عبد محفوظ... موسم العودة إلى بيروت

مصمم الأزياء اللبناني يطلق مجموعة «زهور العروس» وعنوانها «البساطة»

عرائس عبد محفوظ 2024 مطرّزات بالبساطة والزهور (صور المصمّم)
عرائس عبد محفوظ 2024 مطرّزات بالبساطة والزهور (صور المصمّم)
TT

عبد محفوظ... موسم العودة إلى بيروت

عرائس عبد محفوظ 2024 مطرّزات بالبساطة والزهور (صور المصمّم)
عرائس عبد محفوظ 2024 مطرّزات بالبساطة والزهور (صور المصمّم)

لم ينقطع خيط الشوق بين عبد محفوظ ومدينة قلبه بيروت. أمضى مصمّم الأزياء اللبناني السنوات الثلاث الأخيرة في دبي، حيث افتتح محلّاتٍ جديدة، وزاول نشاطه من هناك. لكن بين الموسم والآخر، كان الحنين إلى الوطن يزداد أضعافاً، ما دفع بمحفوظ إلى اتّخاذ قرار الرجوع. شقّ عروةً في ثوب المدينة الداكن، ودخل منها حاملاً ورودَ ما بعد الخيبات والدماء والانكسارات.

يشارك محفوظ، في حديث مع «الشرق الأوسط»، لهفته لهذه العودة، التي يفتتحها بمجموعة من فساتين الأعراس. ليس من قبيل الصدفة أن تحمل المجموعة اسم «زهور العروس» (Bridal Blossom). يريد محفوظ لعودته أن تكون صفحةً بيضاء، وأن تُزهر «نهضةً شخصية وفنية بعد الظروف القاهرة التي بدّدت جنى العمر، وحطّمت المشغل في وسط بيروت جرّاء انفجار المرفأ».

تحمل المجموعة الجديدة اسم «زهور العروس» ويعدها محفوظ نهضة في مسيرته الطويلة (صور المصمّم)

الوقت ليس للأسى ولا للحسرة، فمحفوظ «شغوف بالمهنة أكثر من أي وقت»، وفق ما يؤكد. بعد 40 سنة في المجال، لا يدع عبور الزمن يغلبه، فالأفكار الجديدة متّقدة، أحدث بنات أفكاره هي عرائس الأزهار، التي صمّمها بالتعاون مع المديرة الفنية ضمن فريقه مصمّمة الأزياء الإيرانية مريم بختياري.

عرائس عبد محفوظ 2024 مطرّزات بالبساطة والزهور (صور المصمّم)

عن المجموعة الجديدة يقول إنها موجّهة «لكل عروس تبحث عن البساطة». وليست الزهور المستخدمة بكثافة فيها سوى انعكاسٍ لتلك البساطة المنشودة. ألهمت حدائق ألمانيا وسرمديّة باريس المصمّمَ وفريقه، فأنجزوا فساتين تنوّعت ما بين الكلاسيكي والعصري، لكنها حافظت على قاسم مشترك واحد، هو البساطة.

تعدّدت القصّات بين واسع وضيّق، وبين طويل وقصير، ما يفسّره محفوظ بأنّه تداخُلٌ سلس بين التقاليد والحداثة. يشير كذلك إلى أنّه جرى استعمال أقمشة كثيرة، مثل الحرير، والساتان، والشيفون، والتفتة، والأورغنزا، والتول، والدانتيل، ويوضح أن هذه هي الأقمشة التي تُستخدم في كل مجموعات العرائس، لكن ما جرى في «زهور العروس» هو عملية دمج جريئة ما بين الأقمشة، إلى جانب الإكثار من الـ«laser cuts».

عبد محفوظ محاطٌ بفريق كبير من المصمّمين والخيّاطين، إلا أنه يشرف على تفاصيل المجموعة لحظةً بلحظة، مضيفاً ملاحظاته ومقترحاً تعديلاته. في خلال شهر، ومن قلب مَشغله البيروتيّ، كانت «زهور العروس» قد أُنجزت تصميماً وتنفيذاً. يخبر أن «العمل امتدّ أحياناً إلى 18 ساعة يومياً».

