الموضة الراقية تُجمل صورة باريس

لخريف وشتاء 2023 - 2024 أزياء فنية تنافست مع سحر الأمكنة

بدا عرض «شانيل» مزيجاً بين الأناقة واللامبالاة وكأنه نزهة على نهر السين  (شانيل)
بدا عرض «شانيل» مزيجاً بين الأناقة واللامبالاة وكأنه نزهة على نهر السين (شانيل)
TT

الموضة الراقية تُجمل صورة باريس

بدا عرض «شانيل» مزيجاً بين الأناقة واللامبالاة وكأنه نزهة على نهر السين  (شانيل)
بدا عرض «شانيل» مزيجاً بين الأناقة واللامبالاة وكأنه نزهة على نهر السين (شانيل)

في الأسبوع الماضي انقسمت باريس إلى «مدينتين». واحدة تعيش فيها فئة مسحوقة تصرخ تحت وطأة الألم والتمييز العرقي وشُح الفرص، والثانية تعيش فيها فئة تصرخ هي الأخرى لكن بحب الفن والجمال. وهذه الفئة تدعمها السلطات الحكومية بتسليمها مفاتيح معالمها ومآثرها ومتاحفها على أمل أن تُرسل صورة أكثر إيجابية عن العاصمة الفرنسية. فقد تنجح الموضة فيما لم تنجح فيه السياسة. على الأقل بأن تُغطي على ردات الفعل العنيفة التي ولّدتها سياسات التهميش على مدى عقود. فمقتل الشاب نائل مرزوقي برصاصة شرطي فرنسي لم تثر الغضب فحسب، بل فتحت جروحات قديمة وملفات عمرها أكثر من 40 عاماً من التهميش وفشل سياسات الإدماج والعدالة فيما يخص أبناء الضواحي من المهاجرين تحديداً.

منظر النيران والسيارات المكسرة جعل بعض محبي الموضة، ممن كانوا لا يغيبون عن أسبوع باريس للأزياء الراقية، يشعرون كما لو أن حرباً أهلية قد اندلعت في العاصمة الفرنسية، الأمر الذي دفعهم إلى إلغاء رحلاتهم في آخر لحظة. أما من حضروا فاكتشفوا أنهم في عالم سريالي وأن العاصمة الفرنسية انقسمت إلى عالمين. عالم يصرخ ألماً وغضباً يتمركز في الضواحي فقط، وعالم يصرخ بالفنية والجمال ويتمركز في الوسط. ومع ذلك من الخطأ اتهام عالم الموضة بالتجرد من المشاعر أو الانفصال عن الواقع. فهو صناعة كأي صناعة أخرى يجب أن تستمر حركتها في الدوران.

كانت دار «سيلين» الوحيدة التي ألغت عرضها الرجالي قبل يوم واحد من انطلاق أسبوع الـ«هوت كوتور» حيث صرّح مصممها هادي سليمان أن «إقامة عرض أزياء في وقت تشهد فيه العاصمة الفرنسية كل هذه التطورات، يبدو من وجهة نظري، غير مناسب»، فيما ألغت دار «بالنسياغا» حفلاً ضخماً كانت ستقيمه بعد عرضها. فيما عداهما، لم تتنازل باقي بيوت الأزياء عن استعراض قدراتها الإبداعية والمادية بكل ما أوتيت من إمكانات. حفلات وعروض ضخمة أقاموها في أماكن ساحرة لا يحلم الإنسان العادي بدخولها. على الأقل ليس بسهولة.

