها، استهواها عالم الطهي مبكراً، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «في أثناء فترة دراستي كنت أصنع الحلويات، وممارسة هواية الطبخ خلال أوقات فراغي، وكان شغفي يزداد تدريجياً مع كل وصفة ناجحة، ثم جاء احترافي للطهي بالممارسة وتكرار التجارب، ومحاولتي فهم الأسباب العلمية وراء نجاح كل وصفة؛ خصوصاً خلال عمل المخبوزات».

ابتكارات جميلة ولذيذة (الشرق الأوسط)

تحاول سوزي منذ خطواتها الأولى الجمع بين المذاق المميز والأكل الصحي، فتقول: «محاولاتي لعمل وصفات صحية كان هدفها في الأصل أن أستبدل بالوصفات غير الصحية المفضلة لدي أخرى صحية مشابهة لها، أو مماثلة لها في الشكل والطعم، وفي الوقت نفسه تكون مليئة بالمكونات المفيدة والصحية، ولكن بالطبع أحتاج إلى تكرار التجارب حتى أصل إلى نتيجة مُرضية».

ومع هذه التجارب، ترى أن «هناك تشابها كبيرا بين الطهي والصيدلة، فكلاهما يعتمد على التجارب، فمثلاً استعنت بمادة الكيمياء الحيوية لصنع ألوان طعام طبيعية مختلفة، فدراسة الصيدلة تجعلني أستخدم كل مكون داخل الوصفة وأنا على دراية بالمادة الفعالة الموجودة به، وتأثيرها، وفوائدها الصحية، وكذلك آثارها الجانبية».

مثال على ذلك، تنصح سوزي ربات البيوت بالاعتماد على زيت الزيتون البكر، ففوائده عظيمة للغاية، وهو بديل رائع للزيوت غير الصحية أو المهدرجة، التي اعتدنا استخدامها بشكل يومي.

نصائح أخرى عديدة تقدمها الشيف المصرية لمشاهدي قناتها عبر «يوتيوب»، أو عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب إيصال أسرار الطهي العالمية لمختلف الفئات بطريقة مبسطة يسهل تطبيقها، وأننا من الممكن أن نتناول وجبات لذيذة اعتدناها بشكل صحي.

مخبوزات بنكهات كثيرة (الشرق الأوسط)

تبرع سوزي في وصفات الحلويات الشرقية والغربية، وتهتم بشكل خاص بالمخبوزات، وتقول: «أركز بشكل أكبر على الحلويات لأنها من وجهة نظري بها مجال أكبر لإظهار الإبداع والتميز، فأنا أُكثر من عمل الحلويات الصحية لأن الحلوى هي أكثر شيء يجعلنا لا نستطيع الالتزام بالحمية الصحية التي نتبعها، لذلك أهتم بتوفير بدائل مناسبة».

وترى أن الطعام الصحي يعني أن يكون هناك تدقيق في اختيار المكونات، والأهم أن يكون هناك تدقيق في الكَم الذي نتناوله منه، فمثلاً إذا كان الشخص يريد إنقاص وزنه فبالطبع يحتاج لحساب السعرات الحرارية للوصفات حتى لا يزيد وزنه مع تناول كميات كبيرة، وعلى النقيض فهناك من يحتاج إلى وصفات صحية ليزداد في الوزن بشكل صحي، هنا نحتاج لزيادة كميات الأكل، وبالأخص المكونات ذات السعرات الحرارية العالية، مثل زيت الزيتون والمكسرات والمشروبات الصحية، مع الأخذ في الاعتبار وجود أمراض مزمنة من عدمه مثل السكري أو أمراض الكلى فنحتاج هنا لتقنين استخدام بعض الأطعمة.

وتشير إلى أنه خلال السنوات الأخيرة هناك انتشار لثقافة الطعام الصحي في معظم الدول العربية بشكل كبير، وهذا نتيجة لزيادة الوعي عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، وبالأخص عند أمهات الجيل الحالي، فمعظم الأمهات الآن تحاول أن تصنع لأطفالها وصفات صحية حتى إذا كان عمرهم شهورا، كما أصبح معظم الناس يدركون خطورة بعض المكونات والأكلات التي كانت جزءا من عاداتهم اليومية.

من أبرز العادات الغذائية اليومية الضارة التي تحذر منها سوزي دائما تناول كميات من السكر والدقيق الأبيض والزيوت المهدرجة، وتبيّن: «هي بالطبع من أسوأ العادات التي نشأنا عليها، فهي سبب رئيسي لمعظم الأمراض المزمنة المنتشرة الآن، ولكن لا مانع من تناولهم بين الحين والآخر حتى نحقق التوازن النفسي ولا نشعر بالحرمان المستمر».

