تشكيلة إيلي صعب لخريف وشتاء 2024-2025… وفنون صياغة الذكريات

استلهمها من بريسيلا بريسلي في السبعينات

لقطة من آخر عرضه لخريف وشتاء 2024-2025 (أ.ف.ب)
لقطة من آخر عرضه لخريف وشتاء 2024-2025 (أ.ف.ب)
TT

تشكيلة إيلي صعب لخريف وشتاء 2024-2025… وفنون صياغة الذكريات

لقطة من آخر عرضه لخريف وشتاء 2024-2025 (أ.ف.ب)
لقطة من آخر عرضه لخريف وشتاء 2024-2025 (أ.ف.ب)

إذا كان هنا شخص واحد يمكنه أن يُجمِل صورة بريسيلا بريسلي، وينفض عنها كل ما تثيره من جدل وردود فعل سلبية، فهو إيلي صعب. قال في بيانه الصحافي إنه استلهم تشكيلته لخريف وشتاء 2024 - 2025 من أجواء «غرايس لاند». كان يقصد علاقة الحب الرومانسية التي ربطت ملك الروك أند رول، إلفيس بريسلي بالصبية المتيَمة، بريسيلا، التي أصبحت زوجته وعاشت في ظله سنوات قبل أن تخرج إلى الضوء كامرأة مستقلة، لها كيانها الخاص. أطلق على تشكيلته «ذكريات من غرايس لاند» وركز فيها على حقبة السبعينات، وهي الفترة التي شهدت أوج تألقها.

عاد المصمم بذاكرته إلى السبعينات ليترجمها في تصاميم معاصرة (أ.ف.ب)

اسم بريسيلا تردد كثيرا في الآونة الأخيرة. لكن ليس كل ما يتردد حولها إيجابيا. فالمتحاملون عليها، وهم طبعا من عشاق إلفيس بريسلي المتعصبين، يرونها شخصية تحاول التشويش على صورة مثالية مترسخة في وجدانهم. مؤخرا صدر فيلم بعنوان «بريسيلا» من إخراج صوفيا كوبولا حاولت فيه إبراز الجانب الخفي من علاقتها بـ«الملك» من جهة نظرها. فهو مأخوذ من سيرتها الذاتية «Elvis and Me» (إلفيس وأنا) الصادرة في عام 1985. يكشف الفيلم أن العلاقة بينهما لم تكن دائما صحية كما كانت الماكينة الإعلامية تصورها آنذاك. كانت خلف الصور البراقة وداخل القفص الذهبي سامة.

لم يشاهد إيلي صعب الفيلم حسب تصريحه. لكن يُحسب له أنه، مثل صوفيا كوبولا ومع اختلاف الأدوات، أضفى على صورة بريسيلا نفسا نسويا في فترة معينة هي السبعينات. الحقبة التي شهدت براءتها ورومانسيتها، وشكَلت ذاكرة جيل كامل من الفتيات اقتدين بها. صوفيا كوبولا صورتها ضحية استطاعت أن تتمرد على القفص الذهبي الذي سجنها فيه إلفيس بريسلي لسنوات وتخرج منه قوية. لكن إيلي صعب صورها أيقونة متألقة بنضارة الصبا ثم كامرأة واثقة بجمال مُعتق.

أغدق المصمم على تصاميمه بالتطريزات والتخريمات ليأخذنا إلى عالم إلفيس بريسلي (إ.ب.أ)

