«سيلين» تقدم تشكيلة «النصر» بوحي من الستينات

بعد نجاحها في مجال العطور تدخل مجال التجميل بثقة

دمج المصمم الأزياء الجاهزة بأزياء راقية تم تطريزها باليد بحرفية عالية (سيلين)
دمج المصمم الأزياء الجاهزة بأزياء راقية تم تطريزها باليد بحرفية عالية (سيلين)
TT

«سيلين» تقدم تشكيلة «النصر» بوحي من الستينات

دمج المصمم الأزياء الجاهزة بأزياء راقية تم تطريزها باليد بحرفية عالية (سيلين)
دمج المصمم الأزياء الجاهزة بأزياء راقية تم تطريزها باليد بحرفية عالية (سيلين)

هادي سليمان مصمم معروف بحبه لأن تكون الصورة متكاملة؛ فهو مصمم ومصور ومخرج ويهتم بكل صغيرة وكبيرة. لهذا ليس غريباً أنه يريد أن تكون صورة امرأة «سيلين» متكاملة من الأزياء والإكسسوارات إلى العطور ومستحضرات التجميل التي طرحها مؤخراً وينوي التوسع فيها أكثر، ابتداء من عام 2025.

كل صغيرة وكبيرة تم الانتباه إليها في العرض (سيلين)

منذ أيام قليلة، تم عرض تشكيلة «سيلين» لخريف وشتاء 2024، من خلال فيلم قصير، التقط جمالياتها من كل الزوايا. تشرح الدار أن مديرها الفني، هادي سليمان، هو مَن صوَّر الفيلم وأخرجه، وهو أيضاً مَن نسج قصة العرض من خيوط تعود إلى عام 1971، هذه الخيوط كانت بمثابة نقطة التحول بالنسبة للدار الفرنسية التي تأسست في عام 1945.

كان ذلك عندما تعطَّلت سيارة سيلين فيبيانا، مؤسِّسة «سيلين»، وهي عند تقاطع باريس المواجه لقوس النصر. ظلَّت للحظات واقفة في انتظار تصليح السيارة. كان من الطبيعي، ولكي تقتل الوقت، أن تجول بعينها في الأماكن المحيطة بها. هذه الجولة البصرية شدتها إلى الزخرفة المميزة التي تزين أسوار القوس. تمعنت في ذلك التسلسل الذي يلتف حوله ثم ينساب ويتشابك بشكل فني وكأنه سلسلة من ذهب. انبهرت به، ولم تمر سوى فترة قصيرة حتى وُلِد من وحيها «مونوغرام سيلين»، الذي يزين حقائب اليد والأبازيم والأوشحة إلى اليوم؛ فقد أصبح هذا المونوغرام لصيقاً بـ«سيلين»، ومطلب المرأة الفرنسية... البورجوازية على وجه الخصوص.

كل ما في التشكيلة من قصات وألوان يستحضر حقبة الستينات (سيلين)

في عام 2018، وعندما تسلم هادي سليمان مقاليد الدار، كان هذا «المونوغرام» أول ما أثار انتباهه. أعاد تصوره وصياغته بشكل أبسط وأكثر حداثة. راقته قصة ولادته، فقرر أن يبقى وفياً لها، لهذا أطلق عليه اسم «تريومف» ليرسِخ مكانته بوصفه رمزاً من رموز الدار الأساسية. حتى عرضه لخريف وشتاء 2024 حمل عنوان «تشكيلة قوس النصر» (La Collection de l’Arc de Triomphe)، وجاء بمثابة احتفال بتلك العلاقة الروحية التي تربط الدار بالمعلمة الباريسية الشهيرة.

من ناحية الأزياء والإكسسوارات، قرر هادي سليمان أن يعود بنا إلى ستينات القرن الماضي؛ فهو العصر الذهبي لسيلين، وهو أيضاً الحقبة التي شهدت نشاط حركة نسوية قادتها شابات يردن التحرر من قيود الماضي ومصممين لبوا النداء، من أمثال أندريه كوريج وبيار كاردان وإيف سان لوران. لم يكن في التشكيلة بنطلون واحد، رغم أن هادي سليمان ضليع في تفصيله بكل أشكاله الرجالية والنسائية. كلها كانت عبارة عن فساتين ناعمة وتايورات بتنورات قصيرة ومعاطف أيضاً لا تتعدى الركبة. لم تكن متمردة على مفهوم الأناقة الكلاسيكي من ناحية تفصيلها وتفاصيلها.

