تعرف على ثاني أكبر مدينة حضرية في العالم... دلهي

مأهولة بالسكان منذ 600 عام قبل الميلاد وتقارن بروما وإسطنبول والقاهرة

مقبرة همايون (شاترستوك)
مقبرة همايون (شاترستوك)
TT

تعرف على ثاني أكبر مدينة حضرية في العالم... دلهي

مقبرة همايون (شاترستوك)
مقبرة همايون (شاترستوك)

تعدُّ العاصمة الهندية، دلهي، مدينة شديدة الضخامة - تحديداً، ثاني أكبر منطقة حضرية في العالم، بعد طوكيو - ولأنها كانت مأهولة بالسكان بشكل مستمر منذ نحو 600 عام قبل الميلاد، فإن تراثها لا يمكن مقارنته سوى بعدد محدود للغاية من المدن، مثل روما أو إسطنبول أو القاهرة.

جرى بناء دلهي على أنقاض سبع مدن قديمة، ولديها الكثير من المزارات. وتهيمن الآثار القديمة والمساجد والأسواق والحصون على أهم مناطق الجذب في دلهي. في الواقع، من الصعب السير أكثر من بضع بنايات في دلهي دون أن تتعثر في موقع تاريخي آخر أو كنز قديم.

وسعياً لمساعدتك على تحقيق أقصى استفادة من وقتك في دلهي، إليك اختيارنا لأفضل الأشياء التي يمكنك رؤيتها والقيام بها داخل العاصمة الهندية الجذابة والمزدحمة. يمكن أن تطغى المدينة بسهولة على المعالم السياحية المذهلة، لذلك إليك اختيارنا لأفضل السبل لقضاء وقتك في دلهي الجذابة.

القلعة الحمراء في دلهي (شاترستوك)

استكشف تاريخ دلهي

شكلت دلهي قلب الإمبراطورية المغولية السابقة، وتحتضن المدينة كثيراً من المعالم التاريخية التي تقف بمثابة شواهد على ماضي المدينة المجيد.

تعد القلعة الحمراء واحدة من المعالم الأكثر شهرة في دلهي، ويرجع تاريخ بنائها إلى عام 1638 من قبل الإمبراطور المغولي شاه جاهان. وجرى بناء القلعة من الحجر الرملي الأحمر، وتتمتع بتاريخ غني، وجرت الاستعانة بها بوصفها مقر إقامة أباطرة المغول منذ نحو 200 عام. واليوم، تعدُّ القلعة الحمراء أحد مواقع التراث العالمي لليونيسكو، وتجذب ملايين الزوار سنوياً.

إضافة لذلك، يعدُّ «قطب منار» أحد مواقع التراث العالمي التابعة لليونيسكو، وواحداً من أطول المآذن في العالم. جرى بناء «قطب منار» من طرف سلطنة دلهي في القرن الثاني عشر، وهو مصنوع من الحجر الرملي الأحمر والرخام. يبلغ ارتفاع المئذنة 73 متراً، وتتألف من خمسة طوابق متميزة، لكل منها شرفة. وتزدان جدران وأعمدة المنار بنقوش بالخط البارسو ـ النجاري والخط العربي.

يمكنك كذلك زيارة «مسجد الجامع» أحد أكبر المساجد على مستوى الهند ويقع في الجزء القديم من دلهي. يعود تاريخ البناء إلى القرن السابع عشر على يد الإمبراطور المغولي شاه جاهان، وهو مصنوع من الحجر الرملي الأحمر والرخام الأبيض. يتسع المسجد لأكثر من 25 ألف شخص، ويعدُّ مكاناً رائعاً للتعرف على ثقافة وتاريخ دلهي.

وفي سياق متصل، تعدُّ مقبرة همايون، أول مقبرة داخل حديقة يجري بناؤها في الهند تكريماً للإمبراطور المغولي همايون. وتشتهر المقبرة بهندستها المعمارية الرائعة، المصممة على الطراز الهندي الإسلامي. واستغرق بناء المقبرة نفسها أكثر من 8 أعوام، وتقع داخل حديقة مترامية الأطراف تمتد على مساحة 30 فداناً، ويطلق عليها «شار باغ». ويضم المكان العديد من المقابر الأخرى، منها مقابر تضم رفات العديد من أباطرة المغول الآخرين.

استكشاف دلهي على دراجة

لضمان معايشة تجربة مختلفة في دلهي، انزل إلى الشوارع على دراجة هوائية، وانغمس في الألوان والروائح والأصوات والأذواق المختلفة. تنظم شركة «دلهي باي سايكل»، التي أسسها صحافي هولندي (الهولنديون معروفون بحبهم لركوب الدراجات)، مجموعة من جولات الدراجات عبر أرجاء المدينة. وتتضمن هذه الجولات جولات عبر أجزاء مختلفة من دلهي القديمة ونيودلهي، حتى يتمكن الزائر من استكشاف زوايا مختلفة من المدينة. وستحتاج إلى الاستيقاظ باكراً، لأن العديد من الجولات تبدأ في الصباح الباكر لتجنب حركة المرور في المدينة.

