سارة بيرتون تودّع دار «ألكسندر ماكوين» بتشكيلة صبَّت فيها «جام إبداعها»

بتصاميم تستحضر صراع الراحل لي ماكوين بين السوداوية والرومانسية

مصممة كايت ميدلتون المفضلة توُدّع دار «ألكسندر ماكوين» وتشير التوقعات إلى استمرار التعاون بينهما (أ.ب)
مصممة كايت ميدلتون المفضلة توُدّع دار «ألكسندر ماكوين» وتشير التوقعات إلى استمرار التعاون بينهما (أ.ب)
TT

سارة بيرتون تودّع دار «ألكسندر ماكوين» بتشكيلة صبَّت فيها «جام إبداعها»

مصممة كايت ميدلتون المفضلة توُدّع دار «ألكسندر ماكوين» وتشير التوقعات إلى استمرار التعاون بينهما (أ.ب)
مصممة كايت ميدلتون المفضلة توُدّع دار «ألكسندر ماكوين» وتشير التوقعات إلى استمرار التعاون بينهما (أ.ب)

في آخر يوم من شهر سبتمبر (أيلول) الماضي وخلال أسبوع باريس لربيع وصيف 2024، ودّعت أوساط الموضة المديرة الإبداعية لدار «ألكسندر ماكوين» بعد أكثر من عقدين من الزمن دخلت فيهما الدار مساعدةً لماكوين قبل أن تتولى قيادتها الإبداعية بعد انتحاره في عام 2010. بعد انتهاء عرضها خرجت وسط تصفيق حار لتودّع محبيها وأصدقاءها ممن وقفوا احتراماً لها لدقائق عدة. كما دخلت الدار بهدوء خرجت سارة بيرتون منها أيضاً بهدوء. بعد أن ألقت بالتحية على الحضور، لم تعُد إلى الكواليس لتقابل الصحفيين وتجيب عن أسئلتهم كما جرت العادة بعد كل عرض. غادرت المكان مع أطفالها في سيارة كانت تنتظرها بالخارج من دون أن تلتفت للوراء.

المصممة سارة بيرتون بعد عرضها (ألكسندر ماكوين)

لم تُدل لأحد عن أسباب خروجها من دار أصبحت جزءاً منها، كما لم تعطِ أي تبريرات. فقط قدمت تشكيلة للتاريخ وضعت فيها نقطة النهاية على فصل مهم في مسيرة الدار ومسيرتها الشخصية على حد سواء. فهي ستبقى في ذاكرة الموضة المصممة التي لم تضمن بقاء إرث مؤسسها واسمه فحسب، بل ضمنت استمراره ووهجه أيضاً. وهذا ما اعترفت به مجموعة «كرينغ» المالكة للدار عندما أعطتها الفرصة لتقديم تشكيلة تضع فيها ختم النهاية على علاقة مثمرة، في وقت أصبح فيه الاستغناء عن المصممين أمراً سهلاً وعادياً لا يستدعي أي احتفال. سارة بيرتون لم تكن عادية كما أثبتت السنون.

كانت الأشكال والأحجام الدرامية تخفي مهارة عالية على التفصيل (ألكسندر ماكوين)

عندما اختارتها المجموعة خليفة للي ألكسندر ماكوين بعد انتحاره، لم يكن أحد يتوقع أن تستطيع أن تحمل على كتفيها إرثاً مُثقلاً بالدراما وميالاً لإحداث الصدمات. عدد لا يستهان به ممن صفَّقوا لها بحرارة وتأثر في الـ30 من شهر سبتمبر الماضي، كانوا من بين المشككين في اختيار «كيرينغ». صرّحوا في مناسبات كثيرة بأن لا أحد يمكن أن يأخذ محل لي ألكسندر ماكوين أو يضاهي عبقريته ومهارته في قص بدلة وتفصيلها بتقنيات تجمع الدقة بالخيال.