لم يضاهِ جمال قصر دو شانتيلي في عرض «فالنتينو» سوى شاعرية التصاميم (فالنتينو)

دار «فالنتينو» مثلاً نقلت ضيوفها إلى قصر «دي شانتيلي»، واحد من أشهر القصور الشاهدة على المعمار الفرنسي الكلاسيكي في القرن الـ17، هذه المرة أيضاً فتح بيير باولو جدلاً فكرياً حول علاقة الإنسان بالمكان. باختياره قصر «دو شانتيلي» مسرحاً، ومنحه هذه التشكيلة عنوان «قصر» Un chateau من دون أي تعريف أو تحديد، كان كمن يقول إن القصور يمكن أن تُفتح للجميع، تماماً مثل الـ«هوت كوتور»؛ قد لا يستطيع الكل الوصول إليها واقتناءها، لكن يمكن للجميع تذوقها والاستمتاع بها، مثل أي لوحة فنية. فالقصر بمفهوم بيير باولو تحول من مجرد مكان أو مبنى إلى فكرة تُلخص الجمال وتاريخ سكانه وأناقتهم. وطبعاً بتصميمه الهندسي وحدائقه الغناء كان يُمثِل أيضاً الحرفية والدقة التي جسدها المصمم في كل قطعة تم عرضها على خلفيته ساعة غروب الشمس.

كانت أوبرا غارنييه مسرحاً رائعاً لتشكيلة ستيفان رولان المستوحاة من ماريا كالاس (ستيفان رولان)

«شانيل» أيضاً قدمت عرضاً مثيراً على ضفاف نهر السين، لأن النهر حسب قول المصممة فيرجيني فيار «يرمز للطاقة الإبداعية التي تتدفق عبر باريس. فهو رومانسي وصاخب، ومنفتح على العالم». المصمم ستيفان رولان في المقابل اختار «أوبرا غارنييه» لتقديم تشكيلة استوحاها من نجمة الأوبرا ماريا كالاس، فيما عادت «ديور» إلى «رودان» متحفها المفضل. الطريف أن دار «لويس فويتون» استغلت الأسبوع لتُغري ضيوفه لحضور حفل في متحف أورسي بعد كشفها الستار عن ساعة جديدة. استولت على المتحف لليلة كاملة لتُمكِنهم من التجول بين ردهاته وقاعاته بحرية، في إشارة واضحة أن أي عرض يحتاج إلى قصة تبدأ في مكان ما لكي تُلهب الخيال.

وهكذا بعيداً عن صور الشغب التي بثتها شاشات التلفزيونات وأسهبت في تحليلها الصحف المحلية والعالمية على حد سواء، أثبتت الموضة أنها بقدر ما تُقدم خيارات بعيدة كل البعد عما يمكن أن يتخيله سُكان الضواحي، فهي مثلهم ترفض أن يُسلب حقها في التعبير عن نفسها، ولا سيما أن السؤال الأزلي عن مدى جدوى الـ«هوت كوتور» في عصرنا هذا عاد إلى الواجهة ليستفز صناعها وعشاقها على حد سواء.

كانت كل إطلالة في عرض «سكاباريللي» تحية لفنان (سكاباريللي)

هؤلاء يردون أن هذا الخط الذي يتوجه إلى زبونات قليلات جداً قد يكون بالنسبة لبعض بيوت الأزياء مجرد وسيلة لبيع العطور ومستحضرات التجميل، بينما تستعمله أخرى لتلميع صورتها، على أمل استقطاب زبائن جدد من كل أنحاء العالم. لكنه بالنسبة للمصممين يُمثِل فرصة لكي يحلقوا بخيالهم إلى أبعد مستوى. ففيه يختبرون أفكاراً جديدة وجريئة في الوقت ذاته، ويغرفون من الفنون من دون قيد أو شرط. وهذا ما نراه في تشكيلات مصممين من أمثال الثنائي «فكيتور أند رولف» وإيريس فان هيربن وغيرهما ممن يشطحون بخيالهم ويقدمون ابتكارات تحتاج إلى بعض الشرح أحياناً. في الجهة المقابلة، هناك مصممون يعرفون أن هذه التصاميم مهما كانت نسبة الإبداع الذي يصبونه فيها، يجب أن تجد طريقها إلى خزانة امرأة مقتدرة وتُقدِر الجمال والفنية، الأمر الذي يُحتِم عليهم تقديم تصاميم تُخفي بين طيات فنيتها الجامحة وتفاصيلها المعقدة عملية وأناقة مريحة. وهذا بحد ذاته معادلة صعبة لا ينجح فيها إلا الكبار والمتمرسون في الحرفة.

