مآذن المساجد التاريخية... سحر القاهرة من أعلى

تجتذب السائحين وهواة التصوير لصعودها

مئذنة مسجد محمد بك أبو الذهب (موقع القاهرة الإسلامية التابع لمكتبة الإسكندرية)
مئذنة مسجد محمد بك أبو الذهب (موقع القاهرة الإسلامية التابع لمكتبة الإسكندرية)
TT

مآذن المساجد التاريخية... سحر القاهرة من أعلى

مئذنة مسجد محمد بك أبو الذهب (موقع القاهرة الإسلامية التابع لمكتبة الإسكندرية)
مئذنة مسجد محمد بك أبو الذهب (موقع القاهرة الإسلامية التابع لمكتبة الإسكندرية)

للقاهرة سحرها الخاص، بما تضمه من آثار ومعالم قديمة من مختلف العصور، تبرز من بينها المساجد والجوامع الأثرية بمآذنها التي تشق السماء، كعلامة من أهم معالم العاصمة، لذا لم يكن غريبا أن تلقب القاهرة بـ«مدينة الألف مئذنة».

ومع ما تحمله هذه المساجد من قيمة دينية وروحية كبيرة، تمثل مآذنها هي الأخرى قيمة مضافة لها، بسبب هندستها المعمارية الرائعة، ما جعلها عنصرا جاذبا للسائحين لزيارتها، ومع إمكانية صعود بعضها زادت جاذبية هذه المآذن، وحازت اهتمام الجميع، لا سيما محبي وهواة التصوير من مختلف الجنسيات والديانات، الذين يستمتعون بإطلالة بانورامية على القاهرة، يرصدون من خلالها لقطات مميزة؛ حيث يتركون لعدساتهم توثيق سحر القاهرة من أعلى، ما يجعل زيارة هذه المساجد والمآذن تتخطى مفهوم السياحة الدينية.

ففي نزهة تراثية شائقة، لا يمكن أن تزور القاهرة دون أن تمر على أحد مساجدها، واستكشاف مآذنها، التي تعكس الثقافة والتاريخ الإسلامي للمدينة العتيقة، وأبرز هذه المآذن والمساجد التي يمكن أن يشملها جدول زيارتك للقاهرة...

مئذنة مسجد أحمد بن طولون (موقع القاهرة الإسلامية التابع لمكتبة الإسكندرية)

- مسجد أحمد بن طولون

تقول المراجع التاريخية إن القاهرة الكبرى قامت وتأسست وتوسعت حول ثلاثة جوامع رئيسية ما زالت شعائرها مقامة حتى اليوم، وهي: عمرو بن العاص والأزهر الشريف وأحمد بن طولون. و«ابن طولون» بشكل خاص يُمثل نموذجاً فريداً في العمارة الإسلامية، كما تعد مئذنته من أشهر وأغرب مآذن مساجد القاهرة، فقد صممها الوالي العباسي على مصر أحمد بن طولون (254 - 270 هـ - 868 - 884 م) بنفسه، ويروى أنه أخذ بعضاً من الورق المقوى وراح يعبث به ويديره مثل القرطاس، فظن البناؤون أنه يلعب، وعندما لاحظ اندهاشهم قال: «اصنعوا المنارة على هذا المثال».

والنتيجة، أن المئذنة نفذت بالفعل كما أراد، وتعرف بالمئذنة الملوية أو الملتفة، التي تعكس طراز مسجد العبّاس في سامراء بالعراق، التي قضى فيها بعضا من حياته قبل أن يفد إلى مصر. ما يميزها أن هناك سلما خارجيا حلزونيا يدور حولها، بخلاف ما هو معتاد في المساجد.

وتعد زيارة المئذنة، أمرا محببا للمصريين والأجانب على السواء، فمن خلال صعود درجات هذا السلم الخارجي، فقد صعد الزائر نحو 40 مترا إلى أعلى، ما يمكنه من رؤية القاهرة برؤية مختلفة ومن زاويا متعددة، في رؤية بانورامية تكشف عن مساحة كبيرة من العاصمة القديمة بمساكنها ومساجدها وآثارها. ويمكن زيارة الأجانب المسجد والمئذنة وكذلك متحف جاير أندرسون التاريخي الملاصق للمسجد بتذكرة شاملة بقيمة 60 جنيها مصريا (نحو دولارين أميركيين).

