كتاب مثير من دار «أسولين» يكشف عن إرث الأزياء السعودية عبر التاريخ

التطريزات كانت تنفذ باليد وتستغرق وقتاً لتأتي بشكل يمكن توريثه عبر الأجيال (تصوير: لازيز هاماني)
التطريزات كانت تنفذ باليد وتستغرق وقتاً لتأتي بشكل يمكن توريثه عبر الأجيال (تصوير: لازيز هاماني)
TT

كتاب مثير من دار «أسولين» يكشف عن إرث الأزياء السعودية عبر التاريخ

التطريزات كانت تنفذ باليد وتستغرق وقتاً لتأتي بشكل يمكن توريثه عبر الأجيال (تصوير: لازيز هاماني)
التطريزات كانت تنفذ باليد وتستغرق وقتاً لتأتي بشكل يمكن توريثه عبر الأجيال (تصوير: لازيز هاماني)

«لا توجد نساء أكثر جمالاً من النساء في شبه الجزيرة العربية. يظهرن في غاية الأناقة بأبسط الملابس»... هذا ما قاله الشاعر والرحالة البريطاني تشارلز دوغثي منذ أكثر من قرن من الزمن في كتاب سجل فيه تفاصيل رحلته إلى الصحراء العربية.

والآن تنشر دار «أسولين» كتاباً مفصلاً بعنوان COSTUMES OF SAUDI ARABIA A HERITAGE OF FASHION (أزياء المملكة العربية السعودية... تراث من الأزياء)، من تأليف الأميرة نورة بنت فيصل آل سعود والصحافية سيان تيشار وتصوير لازيز هاماني. يستعرض الكتاب التأثيرات المتنوعة التي أثرت في الحمض الثقافي والأسلوب في المملكة العربية السعودية، وكيف كانت الموضة ولا تزال مرآة لتطور الشعوب.

غلاف الكتاب (أسولين)

سافرت الأميرة نورة بنت فيصل آل سعود وسيان تيشار عبر المملكة العربية السعودية بحثاً عن مجموعات ذات معنى وإكسسوارات نادرة تعكس هوية البلاد. وكانت النتيجة مجموعة من الصور والقصص تؤكد كيف تم نسج تاريخ وتراث عريق وفق ما تمليه الجغرافيا والطبيعة الشاسعة والمتنوعة للمملكة. امتدادها على نحو أربعة أخماس شبه الجزيرة العربية، بمساحة إجمالية تقارب مليوني كيلومتر مربع، شجّع على تقسيم الكتاب إلى 5 مناطق رئيسية.

كانت الأزياء تعبيراً عن الهوية والطبيعة المحيطة في كل منطقة (تصوير: لازيز هاماني)

لكل منطقة إرث خاص تحكيه تطريزاتها وألوانها وحتى خاماتها. بل تحكي أيضاً عن مدى ازدهار كل منطقة من خلال تعاملها مع الخامات المستعملة في الأزياء والتطريزات، وحتى القياسات والأحجام. لكن مهما تغيرت الجغرافيا والتضاريس، تبقى دائماً مصنوعة باليد. وعلى عكس موضة اليوم، من المفترض فيها أن تبقى مع صاحبها طوال حياته بل تُورَّث لأجيال أخرى، لا سيما وأن إنتاجها كان مكلفاً ويستغرق الكثير من الوقت لتنفيذه.

كان للمناخ والطبيعة تأثير مباشر على شكل التصميم ونوعية الأقمشة (تصوير: لازيز هاماني)

يركز الكتاب على تأثير المناخ والتضاريس؛ إذ يغلب على أجزاء واسعة منها الطابع الصحراوي الجاف، في حين تتمتع السلاسل الجبلية والوديان الواقعة في الشمال والجنوب بمناخ أكثر اعتدالاً، وهذا ما يظهر في التطريزات والألوان ويحدد الهوية القبلية. فكل قبيلة طوَّرت أساليبها الخاصة لتعبِّر عن تفاصيل حياتية من خلال القصات والألوان والنسيج المستعمل. هناك شبه إجماع في كل المناطق على التعامل مع الموضة بوصفها أداة وظيفية للحماية من قسوة الطبيعة والطقس وما شابه ذلك، وأيضاً وسيلة تعبير إبداعي.