وراء البساطة التي غلبت على عرض «ديور» كانت هناك أناقة رفيعة وتفصيل محسوب (أ.ف.ب)

عروض كل من إيلي صعب و«شانيل» و«ديور» و«فالنتينو» وستيفان رولان والسعودي محمد آشي نجحت في تحقيق هذه المعادلة إلى حد ما. لم تطغ الفنية على العملية بل تلازم الاثنان معاً في صورة مثيرة لمست وجدان المرأة وأيقظت عنصر الحلم الذي تقوم عليه الموضة بالأساس.

ليس أدل على هذا من بيير باولو بكيولي، مصمم دار «فالنتينو»، الذي تقمص في تشكيلته لخريف وشتاء 2023 - 2024 دور رسام وشاعر في آن واحد. قدم تشكيلة بعنوان «Un Chateau» أي «قصر» واختزل فيها كل معاني الابتكار والاختبار من دون أن ينسى جانب التسويق، بدءاً من حرفيتها إلى كونها مفعمة بالأنوثة والشاعرية. لم يكن هو الوحيد المدفوع بهذه الرغبة المحمومة في الابتكار والإبداع، فأغلب المصممين إما غرفوا من أعمال فنانين، أو تقمصوا هذا الدور بشكل أو بآخر.

كانت كل إطلالة في عرض «سكاباريللي» تحية لفنان (سكاباريللي)

كان هذا واضحاً منذ اليوم الأول من الأسبوع، الذي افتُتح بعرض «سكاباريللي» الساعة الـ10 صباحاً في «لوبوتي باليه»، أي «القصر الصغير»، رغم أن هذا الاسم لا يُعبِر عنه أبداً بالنظر إلى كونه قد استوعب حوالي 500 ضيف.

كانت الأجواء خارج قاعة العرض تلتهب ببريق الإكسسوارات الذهبية ذات الأحجام الكبيرة التي تشتهر بها الدار. كان واضحاً استمتاع الضيوف، رجالاً ونساءً، باستعراضها، سواء أكانت بروشات أو أحزمة أو أقراط أذن، كادت تسرق الأضواء من الأزياء نفسها. كان المنظر سريالياً بعض الشيء، لكنه كان يتماشى مع أسلوب الدار التي كوّنت شخصيتها منذ تأسيسها في القرن الماضي على أسس فنية. لهذا لم يكن غريباً أن يكون التركيز في هذه التشكيلة على باقة من الفنانين، الذين تعاملت معهم المؤسسة إلسا سكاباريللي في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، أو فنانين معاصرين. مصمم الدار الحالي دانييل روزبيري صرّح أنه تعمّد أن تأتي الأساسيات «بأسلوب سريالي يختزل بين جوانبه صراعاً بين الحرية والعصيان وشعور تختلط فيه العفوية بالجموح».

أما كيف ترجم روزبيري هذه الرؤية الفنية، فبالعودة إلى تلك العلاقة التي ربطت إلسا سكياباريلي بفنانين من عصرها «جرأتهم، ألوانهم، أسلوب عملهم» حسب قوله. ومن هذا المنظور، كانت كل قطعة تقريباً تحمل طابعاً مستقى من فنان ما. من أعمال لوسيان فرويد، مثلاً ولدت قطع حريرية تتميز بباييت تتلألأ، ومن فسيفساء النحات جاك ويتن استوحت تنورة وسترة كأنها مرآة متكسرة، ومن الفنانة سارة لوكاس، استلهمت تنورة على شكل كرة. غني عن القول إن اللون الأزرق الذي ظهر في عدة قطع استلهم من أزرق إيف كلاين، إضافة إلى كثير من الأشكال السريالية من سالفادور دالي، هذا عدا عن لوحات ماتيس ومنحوتات جياكوميتي.

