بنطلون الجينز الواسع... كيف تلبسينه على طريقة النجمات؟

تصميم جريء يحتاج إلى ثقة وشجاعة

من تشكيلة دار «كلوي» لخريف 2024 تم تنسيقه مع جاكيت مفصل (كلوي)
من تشكيلة دار «كلوي» لخريف 2024 تم تنسيقه مع جاكيت مفصل (كلوي)
TT

بنطلون الجينز الواسع... كيف تلبسينه على طريقة النجمات؟

من تشكيلة دار «كلوي» لخريف 2024 تم تنسيقه مع جاكيت مفصل (كلوي)
من تشكيلة دار «كلوي» لخريف 2024 تم تنسيقه مع جاكيت مفصل (كلوي)

منذ فترة تعالت أصوات خبراء الأزياء تُردد أن عهد البنطلون الجينز الضيّق ولّى، وحل محله الجينز الواسع. المقصود هنا الواسع بالمعنى الفضفاض المستوحى من حقبة السبعينات. لم يقم المصممون بأي جهد لترويضه، بل بالعكس زادوه انسدالاً وسخاءً، بالعرض والطول.

في المقابل، كان للمرأة رأي آخر. شكَّكت في الأمر، أو على الأقل نظرت إليه بحذر، في حين احتفظت بتصميمه الضيق والمستقيم ولم تستغنِ عنهما حتى الآن. مثل الفستان الأسود الناعم، أو جاكيت التويد المفصل والقميص الأبيض، هذه التصاميم لها حظوة في نفسها، وتتعامل معها بصفتها قطعاً أساسية.

فمنذ أن دخل بنطلون الجينز خزانتها في الخمسينات من القرن الماضي تقريباً، بتصميمه المستقيم والبسيط، وهو يجتهد لكي يُسهِّل حياتها ويمنحها مزيداً من التميز. تارة يُدخل عليه المصممون تقنيات وخامات حديثة تزيد من مرونته وجمالياته، وتارة أخرى يقترحون أفكاراً مبتكرة وأحجاماً جديدة في تصاميمه وطرق تنسيقه؛ كل هذا بهدف منحها الراحة وإطلالة ديناميكية. ولا بأس أيضاً أن يُموِّه عن أي عيوب أو ترهلات تعاني منها. منذ سنوات مثلاً، أدخلت عليه سارة بلايكلي، مبتكرة الـ«سبانكس» التقنيات والمواد نفسها التي تُستخدم في هذه القطعة السحرية، للتخفيف من بروز البطن وخلق مظهر مرتب.

أما فيما يتعلق بالتطريز والترصيع، فحدّث ولا حرج، إلى حد أن الجينز بألوانه الغامقة أصبح مقبولاً في مناسبات السهرة. ولِمَ لا وقد اقتحم منصات عروض الأزياء، بما في ذلك خط الـ«هوت كوتور» بكل ما يتضمنه من رُقي وفخامة؟

شتّان بينه اليوم وبين صورته عندما ابتكره خياط من نيفادا، اسمه جاكوب ديفيس، ومهاجر اسمه ليفايز ستراوس في عام 1873. خرج من كنف البروليتاريا التي ولد فيها، ولم يعد خاصاً بالعمال والمزارعين ورعاة البقر بمجرد أن تبنّاه نجوم هوليوود من أمثال مارلين مونرو وجيمس دين وغيرهما في منتصف القرن الماضي، وضخه المصممون بجرعات برجوازية واضحة. هو الآن من أكثر القطع التي تُوحِّد كل الطبقات والثقافات والأذواق.

بقليل من التنسيق يمكن أن يناسب نزهة أو جولة في الأسواق أو مناسبة خاصة (من موقع ME+EM)

سلبيات وإيجابيات

بيد أنه على الرغم من كل التطويرات والحب الذي تكنّه المرأة للبنطلون الجينز الضيق والمستقيم، فإن ظهور تصميمه الواسع وتصدره الواجهة في المواسم الأخيرة، يثيران بعض التوجس والحذر في نفسها. فهو لا يناسب كل القامات، ويمكن أن يعطي نتيجة عكسية في حال لم تُراعَ فيه فكرة النسبة والتناسب. في الوقت ذاته، أصبح واقعاً لا مفر منه، بعد أن فرضته ظروف جائحة «كورونا»، وما ترتب عنها من إقبال على تصاميم تتسم بروح رياضية، أو مستوحاة من ثقافة الشارع والـ«هيب هوب». ما يشفع له أنه، بالطرق التي يقدمه بها كبار المصممين، يكتسب جاذبية تُغري أكثر مما تُنفر.

