من أعلى نقطة... إطلالات بانورامية على القاهرة

أماكن تمنحك فرصة التعرف على معالم العاصمة المصرية

تلسكوب برج القاهرة يمنحك رؤية بانورامية للقاهرة (الهيئة العامة للاستعلامات)
تلسكوب برج القاهرة يمنحك رؤية بانورامية للقاهرة (الهيئة العامة للاستعلامات)
TT

من أعلى نقطة... إطلالات بانورامية على القاهرة

تلسكوب برج القاهرة يمنحك رؤية بانورامية للقاهرة (الهيئة العامة للاستعلامات)
تلسكوب برج القاهرة يمنحك رؤية بانورامية للقاهرة (الهيئة العامة للاستعلامات)

تتمتع العاصمة المصرية القاهرة بمزيج فريد من التاريخ العريق والحياة العصرية النابضة، ما يجذب إليها ملايين الزوار من حول العالم، الذين يبحثون ويفتشون عن سحرها كلٍ من منظوره الخاص.

ولتجربة هذا السحر من زاوية مختلفة، نرشح لك رؤيتها من مسقط رأسي، تتيحه أماكن بعينها في القاهرة عند زيارتها، إذ تعطيك فرصة مشاهدتها من أعلى نقطة، وإلقاء نظرة بانورامية من تلك النوافذ المفتوحة على العاصمة مترامية الأطراف، وتطوف من خلالها عبر تاريخها العريق إلى حاضرها العصري.

«الشرق الأوسط» تستعرض أبرز أماكن يمكنك زيارتها ضمن برنامج زيارتك للقاهرة لرؤيتها من أعلى نقطة...

برج القاهرة

إذا كنت تريد مشاهدة جمال القاهرة فعليك الصعود إلى برج القاهرة، فمع الوصول إلى قمته يمكنك رؤية بانوراما كاملة لمعالم المدينة، خاصة الأهرامات ومشهد النيل، حيث يتوسط البرج فرعي النيل بوجوده في جزيرة الزمالك، إلى جانب إلقاء نظرة فاحصة على الحياة النابضة بالحياة، حيث تشعر وأنت تنظر في المنظار المحمول أو التلسكوب المثبت في أعلاه أنك تزور مصر كلها في لحظة واحدة.

يعد برج القاهرة من العالم السياحية المهمة، تم بناؤه بين عامي 1956 و1961 من الخرسانة المسلحة على شكل زهرة اللوتس المصرية، ويقع في قلب القاهرة على جزيرة الزمالك بنهر النيل، لذا يطلق عليه «برج الجزيرة»، يصل ارتفاع البرج 187 متراً وهو أعلى من الهرم الأكبر بالجيزة بنحو 43 متراً، ويتكون من 61 طابقاً، ويستند إلى قاعدة من أحجار الغرانيت الأسواني التي استخدمها المصريون القدماء في بناء المعابد والمقابر، في صورة تمثل مزجاً بين الأصالة والمعاصرة.

برج القاهرة (صفحة برج القاهرة على «فيسبوك»)

الأهمية السياحية لبرج القاهرة لا يمكن إنكارها، فهو يجتذب الزوار من جميع أنحاء العالم، الذين يتوقون إلى تجربة مشاهدة المدينة من زاوية فريدة من نوعها، لذا يعد البرج بمثابة نقطة محورية للعديد من الرحلات السياحية، حيث يقدم تجربة لا تنسى تجمع بين المناظر الخلابة والسياق التاريخي والانغماس الثقافي.

يستقبل البرج زواره يومياً في الفترة من التاسعة صباحاً إلى الساعة الثانية عشرة من منتصف الليل، وأفضل الأوقات للزيارة هو ما قبل الغروب إلى ما بعده، لكي تستمتع برؤية القاهرة في النهار ثم وقت الغروب ثم في الليل، كما أنه الوقت الذي يُمكّنك من مشاهدة بنايات وشوارع القاهرة وهي تضئ ثانية وراء أخرى على هيئة ومضات متتالية، ما يزيد من بهجة الزيارة.

