منتجع «نجومه»... محمية سعودية تتأرجح ما بين السماء والبحر

في جزيرة «أمهات» الساحرة التي تعانقها مياه البحر الأحمر الهادئة

يحتضن المنتجع  63 فيلا تتوزع فوق المياه وعلى الشاطئ الرملي (الشرق الاوسط)
يحتضن المنتجع 63 فيلا تتوزع فوق المياه وعلى الشاطئ الرملي (الشرق الاوسط)
TT

منتجع «نجومه»... محمية سعودية تتأرجح ما بين السماء والبحر

يحتضن المنتجع  63 فيلا تتوزع فوق المياه وعلى الشاطئ الرملي (الشرق الاوسط)
يحتضن المنتجع 63 فيلا تتوزع فوق المياه وعلى الشاطئ الرملي (الشرق الاوسط)

في جزيرة أمهات الساحرة التي تعانقها مياه البحر الأحمر الهادئة، إحدى جزر مشروع البحر الأحمر التي تقع على الساحل الغربي في منطقة تبوك بالمملكة العربية السعودية، افتتح منتجع «نجومه» ليكون أول منتجع فاخر تحت راية محمية ريتز-كارلتون في الشرق الأوسط.

يُعَدّ البحر الأحمر من الوجهات الفاخرة القائمة على مفهوم السياحة المستدامة على الساحل الغربي للمملكة العربية السعودية، ويشكّل موطناً لرابع أكبر حيد مرجاني في العالم، حيث يتباهى بمجموعة جزر تضم أكثر من 90 جزيرة لم تمسّها يد الإنسان.

السبا في نجومة يقدم علاجات للجسم والروح (الشرق الاوسط)

من هذا الموقع الساحر، يستطيع الضيوف خوض مغامرات خارجة عن المألوف «مثل السكوبا دايفنغ» لاستكشاف الحياة المائية تحت سطح البحر وقعره.

يعجّ الحيد المرجاني بالشعاب المرجانية النابضة بالحيوية والتي تكاثرت على مرّ خمسة آلاف سنة ويؤوي كائناتٍ بحريةً مبهرةً بما فيها أكثر من 165 صنفاً من الأسماك المرجانية، والدلافين، والسلاحف البحرية، وأسماك الراي اللاسع وأسماك نابليون.

يقدم المنتجع خمس تجارب طعام استثنائية (الشرق الاوسط)

تحيط بشواطئ الجزيرة غابات قرم غنّاء تُعتبَر من بين المنظومات الطبيعية الأكثر إنتاجيةً في العالم. وبين أحضان هذا الموئل الطبيعي الخصب، يستطيع الزوّار مشاهدة أصناف مختلفة من الطيور البحرية، واللافقاريات البحرية وأسماك الغيتار.

استقبال بهوية سعودية

عند وصولك من مطار البحر الأحمر الدولي (RSI). سينتظرك أحدهم حاملاً لافتة عليها اسمك، وستنتقل بعدها إلى جزيرة محمية ريتز كارلتون إما بالطائرة المائية أو اليخت.

وعند وصولك إلى المنتجع يكون بانتظارك شباب وشابات من الجنسية السعودية يرحبون بحضورك، فيما يبدأ السعودي عبد الله السبيعي ترحيبه بك ببيت شعري «يا مرحبا ترحيبة البدو لسهيل واعداد ما هبت سحايب مطرها»، مبيناً للزائر أن سهيل هو أحد النجوم المعروفة عند البدو، التي تعتبر خريطة العرب في الصحراء، وأن المنتجع يستقي اسمه من كلمة «نجوم» باللغة العربية، مما يعكس الإطلالة الخلابة على سماء الليل المرصعة بالنجوم، بين أحضان المياه الفيروزية والمناظر الطبيعية الخلابة.

