غابة «رغدان»... رئة الباحة ومتنفس السياح في الصيف

مناخها البارد يجذب الهاربين من درجات الحرارة العالية

تغطي أشجار العرعر مساحات الغابة كافة (واس)
تغطي أشجار العرعر مساحات الغابة كافة (واس)
TT

غابة «رغدان»... رئة الباحة ومتنفس السياح في الصيف

تغطي أشجار العرعر مساحات الغابة كافة (واس)
تغطي أشجار العرعر مساحات الغابة كافة (واس)

وسط جبال مدينة الباحة جنوب غربي السعودية، يعانق الضباب غابة «رغدان» الطبيعية المحاطة بأشجار العرعر العطرة، والتي تمتد على مساحة 600 ألف متر مربع، وشكل منها لوحة فنية فريدة.

وتُعَدُّ «رغدان» ملاذاً هادئاً ومريحاً للزوار الباحثين عن السكينة والاسترخاء الراغبين في الاستمتاع بجولات مشي ساحرة داخل الغابة، حيث يستنشقون هواءً نقياً ممزوجاً برائحة العرعر وسط طبيعة خلابة.

تهدف السعودية إلى تعزيز وجهاتها السياحية والترويج للأجواء الباردة في جنوبها فترة الصيف (واس)

وتشتهر الغابة خلال فصل الصيف بكثرة زوارها بسبب أجوائها المعتدلة ومناخها البارد، حيث تعد إحدى أبرد المناطق في الخليج الذي يشهد ارتفاعاً عالياً في درجات الحرارة هذه الأيام، لذلك يجدها الكثير ملاذاً مناسباً خلال موسم الصيف.

وتتميز غابة «رغدان» بوجود ممرات حجرية تتيح للزائرين والمصطافين التجول وسط الغابة لمشاهدة الطبيعة الخلابة والاستمتاع بالأشجار الكثيفة، إضافة إلى توفر جميع المرافق التي يحتاجها الزوار مثل الجلسات والألعاب الترفيهية والأكشاك ودورات المياه، كما تضم أيضاً شلالات مائية مضيئة، وممرات مجهزة ومجاري منظمة لمياه الأمطار.

تشهد الغابة إقبالاً كثيفاً من الزوار في فترة الصيف (واس)

وتتمتع الغابة بمساحات خضراء شاسعة، حيث تُغطي أشجار العرعر أكثر من 90 بالمائة من مساحتها، وتتميز تلك الأشجار بأغصانها المتشابكة التي تشكِّل مساحات كبيرة من الظلال، كما أن العرعر من الأشجار الدائمة الخضرة المعمرة ذات الرائحة الأخّاذة، والتي تنمو في المناطق الباردة، لذلك تعد منطقة الباحة مكاناً مناسباً لانتشارها لكونها تتمتع بدرجات حرارة منخفضة طوال العام.

كما تحتوي «رغدان» على العديد من المرافق الترفيهية المختلفة، والتي تتيح لزوارها تجارب مختلفة، منها ممشى السحاب المعلق فوق الجبل، بطول 100 متر، إضافة إلى المطل الذي يوفر رؤية واسعة على الغابة.

يرتفع ممشى السحاب بين الجبال على امتداد مائة متر (واس)

ومن الجدير بالذكر، أن السعودية تحتضن ما يزيد على 857 غابة طبيعية، أشهرها غابة «رغدان» السياحية، وتحرص هيئة السياحة السعودية على الترويج لها كإحدى الوجهات السياحية المميزة للباحثين عن المناطق الباردة.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».