«العين تأكل قبل الفم»؛ مقولة تؤمن بها الشيف المصرية، ومنها وضعت فلسفتها في تقديم الطعام، التي تتلخص في أن الطريقة التي يُقدَّم بها الطعام لا تقل أهمية عن مذاقه، وتضيف: «نظراً لاهتمامي بالرسم بشكل خاص والفنون بشكل عام، فإنني أحاول أن أجعل من أطباقي لوحة فنية تعبر عني، فشخصيتي في المطبخ تجمع بين فنان يهتم بعمل لوحات فنية ألوانها مبهجة بالمكونات المتوفرة، وكيميائي يعتاد التجارب حتى يحصل على النتيجة المرجوة، وصيدلي على دراية بالمواد الفعالة لكل مكون يستخدمه، وأخيراً زوجة وأم تصنع الوصفات بكل حب لإسعاد أسرتها الصغيرة».

مع مرافقة سوزي لزوجها، الذي يعمل طبيبا صيدليا، في المملكة العربية السعودية، تشير إلى أنها تأثرت بعدة أكلات من المطبخ السعودي، وغيره من المطابخ؛ نظراً لأن المملكة تجتمع بها جنسيات من مختلف دول العالم، وهو ما مكنها من إجادة عمل وصفات طعام من دول مختلفة، كما تؤكد أن هناك تقاربا بين المطبخين السعودي والمصري يكمن في استخدام الأرز بشكل يومي تقريباً.


مقالات ذات صلة

«أورفلي بروز» بدبي... لكل طبق قصة تستحق ضجة النجاح

مذاقات «أورفلي بروز» بدبي... لكل طبق قصة تستحق ضجة النجاح

«أورفلي بروز» بدبي... لكل طبق قصة تستحق ضجة النجاح

تربع مطعم «أورفلي بروز» Orfali Bros في دبي على عرش المطاعم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للمرة الثالثة على التوالي

جوسلين إيليا (دبي)
مذاقات مبيعات الشوكولاته تتفوق على الورود في يوم الحب (تريبيون ميديا)

أغلى 8 أنواع شوكولاته في العالم لعيد الحب

حسب تقديرات الاتحاد الوطني لتجارة التجزئة، من المتوقع أن ينفق الأميركيون 27.5 مليار دولار في عيد الحب هذا العام، سيذهب أكثر من نصفه إلى «حلوى الفالنتاين».

مادلين فيتزجيرالد (نيويورك)
مذاقات غرفة "غاليري" في سكيتش بحلتها الجديدة (الشرق الاوسط)

من أشهر مطاعم لندن على «إنستغرام» التي تمزج الفن مع الأكل

«سكيتش» Sketch اسم لامع في عالم المطاعم اللندنية، عنوان قديم، لكنه متجدد.

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات "أخو منقوشة" يقدم مذاق المنقوشة اللبنانية على أصولها (الشرق الاوسط)

إبراهيم عكاوي يحمل المنقوشة راية له في الخليج العربي

هاجر إبراهيم عكاوي إلى الخليج العربي منذ نحو 45 عاماً. بدأ مشواره العملي، باحثاً عن لقمة العيش بمحل لبيع الأدوات الكهربائية.

فيفيان حداد (دبي)
مذاقات بائع ذرة في ميدان عبد المنعم رياض وسط القاهرة («الشرق الأوسط»)

الذرة المشوية... «تصبيرة» للفقير و«فولكلور» للغني

في مشهد لا يُنسى من فيلم «الأيدي الناعمة» لم يُقاوِم البرنس «المُفلس» شوكت حلمي، الذي جسد دوره الفنان أحمد مظهر رائحة شواء الذرة

منى أبو النصر (القاهرة)

الذرة المشوية... «تصبيرة» للفقير و«فولكلور» للغني

بائع ذرة في ميدان عبد المنعم رياض وسط القاهرة («الشرق الأوسط»)
بائع ذرة في ميدان عبد المنعم رياض وسط القاهرة («الشرق الأوسط»)
TT

الذرة المشوية... «تصبيرة» للفقير و«فولكلور» للغني

بائع ذرة في ميدان عبد المنعم رياض وسط القاهرة («الشرق الأوسط»)
بائع ذرة في ميدان عبد المنعم رياض وسط القاهرة («الشرق الأوسط»)

في مشهد لا يُنسى من فيلم «الأيدي الناعمة» لم يُقاوِم البرنس «المُفلس» شوكت حلمي، الذي جسد دوره الفنان أحمد مظهر رائحة شواء الذرة، فاقترب من عربة بائعها وعرض عليه أن يُقايضه بأحد «نياشينه» الأرستقراطية في مقابل «كوز» ذرة مشوي واحد؛ فالجميع أمام رائحة شوائها الطيبة سواء.

الرائحة أولاً؛ فلا يحتاج البائع إلى النداء على بضاعته إلا في أضيق الحدود، خصوصاً في الشتاء، عندما يستأنس المارة بتلك الرائحة الدافئة التي تفوح منها، ويتحملون بعض الانتظار في مقابل الحصول على ذرة ساخنة تدفئ الأيدي الباردة، قبل أن تؤنس المعدة بوجبة خفيفة حُلوة المذاق.

يتحلّق زبائن الذرة المشوية حول محمود إسماعيل، بائع ذرة في شارع طلعت حرب (وسط القاهرة)، يبيع «الكوز» الواحد بعشرة جنيهات، وسط توصية من الزبائن بأنه يكون حجم الذرة كبيراً، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أقوم بشواء الذرة منذ سنوات، كنت أتجوّل بعربتي بين أكثر من شارع حتى استقررت في مكاني هنا، فزبائن الذرة كثيرون، خصوصاً في الليل فالناس يشترون الذرة للتسلية أو حتى كتصبيرة؛ لأنها مشبعة».