أُنجزت المجموعة تصميماً وتنفيذاً خلال شهر (صور المصمّم)

لم يُخصّص عرض أزياء حيّ لمجموعة «زهور العروس»، فاستُعيض عنه بجلسة تصوير مميّزة أُقيمت في قصر فريد سرحال التراثيّ في منطقة جزّين اللبنانيّة. صمّمت بختياري الجلسة، فوضعت العرائس في إطارٍ تاريخيّ وسط الحجارة القديمة والأسلوب المعماري الروماني. شكّلت أروقة القصر وقناطره خلفيّةً أضفت على فساتين الزفاف سحراً، وعلى العرائس لمسةً حالمة.

«بين فساتين العرس وبيني علاقة غرام»، يقول عبد محفوظ. يتذكّر بداياته التي كان فيها ثوب الزفاف مصدر الإلهام الوحيد. خُصصت أولى مجموعاته لفساتين الفرح البيضاء. ليس سوى لاحقاً، حتى بدأ بتحضير مجموعات وعروض لفساتين السهرة، لكنّ انشغاله بالتصاميم الأخرى لم يسرقه من حبّه الأوّل، فواظب على تصميم مجموعة أعراس مرةً كل سنة إلى جانب مجموعتَي الـ«haute couture» الموسميّتَين.

عبد محفوظ: «بين فساتين الأعراس وبيني علاقة غرام» (الشرق الأوسط)

يرى محفوظ في «زهور العروس» شاهداً على تفانيه الثابت في «إعادة تعريف أزياء الزفاف». أراد لهذه المجموعة أن تتفتّح كما تفعل الزهور. ويكشف خلال حديثه أن «العمل على الزهور وإدخالها إلى الفساتين يتطلّب منسوباً أعلى من الفنّ». لا يتردّد في القول إن «التطريز أسهل، كما أنه يخبّئ عيوباً، أما مع الزهور فالتأنّي والدقّة يجب أن يكونا مضاعفَين؛ لأنّها أولاً صعبة التركيب على الفستان، ثم إنها لا تخفي العيوب».

أراد لمجموعته أيضاً أن تعكس الفخامة والعاطفة في آنٍ واحد. عروسه المطرّزة بالزهور هي امرأة رومانسيّة ودافئة ورقيقة، إلا أنها واثقة بأناقتها. يسيّجها الأقحوان وتتفتّح الورود من فستانها، ويزهر الياسمين من طرحتها، فيما هي تؤدّي رقصة الحب الأبديّ.

جرى تصوير المجموعة في قصر سرحال التراثي في جزّين جنوبي لبنان (صور المصمّم)

الأبيض سيّد مجموعة «زهور العروس»، فلا فضيّ فيها ولا ذهبيّ، ولا ألوان إضافيّة، باستثناء تدرّجات الأبيض في بعض الفساتين، مثل الـoff white. أما على مستوى الأكسسوار، فالأولويّة طبعاً للطرحة التي تساوت في بساطتها مع الفساتين، إضافةً إلى التيجان المصنوعة من الورود.

بتفاؤل وشغف واضحَين، أطلق عبد محفوظ «عروس 2024»، وهو يستعدّ لإطلاق مجموعة من فساتين السهرة قريباً. «أعطي الأولويّة حالياً لتحضير مجموعاتٍ جديدة في المشغل هنا في بيروت»، يقول محفوظ. حتماً سيحين أوان افتتاح صالة عرض جديدة في العاصمة اللبنانية، لكن ليس قبل أن تتّضح معالم المجموعات المقبلة.

مجموعة «زهور العروس» هي باكورة عودة عبد محفوظ إلى لبنان بعد غياب 3 سنوات (صور المصمّم)

ينصبّ تركيز محفوظ على بثّ الحياة في أفكاره، ونقلها من الورق إلى القماش، لكنه لا يغضّ الطرف عمّا يحصل في عالم الموضة وتصميم الأزياء. يأخذ على معظم الجيل الصاعد من المصمّمين استعجالهم الوصول إلى الصفوف الأمامية. يقول إن الأمور لا تحصل بـ«كبسة زرّ»، والوصول دونَه تعب، وإبداع، وتميّز. يلومهم كذلك على مَيلهم إلى «النسخ والتقليد بدل ابتكار هويّة خاصة بهم». لا يُخفي محفوظ كذلك قلقه على مفهوم الـ«كوتور» برُقيّه وحرفيّته، بعد أن غزت مبيعات الملابس الجاهزة عالم الإنترنت.