كان العرض تحية لذكرى لي ماكوين ونظرته للمرأة (ألكسندر ماكوين)

من أول عرض قدّمته أسكتت كل المنتقدين والمشككين. كانت خير خلف لخير سلف. لم تحاول أن تأخذ محله، بل عملت على الحفاظ على اسمه وأسلوبه. ضاهته في مهارته ولم تحاول أن تسرق الأضواء منه بتغيير الاتجاه الذي أرساه. فعملها إلى جانبه لـ12 عاماً علّمها الكثير وأثّر في أسلوبها إلى حد كبير. تبنَّت الدراما وإيحاءات سوداوية ورثتها من ماكوين، لكن لم تصل إلى المستوى الذي أودى به في الأخير. روَّضت غرابته وميله لإحداث الصدمة، بل وأدخلته القصور والبلاطات الملكية. اتخذت التفصيل سلاحاً مع لمسة أنوثة، ربما لم تكن مقصودة بقدر ما كانت عفوية، جعلت نجمات مثل كايت بلانشيت وكايت ميدلتون، أميرة ويلز حالياً، يُقبلن على تصاميمها ويُعززن مكانتها بين مصممي جيلها.

وربما تكون النقلة المهمة في مسيرتها عندما اختارتها كايت ميدلتون لتصميم فستان زفافها على وريث العرش البريطاني، الأمير ويليام، رغم أنها لم يكن قد مرَّ على تعيينها أكثر من عام. كانت هي أيضاً من صمم فستان أختها بيبا، الذي كاد أن يخطف الأضواء من فستان العروس.

الوردة تكررت في الكثير من الإطلالات بأشكال مختلفة (ألكسندر ماكوين)

عرضها الأخير ضمن أسبوع باريس لربيع وصيف 2024 كان «ماكوينيا» روحاً وتفصيلاً. فقد كان كما قالت «يحترم المرأة ويسعى لتمكينها» من خلال أزياء تُبرز تفرّدها وقوتها. وهذا ما ركّزت عليه هي الأخرى في هذه التشكيلة. شرّحت جسد المرأة وأبرزت قوته الكامنة في تضاريسه الأنثوية، التي زوّدتها بدروع على شكل كورسيهات من الجلد تحميها من أي عوامل خارجية تهدد كينونتها.

قدمت المصممة كورسيهات وأحزمة تبدو وكأنها دروع (ألكسندر ماكوين)

هل كانت بيرتون تعرف مسبقاً أن من سيخلفها رجل وليس امرأة؟ جرأة التصاميم وسوداوية الألوان تقول إنها كانت تعرف ولا ترضى. فحتى الأزهار التي تعدّ أحد رموز الدار جاءت في بعض القطع تسيل دماً. بعد يومين فقط على العرض، أعلنت مجموعة «كرينيغ» تعيينها الآيرلندي شون ماكغير خلفاً لها. في بيان أصدرته الدار، قال الرئيس التنفيذي للمجموعة، فرنسوا هنري بينو: «نحن متحمسون لفتح هذا الفصل الجديد في تاريخ هذه العلامة التجارية الفريدة»، بينما صرّح رئيسها التنفيذي بأنه يتوقع أن يساهم ماكغير «بفضل خبرته وشخصيته وطاقته الإبداعية» في «إضافة لغة إبداعية قوية» إلى الدار «استناداً إلى عراقتها».

وبينما لا يستطيع أحد انتقاد المصمم الشاب أو الانتقاص من قدراته، فإن فقدان ساحة الموضة مصممتين في أسبوع واحد، هما سارة بيرتون وغابرييلا هيرتس التي قدمت آخر تشكيلة لها لدار «كلوي» بعد ثلاث سنوات فقط، فتح نقاشات جديدة عن دور المرأة ومكانتها في عالم الموضة. ليس غريباً أن تتعاون بيرتون مع الفنانة البولندية ماغدالينا أبكانوفيتش باستعمال مجموعة من أعمالها التي تُخضع فيها جسد المرأة للتشريح بطريقة عنيفة كديكور.