سعوديون وسعوديات يستقبلون الزوار بلغات عديدة (الشرق الاوسط)

إقامة بين السماء والبحر

يحتضن منتجع نجومه 63 فيلا مبنية فوق المياه تعرف بالفلل المائية وأخرى شاطئية وتقع على الشاطئ مباشرة، مع مساكن تضم غرفة واحدة إلى ثلاث غرف نوم، ومساحات جلوس فسيحة ومسابح خاصة مطلّة على البحر. وسيكون لديك فرصة الاختيار ما بين الفلل وسط الرمال البيضاء الناعمة أو المطلة على البحر الأزرق، وتعكس محيطها بهياكل مستوحاة من الأصداف وديكورات داخلية مزينة بأشياء تم العثور عليها، وفنون وألوان محلية وملمس ومواد مستوحاة من الطبيعة. صُممت كل فيلا من الفلل لتوفير الخصوصية العالية مع مساحة خاصة في الهواء الطلق، وتتميز بنوافذ بانورامية وغرفة معيشة مفتوحة ومسبح مطل على البحر وتلسكوب لاستكشاف سماء المملكة العربية السعودية الساحرة المليئة بالنجوم.

فلل شاطئية يعمها الهدوء (الشرق الاوسط)

طعام عصري بروح تقليدية

تتميز «نجومه» بوجود ثلاثة مطاعم (طبرة - جمعة - ستة) لكلٍ منهم قصة، ويقدّم المنتجع خمس تجارب طعام استثنائية يحتفي كلّ منها بأجيال صيّادي السمك في منطقة أملج الذين ارتبطت حياتهم ارتباطاً وثيقاً بإرث المنطقة لأكثر من 50 عاماً، واستوحى مطعم طبرة ديكوره من منزل صيّاد السمك وأعاد إحياءه بحلّة عصرية، ليرحّب بضيوفه ترحيباً حارّاً ويدعوهم لتَشارك قائمة من المأكولات البحرية المميّزة، بما فيها «صيد اليوم»، التي تشكّل احتفاءً جماعياً بخيرات البحر اليوميّة التي اعتاشت منها عائلة صيّاد السمك على مرّ العصور.

ويوفر مطعم جمعة مساحةً ملؤها الاسترخاء في الهواء الطلق حيث يحلو للضيوف التلذّذ بتشكيلة من الأطباق الخفيفة المحضّرة في مطبخ مفتوح والمأكولات المشوية على الحطب بجانب مسبح المنتجع في الهواء الطلق وعلى الشاطئ حيث تصطفّ أكواخ الكابانا الفخمة.

أمّا «ستة»، فهو وجهة طعام مستوحاة من البازارات النابضة بالحيوية، ويستقبل الضيوف طوال اليوم حيث يجمع ما بين باتيسيري فرنسي الطابع وفسيح وبين مطعم مشرقيّ تحت ثلاثة أجنحة منسوجة بالخشب، إشادةً بتقليد حياكة أوراق الشجر. تعِد هذه الوجهة الضيوف بتجربة تخاطب حواسهم، حيث سيتمتّعون برائحة الخبز الطازج المحضّر في فرن الطين التقليدي، إلى جانب الحمّص الطازج والأطباق المعزّزة بتشكيلة التوابل الواسعة التي ينفرد بها المنتجع.

خبراء العافية

بما أن الإقامة في جزيرة نائية عن صخب المدينة تحيط بها مياه البحر من كل جانب وتغطيها السماء بزرقتها التي تلتقي بزرقة مياهها لترسم لوحة فنية طبيعية لا تكتمل إلا بجلسة مساج تعيد التوازن والاسترخاء، تلتقي في «نيراه سبا» بخبراء العافية، الذين يدعوك لاختبار طقوس مميزة لتغذية الجسم والروح من خلال جلسات وتقنيات من مختلف أنحاء العالم وباستخدام باقة من المكوّنات التي تتميّز بها المنطقة، بما فيها نفحات العود الساحرة وزيت شجرة البان المستقدم من منطقة العُلا.