وهذا تحديداً الإحساس الذي تُخلفه إطلالات العارضات وهن يتخايلن به على المنصات وفي الحملات الترويجية، وصور النجمات وهن يتجوّلن به في الأسواق أو الشوارع. بكل ما فيه من انسدال، يعبق بحيوية تُعبر عن الانطلاق والانعتاق من أي قيود «تُضيِّق» الحياة. أحياناً تظهر به النساء وهن يمسحن الأرض رغم قاماتهن الممشوقة، الأمر الذي يُعطي الانطباع بأن هذه الصورة مقصودة لتذويب مخاوف من لا يتمتعن بالطول، وتشجيعهن على تبنيه.

لخريف 2024 نسّقته دار «كلوي» مع جاكيت «بوليرو» وإكسسوارات مبتكرة لترتقي به (كلوي)

دار «كلوي» قدمته في تشكيلتها الأخيرة كما في حملتها الترويجية بأسلوبها البوهيمي المعتاد. تميز بالأناقة والعصرية، وقد استعملت فيه مصممة الدار الجديدة، شيمينا كامالا، كل وسائل الإغراء وأدواته، مثل حزام ذهبي مبتكر كُتب عليه اسم الدار، والمتوقع أن يكون عُملتها الرابحة هذا الموسم.

كيف تختارينه؟

يعترف خبراء الموضة بأنه قد لا يناسب الكل، ويحتاج إلى دراية وحذر وثقة، إلا أنه أيضاً عصري يمكن أن يمنح لابسته إطلالة تعكس شخصية تعرف ما تريد، وتُرجح كفة الراحة على أي اعتبارات أخرى. من هذا المنظور، فإن الثقة والذكاء في التنسيق هما كل ما يحتاج إليه هذا التصميم للحصول على التألق المطلوب، حتى في المناسبات الخاصة.

جينيفر لوبيز نسقته مع «تي شيرت» بسيط ومعطف من الفرو وحقيبة «بيكابو» من دار «فندي» (فندي)

الفكرة منه في عام 2024، تتركز على خلق مظهر منطلق، يعكس تطلعات شابة تواقة للحرية والانطلاق، في زمن أصبح مطلوباً من الموضة أن تحقق المعادلة بين الأناقة والراحة. رغم تخوف البعض منه، يمكن القول إنه بقليل من التنسيق، يمكن تجاوز صعوبته والاستفادة من جمالياته:

- ليس من الضروري أن تختاريه واسعاً بشكل مبالغ فيه فقط لأنه موضة. يمكن أن تضربي عصفورين بحجر واحد: أن يكون واسعاً حسب موضة الموسم، لكن بشكل معقول يتماشى مع مقاييس جسمك وطولك.

- لا يختلف اثنان حول أنه كلما كان واسعاً ارتفعت نسبة جُرأته. لكي تبقى الإطلالة ضمن الجرأة الواثقة. يمكن ارتداؤه مع قميص أيضاً واسع وحذاء بكعب عال لخلق بعض التوازن.

- إذا كانت النية مظهراً أنيقاً، فيمكن ارتداؤه مع قميص كلاسيكي أو جاكيت مفصل كما اقترحته دار «كلوي»، بل يمكن أيضاً تحديد الجاكيت بحزام وحذاء عالٍ.

لمظهر «سبور» يمكن الاستعاضة عن الحذاء بـ«سنيكر» رياضي لخلق نوع من التناقض المتناغم بين الـ«سبور» والكلاسيكي.

يمكن تنسيقه مع قطعة أنيقة للتخفيف من عمليته والارتقاء به (موقع زارا)

- تنسيقه مع قميص أبيض يدخله أماكن العمل بسهولة، لأنه ينضوي تحت مفهوم الـ«كاجوال شيك». في المساء، يمكن اعتماده مع قميص أو بلوزة مناسبة، مع إضافة بعض الإكسسوارات لإضفاء بعض البريق. الإكسسوارات والمجوهرات تنجح دائماً في نقل أي إطلالة مهما كانت بسيطة من المكتب إلى دعوة عشاء.

