لبنان يتنفس من جديد: صيفه الذهبي أعاد الحياة إلى بيروت

استثمارات فندقية تبشر بالخير وتجذب الزوار

بيروت تتنفس وتنتعش سياحيا (الشرق الاوسط)
بيروت تتنفس وتنتعش سياحيا (الشرق الاوسط)
TT

لبنان يتنفس من جديد: صيفه الذهبي أعاد الحياة إلى بيروت

بيروت تتنفس وتنتعش سياحيا (الشرق الاوسط)
بيروت تتنفس وتنتعش سياحيا (الشرق الاوسط)

كلما أعود إلى بيروت، أشعر وكأنني أزور مدينة جديدة تماماً، رغم أنني أعرف كل زاوية فيها وأحمل بين طيّات ذاكرتي كل تفاصيلها. بعد سنوات الغربة، تبدو لي بيروت كأنها تحيا من جديد، تحمل في طياتها روحها الأصيلة الممزوجة بحيوية الشباب ونبض المدينة المليئة بالحياة.

المشي على كورنيش البحر، شم رائحة القهوة من المقاهي القديمة، والاستماع إلى صخب الناس في الأسواق والأسطح، كل ذلك يجعلني أشعر وكأنني سائحة تستكشف عاصمة لم يسبق لها أن زارتها. بيروت بالنسبة لي ليست موطني فقط، بل هي تجربة متجددة لا تنتهي، مليئة بالمفاجآت، والدفء، والفرح الذي يحيي القلب.

في كل زيارة، أكتشف فيها شيئاً جديداً، وأعود بشغف لأروي قصص المدينة التي لا تعرف للملل طريقاً.

رحلة بالقارب الى صخرة الروشة (الشرق الاوسط)

هذه المرة غير كل المرات، لأنه وببعد سنوات من التحديات، تعود بيروت لتثبت مجدداً أنها قلب السياحة النابض في المنطقة. فقد شهدت العاصمة اللبنانية خلال هذا الصيف انتعاشاً ملحوظاً في الحركة السياحية، حيث امتلأت شوارعها بالزوار من مختلف أنحاء العالم العربي والغربي، الباحثين عن جمالها الفريد ودفء أهلها. وافتتاح فندق فوكو الجديد في وسطها يضفي لمسة من الحداثة والضيافة على مشهدها السياحي، ويبشر بأن المدينة بدأت تستعيد عافيتها، مستقبلة المستقبل بثقة وأمل واستثمارات جديدة.

قلعة بعلبك (الشرق الاوسط)

كل فندق في بيروت له قصة طويلة مع الحرب ومع الإقفال والتضرر من الأزمات المتتالية التي لحقت بلبنان على مدى سنين طويلة ولأسباب عديدة، لذا من السهل تسمية الفنادق الشهيرة في بيروت وخارجها لأنها قديمة، كما أنها بمثابة معالم سياحية مهمة، واليوم وبعد إقبال المستثمرين على وضع ثقتهم في لبنان نرى مشاريع فندقية جديدة كان آخرها فندق فوكو التابع لسلسلة «IHG Hotels & Resorts»، وقد تمّ توقيع اتفاقية امتياز مع شركة «DIA SARL» لإطلاق العلامة التجارية «voco» لأول مرة في لبنان، ما يجعله علامة مميزة في السوق الفندقي المحلي حيث يمزج بين سمات الفنادق المستقلة من حيث الطابع الجمالي والشخصية المحلية، مع مستوى الجودة الفندقية العالمية.

جانب من مطعم بي بي عبد في جبيل (الشرق الاوسط)

لا يمكن التكلم عن هذا الفندق من دون ذكر موقعه الرائع في وسط بيروت، تحديداً في شارع كينيدي مقابل ممشى «زيتونة باي» حيث ترسو أكبر وأجمل اليخوت في لبنان وتنتشر المقاهي والمطاعم بمحاذاة الماء.

زيارة البترون مهمة جدا لانها من أجمل المناطق السياحية (الشرق الاوسط)

ميزة فوكو بيروت أنه مصمم بطريقة تناسب الزوار العرب، فالغرف واسعة وتطل مباشرة على الكورنيش البحري مع إطلالة جميلة تمتع عينيك بها صباح كل يوم، فترتشف قهوتك من خلال نافذة بلورية عملاقة ترى من خلالها حركة مستمرة، وأشخاصاً يمارسون الرياضة الصباحية، يركضون وكأنهم يتسابقون مع شروق الشمس، وفترة المساء يتبدل المشهد إلى أناس يأتون إلى المكان نفسه لكي يودعوا «شمس لبنان»، نعم شمس لبنان لأنها تبدو لي «غير»، ولا أعرف السبب، لكني أراها دائماً مختلفة من حيث اللون والجمال، أعرف أن الشمس هي نفسها في كل مكان ولكن كلماتي نابعة من القلب وليس من العلم والمنطق.

قلعة جبيل القديمة (الشرق الاوسط)

الفندق يناسب السياح ورجال الأعمال لأنه عملي جداً ويضم جميع المميزات التي تجعل منه عنواناً مثالياً للراحة ولإجراء الاجتماعات، فيضم أيضاً بركة سباحة خارجية ومركزاً صحياً.

ومن الضروري ذكر الفطور المميز الذي يقدم كل صباح في مطعم «أتريو»، وفيه تتناول ألذ منقوشة يحضرها الشيف أمامك بالإضافة إلى ألذ بيض طازج مقلي.

إذا كنت تزور لبنان بهدف الاستجمام والسياحة، فمن الممكن الاستعانة بخدمة الكونسييرج في الفندق لوضع جدول سياحي يتناسب مع ما تفضله من زيارات، ومن الممكن أيضا تأمين سيارة مع سائق ودليل سياحي يرافقك طيلة اليوم، وإذا كنت من محبي الرحلات البحرية فمن الممكن أيضا التنسيق مع الفندق للقيام برحلة بحرية على متن اليخت التابع للفندق، الذي يحمل اسمه ويرسو عند ممشى «زيتونة باي».

أما نحن وبالتنسيق مع الفندق فاخترنا الجدول السياحي التالي...

