أناقة حفل التتويج... غلبت فيها المحافظة على الحداثة

وكاميلا المتوجة الوحيدة فيه

الملكة كاميلا ارتدت تحت رداء التتويج الرسمي الذي صُنع للملكة الراحلة إليزابيث في عام 1953، فستاناً باللون العاجي (رويترز)
الملكة كاميلا ارتدت تحت رداء التتويج الرسمي الذي صُنع للملكة الراحلة إليزابيث في عام 1953، فستاناً باللون العاجي (رويترز)
TT

أناقة حفل التتويج... غلبت فيها المحافظة على الحداثة

الملكة كاميلا ارتدت تحت رداء التتويج الرسمي الذي صُنع للملكة الراحلة إليزابيث في عام 1953، فستاناً باللون العاجي (رويترز)
الملكة كاميلا ارتدت تحت رداء التتويج الرسمي الذي صُنع للملكة الراحلة إليزابيث في عام 1953، فستاناً باللون العاجي (رويترز)

لا تزال الاحتفالات بتنصيب تشارلز الثالث ملكاً على بريطانيا مستمرة، ومراسيم التتويج وطقوسه الغارقة في التاريخ والتقاليد تتصدر الأخبار والأحاديث. تعليقات كثيرة وتحليلات كلها تشير إلى أن الملك كان حريصاً على أن يجمع احترامه للتقاليد والطقوس التاريخية بالحداثة. فالآن وأكثر من أي وقت مضى تحتاج الملكية إلى تحديث لضمان استمراريتها. المناسبة كان لها أيضاً شق شخصي. فقد انتظرها طويلاً وبصبر، لهذا كان مهماً بالنسبة له لكي تأتي بالشكل الذي حلم به، أن يتدخل في الكثير من التفاصيل، إن لم نقل كلها، من اختياره قائمة الطعام النباتية إلى بطاقة الدعوة التي رُسمت وكأنها لوحة فنية تُعبر عن حبه للبيئة واهتمامها بها.

لم يكن الحفل أسطورياً كما كان البعض يتوقع ويأمل، لكنه كان رومانسياً بالنظر إلى علاقة تشارلز بكاميلا وما واجهته من تحديات ومطبات قبل أن تصل إلى هذه النقطة. وعدها أن تكون ملكته المتوجة ووفى بوعده. التعليمات كانت ألا يلبس أي من الحاضرات، بمن فيهن الملكات، التيجان في مناسبة ارتبطت مراسيمها دائماً بالمجوهرات والتيجان، حتى تكون هي المتوجة الوحيدة.

أما من ناحيتي الأناقة والموضة، فلا يمكن وأنت تتابع مراسيم الحفل ألا ينتابك شعور ولو عابر بأنه العُرس الذي لم يستطيعا الاحتفال به في عام 2005 عندما اضطرا للاكتفاء بعرس مدني صغير. ما يُعزز هذا الشعور أن البروتوكول في حفلات الزفاف عموماً يفرض على الحاضرات ألا تُغطي إطلالاتهن على أناقة العروس، وهو ما كان واضحاً هنا. كانت اختيارات كل الحاضرات عبارة عن طبق غني بكل أنواع البهارات البريطانية الشهية. لكن من دون إبهار أو إثارة من شأنهما سرقة الأضواء من المناسبة وطقوسها.

غلب أسلوب محافظ يحترم التقاليد أكثر منه حداثي على كل الأزياء. لا يختلف اثنان أنها في قمة الرُقي والفخامة، وأنها تعكس رؤية ملك لا يميل إلى مخالفة التقاليد، والمتعارف عليه ما دام جيداً إلا أنها كانت أيضاً مضمونة لا جديد فيها.