في اليوم نفسه ظُهراً، قدمت «ديور» اقتراحاتها لخريف وشتاء 2023 - 2024. قالت إنها استوحته من روما الكلاسيكية، مسقط رأس مصممتها ماريا غراتزيا تشيوري. في متحف «رودان» قدّمت عرضاً مختلفاً عما قدمته في المواسم الماضية، إذ قللت من استخدام الطبقات المتعددة والتول والـ«تي-شيرتات». في المقابل، أبدعت قطعاً تبدو من بعيد بسيطة، لكنه السهل الممتنع بكل ما يعنيه هذا الوصف من كلمة. فساتين طويلة ومعاطف رشيقة بألوان ودرجات محايدة، بعضها بلمسات ذهبية وفضية هادئة بحياكة دقيقة تُخفيها بليسيهات أو طيات.

تقول المصممة إنها استوحتها من أنماط تُذكرها بالعصور الكلاسيكية القديمة التي فتحت عليها عيونها منذ نعومة أظافرها في روما. كان كل شيء من حولها يضج بمعالم ومنحوتات فنية، جسّدتها هنا في فساتين محددة عن الخصر، تنسدل على الجسم بهندسية محسوبة. لم تكن هناك تطريزات كثيرة، لمسات بسيطة فقط من اللؤلؤ والخيوط المعدنية أضافت فخامة على أقمشة مترفة بالأساس.

في اليوم الثاني من الأسبوع، قدمت دار «شانيل» عرضين. الأول الساعة الـ10 صباحاً، والثاني الساعة الـ12 ظهراً، لكي تستوعب عدد ضيوفها. كعادتها جعلت المناسبة تتعدى مجرد عرض أزياء إلى تجربة يعيشها الحضور بكل تفاصيلها. على طول الطريق، إلى مكان العرض، تراصت أكشاك تُقدم تذكارات على شكل صور ملونة، وأخرى بالأبيض والأسود. وطبعاً مع إمكانية التقاط صور خاصة تُشعل مواقع التواصل الاجتماعي.

كانت أوبرا غارنييه مسرحاً رائعاً لتشكيلة ستيفان رولان المستوحاة من ماريا كالاس (ستيفان رولان)

بدأ العرض وظهرت سفيرة «شانيل» كارولين دو ميغريه بمعطف أزرق كحلي طويل، بعدها ظهر سرب من العارضات يمشين بثقة على الأحجار المرصوفة بفضل أحذية بكعوب متوسطة. كان السيناريو المكتوب أن تعطي العارضات الانطباع بأنهن يتجولن على ضفاف النهر بشكل عادي. فها هي واحدة تحمل كلبها المدلل، وأخرى تحمل سلّة من الزهور، وأخريات تتشابك أياديهن وهن تتبادلن الأحاديث والابتسامات كأي صديقات يقضين يوماً ممتعاً معاً، فيما بدا برج إيفل ومراكب سياحية في خلفية المشهد. المديرة الفنية لـ«شانيل» فيرجيني فيار شرحت فكرتها قائلة: «هذه المرة نحن في باريس نفسها، حيث الأرصفة والشوارع والحجارة المرصوفة الملوّنة بكل ما توحيه من رقي وبساطة». وتتابع: «يلعب العرض على الأضداد والتناقضات؛ الأناقة وعدم التكلف والقوة والرقة، وهو ما نسميه في (شانيل) بالجاذبية».