جانب من قلعة بعلبك (الشرق الاوسط)

البترون... مدينة البحر والتاريخ

تتربع هذه المدينة الرائعة التي لا تكتمل زيارة لبنان من دون أن تعرج إليها، كواحدة من أقدم المدن الساحلية في الشرق الأوسط، وكنز ثقافي وتاريخي وسياحي يزدهر عاماً بعد عام. تبعد نحو 50 كيلومتراً شمال بيروت، وتُعدّ إحدى الوجهات المثالية للهروب من صخب العاصمة، حيث تلتقي الضيافة اللبنانية العريقة مع جمال البحر المتوسط وسحر الآثار القديمة.

تاريخ البترون يعود إلى العصور الفينيقية، ويُقال إن اسمها مأخوذ من الكلمة الفينيقية «بترونا»، أي «بيت الصخر». حافظت المدينة على هويتها عبر العصور، من الفينيقيين والرومان، إلى العهدين البيزنطي والعثماني، ولا تزال بعض المعالم التاريخية شاهدة على ذلك، مثل...

> السور الفينيقي: بقايا جدار ضخم بُني ليحمي المدينة من أمواج البحر والعواصف، ويُعدّ من أقدم المعالم المعمارية الساحلية في المنطقة.

> الكنائس القديمة: ككنيسة مار إستفانوس (St. Stephen) المبنية على الطراز البيزنطي، وكنيسة مار جرجس ذات الطابع الماروني العريق.

> الحمّام الروماني: معلم أثري يدل على حقبة الرفاه التي عاشتها المدينة في زمن الإمبراطورية الرومانية.

خلال السنوات الأخيرة، تحوّلت البترون إلى واحدة من أكثر الوجهات السياحية شعبية في لبنان، خصوصاً في فصل الصيف. تتميز بـ:

> الشواطئ الرملية والصخرية: مياه نظيفة، وشواطئ عامة وخاصة، تناسب السباحة والرياضات المائية.

> مقاهٍ ومطاعم على الواجهة البحرية: تقدم مأكولات بحرية طازجة ومأكولات لبنانية تقليدية، إلى جانب أجواء عصرية تجذب الشباب والعائلات.

> البلدة القديمة: أزقة مرصوفة بالحجر، بيوت تراثية، وأسواق حرفية تعكس روح المدينة.

> الحياة الليلية البترون اليوم تضمّ مجموعة من المقاهي العصرية، التي أصبحت محطّ أنظار عشاق السهر في لبنان، وأصبحت البترون أخيراً مقصداً لتصوير المسلسلات والأفلام، فعندما تزورها لا بد من التوجه إلى مينائها ولقاء «سوسن» البجعة الشهيرة التي عرفت بالمسلسل اللبناني «بالدم».

الصفيحة البعلبكية (الشرق الاوسط)

جبيل

جبيل، أو بيبلوس كما كانت تُعرف قديماً، هي واحدة من أقدم المدن المأهولة في العالم، وتقع على الساحل اللبناني شمال بيروت بنحو 37 كيلومتراً. تعود جذورها إلى أكثر من 7000 عام، وكانت مهداً للحضارة الفينيقية ومنطلقاً لاختراع الأبجدية الأولى.

تجمع جبيل بين التراث والتاريخ، حيث تحتضن قلعة صليبية، أطلالاً رومانية، وأسواقاً قديمة مرصوفة بالحجارة، إلى جانب مرفأ قديم ما زال ينبض بالحياة. كما تشتهر بمهرجاناتها الثقافية، مطاعمها البحرية، وحياتها الليلية الراقية. من أهم ما يمكنك أن تقوم به فيها...

> زيارة القلعة الصليبية: استكشف قلعة جبيل القديمة المبنية في القرن الـ12. ستجد من داخلها إطلالة بانورامية على البحر والمدينة.

> جولة في الموقع الأثري: بجوار القلعة، يمكنك مشاهدة المعابد الفينيقية، المسرح الروماني، والمتحف الصغير الذي يشرح تاريخ المدينة.

> الغداء في المرفأ القديم: تناول وجبة بحرية طازجة في أحد مطاعم الواجهة البحرية مثل «Pepe’s» أو «Bab El Mina»، حيث تمتزج النكهات المحلية مع إطلالة على المراكب القديمة.

> التنزه في السوق القديم: استمتع بالتجوال في السوق الحجري التاريخي، حيث تجد محلات تبيع الحرف اليدوية، المجوهرات، التذكارات، الصابون اللبناني المعطّر.

> زيارة الكنائس القديمة: مرّ على كنيسة مار يوحنا التي تعود للقرن الـ12، وتتميّز بعمارتها الفريدة وحديقتها الهادئة.

من آثار فقرا (الشرق الاوسط)

بعلبك

زيارة بعلبك ليست مجرّد رحلة إلى مدينة، بل هي عبور إلى عمق التاريخ وسحر الأسطورة. تقع هذه المدينة العريقة في سهل البقاع اللبناني، وتُعدّ من أبرز المعالم الأثرية في الشرق الأوسط، بل العالم أجمع.

من اللحظة الأولى التي تقترب فيها من قلعة بعلبك، تشعر بعظمة الحضارات التي مرّت من هنا. أعمدة معبد جوبيتر العملاقة، ومعبد باخوس المُذهل بتفاصيله المنحوتة، تقف شاهدة على عبقرية الرومان وروعة العمارة القديمة. المكان يفيض برهبة التاريخ، ويمنح الزائر إحساساً بالتواضع أمام الزمن. أنصحك بحجز دليل سياحي متخصص بتاريخ القلعة فالمعلومات التي يقدمها إليك تجعلك تشعر وكأنك تعيش كل لحظة عاشتها كليوبترا والملوك، بالإضافة إلى لحظة غنت فيها فيروز وصدح صوتها العذب بين ثنايا أعمدتها المهيبة.

رحلة بالقارب الى صخرة الروشة (الشرق الاوسط)

بعد الجولة الأثرية، يمكن الاستمتاع بجولة في سوق المدينة الشعبي، حيث تمتزج روائح الزعتر البلدي، والصابون المصنوع يدوياً، والمنتجات المحلية. ولا تكتمل الزيارة من دون تذوّق طبق «الصفيحة البعلبكية» الشهير، في أحد المطاعم العائلية التي ما زالت تحافظ على الطابع الأصيل للضيافة اللبنانية. وأنصحك بتذوقها في مطعم القناطر الذي يقدم ألذ صفيحة بعلبكية.

