تيرانا تنفض غبار الشيوعية وتفتح ذراعيها للسياح

بعد سنوات طويلة من العزلة إليك أجمل ما فيها

تيرانا مدينة نابضة بالحيوية (غيتي)
تيرانا مدينة نابضة بالحيوية (غيتي)
TT

تيرانا تنفض غبار الشيوعية وتفتح ذراعيها للسياح

تيرانا مدينة نابضة بالحيوية (غيتي)
تيرانا مدينة نابضة بالحيوية (غيتي)

وجهتنا اليوم هي تيرانا عاصمة ألبانيا، المدينة التي حملت على مدى عقود طويلة ملامح العزلة والفقر تحت ظل الحكم الشيوعي والدكتاتوري. فقد عاشت البلاد في القرن العشرين واحدة من أشد فترات الانغلاق في أوروبا، حيث فُرضت قيود صارمة على حياة الناس، وانعكس ذلك على معالم المدينة التي غلبت عليها الرموز الآيديولوجية والعمارة القاسية. كانت تيرانا خلال تلك الحقبة بعيدة عن أعين العالم، محاطة بأسوار الصمت والرقابة، تعاني من محدودية الموارد وتقييد الحريات. ومع ذلك، فإن هذه التجربة التاريخية القاسية أصبحت اليوم جزءاً من هوية المدينة، وجعلت من تحولها نحو الانفتاح والديمقراطية قصة ملهمة تعكس صمود شعبها ورغبته في بناء مستقبل أفضل.

عانت البانيا من العزلة واليوم تطلع للانفتاح واستقبال السياح (غيتي)

اخترنا تيرانا لنكون من أوائل الزوار الشاهدين على تحرر هذه المدينة وتطورها ونفض غبار الشيوعية عنها وفتح ذراعيها للزوار، وكلها تفاؤل بفكرة الانضمام للاتحاد الأوروبي لتصبح وجهة سياحية على مستوى المنافسة مع الجيران.

تُعَدّ تيرانا القلب الثقافي والسياسي لألبانيا، وواحدة من أبرز الوجهات السياحية في منطقة البلقان. تقع في موقع استراتيجي يجمع بين الجبال والسهول، مما يمنحها طبيعة خلابة تجذب الزوار على مدار السنة. تتميز المدينة بتاريخ متنوع، يظهر في عمارتها التي تحمل بصمات عثمانية وإيطالية وشيوعية وحديثة في آن واحد. كما تضم معالم بارزة مثل ساحة سكاندربغ، المتحف الوطني للتاريخ، والمساجد والكنائس القديمة التي تحكي قصص حضارات متعاقبة. ولا تقتصر جاذبية تيرانا على معالمها فحسب، بل تمتد إلى أسلوب حياتها العصري، حيث المقاهي، والأسواق الشعبية، والمهرجانات التي تعكس روح المدينة المبهجة.

هرم تيرانا الشهير (غيتي)

عند زيارة تيرانا، يجد السائح نفسه في قلب مزيج حضاري غني، شعبها مضياف وكريم إلى حدٍ بعيد. يتمتع المجتمع بالتسامح الديني والتعايش بين المسلمين والمسيحيين، مما يضفي على البلاد تنوعاً ثقافياً فريداً، فيشكل المسلمون (سنة وبكتاشية) نحو 60 في المائة من السكان و40 في المائة من المسيحيين غالبتهم أرثوذكس. العملة المحلية هي الـ«ليك» ولكن العملات الأخرى مثل الدولار واليورو والجنيه الإسترليني متداولة في المحلات والمطاعم، غالبية الأماكن لا تقبل بطاقات الائتمان، فمن الضروري حمل العملة النقدية.

ستاد تيرانا الشهير بتصميم مبناه المميز (غيتي)

مطار تيرانا المعروف أيضاً باسم مطار الأم تيريزا تيمناً بالقديسة الألبانية، فهو مطار صغير ويبعد عن وسط المدينة بنحو 20 دقيقة، التنقل في العاصمة سيكون بواسطة التاكسي أو الحافلات العمومية أو تأجير سيارة إذا كنت تنوي زيارة المناطق القريبة من العاصمة، وفي حال كنت تنوي الإقامة في العاصمة فقط فسيكون المشي هو أفضل وأسرع طريقة لاكتشافها لأنها مدينة صغيرة من حيث المساحة وجميع معالمها السياحية وأسواقها ومقاهيها قريبة من بعضها البعض.