الذرة المشوية وجبة شهية (الشرق الأوسط)

واعتاد إسماعيل إعداد الذرة بداية من نزع قشورها ومروراً بإعداد الفحم وتسخينه، وتقليب الذرة على وجوهها المختلفة حتى تنضج في النهاية، ويجب ألا تخرج نيئة أو مُحترقة، يجب أن يتم ضبط تسويتها، خصوصاً خلال أيام البرد التي تبطئ قليلاً من الفحم في مقابل فصل الصيف، و«عادة ما أقوم بتغليفها بقشورها الخضراء بعد شويها حتى تحتفظ بسخونتها لوقت أطول».

«يبلغ متوسط سعر كوز الذرة 10 جنيهات (الدولار يعادل نحو 50 جنيهاً مصرياً)، في الأحياء الشعبية وهو سعر منافس لأي وجبة خفيفة مثل السندويشات؛ ما يجعله اختياراً مثالياً لسد جوع مباغت أو حتى لقدرته على الشعور بالامتلاء لفترة معقولة»، كما تقول الدكتورة جيهان صلاح، دكتورة التغذية.

وتضيف صلاح لـ«الشرق الأوسط»: «احتواء الذرة المشوية على نسبة ألياف مرتفعة، ونشويات مُعقدة تمد الجسم بالطاقة وتجعله يشعر بالشبع لفترة أطول، علاوة على أنها غنية بالكثير من الفيتامينات، وتحديداً فيتامين (ب)، وكذلك الحديد وأوميغا3؛ لذلك فهي وجبة متكاملة سريعة، ومتوفرة، وهذا يجعلها اختياراً مُحبباً لمختلف الطبقات».

يقف محمد شاكر بعربته على قارعة أحد شوارع حي الشيخ زايد (غرب القاهرة)، لكنه أضاف إلى الذرة المشوية، صنفاً آخر وهو الذرة المسلوقة التي يُعدها في قدر أسطواني كبير، ويقدمها للزبائن مصحوبة بالملح والبهارات حسب الرغبة: «الذرة المسلوقة أصبح لها زبائنها لأنها تكون أكثر حلاوة في الطعم، لكن تظل الذرة المشوية لها شعبية أكبر لدى الكبير والصغير» كما يقول لـ«الشرق الأوسط».

ذرة مشوية على الفحم (الشرق الأوسط)

ويرتفع سعر «الذرة المشوية» نسبياً في الضواحي الراقية، حيث يصل في منطقة «التجمع» (شرق القاهرة) إلى نحو 20 و30 جنيهاً للعرنوس الواحد، وفق ما تؤكده نهال لطفي (35 عاماً) التي تقطن في هذا الحي، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «شراء أكلات سريعة وشعبية مثل الذرة المشوية يكون مرتفعاً نسبياً عنه في وسط المدينة، لكن هذا صار معتاداً في أغلب السلع التي يتم رفع تسعيرتها في هذا النطاق السكاني الذي يضم أماكن بها قدر أعلى من الرفاهية».

ووفق الدكتورة أمل عبد المقصود، مدرسة علم الاجتماع في جامعة عين شمس، فإن «هناك أنواعاً من الطعام استطاعت أن تُرسخ لنفسها ذكريات جمعية، وطقوساً اجتماعية وعائلية مثل الذرة المشوية، التي ترتبط في الذهن بذكريات التنزه على كورنيش النيل وتناول حباتها الساخنة، فهي بسبب سعرها الرخيص وانتشار باعتها في كل مكان أصبحت حلاً سريعاً للفقير، وتسلية للمقتدر، فهي من مشاهد الشارع الشهيرة، وحتى الأجانب والسائحون تبدو بالنسبة لهم طقساً مغايراً وجزءاً من ثقافة المدينة».

وترى عبد المقصود أن رفع أسعار بيع الذرة داخل الأحياء الراقية جزء من ثقافة البيع التي تعتمد على تقسيم الزبائن شرائح اجتماعية، فيتم رفع أسعار بعض المأكولات باعتبارها فلكلور، ويشترك معها في ذلك أسعار البطاطا المشوية وحمص الشام وغيرها من المأكولات الشتوية السريعة المعروفة».

ويهتم قطاع كبير من المزارعين المصرين بزراعة الذرة الذي يتم حصاده بعد مائة يوم فقط من زراعته، ورغم أنه محصول صيفي في الأساس، فإنه تتم زراعته في جميع فصول العام لضمان إمداد البائعين بالذرة المحبب للغني والفقير.

ووفق أبحاث علمية، فإن الذرة غنية بالألياف الغذائية؛ التي ارتبطت بالوقاية من الكثير من الأمراض، بما في ذلك أمراض القلب وبعض أنواع السرطان، وتعزز هذه الألياف كذلك الهضم الصحي وتحمي من مشكلات الأمعاء.