«سكونز»... حلوى مثيرة للجدل ورفيقة الشاي الإنجليزي

المربى أم القشدة أولاً؟

السكونز حلوى تقدم مع الشاي الانجليزي بعد الظهر (نيويورك تايمز)
السكونز حلوى تقدم مع الشاي الانجليزي بعد الظهر (نيويورك تايمز)
TT

«سكونز»... حلوى مثيرة للجدل ورفيقة الشاي الإنجليزي

السكونز حلوى تقدم مع الشاي الانجليزي بعد الظهر (نيويورك تايمز)
السكونز حلوى تقدم مع الشاي الانجليزي بعد الظهر (نيويورك تايمز)

عندما جلست سارة ميركر ذات يوم، عام 2013، لتناول حلوى الـ«سكونز» (مشهورة في بريطانيا وتقدم مع الشاي الإنجليزي) في أحد المواقع التاريخية الكثيرة في بريطانيا، لم تكن لديها فكرة أنها كانت تشرع في جهد سوف يستغرق عقداً من الزمن لإنجازه وتحويلها إلى شخصية من الشخصيات الشهيرة على الصعيد الوطني.

فقد صارت هي وزوجها عضوين يسددان المستحقات في الصندوق الوطني، وهي جمعية للحفاظ على البيئة وإدارة الممتلكات التاريخية مثل القلاع والقصور الريفية في جميع أنحاء إنجلترا، وويلز، وآيرلندا الشمالية (أسكوتلندا تُدار بصورة مستقلة). كانت الفكرة في مكافأة نفسها بالسكونز مقابل زيارتها وتعلمها عن المواقع التاريخية، وكتابة مدونة لتقييم كل من التاريخ والخبز، كل على مقياس من 5 نقاط.

السكونز حلوى لا يتفق على طريقة أكلها البريطانيون (نيويورك تايمز)

شكلت مشاركاتها على المدونات في نهاية المطاف الأساس لتأليف «كتاب الصندوق الوطني للسكونز»، وهو مزيج من الوصفات مع رؤيتها التاريخية الخاصة، الذي نُشر عام 2017، بعد أن تناولت ميركر نحو 150 قطعة من السكونز في الموقع. وعندما زارت ميركر مقر الصندوق الوطني للمرة 244 والأخيرة هذا الشهر، تصدرت عناوين الصحف الوطنية في بلد يتعامل مع الحلوى والتاريخ بمنتهى الجدية.

لكن الزخم الإعلامي الهائل رافقته صدمة، إذ فقدت زوجها بيتر ميركر في 2018 إثر إصابته بالسرطان، الأمر الذي تركها لاستكمال مهمتها من دون الشريك الذي أطلقت عليه مسمى «رفيق كعكاتي».

في الآونة الأخيرة، وفي خضم الزخم الإعلامي الهائل، قالت إن الأمر يبدو وكأن زوجها يقف إلى جانبها في كل خطوة تخطوها.

وقالت: «أقول كما يقول أي إنسان فقد شخصاً عزيزاً على قلبه، إننا نريد عودتهم للحياة، حتى لو لفترة قصيرة من الوقت، وهذا ما منحتني إياه التغطية الإعلامية وهذا المشروع. كان ذلك أجمل ما في الأمر بأسره».

للسكونز جذور عميقة في بريطانيا. فقد كانت وصفاتها تُطبع منذ سنة 1669، وظهرت كلمة «سكون» أو Scone في الأوراق الجمركية منذ سنة 1480، استناداً إلى «تاريخ الخبز البريطاني» للمؤرخة وعالمة الآثار إيما كاي.

لم يتطور «الهوس الاندفاعي الطفيف» بتلك الحلوى في البلاد بصورة جدية حتى أوائل القرن التاسع عشر، كما كتبت السيدة كاي في رسالة بالبريد الإلكتروني. واقترنت في النهاية بعادة احتساء «شاي بعد الظهيرة»، في وجبة خفيفة في وقت متأخر من بعد الظهيرة، غالباً ما تحتوي على الشاي، والكيك، والسندويتشات.

