هادي سليمان مصمم معروف بحبه لأن تكون الصورة متكاملة؛ فهو مصمم ومصور ومخرج ويهتم بكل صغيرة وكبيرة. لهذا ليس غريباً أنه يريد أن تكون صورة امرأة «سيلين» متكاملة من الأزياء والإكسسوارات إلى العطور ومستحضرات التجميل التي طرحها مؤخراً وينوي التوسع فيها أكثر، ابتداء من عام 2025.
منذ أيام قليلة، تم عرض تشكيلة «سيلين» لخريف وشتاء 2024، من خلال فيلم قصير، التقط جمالياتها من كل الزوايا. تشرح الدار أن مديرها الفني، هادي سليمان، هو مَن صوَّر الفيلم وأخرجه، وهو أيضاً مَن نسج قصة العرض من خيوط تعود إلى عام 1971، هذه الخيوط كانت بمثابة نقطة التحول بالنسبة للدار الفرنسية التي تأسست في عام 1945.
كان ذلك عندما تعطَّلت سيارة سيلين فيبيانا، مؤسِّسة «سيلين»، وهي عند تقاطع باريس المواجه لقوس النصر. ظلَّت للحظات واقفة في انتظار تصليح السيارة. كان من الطبيعي، ولكي تقتل الوقت، أن تجول بعينها في الأماكن المحيطة بها. هذه الجولة البصرية شدتها إلى الزخرفة المميزة التي تزين أسوار القوس. تمعنت في ذلك التسلسل الذي يلتف حوله ثم ينساب ويتشابك بشكل فني وكأنه سلسلة من ذهب. انبهرت به، ولم تمر سوى فترة قصيرة حتى وُلِد من وحيها «مونوغرام سيلين»، الذي يزين حقائب اليد والأبازيم والأوشحة إلى اليوم؛ فقد أصبح هذا المونوغرام لصيقاً بـ«سيلين»، ومطلب المرأة الفرنسية... البورجوازية على وجه الخصوص.
في عام 2018، وعندما تسلم هادي سليمان مقاليد الدار، كان هذا «المونوغرام» أول ما أثار انتباهه. أعاد تصوره وصياغته بشكل أبسط وأكثر حداثة. راقته قصة ولادته، فقرر أن يبقى وفياً لها، لهذا أطلق عليه اسم «تريومف» ليرسِخ مكانته بوصفه رمزاً من رموز الدار الأساسية. حتى عرضه لخريف وشتاء 2024 حمل عنوان «تشكيلة قوس النصر» (La Collection de l’Arc de Triomphe)، وجاء بمثابة احتفال بتلك العلاقة الروحية التي تربط الدار بالمعلمة الباريسية الشهيرة.
من ناحية الأزياء والإكسسوارات، قرر هادي سليمان أن يعود بنا إلى ستينات القرن الماضي؛ فهو العصر الذهبي لسيلين، وهو أيضاً الحقبة التي شهدت نشاط حركة نسوية قادتها شابات يردن التحرر من قيود الماضي ومصممين لبوا النداء، من أمثال أندريه كوريج وبيار كاردان وإيف سان لوران. لم يكن في التشكيلة بنطلون واحد، رغم أن هادي سليمان ضليع في تفصيله بكل أشكاله الرجالية والنسائية. كلها كانت عبارة عن فساتين ناعمة وتايورات بتنورات قصيرة ومعاطف أيضاً لا تتعدى الركبة. لم تكن متمردة على مفهوم الأناقة الكلاسيكي من ناحية تفصيلها وتفاصيلها.
بالعكس كل ما فيها يضج بأنوثة تتراقص على نغمات كلاسيكية راقية تستحضر صورة أودري هيبورن بفستانها الأسود وصفوف اللؤلؤ التي كانت تتزين بها، في فيلم «إفطار في تيفاني»، ونظارتها السوداء. لكن بترجمة هادي سليمان الشبابية. فهذه الفساتين رغم إيحاءاتها الستينية معاصرة تفوح من كل تفاصيلها عند الأكتاف والياقات والجوانب ديناميكية عجيبة. أعاد لنا «الثنائيات» المكونة من قطعتين، بينما دمج الأزياء الجاهزة بقطع من الأزياء الراقية مطرزة يدوياً وتبرق بمئات الأحجار من الكريستال. ويبدو واضحاً أن هادي يستمتع بدور المايسترو المصمم والمخرج. أخذ كل جزئية بعين الاعتبار من النظارات السوداء إلى عقود اللؤلؤ وحقائب اليد بحجمها الصغير والقبعات المصنوعة من اللباد، ويتوسطها مونوغرام «سيلين» بعفوية ذكية ومدروسة في الوقت ذاته، وأحذية «ماري جاين» وغيرها.
بيد أن أهم ما في الخبر أن المصمم لم يكتفِ بطرح تشكيلة في غاية الأناقة لربيع وخريف 2024 - 2025، فقد أعلن دخول الدار مجال التجميل، بعد نجاحه في مجال العطور الذي اقتحمه في عام 2019 بكل قوته وإمكاناته الإبداعية.
ماكياج العارضات في الفيلم كان أيضاً مستوحى من الستينات. استعمل فيه أحمر شفاه (La Peau Nue) أي «البشرة العارية»، وهو واحد من بين 15 درجة ستضمها مجموعة ’Le Rouge Celine، التي ستتوفر في الأسواق ابتداء من عام 2025، وسيكون من ضمنها «روج تريومف» الكلاسيكي بغلاف ذهبي محدب مزين بمونوغرام قوس النصر، شعار الدار.
تجدر الإشارة إلى أن قسم التجميل أُنشئ على يد هادي سليمان في عام 2023، بعد نجاحه في إطلاق مجموعة العطور الراقية في عام 2019. وتنوي الدار الكشف في كل موسم عن مجموعات جديدة من تصميم هدي سليمان تشمل مرطبات الشفاه والمسكارا وأقلام تحديد العيون والحواجب وحافظات البودرة والخدود والأظافر، وغيرها كثير.