بريجيت ماكرون، زوجة الرئيس الفرنسي في إطلالة بريطانية من تصميم دار «لويس فويتون» الفرنسية. فهي كلاسيكية ومكونة من فستان ناعم ومعطف من اللون نفسه يستحضر أسلوب أميرة وايلز (أ.ب)

حتى زوجة الرئيس الفرنسي ماكرون التي تميل عادة إلى الأزياء الشبابية مثل البنطلونات الضيقة والجاكيتات والتنورات القصيرة، ظهرت بفستان ناعم يغطي الركبة نسَقته مع معطف من اللون نفسه يستحضر أسلوب أميرة وايلز والملكة الراحلة. الزي صممته لها دار «لويس فويتون» ليعكس أسلوباً بريطانياً وليس فرنسياً.

ملكة إسبانيا، ليتزيا، استعملت أزياءها بشكل دبلوماسي. ففي حفل العشاء الذي أقامه الملك والملكة على شرف ضيوفهما القادمين من كل أنحاء العالم، اختارت فستاناً من المصممة فكتوريا بيكهام ظهرت به العارضة بيلا حديد في تشكيلتها لربيع وصيف 2023. كان أنيقاً من دون أكمام وباللون الأخضر الفستقي المتوهج. يوم السبت في المقابل، اختارت إطلالة كلاسيكية تتماشى مع رسمية المناسبة، عبارة عن تايور يتكون من تنورة مستقيمة طويلة وجاكيت مفصل على الجسم ببليسهات عند الخصر صممه لها ويس غوردن مصمم دار «كارولينا هيريرا» خصيصاً، وهو ما يظهر واضحاً في التطريزات الناعمة التي زينت أعلى الصدر.

ليتزيا، ملكة إسبانيا مع زوجها الملك فيليب. تألقت في تايور مكون من تنورة مستقيمة وجاكيت مفصل بطيات «بيبلوم» عند الخصر صممه لها ويز غوردون مصمم دار «كارولينا هيريرا» خصيصاً للمناسبة (أ.ب)

الملكة رانيا بصحبة زوجها الملك عبد الله في فستان باللون الأصفر المائل إلى الكريم يبدو للوهلة الأولى وكأنه قطعتان من تصميم «تمارا رالف كوتور» (رويترز)

أما الملكة كاميلا فاستعانت بمصممها البريطاني المضمون بروس أولدفيلد، الذي سبق وتعاملت معه الأميرة الراحلة ديانا في العديد من إطلالاتها الأيقونية في حقبة الثمانينات. لم يُخب الظن فيه هذه المرة أيضاً. صمم لها فستان التتويج من حرير منسوج في مدينة سافولك البريطانية، تميز بأكمام طويلة تنتهي بحواشٍ وكأنها أسورة طُرِزت عليها أربعة أنواع من الأزهار تُجسد البلدان الأربعة التي تتكون منها المملكة البريطانية المتحدة، إلى جانب تطريزات تُجسد وروداً ونباتات من الريف البريطاني.

الملكة كاميلا، التي ارتدت تحت رداء التتويج الرسمي الذي صُنع للملكة الراحلة إليزابيث في عام 1953، فستاناً باللون العاجي بتطريزات على شكل زهور باللونين الفضي والذهبي (أ.ب)

الطبيعة تيمة ظهرت في العديد من الأزياء والإكسسوارات. استعملتها الحاضرات كرسائل تهنئة لملك يعشق الورود ويُحدث النباتات. كاثرين، أميرة وايلز، التي كان من المتوقع أن تُتحفنا بزي لافت للانتباه بعد أن أتقنت اختياراتها في الآونة الأخيرة، اختارت في المقابل فستاناً مضموناً من مصممتها المفضلة سارة بيرتون من دار «ألكسندر ماكوين».

كاثرين، أميرة وايلز، تلاعبت على التعليمات بعدم استعمال تاج مرصع بالأحجار الكريمة بطلبها طوقاً على شكل تاج مصنوع من سبائك فضية وأحجار كريستال صممته لها جيس كوليت بالتعاون مع سارة بيرتون من دار «ألكسندر ماكوين» التي صممت لها فستانها (رويترز)

بيد أنها خرقت شيئاً ما التعاليم بظهورها بطوق على شكل تاج تعاونت فيه المصممة سارة بيرتون مع مصممة القبعات جيس كوليت يبدو من بعيد وكأنه تاج مرصع بالماس. فحتى تتلاعب على التعليمات بعدم استعمال التيجان، تمت صياغته من سبائك من فضة وأحجار الكريستال لتكون النتيجة مُبهرة.