التطريزات كانت تنفذ باليد وتستغرق وقتاً لتأتي بشكل يمكن توريثه عبر الأجيال (تصوير: لازيز هاماني)

هذا التنوع والغنى الثقافي جعلا عملية البحث لجمع قطع نادرة تستغرق نحو عامين. ففريق الأبحاث توجه إلى مواقع نائية بحثاً عن تصاميم وإكسسوارات في خزانات الجدات، وصناديق المهر لدى الخالات والعمات، إضافة إلى تواصل مع الخياطين والحرفيين في جميع أنحاء المملكة للتعرف أكثر على التقاليد التي توارثوها أباً عن جد، أو أماً عن جدة. وكانت تستحق كل الجهد والوقت، حيث تم التوصل إلى قطع لم تُصوَّر أو تُعرض من قبل من جميع مناطق المملكة، لتتحول إلى نافذة مضيئة على ماضٍ غني يحكي ألف قصة وحكاية، والأهم من ذلك يعكس ثقافة أمة تتنوع ألوانها وأشكالها لكنها تجمعها هوية واحدة واعتزاز بالتاريخ.


مقالات ذات صلة

فوز «صلاة القلق» للمصري محمد سمير ندا بجائزة الرواية العربية

كتب رواية «صلاة القلق» للكاتب المصري محمد سمير ندا (صورة من صفحة الكاتب على «إنستغرام»)

فوز «صلاة القلق» للمصري محمد سمير ندا بجائزة الرواية العربية

فاز المصري محمد سمير ندا بالجائزة العالمية للرواية العربية في دورتها الثامنة عشرة اليوم الخميس عن روايته (صلاة القلق) الصادرة عن منشورات ميسكلياني.

كتب الشباب العربي يريد قائداً قوياً ودوراً أكبر للدين

الشباب العربي يريد قائداً قوياً ودوراً أكبر للدين

مفاجآت عدّة وإجابات غير متوقعة، تحملها الدراسة التي أجرتها مؤسسة «فريدريش إيبرت» الألمانية على 12 ألف شاب وشابة من العالم العربي

سوسن الأبطح (بيروت)
كتب «المرأة الدينية المرأة النسوية»... الخطاب المسكوت عنه

«المرأة الدينية المرأة النسوية»... الخطاب المسكوت عنه

ينطلق كتاب «المرأة الدينية المرأة النسوية... كشف مضمرات الخطاب السردي في ضوء علم اجتماع الأدب»، للناقدة العراقية د. موج يوسف

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «الرياض» ضيف شرف في معرض بوينس آيرس الدولي للكتاب 2025 بالأرجنتين

«الرياض» ضيف شرف في معرض بوينس آيرس الدولي للكتاب 2025 بالأرجنتين

تقود هيئة الأدب والنشر والترجمة مشاركة الرياض الاستثنائية بصفتها «ضيف الشرف» في معرض بوينس آيرس الدولي للكتاب 2025، ضمن دورته التاسعة والأربعين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
كتب ماريو فارغاس يوسا

يوسا في بغداد: «هذا ليس حسناً يا سيدي!»

استمع يوسا على هامش جولاته عبر العراق لأشخاص ممن سُجنوا أو تعرضوا للتعذيب فترة الحكم البعثي وزار سجن «أبو غريب».

ندى حطيط (لندن)

أميرة ويلز ودوقة ساسيكس تفرّقهما كل التفاصيل... حتى حب الموضة

اختلافات كثيرة وجرية تُفرِّق بين شخصيتَي كل من كاثرين ميدلتون وميغان ماركل وطموحاتهما
اختلافات كثيرة وجرية تُفرِّق بين شخصيتَي كل من كاثرين ميدلتون وميغان ماركل وطموحاتهما
TT

أميرة ويلز ودوقة ساسيكس تفرّقهما كل التفاصيل... حتى حب الموضة

اختلافات كثيرة وجرية تُفرِّق بين شخصيتَي كل من كاثرين ميدلتون وميغان ماركل وطموحاتهما
اختلافات كثيرة وجرية تُفرِّق بين شخصيتَي كل من كاثرين ميدلتون وميغان ماركل وطموحاتهما

تمضي السنوات، وتُثبت الأحداث أن الرابط الوحيد بينهما لا يتعدى انتماءهما إلى العائلة المالكة البريطانية عبر الزواج. كل التفاصيل الأخرى تُفرَقهما بما في ذلك طريقة تعاملهما مع الموضة.