البردونيتشتهر بكونها «عاصمة المطاعم اللبنانية التقليدية»، إذ تصطف على جانبي النهر سلسلة من المطاعم العائلية الفاخرة، التي تقدّم أشهى المأكولات اللبنانية، إلى جانب أجواء الضيافة الزحلاوية الأصيلة.

ابدأ يومك بفطور لبناني لذيذ (الشرق الاوسط)

رحلة بالقارب من المنارة إلى صخرة الروشة منطقة المنارة في بيروت ليست مكاناً لمشاهدة الغروب فقط، بل أيضاً نقطة انطلاق لواحدة من أجمل التجارب البحرية في العاصمة؛ رحلة بالقارب تأخذك مباشرة إلى حضن البحر، وصولاً إلى صخرة الروشة.

على مقربة من منارة بيروت، أو ما يُعرف بـ«الكورنيش البحري»، تصطف قوارب صغيرة يقودها بحارة محليون، ينتظرون الزوار الذين يرغبون باكتشاف بيروت من فوق صفحة الماء. مع نسمات البحر وصوت النوار، تبدأ الرحلة على نغمات صوت فضل شاكر وآدم.

تبحر القوارب بمحاذاة كورنيش بيروت، حيث تُشاهد المدينة وهي ترتفع خلفك تدريجياً، وتبدأ صخرة الروشة بالظهور أمامك بكل عظمتها. وما إن تقترب منها، حتى تنكشف تفاصيلها المدهشة؛ فتحة طبيعية في وسطها، صخور شاهقة نحتتها الأمواج عبر آلاف السنين، ومياه بلون أزرق فيروزي تحيط بها من كل الجهات.

اقامة واطلالة مباشرة على البحر (الشرق الاوسط)

حالفنا الحظ لأننا كنا على متن قارب صغير فاستطعنا الاقتراب كثيراً من الصخرة، ودخلنا في الفتحة الشهيرة وانتهى بنا المطاف في المغارة القابعة تحت الصخرة.

خلال الرحلة، ستجد نفسك تخرج الكاميرا تلقائياً؛ صخرة الروشة من البحر مشهد يستحق التوثيق. كما يتيح القارب لك رؤية المنحدرات البحرية والأجزاء المخفية من الكورنيش التي لا تراها من اليابسة.

كفر ذبيان والمزار

منطقة كفر ذبيان تُعدّ واحدة من أبرز المناطق السياحية في لبنان، وتقع في قضاء كسروان ضمن محافظة جبل لبنان. تتميّز بموقعها الجبلي الخلّاب على ارتفاع يتراوح بين 1200 و2800 متر فوق سطح البحر، ما يجعلها وجهة مثالية للسياحة الشتوية والصيفية على حد سواء.

عند وصولك إليها سوف تقف عاجزاً عند وصفك الطبيعة المحيطة بها، جبال ووديان وجسور طبيعية من الصخر. تصل إلى ساحتها وتقوم برحلة «سفاري» على متن مركبة رباعية الدفع تأخذك في رحلة إلى أهم معالم المنطقة.

أهم معالمها: معبد فقرا الروماني: تجد فيه معبداً رومانياً ضخماً يعود إلى القرن الأول الميلادي، محفوراً في الصخر.

اطلالة رائعة على زيتونة باي (الشرق الاوسط)

يحتوي على بقايا أعمدة، نقوش، ومغارة كبيرة كانت تستخدم لأغراض دينية أو كمكان للعبادة. ويعد هذا المعلم من أجمل المعالم الأثرية في الشرق الأوسط.

وبعدها تصل إلى نقطة عالية لتجد تمثال مار شربل العملاق المطل على أجمل المناظر الطبيعية الخلابة، وحينها يكون قد حان وقت الطعام فأنصحك بالتوجه إلى «Le Refuge» التابع لفندق إنتركونتيننتال المزار الذي يعتبر من أهم المعالم السياحية في كفر ذبيان وأحد أشهر المنتجعات الجبلية الفاخرة في لبنان وفي فصل الشتاء يتحول المطعم الرئيس إلى استراحة للمتزلجين. وفي فصل الصيف تجلس في الخارج وتتنشق الهواء النقي وتتذوق ألذ الأطباق اللبنانية والغربية.


مقالات ذات صلة

يعتزم تحويل مقر سابق للجيش إلى فندق... تظاهرة في بلغراد ضد مشروع لصهر ترمب

أوروبا أشخاص يشاركون في احتجاج أمام مقر سابق للجيش بسبب قانون جديد لتسريع تحويله إلى مجمع فاخر يرتبط بشركة استثمارية أسسها صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في بلغراد (رويترز)

يعتزم تحويل مقر سابق للجيش إلى فندق... تظاهرة في بلغراد ضد مشروع لصهر ترمب

تظاهر مئات الأشخاص في بلغراد احتجاجاً على خطة هدم المقر السابق لقيادة الجيش لإفساح المجال أمام مجمع فندقي فاخر.

«الشرق الأوسط» (بلغراد)
الاقتصاد وزير السياحة السعودي متحدثاً في «تورايز 2025» (الشرق الأوسط)

السعودية تقود تحول السياحة العالمية باستثمارات تتجاوز 200 مليار دولار

تقود السعودية تحولاً عالمياً في قطاع السياحة من خلال منصة «تورايز 2025» الرائدة، التي تهدف للمبادرة إلى توحيد الحكومات، والقطاع الخاص لنمو مستدام.