مئذنتا مسجد المؤيد شيخ (باب زويلة) (موقع القاهرة الإسلامية التابع لمكتبة الإسكندرية)

- مسجد المؤيد شيخ (باب زويلة)

يعد المسجد من أكبر وأضخم المساجد في القاهرة، بناه السلطان الملك «المؤيد أبو النصر شيخ المحمودي الظاهري»، الذي كان من مماليك السلطان الظاهر برقوق، قبل أن يتحقق له ملك مصر. يقع المسجد على يسار «باب زويلة» أو «بوابة المتولي»، إحدى البوابات الحجرية الجنوبية للسور الثاني لمدينة القاهرة الفاطمية، التي أنشأها الوزير بدر الجمالي في عهد الخليفة المستنصر بالله الفاطمي عام 485 هجريا – 1092 ميلاديا. وترجع تسميته هذا الاسم نسبة إلى قبيلة زويلة البربرية التي جاءت مع قائد الجيوش الفاطمية «جوهر الصقلي» من شمال أفريقيا وسكنت بالقرب من البوابة.

وقد قام مهندس بناء مسجد المؤيد شيخ باستغلال برجي بوابة زويلة كقاعدة لمئذنتي المسجد، وكل منهما في ثلاثة مستويات محفورة ومزركشة، لتكون بوابة زويلة ببرجيها، بما يحملاه من بناء معماري مميز، ومع ما تتزين به من فنون النحت البارز والغائر، إلى جانب مئذنتيها الرائعتين، وهما من أهم المعالم الأثرية في القاهرة الفاطمية، التي تجذب كثيرا من الزوار لزيارة البوابة وصعود المئذنتين.

يفتح المكان للزيارة في تمام الساعة 9 صباحاً إلى الساعة 5 مساءً، ويبلغ سعر تذكرة الدخول للسائح 30 جنيها مصريا (نحو دولار أميركي).

إطلالة بانورامية على القاهرة من مئذنة مسجد أحمد بن طولون (الشرق الأوسط)

- مسجد محمد بك أبو الذهب

أنشأه الأمير العثماني محمد بك أبو الذهب ما بين عامي 1187ه - 1773م، و1188ه – 1774م. ويقع في مواجهة المدخل الرئيسي للجامع الأزهر، وهو من المساجد المعلقة حيث يصعد إليه من خلال سلم مكون من عدة درجات، ويتكون تخطيط المسجد من مساحة مربعة تغطيها قبة كبيرة.

يعد المسجد ضمن مجموعة من أكبر المجموعات المعمارية الإسلامية الباقية من العصر العثماني بالقاهرة، فقد أُلحق به مكتبة، وتكية للمتصوفين (متحف نجيب محفوظ حاليا)، وسبيل لإمداد المارة بالمياه اللازمة للشرب، وحوض لسقي الدواب.

صُمم المسجد على غرار طراز المساجد العثمانية بتركيا، ومئذنة ذات طراز فريد وأوحد في العمارة الدينية بالقاهرة، حيث تشتمل على خمسة رؤوس.

تقع مئذنة الجامع بالجهة الجنوبية من البلاطة الشمالية الغربية وهي منفصلة عن الكتلة المعمارية للجامع، وذات قاعدة مستطيلة وتشكل الطابق الأول للمئذنة، والطابق الثاني يرتد إلى الخلف قليلا وبه الممشى الأول، والطابق الثالث وهو الجوسق (الأعمدة التي تحمل قمة المآذن) ويرتد أيضا إلى الخلف قليلا وبه الممشى الثاني. يعلو الجوسق (الطابق الثالث) خمسة رؤوس تطايرت بفعل الزمن وبقيت قواعدها على هيئة خمس قدور.

وهذه المئذنة فريدة في نوعها، وهي تختلف عن المآذن العثمانية سواء في مصر أو تركيا، فإن طرازها المربع ربما يكون مستمدا من طراز المآذن السورية المربعة، ومن المعتقد أن مهندس الجامع تأثر في تصميم هذه المئذنة بمئذنة جامع الغوري القريبة. يفتح المكان للزيارة في تمام الساعة 9 صباحاً إلى الساعة 5 مساءً.

مئذنة مسجد السلطان المنصور قلاوون (موقع القاهرة الإسلامية التابع لمكتبة الإسكندرية)

- مسجد السلطان المنصور قلاوون

يقع المسجد ضمن المجموعة المعمارية التي أنشأها السلطان المنصور سيف الدين قلاوون في عام 683 – 684هـ- 1283 – 1284م، بشارع المعز لدين الله، وهي من أجمل المجموعات المعمارية في عصر المماليك البحرية، وهي تتألف من مسجد للصلاة ومدرسة للتعليم وقبة للدفن وبيمارستان (كلمة فارسية وتعني بالعربية دار المرضى).

