باريس تستقبل «100 براند سعودي»

تقرير هيئة الأزياء السعودية متفائل بـ«حالة الأزياء» في المملكة

TT

باريس تستقبل «100 براند سعودي»

في باريس كما في باقي العواصم العالمية تحرص «مبادرة 100 براند سعودي» على استعراض ابتكارات مواهبها (هيئة الأزياء)
في باريس كما في باقي العواصم العالمية تحرص «مبادرة 100 براند سعودي» على استعراض ابتكارات مواهبها (هيئة الأزياء)

بعد إيطاليا، والنجاح الذي حققته فيها مبادرة «100 براند سعودي» في المواسم الماضية، جعلت هيئة الأزياء السعودية التنقل بمُبدعيها في عواصم الموضة العالمية تقليداً لا تنوي أن تحيد عنه. فهو فرصة لكي تستعرض فيها قدرات هائلة لمواهب ظلت كامنة طويلاً لتصل إلى حالة من «الانفجار الإبداعي» في السنوات الأخيرة حسبما صرّح به المصمم السعودي العالمي محمد آشي في آخر لقاءاته مع «الشرق الأوسط». وأوضح أنه من الطبيعي أن يكون في المملكة عدد هائل من المبدعين، كما أنه ليس غريباً أن نرى هذا الإقبال المحموم على عالم الموضة «إذ لا يمكننا أن نتخيل كم عدد المواهب التي حُرمت طويلاً من أي وسيلة تُمكّنها من التعبير عن قدراتها إلى الآن».

دور هيئة الأزياء بالنسبة له يتلخّص في ترويض هذا الجموح، وفي الوقت ذاته صقله بكل الطرق المتاحة، وطبعاً الاحتفال به في المحافل العالمية، وهو ما يوافقه عليه المسؤولون عن هذا القطاع. وهذا هو الهدف الذي كان من وراء إطلاق مبادرة «100 براند سعودي» في عام 2022. من أول تجربة، حققت نجاحاً وتقديراً من قبل الجهات العالمية، الأمر الذي أنعش كل مَن شارك فيها من «100 براند سعودي». فهذا التقدير رفع من معنوياتهم وأكد في الوقت ذاته ما كانوا يخالجهم طوال الوقت، ولم تتح لهم الفُرص للتعبير عنه على الملأ من قبل. الآن جاءت فرصتهم.

في باريس، حطوا الرحال، محملين بإبداعاتهم وأحلامهم. فباريس هذه الأيام تحتضن «أسبوع الموضة الرجالي لربيع وصيف 2024»، وفي الأسبوع المقبل ستعرض تحفها من الأزياء الراقية، «الهوت كوتور»، ما يجعلها فرصة مواتية للتعريف بأنفسهم، والتعرُف على غيرهم.

من بين الأدوار التي تنوط بها هيئة الأزياء الاحتفال بالمواهب السعودية في المحافل العالمية (هيئة الأزياء)

يقول بوراك شاكماك، الرئيس التنفيذي لهيئة الأزياء السعودية عن هذه المبادرة: «نعمل على بناء أساس راسخ لدعم سلسلة قيمة متينة تتمتع بعلاقات دولية مميزة». وتابع: «تنطوي رؤيتنا على إنشاء صناعة دائرية ومستدامة محكومة بنظام قوي، بشكل يسمح للعلامات التجارية المحلية بمشاركة هويتها مع العالم بأسره، وفي الوقت ذاته يقدم فرصاً للعلامات التجارية ورجال الأعمال الدوليين، وبهذا نكون قد رسخنا أسساً متينة لا مجال فيها للفشل». فالعلاقة يجب أن تكون مبنية على تبادل فكري وفني واقتصادي. أي أخذ وعطاء، لا سيما في ظل الانتعاش الاقتصادي الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط عموماً، والمملكة السعودية تحديداً هذه الأيام، بينما العالم يرزح تحت عديد من المشكلات.

منذ فترة قصيرة، نشر موقع «Business of Fashion» تقريراً مفصلاً من 108 صفحات عن حالة الموضة في منطقة الشرق الأوسط. كان بعنوان «منطقة الشرق الأوسط: تفاؤل وتحولات»، أكد أن المنطقة تعيش حالة من الانتعاش، إن لم نقل «النهضة»، تنعكس على الموضة بشكل مباشر، بالنظر إلى أن قطاع الموضة في المنطقة يُقدر بـ89 مليار دولار، وتُعد المملكة السعودية والإمارات العربية أكبر لاعبين فيها.