عبير حمدي (الرياض) زينب علي (الرياض)
الاقتصاد نموذج لمشروع نادي «كينونة» الشاطئي في ينبع من تطوير شركة «بهيج» التابعة لـ«أسفار»... (الشرق الأوسط)

«أسفار» السعودية تطلق استثمارات سياحية جديدة في الباحة وينبع

تُعلن «الشركة السعودية للاستثمار السياحي (أسفار)»، إحدى شركات «صندوق الاستثمارات العامة»، عن إطلاق مرحلة جديدة من استثماراتها في تطوير الوجهات السياحية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب في «تورايز 2025»... (الشرق الأوسط)

الخطيب: السياحة السعودية محرك رئيسي للنمو الاقتصادي وفرص الشباب

أكد وزير السياحة السعودي، أحمد الخطيب، أن «تورايز 2025» يمثل منصة عالمية تجمع القطاعين العام والخاص لمناقشة مستقبل السياحة والاستثمار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد رئيسة مجلس إدارة «مجموعة العليان» في منتدى «تورايز 2025» (الشرق الأوسط)

رئيسة «العليان»: قانون الاستثمار السعودي يضمن المساواة ويعزز النمو

أكدت رئيسة مجلس إدارة «مجموعة العليان»، لبنى العليان، أن قانون الاستثمار الجديد في السعودية يهدف أساساً إلى ضمان المساواة بين المستثمرين المحليين والأجانب.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

بللسمر... مدينة الغيوم والذاكرة العربية العتيقة

بللسمر من المناطق التاريخية الجميلة في المملكة (الشرق الاوسط)
بللسمر من المناطق التاريخية الجميلة في المملكة (الشرق الاوسط)
TT

بللسمر... مدينة الغيوم والذاكرة العربية العتيقة

بللسمر من المناطق التاريخية الجميلة في المملكة (الشرق الاوسط)
بللسمر من المناطق التاريخية الجميلة في المملكة (الشرق الاوسط)

حين تتجول بين سفوح ووديان بللسمر، تشعر وكأنك تمشي في ممرات التاريخ نفسه، فكل زاوية من هذه المدينة تحكي قصة، وكل نسمة تحمل عبق مجد قديم، والإبهار هنا ليس لحظة عابرة، بل حالة ترافقك طوال الرحلة.

بللسمر في المملكة العربية السعودية مهد الأساطير ومسرح البطولات، كل حجر فيها يروي حكاية نصر، وكل وادٍ يحتفظ بصدى أبطال مرواً من هنا.

تقع بللسمر في قلب منطقة عسير جنوب غربي المملكة، وتحتضن بين جبالها كل ما هو مدهش؛ من نقوش أثرية وجبال شاهدة على حضارات تعاقبت، إلى جبل لقمان الحكيم وصدى أشعار الشنفرى صاحب «لامية العرب».

طبيعة رائعة في أعالي جبال السعودية (الشرق الاوسط)

ولكثرة الحكايات والمواقع والنقوش المنثورة التي تحكي لك تفاصيل أمة عاشت واستوطنت قبل أكثر من 3 آلاف عام، فالمكان مدجج بالتاريخ، لا تعبث مع الحكايات قف وتأمل، عطر الانتصارات ونشوة المجد، واسمع ما يسلي خاطرك عن قبائل «الأزد» وقصة الصحابة في صدر الإسلام، وما يروى عن قبر «لقمان» الحكيم.

احتضنت بللسمر، الواقعة في منطقة عسير جنوب غربي السعودية، جميع ما هو معقول ولا معقول من جبل لقمان، والنقوش المتناثرة في جبال المدينة، إلى صاحب «لامية العرب» الشنفرى، وهو ثابت بن أواس الأزدي، ليأخذك المسير فيما أنت عليه من انبهار إلى أقدم مساجد الصحابة في المدينة، وسوق «أم طير» الذي يعود تاريخه لأكثر 400 عام، وللسوق حكاية مع طير يحوم فوقه بحثاً عن الطعام فسمي بسوق «أم طير» باللهجة التهامية.

نقوش وآثار (الشرق الاوسط)

ولا تكتفي بللسمر بعمق تاريخها، فالطبيعة التي تعانقها من الاتجاهات الأربعة وارتفاعها عن سطح البحر بنحو 2800 متر جعلها وجهة للباحثين عن الجمال والاسترخاء، إذ تلتقي الغابات الكثيفة بالسحب المنخفضة، في مشهد يعكس جمال الطبيعة الجبلية في جنوب المملكة، وهذه الطبيعة الفريدة تستقطب آلاف الزوار والسياح من الداخل والخارج على مدار العام، وإن كان فصل الصيف يسجل حضوراً أكثر، خاصة مع انتشار كبير للمنتزهات الفريدة بأجوائها الباردة والضبابية.

وفي كل موسم صيف تنظم العديد من الفعاليات السياحية التي تحكي واقع المدينة كما تحتضن سنوياً مهرجان البر، الذي يُبرز منتجات المزارعين المحليين من الحبوب، ويُعد من أبرز الفعاليات الزراعية في المنطقة، إذ تشتهر بللسمر بهذا المنتج على المستوى المحلي والدول المجاورة.

موقع جميل وتاريخ غني (الشرق الاوسط)

يروي اللواء متقاعد فايز الأسمري، والمهتم بتاريخ بللسمر، أن المدينة جزء من رجال الحجر الذين يتكونون من أربع قبائل هي «بلحمر، وبللسمر، وبني شهر، وبني عمرو»، وجميعهم من أولاد الحجر بن الهنوء بن الأزد بن قحطان، من العرب القحطانيين، مشيراً إلى أن بللسمر تنقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية «قسم في تهامة، وقسم في الحجاز، وقسم في السهول الشرقية (نجد)»، وجميعها ترتبط بنسب واحد وتاريخ مشترك.

وأشار الأسمري في حديثة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تاريخ استقرار الأزد في هذه الجبال يعود إلى ما قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، بنحو ألفي عام، وذلك بعد هجرة الأزد من مأرب باليمن عقب انفجار سد مأرب، وهو الحدث الذي أدى إلى تفرّق قبائل الأزد في أنحاء الجزيرة وخارجها، موضحاً أن القبائل تفرعت داخل المملكة وخارجها، منها رجال الحجر، وبلقرن، وغامد، وزهران، والأوس والخزرج في الداخل، فيما سكن الغساسنة بلاد الشام.

طبيعة غناءة تعانق سماء المملكة (الشرق الاوسط)

ويذكر اللواء فايز، أن اختيار «الأزد» للإقامة في جبال السراة لم يكن عشوائياً، بل بسبب توفر مقومات الحياة؛ فالمياه والأمطار كانت متوفرة، والمراعي خصبة، والزراعة مزدهرة، وكانت المنطقة مصدر رزق للوافدين من نجد وبيشة، إذ كانت الجبال تنتج القمح والشعير، بينما تأتي التمور من بيشة، فكانت بللسمر منطقة تبادل اقتصادي ومعيشي مهمة في الجزيرة العربية.