ساحة سكاندربغ والمتحف الوطني ( غيتي)

الإقبال الحالي الشديد على تيرانا أو البانيا بشكل عام هو بسبب رخص أسعارها، بالمقارنة مع تلك التي تجدها في باقي دول البلقان أو الدول الأوروبية المجاورة لها مثل إيطاليا واليونان، فالمطاعم والفنادق في تيرانا رخيصة بعض الشيء، فعلى سبيل المثال من الممكن بأن تنزل في فندق من فئة 5 نجوم في وسط المدينة مقابل 150 يورو لليلة الواحدة، أما أسعار المطاعم فهي تعتمد على المطعم ولكنها مقبولة نسبياً.

الساحة الكبرى في تيرانا حيث ينتصب تمثال البطل الالباني سكندربرغ (غيتي)

اخترنا فندق «جيكو» Xheko لأن موقعه جيد جداً ويضم مركزاً صحياً كبيراً ويقدم الكثير من العلاجات بأسعار مقبولة، كما يتميز الفندق بمطعم مفتوح على سطحه يقدم المأكولات الألبانية والمتوسطية والسوشي، ويعتبر من بين أهم عناوين الأكل في المدينة.

إذا كانت زيارتك لتيرانا فقط فإليك أهم ما يمكنك زيارته فيها:

- حي بيلكو

كان محظوراً على العامة أيام النظام السابق، والآن تحول إلى منطقة عصرية تضم مقاهي أنيقة ومحلات، ويعتبر من أهم المناطق السياحية المخصصة للمشاة.

- ساحة سكندربك (Skanderbeg Square)

أهم ساحة في قلب المدينة، تضم نصب البطل الوطني سكا‌ندربغ والعديد من المباني الحكومية والثقافية مثل المتحف الوطني والتّاريخي، ودار الأوبرا والسينما.

- متحف الفن السري - بيت الأوراق (House of Leaves)

متخصص في عرض تاريخ المراقبة والتجسس خلال الحقبة الشيوعية، في المقر السابق لجهاز «سيغوريمي». يحتوي على أدوات وتجهيزات أصلية، وحصل على جائزة متحف أوروبا لعام 2020.

- هرم تيرانا (Pyramid of Tirana)

في الأصل، تم بناء الهرم عام 1988 كمتحف تكريمي لأنور خوجة، زعيم ألبانيا الشيوعي، بعد وفاته تحوّل إلى مركز ثقافي حديث يضم صالات عرض ألعاب سينمائية. يُمكنك الصعود إلى أعلاه للاستمتاع برؤية المدينة من فوق.

- الحديقة الكبرى وبحيرتها الصناعية

واحة خضراء ضخمة في جنوب المدينة، تضم بحيرة اصطناعية ومتنزهات وملاعب ومتحفاً صغيراً وحتى حدائق نباتية وحديقة حيوانات، تعد من أهم مناطق الاسترخاء والنشاطات الخارجية.

- جولة مشي مع دليل سياحي

تساعدك في فهم التاريخ الحديث والعجيب للعاصمة من خلال زيارات لأهم المعالم مثل منزل خوجة القديم، والمناطق المحظورة سابقاً.

- بزار (Pazari I Ri)

سوق تقليدية تجد فيها المنتجات المحلية من طعام وحرف يدوية.

وإذا أردت اكتشاف المناطق القريبة من تيرانا فلا بد من زيارة منطقة كرويا Kruje الأثرية التي تحكي قسماً من تاريخ البانيا الغريب، أما إذا كنت من محبي المغامرات والرحلات الاستكشافية فيجب عليها التوجه إلى مصعد جبل دايتي واكتشاف المنطق بواسطة التليفيريك، أو التوجه إلى منطقة بحيرة تيرانا الاصطناعية فهي وجهة عائلية وفيها العديد من المطاعم التي تعتبر مثالية للغداء أو العشاء بعيداً عن صخب المدينة.

كرويا... مدينة التاريخ والأساطير في قلب ألبانيا

تُعد كرويا من أجمل وأهم الوجهات السياحية في ألبانيا، حيث تجمع بين التاريخ العريق والطبيعة الساحرة. تقع هذه المدينة الجبلية على ارتفاع يقارب 600 متر عن سطح البحر، على بعد نحو 30 كيلومتراً شمال العاصمة تيرانا. فهي تحتفل بالبطل القومي سكندربك (Skanderbeg) الذي قاد مقاومة الألبان ضد الدولة العثمانية في القرن الخامس عشر، ولهذا فهي رمز للفخر الوطني. وأهم الزيارات فيها متحف سكاندربغ أو (سكندربك) والبزار العثماني.

