غادرت حقيبة «باستيشينو» البندقية وحطت الرحال في باريس. خبر أعلنته دار «ماكسمارا» مؤخراً وذكرنا بأن الموضة كانت دائماً ولا تزال تتوق للسفر وتقوم على فكرة الاستكشاف والبحث. وحتى عندما لا تأخذنا إلى أماكن ساحرة ووجهات حالمة، فهي تُعطينا دروساً في تاريخ وفنون الحضارات. تستلهم منها فتفتح العيون على كنوز كانت ستظل مطمورة لولا حب الأجيال للموضة وشغفها بسماع قصصها. بأخذها قرار التنقل بين المدن والعواصم العالمية للتعريف بنفسها، تستكشف حقيبة «باستيشينو» أيضاً فنوناً وحرفاً تقليدية تحدت الزمن.
تبدأ قصة الحقيبة في عام 2016 حين وُلدت في مصانع «ماكسمارا ويكند». من حلوى مغطاة بالفواكه أو الكريمة يستمتع بها الإيطاليون بشكل أسبوعي في أيام الأحد، أخذت اسمها واستوحت شكلها الأيقوني المرن.
لكن في عام 2022 فقط، أخذت الدار قرار التنقل بها بين مدن العالم. المحطة الأولى كانت في البندقية. مدينة كانت في القرنين الـ15 و16 من أهم المراكز التجارية وبوابة أوروبا للعالم، نظراً لموقعها الاستراتيجي على البحر الأدرياتي. كانت أيضاً واحدة من أهم العواصم العاشقة للفنون والموضة.
من هذا المنظور جاء موديل فينيسيا من حقيبة «باستيشينو» في العام الماضي كرسالة حب لصناعتي الأقمشة والزجاج اللتين تشتهر بهما المدينة الإيطالية، حيث تعاونت الدار مع معملين مهمين فيها. الأول هو «ماريانو فورتيني» لصناعة المنسوجات يعود تاريخه إلى عام 1922 عندما استقر مكان دير قديم في جزيرة غيوديكا، وتُعد منسوجاته عنوان الترف حتى عصرنا هذا، كما لا تزال آلاته القديمة وأدوات الغزل فيه شاهدة على تقاليد وحرفية عالية لم يصبها الصدأ بعد. كانت نتيجة هذا التعاون غزل 3 أنواع من القطن ودمجها مع بعض على شكل موتيفات ناعمة تداخلت فيها خيوط فضية وذهبية، الأمر الذي أضفى على الحقيبة كثيراً من الأناقة والحداثة.
أما المعمل الثاني فمتخصص في صناعة زجاج مورانو، وتركزت مهمته على صياغة قطعتين شكّلتا المشبك الدائري بشكل يتناسب مع شخصية الحقيبة. إحداهما من العاج والأخرى بتشطيب زجاجي شفاف.
هذا العام، وبحكم سفر الحقيبة إلى فرنسا كان من البديهي أن تكتسي برموز ثقافية وتاريخية ترتبط بالبلد وبالجمال في الوقت ذاته. ظل شكلها الأساسي على حاله، فيما اكتست كاملة بالدانتيل اللامع الذي تشتهر به فرنسا. فمصنع «أوندري لود» المتخصص في هذا المجال له باع طويل يعود إلى عام 1850. أما مشبكها الدائري فصُنع من الخزف الذي تمت صياغته في مصنع «إيمو دو لونغوي»، الذي يعود تاريخ تأسيسه إلى 1798 واعترفت به الحكومة الفرنسية بوصفه مؤسسة ثقافية.
حسب تصريح لنيكولا ماراموتي، وهي زوجة إيغنازيو ماكسمارا رئيس المجموعة وواحد من أبناء مؤسس الدار الثلاثة تقول: «لا تزال هذه المدينة من أجمل المدن بنظري ونظر كل من زارها. تنجح دائماً في أن تجعلك تحلم وتتوق للغوص في كنوزها بشكل أعمق». وتتابع أنه عندما طُرحت على الدار «فكرة السفر كان مهماً أن نجعل من التعاون مع حرفيين وشركات لا تزال تمارس تقاليد تعود إلى مئات السنين هدفاً أساسياً. كانت الفكرة رائعة من شأنها أن تضخ ديناميكية على أجواء العمل وتُحفز الجميع على مزيد من الإبداع».