مصمم «سكاباريلي» يمزج السريالي ببعض الواقعية في تشكيلته لخريف وشتاء 2024-2025

بعد خمس سنوات بدأ ينقل الدار من مرحلة الانتشار إلى مرحلة الاختيار

تكمن قوة التشكيلة في أنها لم تخرج عن السيناريو الفني الذي كتبته المؤسسة إلسا في الثلاثينات (سكاباريلي)
تكمن قوة التشكيلة في أنها لم تخرج عن السيناريو الفني الذي كتبته المؤسسة إلسا في الثلاثينات (سكاباريلي)
TT

مصمم «سكاباريلي» يمزج السريالي ببعض الواقعية في تشكيلته لخريف وشتاء 2024-2025

تكمن قوة التشكيلة في أنها لم تخرج عن السيناريو الفني الذي كتبته المؤسسة إلسا في الثلاثينات (سكاباريلي)
تكمن قوة التشكيلة في أنها لم تخرج عن السيناريو الفني الذي كتبته المؤسسة إلسا في الثلاثينات (سكاباريلي)

خمس سنوات مرت على تسلمه مقاليد «سكاباريلي». حقق خلالها المصمم الأميركي دانييل روزبيري، الكثير من الأهداف التي راوغت الدار منذ أن استحوذ عليها الملياردير الإيطالي دييغو ديلا فالي. روزبيري نجح فيما لم ينجح فيه أي مصمم أميركي في باريس لحد الآن. أعاد لها مجدها الغابر، أو على الأقل يُذكرنا به في كل موسم. أدواته هي نفس الأدوات التي استعملتها المؤسِسة إلسا سكاباريلي وهي في قمة نجاحها: الفنية السريالية. لكنها كانت أكثر حظاً منه، لأنها عاصرت وتعاونت مع كل من سلفادور دالي وجان كوكتو وغيرهما من فناني عصرها، بينما يعتمد هو على الأرشيف والخيال لاستكشاف رموزها. ومع ذلك حقق ما لم يحققه غيره من المصممين الذين سبقوه.

بدلات مستوحاة من خزانة الرجل بتفاصيل مبتكرة (سكاباريلي)

بعد خمس سنوات اطمأنت نفسه وشعر بأنه تجاوز مرحلة الانتشار وحان الوقت ليبدأ مرحلة الاختيار حسب ما صرح به بعد عرض تشكيلته الأخيرة في باريس. يقول: «لم يعد الأمر يتطلب رؤية مبنية على خلق الإثارة أو الصدمة بهدف تسليط الضوء على الدار، نحن الآن في مرحلة بناء رؤية جديدة تحول هذه الإثارة الفنية إلى قيمة لها أسس صلبة مترسخة في الواقع». ما يقصده أنه يريد أن ترى المرأة نفسها في هذه التصاميم بغض النظر عن أسعارها الباهظة. مجرد فكرة أنها يمكن استعمال بنطلون من الجينز بشكل يومي أو في مناسبات متعددة، تُبرِر سعره الذي يقدر بـ2000 يورو.

قطع منفصلة متنوعة زادتها التفاصيل والرموز الفنية جمالاً وأناقة (سكاباريلي)

تشكيلته لخريف وشتاء 2024-2025 من الأزياء الجاهزة كانت مختلفة عما قدمه في موسم الـ«هوت كوتور» في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي. ضمَنها 40 قطعة. كل واحدة منها خلَفت الانطباع بأنه روَض جموحها إلى حد ما. ظلت التفاصيل السريالية حاضرة. ظهرت في مبالغات وإكسسوارات غريبة. إلا أنها لم تكن بنية سرقة الأضواء في موسم تزدحم أجندته بأسماء كبيرة... كانت وفاءً للماضي والتزاماً بوعده أن يوصل الدار إلى هذه المرحلة. الأكتاف العالية والأحجام المبالغ فيها ولإكسسواراتها الغريبة، سواء كانت أقراط إذن تغازل الناظر بعيونها الجاحظة، أو أحزمة بإبزيمات ذهبية أو حقائب يد تتماهى فيها الجلود مع المعادن، كانت وستبقى مكمن قوة الدار. ما يُحسب لروزبيري فيها أنه جعلها لا تثير الأنظار أو تصدمها فحسب، بل تفتح أيضاً حوارات فنية تماماً كما كانت في عهد المؤسِسة.

