يعدّ الشيف أنطونيو بشور واحداً من أهم وأشهر الطباخين وصناع الحلويات في العالم، حصد عدة جوائز مرموقة كان أحدثها في عام 2018. استطاع الحصول على لقب «أفضل حلوانجي» من قبل منظمة جوائز Best Chefs. وهي منصة لجوائز الطهي الرائدة في العالم. وقبلها في عام 2011 تم اختياره كواحد من «أفضل 10 طهاة حلويات» في أميركا.
خلال معرض «هوريكا 2023» الذي أقيم مؤخراً في بيروت التقت، «الشرق الأوسط» الشيف أنطونيو. فهو من جذور لبنانية وبالتحديد من منطقة عكار. ولد في بورتوريكو ولفتته صناعة الحلويات منذ صغره.
كان مع عائلته التي تملك سوبر ماركت بالقرب من مخبز حلويات، فيلحق لا شعورياً رائحة الحلويات التي تتسلل إلى أنفه. «نحن 7 أخوة وكنت الوحيد الذي ينظر إلى أمي بدقة وهي تصنع لنا الحلوى». هذه العادة أوصلته إلى مخبز جيرانه، فكان يدخله ليشاهد معلمي الخبز والحلويات يشتغلون فيه كخلية نحل. «اندهشت بهذا المشهد الذي شدني وطبع ذاكرتي. إخوتي كانوا يذهبون لممارسة رياضة كرة السلة. أما أنا فكنت أمكث في المطبخ، أقوم بتجاربي الخاصة بصناعة الحلويات».
بقيت هذه الصناعات بمثابة الهواية المفضلة لأنطونيو الطفل، إلى حين بلوغه السابعة عشرة من عمره. وكانت عائلته قد انتقلت للسكن في أميركا وبالتحديد في مدينة فيلادلفيا. «هناك أصبت بمرض عضال وبعد مشوار مع العلاج تمكنت من الشفاء. وعندما استعدت قوتي قررت أن أصبح شيفاً ويكون مجال الطهي مملكتي».
انطلاقته بدأت من أحد فنادق بورتوريكو حيث عمل مساعد شيف حلويات. بعدها عمل في مطعم «تالولا» في ولاية ميامي. في عام 2009 طلبت منه إحدى أهم شركات الطعام «كي إن أر» في ميامي أن يكون جزءاً من فريقها. وبعدها مباشرة تسلم مهام الإشراف على جميع أصناف الحلويات والمعجنات في فندق «ترمب سوهو أوتيل» في نيويورك، وليشارك بعدها في دورة تدريبية في فرنسا مع الشيف العالمي فيليب جيفر في مدرسة فالورنا للطهي. وفي العام نفسه 2011 بدأ نجمه يلمع بقوة.
يقول لـ«الشرق الأوسط»: «جاهدت ومررت بتجارب عديدة، سافرت كثيراً وتعلمت لغات مختلفة. كنت أفهم العربية بسبب والدتي، ولكنني لا أجيد التحدث بها. وبدأت أعمل في صناعة الحلويات أولاً، ومن ثم في الطبخ. فحفظت من والدتي وصفات طعام كثيرة كانت تتمسك بتحضيرها لنا من مخزونها اللبناني. هكذا صرت مطلعاً بشكل كبير على مطابخ عالمية بينها الإيطالي والأميركي والفرنسي واللبناني».
حالياً يملك أنطونيو بشور عدة مطاعم تتوزع بين أميركا والمكسيك وأحدثها «حبيبي»، الذي يقدم الأطباق اللبنانية. «هذا المطعم هو بمثابة طفلي الصغير الذي أردته تكريماً لجذوري اللبنانية. الجالية اللبنانية في المكسيك كبيرة جداً، ولذلك استطعت نشر ثقافات وفنون المطبخ اللبناني عند عموم الناس. ومن هذا المنطلق افتتحت (حبيبي)، الذي يقدم أطباقاً لبنانية، بأسمائها المعروفة بها».
وبالفعل إذا زرت «حبيبي» فستقرأ على لائحة الطعام : «كلاماتا لبنة» و«بطاطا حلوة مع الحمص» و«بابا غنوج بالجزر» و«سيغار الفلافل» و«كبة نية» وغيرها. وتقدم هذه الأطباق مع رغيف الخبز اللبناني الصغير الحجم. ومن الحلويات التي يقدمها مطعم «حبيبي» البقلاوة والكنافة بالجبن و«تشيز كيك باللبنة» وقالب «الشوكولاته بالطحينة».
وعن زيارته الأخيرة إلى لبنان يقول: «استمتعت كثيراً بها بعد غياب عن أرضي الأم. قمت بزيارة أقربائي في عكار وانغمست أكثر فأكثر في التعرف إلى الأطباق اللبنانية. إنها ذات مذاق رائع لا نجدها في أي مطبخ عالمي آخر».
يقول عن المطبخ اللبناني إنه أصبح «عالمياً» لأنه برأيه صار يجتاح الكرة الأرضية. «إنه ينافس بشدة مطابخ عالمية كثيرة وفي مقدمتها المكسيكية. فالطعام اللبناني يمتاز بمكوناته الطازجة والمنوعة. كما أنه صحي ولذيذ وصيته ذاع في واشنطن ونيويورك وكاليفورنيا».
عندما تسأل الشيف أنطونيو بشور عن مشاريعه المستقبلية يبادرك «: أفكر في افتتاح مطعم في لبنان قبل كل شيء. البعض نصحني بأن تكون دبي أو قطر الوجهتين المستقبليتين للدخول إلى العالم العربي. ولكني وجدت أن لبنان هو الأفضل في هذا السياق. فأهله ذواقة ويحبون الحياة وارتياد المطاعم. فطيلة وجودي في لبنان في هذه الزيارة القصيرة كنت أُفاجأ بالمطاعم المكتظة بروادها».
يفتخر الشيف بشور بإنجازاته حتى اليوم والتي يختصرها : «لقد استطعت افتتاح 6 مطاعم بين أميركا والمكسيك وبينها (تابليه) و(بشور) و(حبيبي). وأصدرت 4 كتب (بشور) و(بساطة بشور الحلوة) و(شوكولاتة بشور) و(مخبز بشور)».
حاليا يجول الشيف بشور في أصقاع العالم يعلّم خبراته لطلاب الجامعات والمعاهد المختصة بالطبخ وبصناعة الحلويات. ويختتم حديثه بكلام يتوجه به إلى اللبنانيين: «لا تفقدوا الأمل وعلينا أن نكون إيجابيين وندعم الطعام اللبناني في العالم أجمع».