لم تطُل تساؤلات متابعي الموضة عمن سيخلف المصممة غابرييلا هيرست كمصممة إبداعية لـ«كلوي». فقد أعلنت الدار أول من أمس شيمينا كامالي خليفة لها. ورغم أن أغلبنا لم يسمع بهذا الاسم من قبل، فإن سيرتها الذاتية غنية تُؤهلها لهذا الدور أكثر من غيرها، وذلك أنها بدأت مسيرتها المهنية في دار «كلوي». أولاً ضمن فريق البريطانية فيبي فيلو، ثم ضمن فريق وايت كيلر في عام 2013، قبل أن تنتقل للعمل مع «سان لوران» في عام 2016 مديرة قسم التصميم بقيادة أنطوني فاكاريللو.
ولدت شيمينا كامالي في عام 1981 بألمانيا ودرست في معهد «سانترال سانت مارتن» الشهير بلندن. كانت من بين الطلبة المتفوقين حيث تخرجت فيه بدرجة شرف في عام 2007، وهو ما فتح لها أبواب دار «كلوي». أما عودتها الحالية مديرة إبداعية، فله دلالات كبيرة تتعدى كونه محطة مهمة في مسيرتها. فهو كما قالت: «أمر طبيعي وشخصي على حد سواء»، مضيفة: «قلبي كان ولا يزال في (كلوي) منذ أن دخلتها أول مرة منذ أكثر من 20 سنة». قالت هذا كمن تُلقي بقول أبو تمام أن «ما الحب إلا للحبيب الأول».
المتوقع من كامالي حالياً أن تقود الدار التي أسستها ابنة الإسكندرية غابي أغينيون في عام 1952 وتملكها حالياً مجموعة «ريشمون» الضخمة، وتنقلها إلى مرحلة جديدة تبني فيها على أسس راسخة وناجحة. فهي ستتسلم من المصممة غابرييلا هيرست إرثاً غنياً. هذه الأخيرة قدمت آخر تشكيلة لها خلال أسبوع باريس لربيع وصيف 2024 بعد ثلاث سنوات فقط، وردَت سبب الانفصال إلى أنها وجدت التوفيق بين علامتها الخاصة في نيويورك وعلامة «كلوي» في باريس صعباً.
رقصت على أنغام السامبا في نهاية عرض زاوجت فيه بين أصولها الأميركية الجنوبية من ناحية حرفية التطريز وبين الرومانسية المتأصلة في جذور الدار في الخطوط والألوان. كل ما في الأجواء كان يُشير فعلاً إلى أن خروجها «حبِي» وباتفاق جميع الأطراف. أرقام المبيعات وارتفاع الإيرادات أيضاً تؤكد الأمر، لا سيما وأن الدار حققت في السنوات الأخيرة نقلة مهمة في جانب «الاستدامة».
في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2021 أجرت المصممة الأوروغوانية الأصل وريكاردو بيلليني، الرئيس والمدير التنفيذي للدار، لقاءً صحافياً صرَحا فيه بأن إيرادات الدار ارتفعت بنسبة 60 في المائة في عهدها.
لكن كان لا بد من بديل سريع يخلفها، ولم يكن هناك أفضل من كامالي، التي قال عنها بيلليني، إنها «تتمتع بمهارات إبداعية كبيرة فضلاً عن أن علاقتها الطويلة بالدار تجعلها خياراً طبيعياً... فهي تفهم إرثها ورموزها جيداً» متابعاً: «إن حبها للدار وعلاقتها الشخصية بها سيكون لهما تأثير إيجابي على ما ستشهده مستقبلاً».
ستقدم كامالي أول تشكيلة لها من خط «البري فول» في شهر يناير (كانون الثاني) المقبل في باريس، تليها تشكيلة من خط الأزياء الجاهزة ضمن أسبوع باريس في فبراير (شباط) 2024.
تجدر الإشارة إلى أن عدة مصممين توالوا على الدار بعد تقاعد غابي أغينيون، لعل أهمهم كارل لاغرفيلد الذي تولاها من عامي 1964 إلى 1983 بعدها سلم المشعل للمصممة ستيلا ماكارتني. كانت مصممة صاعدة حديثة التخرج، لكنها كانت في مستوى التحدي. نجاحها شجع الدار الفرنسية على التعاون مع بريطانيات أخريات لم يخيبن ظنها، من مثيلات فيبي فيلو ثم هانا ماغيبون وكلير وايت كيلر قبل أن تتسلم المشعل الأوروغوانية غابرييلا هيرست وأخيراً وليس آخراً الألمانية شيمينا كامالا.
بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…
بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات
دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوانhttps://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B6%D8%A9/5087583-%D8%AF%D8%A7%D8%B1-%D9%83%D8%A7%D8%B1%D9%88%D9%84%D9%8A%D9%86%D8%A7-%D9%87%D9%8A%D8%B1%D9%8A%D8%B1%D8%A7-%D8%AA%D9%8F%D8%B7%D8%B1%D9%90%D8%B2-%D8%A3%D8%AE%D8%B7%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B6%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D9%84%D9%88%D8%AD%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%AA%D9%88%D9%87%D8%AC-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%84%D9%88%D8%A7%D9%86
تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان
تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
في مجموعته من خط «الريزورت لعام 2020» أثار مصمم دار «كارولينا هيريرا» ويس غوردن موجة من الاستياء والغضب في المكسيك. اتُهم حينها بالسرقة الفنية والثقافية، لأنه استلهم من تطريزات تراثية مكسيكية بشكل شبه حرفي من دون أن يطلب الإذن من أصحابها ولا أشار إليهم. وصل الأمر إلى تدخل حكومي، جاء على لسان وزيرة الثقافة المكسيكية آليخاندرا فراوستو التي وجَهت رسالة تتهم فيها دار «كارولينا هيريرا» بالانتحال الثقافي وتطالبها بتفسير علني لاستخدامها رسوماً منسوخة من تراث الشعوب الأصلية المكسيكية، وما إذا كان هؤلاء سيستفيدون بأي شكل من الأشكال.
كان رد المصمم سريعاً وهو أن فكرة الانتحال لم تكن تخطر بباله، وأن ما قصده كان تكريم الثقافة المكسيكية والاحتفال بها، مُعترفاً أنه لا ينفي أن «المكسيك بالفعل حاضرة بقوة في هذه المجموعة. لكن حرصي على إبراز هذا التراث هو دليل على المحبة التي أكنّها لهذا البلد ولإبداعاته الحرفية التي طالما أعجبت بها وكانت من أهم مصادر إلهامي».
ريزورت 2025
مرت أربع سنوات وأشهر عديدة، وها هو يؤكد أن قوله لم يكن لمجرد التبرير للخروج من ورطة غير محسوبة. هو فعلاً يحب الثقافة المكسيكية، وإلا ما عاد إليها في عرضه الجديد من خط «الريزورت لعام 2025». الاختلاف هذه المرة أنه اتخذ كل التدابير التي تقيه أي جدل أو هجوم. فالعرض كما تشرح الدار «رحلة من الاستكشاف تُعززها العلاقة الممتدة على مدى عقود طويلة بينها وبين المكسيك».
عُرضت التشكيلة في منتصف شهر فبراير (شباط) الماضي. اختار لها المصمم غروب الشمس توقيتاً، ومتحف أناهواكالي، مكاناً.
اختيار متحف «اناكاهوالي» مسرحاً للعرض له دلالته. فهو يحتوي على قطع أثرية تعود إلى ما قبل كولومبوس وتحيطه مناظر خلابة تشكلها النباتات المحلية مما جعله مثالياً لعرض يزخر بالتاريخ والفن والجمال. يُعلَق المصمم غوردن «إن مكسيكو سيتي لها مكانة رائدة كمركز عالمي للفنون والإبداعات المعمارية وتجارب الطهو والثقافة، فضلاً عن المهارة العالية التي يتمتع بها الحرفيون المحليون».
كان واضحاً أنه اتبع هنا مبدأ «ابعد عن الشر وغني له». اكتفى بألوان الطبيعة المستلهمة تحديداً من غروب الشمس والصخور الركانية في مكسيكو سيتي والمناطق المجاورة لها، و تعاون مع أربع فنانات مكسيكيات، ليُرسِخ احتفاءه بالمهارة الفنية والثقافة المكسيكي من دون أن يتعرَض لأي هجوم أو انتقاد.
وهكذا على طول الفناء الأمامي للمتحف الذي تم بناؤه على حجر بركاني منحوت، تهادت العارضات وهن يتألق في تصاميم تراقصت فيها الألوان الزاهية مثل الأزرق والأخضر العشبي، والعنابي، والأصفر الساطع، إلى جانب قطع بالأبيض والأسود. لم يخف المصمم ويس غوردن أنها لوحة رسمها وطرَزها بالتعاون مع فنانات مكسيكيات لهن باع وشغف في مجالات متنوعة، ساهمت كل منهن بضخها بالألوان والديناميكية الجريئة التي تتميز بها الفنون المكسيكية، وهن:
الفنانة ناهنو Nähñu
وهي خبيرة تطريز تعود أصولها إلى نانت في تينانجو دي دوريا في ولاية هيدالغو. تفنّنت في ابتكار ثماني قطع قطنية مطرزة مع تدرجات لونية متباينة ظهرت في قمصان وفساتين وسراويل. وتعليقاً على هذا الموضوع، علَقت الفنانة: «تمنحني الأقمشة مساحة للتعبير عن أسلوبي الإبداعي وحالتي المزاجية في مختلف الأوقات. فعندما أشعر بالسعادة أستخدم ألواناً حيوية، بينما أعتمد الألوان الداكنة للتعبير عن شعوري بالحزن». وأضافت ابنتها بيبيانا هيرنانديز، التي ساهمت هي الأخرى في هذه الإبداعات: «نجحنا في هذا المشروع بالتعبير عن أسلوبنا المميز في عالم التطريز. فهو الذي يفسح لنا المجال لإبراز مواهبنا والتعبير عن مشاعرنا المختلفة في الوقت ذاته».