ولتعزيز فكرتها، جعلت الأزياء هي الأخرى مزيجاً من الأناقة واللامبالاة، زاوجت فيها معاطف مستلهمة من خزانة الرجل وتايورات كلاسيكية بجاكيتات ذات أطوال مختلفة، نسقتها مع تنورات تصل إلى ما تحت الركبة، وتصاميم أخرى ذات طابع بوهيمي تجلى في قمصان فضفاضة وأوشحة غطت الشعر وأضفت على الإطلالات مبالاة وفي الوقت ذاته أناقة عصرية. وطبعاً لم يغب التويد الناعم في هذه التشكيلة، إلى جانب القطن الحريري والأورغانزا والدانتيل المرصع بأنماط نباتية وغرافيكية. فرموز الدار يجب أن تحضر دائماً لتوطد علاقة الحب والسحر التي تربطها بزبائنها والحالمين بها.

في اليوم الأخير، وبعد 3 أيام مُكثفة من العروض، كان كل من عرضي محمد آشي الساعة الـ10 صباحاً، و«فندي» الساعة 2:30 ظهراً، مسك الختام.

محمد آشي لعب على الأحجام والتفاصيل الفنية بشكل يراعي الـ«هوت كوتور» وأسلوبه الخاص (أ.ف.ب)

بالنسبة لمحمد آشي، كان هذا أول عرض له منذ التحاقه بالبرنامج الرسمي للفيدرالية الفرنسية للـ«هوت كوتور» كأول سعودي. ليس من المبالغة القول إنه محطة مفصلية في مسيرته. ظل لسنوات وجهاً مألوفاً في باريس، واشتهر بأسلوب فني أكسبه شعبية واسعة في الوطن العربي وخارجه. فآشي الذي بدأ مسيرته منذ حوالي 10 سنوات لم يتنازل في تشكيلته لخريف وشتاء 2023 - 2024 عن استعمال طيات الأوريغامي والفخامة في التفاصيل والمواد. لم يُغير أسلوبه بقدر ما طوّره ليتناسب ومتطلبات العصر.


مقالات ذات صلة

الملك تشارلز الثالث يُدخل الموضة قصر «سانت جيمس»

لمسات الموضة ريكاردو ستيفانيللي يستعرض النتائج الأولى المتعلقة بمفهوم «الاستدامة البشرية» (برونيللو كوتشينللي)

الملك تشارلز الثالث يُدخل الموضة قصر «سانت جيمس»

اهتمام الملك تشارلز الثالث بالموضة، وبكل ما يتعلق بالبيئة، أمر يعرفه الجميع منذ أن كان ولياً للعهد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)

ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

لم تستغرق كاترانتزو طويلاً لتتأكد أن حمامات كاراكالا وزهرة الكالا بشكلها العجيب نبعان يمكن أن تنهل منهما.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة في توديع جمهورها بلاس فيغاس أبدعت أديل غناء وإطلالة (كلوي)

المغنية أديل تُودّع لاس فيغاس بفستان من «كلوي»

اختتمت نجمة البوب البريطانية أديل سلسلة حفلاتها الموسيقية في لاس فيغاس، نيفادا، بالدموع. كانت آخِر ليلة لها على خشبة مسرح «الكولوسيوم» بقصر سيزار في لاس فيغاس،…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
TT

الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)

بعد عام تقريباً من التحضيرات، حلت ليلة 13 نوفمبر (تشرين الثاني). ليلة وعد إيلي صعب أن تكون استثنائية ووفى بالوعد. كانت ليلة التقى فيها الإبداع بكل وفنونه، وتنافس فيها بريق النجوم من أمثال مونيكا بيلوتشي، وسيلين ديون، وجينفر لوبيز، وهالي بيري ويسرا، وغيرهن مع لمعان الترتر والخرز واللؤلؤ. 300 قطعة مطرزة أو مرصعة بالأحجار، يبدو أن المصمم تعمد اختيارها ليرسل رسالة إلى عالم الموضة أن ما بدأه منذ 45 عاماً وكان صادماً لهم، أصبح مدرسة ومنهجاً يقلدونه لينالوا رضا النساء في الشرق الأوسط.