«100 براند سعودي» في باريس... تصوير ولقاءات ومعرفة (هيئة الأزياء)

أخيراً، نشرت هيئة الأزياء السعودية أول تقرير من نوعه بعنوان «حالة الأزياء في المملكة العربية السعودية 2023» يؤكد بدوره هذا الواقع، ونجح في وضع الخطوط العريضة لحجم الفرص المتاحة في هذا القطاع. فقد سلط الضوء على معدلات النمو غير المسبوقة لقطاع صناعة الأزياء في المملكة العربية السعودية، التي تفوق أي سوق كبيرة مرتفعة الدخل. من النقاط المهمة التي تثير كثيراً من التفاؤل والحماس ارتفاع حجم مبيعات الأزياء، والمتوقع أن يرتفع في قطاع التجزئة بنسبة 48 في المائة لتصل مبيعاته إلى 32 مليار دولار ما بين 2021 و2025، ويمثل ذلك معدل نمو قدره 13 في المائة على أساس سنوي. التقرير يُسلّط الضوء أيضاً على النمو السريع لسوق الملابس الرياضية التي بلغت مبيعاتها 1.4 مليار دولار في عام 2022، ومن المتوقع أن تحقق نسبة نمو قدرها 21 في المائة بحلول عام 2027. في عام 2022، مثلاً استحوذت مبيعات مجموعات «أديداس» و«نايكي» و«بوما» على أكثر من 50 في المائة من مجمل المبيعات في السعودية.

ويشكل النموان الاقتصادي والسكاني اللذان تشهدهما المملكة، والمكاسب المتوقع أن يحققها قطاع الملابس عموماً، والإكسسوارات والأحذية والسلع الفاخرة، الدافع المحرّك لهذا النمو. وقد بلغت قيمة مشتريات الأزياء الفاخرة في دول مجلس التعاون الخليجي 9.6 مليار دولار خلال عام 2021، وحققت المملكة نمواً قدره 19 في المائة.

وهو ما شرحه بوراك شاكماك بقوله إن التقرير «يقدم (حالة الأزياء في المملكة العربية السعودية) بوصفه دليلاً حي على ما كنا متيقنين منه في قرارة أنفسنا منذ زمن طويل، وهو أنّ حجم الفرص والإمكانيات التي يحملها قطاع الأزياء في المملكة العربية السعودية مُذهل ولم يأخذ حقه من التقدير في السابق». وهنا يأتي دور هيئة الأزياء حسب قوله: «في رسم صورة مستقبل هذا القطاع في المملكة العربية السعودية بطريقة متوازنة ومستدامة، إلى جانب الدفع بمكانة قطاع الأزياء في المحافل العالمية بما يدعم أهداف رؤية المملكة 2030، بالإضافة إلى الاحتفاء بثقافة وإرث المملكة الغنيَين، وجعل كل هذا أمراً واقعياً وممكناً».

موجا ماجكا في باريس (هيئة الأزياء)

يقدّم التقرير أيضاً لمحة مفصّلة عن حجم القطاع ونموه، والاتجاهات السائدة الرئيسية، إضافةً إلى تحليل المشهد التنافسي وتفضيلات المستهلكين، والمصممين الناشئين والممارسات المستدامة ضمن القطاع. كما يوضح التأثيرات الثقافية الفريدة التي تميز هذه الصناعة في المملكة عن غيرها. وقد أسهمت صناعة الأزياء في المملكة العربية السعودية عام 2022 بمقدار 12.5 مليار دولار أميركي، أي بنسبة 14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ومن المتوقع أن تسهم بتوظيف 230.000 شخص، أي ما نسبته 1.8 في المائة من القوى العاملة المحلية. هذا وتسهم المملكة بنسبة 19 في المائة من الإنفاق الحكومي الإجمالي على مبادرات التعليم. إلى جانب أن هناك حالياً 12 جامعة تقدم شهادات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في تخصصات متعلقة بالأزياء في المملكة العربية السعودية. يشير التقرير إلى دعم الحكومة المواهب، من خلال إنشاء برامج منح دراسية لتمويل طلابها في الجامعات المحلية والدولية على حد سواء.