في أواخر القرن التاسع عشر، صار شاي بعد الظهيرة «مُثبَتاً وأسطورياً»، إذ صارت سياحة السيارات والعطلات البريطانية أكثر شعبية، كما قالت آني غراي، مؤرخة الأطعمة. وكذلك كان أثر العصر الحديث على السكونز، المُخمرة بصودا الخبز أو مسحوق الخبز، بدلاً من الخميرة، كما تقول النسخ المبكرة من الوصفات.

قالت غراي: «كانت رخيصة ومُبهجة، ويسهل إنتاجها بكميات كبيرة، ومن ثم فهي جيدة في جني الأرباح من صالات الشاي والمقاهي التي تخدم الطبقة العاملة».

تأسس الصندوق الوطني عام 1895، ولا يزال يتبنى نفس التقليد المتمثل في السياحة الريفية الميسرة. ويحتوي كثير من الأماكن الفخمة على صالات الشاي، وهي تقدم بشكل جماعي أكثر من 3 ملايين قريصة سنوياً، وفقاً لما ذكرته إدارة الصندوق.

مؤرخة الطعام تداولت الخلاف على طريقة أكل السكونز على الـ"بي بي سي (نيويورك تايمز)

قال كلايف غودركورت، رئيس الطهاة لتطوير الوصفات في الصندوق الوطني: «هناك شيء ممتع للغاية في امتزاج المربى مع القشدة، بعد نزهة لطيفة أو الانغماس في الكنوز التاريخية التي نعتني بها. إنها لذة بسيطة، وسريعة، وغير مُكلفة نسبياً، وبالتالي يمكن للجميع الاستمتاع بها».

وصفت كاي، مؤرخة الأطعمة، عادة تناول السكونز واحتساء شاي بعد الظهيرة بأنها كمثل «معتقدات الطهي لدى كثيرين في كل أنحاء بريطانيا».

وكسائر المعتقدات، السكونز حلوى مثيرة للجدل، إذ لا يتفق جميع البريطانيين على أصول تناول السكونز، فهناك من يعتقد أن الطريقة الأصح هي وضع القشدة على الحلوى ومن ثم المربى، في حين يرى البعض الآخر أنه يجب وضع المربى أولاً. عن هذا الخلاف، قالت ميركر: «الناس جادون للغاية فيما يتعلق بالطريقة التي يأكلون بها السكونز. إنه ضرب من الجنون، لأنه في نهاية الأمر، يتساوى الطعم، سواء وضعت القشدة أو المربى أولاً. لكن الأمر يُشكل أهمية كبرى لهم».

بعض يفضل وضع المربى قبل القشدة على السكونز (نيويورك تايمز)

يرتبط وضع المربى أولاً بشكل عام بمقاطعة «كورنوول»، كما يرتبط وضع القشدة أولاً بمقاطعة «ديفون»، وهي منطقة مجاورة لجنوب غربي إنجلترا؛ حيث تميل القشدة المتخثرة لأن تكون أسهل في الافتراش كطبقة أساسية. وقالت كلير بيل، مسؤولة العلاقات العامة في الصندوق الوطني: «بالتأكيد، ليس لدينا موقف محدد» من هذه المناقشة.

ومن جانبها، قالت ميركر إنه نظراً لحساسية مناقشة قضية «المربى أولاً أم القشدة أولاً»، فقد أمضت 10 سنوات في التدوين عن السكونز، من دون أن تذكر أبداً كيف تفضل تناولها. وتجنبت ذلك السؤال في إحدى المدونات، ونشرت صوراً للسكونز «العادية، بلا إضافات» في مدونات أخرى، حتى لا تُنفر المتابعين المتشددين من أي من الجانبين.

يشار إلى أن السكونز نوعان؛ الأولى عادية، والثانية محشوة بالزبيب.

*خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

بيير هيرميه لـ«الشرق الأوسط»: العرب يتمتعون بالروح الكريمة للضيافة

مذاقات الشيف الفرنسي بيير هيرميه (الشرق الأوسط)

بيير هيرميه لـ«الشرق الأوسط»: العرب يتمتعون بالروح الكريمة للضيافة

بيير هيرميه، حائز لقب «أفضل طاهي حلويات في العالم» عام 2016، ويمتلك خبرةً احترافيةً جعلت منه فناناً مبدعاً في إعداد «الماكارون» الفرنسيّة.

جوسلين إيليا (لندن )
مذاقات الشيف العالمي أكيرا باك (الشرق الأوسط)

الشيف أكيرا باك يفتتح مطعمه الجديد في حي السفارات بالرياض

أعلن الشيف العالمي أكيرا باك، اكتمال كل استعدادات افتتاح مطعمه الذي يحمل اسمه في قلب حي السفارات بالرياض، يوم 7 أكتوبر الحالي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
مذاقات الشعيرية تدخل في أطباق حلوة ومالحة (الشرق الأوسط)

حكاية أقدم صانع شعيرية كردي في شمال سوريا

من بين حبال رقائق الشعيرية الطازجة ولونها الذهبي ورائحتها الطيبة، يقف الصناعي الكردي عبد الناصر قاسم برفقة زوجته، بوصفه أحد أقدم الحرفيين في صناعة الشعيرية…

كمال شيخو (القامشلي)
مذاقات تتنوع وصفات الأفوكادو حول العالم

«الأفوكادو» سيد المائدة العصرية

سواء أكنت ترغب في إضافة قوام غني للسلطات، أم الحصول على عصائر طازجة مدعومة بالفيتامينات، فإن «الأفوكادو» سيمثل البطل السري لطعامك.

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات صناعة تعتمد على اليد وليس على الماكينات الحديثة (الشرق الأوسط)

حكاية أقدم صانع شعيرية كردي بشمال سوريا

من بين حبال رقائق الشعيرية الطازجة ولونها الذهبي ورائحتها الطيبة، يقف الصناعي الكردي عبد الناصر قاسم رفقةً مع زوجته، كأحد أقدم الحرفيين في صناعة الشعيرية...

كمال شيخو (القامشلي)

جولة على أطباق تراثية تعود إلى الضوء

الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)
الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)
TT

جولة على أطباق تراثية تعود إلى الضوء

الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)
الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)

يزخر مطبخ البحر المتوسط بأطباق طعام منوعة وغنية، بينها ما يعود إلى بلاد الشام وأخرى إلى بلاد الأناضول. فكل بلد يحضّرها على طريقته وبأسلوب ربّات المنازل. فكل سيدة تصنعها كما تشتهيها، وتحاول تعديلها بما يلائم رؤيتها في الطبخ.

مؤخراً، شهد المطبخ اللبناني عودة ملحوظة للأطباق التراثية. وبعض مؤلفي كتب الطهي وغيرهم من الطهاة المعروفين يبحثون عنها، فيجوبون القرى والبلدات كي يعثروا على أصولها الحقيقية.

«الشرق الأوسط» اختارت 3 أطباق تراثية من المطبخ اللبناني، بينها ما يعود أصولها إلى القرى والضيع، وأخرى تم استقدامها من بلد آخر لما شهد لبنان من حضارات مختلفة.

رشتة المعكرونة والعدس (الشرق الاوسط)

«الزنكل بالعدس» طبق شتوي بامتياز

قلّة من اللبنانيين يعرفون هذا الطبق أو سبق وتذوقوه من قبل. في انتمائه إلى الصنف التراثي القديم، يشتهر هذا الطبق في قرى البقاع وجبل لبنان والشوف.

يتألف هذا الطبق من ثلاثة مكونات أساسية، ألا وهي العدس وحبيبات الزنكل والبصل المقلي. يعتبر من أشهى وأطيب الأطباق الشتوية. سريع التحضير ويحبّه أفراد العائلة أجمعين.