صوفي، دوقة إدنبره، أيضاً أرسلت باقة ورود مبطنة إلى الملك. فتحت ردائها الطويل، وارتدت فستاناً باللون الأبيض الكريمي من أتوليه «سوزانا لندن» مصنوع من حرير الكريب العضوي ومطرز بورود بتقنيات تقليدية من آيرلندا، ومثل أميرة وايلز، تقيدت بالتعليمات بعدم ارتداء التاج وفي الوقت ذاته تلاعبت عليها بطوق على شكل إكليل ورد.


مقالات ذات صلة

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق في عقدها الثامن اختار إريك جدّته «مانيكان» تعرض تصاميمه (حساب المُصمّم على إنستغرام)

إريك ماتيو ريتر وجدّته هدى زيادة... جيلان يلتقيان على أجنحة الموضة

معاً؛ زوّدا عالم الأزياء بلمسة سبّاقة لم يشهدها العالم العربي من قبل. التناغُم بينهما لوّن عالم الموضة في لبنان بنفحة الأصالة والشباب.

فيفيان حداد (بيروت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
الاقتصاد صورة تُظهر واجهة متجر دار الأزياء الإيطالية «فالنتينو» في وسط روما (أ.ف.ب)

للمرة الأولى منذ الركود العظيم... توقعات بانخفاض مبيعات السلع الفاخرة عالمياً

من المتوقع أن تنخفض مبيعات السلع الفاخرة الشخصية عالمياً في عام 2025 لأول مرة منذ الركود العظيم، وفقاً لدراسة استشارية من شركة «بين».

«الشرق الأوسط» (روما)
لمسات الموضة في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

قامت ميلانيا بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة بإعلانها أنها امرأة مستقلة ولها آراء خاصة قد تتعارض مع سياسات زوجها مثل رأيها في حق المرأة في الإجهاض وغير ذلك

جميلة حلفيشي (لندن)

4 فنانات يحتفلن بميلاد حقيبة «أوريغامي»

سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
TT

4 فنانات يحتفلن بميلاد حقيبة «أوريغامي»

سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)

عشر سنوات فقط مرت على إطلاق علامة «بيوريفيكايشن غارسيا» حقيبتها الأيقونية «أوريغامي». بتصميمها الهندسي وشكلها ثلاثي الأبعاد لفتت الأنظار منذ أول ظهور لها. واحتفالاً بمكانتها وسنواتها العشر، تعاونت العلامة الإسبانية مؤخرا، مع أربع مُبدعات في الفنون البلاستيكية لترجمتها حسب رؤيتهن الفنية وأسلوبهن، لكن بلغة تعكس قِيم الدار الجوهرية. هذه القيم تتلخص في الألوان اللافتة والخطوط البسيطة التي لا تفتقر إلى الابتكار، أو تبتعد عن فن قديم لا يزال يُلهم المصممين في شتى المجالات، قائم على طيّ الورق من دون استخدام المقص أو الغراء، ألا وهو «الأوريغامي». فن ياباني تكون فيه البداية دائماً قاعدة مربّعة أو مكعّبة.

المكعّب يُشكّل نقطة البداية في تصميم الحقيبة إلى جانب جلد النابا الناعم والمرن (بيوريفكايشن غارسيا)

ولأن يوم 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، صادف اليوم العالمي لفن «الأوريغامي»، فإنه كان فرصة ذهبية لتسليط الضوء على حقيبة وُلدت من رحم هذا الفن ولا تزال تتنفس منه تفاصيلها.