وستكون حسن الحظ إذا صادفت زيارتك توشّح البرج بإضاءات الألوان المختلفة، التي يتزين بها بين حين وآخر تزامناً واحتفاءً بمناسبات مصرية وعربية مختلفة، منها تزينه بألوان أعلام الدول العربية في أعيادها الوطنية، أو بالتزامن مع الأيام الصحية حول العالم.

الصعود إلى أعلى البرج في المصاعد المخصصة يستغرق نحو 45 ثانية، لكن عليك أن تأخذ في اعتبارك وقوفك في طابور المصعد الوحيد، الذي يأخذ وقتاً، نظراً للإقبال على الصعود. لذا من الأفضل زيارته وسط الأسبوع لتجنب الزحام الشديد في نهاية الأسبوع.

تبلغ قيمة تذكرة الدخول 250 جنيهاً مصرياً للجنسيات الأجنبية (الدولار يساوي 48 جنيهاً في المتوسط)، أما الأطفال أقل من 6 سنوات فالدخول مجاني، كما تبلغ قيمة المنظار المحمول 50 جنيهاً مصرياً، وتذكرة استخدام التلسكوب 10 جنيهات.

ولمزيد من الاستمتاع بالرحلة، يمكن تناول الطعام والمشروبات في المطعم «الدوار» الكائن في الطابق رقم 60، ويتميز هذا المطعم بشكله الدائري، والذي يدور حول نقطة ارتكاز ببطء لترى القاهرة بزاوية 360 درجة، ويمكنكم فيه التقاط بعض الصور التذكارية مع العائلة أو الأصدقاء، لكون المطعم مناسباً لجميع الأعمار.

قلعة صلاح الدين (وزارة السياحة والآثار)

قلعة صلاح الدين

قلعة صلاح الدين هي إحدى أهم معالم القاهرة الإسلامية، وإحدى أفخم القلاع الحربية التي شيدت في العصور الوسطى، وقد أتاح موقعها الاستراتيجي أعلى إحدى الربُى المنفصلة عن جبل المقطم إطلالة رائعة على كافة معالم القاهرة التاريخية.

فمن أعلى القلعة، يمكن للزوار التمتع بمنظر بانورامي خلاب يمتد إلى أفق القاهرة، حيث تظهر مآذن المساجد العتيقة التي تشق السماء، والأحياء القديمة التي تحتفظ بروح الزمن القديم، والأبراج السكنية الحديثة، جنباً إلى جنب، ويرى الزائر من هذا الموقع الازدحام الدائم والحركة الدائرة التي لا تهدأ في شوارع القاهرة، ما يجعل التقاط الصور التذكارية وفي خلفيتها تلك المشاهد مجتمعة بمثابة لوحة حية تنبض بالحياة.

لا تقتصر زيارة القلعة على التمتع برؤية تلك المشاهد فحسب، فأمامك الفرصة للتعرف على مقتطفات من تاريخها ومعمارها، إذ بنيت القلعة التي أسسها القائد صلاح الدين الأيوبي، وأكمل بناءها أخوه الملك العادل عام 1208، بهدف تأمين القاهرة ضد الغزوات المحتملة، فموقعها الاستراتيجي المرتفع يوفر أهمية دفاعية للمدينة، لأنه يسيطر على مدينتي القاهرة والفسطاط، كما أنه يشكل حاجزاً طبيعياً مرتفعاً بين المدينتين.

أما من ناحية المعمار، تعد القلعة تحفة معمارية، حيث تشتمل على مجموعة من الأبراج والأسوار التي تعكس العمارة الإسلامية الكلاسيكية، كما يقع بمحيطها مسجد محمد علي باشا ومسجد الناصر محمد بن قلاوون، وجميعها تقدم للزائر نافذة يطل منها على دقة وروعة البناء.