من جهته، قال سعيد الأسمري، مهتم بتاريخ بللسمر ومالك حصن معشي، إن اسم بللسمر صفة وليس نسباً، فهم يرجعون إلى الأواس بن حجر مباشرة، وتجمعهم صلة قوية ببقية قبائل رجال الحجر وهي: «بللسمر، وبلحمر، وبني شهر، وبني عمرو»، موضحاً أن المنطقة شهدت معارك قبل الإسلام وفي صدره، من أبرزها المعركة التي وقعت في عيار بللسمر، كما شهدت المنطقة ما عُرف بـ«يوم العرب» أو يوم «حراق»، وهي حروب دارت بين قبائل بني واس التي انقسمت لاحقاً إلى ثلاث مجموعات، وكانت تلك الحروب تدور غالباً بسبب الغزو القبلي.

منطقة خضراء في أعالي جبال السعودية (الشرق الاوسط)

ويصف سعيد الأسمري، تضاريس بللسمر، أنها تتكون من أربع بيئات مختلفة، لكل منها مناخها ولهجتها وطبيعتها فالبادية في الجهة الشرقية، والسراة وهي الجبال العالية كجبال السودة، والرهو التي ورد ذكرها عند الهمداني قبل أكثر من 1200 سنة، حيث قال إن بها أرضاً تُسمى ذْبوب من بوزر، وتضم تسعةً وتسعين بئراً، والصدر الذي يرتفع ما بين 1200 إلى 1500 متر، وفيه جبلان بارزان هما هادا وضرم.

ويضيف أن سوق خميس أمطير وهو من الأسواق القديمة سُمي بهذا الاسم لأن طائراً كان يقف فيه لالتقاط بقايا الطعام، فكان الأهالي يقولون باللهجة التهامية «أم طير»، وقد كانت السوق قائمةً قبل خمسمائة عام وما يزال موجوداً حتى اليوم، لافتاً إلى أن آثار بني واس تدل على وجودهم في المنطقة قبل أكثر من 3 آلاف عام، ومن هذه القبيلة خرج الشنفرى أحد أشهر صعاليك العرب، الذي امتدح الخليفة عمر بن الخطاب شعره وعدّه من أميز الشعراء العرب.

ويذكر مالك حصن معشي، أن من أقدم المساجد في بللسمر «مسجد دبوب، ومسجد مرحب»، وهما من المساجد التي شُيدت في صدر الإسلام، إذ شيد مسجد رحب الصحابي معاذ بن جبل رضي الله عنه، وحمل اسمه لاحقاً، مع وجود موقع أثري يُنسب إلى لقمان عليه السلام، حيث توجد نقوش تعود إلى أكثر من أربعة آلاف عام، إضافة إلى جبل يُعرف باسم لقمان.


جولة على الساحل اللبناني من شماله إلى جنوبه

مدينة جونيه الجميلة (فيسبوك)
مدينة جونيه الجميلة (فيسبوك)
TT

جولة على الساحل اللبناني من شماله إلى جنوبه

مدينة جونيه الجميلة (فيسبوك)
مدينة جونيه الجميلة (فيسبوك)

مقولة اللبنانيين الشهيرة: «في لبنان يمكنك أن تسبح في الصباح وتتزلج بعد الظهر»، بالإشارة إلى قرب المسافة ما بين البحر والجبل. فيشتهر لبنان بأن دقائق فقط تفصل بين الساحل وسفوح الجبال. فبلد الأرز يملك من خصوصيات طبيعته الجميلة كل ما يتمناه المرء لقضاء عطلة جميلة. وبين البحر والجبل تتوزّع المساحات الخضراء والزرقاء لتؤلف عناوين معروفة. فالساحل اللبناني غني بشواطئه الممتدة على طول مساحته من الشمال إلى الجنوب، بينها ما هو صخري أو رملي. وعادة ما تشكّل هذه الشواطئ وجهات سياحية يقصدها اللبناني المقيم كما السائح الأجنبي، فيمارس رياضاته المفضلة من سباحة وتزلّج على الماء، كما يستفيد من مطاعم ومقاهٍ لتناول أطباق بحرية طازجة.

صور جوهرة المناطق الساحلية في لبنان (فيسبوك)

صورحصدت المركز الرابع كأجمل شواطئ المنطقة

يجذب شاطئ مدينة صور الجنوبية رواده من مختلف المناطق اللبنانية. كما يعدّ من العناوين الأشهر بالنسبة للسياح الأجانب والعرب. فهو يتميز بنظافة مياهه وزرقتها. كما احتلّ المركز الرابع ضمن أجمل شواطئ منطقة الشرق الأوسط.

عادة ما يقصد رواده منطقتي الخيم والجمل، كونهما من الأجمل للسياحة الشاطئية. زرقة على مدّ عينك والنظر تأخذك إلى عالم الأحلام، ويعدّ محمية بيئية. يُقسم إلى منطقة مخصصة للاستجمام والسباحة، وأخرى يُمنع استغلالها، وتخصص فقط للحفاظ على الحياة البرية، وبشكل خاص السلاحف البحرية (اللجآت) والأسماك. تقع محمية شاطئ صور الطبيعية في الجزء الجنوبي من مدينة صور. تتألف من أكثر شواطئ لبنان الرملية جمالاً، وهو الشاطئ الأكبر في لبنان، مما يجعل المحافظة عليه مهمة وطنية.

تمّ إعلان شاطئ صور محمية طبيعية في عام 1998، تبلغ مساحتها الطبيعية 380 هكتاراً، وهي مقسمة إلى ثلاثة أقسام: قسم السياحة، وقسم الحماية، وقسم الزراعة والآثار.

يمكن لمن يقصده أن يحمل طعامه معه وينظم حفلة شواء أسماك على طريقته. وكذلك يمكنه أن يحط رحاله في واحد من المطاعم المنتشرة هناك، ومن بينها «ريست هاوس صور» و«لو فينيسيان» و«سيسيليا» وغيرها.

جميعها تقدّم أشهى المأكولات البحرية من أسماك طازجة ومتبلات وثمار البحر.