في لقطات متسلسلة تبدو كأنها لقطات سينمائية، يستعمل المصمم الألوان لنقلنا من مكان إلى آخر حتى لا نصاب بالملل. نبدأ الرحلة وكأننا في الريف الأميركي قبل أن ينتقل بنا إلى «لاس فيغاس» ثم إلى «غرايس لاند». يبدأ العرض بإطلالة من وحي الريف الأميركي وعالم رعاة البقر. قطع متنوعة مصنوعة من الدينم، بدرجة غامقة، تزينه أحيانا تطريزات تستهدف إخراجه من العملي إلى عالم الأناقة، وبنطلونات واسعة بشراشيب، تأتي بعدها قطع بتطريزات تتناثر عند الأكتاف أو على مجموع جاكيت وبنطلون. هذه التطريزات السخية هي التي تأخذنا إلى «لاس فيغاس» ببريقها ولمعانها. كل إطلالة جاءت مفعمة بأنوثة تستمد قوتها من أحجام هندسية وتفاصيل مبالغ فيها. تستمر هذه الحبكة التي تتباين بين البراءة والثقة، وبين القوة والنعومة، وبين الإثارة والرقي طوال العرض. تظهر لنا مرة على شكل معطف من الصوف تزين كتفه وردة ضخمة، ومرة في فستان منسدل من الموسلين، ومرة في «جامبسوت» مطرز يتراقص على نغمات من الروك أند رول.

لكن مهما استلهم المصمم من ثقافات بعيدة أو صور لأيقونات عالميات، فإنه يبقى وفيا لأسلوبه. حتى الإطلالات التي كانت تستحضر صور رعاة البقر، مثل الشراشيب والدينم وحذاء الكاوبوي، لم تتخل عن الشاعرية التي تسكنه. الألوان هي الأخرى غلبت عليها لذة التوت والزيتون إلى جانب الأبيض والأسود اللذين أخرجهما من كلاسيكيتهما الباردة وأضفى عليهما أنوثة صارخة تارة من خلال تخريمات عند الكاحل وتارة بإضافة «كاب» فخم أو وردة على الكتف أو شراشيب في جانب بنطلون.

تميزت الألوان بلذة التوت والزيتون إلى جانب الأبيض والأسود (أ.ف.ب)

كما باركت بريسيلا بريسلي فيلم صوفيا كوبولا، لأنه سلط الضوء على وجهة نظرها التي تقول إنها كانت تعيش «في قفص مُذهب» مع «الملك»، فإنها بلا شك سترحب بهذه التشكيلة لأنها تأخذها إلى فترة ذهبية من حياتها، تغلب عليها البراءة والأناقة.


مقالات ذات صلة

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق في عقدها الثامن اختار إريك جدّته «مانيكان» تعرض تصاميمه (حساب المُصمّم على إنستغرام)

إريك ماتيو ريتر وجدّته هدى زيادة... جيلان يلتقيان على أجنحة الموضة

معاً؛ زوّدا عالم الأزياء بلمسة سبّاقة لم يشهدها العالم العربي من قبل. التناغُم بينهما لوّن عالم الموضة في لبنان بنفحة الأصالة والشباب.

فيفيان حداد (بيروت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
الاقتصاد صورة تُظهر واجهة متجر دار الأزياء الإيطالية «فالنتينو» في وسط روما (أ.ف.ب)

للمرة الأولى منذ الركود العظيم... توقعات بانخفاض مبيعات السلع الفاخرة عالمياً

من المتوقع أن تنخفض مبيعات السلع الفاخرة الشخصية عالمياً في عام 2025 لأول مرة منذ الركود العظيم، وفقاً لدراسة استشارية من شركة «بين».

«الشرق الأوسط» (روما)
لمسات الموضة في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

قامت ميلانيا بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة بإعلانها أنها امرأة مستقلة ولها آراء خاصة قد تتعارض مع سياسات زوجها مثل رأيها في حق المرأة في الإجهاض وغير ذلك

جميلة حلفيشي (لندن)

الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
TT

الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)

بعد عام تقريباً من التحضيرات، حلت ليلة 13 نوفمبر (تشرين الثاني). ليلة وعد إيلي صعب أن تكون استثنائية ووفى بالوعد. كانت ليلة التقى فيها الإبداع بكل وفنونه، وتنافس فيها بريق النجوم من أمثال مونيكا بيلوتشي، وسيلين ديون، وجينفر لوبيز، وهالي بيري ويسرا، وغيرهن مع لمعان الترتر والخرز واللؤلؤ. 300 قطعة مطرزة أو مرصعة بالأحجار، يبدو أن المصمم تعمد اختيارها ليرسل رسالة إلى عالم الموضة أن ما بدأه منذ 45 عاماً وكان صادماً لهم، أصبح مدرسة ومنهجاً يقلدونه لينالوا رضا النساء في الشرق الأوسط.