افتتحت العرض كايا غيربر البالغة من العمر 22 عاماً بفستان أسود قصير مبالَغ في صرامة أكتافه وضمور خصره واستدارة تنورته القصيرة، واختتمته العارضة ناعومي كامبل البالغة من العمر 53 عاماً بفستان فضي بشراشيب تتراقص مع كل خطوة تقوم بها.

اختيارها جيلين له دلالاته، وهو أن هذه التصاميم للمرأة أياً كان شكلها أو لونها أو عمرها. لا يختلف اثنان على أن التصاميم كانت درساً في التفصيل والحرفية. حتى القطع المحاكة بالصوف طرّزتها أيادٍ ماهرة لتأتي بأشكال مبتكرة تتباين بين ورود تزين صدرها وسحاب على شكل عمود فقري يزين ظهرها، في حين بدت خيوط كثيرة تتدلى من على الأكتاف والأذرع وكأنها قطرات من الدم. لكن وراء الدراما والأكتاف الضخمة، كانت هناك قطع مفصلة تفصيلاً لا يُعلى عليه، سواء كانت بنطلونات تم تنسيقها مع جاكيت توكسيدو، أو كورسيه منحوت يغطي الصدر ومنطقة الخصر كحزام. كانت هناك أيضاً تنورات منسدلة ومطرّزة وفساتين ناعمة طُبعت على بعضها وردة حمراء يسيل الدم من بتلاتها في بعض الإطلالات، ومعطف من الصوف الدمشقي بطيات كثيرة تبدو وكأنها مقصوصة باليد.

الأشكال المتنوعة تخللتها تفاصيل غريبة (ألكسندر ماكوين)

لا يختلف اثنان على أن هذه التشكيلة كانت الأكثر جُرأة على مدى الـ13 سنة تولت فيها سارة بيرتون قيادة الدار الإبداعية بعد مصرع ماكوين. من قبل، احترمت أسلوبه، وإن روّضت جنوحه نحو الغريب والسريالي واستبدلته بغرابة بريطانية أكسبها ولاء الطبقات المالكة، أما هنا، فتعمّدت أن تكون النهاية مثل البداية: قوية وجريئة تحيي ذكرى الراحل لي ماكوين بكل عُنفه وعنفوانه.

علاقة سارة بيرتون وكايت ميدلتون أميرة ويلز

بعد عام واحد على تسلمها منصب المديرة الإبداعية لـ«ألكسندر ماكوين»، ابتسم لها الحظ وفُتحت لها أبواب العالمية على مصراعيها، عندما طلبت منها كايت ميدلتون في عام 2011 تصميم فستان زفافها على الأمير ويليام.

ترسّخت مكانتها العالمية بعد أن صمّمت فستان زفاف كايت ميدلتون على الأمير ويليام في عام 2010 (أ.ب)

فستان انتظره أكثر من 26.3 مليون مشاهد في بريطانيا و72 مليون مشاهد على «يوتيوب». تم الأمر في سرية تامة، ورسّخ مكانة بيرتون بتصميمه الكلاسيكي والرومانسي. جاء يعكس شخصية صاحبته المتحفظة بعض الشيء وأسلوبها الذي فهمته المصممة جيداً.

كانت وراء تلميع صورة كايت ميدلتون وإضفاء العصرية على إطلالاتها (أ.ف.ب)

منذ ذلك الحين وهي المصممة المفضلة لها بالنظر إلى عدد المرات التي ارتدت أميرة ويلز تصاميمها. ويقال أيضاً أن صداقة شخصية مبنية إلى الثقة باتت تربط بينهما، وهو ما أكده الأمير هاري في كتابه «spare» حين تطرق إلى الحادثة الشهيرة حول فستان الأميرة الصغيرة شارلوت والتي تحولت مشكلة كبيرة بين كايت وزوجته ميغان ماركل، حيث لا تزال الصحف والمجلات تعود إليها بين الفينة والأخرى. قال الأمير هاري في كتابه: إن كايت لجأت إلى سارة بيرتون تأخذ رأيها في الأمر. كانت سارة بيرتون أيضاً من تولت تنظيم جلسة التصوير الخاصة بكايت بمناسبة ميلادها الـ40، التي قام بها مصورها المفضل باولو روفيرسي.