مقالات ذات صلة

ميغان ماركل وكايلي جينر والصراع على المرتبة الأولى

لمسات الموضة بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)

ميغان ماركل وكايلي جينر والصراع على المرتبة الأولى

هناك فعلاً مجموعة من القواسم المُشتركة بين ماركل وجينر، إلى جانب الجدل الذي تثيرانه بسبب الثقافة التي تُمثلانها ويرفضها البعض ويدعمها البعض الآخر.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

لم يعد تعاون المشاهير يقتصر على الترويج والظهور في المناسبات بل يشمل حالياً تصميم الأزياء

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة ريكاردو ستيفانيللي يستعرض النتائج الأولى المتعلقة بمفهوم «الاستدامة البشرية» (برونيللو كوتشينللي)

الملك تشارلز الثالث يُدخل الموضة قصر «سانت جيمس»

اهتمام الملك تشارلز الثالث بالموضة، وبكل ما يتعلق بالبيئة، أمر يعرفه الجميع منذ أن كان ولياً للعهد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)

الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم

الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
TT

الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم

الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)

في عالم الموضة هناك حقائق ثابتة، واحدة منها أن حلول عام جديد يتطلب أزياء تعكس الأمنيات والآمال وتحتضن الجديد، وهذا يعني التخلص من أي شيء قديم لم يعد له مكان في حياتك أو في خزانتك، واستبدال كل ما يعكس الرغبة في التغيير به، وترقب ما هو آتٍ بإيجابية وتفاؤل.

جولة سريعة في أسواق الموضة والمحال الكبيرة تؤكد أن المسألة ليست تجارية فحسب. هي أيضاً متنفس لامرأة تأمل أن تطوي صفحة عام لم يكن على هواها.

اقترح المصمم رامي علي لربيع وصيف 2025 قطعاً متنوعة كان فيها التول أساسياً (رامي علي)

بالنسبة للبعض الآخر، فإن هذه المناسبة فرصتهن للتخفف من بعض القيود وتبني أسلوب مختلف عما تعودن عليه. المتحفظة التي تخاف من لفت الانتباه –مثلاً- يمكن أن تُدخِل بعض الترتر وأحجار الكريستال أو الألوان المتوهجة على أزيائها أو إكسسواراتها، بينما تستكشف الجريئة جانبها الهادئ، حتى تخلق توازناً يشمل مظهرها الخارجي وحياتها في الوقت ذاته.

كل شيء جائز ومقبول. المهم بالنسبة لخبراء الموضة أن تختار قطعاً تتعدى المناسبة نفسها. ففي وقت يعاني فيه كثير من الناس من وطأة الغلاء المعيشي، فإن الأزياء التي تميل إلى الجرأة والحداثة اللافتة لا تدوم لأكثر من موسم. إن لم تُصب بالملل، يصعب تكرارها إلا إذا كانت صاحبتها تتقن فنون التنسيق. من هذا المنظور، يُفضَّل الاستثمار في تصاميم عصرية من دون مبالغات، حتى يبقى ثمنها فيها.

مع أن المخمل لا يحتاج إلى إضافات فإن إيلي صعب تفنن في تطريزه لخريف وشتاء 2024 (إيلي صعب)

المصممون وبيوت الأزياء يبدأون بمغازلتها بكل البهارات المغرية، منذ بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) تقريباً، تمهيداً لشهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول). فهم يعرفون أن قابليتها للتسوق تزيد في هذا التوقيت. ما يشفع لهم في سخائهم المبالغ فيه أحياناً، من ناحية الإغراق في كل ما يبرُق، أن اقتراحاتهم متنوعة وكثيرة، تتباين بين الفساتين المنسدلة أو الهندسية وبين القطع المنفصلة التي يمكن تنسيقها حسب الذوق الخاص، بما فيها التايورات المفصلة بسترات مستوحاة من التوكسيدو أو كنزات صوفية مطرزة.