يُعِدّ خبراء العافية التجارب بحسب متطلّباتك لتنغمس في تجربة باعثة على الاسترخاء لتستعيد توازنك من خلال تقنيات التنفّس، والتأمّل، واليوغا القمرية والعلاج بالأصوات. يتسلّل صوت نسيم البحر العليل وتلاطم الأمواج عبر غرف العلاجات الخمس المطلّة على البحر وحُجرات العلاجات الثلاث في الهواء الطلق.

تضمّ هذه المساحة أيضاً مسابح للعلاجات المائية والسباحة الاحترافية، وحمّاماً تقليدياً ومركزاً للّياقة البدنية. كما تنقل العلاجات المصمّمة بحسب الطلب الضيوفَ إلى عالم آخر.

بيت المحميات

في بيت المحميات ستنغمس في أعماق الحياة البحرية أثناء المحاضرة التي يقدمها الخبير «شون روان لافلين» عن علم الأحياء البحرية، حيث ستكتشف أسرار الحياة البحرية التي تحيط بـ«نجومه»، كما يعد بيت المحميات فرصة للضيوف من جميع الأعمار لتكوين رابط حقيقي مع الثقافة والمجتمع والبيئة في المملكة العربية السعودية من خلال الأنشطة على البر وفي البحر.

في بيت المحميات ستجد الكثير من الدمى الخشبية المصنوعة والمرسومة بأيدٍ سعودية، التي ترمز للثقافة السعودية من خلال ملابسها، وأشهر الأسماء الموجودة في مناطق السعودية، فعلى سبيل المثال ستجد الدمية «فتو»، المكتوب إلى جانبها لوحة إرشادية «ترتدي فتو فستان البرنسيس والمحرمة والمدورة، وهو غطاء الرأس الذي تتفنن السيدات الحجازيات بتطريزه وتزين أطرافه بشغل الإبرة».

الغوص مع الأسماك والنجوم

يوفر مركز غلاكسيا للغوص فرصة الاستمتاع بالبحر الأحمر من خلال المغامرات على سطح الماء وتحته بما في ذلك التجديف بالكاياك والإبحار وركوب الأمواج والغطس ورحلات الغوص التي تستكشف الشعاب المرجانية المزدهرة الملونة.

وفي المساء يوفر «نجومه» جلسة ليلية لمشاهدة النجوم، يحكي فيها خبير الأبراج في مكان مخصص على شاطئ البحر لا يضيئه شيء سوى النجوم، قصة تأمل العرب للنجوم وكيف لعبت دور المعلم في حياتهم، ويسرد لهم حكاية النجوم، وأسماءها كبنات نعش وسهيل، لينغمس الزائر في عجائب الكون.


مقالات ذات صلة

جنيف... أناقة بالخط العريض

سفر وسياحة نافورة بحيرة لومان الاشهر في المدينة (شاترستوك)

جنيف... أناقة بالخط العريض

هل تعلم بأن أكثر من %40 من سكان مدينة جنيف هم من غير السويسريين؟ والسبب هو أن هذه المدينة تضم العديد من المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والصليب الأحمر.

جوسلين إيليا (جنيف)
سفر وسياحة مشهد الغروب يؤكد استثنائية التجربة البصرية (حساب «C-Lounge» في «فيسبوك»)

مغيب الشمس من سطوح بيروت... استثنائية التجربة البصرية

تحلو الجلسة المُطلَّة على مشهد يُبهج النفس ويهدِّئ همَّ الأيام. في بيروت، تتعدَّد الأماكن المشرفة على العاصمة ببحرها ومبانيها وأفقها البعيد حيث تتوارى الشمس

فاطمة عبد الله (بيروت)
الاقتصاد يقوم عدد من مقدمي طلبات التأشيرات في مركز التأشيرات بالرياض بإكمال إجراءات طلباتهم (الشرق الأوسط)