ظهر الجلد في بعض الإطلالات وكأنه من حراشف التماسيح (سكاباريلي)

فهو مهما اجتهد وابتكر، لم يخرج عن السيناريو الذي كتبته إلسا سكياباريلي في الثلاثينات. أمر يعترف به واصفاً ما قدمه على أنه «عبارة عن خزانة غنية بسترات البلايزر والبنطلونات الأنيقة والقطع المنفصلة وملابس السهرة المزينة بكافة اللمسات الأيقونية للمؤسسة، مثل قطع التشريح، شريط القياس، وثقب المفتاح والأقفال». ما قام به أنه أضاف إليها لمساته الأميركية مثل الشراريب، والأبازيم، والدنيم.

عاد المصمم إلى تكساس مسقط رأسه مستمداً بعض أساسياته مثل الجينز الذي ظهر في بدلات أنثوية (سكاباريلي)

فأخيراً تمكن من العودة إلى مسقط رأسه، تكساس، ليستقي منها تفاصيل تُعبِر عن جذوره، وإن صاغها بأسلوب باريسي. تايورات من الدينم بخصور عالية وبنطلونات واسعة تمسح الأرض بطولها، وطبعاً أحذية «كاوبوي» مرصعة بالأحجار، إضافة إلى معاطف وسترات وتنورات تُزينها أزرار تأخذ شكل عيون أو دبابيس أو حتى صحون صغيرة، إلى جانب إطلالات يبدو فيها الجلد وكأنه منقوش بحراشف التماسيح. لكن أكثر ما يثير في هذه الإكسسوارات، أو بالأحرى الجديد فيها، هي ربطات العنق التي جاءت على شكل ضفائر شعر بألوان متنوعة.

كانت أزياء السهرة والمساء أكثر اتزاناً بالمقارنة بباقي الأزياء الموجهة للنهار (أ.ب)

فيما عدا هذه التفاصيل، ظلت التشكيلة ككل راسخة في الواقع حسب قول المصمم ورؤيته الفنية. بمعنى أنها يمكن أن تخاطب شريحة مهمة من النساء، على شرط أن يكون القاسم المشترك بينهن هو الجرأة والشغف لكل ما هو فني. المجموعة الخاصة بالمساء والسهرة كانت أكثر اتزاناً بالمقارنة. اقتصرت على بعض الإثارة الحسية، التي تجلَت في فتحات جانبية وأقمشة شفافة، استغنى فيها عن استعمال أي تبطين في بعض الأحيان. من بين تصريحات روزبيري قوله: «أشعر بأن الثقة تكمن في البساطة». تصريح قد لا يوافقه عليه الجميع. صحيح أنها تشكيلة مفعمة بالثقة كما قال، لكن يبقى مفهوم البساطة فيها قابل للنقاش، لأنه يأخذ هنا بُعداً مختلفاً عما هو متعارف عليه.


مقالات ذات صلة

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)

ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

لم تستغرق كاترانتزو طويلاً لتتأكد أن حمامات كاراكالا وزهرة الكالا بشكلها العجيب نبعان يمكن أن تنهل منهما.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة في توديع جمهورها بلاس فيغاس أبدعت أديل غناء وإطلالة (كلوي)

المغنية أديل تُودّع لاس فيغاس بفستان من «كلوي»

اختتمت نجمة البوب البريطانية أديل سلسلة حفلاتها الموسيقية في لاس فيغاس، نيفادا، بالدموع. كانت آخِر ليلة لها على خشبة مسرح «الكولوسيوم» بقصر سيزار في لاس فيغاس،…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق في عقدها الثامن اختار إريك جدّته «مانيكان» تعرض تصاميمه (حساب المُصمّم على إنستغرام)

إريك ماتيو ريتر وجدّته هدى زيادة... جيلان يلتقيان على أجنحة الموضة

معاً؛ زوّدا عالم الأزياء بلمسة سبّاقة لم يشهدها العالم العربي من قبل. التناغُم بينهما لوّن عالم الموضة في لبنان بنفحة الأصالة والشباب.

