تيما عابد لـ«الشرق الأوسط»: «لا يدرك تحديات صناعة الموضة سوى من دخل منظومتها»

تستلهم تصاميمها من الأحلام والمشاعر

تيما عابد بخبرة 22 سنة تضيء سماء الموضة (الشرق الأوسط)
تيما عابد بخبرة 22 سنة تضيء سماء الموضة (الشرق الأوسط)
TT

تيما عابد لـ«الشرق الأوسط»: «لا يدرك تحديات صناعة الموضة سوى من دخل منظومتها»

تيما عابد بخبرة 22 سنة تضيء سماء الموضة (الشرق الأوسط)
تيما عابد بخبرة 22 سنة تضيء سماء الموضة (الشرق الأوسط)

تيما عابد، مصمّمة الأزياء السعودية، التي أضاءت سماء الموضة بتصاميمها الفريدة لأكثر من 22 عاماً، تُعدّ اليوم إحدى أهم الشخصيات في عالم الأزياء داخل المملكة وخارجها، بشغفها الكبير وموهبتها، استطاعت تيما أن تحصد عديداً من الجوائز، منها جائزة مصمّم العام 2024، وجائزة «فاشن تي في» كريستالة لعام 2022، وأن تُمثّل السعودية في محافل دولية مثل إكسبو دبي.

مسيرتها الطويلة والمليئة بالإنجازات جعلتها رمزاً للإبداع والتفاني في مجال الأزياء الراقية.

البداية

منذ صغرها، كانت تيما عابد تتطلّع إلى عالم الأزياء بانبهار، لم تكن لديها مجلّات موضة لتتابع أحدث الصيحات، لكن حبها لأي فستان أنيق تقع عليه عيناها لم يتوقف، فكان بمثابة عالم ساحر تحلم به.

تيما عابد أثناء افتتاحها أسبوع الموضة بالبحر الأحمر (الشرق الأوسط)

بدأ عشق تيما بالأقمشة، كان يغمرها الفضول لتُفرّق بين أنواعها، وتُنسّق بعضها ببعض. تقول لـ«الشرق الأوسط»: تعلّمت كل شيء بنفسي، كنت أذهب إلى المتاجر المحلية لشراء الأقمشة التي تعجبني، وأحاول أن أعرف الفرق بينها، وكيف يتمايل كل نوع منها ويتماهى على الجسم، كنت أضع كومة كبيرة من الأقمشة على الأرض، ثم أختار منها وأبدأ في التصميم، أبدأ أولاً بتصميم الفساتين لنفسي، ثم لعائلتي وصديقاتي.

بداية تيما في تصميم فساتين الزفاف كانت خطوة طبيعية بعد تلقّيها الكثير من الإطراءات على أعمالها، هذا ما جعلها تُدرك أن بإمكانها تحويل شغفها إلى مهنة، لكن النجاح لم يكن سهلاً؛ فقد واجهت تحديات عديدة، وخصوصاً في بيئة كانت تفتقر إلى الجهات المختصة لدعم مصمّمي الأزياء. ومع ذلك كانت تلك التحديات هي ما صنعت منها شخصية قوية ومصمّمة.

أحد تصاميم تيما عابد باللون الأحمر (الشرق الأوسط)

النجاحات

من بين إنجازاتها البارزة كان اختيارها للمشاركة في أسبوع الموضة بباريس للتصاميم الراقية، كان هذا الحدث بمثابة تحقيق حلم راودها طويلاً. قُوبلت تصاميمها بالإعجاب؛ إذ جمعت بين الحداثة والأناقة، ما جعلها تشعر بالسعادة والفخر، كانت هذه المشاركة بمثابة نقطة تحوّل في مسيرتها، حيث شعرت بالاعتزاز الكبير بتمثيل وطنها في حدث عالمي بهذا الحجم.

في عام 2022 مثّلت تيما السعودية في «إكسبو دبي»، عن طريق وزارة الثقافة وهيئة الأزياء، وفازت بالمركز الأول، وفي عام 2022 فازت بجائزة «فاشن تي في» كريستالة، ما زاد من إصرارها على تحقيق المزيد من الإنجازات.