نمو طلبات تأشيرات «شنغن» في السعودية بنسبة 23 % هذا العام

كشفت شركة «في إف إس غلوبال» عن أن الطلب على تأشيرات «شنغن» في السعودية شهد نمواً ملحوظاً بنسبة 23 في المائة هذا العام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
سفر وسياحة فيروز حاضرة في ثنايا فندق القاصوف (الشرق الاوسط)

«القاصوف»... صفحات من تاريخ لبنان الذهبي

يُعدُّ فندق «القاصوف» في بلدة ضهور الشوير، من الأقدم في لبنان والشرق الأوسط، شهرته ملأت الدنيا، وشغلت الناس على مدى سنوات طويلة، قبل أن تدمّره الحرب.

فيفيان حداد (بيروت)
سفر وسياحة يسمح فقط بحمل الشاحن في حقائب اليد (شاترستوك)

لماذا يمكن أن يُفسد وضع الشواحن المحمولة داخل الحقائب رحلتك؟

من الممكن أن يتسبب الشاحن المحمول (Power Bank) في انطلاق أجهزة الإنذار، ومن ثم خضوعك لفحص إضافي عند نقاط التفتيش الأمنية بالمطارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

جنوب سردينيا القسم الجميل والمهمل في إيطاليا

جزيرة نائية تسكنها نسبة قليلة من الإيطاليين (نيويورك تايمز)
جزيرة نائية تسكنها نسبة قليلة من الإيطاليين (نيويورك تايمز)
TT

جنوب سردينيا القسم الجميل والمهمل في إيطاليا

جزيرة نائية تسكنها نسبة قليلة من الإيطاليين (نيويورك تايمز)
جزيرة نائية تسكنها نسبة قليلة من الإيطاليين (نيويورك تايمز)

كان الضجيج نادراً في جنوب سردينيا منذ مدة طويلة، يقول البعض ربما منذ انحدار الحضارة النوراجية من العصر البرونزي في المنطقة. ومع ذلك، في ثاني أكبر جزيرة إيطالية، حيث تفوق الأغنام عدد السكان إلى حد كبير، هناك طاقة جديدة لا لبس فيها في «كالياري»، عاصمة البحر الأبيض المتوسط الصغيرة، والريف المحيط بها.

تشتهر سردينيا بطبيعتها وشواطئها الجميلة (نيويورك تايمز)

يقول المؤرخ المحلي فينتورينو فارغييو، بينما كنا نشاهد احتفال الأزياء الشعبية السنوي في سانت إفيزيو في المدينة: «لقد اعتدنا أن نعدّ أنفسنا ريفيين، معزولين في هذه الجزيرة النائية. لكن سكان سردينيا بدأوا يدركون أن ثقافتنا لها قيمة حقيقية بالنسبة إلينا وللأجانب».

في كالياري، هناك زيادة في الفخر، إلى جانب موجة من التنمية الجديدة، أغلبها يهدف إلى زيادة الأعداد المتزايدة بالفعل من السياح. في حي مارينا الذي يتغيّر بسرعة، وهو معقل سابق لصيادي الأسماك، صار اليوم مزيجاً نابضاً بالحياة من المهاجرين والمقيمين منذ مدة طويلة، سوف يُنشئ متنزه، جرى تصميمه من قبل المهندس المعماري «ستيفانو بويري»، حديقة مورّقة على طول الواجهة البحرية. سوف يوصل خط قطار خفيف المارينا بضواحي كالياري، ويجري إنشاء ميناء جديد، من المتوقع أن يكون عام 2026 لنقل سفن الرحلات البحرية بعيداً، ما يسمح للسفن الشراعية بالرسو (وإنفاق الأموال) في وسط كالياري.

«لاي» من أشهر الأجبان في جنوب سردينيا (نيويورك تايمز)

بالنسبة إلى كالياري والجنوب الذي يمتد على طول ساحل رملي أبيض وبحر أزرق من الشواطئ الخلابة يمكن أن يثبت المد السياحي إما أنه مدمر وإما أنه نعمة للمنطقة التي تعاني من نقص الفرص. منذ عقود مضت، أصبحت «كوستا إزميرالدا» في شمال سردينيا ملعباً ومنتجعاً للأثرياء مثل ميلانو على البحر الأبيض المتوسط التي ترمز إلى كيفية استعمار السياح لمنطقة ما.