الأولى هي أميرة ويلز، كاثرين ميدلتون، بريطانية من أسرة ميسورة، تتمتع برشاقة العارضات، تميل إلى لغة الهمس، ولا تنوي خضَّ المتعارف عليه. كما تشرَّبت من ثقافة بلادها أن كل ما هو شهي ودائم يُطبخ على نار هادئة. الثانية هي دوقة ساسيكس، ميغان ماركل، أميركية من أسرة مختلطة، تعكسها بشرة تجمع بين بياض والدها وسمار والدتها، تميل إلى لغة تصرخ بالجاه وكسر الثوابت لإثبات الذات.

لقطة أرشيفية تجمع أميرة ويلز كاثرين ودوقة ساسيكس ميغان ماركل قبل «ميغسيت»

الأولى تتعامل مع الأزياء والمجوهرات كلغة دبلوماسية بحكم مكانتها بوصفها ملكة مستقبلية، والثانية بعقلية «مؤثرة» ترى فيها وسيلة لتحقيق الربح والطموحات الذاتية. هذه على الأقل الرسالة التي وصلت للمشاهد بعد عرض برنامجها «بالحب مع ميغان» الذي بثته منصة «نتفليكس» في الرابع من شهر مارس (آذار) الماضي. استعرضت فيه حبَّها للموضة والثروة من خلال أزياء قدرت بنحو 130 ألف جنيه إسترليني ومجوهرات بقيمة 337 ألف جنيه إسترليني. المشكلة، وفق المنتقدين، أنها لم تأخذ بعين الاعتبار أنها لا تتناسب مع برنامج عن الطبخ. لم تشفع لديهم محاولاتها الدمج بين الرخيص والنفيس في بعض اللقطات.

في المقابل، حققت أميرة ويلز، كاثرين ميدلتون، المعادلة الصعبة بين الأناقة الراقية وعدم خلق أي جدل. ربما يفتقد أسلوبها للإثارة أو الجرأة، إلا أنها تنجح دائماً في إيصال رسائل هادفة. هذا الاختلاف نابع من شخصية رياضية بطبعها؛ فهي تفضل المشي وممارسة النشاطات التنافسية في الهواء الطلق على متابعة توجهات الموضة. في بداية ظهورها، لم تولِها اهتماماً سوى في المناسبات الرسمية، أو إذا استدعى الأمر تأدية واجب وطني لدعم صناعة الموضة البريطانية أو ما شابه، إلى حد أن عشاق الموضة تنمّروا عليها آنذاك.

كانت ميغان ماركل في بداياتها هي الغالبة في سباق الأناقة بجرأتها واختياراتها (أ.ف.ب)

في عام 2017، تغيّر المشهد تماماً بعد دخول ميغان ماركل على الخط بزواجها من الأمير هاري. فجأة، اشتدّت المقارنات بينهما، وصبّت كلها في صالح السمراء القادمة من أميركا. كانت في أول ظهورها بمثابة نسمة صيف منعشة بجرأتها، مقارنةً بالإطلالات الكلاسيكية والمتحفّظة التي اعتادتها نساء الأسرة المالكة عموماً، وكاثرين ميدلتون تحديداً. توسم صنّاع الموضة خيراً فيها.

خلال زيارة لجامعة «نوتينغهام ترانت» لدعم الصحة العقلية والنفسية للطلاب (رويترز)

لكن ذلك العام شكّل أيضاً نقطة تحوّل واضحة في إطلالات كاثرين؛ لأنها دخلت فيه سباق الأناقة وهي متسلّحة بروحها الرياضية. بين ليلة وضحاها، أصبحت ندّاً لا يُستهان به. لم تنس أنها، أولاً وأخيراً، ملكة بريطانيا المستقبلية، وأن ما يناسب غيرها من صراعات موسمية لا يناسب مكانتها بالضرورة. ركّزت على رسم صورة كلاسيكية تعكس روح العصر، ببقائها قريبة من شريحة واسعة من بنات الشعب، ومن دون الخروج عن بروتوكول العائلة المالكة، القائم على عدم استفزاز الذوق العام أو استعراض الجاه. أما في المناسبات الرسمية التي تمثل فيها التاج البريطاني، فالأمر مختلف تماماً؛ تظهر دائماً بأبهى صورة، باعتمادها أزياء بتوقيع مصمّمين مشهود لهم بالموهبة والابتكار، وغالباً ما تُفصَّل خصيصاً على مقاسها من دون الإعلان عن أسعارها.