يمكن زيارة القلعة جميع أيام الأسبوع، من الساعة الثامنة صباحاً إلى الخامسة مساءً، وتبلغ قيمة تذكرة الدخول للزائرين الأجانب 450 جنيهاً وللطالب 230 جنيهاً، كما يتاح الدخول المجاني للأطفال أقل من 6 أعوام، وللمصرين والعرب أكبر من 60 عاماً.

نظرة رأسية للقاهرة وفي الخلفية جبل المقطم (هيئة تنشيط السياحة المصرية)

جبل المقطم

في الليل، تُصبح القاهرة مدينة أخرى، إذ تضيء أضواء المدينة سماءها، ما يُضفي عليها جمالاً ساحراً، وبإمكانك أن ترى مشهداً مميزاً لهذا الجمال إذا قصدت جبل المقطم.

يعتبر جبل المقطم من أهم الوجهات السياحية والمقاصد الترفيهية في القاهرة، بل هو الجبل الأكثر شهرة، حيث يزوره العديد من السياح من مختلف أنحاء العالم، ومئات المصريين، للوصول للقمة وإلقاء نظرة على الحياة في الأسفل، ويوفر مشهداً بانورامياً على القاهرة من أعلى، حيث الظلمة التي تقطعها أضواء السيارات وهي تتحرك في الشوارع، وأضواء المنازل المنبعثة من النوافذ، وأضواء المآذن التي تشق عتمة الليل.

من الناحية الجغرافية والتاريخية، يتكون المقطم من الحجر الجيري، الذي تقول الروايات التاريخية إنه المصدر الذي اعتمد عليه الفراعنة لبناء أهرامات الجيزة وعدد لا يحصى من الآثار الفرعونية الأخرى.

يمنح المقطم زائره فرصة الاستمتاع بمناظر الغروب الرائعة، لكن يفضل زيارة الجبل خلال ساعات الليل بشكل أكبر، حيث يكون المشهد أعلى الجبل ممتعاً، كما أنه ملاذ محبي استنشاق الهواء النظيف، والباحثين عن قليل من الهدوء بعيداً عن صخب القاهرة الذي لا يهدأ. لكن عليك أن ترتدي سترة خلال هذه الزيارة لأن الهواء بارد في الليل.‬

يمكن للزائرين التنزه والتقاط الصور التذكارية، إلى جانب التمتع بالمشروبات من خلال المقاهي والمطاعم والكافيهات المنتشرة في المكان.

وتنفذ الحكومة المصرية في الوقت الحالي مشروعاً ضخماً لتطوير كورنيش المقطم، في موقع متميز يطل على أهرامات الجيزة وقلعة صلاح الدين والقاهرة الفاطمية ومتحف الحضارات، يضم المشروع ممشى ومسار دراجات وحديقة وسلسلة مطاعم وكافيهات، ومنطقة بازارات تجارية، ومدينة ملاهٍ ترفيهية.


مقالات ذات صلة

مغيب الشمس من سطوح بيروت... استثنائية التجربة البصرية

سفر وسياحة مشهد الغروب يؤكد استثنائية التجربة البصرية (حساب «C-Lounge» في «فيسبوك»)

مغيب الشمس من سطوح بيروت... استثنائية التجربة البصرية

تحلو الجلسة المُطلَّة على مشهد يُبهج النفس ويهدِّئ همَّ الأيام. في بيروت، تتعدَّد الأماكن المشرفة على العاصمة ببحرها ومبانيها وأفقها البعيد حيث تتوارى الشمس

فاطمة عبد الله (بيروت)
الاقتصاد يقوم عدد من مقدمي طلبات التأشيرات في مركز التأشيرات بالرياض بإكمال إجراءات طلباتهم (الشرق الأوسط)

نمو طلبات تأشيرات «شنغن» في السعودية بنسبة 23 % هذا العام

كشفت شركة «في إف إس غلوبال» عن أن الطلب على تأشيرات «شنغن» في السعودية شهد نمواً ملحوظاً بنسبة 23 في المائة هذا العام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
سفر وسياحة فيروز حاضرة في ثنايا فندق القاصوف (الشرق الاوسط)

«القاصوف»... صفحات من تاريخ لبنان الذهبي

يُعدُّ فندق «القاصوف» في بلدة ضهور الشوير، من الأقدم في لبنان والشرق الأوسط، شهرته ملأت الدنيا، وشغلت الناس على مدى سنوات طويلة، قبل أن تدمّره الحرب.