من أجل إطعام أسرة مؤلفة من خمسة أشخاص، يكفي إعداد كمية 800 غرام من البرغل الناعم ووضعه في وعاء معدني ونقعه، يتم غمره بكمية من المياه ويترك لمدة ربع ساعة. ومن ثم يتم عصره لاستخراج المياه منه. ومع نصف كيلو غرام من طحين القمح يتمّ خلط الكميتين بواسطة اليدين. وعندما تصبح كعجينة متماسكة نقسّمها قطعاً صغيرة، ومن ثم ندوّرها لتأخذ حجم حبة الكرز تقريباً، وذلك تمهيداً لغليها مع «القليّة». وهي كناية عن مرقة مكوّنة من البصل والزيت، يضاف إليها مقدار كوب من العدس. وعندما ينضج العدس تصبّ جميع مكونات الطبق في وعاء واحد كي يغلي، فيوضع على نار هادئة فترةً تمتد بين 20 و30 دقيقة. ويقدّم هذا الطبق وجبة ساخنة بعد أن يضاف إليها الملح وبهارات الفلفل كلّ بحسب ذوقه.

"الزنكل بالعدس" طبق شتوي بامتياز (الشرق الاوسط)

تعدّ «الرشتة بالمعكرونة» من الأطباق السريعة التحضير، وتدخل على لائحة أشهر أنواع الحساء الشعبي في لبنان. وتشتهر هذه الطبخة في قرى جبل لبنان والمتن، وتتألف من ثلاث مكونات رئيسية ألا وهي المعكرونة والعدس والبصل.

يشبه تحضير هذا الطبق سابقه. وبعد أن يتم غلي العدس كي ينضج، يضاف إليه البصل المقطّع شرحات والمقلي بالزيت مع الكزبرة والثوم المهروس. في هذا الوقت يتم سلق 500 غرام من المعكرونة. وبعد تصفيتها يتم غمر جميع المكونات بالمياه، وتترك لنحو 10 دقائق على نار متوسطة، ويقدّم مع مخلل اللفت الأبيض.

«الباشا وعساكره» يفتح الشهية من سوريا إلى لبنان

البعض يعدّ هذا الطبق من أصول تركية، فيما أهل الشام يؤكدون أنه من ابتكارهم. ويشتهر به في لبنان أهالي قرى الشمال. وينتمي هذا الطبق إلى تلك التي تحضّر مع روب اللبن. ويتألف من قطع عجين محشوة بالبصل واللحم وقطع الكبة اللبنانية الفارغة. فيجمع بذلك طبقين معروفين في لبنان الـ«كبّة باللبن» و«الشيش برك».

يمكن تحضير الكبّة كما قطع الـ«شيش برك» في المنزل أو شراءها جاهزة.

ويتم تحضير روب اللبن بحيث يوضع نحو كيلوغرام منه في وعاء يضاف إليه ربع كميته من المياه. ويضاف إلى هذا المزيج ملعقتان من طحين الذرة. ويتم خلط المكونات الثلاثة بالمضرب إلى حين تأليفها مزيجاً متماسكاً. يترك هذا الخليط جانباً، في حين يتم قلي كمية من الثوم المهروس بزيت الزيتون أو الزبدة. ويمكن حسب الرغبة إضافة الكزبرة الخضراء إليه. فيما البعض يفضل أن النعناع اليابس والجاف عند الانتهاء من عملية الطهي. بعد أن نحصل على الثوم المحمّر نبقي الوعاء على النار ونضيف إليه المزيج المحضّر سابقاً. ويتألّف من اللبن والمياه وطحين الذرة. نأخذ بتحريك اللبن من دون توقف إلى حين وصول المزيج إلى درجة الغليان. بعدها وعلى نار هادئة نضيف إلى الخليط قطع الكبّة و«الشيش برك». وبعد نحو 10 دقائق يمكن تقديمه على المائدة مع كمية من الأرز المسلوق أو من دونه. ويمكن تزيينه بحبوب الصنوبر المحمّرة بالزبدة.