من عرض إيلي صعب في الرياض (رويترز)

لقاء الموضة بالموسيقى

كان من المتوقع أن تكون ليلة خاصة بالموضة، فهذه أولاً وأخيراً ليلة خاصة بإيلي صعب، لكنها تعدت ذلك بكثير، أبهجت الأرواح وغذَّت الحواس وأشبعت الفضول، حيث تخللتها عروض فنية ووصلات موسيقية راقصة لسيلين ديون، وجينفر لوبيز، ونانسي عجرم، وعمرو دياب وكاميلا كابيلو. غنت لوبيز ورقصت وكأنها شابة في العشرينات، ثم نانسي عجرم وعمرو دياب، واختتمت سيلين ديون الفعالية بثلاث أغنيات من أشهر أغانيها وهي تتفاعل مع الحضور بحماس. لم تقف وعكتها الصحية التي لا تزال آثارها ظاهرة عليها مبرراً لعدم المشاركة في الاحتفال بمصمم تُكنّ له كل الحب والاحترام. فإيلي صعب صديق قبل أن يكون مصمم أزياء تتعامل معه، كما قالت. يؤكد إيلي الأمر في لقاء جانبي، قائلاً: «إنها علاقة عمرها 25 عاماً».

وهذا ما جعل الحفل أشبه بأغنية حب.

هالي بيري وهي تلبس فستان الأوسكار الأيقوني نفسه الذي ارتدته عام 2002 (خاص)

هالي بيري التي ظهرت في أول العرض بالفستان الأيقوني الذي ظهرت به في عام 2002 وهي تتسلم جائزة الأوسكار بوصفها أول ممثلة سمراء، دمعت عيناها قبل العرض، وهي تعترف بأن هذه أول مرة لها في الرياض وأول مرة تقابل فيها المصمم، رغم أنها تتعامل معه منذ عقود. وأضافت أنه لم يكن من الممكن ألا تحضر المناسبة؛ نظراً للعلاقة التي تربطهما ببعض ولو عن بُعد.

يؤكد إيلي عمق هذه العلاقة الإنسانية قائلاً: «علاقتي بهالي بيري لم تبدأ في عام 2002، بل في عام 1994، حين كانت ممثلة صاعدة لا يعرفها المصممون». وأضاف ضاحكاً: «لا أنكر أن ظهورها بذلك الفستان شكَّل نقلة مهمة في مسيرتي. ويمكنني القول إنه كان فستاناً جلب الحظ لنا نحن الاثنين. فيما يخصني، فإن ظهورها به وسَّع قاعدة جمهوري لتشمل الإنسان العادي؛ إذ إنها أدخلتني ثقافة الشارع بعد أن كنت معروفاً بين النخبة أكثر». غني عن القول أن كل النجمات المشاركات من سيلين وجينفر لوبيز إلى نانسي عجرم من زبوناته المخلصات. 80 في المائة من الأزياء التي كانت تظهر بها سيلين ديون مثلاً في حفلات لاس فيغاس من تصميمه.

عرض مطرَّز بالحب والترتر

بدأ عرض الأزياء بدخول هالي بيري وهي تلبس فستان الأوسكار الأيقوني نفسه. لم يتغير تأثيره. لا يزال أنيقاً ومبتكراً وكأنه من الموسم الحالي. تلته مجموعة تقدر بـ300 قطعة، أكثر من 70 في المائة منها جديدة لخريف وشتاء 2025 ونسبة أخرى من الأرشيف، لكنها كلها كانت تلمع تطريزاً وترصيعاً إما بالترتر والخرز أو اللؤلؤ. فالتطريز لغة أتقنها جيداً وباعها للعالم. استهجنها المصممون في البداية، وهو ما كان يمكن أن يُحبط أي مصمم صاعد يحلم بأن يحفر لنفسه مكانة بين الكبار، إلا أنه ظل صامداً ومتحدياً. هذا التحدي كان واضحاً في اختياراته لليلته «1001 موسم من إيلي صعب» أيضاً بالنظر إلى كمية البريق فيها.

