عندما ظهرت الـ«إير تاغ» من «أبل» منذ أربعة أعوام، كان استخدامها مع الأمتعة من أكثر الاستخدامات وضوحاً. خلال رحلاتي الطويلة إلى آسيا، دائماً ما أتنفس الصعداء عندما أتطلع إلى هاتفي وأجد أن حقائبي، التي انتهوا من فحصها، قد حُمّلت على الطائرة. وكثيراً ما كنت أتمنى لو أن هناك واحدة على حقيبة السفر الخفيفة التي أحملها، خاصة عندما لا تكون هناك مساحة متاحة في الأرفف العلوية لتخزينها ويفحص مضيف الطيران حقيبتي على البوابة.
أصبحت شركة «جولاي» الأسترالية سريعة النمو أول علامة تجارية لحقائب السفر تدمج بطاقات الـ«إير تاغ» مباشرة داخل حقائبها. وتم التوصل إلى تلك التكنولوجيا بالشراكة مع كل من شركتي «أبل» و«غوغل»، حيث رُبطت تلك البطاقات بشبكات تطبيق «فايند ماي» من «أبل» وتطبيق «فايند هاب» من «غوغل». وكشفت شركة «جولاي» عن هذه التكنولوجيا الجديدة التي سوف يتم دمجها في النهاية في خط إنتاج كامل من حقائب السفر الكبيرة وحقائب السفر الخفيفة. ويعتقد آثان ديداسكالو، أحد المؤسسين، أن برامج التتبع سوف تصبح قريباً من المعايير المتعلقة بجميع حقائب السفر، لكن لا يزال من المهم بالنسبة إليه أن تكون شركة «جولاي» هي أول شركة تسوّق هذه التكنولوجيا. ويقول ديداسكالو: «لدينا فريق من المصممين الصناعيين، ونحب الابتكار. الطريقة الوحيدة للتميز اليوم هي الاستمرار في الابتكار». إذا دخلت إلى المطار اليوم، فسوف ترى كل مسافر وهو يدفع العربة المحمّل عليها أمتعته. ويوضح ديداسكالو أن كل عنصر في حقيبة السفر ذات العجلات المنتشرة حالياً كان تطوراً في التصميم. وفي عام 1987 طوّر طيّار فكرة حقيبة السفر ذات العجلات والمقبض التلسكوبي (قابل للتداخل)، وهو تطور كبير متعلق بحمل حقيبة سفرك مثل حقيبة اليد. وبحلول التسعينيات، تحولت أكثر العلامات التجارية الخاصة بحقائب السفر باتجاه هذا التصميم.
كذلك شهدت العقود الماضية تطورات متزايدة. بعد 11 سبتمبر (أيلول) 2005، فرضت إدارة أمن النقل إجراءً جديداً يقضي بأن يكون داخل كل أقفال أمتعة السفر ثقب مفتاح يستطيع الموظفون المختصون من خلالها فتح الحقيبة. بعد ذلك بفترة قصيرة أصبح هذا النوع من الأقفال معياراً ضرورياً من معايير حقائب السفر جميعها. ومنذ عقد بدأت العلامات التجارية دمج شواحن الهاتف في حقائب سفرها بحيث يتمكن المسافرون من شحن هواتفهم في الخارج. وتحظر إدارة أمن النقل حالياً وجود شواحن الهواتف داخل الأمتعة المفحوصة؛ لذا يجب أن تكون الشواحن داخل حقائب السفر قابلة للنقل.
إن سوق الأمتعة العالمية هائل، حيث يقدّر حجمه بـ38.8 مليار دولار في 2023، حسب شركة «غراند فيو ريسيرش»، ومن المتوقع أن ينمو إلى 61.49 مليار دولار بحلول عام 2030. بالنظر إلى أن أكثر حقائب السفر اليوم تتمتع بالمجموعة نفسها من الخصائص المعيارية، كثيراً ما ينتهي الحال بالعلامات التجارية بالتنافس بعضها مع بعض على أساس المعايير الجمالية. وتهيمن شركة «سامسونايت» على هذه الصناعة، حيث تمتلك خُمس السوق مع علامات تجارية كثيرة أخرى منها «أميركان توريستر» و«تومي». وبلغت عائدات شركة «سامسونايت» 3.68 مليار دولار عام 2023. مع ذلك هناك الكثير من اللاعبين الآخرين. ومن أبرز الشركات شركة «ريموا»، التي تشتهر بتصنيع حقائب سفر متينة ذات تجاويف مميزة. وخلال العقد الماضي ظهرت موجة من الشركات الناشئة التي تقدم تصميمات أكثر نعومة وملونة بأسعار معقولة تتراوح بين 200 و300 دولار بالنسبة لحقائب السفر الخفيفة. وتقدم شركات ناشئة مثل «أواي» و«مونوس» و«بييس» و«فلويد» مباشرة إلى المستهلك حقائب سفر مسايرة للموضة تستهدف المسافرين من مواليد الألفية الثانية وجيل «زي».