من عرض إيلي صعب في الرياض (رويترز)

لقاء الموضة بالموسيقى

كان من المتوقع أن تكون ليلة خاصة بالموضة، فهذه أولاً وأخيراً ليلة خاصة بإيلي صعب، لكنها تعدت ذلك بكثير، أبهجت الأرواح وغذَّت الحواس وأشبعت الفضول، حيث تخللتها عروض فنية ووصلات موسيقية راقصة لسيلين ديون، وجينفر لوبيز، ونانسي عجرم، وعمرو دياب وكاميلا كابيلو. غنت لوبيز ورقصت وكأنها شابة في العشرينات، ثم نانسي عجرم وعمرو دياب، واختتمت سيلين ديون الفعالية بثلاث أغنيات من أشهر أغانيها وهي تتفاعل مع الحضور بحماس. لم تقف وعكتها الصحية التي لا تزال آثارها ظاهرة عليها مبرراً لعدم المشاركة في الاحتفال بمصمم تُكنّ له كل الحب والاحترام. فإيلي صعب صديق قبل أن يكون مصمم أزياء تتعامل معه، كما قالت. يؤكد إيلي الأمر في لقاء جانبي، قائلاً: «إنها علاقة عمرها 25 عاماً».

وهذا ما جعل الحفل أشبه بأغنية حب.

هالي بيري وهي تلبس فستان الأوسكار الأيقوني نفسه الذي ارتدته عام 2002 (خاص)

هالي بيري التي ظهرت في أول العرض بالفستان الأيقوني الذي ظهرت به في عام 2002 وهي تتسلم جائزة الأوسكار بوصفها أول ممثلة سمراء، دمعت عيناها قبل العرض، وهي تعترف بأن هذه أول مرة لها في الرياض وأول مرة تقابل فيها المصمم، رغم أنها تتعامل معه منذ عقود. وأضافت أنه لم يكن من الممكن ألا تحضر المناسبة؛ نظراً للعلاقة التي تربطهما ببعض ولو عن بُعد.

يؤكد إيلي عمق هذه العلاقة الإنسانية قائلاً: «علاقتي بهالي بيري لم تبدأ في عام 2002، بل في عام 1994، حين كانت ممثلة صاعدة لا يعرفها المصممون». وأضاف ضاحكاً: «لا أنكر أن ظهورها بذلك الفستان شكَّل نقلة مهمة في مسيرتي. ويمكنني القول إنه كان فستاناً جلب الحظ لنا نحن الاثنين. فيما يخصني، فإن ظهورها به وسَّع قاعدة جمهوري لتشمل الإنسان العادي؛ إذ إنها أدخلتني ثقافة الشارع بعد أن كنت معروفاً بين النخبة أكثر». غني عن القول أن كل النجمات المشاركات من سيلين وجينفر لوبيز إلى نانسي عجرم من زبوناته المخلصات. 80 في المائة من الأزياء التي كانت تظهر بها سيلين ديون مثلاً في حفلات لاس فيغاس من تصميمه.

عرض مطرَّز بالحب والترتر

بدأ عرض الأزياء بدخول هالي بيري وهي تلبس فستان الأوسكار الأيقوني نفسه. لم يتغير تأثيره. لا يزال أنيقاً ومبتكراً وكأنه من الموسم الحالي. تلته مجموعة تقدر بـ300 قطعة، أكثر من 70 في المائة منها جديدة لخريف وشتاء 2025 ونسبة أخرى من الأرشيف، لكنها كلها كانت تلمع تطريزاً وترصيعاً إما بالترتر والخرز أو اللؤلؤ. فالتطريز لغة أتقنها جيداً وباعها للعالم. استهجنها المصممون في البداية، وهو ما كان يمكن أن يُحبط أي مصمم صاعد يحلم بأن يحفر لنفسه مكانة بين الكبار، إلا أنه ظل صامداً ومتحدياً. هذا التحدي كان واضحاً في اختياراته لليلته «1001 موسم من إيلي صعب» أيضاً بالنظر إلى كمية البريق فيها.