تشتهر عمشيت بشواطئها (فيسبوك)

عمشيت: شمس لا تغيب

تقع بلدة عمشيت على الساحل الشمالي اللبناني. ويعتبر شاطئها امتداداً لشاطئ جونية من ناحية الجنوب، وشكا والهري وطرابلس من ناحية الشمال. ويعدّ من أجمل وأنظف الشواطئ السياحية في لبنان، مما يجعله عنواناً بارزاً للاستجمام والنشاطات البحرية. طبيعته الصخرية تسمح لرواده بممارسة رياضة صيد السمك، وكذلك اكتشاف مواقع نمو ثمار التوتيا البحرية. وهي كائنات بحرية كروية الشكل ذات أشواك قاسية. وتُعرف هذه الثمار بقيمتها الغذائية العالية. ويتم تناولها طازجة بعيد صيدها مباشرة، فتشكّل رياضة بحد ذاتها تتطلّب الغطس في المياه حول حفاف الصخور.

يصل طول الشاطئ اللبناني إلى 200 كم، ويبلغ عدد الأيام المشمسة في البلاد نحو 300 يوم. ويعتبر شاطئ عمشيت من أهم شواطئ لبنان من حيث حماية البيئة والإدارة الجيدة، مما يجعله من أحسن شواطئ لبنان سمعة، ومقصداً للزوار من مختلف المناطق، وذلك في إطار السياحة الداخلية. تبلغ ذروة ارتياده في فترة الصيف، للتمتع برياضة السباحة والاستجمام. وما ساعده على ذلك موقعه البعيد عن زحمة المدينة. ولا يكتمل المشوار إلى شاطئ عمشيت من دون تناول الأسماك وثمار البحر الطازجة. ومن أهم المقاهي والمطاعم المشرفة عليه «بابل البحر» و«كازينو مهنا» و«شي رشيد».

منطقة أنفه الواقعة إلى الشمال اللبناني (فيسبوك)

شاطئ أنفة: سانتوريني لبنان

شاطئ أنفة في لبنان، هو معلم سياحي شهير. يُعرف بمياهه النظيفة، وبيوته البيضاء والزرقاء التي تذكر باليونان. وتلقّب بلدة أنفة بـ«أنفوريني» لبنان تيمناً بمدينة سانتوريني اليونانية. وعادة ما يقصد رواد السباحة والاستجمام شاطئ «فوق الريح» لممارسة نشاطاتهم الرياضية. يُعد الشاطئ مكاناً مثالياً للرياضات البحرية والأنشطة الترفيهية. ويضم منتجعات سياحية ومقاهي ومطاعم مطلة على البحر، بالإضافة إلى الملاحات القديمة التي تُظهر تاريخ المنطقة في استخراج الملح.

ومن أشهر مطاعمه «شي فؤاد» و«وسيم عالبحر» و«سمكة جرجي». وبعض هذه المطاعم تتمتع بشاطئ خاص بها يسمح لروادها تمضية يومٍ كاملٍ فيها، فيمارسون خلالها رياضات ونشاطات عدة كالسباحة والغطس.

جونية: منظر البحر والجبل بين يديك

يتمتع شاطئ جونية بخصوصية لا تحضر في باقي الشواطئ اللبنانية. يوفّر لرواده التمتع بمنظر يجمع بين البحر والجبل والعمارة. يقصده السياح لقربه من العاصمة (20 كلم). ولتوفيره كل المؤهلات السياحية. فتحضر فيه النظافة وحسن التنظيم وفنادق جيدة وشبكة نقل إلى جانب «تلفريك جونية».

شاطئ تحيط به مشاهد الجبال المكسوة بالغطاء النباتي، فيوفر جواً من الاسترخاء لمحبي الهدوء والتأمل. وتنتشر على ضفافه أعداد لا يستهان بها من المجمعات السياحية، من بينها «هوليداي بيتش» و«الرمال» و«بورتالونا» وغيرها.


رحلة ريفية رومانسية على خطى «بريدجرتون» و«داونتون آبي»

باث الجميلة (الشرق الاوسط)
باث الجميلة (الشرق الاوسط)
TT

رحلة ريفية رومانسية على خطى «بريدجرتون» و«داونتون آبي»

باث الجميلة (الشرق الاوسط)
باث الجميلة (الشرق الاوسط)

تفيض الدراما البريطانية بسحر خاص يأسر القلوب، فهي لا تُقدّم مجرد قصص حب، بل تنسج عوالم من الأناقة والرقي والحنين إلى الماضي. مسلسلات مثل بريدجرتون (Bridgerton) وداونتون آبي (Downton Abbey) أعادت إلى الأذهان جمال العصور الريجنسية والفيكتورية، حين كانت الرومانسية تُعبَّر بنظرة، والمشاعر تُروى في حفلات الرقص وتحت ثريات القصور.

غالبية الأفلام والمسلسلات تصور في باث وكوتسوولد (الشرق الأوسط)

لكن السحر لا يقتصر على الشاشة فحسب لأنه يُمكنك أن تعيشه بنفسك، فما إن تشاهد عرضاً فنياً في أحد مسارح لندن الشهيرة، أو تطأ قدماك شوارع باث الأنيقة أو ممرات كوتسوولد الحجرية حتى تشعر كأنك عُدّت قروناً إلى الوراء، فتتخيل أنك تسير مع الخيول والعربات والقصور والحدائق التي تنبض بالعشق والحنين. هناك بين المعمار الجورجي المهيب، والمروج الخضراء الهادئة، ستكتشف أن الرومانسية البريطانية ليست مجرد خيال تلفزيوني، بل واقع نابض يمكن أن تلمسه وتعيشه.

ساحة رويال كريسينت (الشرق الأوسط)

إذا كنت تبحث عن رحلة عنوانها الرومانسية، وتنوي المشي على خُطى أهم الممثلين وأبطال الأفلام والمسلسلات البريطانية الشهيرة التي صورت جميعها في قرى الريف الإنجليزي العابق بجمال طبيعته الخلابة، وروح القرى التي لا تزال جلية عليه، فيمكنك ذلك من خلال رحلة تبدأ من العاصمة لندن، وتمر بمدينة باث الرومانية، وتنتهي في قرى الكوتسوولدز الريفية.