أين تأكل؟

في تيرانا لن تشعر بالجوع لأن المقاهي والمطاعم منتشرة وبكثرة في جميع الأماكن وتفتح حتى ساعة متأخرة من الليل، وبما أن الغالبية من السكان مسلمة فجميع المأكولات فيها حلال.

كارباتشيو البقر في مطعم سينيز المتخصص بتقديم اللحوم (الشرق الاوسط)

إيوس EOS Mezze Bar

يقع هذا المطعم في منطقة عصرية جداً مليئة بالمطاعم الجميلة مع جلسات خارجية، يقدم المأكولات المتوسطية على طريق التاباس (أطباق صغيرة للمشاركة) أو المازة كما يدل الاسم، ويقدم مأكولات تمزج ما بين المطبخ اليوناني والإيطالي والألباني والتركي، من أشهر وألذ الأطباق مثل الزيتون المقلي والكفتة على طريقة الـ«لولي بوب» مع صلصة الزبادي اللذيذة الكبدة على الطريقة الألبانية، بالإضافة إلى أطباق عديدة أخرى. الأجواء في هذا المطعم جميلة وعصرية والديكور الداخلي بسيط ومريح، فكرة المطعم جديدة من نوعها في البانيا، فهي تعكس تاريخ البلاد وتأثير الهجرة والتجارة والدين عليها.

باذنجان محشي على الطريقة الالبانية في إيوس (الشرق الاوسط)

سينيز Ceni’s

يمكن القول إنه من أكثر المطاعم تفردا في العالم، فهو صغير من حيث الحجم ويقدم الأطباق التي تعتمد على اللحوم بشكل خاص. إنه مطعم عائلي تأسس في عام 2008، لتذوق أشهى النكهات المتوسطية الأصيلة. يقع هذا المطعم الأنيق والدافئ في قلب تيرانا النابض بالحياة، ويضمن لكم شعوراً بالدفء والراحة. يضمن فريق الطهاة، بقيادة ندل ماهرين، أرقى خدمة ويُلبي رغبات حتى أكثر الزبائن تميزاً. يمتاز «سينيز» بجودة ونضارة مكوناته، حيث يجمع المنتجات بعناية فائقة من مزارع القرى المجاورة. من الدجاج واللحوم المُختارة بعناية إلى الأطباق المنزلية التي تُخلّد ذكرى لحوم ألبانيا المُفضّلة، يُجسّد كل طبق في «سينيز» جوهر المذاق المتوسطي الأصيل. أطباقه لذيذة جداً ولكنها مخصصة لمحبي اللحوم فقط.

من أطباق "إيوس" ومن الذها الزيتون المقلي (الشرق الاوسط)

ترايب Tribe

يقع في وسط تيرانا، وهو من العنوانين الراقية في المدينة، أسعاره ليست رخيصة بالمقارنة مع المطاعم الأخرى ولكنه يتميز بأجوائه وديكوره والموسيقى والطعام.

سوما فينيل ستايشون Soma Vinyl Station

يناسب هذا المطعم محبي الموسيقى فأجواؤه عصرية جدا ويتميز بمأكولاته اللذيذة وجلساته المريحة.

مازة البانية في إيوس (الشرق الاوسط)

أتي Aty

يقع بالقرب من هرم تيرانا الشهير، أجواؤه رائعة وعصرية، أطباقه من وحي المتوسط مع لمسة ألبانية.

من أطبق مطعم إيوس في تيرانا (الشرق الاوسط)

زونا Gzona

من العناوين الجديدة في تيرانا، يقدم المأكولات المحلية والمتوسطية في أجواء عصرية وشبابية مريحة.


مقالات ذات صلة

طابا... ملاذ عشاق الطبيعة بين جبال مصر وبحرها

سفر وسياحة مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

طابا... ملاذ عشاق الطبيعة بين جبال مصر وبحرها

مكان يجمع بين البحر الصافي وجمال الطبيعة ودفء الشمس والشعور براحة البال، هناك في طابا، أقصى الشرق من شبه جزيرة سيناء.

