كيف زاوج برونيللو كوتشينيللي بين الأعمال اليدوية والتكنولوجيا

موقع جديد معزز بالذكاء الاصطناعي

أشرف على المشروع فريق  من الباحثين من مختلف المجالات وكبار الخبراء في الذكاء الاصطناعي، واستغرق العمل عليه 3 سنوات (برونيللو كوتشينيللي)
أشرف على المشروع فريق من الباحثين من مختلف المجالات وكبار الخبراء في الذكاء الاصطناعي، واستغرق العمل عليه 3 سنوات (برونيللو كوتشينيللي)
TT

كيف زاوج برونيللو كوتشينيللي بين الأعمال اليدوية والتكنولوجيا

أشرف على المشروع فريق  من الباحثين من مختلف المجالات وكبار الخبراء في الذكاء الاصطناعي، واستغرق العمل عليه 3 سنوات (برونيللو كوتشينيللي)
أشرف على المشروع فريق من الباحثين من مختلف المجالات وكبار الخبراء في الذكاء الاصطناعي، واستغرق العمل عليه 3 سنوات (برونيللو كوتشينيللي)

من المفترَض ألا يفاجئنا المصمم برونيللو كوتشينيللي، وهو يقدم لنا درساً عن الزواج المثالي بين الإبداع البشري وقدرات الذكاء الاصطناعي، وهو الذي يبيع لنا بدلات بـ4000 دولار ومعاطف أغلى بكثير. نشتريها ونحن في قمة السعادة لأننا نعرف أنها من أجود أنواع الكشمير والصوف، ومنفَّذة في معامل إيطالية على يد حرفيين من الطراز الأول.

برونيللو كوتشينيللي وعمران أميد خلال مؤتمر «فويسز» لعام 2023 (BOFVOICES)

في شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وخلال مؤتمر «بي أو إف فويسز (BOF VOICES)»، الذي يُقام سنوياً في منطقة أكسفودشاير بحضور نخبة من المبدعين المؤثرين وأصحاب القرار العالميين، حلَّ برونيللو ضيفاً على المؤتمر. أجرى معه مؤسس هذه الفعالية، عمران أميد، حواراً تطرق فيه إلى الأسباب التي تُميز علامته عن غيرها وأسباب نجاحها، في وقت تعاني فيه بيوت أزياء أخرى من بعض الخمول. يذكرنا بأن الدار لا تبخل على زبائنها بأي شيء يمكن أن يضفي عليهم الأناقة والرقي، بغض النظر عن التكاليف. يتشعب الحديث بينهما ويتطرق إلى مدى تأثير الذكاء الاصطناعي على صناعة الموضة، وتبعاته على اليد العاملة. يأتي رد برونيللو مفاجئاً. لم يكن ضد ذلك. بالعكس كان متفائلاً ومطمئناً، يؤكد أن الذكاء الاصطناعي من شأنه أن يخدم الموضة والبشرية في حال تم التعامل معه بشكل صحيح. المفاجئ في ردِّه أيضاً لم يكن لأن الأغلبية يخامرها بعض القلق والتوجُّس من اقتحام الذكاء الاصطناعي مجالات الإبداع تحديداً، ولا لأنه من الرعيل الإيطالي القديم، بل لأن علامته مبنية على مفهوم «صُنِع في إيطاليا» وتعتمد على الحرفية اليدوية. مفاهيم تضعه في مصاف الكبار، وتجعله من بين بيوت أزياء قليلة تُعدّ على أصابع اليد الواحدة تحقق الأرباح رغم تذبذبات الأسواق والاضطرابات الاقتصادية التي لمست مجالات الترف بشكل خاص.

ما يؤكده الموقع الجديد أن الإبداع البشري يمكن أن يستفيد من الإمكانات الهائلة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي (برونيللو كوتشينيللي)

لم يكن رأيه هذا مجرد كلام. في 16 من هذا الشهر وفي ميلانو، برهن للجميع كيف يمكن الاستفادة من التكنولوجيا وجعلها في خدمة البشرية.