فيفيان حداد (بيروت)

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)
في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)
TT

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)
في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

صناع الموضة وعلى غير عادتهم صامتون بعد فوز دونالد ترمب الساحق. السبب أنهم خائفون من إدلاء آراء صادمة قد تُكلفهم الكثير بالنظر إلى أن الناخب الأميركي هذه المرة كان من كل المستويات والطبقات والأعراق والأعمار. وهنا يُطرح السؤال عما ستكون عليه علاقتهم بميلانيا ترمب، بعد أن عبَّر العديد منهم رفضهم التعامل معها بأي شكل من الأشكال بعد فوز ترمب في عام 2016.

بدت ميلانيا هذه المرة أكثر ثقة وقوة (دي بي آي)

المؤشرات الحالية تقول بأنه من مصلحتهم إعادة النظرة في علاقتهم الرافضة لها. فميلانيا عام 2024 ليست ميلانيا عام 2016. هي الآن أكثر ثقة ورغبة في القيام بدورها كسيدة البيت الأبيض. وهذا يعني أنها تنوي الحصول على كل حقوقها، بما في ذلك غلافها الخاص أسوة بمن سبقنها من سيدات البيت الأبيض.

تجاهُلها في الدورة السابقة كان لافتاً، وفيه بعض التحامل عليها. فصناع الموضة بقيادة عرابة الموضة، أنا وينتور، ورئيسة مجلات «فوغ» على مستوى العالم، كانوا موالين للحزب الديمقراطي ودعموه بكل قواهم وإمكانياتهم. جمعت وينتور التبرعات لحملات كل من باراك أوباما وهيلاري كلينتون ثم كامالا هاريس، ولم تُخف رفضها لما يمثله دونالد ترمب من سياسات شعبوية. شاركها الرأي معظم المصممين الأميركيين، الذين لم يتأخروا عن التعبير عن آرائهم عبر تغريدات أو منشورات أو رسائل مفتوحة على مواقع التواصل الاجتماعي. كانت ميلانيا هي الضحية التي دفعت الثمن، وذلك بعدم حصولها على حقها في تصدر غلاف مجلة «فوغ» كما جرت العادة مع من سبقنها. ميشيل أوباما مثلاً ظهرت في ثلاثة إصدارات.

أسلوبها لا يتغير... تختار دائماً ما يثير الانتباه وأناقة من الرأس إلى أخمص القدمين

لم ترد ميلانيا حينها، ربما لأنها لم تكن متحمسة كثيراً للعب دورها كسيدة البيت الأبيض وكانت لها أولويات أخرى. تركت هذا الدور لابنة ترمب، إيفانكا، مُبررة الأمر بأنها تريد التفرغ وقضاء معظم أوقاتها مع ابنها الوحيد، بارون، الذي كان صغيراً ويدرس في نيويورك. لكن الصورة التي تداولتها التلفزيونات والصحف بعد إعلان فوز ترمب الأخير، كانت مختلفة تماماً عن مثيلتها في عام 2016. ظهرت فيها ميلانيا أكثر ثقة واستعداداً للقيام بدورها. والأهم من هذا فرض قوتها.

طبعاً إذا تُرك الأمر لأنا وينتور، فإن حصولها على غلاف خاص بها مستبعد، إلا أن الأمر قد يتعدى قوة تأثير أقوى امرأة في عالم الموضة حالياً. فهي هنا تواجه عدداً لا يستهان به من القراء الذين انتخبوا ترمب بدليل النتائج التي أثبتت أنه يتمتع بقاعدة واسعة من كل الطبقات والمستويات.