فيرجينيا فيرونيكا آرسي آرسي
هي أيضاً فنانة متخصصة في التطريز. أبدعت للدار تطريزات مستوحاة من جمال الطبيعة المحيطة بمدينتها، سان إيسيدرو بوين سوسيسو، بولاية تلاكسالا، التي تشتهر بامتداد منحدرات جبلها البركاني المعروف باسم لا مالينشي.
اكتسبت فيرجينا مهارة التطريز من والدها وهي في سن الـ15، وتعهدت منذ ذلك الحين أن تحافظ على هذه الحرفة وتعمل على تطويرها كلغة فنية لما تُشكله من جزء هام من هوية المجتمع. وتبرز أعمالها في ثلاثة فساتين من الدانتيل المطرز.
جاكلين إسبانا
مساهمتها تجلّت في تخصصها في خزف تالافيرا المُتميز باللونين الأزرق والأبيض، والذي يشكل جزءاً رئيسياً من النسيج الثقافي في سان بابلو ديل مونتي بولاية تلاكسالا.
عشقت جاكلين هذا النوع من الخزف منذ طفولتها، فعملت على استكشاف مزاياه الإبداعية بعد إنهاء دراستها في مجال الهندسة الكيميائية. وقالت في هذا الصدد أن خزف تالافيرا «يشكل في منطقتنا إرثاً عريقاً نحرص باستمرار على الحفاظ عليه واستخدامه كزينة في المناسبات الخاصة فقط. ولذا، وقع عليه اختياري لاستخدامه في أعمالي الفنية عموماً، وفي هذه التشكيلة خصوصاً».
كان دورها أن تبتكر تفاصيل ومجوهرات من الخزف المرسوم يدوياً لتزين بها قطع أزياء وأقراط، كما تشرح: «بصفتي متخصصة بخزف تالافيرا، ألتزم بالحفاظ على إرث هذا الخزف المتوارث عبر الأجيال، والاحتفاء بجوهره والعمل على تطويره من خلال وضعه في أروع الإبداعات».
ورشة «آراشيلي نيبرا ماتاداماس»
تعاونت الدار أيضاً مع ورشة «آراشيلي نيبرا ماتاداماس»، التي تتخذ من أواكساكا دي خواريز بمدينة أواكساكا مقراً لها. وتعتبر مركز الأعمال الحرفية في المكسيك، إذ تتعاون الورشة مع أبرز الفنانين لإعادة ابتكار بعض القطع التقليدية برؤية عصرية. لهذا المشروع عملت الورشة مع حدادين متخصصين في النحاس ومطرزين ورسامين لتزيين الخيكارا، وهي أوعية تقليدية مصممة من قشور القرع المجففة، تُستخدم فيها الألوان وفن التطريز وأنماط المقرمة وغيرها من المواد.
تقول مؤسسة الورشة نيبرا: «أستمد إلهامي من الطبيعة من حولي، بما تحمله من نباتات وأزهار حسب المواسم التي تظهر فيها، إضافة إلى ألوان غروب الشمس». لهذه التشكيلة، نجحت نيبرا وفريقها في ابتكار مجموعة من المجوهرات الملونة يدوياً تشبه أعمالها فن الخيكارا.
لمسات كارولينا هيريرا
لم تكتف «كارولينا هيريرا» بهذه التعاونات. عرضت أيضاً مجموعة مصغرة من ألبسة الجينز بالتعاون مع شركة «فرايم دينم»، إلا أن مصممها وبالرغم من شغفه بالثقافة المكسيكية، لم يتجاهل جينات الدار الأساسية، التي ظهرت في أزياء المساء والسهرة. فهذه حافظت على أسلوبها المعروف بأناقتها الكلاسيكية الراقصة على نغمات من الفلامنكو، إضافة إلى تلك الفخامة التي تعتمد فيها دائماً على الأقمشة المترفة والأحجام السخية، والورود المتفتحة.