يبدو أن ارتفاع درجة حرارة الأرض، وما يتبعها من موجات طقس شديد الحرارة، انعكس على صناعة الحلوى المثلجة، وعزَّز شعبيتها ليخرج صُنّاعها بابتكارات عصرية تتبنى مذاقات غير مألوفة تعتمد على خلطات مستوحاة من ذوق الناس.
بينما يعرف العالم تلك الحلوى الخفيفة المثلجة باسم الآيس كريم، تشتهر إيطاليا تحديداً بـ«الجيلاتو» الذي يختلف عن شبيهه في الطعم والشكل وطريقة التصنيع، وأهم ما يميزه هو الطعم الغني والقوام الكثيف الذي يسمح بامتزاجه مع أنواع البسكويت والكوكيز المختلفة.
شعبية الجيلاتو في العالم عزَّزت نقل التجربة إلى مصر، من خلال علامة «دولاتو» المصرية الإيطالية التي أسَّسها الأخوان محمد ويوسف الحوت، منذ ثلاث سنوات فقط، بينما ذاع صيتها بين المصريين، وباتت الحلوى المثلجة الأبرز في صيف القاهرة.
وعن تجربة الحلوى الإيطالية في مصر يقول الأخوان الحوت، لـ«الشرق الأوسط»: «كان الهدف الرئيسي من بداية انتشار دولاتو هو نشر ثقافة الجيلاتو، وريادة هذا المنتج في السوق المصرية، ولا سيما أن الزبون المصري مُحب للتجربة وعاشق للحلوى الصيفية، يجمع الشعبين الإيطالي والمصري حب الحياة وتقدير قيمة المذاق الطيب، كما أن مصر وإيطاليا من الوجهات السياحية المفضلة لدى السائحين».
يختلف الجيلاتو عن الآيس كريم المعروف في مصر والعالم، حيث يحتوي على نسبة أقل من الزبدة بنحو الثلثين، في حين يُعدّ محتواه من السكر أكثر نسبياً. ويُميز الجيلاتو كثافته التي تأتي بفضل طريقة التحضير الخاصة، فعلى عكس الآيس كريم، يحظى الجيلاتو بضربات بطيئة، ثم لا تتخلله فقاعات الهواء، كما هو في الآيس كريم، وهذه الطريقة تمنحه عمق المذاق والكثافة.
كما يختلف الجيلاتو عن الآيس كريم كذلك في درجة التجمد، بالأول يجري تقديمه في درجة حرارة أعلى قليلاً من الثاني. وعادةً ما يجري تخزينه في درجة حرارة من صفر إلى 10 درجات فهرنهايت، ويجري تقديمه عند 10 درجات إلى 20 درجة فهرنهايت، بينما يمكن تخزين الآيس كريم في درجة تجميد عميقة تبلغ -20 درجة فهرنهايت أو أكثر برودة.
تجربة «دولاتو» في مصر لم تعتمد على نسخ الثقافة الإيطالية كما هي، بينما أضافت مسارين شملا التطوير والانغماس في المحلية، على حد سواء.
يقول الأخوان الحوت: «السوق المصرية صاحبة ذوق وتقييم مختلف، لا تقبل النسخ، وجيل الألفية بات يبحث عن الجديد، لذلك كان علينا أن نكتب اسم (دولاتو) بتوقيع نكهات خاصة، مفعمة بالمحلية».
ويردفان: «في صيف مصر لا شيء يعلو على مذاق المانجو، والتي تحظى بتنوع واسع في الأصناف، لذا قدمنا مذاقات المانجو (الإسماعيلاوي)؛ نسبة إلى محافظة الإسماعيلية، بجانب أصناف من مناطق أخرى، فبات أمام الزبون خيارات تثير لديه رغبة التجربة».
يعتمد «دولاتو»، بجانب مذاقات الجيلاتو التقليدية من الفاكهة الموسمية، على ابتكار ثلاثة مذاقات جديدة، كل موسم، يقول الأخوان «الحوت»: «المذاقات تختلف وفق الموسم، وما تجود به الطبيعة، إحدى قواعدنا أن يأتي عمق الطعم من كل ما هو طبيعي، بعيداً عن عمليات تعزيز المذاق بإضافات اصطناعية».
ويضيف الأخوان الحوت: «الموسم لا يلهم صُناع (دولاتو) بالمذاق فحسب، بينما مع كل مناسبة مصرية يغوص الجيلاتو الإيطالي في الثقافة الشرقية، فخلال شهر رمضان امتزجت طبقات الجيلاتو مع الحلوى الرمضانية من الكنافة التي قدَّمناها على شكل مخروطي، كبديل إلى البسكويت التقليدي، يتزين في نهايته بالجيلاتو».
وأضاف: «كذلك قدَّمنا (أم علي) بالرقائق المغمسة في الزبدة المصرية مع الحليب والمكسرات وحبَّات الزبيب، بينما يهدأ دفؤها حين تلتقي مع طبقة من جيلاتو الفانيلا، وحتى البسبوسة استبدلنا بطبقات القشدة طبقات الجيلاتو».
وعن طريقة التصنيع يقول الأخوان الحوت: «تحضير الجيلاتو يكون داخل مصنعنا الخاص، من خلال فريق إنتاج مدرب تحت أياد إيطالية بموادَّ خام تأتي من إيطاليا لتدخل عملية الإنتاج، ما يعني أن (دولاتو) علامة مصرية بثقافة إيطالية».
كان «دولاتو مينيز» هو تميمة الحظ التي اشتهرت بها العلامة، وهي عبارة عن حبة جيلاتو صغيرة في شكل دائري مغطاة بالشوكولاته البيضاء، وداخلها مذاقات متنوعة من الجيلاتو، فالزبون يأتي ويختار قضمة أو مينيز من كل مذاق، وكأنه في جولة داخل المبرد يتمتع بجميع مذاقات الموسم، مقابل تكلفة ما يدفعه في منتج واحد من الحلوى المثلجة.
يقول الأخوان الحوت: «دولاتو مينيز هو منتَجنا المميز، وأثناء التخطيط لإطلاق العلامة التجارية، اعتقدنا أنه يجب أن يكون لدينا منتج جديد لاختراق السوق، وبعد جلسات طويلة من التفكير وجدنا أن الأشخاص يحبون المذاق السريع والسهل، لذلك بدأنا العمل على هذا المفهوم لإظهار هويتنا للجمهور».
بيد أن (دولاتو) ضمن أهدافه الانغماس في الثقافة المصرية، حتى وإن كان المنتَج إيطالي الأصل، لذلك مزج الجيلاتو الإيطالي بمكونات محبوبة لدى المصريين، بعد حلوى أم علي والكنافة، قدم قارب البطاطا الحلوة الغارق في الجيلاتو.
وانتهى الأخوان الحوت إلى أنه «في داخل كل بيت مصري تجربة دفء البطاطا الحلوة الساخنة في فصل الشتاء؛ لقد صنعنا (جيلاتو) خاصاً فقط لهذا المزيج مع مذاق خاص ليكون ممتعاً لهذا الاختراع».