لا يختلف اثنان على أن حقيبة اليد كانت في فترة من الفترات الدجاجة التي تبيض ذهباً لبيوت الأزياء. على أساسها يُقاس نجاح المصمم، وكلما «ضربت» حققت له الشهرة وارتفعت أسهمه معها، والعكس صحيح.
لكنها عرفت بعض التراجع في السنوات الأخيرة، بسبب جائحة كورونا التي غيَّرت كثيراً من السلوكيات الشرائية، وأيضاً بسبب تزايد اهتمامات جيل «زي» بمفهوم الاستدامة والاستثمار؛ الأمر الذي أدى إلى فقدان حقائب اليد الموسمية سحرها. في المقابل، بدأ البحث عن حقائب تتحدى الزمن، أو لها تاريخ يمكن أن يفتح حوارات فنية. دور المزادات انتبهت لهذا التغيير، وباتت تولي حقائب اليد اهتماماً لا يقلّ عن تركيزها على بيع لوحات كبار الفنانين. مثلاً استعاضت دار «كريستيز» عن قسم الأزياء لديها بقسم للإكسسوارات. باتخاذها هذه الخطوة، حققت مبيعات بقيمة 35.8 مليون دولار في هذا القطاع عام 2023. وتفيد الإحصائيات بأن 61 في المائة من الزبائن في هذا القطاع هم من جيل الألفية الذين تراوح أعمارهم بين 25 و35 عاماً.

عودة حقائب اليد الموسمية
لكن لا شيء يبقى على حاله. فقد شهدنا مؤخراً في معظم عروض الأزياء إن لم نقل كلها، تسلُلاً واضحاً لحقائب يد لا تطمح للوصول إلى المزادات بقدر ما تسعى للوصول إلى أكتاف وأيادي عاشقات الموضة. مؤشرات السوق أيضاً تقول إن هناك علاقة دافئة بدأت تربط حقائب اليد الموسمية وجيل الشباب. الشرط أن تُلبي رغبتهم في الترف والتميز والاستدامة.
وهكذا بانتهاء الصيف وحلول الخريف، كان لا بد من وضع الحقائب الموجَّهة للبحر والنزهات الصيفية على الرفوف. بأحجامها الكبيرة وموادها التي تتنوع بين القماش والقنب والبلاستيك، لم تعد مناسبة لأجواء العمل واللقاءات الرسمية.

الحقائب الجلدية والشامواه والفرو
والنتيجة أن حقائب يمكن حملها بسهولة ومصنوعة من الجلد الطبيعي أو من الشامواه، بل وحتى من الفرو، حلّت محلها. فهي أكثر دفئاً في الخريف والشتاء، حسب رأي «غوتشي»، و«فندي»، و«ميوميو»، و«سالفاتوري فيراغامو» و«كارتييه»، وهلمَّ جراً من الأسماء الكبيرة. تنوَّعت الأشكال والأحجام وكانت الغلبة للأحجام المتوسطة والتصاميم الهندسية مع عودة واضحة للـ«بوهو». فنسمات الماضي تبقى لها نكهتها الطيبة. ولا ننسى طبعاً حقيبة الـ«كلاتش» التي تُحمل باليد. فهي لا تزال رائجة؛ كونها تناسب النهار والمساء، وبالتالي رأيناها تتكرر في عروض كثيرة مثل «بوتيغا فينيتا»، و«شانيل»، و«فكتوريا بيكهام» و«فندي».
حقيبة «بادينغتون» وانتعاش موضة الـ«فينتاج»