هي المفضلة للأميرة في المناسبات الرسمية (رويترز)

بينما ساهمت كايت ميدلتون في شهرة بيرتون على المستوى العالمي وترسيخ مكانتها في مجموعة «كيرينغ»، ساهمت هذه الأخيرة بدورها في تشكيل أسلوب الأميرة وصورتها الأنيقة. فكايت لم تكن معروفة بأسلوب يعكس فهمها للموضة، بل وتعرّضت لانتقادات كثيرة في البداية على أساس أنها تعتمد أسلوباً مضموناً وعادياً. اختيارها مصممة من دار تشتهر بأسلوب درامي وحداثي جريء لم يكن صُدفة. فقد أرادت أن تختصر الطريق وتدخل عالم الموضة من أوسع الأبواب. سارة بيرتون فهمت الإشارة، لكنها راعت أيضاً شخصية كايت. فالموضة لا تبرُز وتعطي تأثيرها الجميل إذا لم تمنح المرأة الراحة والثقة؛ لهذا لم يكن وارداً أن تقدم لكايت ميدلتون آنذاك تصاميم حداثية صادمة. بهدوء، شكّلت أسلوبها العصري كما نعرفه الآن: أنيقاً وكلاسيكياً عصرياً. هذه العلاقة التي تحوّلت صداقة، تجعل أوساط الموضة يتساءلون عما إذا كانت المصممة البالغة من العمر 49 عاماً ستبقى المفضلة لدى أميرة ويلز بحيث تتعامل معها بشكل شخصي مثلما تعاملت أنجيلا كيلي مع الملكة الراحلة إليزابيث الثانية.


مقالات ذات صلة

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)

ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

لم تستغرق كاترانتزو طويلاً لتتأكد أن حمامات كاراكالا وزهرة الكالا بشكلها العجيب نبعان يمكن أن تنهل منهما.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة في توديع جمهورها بلاس فيغاس أبدعت أديل غناء وإطلالة (كلوي)

المغنية أديل تُودّع لاس فيغاس بفستان من «كلوي»

اختتمت نجمة البوب البريطانية أديل سلسلة حفلاتها الموسيقية في لاس فيغاس، نيفادا، بالدموع. كانت آخِر ليلة لها على خشبة مسرح «الكولوسيوم» بقصر سيزار في لاس فيغاس،…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق في عقدها الثامن اختار إريك جدّته «مانيكان» تعرض تصاميمه (حساب المُصمّم على إنستغرام)

إريك ماتيو ريتر وجدّته هدى زيادة... جيلان يلتقيان على أجنحة الموضة

معاً؛ زوّدا عالم الأزياء بلمسة سبّاقة لم يشهدها العالم العربي من قبل. التناغُم بينهما لوّن عالم الموضة في لبنان بنفحة الأصالة والشباب.

فيفيان حداد (بيروت)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
TT

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

انتهى عرض إيلي صعب في الرياض، أو الأحرى احتفالية «1001 موسم من إيلي صعب» بمرور 45 على انطلاقته في بيروت، ولم تنته ردود الأفعال. فالعرض كان خيالياً، شارك فيه باقة من نجوم العالم، كان القاسم المشترك بينهم إلى جانب نجوميتهم وشعبيتهم العالمية، حبهم لإيلي صعب... الإنسان.