محمد عجم (القاهرة)
سفر وسياحة الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)

كيف يكون الفندق «بيئياً» حقاً؟

افتُتح فندق «ديسا بوتاتو هيد بالي» عام 2010، وتم تطويره في 2016 ليجسد رؤية جديدة لمؤسسه رونالد أكيلي حول الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه الفندق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)

سافوي في فلورنسا وعلامة «باينيدر» يحتفلان بمتعة الكتابة وتعليم الخط

تعاون فندق «سافوي»، في فلورنسا، مع علامة القرطاسية التاريخية «باينيدر» للاحتفال بموسم الأعياد القادمة عبر فعالية «Wrapped in Time» أو «مغلف بالزمن»

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد متسوقون يتجولون في مركز «دولفين» التجاري خلال «الجمعة السوداء» في ميامي (إ.ب.أ)

المستهلكون الأميركيون ينفقون 11.8 مليار دولار في «البلاك فرايدي»

شهد المستهلكون الأميركيون عطلة تسوق قياسية بعد عيد الشكر؛ حيث سجّل الإنفاق عبر الإنترنت في «الجمعة السوداء» (بلاك فرايدي) رقماً غير مسبوق، دافعاً تجارة التجزئة…

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق السويد واحدة من أقل دول أوروبا كثافة سكانية (رويترز)

السويد تشجع السياح على زيارتها بهدف «الشعور بالملل»

تشجع السويد الزوار على السفر إليها بحثاً عن الراحة والهدوء.

«الشرق الأوسط» (ستوكلهوم)

طابا... ملاذ عشاق الطبيعة بين جبال مصر وبحرها

مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
TT

طابا... ملاذ عشاق الطبيعة بين جبال مصر وبحرها

مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

مكان يجمع بين البحر الصافي وجمال الطبيعة ودفء الشمس والشعور براحة البال، هناك في طابا، أقصى الشرق من شبه جزيرة سيناء، حيث تختبئ المدينة المصرية كواحدة من أكثر الوجهات السياحية سحراً وهدوءاً.

تلك البقعة الساحلية التي تقدم لزوارها تجربة فريدة تجمع بين جمال الطبيعة البكر وهدوء العزلة، ما يجعلها وجهة مثالية للمسافرين الباحثين عن الاسترخاء، حيث تُعرف طابا بكونها المكان الأمثل لمن يبحث عن الانعزال عن صخب الحياة اليومية وقضاء عطلة مميزة وسط الطبيعة الخلابة، كما أن تميز المدينة بأجوائها الدافئة والمشمسة، يجعلها القرار الأمثل لقضاء وقت هادئ وممتع خلال أشهر الشتاء.

تتميز أعماق المياه في طابا بكثافة الشعاب المرجانية والأسماك الملونة (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

تقع طابا على رأس خليج العقبة على شواطئ البحر الأحمر، وتمتاز بأنها من أصغر المدن السياحية المصرية، إذ لا تتعدى مساحتها 508.8 أفدنة، ورغم صغرها، فإنها وجهة تقدم مشهداً بانورامياً يسيطر عليه التناغم بين زرقة مياه البحر الزاهية الممتدة أمام الأعين، والهدوء الذي تفرضه جبال جنوب سيناء.

زيارة قلعة "صلاح الدين" تتيح التعمق في التاريخ (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

ماذا تزور في طابا؟

إذا كانت وجهتك هي طابا، فإن جدول رحلتك سيكون مميزاً، فقط عليك اصطحاب كتابك المفضل ونظارتك الشمسية، وترك نفسك للطبيعة البكر.

تظل التجربة تحت الماء هي العنوان الأبرز في طابا، إذ يزخر خليج العقبة بالشعاب المرجانية والحياة البحرية المتنوعة، مما يجعلها وجهةً مثاليةً للغوص والغطس، تنتقل معهما إلى عالم آخر من الألوان والجمال الفطري.

ويُعد خليج «فيورد باي» (جنوب المدينة) قبلة عالمية لهواة الغوص، يضم هذا الخليج الطبيعي حفرة غطس فريدة، تتميز بكثافة الشعاب المرجانية والأسماك الملونة، مما يجعل الخليج قبلة للغواصين المحترفين، كما الخليج له قيمة استراتيجية وتاريخية نادرة، حيث يتيح للزوار فرصة فريدة لمشاهدة حدود أربع دول هي مصر، السعودية، الأردن، وفلسطين من موقعه المتميز.