أكبر سوق للتوابل في آسيا

إذا كنت من محبي الطهي، فلا بد من زيارة سوق التوابل التي تعود إلى عصر المغول في القرن السابع عشر. ومثلما هو متوقع من أي سوق للتوابل، تعد سوق التوابل «خاري باولي» بمثابة سوق قادرة على تحفيز الحواس المختلفة. بالإضافة إلى الألوان النابضة بالحياة لكل ظل ولون يمكن تخيله، يمكنك كذلك أن تتوقع هجمات من روائح نفاذة من جميع الزوايا على مستقبلاتك الشمية - ولا تفاجأ إذا عانيت فجأة من نوبة عطس مفاجئة أو اثنتين. بخلاف التوابل التي تحمل اسمها، هناك كذلك الكثير من الفواكه المجففة والأعشاب والمكسرات والشاي والحبوب والأرز والمعكرونة، مما يعني أن السوق تضم ما يناسب كل الأذواق.

يعود تاريخ سوق التوابل الشهير في دلهي إلى عام 1650 عندما قامت ببنائه إحدى الزوجات الخمس للإمبراطور المغولي شاه جاهان. اليوم، يجري تشغيل بعض المتاجر على أيدي أصحاب المتاجر من الجيل العاشر والحادي عشر وحتى الثاني عشر من أحفاد الملاك الأوائل للمتاجر. بالإضافة إلى كونه وجهة شهيرة لتجار التوابل وعشاق الطعام، تُعدُّ السوق معلماً ثقافياً وتاريخياً رائعاً تحيطه أمثلة مذهلة للهندسة المعمارية في عصر المغول، بما في ذلك القلعة الحمراء والمسجد الجامع، مما يقدم لمحة فريدة عن التاريخ النابض بالحياة وثقافة دلهي.

فن شارع مستعمرة لودهي

لمحبي فنون الشوارع، يعد أول معرض فني عام في الهواء الطلق في الهند، منطقة لودهي للفنون، وهو مكان تجب زيارته. وأصبحت الجدران الفارغة على طول الشوارع هنا بمثابة لوحات فنية للفنانين من الهند ومن جميع أنحاء العالم.

تضم المنطقة أكثر من 65 لوحة جدارية مذهلة لفنانين وطنيين ودوليين. ويضيف مهرجان لودهي الشتوي السنوي إلى حيوية وإرث هذا المكان، حيث تقام مختلف فنون الشارع مثل الموسيقى والرقص.

خلال رئاسة الهند لمجموعة العشرين، زينت جداريتان مذهلتان المنطقة الفنية لفناني الشوارع، من إبداع باولا دلفين من المكسيك وأندا راس من ماليزيا. وبصرف النظر عن تجميل الشوارع، أظهرت الأعمال الرائعة كذلك قوة فن الشارع في تشكيل عقول الناس ورصد تعقيدات الحياة اليومية.

تجربة الأماكن المسكونة في دلهي

إذا كنت من الباحثين عن الإثارة وتميل للتجارب الخارقة للطبيعة، فإن دلهي المكان المناسب للذهاب إليه. تواصل مع هيئة السياحة في دلهي التي تنظم جولات في عدد من الأماكن المسكونة، بجانب أماكن مسكونة أخرى يديرها صائدو الأشباح على نحو خاص. يمكن للمرء أن يختار زيارة «أغراسين كي باولي»، بئر الملح الذي جرى إخلاؤه الآن، ويعتقد السكان المحليون أنه مسكون بأشباح. وبالمثل، يعتقد الكثيرون أن منطقة «كانتون دلهي» يسكنها شبح يظهر في ملابس بيضاء. مكان آخر غريب للزيارة في دلهي هو «مقبرة لوثيان»، التي يقال عادة إنها تسكنها روح الجنرال الإنجليزي الذي تحمل المقبرة اسمه، الذي انتحر بعد أن اكتشف أن المرأة الهندية التي أحبها تزوجت من رجل آخر.

ومن بين وجهات الرعب الشهيرة في دلهي كذلك «بهولي بهاتياري كا محل»، نزل صيد مهجور في كارول باغ، ويعود تاريخ بنائه إلى القرن الرابع عشر على يد فيروز شاه تغلق، وثمة اعتقاد سائد اليوم أنه مسكون. ومع نمو صور الحياة البرية فوق المبنى المدمر، يبرز هذا النزل بوصفه أحد الأماكن المخيفة في دلهي، التي يتعين على جميع محبي الرعب زيارتها.

مقبرة همايون (شاترستوك)

أكبر مستشفى للطيور في العالم

يعد معبد جاين واحداً من أقدم وأجمل المعابد من نوعها في دلهي، ويحتوي على لوحات جدارية تعود إلى 100 عام ماضية، بجانب مستشفى كامل مخصص يتولى علاج 15 ألف طائر جريح سنوياً. المكان غارق في الأساطير. وتنتشر أقاويل أنه عندما حظر الإمبراطور المغولي الموسيقى في المعبد، استمرت الجدران في إصدار قرع الطبول من تلقاء نفسها.