من عرض «بلايت آند بريدجيديس» الساخر في لندن (الشرق الأوسط)

شاركت «الشرق الأوسط» أوائل أكتوبر (تشرين الأول) في رحلة مستوحاة من الدراما البريطانية التاريخية، من تنظيم «فيزيت بريتان» (Visit Britain)، وجمعت ما بين الخيال والتاريخ والدراما والرومانسية.

تصوير مشاهد سينمائية في باث (الشرق الأوسط)

بدأت المغامرة من لندن، العاصمة النابضة بالأناقة والتاريخ؛ حيث لا تزال الحدائق الملكية والساحات القديمة تروي قصص الطبقة الأرستقراطية في القرن التاسع عشر، ثم امتدت الرحلة غرباً إلى مدينة باث، المصنفة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونيسكو»، والمعروفة بحماماتها الرومانية ومعمارها الجورجي الفخم، وهي المدينة التي استلهمت منها الكاتبة جين أوستن أجواء رواياتها الخالدة. ومن هناك، انتهت الرحلة في قلب الريف الإنجليزي الساحر، في منطقة كوتسوولد، التي تأسر القلوب ببيوتها الحجرية الذهبية وتلالها الخضراء وقراها التي تبدو كأنها خرجت من صفحات رواية رومانسية.

مركز جين أوستن من الزيارات الجميلة في باث (الشرق الأوسط)

أناقة البدايةبدأ المشوار في فندق «ذا لاندنور» (The Londoner) الواقع في ميدان «ليستر سكوير» النابض بالحيوية السياحية، ويعدّ من الفنادق القليلة حول العالم من فئة «سوبر بوتيك»، عندما تدخل إلى بهوه الأنيق تشعر بأن رحلتك الريفية قد بدأت؛ حيث تستقبلك المدافئ والألوان الداكنة، وهو يمزج ما بين العصرية والعراقة بحكم موقعه القريب من جميع معالم لندن التاريخية، مثل «كوفنت غاردن» و«ترافالغر سكوير» وشارع «ريجنتس» وغيرها من أهم المعالم السياحية في المدينة، فهو من أجدد عناوين الإقامة في وسط المدينة، ويتميز بمطاعمه والسطح «روف توب» المطل على أجمل المناظر، بالإضافة إلى النادي الصحي وبركة السباحة الكبيرة، وسينما خاصة. وبما أن الرحلة من وحي الدراما فكان من الضروري مشاهدة مسرحية « Plied &Prejudice» وهي النسخة الهزلية من قصة Pride & Prejudice للكاتبة البريطانية جاين أوستن.

مشهد من المسرحية الهزلية «بلايت آند بريدجيديس» (الشرق الأوسط)

في الصباح الباكر انطلق القطار من محطة بادنغتون. ساعة ونصف من الزمن تفصلك عن الوصول إلى باث التي تعدّ من أجمل المدن البريطانية وهي من أجمل المدن التاريخية في إنجلترا. عند الوصول، ستشعر وكأنك دخلت إلى لوحة من العصور الجورجية، حيث المعمار المهيب والحدائق الغنّاء.اخترنا فندق «إنديغو باث» Indigo Bath، موقعه مثالي جداً، فعند وصولك إلى المحطة تمشي 3 دقائق على الأقدام للوصول إليه، فهو يقع في قلب المدينة وبالقرب من معالم المدينة الجميلة.

جين أوستن استوحت الكثير من أعمالها من باث (الشرق الأوسط)

بعد استراحة قصيرة بدأنا مغامرتنا الرومانية من المسبح الروماني Thermae Bath Spa ويعدّ هذا المنتجع الصحي الوحيد في المملكة المتحدة الذي يتيح للزوار الاستحمام في مياه حرارية طبيعية غنية بالمعادن.تنبع هذه المياه الدافئة من ثلاثة ينابيع حرارية طبيعية تحت الأرض، وتسخن بفعل النشاط الجيولوجي؛ إذ تتسرب مياه الأمطار إلى أعماق تصل إلى نحو كيلومترين تحت سطح الأرض، حيث تُسخَّن بفعل الصخور الساخنة قبل أن تعود إلى السطح بدرجة حرارة تقارب 45 درجة مئوية.

مشهد من المسرحية الهزلية «بلايت آند بريدجيديس» (الشرق الأوسط)

بركة السباحة الخارجية دافئة وتفتح جميع أيام السنة ومهما كانت الظروف المناخية، كما توجد بركة سباحة في الداخل وعلاجات طبيعية من الضروري حجزها مسبقاً.وبما أن الرحلة كانت مستوحاة من الأفلام والحقبة الريجنسية والفكتورية كان من الضروري حجز دليل سياحي من شركة In & Beyond Bath للتعرف على مواقع تصوير «بريدجرتون» وتاريخ باث الغني.

من مشاهد مسلسل من إنتاج «نتفليكس» صور في باث (الشرق الأوسط)

كل ما تحتاج إليه حذاء مشي مريح لأن أرضية باث مرصوصة بالحجارة والحصى، وبعدها استمع إلى الدليل رايتشل وهي تشرح عن باث وجمالها... أهم الزيارات في باث:• الحمامات الرومانية (Roman Baths): موقع أثري مذهل يروي تاريخ المدينة منذ أكثر من ألفي عام.• كنيسة باث آبي (Bath Abbey): تحفة معمارية تضفي طابعاً روحياً رائعاً على المدينة.• رويال كريسنت (Royal Crescent) وذا سيركوس (The Circus): من أروع الأمثلة على العمارة الجورجية الفخمة، وقد ظهرتا في مشاهد عديدة من مسلسل بريدجيتون.• متحف جين أوستن (Jane Austen Centre): تجربة أدبية ساحرة لعشّاق الروايات الرومانسية.

جولة سياحية مع دليل للتعرف على روائع جين أوستن في باث (الشرق الأوسط)

وإذا كنت تبحث عن أماكن تعيش فيها الرومانسية وتتذوق فيها ألذ الأكلات، أنصحك بزيارة مقهى سالي لانز Sally Lunn’s التاريخي، المشهور بخبز فريد يعرف بـ«سالي لانز بانز»، قصة هذا المكان مثيرة فيقال إن الخبز جاء عبر امرأة هنغارية فرنسية تُدعى سولانج لويون تحوّل اسمها إلى «Sally Lunn» لدى المحليين، هربت إلى إنجلترا خلال اضطهاد الهوجونوت في فرنسا نحو سنة 1680، واستقرت في باث، حيث بدأت تبيع الخبز الذي يشبه البريوش، ويعتقد أن مبنى المقهى بدأ في الظهور بالشكل الذي نراه حالياً منذ عام 1482، ويُعد واحداً من أقدم المباني الباقية في باث، من الممكن تناول الشاي الإنجليزي مع فطيرة «بان» بنكهة القرفة أو يمكن تناول الغداء واختيار العجينة نفسها مع الدجاج والجبن.