جزيرة فرعون تسمح لزائرها بممارسة اليوغا أمام مشهد خلاب وسط الطبيعة (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

لعشاق التاريخ والهدوء، فيمكن لهم زيارة «جزيرة فرعون» قبالة شاطئ المدينة الجنوبي، على بعد 8 كيلومترات منه، ويمكن الوصول إلى هذه الجزيرة الساحرة عبر رحلة بحرية بمركب أو لانش يخترق مياه الخليج الهادئة، حيث يمكن قضاء اليوم في الاسترخاء أو الغطس، والتمتع بمنظر غروب الشمس الذي لا مثيل له.

تحتضن الجزيرة معلماً تاريخياً هو حصن أو «قلعة صلاح الدين»، التي بنيت عام 1171 ميلادية من الحجر الناري الجرانيتي، لحماية مصر من خطر الحملات الصليبية، والتي تم ترميمها مؤخراً، ليُكمل المشهد السياحي الذي تقدمه المدينة ما بين استرخاء في الطبيعة وتعمق في التاريخ، فما يميز زيارة الجزيرة هو جمعها بين عظمة القلعة التاريخية وإمكانية ممارسة رياضات الاستجمام، مثل اليوغا، أمام هذا المنظر الساحر، الذي يمنح الزائر صفاءً ذهنياً وعلاجاً للروح.

لا تكتمل مغامرة طابا دون زيارة «الوادي الملون»، إحدى العجائب الطبيعية في جنوب سيناء، إذ يوفر هذا الوادي متاهة من الصخور الرملية المنحوتة بفعل الطبيعة، واكتسب الوادي الملون اسمه بفضل ظلال الألوان التي تكسو جدرانه بفعل الأملاح المعدنية، والتي تتدرج ألوانها بين الأصفر الدافئ والأحمر القاني والذهبي اللامع، وهو مكان مثالي لرحلات السفاري والمشي، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بجمال الطبيعة الصارخ في حضور عظمة الجيولوجيا.

جمال الطبيعة وعظمة الجيولوجيا يجتمعان في "الوادي الملون" بطابا (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

كذلك، تمنح طابا فرصة لا تُنسى لمحبي المغامرة، فموقعها المميز يجعلها نقطة انطلاق مثالية لرحلات استكشاف الطبيعة البرية والجبلية، إذ يمكن للسائح أن يعيش تجربة استثنائية من المغامرات الصحراوية، أو استكشاف سلسلة جبال وهضاب طابا الشرقية. وبعد أن يقضي الزائر لطابا نهاره أمام البحر والغوص، أو التمتع بجمال الطبيعة، يحل خلال الليل موعد السهرات البدوية، على الرمال وأسفل النجوم ووسط الجو الدافئ. فمع حلول المساء، تدعو طابا زوارها إلى الاستمتاع بسهرات بدوية، تزينها المشاوي والمشروبات، ويتخللها الغناء والاستعراض، ما يعرف الزائر بالتراث التقليدي للبدو المقيميين.

خليج "فيورد باي" في طابا قبلة عالمية لهواة الغوص (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

محمية طابا

لا تقتصر متعة طابا على شواطئها فحسب، إذ تُعد طابا أيضاً محمية طبيعية منذ عام 1998، وبفضل مساحتها التي تغطي حوالي 2800 كيلومتر مربع، تتربع المحمية على الساحل الشمالي الشرقي لخليج العقبة، لتقدم للزائر تجربة فريدة تتجاوز مجرد الاستمتاع بالشاطئ، ما يجعل المحمية من أكثر الأماكن المفضلة لدى السياح بالمدينة.

تتميز محمية طابا بكونها محمية ذات إرث طبيعي ومنطقة لإدارة الموارد الطبيعية، وتشتهر بتكويناتها الجيولوجية الفريدة التي يعود تاريخها إلى 5000 عام، وهي ليست مجرد أرض، بل متحف طبيعي مفتوح يضم مناظر طبيعية خلابة مثل الواحات والأخدود الملون وعيون المياه المنتشرة داخلها، حيث تحتوي على كهوف وممرات جبلية، ووديان أشهرها وادي وتير والزلجة والصوانة نخيل وواحة عين خضرة، بالإضافة إلى أنواع نادرة من الحيوانات و50 نوعاً من الطيور وأكثر من 450 نبات نادر.