اهتم هادي سليمان بكل التفاصيل لتأتي الصورة ذهبية تعكس عصرا ذهبيا كما تصوره (سيلين)

بالعكس كل ما فيها يضج بأنوثة تتراقص على نغمات كلاسيكية راقية تستحضر صورة أودري هيبورن بفستانها الأسود وصفوف اللؤلؤ التي كانت تتزين بها، في فيلم «إفطار في تيفاني»، ونظارتها السوداء. لكن بترجمة هادي سليمان الشبابية. فهذه الفساتين رغم إيحاءاتها الستينية معاصرة تفوح من كل تفاصيلها عند الأكتاف والياقات والجوانب ديناميكية عجيبة. أعاد لنا «الثنائيات» المكونة من قطعتين، بينما دمج الأزياء الجاهزة بقطع من الأزياء الراقية مطرزة يدوياً وتبرق بمئات الأحجار من الكريستال. ويبدو واضحاً أن هادي يستمتع بدور المايسترو المصمم والمخرج. أخذ كل جزئية بعين الاعتبار من النظارات السوداء إلى عقود اللؤلؤ وحقائب اليد بحجمها الصغير والقبعات المصنوعة من اللباد، ويتوسطها مونوغرام «سيلين» بعفوية ذكية ومدروسة في الوقت ذاته، وأحذية «ماري جاين» وغيرها.

تم إنشاء قسم التجميل على يد هادي سليمان في عام 2023 بعد النجاح في إطلاق مجموعة العطور الراقية في عام 2019 (سيلين)

بيد أن أهم ما في الخبر أن المصمم لم يكتفِ بطرح تشكيلة في غاية الأناقة لربيع وخريف 2024 - 2025، فقد أعلن دخول الدار مجال التجميل، بعد نجاحه في مجال العطور الذي اقتحمه في عام 2019 بكل قوته وإمكاناته الإبداعية.

ماكياج العارضات في الفيلم كان أيضاً مستوحى من الستينات. استعمل فيه أحمر شفاه (La Peau Nue) أي «البشرة العارية»، وهو واحد من بين 15 درجة ستضمها مجموعة ’Le Rouge Celine، التي ستتوفر في الأسواق ابتداء من عام 2025، وسيكون من ضمنها «روج تريومف» الكلاسيكي بغلاف ذهبي محدب مزين بمونوغرام قوس النصر، شعار الدار.

بدأت الدار بأحمر الشفاه على أن تتوسع لمستحضرات أخرى (سيلين)

تجدر الإشارة إلى أن قسم التجميل أُنشئ على يد هادي سليمان في عام 2023، بعد نجاحه في إطلاق مجموعة العطور الراقية في عام 2019. وتنوي الدار الكشف في كل موسم عن مجموعات جديدة من تصميم هدي سليمان تشمل مرطبات الشفاه والمسكارا وأقلام تحديد العيون والحواجب وحافظات البودرة والخدود والأظافر، وغيرها كثير.


مقالات ذات صلة

7 فائزين بجوائز «فاشن تراست آرابيا» ومراكش ثامنهم

لمسات الموضة الأميرة المغربية لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فاريس والفائزين بجوائز 2024 (خاص)

7 فائزين بجوائز «فاشن تراست آرابيا» ومراكش ثامنهم

على الرغم من عدم فوز أي مغربي أو مغربية بأي جائزة هذا العام، فإن مراكش كانت على رأس الفائزين.

جميلة حلفيشي (مراكش)
لمسات الموضة ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

احتفلت «بولغري» مؤخراً بطرح نسخ جديدة من مجموعة «توبوغاس» عادت فيها إلى البدايات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق من ألف ليلة (المعرض)

معرض عن ليزا بِين أول عارضة أزياء في العالم

قد لا يبدو اسمها مألوفاً للأجيال الجديدة، لكن ليزا فونساغريفس (1911 ـ 1992) كانت واحدة من أيقونات الموضة في النصف الأول من القرن الماضي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
TT

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)

في منتصف القرن الماضي، كان فن الـ«آرت ديكو» والقطع المصنعة من البلاتين تُهيمن على مشهد المجوهرات الفاخرة. في خضم هذه الموجة التي اكتسحت الساحة، ظلت دار «بولغري» وفيّة لأسلوبها المتميز بالجرأة، واستعمال الذهب الأصفر والأحجار الكريمة المتوهجة بالألوان.

رغم أن عقداً واحداً يكفي فإن استعمال أكثر لا يؤثر بقدر ما يزيد من الفخامة (بولغري)

في هذه الفترة أيضاً ابتكرت تقنية خاصة بها، أصبحت تعرف بـ«توبوغاس»، وتستمد اسمها من الأنابيب التي كانت تستخدم لنقل الغاز المضغوط في عشرينات القرن الماضي. ففي تلك الحقبة أيضاً بدأ انتشار التصميم الصناعي في أوروبا، ليشمل الأزياء والديكور والمجوهرات والفنون المعمارية وغيرها.

