وسط عالم اُنتزعت حدوده الثقافية بعدما سيطر كل ما هو افتراضي على جميع تفاصيله، ثمة من يتوق إلى تعزيز التفرد بعلامات محلية تعيد تقديم إرث السابقين من تاريخ وفن وثقافة بصياغة عصرية لجيل الألفية. ومن قلب هذا السباق برزت أعمال مصممة الحُلي المصرية هنا التاودي، التي تقول إن تجارب مصرية ناجحة شجعتها لخوض المنافسة «وهي علامات استطاعت دخول المنافسة متكئة على تاريخ وثقافة أقدم الحضارات بنجاح»، حسب قولها. دليلها «عزة فهمي وعلامة أختين التي اعتمدتها نجمات هوليوود. فهما من التجارب الملهمة لمصممة شابة مثلي في أول الطريق».
القصة بدأت بطفلة في الخامسة تلعب بحبات الخرز والورود والخيط، غير أن النتيجة جاءت لافتة بقطعة حُلي تقول إن ثمة موهبة تتشكل. تتذكر التاودي: «لم أكن مثل أقراني أحب اللعب بالعرائس. كنت أستعيض عنها بالخرز والخيط وأقضي ساعات في تشكيل قطعة حُلي ترسم أحلامي». وتتابع: «سارت سنواتي في مسارين، شغفي بتصميم الحُلي وحبي لاكتشاف العالم من خلال الهندسة».
اتجهت التاودي إلى دراسة هندسة البترول في الجامعة الأميركية بالقاهرة، وتقول: «قضية مصادر الطاقة باتت من أبرز ما يهدد العالم، أشعر بمسؤولية تجاه قضايا الكوكب».
بين «بريمة» الاكتشافات البترولية والأحجار الكريمة والصدف تشكل مسار المصممة المصرية وانتقلت من مرحلة الهواية إلى إطلاق علامة مصرية في 2020. وسط ديناميكية نعيشها بشكل يومي واستحواذ الهواتف على أغلب النشاطات، شكلت الحياة النابضة مصدر إلهام لهنا التاودي، لتقدم تصاميم من الفضة والنحاس تتعانق مع الصدف بألوانه الساحرة، والأحجار الكريمة التي تمنح مقتنيها طاقة الحظ. تقول: «الطبيعة بسحرها وتقلبها هي مصدر الإلهام الذي أعتمد عليه، فلا تنتهي جلسة طويلة أمام البحر إلا بتصميم يعكس مشاعري».
وعن المعادن التي تعتمدها تقول: «منذ البداية اخترت تطويع الفضة والنحاس، فهي معادن طبيعية لها سحرها، وفي الوقت عينه تكلفتها في متناول قطاع كبير من المستهلكين، مما يضمن إمكانية الاستمرار». وتضيف: «يكتمل التصميم بنقطة ارتكاز من الصدف أو الأحجار الكريمة، كل قطعة حسب قصتها، أعتبر أن كل إضافة تعكس سطراً في حكاية التصميم، وعيني في النهاية على خروج قطعة فريدة لا تشبه سوى صاحبها».
في رحلتها مع المعادن والأحجار اعتمدت التاودي على الاكتشاف والتجربة، وتقول: «صحيح أن تصميم الحُلي يتطلب أنامل حرفية، لذلك يتجه غالبية المصممين إلى التعلم، غير أنني اعتمدت على مهارات اكتسبتها خلال دراستي للهندسة، ومن التجربة والنجاح والإخفاق، تعلمت الجانب الحرفي من التصميم».
لأن الرجل زبون مُستبعد من سوق الحُلي، تشجعت التاودي أن تصنع شهرتها بجذبه قائلة: «كثير من الرجال يميلون إلى الحُلي، غير أن السوق لا تلبي حاجاتهم، والاختيارات أمامهم محدودة، ولأن علامتي بالأساس تعتمد على الفضة والنحاس لم يكن الأمر صعباً علي لمخاطبتهم بتصاميم تناسب المجتمع العربي وفي الوقت ذاته تختلف عما أقدمه للنساء».
ورغم أن تجربة استهداف الرجل محدودة، فإنها حققت صيتاً، لا سيما بعد ظهور بعض نجوم الفن والمشاهير بها في بعض المناسبات، وكان له فعل السحر على علامتها. تقول التاودي إن «النجم عمرو دياب كان تميمة الحظ بالنسبة لي، إعجابه بتصاميمي شجعني على تقديم تصميم خاص مستوحى من شخصيته وأعماله، علماً أن نجوما كٌثر اعتمدوا قطعاً من علامتي مثل تامر حسني وأحمد حاتم وأمير المصري».
الحظ أيضاً كان وراء قرارها الخروج إلى العالمية. كان ذك عندما ظهر الممثل الشاب أمير المصري بتصاميمها في الخارج، وبعد عودته إلى لندن تواصل معي ليخبرني بأن القطعة جذبت أصدقاءه من الأجانب، «لأتشجع لخوض تجربة الخروج بالعلامة نحو العالمية».