فيفيان حداد (بيروت)
سفر وسياحة يسمح فقط بحمل الشاحن في حقائب اليد (شاترستوك)

لماذا يمكن أن يُفسد وضع الشواحن المحمولة داخل الحقائب رحلتك؟

من الممكن أن يتسبب الشاحن المحمول (Power Bank) في انطلاق أجهزة الإنذار، ومن ثم خضوعك لفحص إضافي عند نقاط التفتيش الأمنية بالمطارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أظهر مقطع الفيديو اهتزاز المقعد (غيتي)

حظر زوجين بدآ شِجاراً مع راكبة صينية بسبب مقعدها المائل

حظرت شركة الطيران الوطنية في هونغ كونغ، «كاثي باسيفيك»، زوجين من رحلاتها بعد شجار بدآه مع مسافرة صينية بسبب مقعدها المائل أمامهما، حسب «بي بي سي».

«الشرق الأوسط» (لندن)

جنوب سردينيا القسم الجميل والمهمل في إيطاليا

جزيرة نائية تسكنها نسبة قليلة من الإيطاليين (نيويورك تايمز)
جزيرة نائية تسكنها نسبة قليلة من الإيطاليين (نيويورك تايمز)
TT

جنوب سردينيا القسم الجميل والمهمل في إيطاليا

جزيرة نائية تسكنها نسبة قليلة من الإيطاليين (نيويورك تايمز)
جزيرة نائية تسكنها نسبة قليلة من الإيطاليين (نيويورك تايمز)

كان الضجيج نادراً في جنوب سردينيا منذ مدة طويلة، يقول البعض ربما منذ انحدار الحضارة النوراجية من العصر البرونزي في المنطقة. ومع ذلك، في ثاني أكبر جزيرة إيطالية، حيث تفوق الأغنام عدد السكان إلى حد كبير، هناك طاقة جديدة لا لبس فيها في «كالياري»، عاصمة البحر الأبيض المتوسط الصغيرة، والريف المحيط بها.

تشتهر سردينيا بطبيعتها وشواطئها الجميلة (نيويورك تايمز)

يقول المؤرخ المحلي فينتورينو فارغييو، بينما كنا نشاهد احتفال الأزياء الشعبية السنوي في سانت إفيزيو في المدينة: «لقد اعتدنا أن نعدّ أنفسنا ريفيين، معزولين في هذه الجزيرة النائية. لكن سكان سردينيا بدأوا يدركون أن ثقافتنا لها قيمة حقيقية بالنسبة إلينا وللأجانب».

في كالياري، هناك زيادة في الفخر، إلى جانب موجة من التنمية الجديدة، أغلبها يهدف إلى زيادة الأعداد المتزايدة بالفعل من السياح. في حي مارينا الذي يتغيّر بسرعة، وهو معقل سابق لصيادي الأسماك، صار اليوم مزيجاً نابضاً بالحياة من المهاجرين والمقيمين منذ مدة طويلة، سوف يُنشئ متنزه، جرى تصميمه من قبل المهندس المعماري «ستيفانو بويري»، حديقة مورّقة على طول الواجهة البحرية. سوف يوصل خط قطار خفيف المارينا بضواحي كالياري، ويجري إنشاء ميناء جديد، من المتوقع أن يكون عام 2026 لنقل سفن الرحلات البحرية بعيداً، ما يسمح للسفن الشراعية بالرسو (وإنفاق الأموال) في وسط كالياري.