ساهمت في تنسيق العرض كارين روتفيلد، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» النسخة الفرنسية سابقاً، والمعروفة بنظرتها الفنية الجريئة. كان واضحاً أنها تُقدّر أهمية ما كان مطلوباً منها. فهذه احتفالية يجب أن تعكس نجاحات مسيرة عمرها 45 عاماً لمصمم وضع صناعة الموضة العربية على الخريطة العالمية. اختير لها عنوان «1001 موسم من إيلي صعب» لتستعرض قوة المصمم الإبداعية والسردية. قال إنه استوحى تفاصيلها من عالم ألف ليلة وليلة. لكن حرص أن تكون اندماجاً بين التراث العربي والابتكار العصري. فكل تصميم كانت له قصة أو يسجل لمرحلة كان لها أثر على مسيرته، وبالتالي فإن تقسيم العرض إلى مجموعات متنوعة لم يكن لمجرد إعطاء كل نجمة مساحة للغناء والأداء. كل واحدة منهم عبَّرت عن امرأة تصورها إيلي في مرحلة من المراحل.

جينفر لوبيز أضفت الشباب والحيوية على العرض (خاص)

جينفر لوبيز التي ظهرت بمجموعة من أزيائه وهي ترقص وتقفز وكأنها شابة في العشرينات، كانت تمثل اهتمامه بمنح المرأة حرية الحركة، بينما كانت نانسي عجرم بفستانها الكلاسيكي المرصع بالكامل، تعبّر عن جذور المصمم اللبناني وفهمه لذوق المرأة العربية ككل، ورغبتها في أزياء مبهرة.

أما المغنية كاميلا كابيلو فجسدت شابة في مقتبل العمر ونجح في استقطابها بتقديمه أزياء مطعَّمة ببعض الجرأة تعكس ذوق بنات جيلها من دون أن تخرج عن النص الذي كتبه لوالدتها. كانت سيلين ديون، مسك الختام، وجسَّدت الأيقونة التي تمثل جانبه الإبداعي وتلك الأزياء التي لا تعترف بزمان أو مكان.

حب للرياض

بعد انتهاء العرض، وركض الضيوف إلى الكواليس لتقديم التحية والتبريكات، تتوقع أن يبدو منهكاً، لكنه كان عكس ذلك تماماً. يوزع الابتسامات على الجميع، يكرر لكل من يسأله أن أكثر ما أسعده، إلى جانب ما شعر به من حب الحضور والنجوم له، أنه أثبت للعالم «أن المنطقة العربية قادرة على التميز والإبداع، وأن ما تم تقديمه كان في المستوى الذي نحلم به جميعاً ونستحقه».

وأضاف: «أنا ممتن لهذه الفرصة التي أتاحت لي أن أبرهن للعالم أن منطقتنا خصبة ومعطاءة، وفي الوقت ذاته أن أعبّر عن حبي للرياض. فأنا لم أنس أبداً فضل زبونات السعودية عليّ عندما كنت مصمماً مبتدئاً لا يعرفني أحد. كان إمكانهن التعامل مع أي مصمم عالمي، لكن ثقتهن في كانت دافعاً قوياً لاستمراري».

سيلين ديون أداء مبهر وأناقة متألقة (خاص)

أسأله إن كان يخطر بباله وهو في البدايات، في عام 1982، أن يصبح هو نفسه أيقونة وقدوة، أو يحلم بأنه سيدخل كتب الموضة بوصفه أول مصمم من المنطقة يضع صناعة الموضة العربية على خريطة الموضة العالمية؟ لا يجيب بالكلام، لكن نظرة السعادة التي كانت تزغرد في عيونه كانت أبلغ من أي جواب، وعندما أقول له إنه مصمم محظوظ بالنظر إلى حب الناس له، يضحك ويقول من دون تردد نعم أشعر فعلاً أني محظوظ.