جبن محلي الصنع في سردينيا (نيويورك تايمز)

لكن هل يمكن إنشاء صورة أكثر انسجاماً من السفر في الجنوب؟ مع السياحة المفرطة التي أصبحت الآن لعنة عديد من المواقع الإيطالية، زرت المنطقة وسألت السكان المحليين: ما الذي قد يشكّل مستقبلاً أفضل؟

قال سامويلي موسكاس، أحد مؤسسي «سابوريس»، وهو مطعم خلاّب ومقهى في مارينا: «هذه المدينة تتطوّر لتناسب السياح». يتميّز المطعم بمظهر باريسي رائع، ولكنه يقدّم قائمة طعام محلية وزواراً محليين، وهو واحد من كثير من المطاعم الحضرية في كالياري التي تنافس تلك الموجودة في المدن الإيطالية الكبرى. قدّم لي موسكاس الذي بدأ رحلته في «سابوري دي سردينيا»، وهو متجر قريب للأغذية، الذي كان يضم «سابوريس» وجاره القريب «بيبيت»؛ طبقاً من الهليون البري من شمال سردينيا، وأشار إلى أنني كنت الشخص الوحيد غير السرديني في غرفة الطعام. ثم قال: «لقد أنشأنا هذا المكان لمجتمعنا. ونرحّب بالسياح أيضاً، لكننا نريد منهم أن ينغمسوا في ثقافتنا، في مكان خاص بنا».

مقارنة بالمدن الإيطالية الأخرى، قد تبدو المواقع الثقافية في كالياري قليلة بعض الشيء، رغم أن المتحف الأثري يحتوي على مجموعة رائعة من القطع الأثرية النوراجية والفينيقية والرومانية القديمة في سردينيا، بما في ذلك الرماة النوراجيون المنحوتون على الحجر، والمعروفون باسم عمالقة «مونتي براما». وفي أماكن أخرى، هناك مواقع مثل «غياردينو سونورو»، وهو تركيب خارجي من منحوتات حجرية لصنع الموسيقى من قِبل الفنان المحلي «بينوكيو سيولا»، وكاتدرائية الباروك مع قبوها المقوّس المغطى بالبلاط الذي يُصوّر ما يقرب من 200 قديس.

جزيرة نائية تسكنها نسبة قليلة من الإيطاليين (نيويورك تايمز)

إنها مدينة يكون الاستمتاع بها بشكل أفضل من خلال التجول. يُعدّ شاطئ «بويتو» الذي يمتد لمسافة أميال مكاناً رائعاً للخروج في كالياري خلال الطقس الدافئ، مع نوادي الشاطئ ومطاعم المأكولات البحرية الكلاسيكية مثل مطعم «ريستورانتي كالاموسكا» على حافة الماء. تتجمع طيور الفلامنغو الوردية، وهي أكثر سكان المدينة تقديراً، بالقرب من مسطحات «مولينتارغيوس» الملحية. يتدفق السياح والسكان المحليون على حد سواء إلى حصن سانت ريمي، أفضل نقطة مراقبة في هذه المدينة ذات التلال المتحدرة. وفي وقت مبكر من المساء، تمتلئ ساحة «غيتانو أورو» بالشباب الذين يتجمعون حول بار «فينيريا فيلانوفا»، ويتوجهون لتناول العشاء في المطاعم الكلاسيكية مثل مطعم «تراتوريا ليليكو»، الذي يرجع تاريخه إلى عام 1938، أو أحد مطاعم الجيل الجديد مثل «ريتروبانكو»، و«وسابوريس».