في مؤتمر صحافي أُقيم بمسرح بيكولو، كشف هو والمهندس المعماري ماسيمو دي فيكو فالاني، وفرانشيسكو بوتيجليرو، رئيس قسم التكنولوجيا الإنسانية في دار أزياء «سولوميو»، عن إطلاق موقع الدار الإلكتروني الجديد. يعتمد كلياً على الذكاء الاصطناعي. وجسّد فيه المصمم ما أشار إليه خلال مؤتمر «BOF Voices» منذ أشهر؛ من أن الإبداع البشري يمكن أن يستفيد من الإمكانات الهائلة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، وذلك بتسخيره بشكل ذكي يُسهِّل بعض المهام التي كان تستغرق وقتاً طويلاً من دون إلغاء اللمسة البشرية. كان إطلاق الموقع الإلكتروني وتطويره على نحو مبتكر البداية. يشرح أنه حرص أن يتناسب مع إيقاع العصر ومتطلباته «فهو لا يستخدم الصفحات والقوائم التقليدية، بل يعتمد على محتوى سلس».

يوفر الموقع للمتصفح والزائر طرح أسئلة عن أي شيء يتعلق بالعلامة الإيطالية ليتلقى أجوبة فورية عنها (برونيللو كوتشينيللي)

أشرف على المشروع فريق من الباحثين من مختلف المجالات، من الرياضيات والهندسة إلى الفن والفلسفة فضلاً عن مجموعة كمن كبار الخبراء في الذكاء الاصطناعي. تجدر الإشارة إلى أن التفكير في هذا المشروع بدأ منذ مايو (أيار) 2019. واستغرق العمل عليه 3 سنوات. أما الهدف منه حسب قول كوتشينيللي فهو «الدخول إلى ثقافة الدار والغوص في محتوياتها بحرية ودون أي قيود، لكن دائماً بإعطاء الأولوية للتجربة الإنسانية». ويتابع: «حرصنا مثلاً على أن توفر منصة ( Solomei AI) نتائج بحث مرئية واضحة وفورية» تأخذ الزائر من صفحة إلى أخرى عبر رسمات لكل واحدة منها معنى خاص وعميق. في حال لم يحصل الزائر على مطلبه «بإمكانه أن يطرح أي أسئلة تراوده فيتلقى إجابات عنها من (سولومي AI)».

يشجع الموقع الشباب على البحث عن الأفضل وطرح أسئلة لا سيما أن العالم يتطور باستمرار وفق برونيللو كوتشينيللي (برونيللو كوتشينيللي)

لكن الموقع الجديد ليس منصة للتسوق الإلكتروني، بل هو للاستمتاع والاستفادة وفرصة للانغماس في عالم الدار وثقافتها. يشير كوتشينيللي إلى أن الفضول مهم للوصول إلى المعرفة، مستشهداً بالفيلسوف اليوناني زينوفانيس الذي قال ذات مرة: «من الواضح أن الآلهة لم تكشف للبشر كل الأشياء منذ البداية، فهذه احتاجت إلى وقت وأبحاث وتقصٍّ... مَن يسأل فقط يحصل على الإجابة».


مقالات ذات صلة

كيف تختار ملابس العمل حسب «الذكاء الاصطناعي»؟

لمسات الموضة أجواء العمل وطبيعته تفرض أسلوباً رسمياً (جيورجيو أرماني)

كيف تختار ملابس العمل حسب «الذكاء الاصطناعي»؟

اختيار ملابس العمل بشكل أنيق يتطلب الاهتمام، بعض النصائح المهمة قدمها لك «الذكاء الاصطناعي» لتحقيق ذلك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة دار «ديور» تدافع عن نفسها

دار «ديور» تدافع عن نفسها

ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي، واستنفرت وسائل الإعلام أقلامها في الأسابيع الأخيرة، تدين كلاً من «ديور» و«جيورجيو أرماني».