تشامبا غالي

من التجارب الأخرى الغريبة التي بمقدورك معايشتها في دلهي، زيارة تشامبا غالي، الذي يوفر أجواءً خلابة، ويضم مقاهي منزلية صغيرة ومعارض فنية والعديد من المتاجر الصغيرة الجذابة. وتجذب العديد من متاجر الحرف اليدوية خبراء الفن إلى المكان. وداخل المكان، تجري إقامة حفلات موسيقية وجلسات شعرية، يحاوطها سحر الريف. بالتأكيد هذا واحد من الأماكن الفريدة في دلهي التي يتعين على الجميع عدم تفويت زيارتها.

دلهي ثاني أكبر مدينة مأهولة بالسكان (شاترستوك)

عروض مسائية داخل مملكة الأحلام

لقضاء ليلة لا تُنسى، خاصة إذا كنت تقيم في ضواحي جورجاون بالقرب من نيودلهي، توجه إلى متنزه مملكة الأحلام الخيالي، حيث يجري تنظيم عروض فنية وثقافية وتراثية، إضافة إلى فعاليات على صلة بالحرف اليدوية والمأكولات والفنون المسرحية في أجواء حالمة.

وهناك عرضان مثيران للإعجاب من إنتاج «بوليوود» على المسرح: «زنغورة» (أكبر عرض مسرحي موسيقي في بوليوود على الإطلاق) و«جومرو» (كوميديا موسيقية حديثة).

أما إذا كنت من عشاق الطعام، فإن «كلتشر غولي» في مملكة الأحلام يتيح لك فرصة نادرة لتذوق المأكولات الرائعة في جميع الولايات الرئيسية في الهند.

مراسم تغيير الحرس

يمكنك مشاهدة مراسم تغيير الحرس في قصر دلهي الرئاسي، أحد أقدم التقاليد العسكرية في الهند. ويمكنك الاستمتاع بهذا الاستعراض الذي لا يُنسى، مع ظهور نخبة الحرس الشخصي للرئيس على ظهور الخيل وفرقة الجيش النحاسية بكامل عدتها.

ويعدُّ احتفال تغيير الحرس واحداً من العديد من الاحتفالات المماثلة التي تقام حول العالم (أشهرها في قصر باكنغهام بلندن).

كابوتار بازي (رياضة سباق الحمام)

«كابوتار بازي» سباق تقليدي لقدرة الحمام على الطيران بسرعة، ابتكره المغول منذ قرون، وما يزال رياضة تحظى بشعبية كبيرة في دلهي حتى يومنا هذا.

وداخل دلهي القديمة، يجري تنظيم السباق على نحو أكثر فخامة وتقليدية. ويعكف نحو 500 شخص في دلهي القديمة على تدريب الحمام على هذه الرياضة. وفي إطار السباق، يطير الحمام عكس الريح ويعود عبر الطريق نفسه، وفي النهاية يتم إعلان الفائز الذي يطير إلى أبعد مسافة.

تبدأ السباقات في الساعات الأولى من النهار وتنتهي في المساء. وإذا لم تكن قد رأيت واحداً من قبل، فقد يكون هذا حدثاً مثيراً لمعايشته.

الغولف

ربما لا تعرف ذلك، لكن دلهي مدينة تضم عدداً مدهشاً من نوادي الغولف رفيعة المستوى. وتوجد بها ملاعب غولف عالمية الطراز، صممها أمثال نيكلاوس وبالمر ونورمان. بدءاً من أفضل مرافق التدريب والأندية المرموقة وحتى أفضل اللاعبين وأكبر البطولات، فإن حلبة الغولف في العاصمة تضم كل شيء. بجانب ذلك، فإن معظم لاعبي الغولف ونوادي الغولف يرحبون باللاعبين الجدد.

يمكن الوصول بسهولة إلى معظم نوادي الغولف، والنادي التقليدي على هذا الصعيد نادي دلهي للغولف، المشهور بمناظره الجميلة وموقعه المركزي.

لودهي عنوان محبي الفنون (شاترستوك)

رحلة هليكوبتر في دلهي

يمكنك اكتشاف مناطق الجذب الرئيسية في دلهي من الجو في جولة بالمروحية، للاستمتاع بالمناظر الخلابة، بينما تعاين المدينة من عنان السماء. يمكنك الاستمتاع بمنظر بانورامي للعاصمة، والتقاط صور جوية مذهلة من الأعلى. انغمس في هذه التجربة الفريدة من نوعها وشاهد قوة عاصمة الهند من منظور مختلف تماماً.

اغتنم هذه الفرصة المذهلة لاستكشاف المدينة على ارتفاع 1000 - 1500 قدم والتمتع بمشاهدة أشهر معالم دلهي، بينما تغمرها أشعة الشمس الساطعة من داخل طائرة هليكوبتر.


مقالات ذات صلة

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.