الإقامة في طابا

تشتهر مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة، التي تمنح المقيمين فيها تجربة إقامة استثنائية، خصوصاً أن هذه المنتجعات تحتمي بالجبال الشاهقة من حولها، مما يوفر خصوصية للزائرين، مع إطلالات بانورامية خلابة وأجواء هادئة ومريحة. وتوفر هذه المنتجعات مجموعة متميزة من الخدمات، أبرزها حمامات السباحة المتنوعة، بالإضافة إلى بعضها يضم بحيرات الملح العلاجية، التي تضمن تجربة استجمام فريدة.


كيف يكون الفندق «بيئياً» حقاً؟

الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)
الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)
TT

كيف يكون الفندق «بيئياً» حقاً؟

الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)
الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)

افتُتح فندق «ديسا بوتاتو هيد بالي» عام 2010، وتم تطويره في 2016 ليجسد رؤية جديدة لمؤسسه رونالد أكيلي حول الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه الفندق. إنه ليس مشروعاً تجارياً مستداماً فحسب، بل يقوم على التجديد، ويحدث أثراً إيجابياً بشكل فعّال. أمام ذلك الفندق هدف طموح، يتمثل في أن يصبح خالياً من الفضلات والمخلفات تماماً، وقد اقترب كثيراً من تحقيق هذا الهدف. يقول أكيلي: «لم نصل إلى نقطة عدم وجود مخلفات، وصدقاً ربما لا نصل أبداً. مع ذلك لقد حققنا تقدماً كبيراً، حيث تحول 99.5 في المائة من مخلفاتنا بعيداً عن مكبّ النفايات». ويأتي هذا الرقم مع وجود أكثر من ألف نزيل يومياً في القرية.

مشروع "سويت بوتيتو" (الشرق الاوسط)

يجب أن تمثل الفضلات والمخلفات دائرة مكتملة. عندما تسمع عبارة «فندق بيئي»، من المرجح أن يكون مصطلح البصمة البيئية هو أول ما يخطر ببالك، والتدوير هو الوقود الذي يشغل محرك فندق «بوتاتو هيد». لقد حظرنا استخدام المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد في المكان منذ 2017، ويُمنح كل شيء ضروري فرصة حياة ثانية داخل «معمل المخلفات»، حيث يُعاد إنتاج كل شيء، بدءاً بقواعد الأكواب، وصولاً إلى زجاجات المياه وقطع الأثاث، بل بُنيت بعض مباني الفندق من قوالب الطوب المهملة المستبعدة والمواد البلاستيكية.

الرياضة واليوغا من النشاطات المرغوبة في السفر (الشرق الاوسط)

ويعمل طاهٍ يكرّس جهده للوصول إلى مستوى الخلو من الفضلات تماماً في كل المطاعم لضمان الإبداع والفاعلية. ويشارك فريق العمل بانتظام في دورات تعليمية خاصة بالطهي من دون مخلفات. كذلك يُهدى كل نزيل عند وصوله مجموعة أدوات خاصة بتحقيق هذا الهدف، ويُدعى إلى المشاركة في جولة «متابعة الفضلات» لرؤية عملية التدوير على أرض الواقع.

المشروع الأكثر تأثيراً للفندق هو «مشروع المخلفات المجتمعي»، وهو مركز لتجميع المخلفات والنفايات افتُتح عام 2024 بالتعاون مع جهات تجارية محلية أخرى. ولإدراكنا أن الفصل السليم أمر ضروري، شارك فندق «بوتاتو هيد» خبرته مع الجهات الشريكة لضمان نجاح العمل. ويقول أكيلي: «أكبر إنجاز نفتخر به ليس الحدّ من المخلفات داخل الفندق، بل مشاركة ما تعلمناه خارج جدرانه». وتتم معالجة ما يصل إلى نحو 5 أطنان من المخلفات والنفايات يومياً، وقد وسّع ذلك نطاق تأثير الفندق، وأسّس لمستقبل أكثر نظافة للسكان المحليين، ووفّر وظائف جديدة في إطار هذا العمل. ويُعاد استثمار كل الأرباح، التي تدرّها عملية بيع المنتجات، التي خضعت لعملية إعادة التدوير، في المجتمع. وأوضح قائلاً: «الفكرة هي أن يستمر تحسين وتطوير النموذج بما يساعد الجزيرة، لا نحن فقط، في الاقتراب من تحقيق هدف عدم تشكل أي مخلفات».