مهرجان جين أوستن (الشرق الأوسط)

وبعدها لا بد من المشي في شوارع المدينة المخصصة للمشاة فقط، من دون أن ننسى التقاط صورة على جسر بولتيني الذي يعد من بين الجسور القليلة حول العالم التي تضم محلات ومقاهي على جانبيه، مثل جسر ريالتو في البندقية، لذلك لا يشعر الزائر أحياناً بأنه يسير على جسر بل في شارع صغير أنيق.الجسر يُطل على شلال باث الشهير (Pulteney Weir)، وهو مشهد مميز جداً وغالباً ما يُعدّ من أكثر اللقطات تصويراً في المدينة.

قرية كاسل كوم الرائعة (الشرق الأوسط)

رحلة إلى كوستوولد قلب الريف الإنجليزيبعد التعرف على مدينة باث التاريخية واكتشاف الأماكن التي صورت فيها أهم الأفلام والمسلسلات الرومانسية، نكمل رحلتنا إلى أشهر قرى The Cotswolds، يمكن الوصول إليها عن طريق الحافلات العامة، ولكن استئجار سيارة أو الاستعانة بدليل مع سيارة قد يكون الخيار الأفضل لكي تتمكن من زيارة أكثر من قرية في يوم واحد.

مناظر طبيعية خلابة في باث (الشرق الأوسط)

قمنا بحجز شركة «سي جاي بي تورز» CJP Tours التي تؤمّن لك دليلاً سياحياً متمرساً مع سيارة تتسع لأكثر من أربعة أشخاص، أو محطة لنا كانت في قرية «ليكوك» Lackok وهي تبعد نحو 40 دقيقة بالسيارة من باث، تشتهر هذه القرية بتصوير العديد من المشاهد من هاري بوتر وداونتون آبي، تتميز بتاريخها الصناعي، حيث كانت في العصور الوسطى قرية نشطة في صناعة الصوف واشتهرت أيضاً بسوقها الأسبوعية والمزارع.

رويال كريسينت (الشرق الأوسط)

أما القرية الأجمل فهي كاسل كوم Castle combe وتحمل لقب أجمل قرية في إنجلترا، تتميز بمبانيها الحجرية ذات اللون العسلي وشوارعها الضيقة المرصوفة بالحصى، أشهر ما فيها جسر بايبروك الذي يعدّ من أكثر المواقع تصويراً في المنطقة، فترى السياح يتهافتون إليه لالتقاط الصور، وشهدت هذه القرية تصوير مشاهد كثيرة من «وور هاوس» و«ستاردست»، من الأفضل الذهاب إلى القرية باكراً، لأنها تزدحم جداً في ساعات الذروة، من الممكن أيضاً المبيت في أحد فنادقها أو بيوتها التراثية القديمة.

غرف «إنديغو باث» من وحي جين أوستن (الشرق الأوسط)

المحطة التالية كانت في قرية «بورتون أون ذا ووتر» Bourton on-the-water الملقبة بفينيسيا الكوتسوولد نسبة لوجود قناة الماء والجسور فيها، يعبر هذه القرية نهر ويندراش وعنده تم تصوير أفلام عديدة مثل «إيما» و«برايد أند بريدجيديس». وفيها تجد القرية النموذجية المصغرة لقرى الكوتسوولد المميزة بطريقة بنائها ولون حجارتها الذهبي.

من مهرجان جين أوستن (الشرق الأوسط)

وبالقرب من القرية المذكورة ستجد قرى صغيرة أخرى تستحق الزيارة مثل «لوير سلوتير» Lower Slaughter المعروفة بكونها أكثر القرى رومانسية وهي تقع بمحاذاة نهر «آي» واستخدمت عدة مرات كموقع لتصوير الأفلام كان آخرها النسخة الجديدة من «إيما».وإذا كنت من محبي أسواق الطعام المفتوحة أنصحك بزيارة «ستو أون ذا وولد» Stow on the Wold، فهي تتميز بتصميم بيوتها الريجنسي وفيها تم تصوير العديد من المسلسلات التلفزيونية.

«ثرماي باث» المسبح المفتوح في باث (الشرق الأوسط)

وكان ختام رحلتنا عابقاً بالتاريخ لأننا اخترنا أن تكون محطتنا الأخيرة في فندق «إيلينزبورو بارك هوتيل» Ellenborough Park Hotel، تصل إليه عبر بوابة ضخمة يقف وراءها مبنى تاريخي يعود بناؤه إلى القرن الخامس عشر، من زواره الملك جورج الثالث، واليوم يقدم 61 غرفة وجناحاً بتصميم يتماشى مع عراقة المبنى، ميزة الفندق أنه على مقربة جداً من مضمار تشيلتنهام لسباق الخيل، وهو حدث بارز في المملكة المتحدة، يُقام سنوياً في منطقة تشيلتنهام بكوتسوولد.

جلسة جميلة في مقهى سالي لان في باث (الشرق الأوسط)

ويضم الفندق بركة سباحة خارجية مدفأة ومطعماً جميلاً يقدم ألذ الاطباق التي تعتمد على المكونات الموسمية.زيارة القرى على خطى مواقع الأفلام البريطانية قد تكون انتهت، إنما ذكريات هذه الرحلة ستبقى مرافقة للزائر لأنها تجربة مليئة باللحظات الساحرة وكأن الزمن توقف، فخلالها تنقلك المناظر الطبيعية ومواقع التصوير إلى عالم من الرومانسية والزمن الجميل. رحلة كهذه لا تقدّم فقط الاسترخاء والمتعة البصرية، بل تعكس أيضاً عمق التراث البريطاني وثراء الثقافة المحلية بطريقة لا تُنسى.