- تنسيقه مع قميص من الحرير أو القطن بتصميم كلاسيكي محدد، يمكن أن يموه على اتساعه، وما يوحي به من رغبة في الراحة والارتخاء. النجمة جينيفر لوبيز مثلاً اختارته بلون باهت، أي درجة مناسبة للنهار أكثر. بمجرد أن نسقته مع حقيبة «بيكابو» الشهيرة من دار «فندي»، ومعطف من الفرو، خلقت تناقضاً متناغماً بين الفخم والعملي.

- إذا كانت النية الحصول على إطلالة قوية، فما عليك سوى تنسيقه مع جاكيت مفصل، إما قصير بتصميم البوليرو وإما طويل يغطي نصف الساق. في هذه الحالة يمكن تنسيق الإطلالة مع حذاء رياضي للنهار لمظهر «سبور» أو بكعب لمظهر «كاجوال شيك».

الرياضية سيرينا ويليامز ببنطلون مستقيم يضيق قليلاً من أسفل مع قميص أبيض (جي دبليو أندرسون)

إذا كان الخوف لا يزال يراودك، فما عليك إلا أن تختاري ما يناسبك ويُشعرك بالراحة والثقة. فمهما قال الخبراء واقترح المصممون، يبقى الخيار الأخير لك، وسواء كان بتصميم ضيق أو مستقيم أو واسع أو فضفاض، فإنه من الكلاسيكيات التي تتعدى كل المواسم.

حقائق

بدأ بروليتارياً وانتهى نخبوياً

من كان يتصور أن يتحول بنطلون ابتكر للعمال والمنقبين عن الذهب إلى عملة ذهبية في يد المصممين؟ ومن كان يتصور أن يصل إعجاب المصمم الراحل إيف سان لوران به إلى حد التصريح بأنه كان يتمنى لو كان من اخترعه؟ كانت هذه شهادة كافية للارتقاء بالجينز إلى مصاف القطع الأيقونية التي لا تعترف بزمن أو مكان.

نظيره ومنافسه الراحل كارل لاغرفيلد ترجم إعجابه الشخصي بإدخاله خط الأزياء الراقية وخط الـ«ميتييه داغ» الذي تستعرض فيه دار «شانيل» خبرات وإمكانات ورشاتها في التطريز والترصيع، وكل ما هو غالٍ ونفيس. قماشه الآن يضاهي أقمشة مترفة مثل الموسلين والحرير والجاكار أهمية في عالم الموضة، لا سيما بعد أن تم دمجه بخامات جديدة وحديثة أضفت عليه مرونة.

تطوره من قطعة عملية وخشنة إلى ما هو عليه حالياً مر بعدة مراحل غيرت تفاصيله وملامحه، لكنها لم تمحُ تماماً صلابته وقوته. في عام 1873، وعندما طرحه ليفي شتراوس بالتعاون مع جاكوب ديفيس، كان موجهاً للمزارعين والعمال، وأيضاً للمنقبين عن الذهب بكاليفورنيا فقط. هؤلاء كانوا يحتاجون إلى قماش صلب وخشن يحميهم من قسوة الطقس والطبيعة. لم يكونا يتوقعان أن يُخلّد اسمهما ويتحول إلى قطعة أيقونية. كل همهما كان جعله يدوم أطول. كانت الفكرة لجاكوب ديفيس، الذي حاول إدخال مسامير معدنية بمناطق معينة في الجينز، لجعله مقاوماً لقسوة الطبيعة. ولأنه كان يفتقد إلى رأس مال، استعان بشتراوس لتنفيذها. رحّب هذا الأخير بالفكرة ودخل شريكاً مع ديفيس.

مع انتعاش صناعة السينما وأفلام الغرب الأميركي ورعاة البقر في ثلاثينات القرن الماضي، أصبح الجينز رفيقاً ملازماً لأبطال السينما. انتقاله إلى جيل شاب كان مسألة وقت فقط. فبمجرد ظهور كل من جيمس دين ومارلين مونرو به، حتى انتشر انتشار النار في الهشيم. أصبح قطعة معتمدة لدى كل شاب وشابة متمردين على التقاليد، قبل أن يتحول إلى قطعة تجمع الأناقة بالراحة.


مقالات ذات صلة

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق في عقدها الثامن اختار إريك جدّته «مانيكان» تعرض تصاميمه (حساب المُصمّم على إنستغرام)

إريك ماتيو ريتر وجدّته هدى زيادة... جيلان يلتقيان على أجنحة الموضة

معاً؛ زوّدا عالم الأزياء بلمسة سبّاقة لم يشهدها العالم العربي من قبل. التناغُم بينهما لوّن عالم الموضة في لبنان بنفحة الأصالة والشباب.