يمكن أن نفسره بالحنين إلى الماضي وانتعاش موضة الـ«فينتاج». كما يمكن تفسيره برغبة في تجديد نجاحات قديمة، تبرز في عودة لافتة لتصاميم أيقونية قديمة بنسخ عصرية. وليس أدل على هذا حقيبة «بادينغتون» Paddington التي حققت لدار «كلوي» الفرنسية نجاحاً منقطع النظير عندما طرحتها أول مرة في عام 2005. رسَّخت هذه الحقيبة مفهوم الحقيبة النجمة أو IT Bag في عالم الموضة، وفي الوقت ذاته حلَقت بمصممة الدار آنذاك، فيبي فيلو إلى الآفاق. النسخة الجديدة لم تتغير كثيراً من ناحية جاذبيتها وعمليتها. فهي بالتصميم السخي نفسه، مع قفل ضخم. ومما لا شك فيه أنها تناسب امرأة شابة وعاملة. حقائب مماثلة تُحمَل باليد ظهرت في عروض «ستيلا ماكارتني» و«فندي» أيضاً. هذه الأخيرة أعادت طرح حقيبة «FENDI Spy Bag»، التي ابتكرتها أول مرة في عام 2005. النسخة الجديدة تحترم أساسيات من حيث الشكل الذي لم يتغير ولا المقابض الملتوية. ما تغيَّر في عام 2025 أنها موجَّهة للجنسين.
«ديور» وحقيبة بجينات من «الهوبو»

مثل حقيبة «بادينغتون» التي تحمل كل بصمات دار «كلوي» البوهيمية، طرحت «ديور» حقيبة «ديور فواياج» بجينات من «الهوبو». كشفت عنها الدار حديثاً ضمن مجموعة «ديور كروز» 2026. أكثر ما يميزها شكلها الانسيابي المرن، وجلدها المحبّب أو المجعّد، ونمط «ماكرو كاناج» الأيقوني الذي زين أطرافها. هي الأخرى تجمع بين الطابع البوهو المنطلق والأناقة العملية. ثم أنها تأتي بثلاثة أحجام لتلبي كل الاحتياجات والأذواق. عوض حملها باليد فقط، يعتمد تصميمها على حزام قابل للتعديل يتيح حملها على الكتف أيضاً.
حقيبة «كاميل 16 سوفت»

رغم أن الاقتراحات كثيرة ومغرية لموسم خريف 2025 فإن كثيراً من المبدعين ركزوا على العملية. دار «سيلين» مثلاً قدمت حقيبة «كاميل 16 سوفت» CAMILLE 16 SOFT
لتنضم إلى مجموعة «كاميل». حرصت على ترفها بصنعها من جلد العجل أو من جلد الثعبان الطبيعي. كما حرصت على مرونتها ونعومتها لتبقى وفيّة لاسمها. أما هيكلها فاستُلهم من حقيبة «التوت»، وهذا يعني أنه يمكن حملها باليد بفضل مقبض أنيق أو حملها على الكتف بواسطة حزام يمكن تثبيته وتغيير طوله حسب الرغبة.

حقيبة واي باكيت
في الإطار نفسه، قدمت دار «سان لوران» نسخة جديدة من حقيبة سابقة بنفس المعايير تقريباً، هي حقيبة واي باكيت بمقبض علوي Y BUCKET لتنضم إلى مجموعة «واي» الأيقونية. لهذا الخريف تتوفر بجلد العجل باللون الأسود أو الطوبي، وتزدان بلمسات معدنية باللون البرونزي الفاتح. لكن يبقى شكل Y الشهير ومقبضها، هما الأكثر لفتاً للانتباه. بالنسبة لعمليتها، فتظهر في حزام طويل للكتف يمكن تعديله أو إزالته تماماً إذا كانت الرغبة حملها بواسطة المقبض العلوي فقط.
الترف وحقيبة «بانثر» الجديدة من كارتييه

حقيبة «بانثر» الجديدة من كارتييه: تأتي بالفكرة ومعايير الأناقة كلتيهما، إضافة إلى «حبة» فخامة مستمدة من خبرة الدار في صياغة المجوهرات. هذه الخبرة تبرز من النظرة الأولى في مشبك مرصّع بنقاط سوداء لامعة على شكل سوار برأس فهد انسيابي. مثل أغلب الحقائب التي تم طرحها لهذا الموسم، يمكن ارتداؤها على الكتف أو حملها باليد. فهي موجهة لامرأة تقدّر معنى الترف بتصميمها ومقبضها وموادها، كما تقدّر العملية.
لكن الأهم هو أنها تعكس التزاماً عميقة بمبادئ الاستدامة، بدءاً من تتبع مصادر الجلد، واحترام حقوق اليد العاملة في سلسلة التوريد وحماية البيئة خلال مراحل الإنتاج. فقد يكون تصميمها كلاسيكياً إلا أن ما تتضمنه من حرفية وأفكار شبابية تغذي أهداف جيل «زي».
