«لاي» من أشهر الأجبان في جنوب سردينيا (نيويورك تايمز)

بالنسبة إلى كالياري والجنوب الذي يمتد على طول ساحل رملي أبيض وبحر أزرق من الشواطئ الخلابة يمكن أن يثبت المد السياحي إما أنه مدمر وإما أنه نعمة للمنطقة التي تعاني من نقص الفرص. منذ عقود مضت، أصبحت «كوستا إزميرالدا» في شمال سردينيا ملعباً ومنتجعاً للأثرياء مثل ميلانو على البحر الأبيض المتوسط التي ترمز إلى كيفية استعمار السياح لمنطقة ما.

جبن محلي الصنع في سردينيا (نيويورك تايمز)

لكن هل يمكن إنشاء صورة أكثر انسجاماً من السفر في الجنوب؟ مع السياحة المفرطة التي أصبحت الآن لعنة عديد من المواقع الإيطالية، زرت المنطقة وسألت السكان المحليين: ما الذي قد يشكّل مستقبلاً أفضل؟

قال سامويلي موسكاس، أحد مؤسسي «سابوريس»، وهو مطعم خلاّب ومقهى في مارينا: «هذه المدينة تتطوّر لتناسب السياح». يتميّز المطعم بمظهر باريسي رائع، ولكنه يقدّم قائمة طعام محلية وزواراً محليين، وهو واحد من كثير من المطاعم الحضرية في كالياري التي تنافس تلك الموجودة في المدن الإيطالية الكبرى. قدّم لي موسكاس الذي بدأ رحلته في «سابوري دي سردينيا»، وهو متجر قريب للأغذية، الذي كان يضم «سابوريس» وجاره القريب «بيبيت»؛ طبقاً من الهليون البري من شمال سردينيا، وأشار إلى أنني كنت الشخص الوحيد غير السرديني في غرفة الطعام. ثم قال: «لقد أنشأنا هذا المكان لمجتمعنا. ونرحّب بالسياح أيضاً، لكننا نريد منهم أن ينغمسوا في ثقافتنا، في مكان خاص بنا».

مقارنة بالمدن الإيطالية الأخرى، قد تبدو المواقع الثقافية في كالياري قليلة بعض الشيء، رغم أن المتحف الأثري يحتوي على مجموعة رائعة من القطع الأثرية النوراجية والفينيقية والرومانية القديمة في سردينيا، بما في ذلك الرماة النوراجيون المنحوتون على الحجر، والمعروفون باسم عمالقة «مونتي براما». وفي أماكن أخرى، هناك مواقع مثل «غياردينو سونورو»، وهو تركيب خارجي من منحوتات حجرية لصنع الموسيقى من قِبل الفنان المحلي «بينوكيو سيولا»، وكاتدرائية الباروك مع قبوها المقوّس المغطى بالبلاط الذي يُصوّر ما يقرب من 200 قديس.

جزيرة نائية تسكنها نسبة قليلة من الإيطاليين (نيويورك تايمز)

إنها مدينة يكون الاستمتاع بها بشكل أفضل من خلال التجول. يُعدّ شاطئ «بويتو» الذي يمتد لمسافة أميال مكاناً رائعاً للخروج في كالياري خلال الطقس الدافئ، مع نوادي الشاطئ ومطاعم المأكولات البحرية الكلاسيكية مثل مطعم «ريستورانتي كالاموسكا» على حافة الماء. تتجمع طيور الفلامنغو الوردية، وهي أكثر سكان المدينة تقديراً، بالقرب من مسطحات «مولينتارغيوس» الملحية. يتدفق السياح والسكان المحليون على حد سواء إلى حصن سانت ريمي، أفضل نقطة مراقبة في هذه المدينة ذات التلال المتحدرة. وفي وقت مبكر من المساء، تمتلئ ساحة «غيتانو أورو» بالشباب الذين يتجمعون حول بار «فينيريا فيلانوفا»، ويتوجهون لتناول العشاء في المطاعم الكلاسيكية مثل مطعم «تراتوريا ليليكو»، الذي يرجع تاريخه إلى عام 1938، أو أحد مطاعم الجيل الجديد مثل «ريتروبانكو»، و«وسابوريس».

