أمضت نويل إيلين، وهي صحافية في قسم الشؤون المالية المقيمة في زيوريخ، الكثير من العطلات هناك في زيارات عائلية قبل أن تقرر في عام 2020 أن تتخذ منها وطناً.
وعلى الرغم من كونها أكبر مدينة في سويسرا، فإنه غالباً ما يتم تجاهل زيوريخ والنظر إليها بوصفها مجرد محطة توقُّف بين المطار والملاعب الشتوية في الجبال، ولكنّ هذا المكان المليء بالمناظر الطبيعية الخلابة المتاخم لبحيرة زيوريخ يملك الكثير ليقدمه للزوار الذين يختارون الإقامة به لفترة من الزمن.
ويتضمن المشهد الثقافي القوي في زيوريخ متاحف من الطراز العالمي وأوركسترا «تونهال» التي تحظى بتقدير كبير، وكذلك مصنع جعة تحول إلى صالة لاستضافة المعارض الفنية المعاصرة، ولذا فإن اللوحات الجدارية الرائعة تتوارى في مكان غير متوقع.
وعلى الرغم من أن مدينة زيوريخ تشهد أنشطة متعددة على مدار العام، مثل معارض تصوير الفوتوغرافي ومهرجانات مثل «زيوري كارنيفال» والبيوت المعمارية المفتوحة، فهناك الكثير من المرح الموسمي الذي يمكن الاستمتاع به في الأشهر الباردة، سواء كان ذلك تناول «فوندو» في الترام العتيق، أو التنزه سيراً على الأقدام إلى أرض العجائب الشتوية الموجودة على قمة جبل المدينة قبل التزلج عليه.
أهم ما يمكن أن تقوم به في زيوريخ في مدة زمنية لا تتجاوز الـ36 ساعة:
مشاهدة لوحة جدارية ملونة في مركز الشرطة
صحيح أن الذهاب في رحلة إلى مركز الشرطة عادةً لا يكون بدايةً جيدةً لعطلة نهاية الأسبوع، ولكنّ زيوريخ لديها استثناء مختلف، إذ إنه يوجد داخل قاعة مدخل مقر الشرطة أحد أهم الأعمال الفنية في المدينة، وهي لوحة جدارية نابضة بالحياة تم الانتهاء من رسمها في عام 1926 تعرف باسم «بلومليال»، ومعناها «قاعة الزهور»، فقد رسم الأشكالَ والأنماطَ الزهرية المجردةَ على السقف المقبب لمقر الشرطة الفنانُ أوغوستو غياكوميتي، الذي قد يعرف بعضنا اسمه الأخير فقط.
وينحدر الرسام السويسري من نفس العائلة الفنية التي انحدر منها ألبرتو غياكوميتي، الذي اشتهر بتماثيله الطويلة، ويكون هذا المكان مفتوحاً رسمياً للزوار ما بين الساعة 2 بعد الظهر و5 مساءً، من الأربعاء إلى السبت، إذ تستطيع الاستمتاع بجولات مجانية خلال هذه الأوقات.
الاستمتاع بساعات اليد في مقر بنك قديم شهير
يمكنك التجول جنوباً على طول شارع «بانهوف شتراسه»، وهو الشارع الرئيسي للتسوق الراقي في زيوريخ، ويمتد من محطة القطار المركزية إلى البحيرة، وستلاحظ هناك انتشار لافتات وعلامات في كل مكان تشير إلى علاقة سويسرا طويلة الأمد بصناعة الساعات والبنوك.
توقف عند «إيه بي هاوس» وهو متجر افتُتح عام 2022 من خلال شركة صناعة الساعات الفاخرة «أوديمار بيغيه»، ويقع في قاعة الصرافة السابقة المكسوة بالرخام، فيما كان يوماً ما مقر «بنك ليو» الذي يعد أقدم بنك في سويسرا، واليوم بات المبنى المهيب بأرضياته الفسيفسائية وأعمدته الضخمة خاضعاً للحماية التاريخية، ومن أجل تجربة الساعات هناك، قم بتحديد موعد مسبق.
تذوق المأكولات السويسرية الجديدة أو اركب القطار باستخدام شوكة «فوندو»
مشهد الطعام في زيوريخ اليوم هو أكثر من مجرد تناول وجبة «Alpine fare» الرائعة، في مطعم «بورنشانكي» الذي يقع في البلدة القديمة وهو عبارة عن حانة صغيرة حديثة ومريحة وهو كذلك أول مطعم يملكه نيناد مليناريفيتش، وهو طاهٍ سويسري حاصل على الكثير من نجوم ميشلان خلال مسيرته المهنية، وإذا كنت من عشاق المأكولات الكلاسيكية، فاختر ركوب ترام «فوندو».
العودة إلى الزمن القديم
صحيح أن الكثير من المطاعم والبارات التاريخية في زيوريخ قد تلاشت وحلت محلها مؤسسات عصرية وأكثر فخامة، ولكن مطعم «أوديون» الذي افتُتح عام 1911 ظل موجوداً، وعلى الرغم من أنه من غير المرجح أن تلحظ وجود الشخصيات الأدبية أو السياسية الشهيرة هناك هذه الأيام، فإن الكثير من تفاصيل فن «الآرت نوفو»، أو الفن الجديد، بما في ذلك البار المحنيّ المصنوع من خشب الماهوغوني، لا تزال قائمة. ابدأ يومك هناك باحتساء القهوة وتناول الكرواسون، أو اختر أحد خيارات الإفطار اللذيذة واستمتع بسنوات مجد «أوديون» الصاخبة.