تصف تيما تصاميمها بأنها تعبر عن كل ما تشعر به من أنوثة، قوة، وثقة، وحرية، وهي تهدف من خلال أعمالها إلى أن تجعل كل امرأة تشعر بالفخر والتميز.

تصميم باللون الأسود بتوقيع تيما عابد (الشرق الأوسط)

لا ترى تيما صناعة الأزياء مجرد تصميم أقمشة جميلة، بل هي فن وشغف، يتطلّب الكثير من الإبداع والابتكار.

من القصص التي لا تُنسى في مسيرتها تبنّيها موهبةً ناشئة في عالم الأزياء، لم تقبل الإفصاح عن اسمها، لكن تقول إنها رافقتها منذ بداياتها حتى وصولها إلى النجومية، معبّرة عن سعادتها بهذه التجربة؛ لأنها أكّدت لها أن حدسها كان صائباً منذ البداية، كذلك تصميمها لعديد من المشاهير، منهم: أصالة، وأميمة طالب، والممثلة إيمي جاكسون، وجورجينا رودريغيز، فضلاً عن تصميمها فستان زفاف المطربة بلقيس.

تصاميم تيما عابد تستهوي المشاهير حول العالم (الشرق الأوسط)

التحديات

تتحدث تيما عن التحديات التي واجهتها في بداية مشوارها، وخصوصاً في ظل غياب الدعم من الجهات المختصة في ذلك الوقت، ولكن بفضل الرؤية الثاقبة للملك سلمان وولي عهده تغيّرت الأمور بشكل كبير، وأصبحت المملكة تشهد طفرة في مجال الأزياء، هذا الدعم جعل تيما تشعر بالفخر والانتماء، وخصوصاً عندما حصلت على جائزة مصمّمة العام.

أما عن مصادر إلهامها فتقول إن كل ما يحيط بها يلهمها، حتى المشاعر الخاصة، سواء كانت إيجابية أو سلبية، مشيرةً إلى أنها ترى في دمج الإلهام الثقافي في تصاميمها فرصةً لتسليط الضوء على الثقافة الغنية والمتنوعة للمملكة العربية السعودية. وتقول: «صناعة الأزياء عالم لا يدرك مدى التحديات التي به إلا مَن كان داخل هذه المنظومة».

تصميم فستان سهرة باللون الأسود (الشرق الأوسط)

تيما تهتم أيضاً بالاستدامة، وتحرص على استخدام مواد صديقة للبيئة، تخطط حالياً لإطلاق مجموعات تعكس هذا التوجه. تؤمن بأن التكنولوجيا لها تأثير إيجابي كبير على عملها، حيث تساعدها على الوصول إلى جمهورها بكل مكان، وفي أي وقت.

الخطط المستقبلية

تنصح تيما الشباب السعودي، من الذين يرغبون في دخول عالم تصميم الأزياء بأن يكون لديهم شغف حقيقي بهذا المجال؛ لأن هذا الشغف هو ما سيدفعهم للاستمرار والإبداع.

أما بالنسبة لخططها المستقبلية فتؤمن بفكرة «الاعتكاف» على خططها حتى تظهر للنور، وهي تؤكّد أن لديها عديداً من المفاجآت في الطريق؛ لأن حلمها هو أن يُصبح اسمها لامعاً في سماء الموضة السعودية والدولية، وأن تدخل تصاميمها خزانة كل امرأة؛ لتثريها في كل المناسبات.


مقالات ذات صلة

من هو حيدر أكيرمان... مصمم «توم فورد» الجديد؟

لمسات الموضة حيدر أكيرمان مع العارضة كايت موس (غيتي)

من هو حيدر أكيرمان... مصمم «توم فورد» الجديد؟

تردد اسمه مؤخرا كثيرا كواحد من المرشحين لخلافة فيرجيني فيار في دار «شانيل»، وخصوصا أن الراحل كارل لاغرفيلد وصفه في أحد تصريحاته بأنه خليفته المثالي في «شانيل».