في الوقت الحالي، لا تزال كالياري تبدو وكأنها مدينة تنتمي إلى سكانها، على عكس فلورنسا أو البندقية أو غيرهما من المدن التي يكتظ بها السياح. قال جوزيبي دي مارتيني، المدير العام لمطعم «ريتروبانكو»: «لكننا نريد زيادة الزوار هنا». وأضاف: «يجب أن تصبح كالياري عاصمة البحر الأبيض المتوسط».

يُعد جبن «لاي» سبباً كافياً لزيارة المنطقة. ففي «سينوس»، ورشته الصغيرة، يتبع تقليداً سردينياً قديماً لصنع الأجبان الطبيعية باستخدام الحليب الطازج من الأغنام التي تملكها عائلته. ويقول: «يُصبح الطعام المصنوع بطريقة واعية وسيلة لنقل الثقافة»، بينما كنا غارقين حتى مرافقنا في الحليب الساخن، ونسكب اللبن الرائب في وعاء نحاسي مسخن بالنار. يمكن للضيوف زيارة المتجر لتذوق أجبانه العتيقة الرائعة أو، كما فعلت، تجربة صناعتها بأنفسهم.

في منطقة «سولسيس» المجاورة، واجهت تفسيراً آخر لـ«سردينيا»، حيث يتم الجمع بين الحرف التقليدية والتصميم المعاصر بلا خجل. «بريتزايدا» هي الاستوديو الإبداعي لكل من «إيفانو أتزوري» و«كاير تشينڨن»، وهما مهاجران من كاليفورنيا وميلانو، يصممان وينتجان الأثاث مع الحرفيين المحليين. هذا الربيع، افتتح الثنائي «لوكسي بيا»، وهي مجموعة من بيوت الضيافة الحجرية المحيطة بها أشجار الزيتون والحقول الخضراء. أعادا بناء المساكن وفقاً للأسلوب التقليدي للمنطقة وملأوها بأسرّة «بريتزايدا» ذات الإطارات الخشبية المنحوتة المذهلة، وطاولات جانبية من الفلين المنحوت، وغير ذلك من القطع المعاصرة المصنوعة يدوياً.

طبيعة جميلة في واحدة من أكبر جزر إيطاليا (نيويورك تايمز)

لاحقاً، استقللت دراجة كهربائية للوصول إلى «تومبي دي جيغانتي»، وهو موقع «نوراجيكي» مع مسارات المشي لمسافات طويلة تطل على التلال المشجرة. تقع شواطئ الأحلام «بورتو بينو»، و«سو بورتو دي سو تريغو»، و«إيس سوليناس» في البحر الأبيض المتوسط على مسافة قصيرة بالسيارة، وكذلك مجتمع الصيد الغني بالتاريخ في جزيرة «سانت أنتيوكو»، المتصلة بالجزيرة الرئيسية عبر جسر بري رفيع.

في أعماق «سولسيس»، وهي منطقة معروفة بأعمال التعدين السابقة، وعلى طول الساحل الجنوبي الغربي، افتُتح «لو ديون بيسيناس» في مايو (أيار)، بوصفه فندقاً فخماً في مستودع سابق للتعدين، وهي محاولة طموحة لتحويل منطقة فارغة الآن من الصناعة إلى وجهة ذات طابع طبيعي. أصبحت الحديقة المحيطة جزءاً من درب المشي «سانتا باربرا»، باتباع المسارات التي كان يسير عليها عمال المناجم ذهاباً وإياباً من العمل. لكن موطن الجذب الحقيقي هو العزلة الرائعة للفندق وشاطئه المواجه للغروب، والمدعوم بشكل كبير ببعض أطول الكثبان الرملية في أوروبا «ربما الجزء الأكثر عزلة من ساحل سردينيا»، كما قالت المالكة «مارسيلا تيتوني»، التي قضت 10 سنوات في تجديد الفندق: «ما أفضل طريقة لإحيائه سوى من خلال الزوار وهذا العمل المفعم بالمحبة؟».

* خدمة «نيويورك تايمز»