زيارة ضفاف البحيرة (واستمتع بالسباحة... إن كنت تجرؤ)
اعبر بحيرة «بلفيوبلاتز» وشق طريقك على طول شاطئها الشرقي واجتز حمام «سيباد أوتوكاي» المفتوح للسباحين في المياه الباردة القوية ما بين الساعة 11 صباحاً و2 بعد الظهر، في عطلات نهاية الأسبوع الشتوية (بسعر 8 فرنكات سويسرية)، وعلى طول الطريق، ستجد متحف «بافيلون لو كوربوزييه» وهو آخر أعمال المهندس المعماري السويسري الفرنسي الذي سُمي باسمه، وهو المبنى الوحيد الذي صممه من الفولاذ والزجاج، ويكون المتحف، الذي يضم أعمال كوربوزييه الفنية وتصميماته منذ عام 1967 مغلقاً طيلة الموسم حتى شهر مايو (أيار)، لكنه يبدو رائعاً حتى من الخارج.
تذوق الكلاسيكيات السويسرية الساخنة فوق الشواية
«زهيد الثمن» هي كلمة نادراً ما تُستخدم لوصف أي شيء في زيوريخ، ولكنّ مطعم «ستيرنين غريل» الذي يقع في «بلفويبلاتز»، يقدم وجبات غداء بأسعار معقولة، وفقاً للمعايير السويسرية على الأقل، وأنصحك بتخطي المطعم الذي يقدم خدمات كاملة، الموجود في الطابق الثاني، والتوجه إلى المكتب الموجود في الطابق الأرضي، واطلب نفس الطعام بنصف السعر تقريباً، ولا يزال المطعم العائلي الذي يديره جيل الأحفاد يحظى بشعبية كبيرة لدى السكان المحليين (لا تملّ من طول الطابور، فهو يتحرك بسرعة)، الذين قد يطلبون نقانق «سانت غالر» (بسعر 8.50 فرنك سويسري)، واللحم البقري، خصوصاً من شرق سويسرا، أو «stubby servelat» (بسعر 7.80 فرنك سويسري) وهي وجبة سويسرية كلاسيكية أخرى عادةً ما يتم تناولها في أثناء رحلات التخييم، وتأتي النقانق مع «بورلي»، وهو عبارة عن ذات قشرة صلبة، وهناك جدل مستمر في سويسرا حول ما إذا كان يجب غمس النقانق في صلصة الخردل أم لا، وإذا كنت تحب غمسها، فعليك أن تعلم أن صلصة الخردل في «ستيرن غريل» لها مذاق قوي.
تَسلَّقْ مَعلماً غير عادي
يمكنك التجول في منطقة «إيشر ويس» الصناعية سابقاً، حيث تمت إعادة تخصيص لمباني المصانع هناك لتصبح مسرحاً ومركزاً للفنون المسرحية وبار «موودز» لموسيقى الجاز.
ومن الصعب تفويت فرصة زيارة برج «فريتاغ» الملون المصنوع من مجموعة مكونة من 19 حاوية شحن مُعاد تدويرها، وبُني البرج عام 2006، وهو المتجر الرئيسي لعلامة «فريتاغ» التجارية للإكسسوارات، والتي بدأت في زيوريخ وتنتج الحقائب والمحافظ وحافظات الهواتف والأقمشة المُعاد تدويرها لاستخدام الشاحنات، وعندما يكون المتجر مفتوحاً يمكنك صعود الدرج داخل البرج إلى الأعلى.
الساعة 11 مساءً: الرقص في مقهى يُشغل تسجيلات «الفينيل»
شُقّ طريقك إلى شارع «لانغ» إلى بار «استريو» الجديد نسبياً الذي يُشغّل تسجيلات «الفينيل» عبر نظام صوتي عالي الدقة، ويَستخدم التصميم الداخلي الحديث للمكان الذي يعود لمنتصف القرن الماضي الكثير من الخشب ليمنح المكان إحساساً بالدفء، ثم يمكنك المشاركة في حلبة الرقص والاستمتاع بالألحان التي قد تشمل الموسيقى الإلكترونية والهاوس والفانك.
جرِّبْ تناوُل وجبة الإفطار السويسرية المفضلة
توجه إلى مقهى «سبرونغلي» الفاخر للشوكولاته، وذلك ليس لتناول قطع الماكرون الصغيرة أو موقعه المُطِل على شارع «بانهوف شتراسه» و«باراديبلاتز»، وهي الساحة التي تقع في قلب عالم المال في سويسرا فحسب، ولكن أيضاً من أجل تذوق طبق «موسلي بيرشر»، وهو طبق سويسري من الشوفان الذي عادةً ما يكون ممزوجاً بالزبادي والعصير والمكسرات والفواكه، وعادةً ما يكون هذا الطبق ذو الملمس الكريمي الذي يقدمه «سبرونغلي» كوجبة إفطار أساسية، والذي اخترعه طبيب مقيم في زيوريخ في أوائل القرن التاسع عشر بوصفه غذاءً صحياً، غنياً ولذيذاً ووردي اللون ومصنوع من التوت والموز والتفاح والمشمش الأحمر.
ويجب عليك أيضاً ألا تفوّت فرصة تناول مشروب الشوكولاته الساخنة اللذيذ المصنوع من نفس نوع الشوكولاته الداكنة بنسبة 70 في المائة التي تدخل ضمن مكونات طبق «كمأ سبرونغلي»، والذي قد يكون أحد أفضل ما ستجرّبه على الإطلاق.
* خدمة نيويورك تايمز