دارم... جارة الريف الإنجليزي وجميلته

فيها 600 مبنى تاريخي وتجمع بين الثقافة والتراث

رحلة مائية في نهر «وير» (شاتر ستوك)
رحلة مائية في نهر «وير» (شاتر ستوك)
TT

دارم... جارة الريف الإنجليزي وجميلته

رحلة مائية في نهر «وير» (شاتر ستوك)
رحلة مائية في نهر «وير» (شاتر ستوك)

تشتهر مدينة Durham (وتنطق دارم) الواقعة شمال شرقي إنجلترا والمصنفة من بين مواقع التراث العالمي لـ«اليونيسكو» بوجود 600 مبنى تاريخي فيها. وتعد كاتدرائية دارم المهيبة بهندستها اللافتة، التي يعود بناؤها إلى العصر النورماندي من بين أشهر مبانيها.

وتعرف المدينة أيضاً بجامعتها المصنفة من بين أفضل جامعات المملكة المتحدة، التي تجد فيها واحدة من أجمل الحدائق التي تضم غابات ونباتات استوائية والمتحف الشرقي الذي يعرض القطع الأثرية الآسيوية والمصرية والشرق أوسطية. ودارم هي جارة الريف الإنجليزي ومدينة نيوكاسل أبون تاين.

كاتدرائية دارم من أشهر المباني التاريخية في المدينة (شاتر ستوك)

عند زيارتك لدارم سوف تقع في شباك غرام طبيعتها الخضراء الغناء وشلالاتها وأنهارها ووديانها وأسواقها التاريخية في وسطها.

بدأت رحلتنا الجوية من لندن إلى نيوكاسل، واستغرقت ساعة من الزمن، وكانت من تنظيم «Wego Arabia» و«Gateshead Initiative»، من الممكن الوصول أيضاً إلى دارم عن طريق القطار السريع وتستغرق الرحلة 3 ساعات.

جانب من كاتدرائية دارم المميزة بهندستها المعمارية (شاتر ستوك)

كاتدرائية دارم

استطاعت كاتدرائية دارم مواكبة العصر، فأصبحت إلى جانب تاريخها العريق مقصداً لمحبي شخصية هاري بوتر، بحيث تضم الغرفة التي تم تصوير جزء كبير من الفيلم فيها.

تشابتر هاوس الغرفة التي صورت فيها مشاهد من فيلم «هاري بوتر غرفة الأسرار» عام 2020 (شاتر ستوك)

يشار إلى أن مدرسة «هوغوورتس» للسحر والشعوذة ظهرت في عدد من المواقع بشتى أنحاء المملكة المتحدة، وكان أحدها داخل الكاتدرائية، وهذه الغرفة مفتوحة للزوار ويسمح فيها بالتصوير الفوتوغرافي، والدخول إليها بالمجان.

كما تجذب الكاتدرائية أكثر من 700 ألف زائر في السنة.

وتعد دارم من أكثر المدن الثقافية في البلاد، وفيها يمكنك العودة بالزمن من خلال زيارة قلعة دارم التي شيدت عام 1072 بناء على تعليمات من ويليام الفاتح.

ودفن داخل الكاتدرائية القديس كوثبيرت، ولطالما كانت موطن جامعة دارم منذ عام 1832.

يمكن الوصول إلى أعلى البرج في الكاتدرائية عن طريق سلم ضيق، ولكن عندما تصل إلى القمة سترى المدينة بأكملها من فوق.

تعرض داخل الكاتدرائية مجموعات نادرة من التحف من بينها على سبيل المثال الأجزاء الثلاثة من الـ«ماغنا كارتاس» التي تعد من أكثر النصوص تأثيراً في التاريخ البريطاني.

شلالات هاي فورس القريبة من دارم (شاتر ستوك)

زيارة الشلالات

أهم ما ستلاحظه عند وصولك إلى هذه البقعة الشمالية من البلاد الهواء النقي المنبعث من الريف الإنجليزي الشهير بجمال وروعة طبيعته. ولا بد أن تزور شلالات «هاي فورس» التي تبعد على مسافة ساعة واحدة بالسيارة من دارم، وتعد أعلى شلالات في البلاد، بحيث يبلغ ارتفاع تدفق المياه فيها 21 متراً، ومنها يمكن أن تشاهد أجمل الوديان، وتشكل أيضاً المنطقة المحيطة بها أفضل نقطة لتناول الطعام على طريقة «البكنيك». تجدر الإشارة إلى أنه يمكن الوصول إلى الشلالات عن طريق القطار أيضاً، وتستغرق المسافة 3 ساعات من العاصمة لندن.