في كل زياراتها السابقة مع زوجها كانت تظهر في قمة الأناقة رغم رفض الموضة لها

ميلانيا أيضاً لعبت دورها جيداً، وقامت بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة. عكست صورة جديدة تظهر فيها كشخصية مستقلة عن زوجها وسياساته، لا سيما بعد تصريحاتها خلال الحملة الانتخابية بأنها تدعم حق المرأة في الإجهاض، مؤكدة أن هذا قرار يخصها وحدها، ولا يجب أن يخضع لأي تدخل خارجي، وهو ما يتناقض مع موقف زوجها بشأن هذه القضية التي تُعد رئيسية في الانتخابات الأميركية. كتبت أيضاً أنها ملتزمة «باستخدام المنصة ودورها كسيدة أولى من أجل الخير».

أسلوبها لا يروق لكل المصممين لكلاسيكيته واستعراضه للثراء لكنه يعكس شخصيتها (أ.ف.ب)

كانت رسائلها واضحة. أعلنت فيها للعالم أنها ذات كيان مستقل، وأن لها آراء سياسية خاصة قد لا تتوافق بالضرورة مع آراء زوجها، وهو ما سبق وعبرت عنه في مكالمة شخصية مع صديقة تم تسريبها سابقاً بأنها ترفض سياسة زوجها في فصل أطفال المهاجرين عن عائلاتهم، وأنها أصيبت بالصدمة عندما علمت بها. وبالفعل تم التراجع عن هذا القرار في يونيو (حزيران) 2018 بعد عاصفة من الجدل.

وحتى إذا لم تُقنع هذه التصريحات أنا وينتور وصناع الموضة، فهي تمنح المصممين نوعاً من الشرعية للتراجع عن تعهداتهم السابقة بعدم التعامل معها. بالنسبة للموالين لدونالد ترمب والحزب الجمهوري، فإن الظلم الذي لحق بميلانيا ترمب بعدم احتفال صناع الموضة بها، لا يغتفر. فهي لا تفتقد لمواصفات سيدة البيت الأبيض، كونها عارضة أزياء سابقة وتتمتع بالجمال وأيضاً بذوق رفيع. ربما لا يعجب ذوقها الكل لميله إلى العلامات الكبيرة والغالية، إلا أنه يعكس شخصية كلاسيكية ومتحفظة.

وحتى إذا لم تنجح أنا وينتور في إقناع المصممين وبيوت الأزياء العالمية، وتبقى على إصرارها عدم منحها غلافها المستحق في مجلة «فوغ»، فإن صوت الناخب المرتفع يصعب تجاهله، لا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية. وهذا ما يعود بنا إلى طرح السؤال ما إذا كان من مصلحة صناع الموضة الأميركيين محاباة ميلانيا وجذبها لصفهم. فقوتها هذه المرة واضحة وبالتالي سيكون لها هي الأخرى صوت مسموع في تغيير بعض السياسات، أو على الأقل التخفيف من صرامتها.

إيجابيات وسلبيات

لكن ليس كل صناع الموضة متخوفين أو قلقين من دورة ثانية لترمب. هناك من يغمره التفاؤل بعد سنوات من الركود الاقتصادي الذي أثر بشكل مباشر على قطاع الموضة. فعندما يقوى الاقتصاد الأميركي فإن نتائجه ستشمل كل القطاعات. ربما تتعلق المخاوف أكثر بالتأشيرات وزيادة الضرائب على الواردات من الصين تحديداً. فهذه أكبر مورد للملابس والأنسجة، وكان صناع الموضة في الولايات المتحدة يعتمدون عليها بشكل كبير، وهذا ما جعل البعض يستبق الأمور ويبدأ في تغيير سلاسل الإنتاج، مثل شركة «بوما» التي أعلنت أنها مستعدة لتغيير مورديها لتفادي أي عوائق مستقبلية. الحل الثاني سيكون رفع الأسعار وهو ما يمكن أن يؤثر على القدرة الشرائية للمستهلكين بنحو 50 مليار دولار أو أكثر في العام. فتهديدات ترمب برفع التعريفات الجمركية على الواردات الصينية بنسبة 60 في المائة لا بد أن تؤثر على المستهلك العادي، رغم نيات وقناعات ترمب بأن تحجيم دور الصين سيمنح الفرص للصناعة الأميركية المحلية. المشكلة أنه ليس كل المصممين الذين يتعاملون مع الموردين والمصانع في الصين منذ سنوات لهم الإمكانيات للبدء من الصفر.