في الوقت الحالي، لا تزال كالياري تبدو وكأنها مدينة تنتمي إلى سكانها، على عكس فلورنسا أو البندقية أو غيرهما من المدن التي يكتظ بها السياح. قال جوزيبي دي مارتيني، المدير العام لمطعم «ريتروبانكو»: «لكننا نريد زيادة الزوار هنا». وأضاف: «يجب أن تصبح كالياري عاصمة البحر الأبيض المتوسط».

يُعد جبن «لاي» سبباً كافياً لزيارة المنطقة. ففي «سينوس»، ورشته الصغيرة، يتبع تقليداً سردينياً قديماً لصنع الأجبان الطبيعية باستخدام الحليب الطازج من الأغنام التي تملكها عائلته. ويقول: «يُصبح الطعام المصنوع بطريقة واعية وسيلة لنقل الثقافة»، بينما كنا غارقين حتى مرافقنا في الحليب الساخن، ونسكب اللبن الرائب في وعاء نحاسي مسخن بالنار. يمكن للضيوف زيارة المتجر لتذوق أجبانه العتيقة الرائعة أو، كما فعلت، تجربة صناعتها بأنفسهم.

في منطقة «سولسيس» المجاورة، واجهت تفسيراً آخر لـ«سردينيا»، حيث يتم الجمع بين الحرف التقليدية والتصميم المعاصر بلا خجل. «بريتزايدا» هي الاستوديو الإبداعي لكل من «إيفانو أتزوري» و«كاير تشينڨن»، وهما مهاجران من كاليفورنيا وميلانو، يصممان وينتجان الأثاث مع الحرفيين المحليين. هذا الربيع، افتتح الثنائي «لوكسي بيا»، وهي مجموعة من بيوت الضيافة الحجرية المحيطة بها أشجار الزيتون والحقول الخضراء. أعادا بناء المساكن وفقاً للأسلوب التقليدي للمنطقة وملأوها بأسرّة «بريتزايدا» ذات الإطارات الخشبية المنحوتة المذهلة، وطاولات جانبية من الفلين المنحوت، وغير ذلك من القطع المعاصرة المصنوعة يدوياً.

طبيعة جميلة في واحدة من أكبر جزر إيطاليا (نيويورك تايمز)

لاحقاً، استقللت دراجة كهربائية للوصول إلى «تومبي دي جيغانتي»، وهو موقع «نوراجيكي» مع مسارات المشي لمسافات طويلة تطل على التلال المشجرة. تقع شواطئ الأحلام «بورتو بينو»، و«سو بورتو دي سو تريغو»، و«إيس سوليناس» في البحر الأبيض المتوسط على مسافة قصيرة بالسيارة، وكذلك مجتمع الصيد الغني بالتاريخ في جزيرة «سانت أنتيوكو»، المتصلة بالجزيرة الرئيسية عبر جسر بري رفيع.

في أعماق «سولسيس»، وهي منطقة معروفة بأعمال التعدين السابقة، وعلى طول الساحل الجنوبي الغربي، افتُتح «لو ديون بيسيناس» في مايو (أيار)، بوصفه فندقاً فخماً في مستودع سابق للتعدين، وهي محاولة طموحة لتحويل منطقة فارغة الآن من الصناعة إلى وجهة ذات طابع طبيعي. أصبحت الحديقة المحيطة جزءاً من درب المشي «سانتا باربرا»، باتباع المسارات التي كان يسير عليها عمال المناجم ذهاباً وإياباً من العمل. لكن موطن الجذب الحقيقي هو العزلة الرائعة للفندق وشاطئه المواجه للغروب، والمدعوم بشكل كبير ببعض أطول الكثبان الرملية في أوروبا «ربما الجزء الأكثر عزلة من ساحل سردينيا»، كما قالت المالكة «مارسيلا تيتوني»، التي قضت 10 سنوات في تجديد الفندق: «ما أفضل طريقة لإحيائه سوى من خلال الزوار وهذا العمل المفعم بالمحبة؟».

* خدمة «نيويورك تايمز»