تتميز المجموعة بثراء فني ومعماري كبير؛ ولذلك تحتل هذه التحفة المعمارية مكانة بارزة بين الآثار الإسلامية في القاهرة، التي يعتبرها كثير من خبراء الآثار ثاني أجمل ضريح في العالم، بعد تاج محل بالهند. وإلى جوار قبة المسجد توجد المئذنة المربعة، وهي تتميز بزخارفها التي تحمل مجموعة كبيرة من النقوش والكتابات. والمئذنة الحالية هي الثانية حيث تهدمت الأولى في زلزال عام 1202م، فبنى السلطان الناصر محمد بن قلاوون الموجودة حالياً سنة 702هـ-1302م. ووضع نصه التأسيسي أعلى سقف القبة فوق باب دخول المؤذنين.

وتتكون المئذنة الحالية من ثلاثة طوابق، الأول مربع حتى شرفة المؤذنين. ووضع الناصر محمد نصا آخر لبنائه في مستطيلات أسفل شرفة المؤذنين، والطابق الثاني مربع أيضاً ينتهي عند شرفة المؤذنين الثانية، يعلوه الطابق الثالث، مستدير الشكل ينتهي بقمة حديثة.

وهذه المئذنة تحمل طراز العمارة في هذا الوقت وتأثره بعمارة شمال أفريقيا والعمارة الأندلسية، في شكل النوافذ ذات العقود على شكل حدوة الفرس، وكذلك زخارف العقود المتداخلة في الجزء المستدير العلوي، وهو ما يطابق مئذنة منارة جامع إشبيلية قديما (الجيرالدا) في إسبانيا (بنيت عام 578هـ - 1184م).

ويمكن زيارة المئذنة عن قرب ضمن زيارة المجموعة، وذلك بشكل يومي من 09:00 صباحا إلى 04:00 مساء.


مقالات ذات صلة

سويسرا تفتتح أشد عربات التلفريك انحداراً في العالم

يوميات الشرق افتتاح تلفريك جديد في جبال الألب (إ.ب.أ)

سويسرا تفتتح أشد عربات التلفريك انحداراً في العالم

افتُتح تلفريك جديد مذهل في جبال الألب البرنية السويسرية. ينقل تلفريك «شيلثورن» الركاب إلى مطعم دوار على قمة الجبل اشتهر في فيلم جيمس بوند.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق سياح يتجولون في أحد شوارع طوكيو (إ.ب.أ)

33 مليون زائر هذا العام... وجهة شهيرة تحطم رقماً قياسياً في عدد السياح

يسافر الزوار من كل حدب وصوب إلى اليابان، مما أدى إلى تحطيم البلاد لرقم قياسي جديد في قطاع السياحة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
سفر وسياحة البترون وجبيل وزغرتا... تتألق وتلبس حلة الأعياد

البترون وجبيل وزغرتا... تتألق وتلبس حلة الأعياد

في مناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة، تتنافس بلدات ومدن لبنانية على اجتذاب الزوّار. مدينتا جبيل والبترون كما زغرتا تشكّل وجهات سياحية داخلية محببة.

فيفيان حداد (بيروت)
سفر وسياحة أسواق العيد في فرانكفورت (غيتي)

أسواق العيد الخمسة الأكثر روعة في أوروبا

مع اقتراب عيد الميلاد، قد يكون من السهل الوقوع في أحلام اليقظة حول عطلة شتوية مستوحاة مباشرة من السينما: عطلة تتميز بالطقس الثلجي المثالي، والشوكولاته الساخنة

مادلين فيتزجيرالد (نيويورك)
سفر وسياحة فندق ذا لانغهام جاكارتا (الشرق الأوسط)

أفكار لإقامة تليق بأعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

اكتشفْ سحر موسم الأعياد في فندق إنيالا هاربور هاوس بمالطا

«الشرق الأوسط» (لندن)

أسواق العيد الخمسة الأكثر روعة في أوروبا

أسواق العيد في فرانكفورت (غيتي)
أسواق العيد في فرانكفورت (غيتي)
TT

أسواق العيد الخمسة الأكثر روعة في أوروبا

أسواق العيد في فرانكفورت (غيتي)
أسواق العيد في فرانكفورت (غيتي)

مع اقتراب عيد الميلاد، قد يكون من السهل الوقوع في أحلام اليقظة حول عطلة شتوية مستوحاة مباشرة من السينما: عطلة تتميز بالطقس الثلجي المثالي، والشوكولاته الساخنة، وأكشاك العصير، وصفوف من أشجار الصنوبر، وخيوط من الأضواء الخيالية وحتى نهاية البصر.