بالنسبة للألوان، فإن الأسود يبقى سيد الألوان مهما تغيرت المواسم والفصول، يليه الأحمر العنابي، أحد أهم الألوان هذا الموسم، إضافة إلى ألوان المعادن، مثل الذهبي أو الفضي.

المخمل كان قوياً في عرض إيلي صعب لخريف وشتاء 2024... قدمه في فساتين وكابات للرجل والمرأة (إيلي صعب)

ضمن هذه الخلطة المثيرة من الألوان والتصاميم، تبرز الأقمشة عنصراً أساسياً. فكما الفصول والمناسبات تتغير، كذلك الأقمشة التي تتباين بين الصوف والجلد اللذين دخلا مناسبات السهرة والمساء، بعد أن خضعا لتقنيات متطورة جعلتهما بملمس الحرير وخفته، وبين أقمشة أخرى أكثر التصاقاً بالأفراح والاحتفالات المسائية تاريخياً، مثل التول والموسلين والحرير والمخمل والبروكار. التول والمخمل تحديداً يُسجِّلان في المواسم الأخيرة حضوراً لافتاً، سواء استُعمل كل واحد منهما وحده، أو مُزجا بعضهما ببعض. الفكرة هنا هي اللعب على السميك والشفاف، وإن أتقن المصممون فنون التمويه على شفافية التول، باستعماله في كشاكش كثيرة، أو كأرضية يطرزون عليها وروداً وفراشات.

التول:

التول كما ظهر في تشكيلة المصمم رامي علي لربيع وصيف 2025 (رامي علي)

لا يختلف اثنان على أنه من الأقمشة التي تصرخ بالأنوثة، والأكثر ارتباطاً بالأفراح والليالي الملاح. ظل طويلاً لصيقاً بفساتين الزفاف والطرحات وبأزياء راقصات الباليه، إلا أنه الآن يرتبط بكل ما هو رومانسي وأثيري.

شهد هذا القماش قوته في عروض الأزياء في عام 2018، على يد مصممين من أمثال: إيلي صعب، وجيامباتيستا فالي، وسيمون روشا، وهلم جرا، من أسماء بيوت الأزياء الكبيرة. لكن قبل هذا التاريخ، اكتسب التول شعبية لا يستهان بها في القرنين التاسع عشر والعشرين، لعدد من الأسباب مهَّدت اختراقه عالم الموضة المعاصرة، على رأسها ظهور النجمة الراحلة غرايس كيلي بفستان بتنورة مستديرة من التول، في فيلم «النافذة الخلفية» الصادر في عام 1954، شد الانتباه ونال الإعجاب. طبقاته المتعددة موَّهت على شفافيته وأخفت الكثير، وفي الوقت ذاته سلَّطت الضوء على نعومته وأنوثته.

التول حاضر دائماً في تشكيلات المصمم إيلي صعب خصوصاً في خط الـ«هوت كوتور» (إيلي صعب)

منذ ذلك الحين تفتحت عيون صناع الموضة عليه أكثر، لتزيد بعد صدور السلسلة التلفزيونية الناجحة «سيكس أند ذي سيتي» بعد ظهور «كاري برادشو»، الشخصية التي أدتها الممثلة سارة جيسيكا باركر، بتنورة بكشاكش وهي تتجول بها في شوارع نيويورك في عز النهار. كان هذا هو أول خروج مهم لها من المناسبات المسائية المهمة. كانت إطلالة مثيرة وأيقونية شجعت المصممين على إدخاله في تصاميمهم بجرأة أكبر. حتى المصمم جيامباتيستا فالي الذي يمكن وصفه بملك التول، أدخله في أزياء النهار في تشكيلته من خط الـ«هوت كوتور» لعام 2015.