ظهر هذا التصميم أول مرة في سوار ساعة «سيربنتي» الأيقونية (بولغري)

في عام 1948، وُلدت أساور بتصميم انسيابي يتشابك دون استخدام اللحام، تجسَّد في سوار أول ساعة من مجموعتها الأيقونية «سيربنتي». أدى نجاحها إلى توسعها لمجموعات أخرى، مثل «مونيتي» و«بارينتيسي» و«بولغري بولغري».

في مجموعتها الجديدة تلوّنت الأشكال الانسيابية المتموجة والأجسام المتحركة بدرجات دافئة من البرتقالي، جسَّدها المصور والمخرج جوليان فالون في فيلم سلط الضوء على انسيابية شبكات الذهب الأصفر ومرونتها، واستعان فيه براقصين محترفين عبّروا عن سلاستها وانسيابيتها بحركات تعكس اللفات اللولبية اللامتناهية لـ«توبوغاس».

بيد أن هذه التقنية لم تصبح كياناً مهماً لدى «بولغري» حتى السبعينات. فترة أخذت فيها هذه التقنية أشكالاً متعددة، ظهرت أيضاً في منتجات من الذهب الأصفر تُعبر عن الحرفية والفنية الإيطالية.

ظهرت تقنية «توبوغاس» في مجوهرات شملت أساور وساعات وعقوداً (بولغري)

لكن لم يكن هذا كافياً لتدخل المنافسة الفنية التي كانت على أشدّها في تلك الحقبة. استعملتها أيضاً في مجوهرات أخرى مثل «بارينتيسي»، الرمز الهندسي المستوحى من الأرصفة الرومانية. رصَّعتها بالأحجار الكريمة والألماس، وهو ما ظهر في عقد استخدمت فيه «التنزانيت» و«الروبيت» و«التورمالين الأخضر» مُحاطة بإطار من الأحجار الكريمة الصلبة بأشكال هندسية.

بعدها ظهرت هذه التقنية في ساعة «بولغري توبوغاس»، تتميز بسوار توبوغاس الأنبوبي المرن، ونقش الشعار المزدوج على علبة الساعة المصنوعة من الذهب الأصفر والمستوحى من النقوش الدائرية على النقود الرومانية القديمة. تمازُج الذهب الأصفر والأبيض والوردي، أضفى بريقه على الميناء المطلي باللكر الأسود ومؤشرات الساعة المصنوعة من الألماس.

من تقنية حصرية إلى أيقونة

تزينت بمجوهرات الدار نجمات عالميات فكل ما تقدمه يُعدّ من الأيقونات اللافتة (بولغري)

«بولغري» كشفت عن مجموعتها الجديدة ضمن مشروع «استوديو بولغري»، المنصة متعددة الأغراض التي تستضيف فيها مبدعين معاصرين لتقديم تصوراتهم لأيقوناتها، مثل «بي زيرو1» و«بولغري بولغري» و«بولغري توبوغاس». انطلق هذا المشروع لأول مرة في سيول في مارس (آذار) الماضي، ثم انتقل حديثاً إلى نيويورك؛ حيث تستكشف الرحلة الإرث الإبداعي الذي جسدته هذه المجموعة من خلال سلسلة من أعمال التعاون من وجهات نظر فنية متنوعة.

قوة هذه التقنية تكمن في تحويل المعدن النفيس إلى أسلاك لينة (بولغري)

بين الحداثة والتراث

قدّم الفنان متعدد المواهب، أنتوني توديسكو، الذي انضم إلى المنصة منذ محطتها الأولى ترجمته للأناقة الكلاسيكية بأسلوب امتزج فيه السريالي بالفن الرقمي، الأمر الذي خلق رؤية سردية بصرية تجسد التفاعل بين الحداثة والتراث. منح الخطوط المنسابة بُعداً ميتافيزيقياً، عززته التقنيات التي تتميز بها المجموعة وتحول فيه المعدن النفيس إلى أسلاك لينة.

تطورت هذه التقنية لتشمل قطعاً كثيرة من مجموعات أخرى (بولغري)

ساعده على إبراز فنيته وجمالية التصاميم، الفنان والمصمم الضوئي كريستوفر بودر، الذي حوَّل الحركة اللامتناهية وتدفق اللوالب الذهبية في «بولغري توبوغاس» إلى تجربة بصرية أطلق عليها تسمية «ذا ويف» أو الموجة، وهي عبارة عن منحوتة ضوئية حركية تتألف من 252 ضوءاً يتحرك على شكل أمواج لا نهاية لها، تتكسر وتتراجع في رقصة مستمرة للضوء والظل، لكنها كلها تصبُّ في نتيجة واحدة، وهي تلك المرونة والجمالية الانسيابية التي تتمتع بها المجموعة، وتعكس الثقافة الرومانية التي تشرَّبتها عبر السنين.