فالمكعّب يُشكّل نقطة البداية في تصميمها؛ إذ تبدأ العملية باختيار جلد النابا تحديداً لنعومته، وبالتالي سهولة طيّه ومرونته في الحفاظ على شكله. بعد تمديد الجلد، يتم تحديد النمط وإضافة دعامات مثلثة للحفاظ على هيكله، لتُضاف بعد ذلك المُسنّنات يدوياً لخلق حركة انسيابية على الجلد.

للاحتفال بميلاد الحقيبة العاشر وفن «الأوريغامي» في الوقت ذاته، منحت «Purificacion Garcia» أربع مُبدعات، وهن: ألبا غالوتشا وكلارا سيبريان وصوفي أغويو وسارة أوريارتي، حرية ترجمتها حسب رؤية كل واحدة منهن، مع الحفاظ على أساسياتها.

ألبا غالوتشا، وهي ممثلة وعارضة أزياء وفنانة، تعتمد على الأنسجة والخزف كوسيلة للتعبير عن نفسها، وتستقي إلهامها من الحياة اليومية، والاحتفال بتضاريس الجسد. استوحَت الحقيبة التي ابتكرتها من عشقها للأنماط والهياكل والبناء. تقول: «حرصت على الجمع بين ما يُعجبني في شكل هذه الحقيبة وما يستهويني في جسم الإنسان، لأبتكر تصميماً فريداً يعكس هذَين المفهومَين بشكلٍ أنا راضية عنه تماماً».

حرصت ألبا على الجمع بين تضاريس الجسد وأنماط وهياكل البناء (بيوريفكايشن غارسيا)

أما كلارا سيبريان، فرسّامة تحبّ العمل على مواضيع مستوحاة من جوانب الحياة اليومية ويمكن للجميع فهمها والتماسها. تقول عن تجربتها: «أنا وفيّة لأكسسواراتي، فأنا أحمل الحقيبة نفسها منذ 5 سنوات. وعندما طُلب مني ابتكار نسختي الخاصة من هذه الحقيبة، تبادرت فكرة إلى ذهني على الفور، وهي إضفاء لمستي الشخصية على حقيبة (Origami) لتحاكي الحقيبة التي أحملها عادةً بتصميمٍ بسيطٍ تتخلّله نقشة مزيّنة بمربّعات».

من جهتها، تستمد سارة أوريارتي، وهي فنانة متخصصة في تنسيق الأزهار والمديرة الإبداعية في «Cordero Atelier»، إلهامها من الطبيعة، ولهذا كان من الطبيعي أن تُجسّد في نسختها من حقيبة «أوريغامي»، السلام والهدوء والجمال. تشرح: «لقد ركّزت على تقنية (الأوريغامي) التي أقدّرها وأحترمها. فكل طيّة لها هدف ودور، وهو ما يعكس أسلوبي في العمل؛ إذ كل خطوة لها أهميتها لتحقيق النتيجة المرجوة. لذلك، يُعتبر الانضباط والصبر ركيزتَين أساسيتَين في هذَين العملَين. وأنا أسعى إلى إيجاد التوازن المثالي بين الجانب التقني والجانب الإبداعي، وهذا ما يلهمني لمواصلة استكشاف الجمال الكامن في البساطة».

كلارا رسّامة... لهذا عبّرت نسختها عن رؤيتها الفنية البسيطة التي أضافت إليها نقشة مزيّنة بمربّعات (بيوريفكايشن غارسيا)

وأخيراً وليس آخراً، كانت نسخة صوفي أغويو، وهي مستكشفة أشكال ومؤسِّسة «Clandestine Ceramique»، التي تشيد فيها كما تقول بـ«تصميم يتداخل فيه العملي بجمال الطبيعة، وبالتالي حرصت على أن تعكس التناغم بين جوهر دار (بيوريفكايشن غارسيا) القائمة على الأشكال الهندسية وأسلوبي الخاص الذي أعتمد فيه على المكوّنات العضوية. بالنتيجة، جاءت الحقيبة بحلّة جديدة وكأنّها تمثال منحوت بأعلى درجات الدقة والعناية».