لكل مقام مقال

باتت أميرة ويلز تُتقن لعبة الغالي والرخيص فمرة تظهر بتايور من «ألكسندر ماكوين» ومرات من «زارا»

باتت أميرة ويلز تُتقن لعبة الغالي والرخيص. فمرة تظهر بتايور من «ألكسندر ماكوين» ومرات من «زارا».

أما في المناسبات غير الرسمية فهي تحرص على اختيار قطع بسيطة من محلات شعبية مثل «زارا» و«إيل كي بنيت» و«ريس» وغيرها. ليس هذا فحسب، بل تعيد ارتداء نفس القطع في مناسبات متعددة. أحياناً تجددها بإضافة فيونكة على الياقة أو بتنسيقها مع قطعة من مصممها المفضل. مثلاً ظهرت في ثلاث مناسبات مختلفة بفستان متوسط الطول من «زارا» بمربعات صغيرة بالأبيض والأسود تشبه نقشة «البايزيلي». كانت قد ظهرت به أول مرة في 2020 وأعادته للصورة منذ أشهر قليلة خلال زيارة لدار رعاية أطفال.

هذا الذكاء في اختيار أزياء تراعي الزمان والمكان وراءه خبراء متخصصون يتابعون نبض الموضة والشارع على حد سواء، الأمر الذي جنَّبها ما تتعرض له ميغان ماركل من انتقادات بسبب اختياراتها الشخصية واندفاعها لفرض أسلوبها.

تظهر ميغان في البرنامج بكامل أناقتها وهو ما رآه البعض مبالغاً فيه واستعراضاً للجاه (نتفليكس)

المشكلة في إطلالات ميغان ماركل أنها رغم أناقتها العالية وأسعارها الباهظة، لا تراعي خصوصية المكان والزمان. وليس أدل على ذلك من الميزانية التي تطلّبتها أزياؤها ومجوهراتها في برنامجها «بالحب، مع ميغان»، وكذلك الأسعار المرتفعة للمنتجات المعروضة على موقع التسوق الإلكتروني الذي أطلقته مؤخراً تحت اسم As Ever. هذه الأسعار، مقرونةً برغبتها الواضحة في الانتماء إلى نادٍ نخبوي، تجعلها تبدو منفصلة عن الواقع، خصوصاً أن أغلب متابعاتها من ذوات الإمكانيات المحدودة أو المتوسطة في أفضل الأحوال.

على العكس منها، تنجح كاثرين في احتضان فئات متنوعة من المجتمع، حيث تتنقل بين الرسمي وغير الرسمي، وبين الراقي والبسيط كفراشة. في كليهما تُجيد تقديم نموذج يُحتذى به في خيارات الموضة المستدامة. ليس فقط لأنها تُكرِّر القطع نفسها أكثر من مرة، وتدعم مصممين يرفعون شعار الاستدامة؛ بل لأنها لم تتردد في حفل جوائز إيرث شوت في عام 2022 أن تعتمد فستاناً مستعملاً، أي من «البالة» في خطوة غير مسبوقة من قبل. بقدر ما كانت هذه الخطوة صادمة، كانت أيضاً رسالة قوية استقبلتها أوساط الموضة البريطانية تحديداً بالتهليل، بحكم أنهم يسعون لترسيخ مكانة لندن بوصفها عاصمة عالمية للموضة المستدامة منذ فترة غير قصيرة.

ظهرت كاثرين ميدلتون بهذا الفستان من «زارا» 3 مرات منذ عام 2020 إلى اليوم (أ.ف.ب)

بهذا الأسلوب والحرص على قراءة تغيرات العصر، كسبت لحد الآن الكثير من القلوب، بما في ذلك قلب حميها الملك تشارلز الثالث، الذي يقال إنه لا يبخل عليها بشيء، ويوفر لها ميزانية لا يستهان بها. السبب أنها إلى جانب مكانتها في السلم الملكي، أكدت له أنها مثله «حريصة» ولا تبالغ. هذه المعاملة الخاصة لم تحظ بها «سلفتها» ميغان، الأمر الذي أثار حفيظة الأمير هاري وأشار إليه في إحدى المقابلات قائلاً إن والده رفض تمويل زوجته. وحسب مزاعم البعض، فإن رد الملك بعد إلحاح الابن كان أنه ليس «بنكاً» مفتوحاً.