إطلالة من خط الـ«كروز» لدار «ديور» استعملت فيها ماريا غراتزيا تشيوري التول كأرضية طرزتها بالورود (ديور)

ما حققه من نجاح جعل بقية المصممين يحذون حذوه، بمن فيهم ماريا غراتزيا تشيوري، مصممة دار «ديور» التي ما إن دخلت الدار بوصفها أول مصممة من الجنس اللطيف في عام 2016، حتى بدأت تنثره يميناً وشمالاً. تارة في فساتين طويلة، وتارة في تنورات شفافة. استعملته بسخاء وهي ترفع شعار النسوية وليس الأنوثة. كان هدفها استقطاب جيل الشابات. منحتهن اقتراحات مبتكرة عن كيفية تنسيقه مع قطع «سبور» ونجحت فعلاً في استقطابهن.

المخمل

إطلالة من خط الـ«كروز» لدار «ديور» اجتمع فيها المخمل والتول معاً (ديور)

كما خرج التول من عباءة الأعراس والمناسبات الكبيرة، كذلك المخمل خرج عن طوع الطبقات المخملية إلى شوارع الموضة وزبائن من كل الفئات.

منذ فترة وهو يغازل الموضة العصرية. في العام الماضي، اقترحه كثير من المصممين في قطع خطفت الأضواء من أقمشة أخرى. بملمسه الناعم وانسداله وألوانه الغنية، أصبح خير رفيق للمرأة في الأوقات التي تحتاج فيها إلى الدفء والأناقة. فهو حتى الآن أفضل ما يناسب الأمسيات الشتوية في أوروبا وأميركا، وحالياً يناسب حتى منطقة الشرق الأوسط، لما اكتسبه من مرونة وخفة. أما من الناحية الجمالية، فهو يخلق تماوجاً وانعكاسات ضوئية رائعة مع كل حركة أو خطوة.

تشرح الدكتورة كيمبرلي كريسمان كامبل، وهي مؤرخة موضة، أنه «كان واحداً من أغلى الأنسجة تاريخياً، إلى حد أن قوانين صارمة نُصَّت لمنع الطبقات الوسطى والمتدنية من استعماله في القرون الوسطى». ظل لقرون حكراً على الطبقات المخملية والأثرياء، ولم يُتخفف من هذه القوانين إلا بعد الثورة الصناعية. ورغم ذلك بقي محافظاً على إيحاءاته النخبوية حتى السبعينات من القرن الماضي. كانت هذه هي الحقبة التي شهدت انتشاره بين الهيبيز والمغنين، ومنهم تسلل إلى ثقافة الشارع.

يأتي المخمل بألوان غنية تعكس الضوء وهذه واحدة من ميزاته الكثيرة (إيلي صعب)

أما نهضته الذهبية الأخيرة فيعيدها الخبراء إلى جائحة «كورونا»، وما ولَّدته من رغبة في كل ما يمنح الراحة. في عام 2020 تفوَّق بمرونته وما يمنحه من إحساس بالفخامة والأناقة على بقية الأنسجة، وكان الأكثر استعمالاً في الأزياء المنزلية التي يمكن استعمالها أيضاً في المشاوير العادية. الآن هو بخفة الريش، وأكثر نعومة وانسدالاً بفضل التقنيات الحديثة، وهو ما جعل كثيراً من المصممين يسهبون فيه في تشكيلاتهم لخريف وشتاء 2024، مثل إيلي صعب الذي طوعه في فساتين و«كابات» فخمة طرَّز بعضها لمزيد من الفخامة.

من اقتراحات «سكاباريللي» (سكاباريللي)

أما «بالمان» وبرابال غورانغ و«موغلر» و«سكاباريللي» وغيرهم كُثر، فبرهنوا على أن تنسيق جاكيت من المخمل مع بنطلون جينز وقميص من الحرير، يضخه بحداثة وديناميكية لا مثيل لها، وبان جاكيت، أو سترة مستوحاة من التوكسيدو، مع بنطلون كلاسيكي بسيط، يمكن أن ترتقي بالإطلالة تماماً وتنقلها إلى أي مناسبة مهمة. الشرط الوحيد أن يكون بنوعية جيدة حتى لا يسقط في خانة الابتذال.