ساهمت في تنسيق العرض كارين روتفيلد، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» النسخة الفرنسية سابقاً، والمعروفة بنظرتها الفنية الجريئة. كان واضحاً أنها تُقدّر أهمية ما كان مطلوباً منها. فهذه احتفالية يجب أن تعكس نجاحات مسيرة عمرها 45 عاماً لمصمم وضع صناعة الموضة العربية على الخريطة العالمية. اختير لها عنوان «1001 موسم من إيلي صعب» لتستعرض قوة المصمم الإبداعية والسردية. قال إنه استوحى تفاصيلها من عالم ألف ليلة وليلة. لكن حرص أن تكون اندماجاً بين التراث العربي والابتكار العصري. فكل تصميم كانت له قصة أو يسجل لمرحلة كان لها أثر على مسيرته، وبالتالي فإن تقسيم العرض إلى مجموعات متنوعة لم يكن لمجرد إعطاء كل نجمة مساحة للغناء والأداء. كل واحدة منهم عبَّرت عن امرأة تصورها إيلي في مرحلة من المراحل.

جينفر لوبيز أضفت الشباب والحيوية على العرض (خاص)

جينفر لوبيز التي ظهرت بمجموعة من أزيائه وهي ترقص وتقفز وكأنها شابة في العشرينات، كانت تمثل اهتمامه بمنح المرأة حرية الحركة، بينما كانت نانسي عجرم بفستانها الكلاسيكي المرصع بالكامل، تعبّر عن جذور المصمم اللبناني وفهمه لذوق المرأة العربية ككل، ورغبتها في أزياء مبهرة.

أما المغنية كاميلا كابيلو فجسدت شابة في مقتبل العمر ونجح في استقطابها بتقديمه أزياء مطعَّمة ببعض الجرأة تعكس ذوق بنات جيلها من دون أن تخرج عن النص الذي كتبه لوالدتها. كانت سيلين ديون، مسك الختام، وجسَّدت الأيقونة التي تمثل جانبه الإبداعي وتلك الأزياء التي لا تعترف بزمان أو مكان.

حب للرياض

بعد انتهاء العرض، وركض الضيوف إلى الكواليس لتقديم التحية والتبريكات، تتوقع أن يبدو منهكاً، لكنه كان عكس ذلك تماماً. يوزع الابتسامات على الجميع، يكرر لكل من يسأله أن أكثر ما أسعده، إلى جانب ما شعر به من حب الحضور والنجوم له، أنه أثبت للعالم «أن المنطقة العربية قادرة على التميز والإبداع، وأن ما تم تقديمه كان في المستوى الذي نحلم به جميعاً ونستحقه».

وأضاف: «أنا ممتن لهذه الفرصة التي أتاحت لي أن أبرهن للعالم أن منطقتنا خصبة ومعطاءة، وفي الوقت ذاته أن أعبّر عن حبي للرياض. فأنا لم أنس أبداً فضل زبونات السعودية عليّ عندما كنت مصمماً مبتدئاً لا يعرفني أحد. كان إمكانهن التعامل مع أي مصمم عالمي، لكن ثقتهن في كانت دافعاً قوياً لاستمراري».

سيلين ديون أداء مبهر وأناقة متألقة (خاص)

أسأله إن كان يخطر بباله وهو في البدايات، في عام 1982، أن يصبح هو نفسه أيقونة وقدوة، أو يحلم بأنه سيدخل كتب الموضة بوصفه أول مصمم من المنطقة يضع صناعة الموضة العربية على خريطة الموضة العالمية؟ لا يجيب بالكلام، لكن نظرة السعادة التي كانت تزغرد في عيونه كانت أبلغ من أي جواب، وعندما أقول له إنه مصمم محظوظ بالنظر إلى حب الناس له، يضحك ويقول من دون تردد نعم أشعر فعلاً أني محظوظ.