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة المصمم نجا سعادة يتوسط عارضات في مجموعة باللون الأحمر (نجا سعادة)

تشكيلة نجا سعادة لخريف وشتاء 2025... بين الهمس والصخب

سلَّط المصمم على أهمية الأصوات بوصفها وسيلة للتفاعل والتواصل الإنساني من خلال أزياء تتباين بين الهدوء والقوة.

لمسات الموضة المصممة السعودية تالة أبو خالد مع إحدى العارضات خلال عرضها الأول (الشرق الأوسط)

تالة أبو خالد... سعودية تعيد تعريف الأزياء العصرية بلمسة تراثية

في عالم الموضة والأزياء الذي يسيطر عليه المبدعون من جميع أنحاء العالم، برزت تالة أبو خالد بوصفها أصغر مصممة أزياء تدمج بين التراث والثقافة السعودية والتصاميم.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة المظهر المريح والأنيق هو السائد حالياً على المشهد... لأنه يعبِر عن زمننا (هيرميس)

كيف تغيرت أساليب أزياء العمل وأصبحت هجيناً؟

بدأ التغيير قبل الجائحة، لكنها فجّرت الأمور وفرضت تغييرات جذرية في أنماط حياتنا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة دارا حمامة (خاص)

السباق بدأ والنهائيات ستكون في مراكش الحمراء

«فاشن تراست أرابيا لعام 2024» تعلن عن الأسماء الذين وصلوا إلى النهائيات ليتم الاختيار منهم 7 في حفل كبير بمراكش

«الشرق الأوسط» (لندن)

«تيفاني آند كو» تحتفل بـ50 عاماً من إبداعات إلسا بيريتي

المصممة إلسا بيريتي (تيفاني آند كو)
المصممة إلسا بيريتي (تيفاني آند كو)
TT

«تيفاني آند كو» تحتفل بـ50 عاماً من إبداعات إلسا بيريتي

المصممة إلسا بيريتي (تيفاني آند كو)
المصممة إلسا بيريتي (تيفاني آند كو)

في عام 1974، فتحت دار «تيفاني آند كو» للمجوهرات أبوابها لإلسا بيريتي أول مرة، وبهذا فتحت مرحلة من الفوران الفني لا يزال قسم التصميم والإبداع يستلهم منها. هذا الثراء الفني الذي أبدعته استدعى الاحتفال بمرور 50 عاماً على انضمام مُصمِّمة استثنائية إليها.

المصممة إلسا بيريتي (تيفاني آند كو)

كانت لإلسا نظرة مختلفة للطبيعة عن باقي مصممي المجوهرات في سبعينات القرن الماضي. كانت نابعةً من شغف بالأشكال العضوية؛ مما أسفر عن قطعٍ بأشكال غريبة نوعاً ما. فهي لم تستلهم من الورود والأزهار مثل غيرها، بل من أشياء لا تخطر على بال مصمم مجوهرات آنذاك، مثل العظام، وقلوب مفتوحة، وعبوات ماء، وحبات بن، وتلاطم الأمواج وانسياب الشلالات وهلم جرا. كان كل شيء حولها يثير خيالها وترى لها مكاناً سامياً في حياتنا.

قلادة مستوحاة من عبوة ماء (تيفاني آند كو)

ورغم أن هذه الأشكال كانت غريبة وجديدة في ذلك الوقت، فإنها اليوم معاصرة تفتح جدالات فنية وفكرية شتى حول ما إذا كانت قطع مجوهرات أم تحفاً وظيفية.