فيفيان حداد (بيروت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
الاقتصاد صورة تُظهر واجهة متجر دار الأزياء الإيطالية «فالنتينو» في وسط روما (أ.ف.ب)

للمرة الأولى منذ الركود العظيم... توقعات بانخفاض مبيعات السلع الفاخرة عالمياً

من المتوقع أن تنخفض مبيعات السلع الفاخرة الشخصية عالمياً في عام 2025 لأول مرة منذ الركود العظيم، وفقاً لدراسة استشارية من شركة «بين».

«الشرق الأوسط» (روما)
لمسات الموضة في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

قامت ميلانيا بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة بإعلانها أنها امرأة مستقلة ولها آراء خاصة قد تتعارض مع سياسات زوجها مثل رأيها في حق المرأة في الإجهاض وغير ذلك

جميلة حلفيشي (لندن)

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)
في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)
TT

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)
في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

صناع الموضة وعلى غير عادتهم صامتون بعد فوز دونالد ترمب الساحق. السبب أنهم خائفون من إدلاء آراء صادمة قد تُكلفهم الكثير بالنظر إلى أن الناخب الأميركي هذه المرة كان من كل المستويات والطبقات والأعراق والأعمار. وهنا يُطرح السؤال عما ستكون عليه علاقتهم بميلانيا ترمب، بعد أن عبَّر العديد منهم رفضهم التعامل معها بأي شكل من الأشكال بعد فوز ترمب في عام 2016.

بدت ميلانيا هذه المرة أكثر ثقة وقوة (دي بي آي)

المؤشرات الحالية تقول بأنه من مصلحتهم إعادة النظرة في علاقتهم الرافضة لها. فميلانيا عام 2024 ليست ميلانيا عام 2016. هي الآن أكثر ثقة ورغبة في القيام بدورها كسيدة البيت الأبيض. وهذا يعني أنها تنوي الحصول على كل حقوقها، بما في ذلك غلافها الخاص أسوة بمن سبقنها من سيدات البيت الأبيض.

تجاهُلها في الدورة السابقة كان لافتاً، وفيه بعض التحامل عليها. فصناع الموضة بقيادة عرابة الموضة، أنا وينتور، ورئيسة مجلات «فوغ» على مستوى العالم، كانوا موالين للحزب الديمقراطي ودعموه بكل قواهم وإمكانياتهم. جمعت وينتور التبرعات لحملات كل من باراك أوباما وهيلاري كلينتون ثم كامالا هاريس، ولم تُخف رفضها لما يمثله دونالد ترمب من سياسات شعبوية. شاركها الرأي معظم المصممين الأميركيين، الذين لم يتأخروا عن التعبير عن آرائهم عبر تغريدات أو منشورات أو رسائل مفتوحة على مواقع التواصل الاجتماعي. كانت ميلانيا هي الضحية التي دفعت الثمن، وذلك بعدم حصولها على حقها في تصدر غلاف مجلة «فوغ» كما جرت العادة مع من سبقنها. ميشيل أوباما مثلاً ظهرت في ثلاثة إصدارات.

أسلوبها لا يتغير... تختار دائماً ما يثير الانتباه وأناقة من الرأس إلى أخمص القدمين

لم ترد ميلانيا حينها، ربما لأنها لم تكن متحمسة كثيراً للعب دورها كسيدة البيت الأبيض وكانت لها أولويات أخرى. تركت هذا الدور لابنة ترمب، إيفانكا، مُبررة الأمر بأنها تريد التفرغ وقضاء معظم أوقاتها مع ابنها الوحيد، بارون، الذي كان صغيراً ويدرس في نيويورك. لكن الصورة التي تداولتها التلفزيونات والصحف بعد إعلان فوز ترمب الأخير، كانت مختلفة تماماً عن مثيلتها في عام 2016. ظهرت فيها ميلانيا أكثر ثقة واستعداداً للقيام بدورها. والأهم من هذا فرض قوتها.

طبعاً إذا تُرك الأمر لأنا وينتور، فإن حصولها على غلاف خاص بها مستبعد، إلا أن الأمر قد يتعدى قوة تأثير أقوى امرأة في عالم الموضة حالياً. فهي هنا تواجه عدداً لا يستهان به من القراء الذين انتخبوا ترمب بدليل النتائج التي أثبتت أنه يتمتع بقاعدة واسعة من كل الطبقات والمستويات.