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع. طبعاً تقديم العرض الضخم بدعم الهيئة العامة للترفيه ضمن فعالية «موسم الرياض 2024» كان له دور كبير في إنجاح هذه الفعالية. فقد توفرت كل اللوجيستيات المطلوبة لتسليط الضوء على أيقونة عربية لها تأثير كبير على الساحة العربية والعالمية، نذكر منها:

1-أول عربي يقتحم باريس

عرضه لخريف وشتاء 2024 ضمن عروض «الهوت كوتور» كان لوحة رومانسية من «ألف ليلة وليلة» (إيلي صعب)

هو أول من وضع الموضة العربية ضمن الخريطة العالمية بوصفه أول مصمم عربي يخترق العالمية وينافس كبار المصممين بأسلوب شرقي معاصر. استقبلته باريس بالأحضان ودخل البرنامج الرسمي لـ«هوت كوتور» من باب الفيدرالية الفرنسية للموضة كأول مصمم عربي مُبدع. فالصورة المترسخة في أذهان خبراء الموضة العالميين عن المصممين العرب في الثمانينات من القرن الماضي أنهم مجرد خياطين يقلدون إصداراتهم. كان عز الدين علايا الاستثناء الوحيد قبله.

2-احترام المرأة العربية

من تشكيلته لخريف وشتاء 2024... أزياء تتميز بالرومانسية وسخاء التطريز (إيلي صعب)

هو من فتح عيون الغرب، ليس على قدرة المرأة العربية الشرائية فحسب، بل وعلى تأثيرها على المشهد الإبداعي، بالتالي رد لها اعتبارها. فرغم أنها ومنذ السبعينات تُنعش قطاع «الهوت كوتور» كزبونة متذوقة ومقتدرة، فإنها لم تحصل على الحظوة نفسها التي كانت تتمتع بها مثيلاتها في الولايات المتحدة الأميركية مثلاً. نجاحه في الثمانينات وبداية التسعينات يعود إلى هذه المرأة، التي أقبلت على تصاميمه، وهو ما استوقف باقي المصممين، وفتح شهيتهم لدخول «الهوت كوتور» ومخاطبتها بلغة أكثر احتراماً. دار «فيرساتشي» مثلاً أطلقت خطها في عام 1989، فيما أطلق جيورجيو أرماني خطه «أرماني بريفيه» في عام 2005 إلى جانب آخرين وجهوا أنظارهم شرقاً متسابقين على نيل رضاها.

3- ارتقى بمهنة التصميم

تحول إلى مدرسة قائمة بذاتها، كما تخرج على يده العديد من المصممين الشباب الذين نجحوا (إيلي صعب)

نجاحه غيّر النظرة إلى مهنة تصميم الأزياء في الوطن العربي، من المغرب الأقصى إلى الشرق. بدأ الجميع يأخذها بجدية أكبر، فلا المجتمع بات يراها قصراً على المرأة أو على الخياطين، ولا الرجل يستسهلها. أصبحت في نظر الجميع صناعة وفناً يحتاجان إلى صقل ودراسة وموهبة.

4-قدوة للشباب

من تشكيلته لـ«هوت كوتور خريف وشتاء 2024» (إيلي صعب)

تخرج على يده العديد من المصممين الشباب. كان قدوة لهم في بداية مشوارهم، ثم دخلوا أكاديميته وتعلموا على يده وفي ورشاته. كلهم يشهدون له بالإبداع ويكنون له كل الاحترام والحب. من بين من هؤلاء نذكر حسين بظاظا ورامي قاضي وغيرهم كثيرون.

5-اقتناع برؤيته الفنية

لم يغير جلده أو أسلوبه رغم كل التحديات. كان له رؤية واضحة تمسك بها وكسب (رويترز)

أكد للجميع أنه يمتلك رؤية خاصة لم يغيرها في أي مرحلة من مراحل تطوره. حتى الانتقادات التي قُوبل بها في باريس في البداية، واجهها بقوة وتحدٍ، ولم يخضع لإملاءاتهم لإرضائهم أو لتجنب هجماتهم الشرسة على شاب عربي يتكلم لغة فنية جديدة في عُقر دارهم. بالعكس زاد من جرعة الرومانسية وسخاء التطريز، وأعطاهم درساً مهماً أن الرأي الأول والأخير ليس لهم، بل للمرأة عموماً، والسعودية تحديداً. كانت خير مساند له بحيث أدخلته القصور والبلاطات، وجعلته ضيفاً مرحباً به في أعراسها ومناسباتها المهمة.