أقراط أذن من مجموعة «ميش» المستوحاة من الشبك (تيفاني آند كو)

تقديراً لإلسا بيريتي واحتفالاً بالذكرى الخمسين لانضمامها إليها، تطلق «تيفاني آند كو» إبداعات خاصة بالُمصمِّمة، طوال الفترة الممتدة من 2024 إلى 2025. هذا الاحتفال يتضمن طرح قطع جديدة تُرصِّعها أحجار ثمينة مثل التنزانيت والروبيليت والزمرد والماس، مع الاحتفاظ بأشكالها. وتشمل الإصدارات الجديدة مثلاً، خواتم «بون آند سبليت»، و«فانسي كولور»، إلى جانب أساور «بون» النادرة، وستظهر في المجموعة الاحتفالية أيضاً أنماط شبكية «ميش» بأعداد محدودة.

نظرة جديدة للطبيعة

ما يُحسب لإلسا أنها بحرفيتها استطاعت أن تستكشف الطبيعة بعيون عالِم أحياء ونظرة نحات. رغم غرابة تصاميمها، فإنها كانت دائماً تصرّح بأنها بسيطة تُمليها الفطرة الطبيعية، مشيرة إلى أنها كلما كانت مُصمَّمة باحترافية وبأشكال مبتكرة أصبحت قطعاً لا تعترف بزمن.

سوار «بون» يحاكي عظم المعصم بشكل رائع (تيفاني آند كو)

سوار «بون» مثلاً، الذي كما يشير اسمه مستلهم من عظم معصم اليد، أصبح من الأشكال المعروفة عالمياً، ويتم التعامل معه شكلاً فنياً لمحاكاته شكل المعصم وبروز عظمه بشكل رائع.

عندما طرحت المصممة هذه السلاسل أدخلت الماس عالم المرأة اليومي (تيفاني آند كو)

مجموعتها Diamonds by the Yard®أيضاً كانت بتصميم ثوري عند طرحها. كانت عبارة عن مجموعة سلاسل ناعمة تؤطرها وتتوسطها أحجار ثمينة. سرعان ما أصبحت من القطع الأيقونية، لا سيما أنها غيّرت دور الماس وطريقة استعماله في الموضة إلى الأبد. فقد كان تركيبه ورصه مختلفَين يتتبعان انعكاسات الضوء بشكل مثير ومحسوب، حيث يبدو من زاوية كأنه قطرات ندية، ومن زاوية أخرى مثل تيار يشدك بقوته. الأهم من هذا غير الطريقة التي تستعمل فيها المرأة مجوهراتها. لم تعد تحتفظ بها لمناسبات المساء والسهرة، بل أدخلتها حياتها اليومية.

مصممة عبّدت الطريق لبنات جنسها

رغم إبداعاتها التي صمدت في وجه التغيرات الاقتصادية والاجتماعية وأثرت في الأذواق وسلوكيات التعامل مع المجوهرات بوصفها استثماراً، فإن ما يحسب لإلسا أيضاً أنها عبّدت الطريق وفتحت الباب على مصراعيه أمام نساء دخلن المجال بعد أن كان الرجل هو المسيطر عليه.

درست إلسا في إيطاليا وسويسرا، قبل أن تعود إلى روما لتتخصص في الديكور الداخلي. لكن الأقدار أخذتها إلى مجال الموضة، حيث أصبحت في 1969 عارضة أزياء معروفة في نيويورك وبرشلونة. في هذا الوقت، بدأت تصميم المجوهرات ما أثار انتباه المصمم الأميركي جيورجيو دي سانت أنجيلو الذي بدأ يستعمل تصاميمها في عروضه.

بروش «أمابولا» مستوحى من زهرة الخشخاش (تيفاني آند كو)

لم يكن غريباً أن تحقق نجاحاً سريعاً أدى إلى لقائها مع المصمم هالستون، الذي أصبح صديقاً وداعماً لها، وأيضاً أحد المعجبين بأسلوبها الفني. في الثمانينات، تعاونت مع «تيفاني آند كو» لتصميم أدواتها المنزلية المصنوعة من الخزف والكريستال والفضة. هنا أيضاً استعملت الأسلوب ذاته الذي استعملته في تصميم المجوهرات، الأمر الذي أضفى على هذه الأدوات المنزلية أيضاً قيمة فنية يمكن أن تزين أي ركن من البيت.