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف يختار الرجال ملابس العمل بشكل أنيق؟

كيف يختار الرجال ملابس العمل بشكل أنيق؟

شارك ديريك جاي، خبير الموضة ببعض نصائح للرجال لاختيار الملابس المناسبة للمكتب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة توفير الحماية من أشعة الشمس من الأساسيات (تشيكي مونكي)

أزياء الصغار... لعب وضحك وحب

كثير من بيوت الأزياء العالمية أصبح لها خط خاص بالصغار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة تيمة الظلمة والنور ظهرت في إطلالات هندسية وأخرى مفصلة   (آشي استوديو)

محمد آشي يحكي تفاصيل رحلة روحانية تتشابك فيها الظلمة بالنور

لم تكن فكرته الانفصال التام عن الواقع، بل فقط الابتعاد «ولو بأرواحنا وجوارحنا» عن إيقاع الحياة السريع الذي نعيشه اليوم.

جميلة حلفيشي (باريس)

كيف نجح المصمم ستيفان رولان في الجمع بين النعومة والإثارة بخيط رفيع؟

عروسه لخريف وشتاء 2024-2025 تميل إلى الفني والتفرد (ستيفان رولان)
عروسه لخريف وشتاء 2024-2025 تميل إلى الفني والتفرد (ستيفان رولان)
TT

كيف نجح المصمم ستيفان رولان في الجمع بين النعومة والإثارة بخيط رفيع؟

عروسه لخريف وشتاء 2024-2025 تميل إلى الفني والتفرد (ستيفان رولان)
عروسه لخريف وشتاء 2024-2025 تميل إلى الفني والتفرد (ستيفان رولان)

إذا كان هناك شيء واحد تخرج به بعد عرض ستيفان رولان لخريف 2024 وشتاء 2025، الذي قدمه ضمن أسبوع باريس للـ«هوت كوتور»، فهو أن الوفاء من شيمه؛ إنه عاشق وفيٌّ لباريس، صديق وفيٌّ لعارضته المفضلة نيفيز ألفاريز، التي افتتحت العرض كالعادة، وكأنه يتبرك بها، ووفيٌّ لأسلوبه المطعم بالشاعرية والفنية. قد يجنح أحياناً إلى المسرحي، لكنه مسرحي يغذي كل الحواس.

يبدو تأثره بأستاذه كريستوبال بالنسياغا واضحاً في الأحجام والأشكال الفنية (ستيفان رولان)

اقتصرت تشكيلته على لونين يتيمين، هما الأسود والأبيض. كانا كل ما يحتاج إليه ليكتب سيناريو مسرحية، قال إنه استلهمها من غموض وسحر باريس في ليالي الشتاء، عندما تكون الأشجار عارية، والأحجار المرصوفة بالحصى تتلألأ بمياه الأمطار. صورة استلهمها من براساي، المصور الفوتوغرافي، مجريُّ الأصل، المفتون بليالي باريس وخطاياها. كان يسهر الليل يجوب شوارعها المظلمة والخفية، يلتقط صورها وهي تستيقظ بعد أن ينام الناس لتعيش حياة موازية.

ستيفان رولان ترجم هذه الصور، أو بالأحرى الحياة، في قطع أزياء باللون الأسود تخترقها إشعاعات بيضاء، تلعب على المستور والمكشوف، فتحوَّل تناقضهما إلى تناغم مفعم بالأنوثة. بين الإطلالة والأخرى كان يضيف عليها بعض البريق، بترصيعها بأحجار الكريستال أو الزجاج أو السفير أو الأونيكس. وعندما لا يكفيه الأمر يستعمل «بروش» يُشبكه عند الخصر أو الكتف، أو حزاماً يُزيِّن الخصر من تحت التول أو الموسلين عوض أن يحدد الفستان.