الأسواق

خصص وقتاً لزيارة الأسواق التاريخية المنتشرة في قلب المدينة، وأهمها «بارنارد كاسل» المخصص لبيع الأنتيكات، و«ستانهوب» حيث يمكنك رؤية شجرة أحفورية عمرها 320 مليون عام، وتجدها على أرض كنيسة تعود إلى القرن الثاني عشر.

الأسواق الداخلية

بنيت أسواق دارم عام 1851 على الطراز الفيكتوري، وتنتشر فيها بسطات يزيد عددها على 50، ويتهافت البائعون عليها على مدى 30 عاماً. وأجمل ما في تلك الأسواق التعامل مع أهالي المنطقة الذين يشتهرون بطبيعتهم ودفء تعاملهم مع الزوار.

المشي بمحاذاة النهر

من بين الأشياء الجميلة والمجانية في دارم، المشي على ضفاف نهر «وير» والتوجه إلى جسر «بريبيندس» لالتقاط أجمل الصور للكاتدرائية وكنيسة سان أوزوولدس، وميزة رحلة المشي هذه أنها تعرفك على المدينة على طول 3 أميال من الجمال الطبيعي المتواصل. ومن أشهر حدائق دارم «وورتن بارك» الواقعة مقابل محطة القطارات، وفيها تعرض أجمل التماثيل والمنحوتات، وتعد من أجمل الأماكن لاصطحاب الأطفال لتمضية وقت عائلي في كنف الطبيعة.

مهرجان الضوء

تستضيف منطقة دارم في شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، مهرجان الضوء الذي يعكس إنارة فنية لا يمكن وصفها إلا بالرائعة، وتدخل في هذا المهرجان التقنية العصرية التي تعتمد على الليزر والتأثيرات الضوئية.

فينتشيل برايوري

في Finchale Priory ستشعر بأجواء تبعث على الراحة، فكانت في الماضي ملاذاً لبحار وتاجر متقاعد يدعى «سانت غودريك»، كان يقصدها في الماضي الرهبان لقضاء عطلاتهم، أما اليوم فتحولت إلى مقصد للزوار المحبين للغوص في تفاصيل التاريخ وعجائبه.

المتحف الوطني للسكك الحديدة

يعد المتحف الوطني للسكك الحديدة في شيلدون من أكثر الأماكن زيارة في المنطقة لما يزخر به من معروضات يتعدى عددها مليون قطعة من أكثر من 300 عام من تاريخ السكك الحديدية في البلاد. يشار إلى أن السكك الحديدية ولدت في هذا القسم من البلاد.

رحلة إلى الشاطئ

تشتهر مناطق القسم الشمال شرقي من البلاد كونها من بين أجمل المناطق، لأنها تمزج بين مواصفات الريف الإنجليزي والساحل.

وعندما تزور دارم لا بد من زيارة شواطئ «كريمدون» التي تبعد مسافة نصف ساعة بالسيارة من وسط المدينة.

في الماضي كانت تلك الشواطئ وجهة مهمة للعائلات على مدى عدة قرون.

من أشهر الشواطئ «سيهام». وتقصد العائلات اليوم هذا الشاطئ للتمتع بأشعة الشمس (عندما تظهر) وبتناول الآيس كريم في محل يطلق عليه اسم «ليكيتي سبليت» بتصميمه الذي يعود إلى عام 1950، ويشتهر ببيع الفطائر والحلويات ومعدات السباحة.

وجهة محبي الكريكيت

تسوق دارم نفسها على أنها وجهة لمحبي رياضة الكريكيت، فقامت أخيراً بتوقيع شراكة مع «فيزيت كاونتي دارم» لتسويق المدينة على أنها من أهم الوجهات التي تهتم بموسم هذه الرياضة.


مقالات ذات صلة

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.