الاستدامة مطلوبة في السفر العصري (الشرق الاوسط)

المجتمع مهم

أصبح الإخلاص لمناصرة المجتمع المحلي ضرورياً لتحقيق الاستدامة الشاملة حين يتعلق الأمر بالفنادق. كثيراً ما يتم إغفال وتجاهل الجانب الاجتماعي للاستدامة، لكن مجال الضيافة يتمحور حول الناس، ولا يمكن لفندق أن يصبح موجوداً بشكل مستدام دون أن يضع في الاعتبار كيفية تأثيره على النزلاء والعاملين والسكان المحليين. ويقول أكيلي: «المجتمع يمنح الفندق روحه، ومن دون ذلك سيصبح مجرد مبنى آخر. نحن نرى أنفسنا جزءاً من النظام البيئي، لا جزءاً منفصلاً عنه. ونتعاون مع المبادرات المحلية ونفتح أبوابنا للمشروعات المجتمعية، سواء أكانت برامج توعية بالمخلفات والنفايات أم ورش عمل ثقافية وأماكن إقامة إبداعية. ليس هدفنا هو استضافة النزلاء فحسب، بل تقديم شيء ذي معنى إلى المكان الذي يضمّنا».

وقد وزّع مشروع «سويت بوتاتو»، الذي نفّذه الفندق، أكثر من 38 ألف وجبة على المحتاجين خلال عام 2024، وشارك العاملون في أعمال الزراعة والتوصيل التطوعي وتنظيف الشاطئ. وأوضح أكيلي قائلاً: «يحدث التغيير عندما يدرك الناس الأمور المهمة. لهذا السبب نبدأ بفريق العمل لدينا أولاً. عندما يعيشون ويتنفسون الغرض والغاية، ويشعرون باتصالهم به، يشاركونه بشكل عفوي وتلقائي مع نزلائنا ومجتمعنا». يمنح الفندق سلامة وسعادة فريق العمل به الأولوية. يقول أكيلي: «نريد ضمان تطور كل من يعمل معنا، ليس على المستوى المهني فقط، بل فيما يتعلق بجودة الحياة أيضاً، بما في ذلك الصحة والسعادة والاستقرار المالي».

المنتجات التي تستخدم في الفنادق تخضع لعنصر الاستدامة ايضا (الشرق الاوسط)

الإحساس بالمكان

يمكن أن يصبح تسليط الضوء على الموطن جزءاً قوياً ومؤثراً بوجه خاص من استراتيجية الاستدامة للفنادق، حيث يدعم الأنظمة الاقتصادية المحلية، مع تقديم مذاق فريد للثقافة والتراث إلى النزلاء. ويوضح أكيلي: «الموطن همزة وصل بين ما نفعله وبين المكان الذي نوجد فيه. منذ اللحظة التي يصل فيها النزلاء نريد أن يشعروا بروح بالي من خلال الطعام والناس والحكايات التي تجعل هذا المكان مميزاً. يتعلق الأمر بالاتصال بالوجهة، لا إعادة تكوين شيء يمكن أن يتوفر في أي مكان آخر في العالم».

إن فخر فندق «ديسا بوتاتو هيد» بهويته يتضح ويبرز منذ اللحظة التي يُقدّم فيها إلى النزيل مشروب الـ«جامو»، وهو مشروب عشبي إندونيسي تقليدي، عند تسجيل دخوله إلى الفندق، ويتجلى في كل قرار يتعلق بمشتريات الفندق. تعمل المطابخ عن كثب مع المزارعين المحليين، وتدعم التنوع البيولوجي بالمنطقة من خلال تقديم النباتات الأصيلة قدر الإمكان. ويساعد التعاون والعمل مع الحرفيين بالجزيرة في الحفاظ على المهارات التراثية. على سبيل المثال، بُنيت الأجنحة في الفندق باستخدام قوالب طوب المعبد المضغوطة يدوياً، وهي طريقة بناء تقليدية في بالي. ويقول أكيلي: «نحن لا نشتري المكونات أو المواد الأولية فقط، بل نصنع نظام تدوير يعود بالنفع على الآخر. بهذه الطريقة نكوّن حلقة إيجابية متجددة بدلاً من حلقة سلبية استبعادية».

جناح كاتامانا الذي يراعي الاستدامة (الشرق الاوسط)

يتعلق الأمر بتحقيق التقدم لا المثالية

أهم جزء من تعريف مشروع تجاري مسؤول هو التزامه بالتطوير والتحسين المستمر.