لعب على الأسود والأبيض فقط وكانا كافيين لينسج منهما قصات مثيرة (ستيفان رولان)

وإذا كان الأسود والأبيض البطلين الرئيسيين، فإن الأقمشة أيضاً كان لها دور أساسي في هذه الحبكة المسرحية. تباينت بين صوف الكريب والمخمل والتول والساتان والموسلين. أول ما يتبادر إلى الذهن أنها أقمشة تتميز بقوام ناعم يخدم التصاميم التي تنسدل على الجسم، لكن ستيفان نجح في تشكيلها بهندسية، أضفت عليها قواماً صلباً جعلها تبدو كأنها منحوتات.

تتوالى الإطلالات في قاعة «بليل» الواقعة بالجادة 8 بباريس على نغمات موسيقية وأبيات شعر تتغنى بباريس للشاعر جاك بريفير، صديق المصور براساي ورفيق دربه في بعض جولاته الليلية، فنتذكر مهارة المصمم في التفصيل، وإعجابه القديم الذي لا يزال ساكناً وجدانه، بأستاذه كريستوبال بالنسياغا. ظهر هذا التأثير في بعض الأحجام الضخمة والأكتاف العريضة والتفاصيل الهندسية المبتكرة.

قد تكون بعض التفاصيل جانحة نحو السريالية إلا أنها ما يُميز أسلوب ستيفان رولان عن غيره (ستيفان رولان)

من بين هذه الإثارة البصرية لا ينسى المصمم منبع إلهامه، فيعود إلى قصص الليل والنهار: من خلال أبيض والأسود والسميك والشفاف. يترك الموسلين أو التول ينسدلان على شكل تنورة، أو بنطلون من تحت جاكيت توكسيدو كاشفاً عن الخصر للتخفيف من صرامة تفصيل الجزء العلوي أو لإبراز فنيته. يقول ستيفان: «إنها تصاميم (غرافيكية لكن ناعمة)»، ويتابع كأنه يريد ترسيخ الفكرة أو تصحيحها: «هناك الكثير من النعومة».

تصريحه لا يُبدِّد الإحساس الطاغي بأنها نعومة مربوطة بالإثارة الحسية. كان واضحاً تأثره بصور براساي الليلية. ترجمها من خلال فتحات ديكولتيه منخفضة للغاية، وفتحات جانبية تظهر كامل الساق وما فوقها، ولا يغطيها سوى ستارة خفيفة من الموسلين أو الأورغنزا، لا تنجح في إخفاء المكشوف بقدر ما تُبرزه وتزيد من سحره.

نجح ستيفان في تشكيل الأقمشة بهندسية أضفت عليها قواماً صلباً جعلها تبدو كأنها منحوتات (ستيفان رولان)

كانت هناك أيضاً إطلالات بظهور مكشوفة، وخصور لم يُخف منها المصمم سوى السرة. حرص على إخفائها، إما بحزام مرصع بالألماس وأحجار الكريستال أو بقطعة قماش صغيرة بحجم صفحة اليد، كان دورها أن تربط الصدر بتنورة منسدلة، حتى يبقى جزء كبير من منطقة الخصر مكشوفاً. تُفاجئنا جُرأته بعض الشيء، ثم نتذكر أننا هنا في عرض مسرحي، وفي قاعة مسرح، وهو ما يحتاج إلى بعض البهارات المثيرة. نتذكر أيضاً أن التشكيلة تنتمي لخط الـ«هوت كوتور»، وهذا يعني أن الزبونة من حقها أن تطلب إجراء تعديلات طفيفة عليها، مثل إضافة بطانة تستر المكشوف، أو أكمام وما شابه من تفاصيل، وإن كانت الكثيرات من زبونات الجيل الجديد سيُقبلن عليها كما هي.

ظل المصمم وفياً لأسلوبه الشاعري الجانح إلى المسرحي أحياناً من خلال التفاصيل والإكسسوارات (ستيفان رولان)

سحرها بالنسبة لهن يكمن في إثارتها، إضافة إلى فنيتها التي تعززها التفاصيل الهندسية تارة والإكسسوارات تارة أخرى. ويبدو أنه أخذ بعين الاعتبار هذه الشريحة. وأضاف إلى القطع ذات الياقات العالية والأكمام الطويلة سحابات يمكنهن فتحها للحصول على مبتغاهن.