«أتولييه حكايات» من بين الـ100 براند المشاركة في باريس (هيئة الأزياء)

فهم أولاً وأخيراً استثمارها الذي تأمل أن يُثمر عن مصممين عالميين. ما يُحسب لمبادرة «100 براند سعودي» التابعة للهيئة، أنها تضع هذا الهدف نصب أعينها منذ إطلاقها في عام 2022، لترسيخ مكانة المملكة السعودية ضمن مشهد الموضة العالمي، وهو ما يُفسّر تنقلها بمُبدعيها ومواهبها بين عواصم الموضة العالمية، مثل نيويورك وباريس وميلانو.


مقالات ذات صلة

السعودية تبرز نهضتها الثقافية في «مهرجان جرش»

يوميات الشرق يُقدّم مجموعة حِرفيين سعوديين أعمالاً مبتكرة أمام زوار المهرجان (وزارة الثقافة)

السعودية تبرز نهضتها الثقافية في «مهرجان جرش»

تستعرض السعودية تنوعها الثقافي والفني أمام زوّار «مهرجان جرش للثقافة والفنون 2024» في المدينة التاريخية الأردنية، وذلك خلال الفترة بين 24 يوليو و3 أغسطس.

«الشرق الأوسط» (جرش)
ثقافة وفنون صورة للروائي عبد الله بن بخيت نشرها تركي آل الشيخ عبر حسابه في منصة «إكس»

بن بخيت مستشاراً ثقافياً لرئيس هيئة الترفيه السعودية

اختار المستشار تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية، الروائي عبد الله بن بخيت مستشاراً ثقافياً له، ونائباً لرئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
ثقافة وفنون الدكتور سعد البازعي يملك خبرة واسعة في مجالات الأدب والرواية (إثراء)

الدكتور سعد البازعي رئيساً لـ«جائزة القلم الذهبي للأدب»

قرَّر المستشار تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية تعيين الدكتور سعد البازعي رئيساً لـ«جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق يهدف التفاهم إلى جعل الباحة وجهةً ثقافية وسياحية رائدة محلياً ودولياً (واس)

السعودية: تفاهم لإثراء المشهد الثقافي في الباحة

وقّع الأمير حسام بن سعود بن عبد العزيز أمير منطقة الباحة، والأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة، مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون المشترك.

«الشرق الأوسط» (الباحة)
ثقافة وفنون اللغة العربية ستكون ضيفة شرف النسخة المقبلة من مهرجان «أفينيون»... (صورة من الموقع الرسمي للمهرجان)

اللغة العربية ضيفة الشرف في مهرجان «أفينيون» الفرنسي العام المقبل

أعلن مدير مهرجان «أفينيون» المسرحي تياغو رودريغيز، الاثنين، أن اللغة العربية ستكون في 2025 ضيفة الشرف خلال النسخة المقبلة.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«تيفاني أند كو» تُشعل مجوهراتها بالنيران والشهب

أقراط أذن من مجموعة «شوتينغ ستار» من الماس والذهب الأصفر والجمشت (تيفاني أند كو)
أقراط أذن من مجموعة «شوتينغ ستار» من الماس والذهب الأصفر والجمشت (تيفاني أند كو)
TT

«تيفاني أند كو» تُشعل مجوهراتها بالنيران والشهب

أقراط أذن من مجموعة «شوتينغ ستار» من الماس والذهب الأصفر والجمشت (تيفاني أند كو)
أقراط أذن من مجموعة «شوتينغ ستار» من الماس والذهب الأصفر والجمشت (تيفاني أند كو)

للكثير من بيوت الأزياء أو المجوهرات ولادتان: ولادة تأسيسية؛ بمعنى تاريخ انطلاقها، وولادة ثانية تكون في الغالب إبداعية تبث فيها روحاً فنية تغير مسارها وتأخذها إلى آفاق جديدة لا يمكن تخيلها. هذا ما ينطبق على دار المجوهرات «تيفاني أند كو»، إلى حد كبير.