مع ذلك، إنه سوق مزدحم تنافسي، وعلى بعض العلامات التجارية أن تكافح من أجل الصمود. على سبيل المثال، حاولت شركة «بارافيل» إنتاج حقيبة سفر صديقة للبيئة، لكنها أشهرت إفلاسها في مايو (أيار) العام الحالي، واستحوذت عليها شركة «أنتلر» البريطانية المصنّعة لحقائب السفر. كذلك واجهت علامة تجارية أخرى في مجال حقائب السفر هي «بابون تو ذا مون» صعوبة في زيادة عائداتها واستحوذت عليها شركة «هيدجهوغ كو» عام 2023.
تحسين تصميم حقيبة سفر
تم تأسيس شركة «جولاي» في أستراليا عام 2019، وأصبحت حقائبها الملونة ذات التصميم الناعم منتشرة وتحظى شعبية في أستراليا وفي أنحاء منطقة آسيا والمحيط الهادئ، التي كان دخول شركات أميركية مثل «أواي» و«مونوس» إليها بطيئاً. ويريد ديداسكالو أن تتميز شركة «جولاي» عن الشركات المنافسة لها من خلال إعادة التفكير في تصميم حقائبها بطريقة أساسية بدرجة أكبر.
خلال السنوات القليلة الماضية، كانت العلامة التجارية تحاول العمل على مكونات الحقائب. وكانت من بين أولى العلامات التجارية التي تدشن الشكل الرأسي للحقيبة حيث لا تنفتح من المنتصف بل من الأعلى. وأوضح ديداسكالو قائلاً: «يريد بعض الناس عمقاً عند وضع أمتعتهم داخل الحقيبة. ويكون من الصعب أحياناً فتح حقيبة السفر من المنتصف مع محاولة الحفاظ على اتزانها على الأمتعة الموجودة أمام الفندق الذي تقيم به». وعندما فتحت «أبل» و«غوغل» واجهة برمجة التطبيقات لبطاقات الـ«إير تاغ»، خطر على بال ديداسكالو أن تتبع الأمتعة سيكون هو الخاصية الجديدة في عالم حقائب السفر. كان الكثير من المستهلكين يضعون بطاقات الـ«إير تاغ» في حقائب سفرهم بالفعل، لكنها لم تكن حلاً مثالياً. ويقول ديداسكالو: «ربما يحتاجون إلى نقل بطاقة الـ(إير تاغ) من حقيبة إلى أخرى، أو إخراجها لغرض آخر. وربما ينسون استخدامها تماماً. إنها بذلك أمر آخر سيقلقون بشأنه في وقت تنشغل فيه أذهانهم بالعديد من الأمور».
قضى المصممون في شركة «جولاي» أشهر في محاولة التوصل إلى كيفية دمج بطاقات الـ«إير تاغ» بشكل مثالي داخل حقائب السفر. وانتهى بهم الحال إلى وضعها داخل شريط بلاستيكي أعلى حقيبة السفر بجوار القفل الإلزامي. وعندما تحصل على الحقيبة للمرة الأولى، تسحب اللاصق البلاستيكي الذي يفصل البطارية عن بطاقة الـ«إير تاغ» لتفعيلها، ثم تضغط على زر موجود على الشريط لتفعيله وترى أمتعتك عبر تطبيق «فايند ماي» من «أبل» أو «فايند هاب» من «غوغل» المثبّت على هاتفك الذكي.
يقول ديداسكالو إنه في الوقت الذي تتسم فيه هذه التجربة بالبساطة بالنسبة إلى العملاء، كان التصميم يتسم بالتعقيد. لقد كان من المهم جعل الجانب السفلي من بطاقة الـ«إير تاغ» سهل الفتح من أجل تغيير البطارية. مع ذلك تسير بطاقة الـ«إير تاغ» في الاتجاه نفسه الذي سار فيه القفل. وأوضح قائلاً: «كنا بحاجة إلى جعل فتح البطاقة سهلاً دون كشف القفل. كذلك كنا بحاجة إلى أن يكون كل شيء مؤمّناً ومحكماً؛ لأن الأشياء تتحرك أثناء السفر والتحرك».
سجلت شركة «جولاي» براءة اختراع لبعض الجوانب من هذا المكون الخاص ببطاقة الـ«إير تاغ»، لكن يعتقد ديداسكالو أن الكثير من الشركات الأخرى التي تعمل في مجال حقائب السفر سوف تدرك قريباً أن العملاء المستهلكين سينتظرون تمكنهم من تتبع أمتعتهم بسهولة؛ لذا سوف يبدأون بدمج بطاقات الـ«إير تاغ» أو وسائل تتبع أخرى قريباً في حقائب سفرهم. ومع ذلك، يعتقد أنهم وحدهم هم من سيصبحون منتشرين خلال العام المقبل أو نحو ذلك.
في النهاية يعتقد ديداسكالو أن الشركات الكبرى في مجال حقائب السفر هي التي ستطور على الأرجح حقائبها. إنه من عدة أوجه يستعد للتنافس مع شركة «سامسونايت»، المبتكرة التي تستحوذ على نحو 20 في المائة من السوق. وقال: «لطالما كانت شركة (سامسونايت) في مقدمة الشركات التي تقدم مواد جديدة وعمليات تصنيع مبتكرة. نشعر بالفخر لأن هذه هي المرة الأولى التي نسبقهم ونهزمهم فيها».
*خدمة «تريبيون ميديا»