في كل زياراتها السابقة مع زوجها كانت تظهر في قمة الأناقة رغم رفض الموضة لها

ميلانيا أيضاً لعبت دورها جيداً، وقامت بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة. عكست صورة جديدة تظهر فيها كشخصية مستقلة عن زوجها وسياساته، لا سيما بعد تصريحاتها خلال الحملة الانتخابية بأنها تدعم حق المرأة في الإجهاض، مؤكدة أن هذا قرار يخصها وحدها، ولا يجب أن يخضع لأي تدخل خارجي، وهو ما يتناقض مع موقف زوجها بشأن هذه القضية التي تُعد رئيسية في الانتخابات الأميركية. كتبت أيضاً أنها ملتزمة «باستخدام المنصة ودورها كسيدة أولى من أجل الخير».

أسلوبها لا يروق لكل المصممين لكلاسيكيته واستعراضه للثراء لكنه يعكس شخصيتها (أ.ف.ب)

كانت رسائلها واضحة. أعلنت فيها للعالم أنها ذات كيان مستقل، وأن لها آراء سياسية خاصة قد لا تتوافق بالضرورة مع آراء زوجها، وهو ما سبق وعبرت عنه في مكالمة شخصية مع صديقة تم تسريبها سابقاً بأنها ترفض سياسة زوجها في فصل أطفال المهاجرين عن عائلاتهم، وأنها أصيبت بالصدمة عندما علمت بها. وبالفعل تم التراجع عن هذا القرار في يونيو (حزيران) 2018 بعد عاصفة من الجدل.

وحتى إذا لم تُقنع هذه التصريحات أنا وينتور وصناع الموضة، فهي تمنح المصممين نوعاً من الشرعية للتراجع عن تعهداتهم السابقة بعدم التعامل معها. بالنسبة للموالين لدونالد ترمب والحزب الجمهوري، فإن الظلم الذي لحق بميلانيا ترمب بعدم احتفال صناع الموضة بها، لا يغتفر. فهي لا تفتقد لمواصفات سيدة البيت الأبيض، كونها عارضة أزياء سابقة وتتمتع بالجمال وأيضاً بذوق رفيع. ربما لا يعجب ذوقها الكل لميله إلى العلامات الكبيرة والغالية، إلا أنه يعكس شخصية كلاسيكية ومتحفظة.

وحتى إذا لم تنجح أنا وينتور في إقناع المصممين وبيوت الأزياء العالمية، وتبقى على إصرارها عدم منحها غلافها المستحق في مجلة «فوغ»، فإن صوت الناخب المرتفع يصعب تجاهله، لا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية. وهذا ما يعود بنا إلى طرح السؤال ما إذا كان من مصلحة صناع الموضة الأميركيين محاباة ميلانيا وجذبها لصفهم. فقوتها هذه المرة واضحة وبالتالي سيكون لها هي الأخرى صوت مسموع في تغيير بعض السياسات، أو على الأقل التخفيف من صرامتها.

إيجابيات وسلبيات

لكن ليس كل صناع الموضة متخوفين أو قلقين من دورة ثانية لترمب. هناك من يغمره التفاؤل بعد سنوات من الركود الاقتصادي الذي أثر بشكل مباشر على قطاع الموضة. فعندما يقوى الاقتصاد الأميركي فإن نتائجه ستشمل كل القطاعات. ربما تتعلق المخاوف أكثر بالتأشيرات وزيادة الضرائب على الواردات من الصين تحديداً. فهذه أكبر مورد للملابس والأنسجة، وكان صناع الموضة في الولايات المتحدة يعتمدون عليها بشكل كبير، وهذا ما جعل البعض يستبق الأمور ويبدأ في تغيير سلاسل الإنتاج، مثل شركة «بوما» التي أعلنت أنها مستعدة لتغيير مورديها لتفادي أي عوائق مستقبلية. الحل الثاني سيكون رفع الأسعار وهو ما يمكن أن يؤثر على القدرة الشرائية للمستهلكين بنحو 50 مليار دولار أو أكثر في العام. فتهديدات ترمب برفع التعريفات الجمركية على الواردات الصينية بنسبة 60 في المائة لا بد أن تؤثر على المستهلك العادي، رغم نيات وقناعات ترمب بأن تحجيم دور الصين سيمنح الفرص للصناعة الأميركية المحلية. المشكلة أنه ليس كل المصممين الذين يتعاملون مع الموردين والمصانع في الصين منذ سنوات لهم الإمكانيات للبدء من الصفر.