المثالية أمر لا يمكن الوصول إليه. الاستدامة هي ببساطة التقدم خطوة نحو الأمام في المرة الواحدة. ويعدّ التواصل الشفاف عنصراً أساسياً من هذا الأمر، حيث يساعد في توعية العملاء وتحفيز العاملين والحثّ على إحداث تغيير أكبر في مجال العمل. يقول أكيلي: «نحن لا نروي قصصاً للتسويق، بل نحثّهم على إلهام الآخرين ليكونوا جزءاً من هذه الحركة. تبني الشفافية والثقة، والثقة تصنع الفعل».

الإخلاص للرحلة هي أهم ما في الأمر، ولا يقتصر ذلك على المنتجعات الفاخرة أو الوجهات الفريدة. إن أي فندق مستعد دائماً لمواصلة التعلم واتخاذ خطوات ملموسة قابلة للقياس نحو مستقبل أكثر استدامة هو فندق بيئي. ويضيف أكيلي: «سوف نواصل تطوير كل جزء مما نفعله، بدءاً بالمشتريات، ووصولاً إلى تصميم المنتج والعمليات اليومية حتى نظل متجددين ومشاركين في التجديد قدر الإمكان. وسوف نواصل مشاركة ما نتعلمه، وندعو الآخرين إلى الانضمام إلينا في إحداث تغير من أجل التجديد. نحن نختار التقدم لا المثالية. لا يهم الحجم، لكن الأمر المهم حقاً هو بدء إحداث تغييرات».


سافوي في فلورنسا وعلامة «باينيدر» يحتفلان بمتعة الكتابة وتعليم الخط

تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)
تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)
TT

سافوي في فلورنسا وعلامة «باينيدر» يحتفلان بمتعة الكتابة وتعليم الخط

تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)
تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)

تعاون فندق «سافوي»، في فلورنسا، مع علامة القرطاسية التاريخية «باينيدر» للاحتفال بموسم الأعياد القادمة عبر فعالية «Wrapped in Time» أو «مغلف بالزمن»، وتدعو هذه الشراكة الضيوف إلى تبنّي روح السفر البطيء وإعادة اكتشاف الوقت كهدية ثمينة، وتشجيع لحظات التوقّف والتأمل وإعادة التواصل في عالم اليوم السريع الإيقاع.

تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)

استلهم الفندق ديكورات موسم الأعياد من فن الخط، حيث تبرز في الردهة شجرة لافتة مزيّنة بظروف مختومة بالشمع مع لمسات ذهبية وفضية وحمراء، إلى جانب الأختام الأيقونية لـ«باينيدر». يجسّد هذا العرض التزام علامة القرطاسية الفلورنسية بالحرفية والاهتمام بالتفاصيل.

وتعكس الشجرة أيضاً الرؤية المشتركة بين العلامتين الفلورنسيتين، ليس فقط من خلال تصميمها، بل أيضاً عبر تجربة «A Wish for Florence»؛ حيث يكتب الضيوف أمنياتهم ورسائلهم للمدينة على ورق كتابة من «باينيدر». ثم تُوضع الرسائل في صندوق عيد ميلاد خاص ليتم حفظها وإرسالها لاحقاً إلى عمدة فلورنسا.

رسائل مكتوبة بخط اليد (الشرق الأوسط)

ويدعو فندق سافوي ضيوف الأجنحة إلى عيش سحر عيد الميلاد من خلال تجارب باينيدر الخاصة والقرطاسية الفاخرة، بما في ذلك ورش الخط المخصّصة، وأقلام الحبر الفاخرة، وورق الكتابة المميز. في هذه اللحظات الحميمة، حيث يتوقف الزمن، يصنع الضيوف ذكريات مكتوبة بخط اليد ويعيدون اكتشاف متعة الكتابة.

تعاون ما بين أهم شركة قرطاسية وسافوي في فلورنسا فترة الأعياد (الشرق الأوسط)

كما تشمل فعالية «Wrapped in Time» جانباً خيرياً من خلال التعاون مع مستشفى جيميلي للأطفال في روما، حيث اجتمعت فرق باينيدر وفندق سافوي لكتابة رسائل مليئة بالأماني الطيبة للأطفال، تحمل رسائل أمل وخيال ودهشة. ومن خلال هذه اللفتة، يعيدون إحياء السحر الحقيقي لعيد الميلاد، الذي ينبض حين نمنح وقتنا واهتمامنا ورعايتنا للآخرين.