وُلدت، أول مرة، على يد تشارلز لويس تيفاني في عام 1837، وثاني مرة على يد جان شلومبرجيه في عام 1956، بعد لقاء مع وولتر هوفينغ، مجلس إدارة «تيفاني أند كو» آنذاك، ليبدأ فصل جديد من تاريخ «تيفاني أند كو». فقد أدخل شلومبرجيه الأحجار المتوهجة والأشكال المبتكرة التي لا تزال من أيقونات الدار إلى اليوم. تعترف الدار وكل المصممين الذين توالوا على قيادتها، أنه كان مصمِّماً فذاً خلَف أرشيفاً غنياً لا يزالون يغرفون منه إبداعات وتُحفاً فريدة، كان آخِرها مجموعة «تيفاني سيليست: بلو بوك 2024». وكما يشير اسمها، استعانت فيها ناتالي فيديل، الرئيسة الإبداعية للمجوهرات الرفيعة، بخيال شلومبرجيه وتطلعه للسماء، لتصوغ قِطعاً تستمد بريقها من أشعة الشمس والنجوم والأفلاك والمجرّات البعيدة.

ظهرت أيضاً في أقراط بأحجار من الألماس الأصفر «فانسي إنتانس» يزيد وزنه عن قيراطين

كان واضحاً فيها نظرة جان شلومبرجيه الفنية لهذه الأفلاك. نظرة تلخص معنى المجاز الشاعري والفني على حد سواء. وقد سبَق للمصممة ناتالي أن قدمت مجموعة، في بداية العام، بهذه التيمات وجَّهتها لفصل الربيع، وسلّطت فيها الضوء على ستة تصاميم هي: «وينغز»، و«آرو»، و«كونستيلايشن»، و«أيكونيك ستار»، و«راي أوف لايت»، و«أبولو». ثم عادت إليها مؤخراً في مجموعة موجّهة للصيف، قسمتها إلى ثلاثة فصول هي: «بيكوك»، و«شوتينغ ستار»، و«فلايمز».

في قطعة «بيكوك» استعملت ناتالي الأحجار النابضة بالحياة كالتنزانيت والتورمالين الأخضر والألماس (تيفاني أند كو)

فصل «بيكوك» أو الطاووس مثلاً، مُستوحى، كما يدل اسمه، من ريش هذا الطائر القزحي الذي اعتقد علماء الطبيعة الأوروبيون عندما سمعوا مواصفاته أول الأمر، أنه مِن نَسْج الخيال. ولحد الآن، لا تزال ألوان ريشه تشدُّ الأنفاس وتثير شعوراً بالرهبة أمام جمالها. ناتالي استعملت، لترجمة صورته، الأحجار النابضة بالحياة كالتنزانيت والتورمالين الأخضر والألماس. قلادة أخرى من هذا الفصل، تضم نحو 17 حجراً من التنزانيت المقصوص بأسلوب كوشن يزيد وزنها عن 108 قراريط، بينما يعرض بروش «بيكوك» أحجار التنزانيت المقصوصة بأسلوب كوشن يزيد وزنها عن 13 قيراطاً.

في مجموعة «شوتينغ ستار» يُلتقط الضوء عبر شرائط الألماس المتألّقة والذهب الأصفر المنساب من الجمشت (تيفاني أند كو)

أما فصل «شوتينغ ستار» أو «الشهاب» فهو أيضاً مُستوحى من الأرشيف الذي خلفه جان شلومبرجيه، ترجمته المصممة بصورة ظلية كلاسيكية للنجوم مع شرائط متصاعدة تحاكي ترديد المسارات المتلألئة للشهاب. تجسدت هذه الصورة في قلادة من الألماس مرصّعة بأكثر من 78 قيراطاً من الجمشت. وتُلتقط ظاهرة الضوء في أحد التجليات عبر شرائط الألماس المتألّقة والمزينة بالذهب الأصفر التي تنساب حول الجمشت الكبير الفخم، وفي تجلٍّ آخر، عبر عرض مبهر للألماس المتألّق.

قلادة «فلايمز» من البلاتينوم والذهب الأصفر يرصعها أكثر من 53 قيراطاً من الألماس (تيفاني أند كو)

الفصل الثالث «فلايمز» أو «الشُّعلة»، فمستوحى هو الآخر من مجموعة «فلايمز» لجان شلومبرجيه. أثارت بانعكاساتها ناتالي فأعادت صياغتها في قلادة من البلاتينوم والذهب الأصفر عيار 18 يرصعها أكثر من 53 قيراطاً من الألماس، ويبلغ الألماس ذو القصّات المتفاوتة أكثر من 46 قيراطاً. غنيٌّ عن القول إن هذه الأحجار تتخذ شكل لهب النار، وقد ظهرت أيضاً في أقراط بأحجار من الألماس الأصفر «فانسي إنتانس» يزيد وزنه عن قيراطين - كل منهما مُحاط بلمسات دقيقة من الألماس الأبيض.