مما لا شك فيه أن الأميركيين ينفقون الكثير من المال في عيد الميلاد، فقد سجل تجار التجزئة ما يصل إلى 960 مليار دولار من مبيعات موسم الأعياد، ولكن من الصعب حتى على أكثر المراكز التجارية الفاخرة تنوعاً أن تتطابق مع سحر سوق الكريسماس الأوروبي.

نشأت الأسواق في ألمانيا أواخر العصور الوسطى، وعادة ما تُقام تقليدياً خلال الأسابيع الأربعة من التقويم الكنسي. واليوم، تبدأ العديد من الأسواق في نوفمبر (تشرين الثاني)، وتُختتم معظمها بحلول ليلة رأس السنة الجديدة. وتوفر أسواق الكريسماس للأهالي والمسافرين، على حد سواء، فرصة لشراء الهدايا، والاحتفال بالأطعمة الموسمية، والتزلج على الجليد، ومشاهدة الموسيقى والعروض الراقصة.

إذا كنت تخطط لعطلة أوروبية سحرية، فاستمر في القراءة لمعرفة المزيد عن أسواق عيد الميلاد الأكثر إثارة للاهتمام للزيارة في ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

أسواق بروكسل (غيتي)

بروكسل، بلجيكا

في عام 2023، تدفق أكثر من أربعة ملايين شخص إلى بروكسل بين 24 نوفمبر و31 ديسمبر؛ لزيارة «مهرجان العجائب الشتوية» الشهير في المدينة. تنتشر هذه النسخة البلجيكية لسوق عيد الميلاد عبر مواقع متعددة في عاصمة البلاد، بما في ذلك «غراند بلاس»، و«بورس»، وميدان سانت كاترين، و«مارشيه أو بواسون». وفي العام الماضي تمكن المسافرون من تناول أطعمة بلجيكية مثل الشوكولاته والوافل، بينما كانوا يشاهدون شجرة عيد الميلاد التي يبلغ طولها 72 قدماً والمهد بالحجم الطبيعي.

فرانكفورت، ألمانيا

يعود تاريخ سوق عيد الميلاد في فرانكفورت إلى أواخر القرن الرابع عشر عندما سُمح لسكان المدينة فقط بالتسوق لشراء السلع المصنوعة يدوياً قبل حلول أشهر الشتاء الطويلة. واليوم، تتفاخر المدينة باستقبال الضيوف في موسم الأعياد، ويمتد السوق عبر أنحاء عديدة من المدينة.

ترينتو في إيطاليا (غيتي)

ترينتو، إيطاليا

يُشار إلى مدينة ترينتو أحياناً باسم «مدينة الكريسماس»، في منطقة ترينتينو ألتو أديجي الجبلية في شمال إيطاليا حيث ساحة فييرا، وساحة سيزار باتيستي المليئة بأكشاك بيع السلع المصنوعة يدوياً المحلية، في حين أن نوافير المدينة مزينة بالأضواء.

أسواق العيد في ستراسبورغ، فرنسا (غيتي)

ستراسبورغ، فرنسا

ستراسبورغ تعرف أيضاً باسم «عاصمة عيد الميلاد» نظراً لضخامة تماثيل عيد الميلاد التي تعود إلى القرن السادس عشر. ويستطيع المسافرون التزحلق على الجليد أو مشاهدة عروض موسيقية ليلية قبل التجول في سوق الليل المضاء، ورؤية شجرة عيد الميلاد التي يبلغ طولها 98 قدماً، ويوجد في السوق أكثر من 300 شاليه خشبي لبيع الحلوى التقليدية والهدايا المناسبة لعيد الميلاد.

فيينا، النمسا

من الصعب تخيل سوق لأعياد الميلاد ورأس السنة أكثر سحراً من السوق الموجود بقصر بيلفيدير في فيينا. يخدم القصر الباروكي الضيوف ويقدم لهم الأطعمة النمساوية الشهية، مثل الفطائر الرقيقة مع مربى البرقوق، وطبق ليبيركاس، وهي نسخة راقية من فطيرة اللحم. يمكن للمسافرين التجول في المجموعة الفنية بالقصر، والتسوق لشراء الحرف التقليدية، والاستماع إلى الموسيقيين الذين يؤدون العروض الحية الليلية.

خدمة «تريبيون ميديا»