كيف تمضي أجمل 36 ساعة في نيويورك؟

مدينة لا يمل السائح منها... وزيارة واحدة إليها لا تكفي

حركة دائمة في نيويورك (شاترستوك)
حركة دائمة في نيويورك (شاترستوك)
TT

كيف تمضي أجمل 36 ساعة في نيويورك؟

حركة دائمة في نيويورك (شاترستوك)
حركة دائمة في نيويورك (شاترستوك)

لا تكفي 36 ساعة لزيارة مدينة نيويورك. لكن يمكنك بسهولة قضاء بضعة أيام استمتاعاً بتذوق الطعام على طول أحد شوارع «جاكسون هايتس» في كوينز، أو قضاء عطلة نهاية أسبوع كاملة في استكشاف زوايا متنزه «سنترال بارك». وهذا الدليل ليس مصمماً لتفقد المعالم السياحية ضمن قائمة بعينها، وإنما لعرض شريحة واحدة من الحياة في نيويورك (ناهيك عن تكلفة غسل الملابس والإيجارات المرتفعة). فيما يلي ستجد مقاهي للبيانو تحت الأرض، وحديقة مخفية، وسوقاً تقع وسط منظر خلاب، وبعض صور التاريخ العام والمحلي، الذي يجعلك تشعر بروح المدينة.

تناول وجبة فطور صباحية

الفطور الحقيقي للأبطال، هو شطيرة البسطرمة مع البيض والجبن (12.50 دولار) في مطعم «فرنكل ديليكاتسين آند أبيتايزينغ» في «غرين بوينت» ببروكلين. وربما لا يكون هناك تمثيل أفضل لمأكولات نيويورك اللذيذة من الاقتران السعيد بين اللحم اليهودي، والبقالة، وبطل عربة القهوة «اللحم المقدد» مع البيض والجبن. إذا لم تتمكن من الحصول على مقعد قبالة النافذة، فيمكنك الجلوس على مقاعد حديقة «ماكارين» عبر الشارع. ولحلوى الإفطار (فإنك في إجازة!)؛ جرب متجر «بيتر بان للكعك والحلوى». قد تتعرف على المخبز من فيلم «سبايدر مان: نو واي هوم» لعام 2021، لكن الرواد المعتادين يعرفونه من دون وصف؛ بسبب كعكات الدونات بالتوت الأزرق المميزة (1.75 دولار).

التسوق ناحية أفق المدينة

من غرين بوينت، أقصى حي في شمال بروكلين، تعد مناظر نهر «إيست ريفر» لا مثيل لها. اتبع شارع نوبل حتى النهاية، وسوف تجد «سوق تيرمينال غرين بوينت»، وهي سوق للبائعين تُعقد كل يومي سبت وأحد، سواء أكانت الأجواء ممطرة أم مشمسة. سوف تحصل على منظر لأفق مدينة مانهاتن الجذاب بينما تتخير من رفوف الأزياء العتيقة، والطاولات المتخمة بالفنون والمجوهرات، وربما سوف تحصل على رسمة تذكارية سيئة مقابل (5 دولارات) للاحتفال بيومك. ولمزيد من التسوق، جرب متجر «بيغ نايت»، وهو «متجر للعشاء والحفلات وعشاء الحفلات»، ومتجر «دوبين سانت فينتاج التعاوني» للأثاث العتيق، والمتجر الياباني الصغير «50 نورمان» للأدوات المنزلية التابع لشركة «سيبون»، وعلب حساء «داشي» المخصصة من متجر «داشي أوكومي» للبقالة.

«ويست فيليدج» في نيويورك من المناطق الجميلة والمليئة بالمطاعم (شاترستوك)

الغوص في تجارب مدينة نيويورك العابرة

يوجد متحف «سيتي ريلكواري» (رسم الدخول 7 دولارات) مختبئاً بعيداً من سلسلة مقاهي «ويليامزبرغ» والصالات الرياضية الفاخرة في واجهة متاجر صغيرة وملونة في شارع متروبوليتان. ويضم من الداخل مجموعة غريبة ومثيرة للاهتمام من القطع الأثرية المتعلقة بنيويورك، وقد جُمعت بواسطة هذا المتحف المجتمعي والمنظمة المدنية غير الربحية. في غرفتين صغيرتين ومزدحمتين للغاية، سوف تجد لوحات مترو الأنفاق القديمة، والهدايا التذكارية من المعارض العالمية في نيويورك، وعينات صخور من المناطق البعيدة تحت الأرض في مدينة نيويورك، وأشياء أخرى مذهلة. ابحث عن أنواع مختلفة من أكواب الوجبات الورقية؛ بما في ذلك كوب «أنثورا» الشهير (الذي صممه ليزلي باك في الستينات)، والذي لا تزال تراه في المطاعم والبقالات الصغيرة في الوقت الحالي.

نيويورك مدينة كل الفصول (شاترستوك)

تناول العشاء في قلب القرية

سوف يشكو الساخرون من المطاعم في «غرينتش فيليدج»؛ إذ تصطف الطوابير في كل مكان، وهي مليئة بالمشاهير والمعجبين المتابعين لهم. لكن بالنسبة إلى رواد تناول الطعام الجدد في المنطقة، فإن «بار بيتي» يوفر ليلة مسلية على الدوام. يمكن الوصول إلى هناك في نحو الساعة السادسة مساء (نقداً، إذ لا تقبل البطاقات الائتمانية)، ولا بد من الانتظار لفترة قصيرة. اطلب الباذنجان بالبارميزان إذا كان مكتوباً على اللوحة في الخارج (14.50 دولار)، و«بابارديل» في صلصة الكريمة الوردية (23.50 دولار). هل هو أفضل المأكولات الإيطالية في نيويورك؟ ربما ليس الأفضل في تلك المنطقة، لكن الخدمة الجريئة والساحرة، والموقع المميز، ومشاهدة الشخصيات المتميزة جعلت من «بار بيتي» حدثاً فعلياً في نيويورك. تجد في «مالاتيستا تراتوريا» بديلاً أكثر استرخاء، حيث طبق «تاغلياتيلي راغو» يأتي بسعر ممتاز (17 دولاراً، نقداً فقط).

جولة عبر التاريخ

من العناصر الرئيسية في «إيست فيليدج» حديقة «تومبكينز سكوير» بمساحة 10.5 فدان، التي افتُتحت عام 1834، وتعدّ موقعاً شهيراً للنشاط السياسي منذ أعمال الشغب عام 1874 بعد مظاهرة العمال (ثم، في الآونة المبكرة، احتجاج عام 1988 على حظر التجوال الذي فرضته الشرطة، واعتراض عام 2022 على حملات مكافحة التشرد). يوم الأحد، سوف تجد سوقاً صغيرة للمزارعين، وألواح التزلج، وتنزه الكلاب. اكتشف «نافورة تيمبرانس» الكلاسيكية الجديدة، المثبتة منذ عام 1888 لتشجيع السكان على شرب الماء النقي بدلاً من الكحول. ثم توجه شرقاً خارج الحديقة وعبر شارع «سي» المعروف أيضاً بشارع «لويزيدا»، وهو اسم يشير إلى الحي ومجتمع «نيوروريكان» الضخم الذي يضم مزيجاً من سكان نيويورك والوافدين من بورتوريكو. لن يكون مفتوحاً بعد، ولكن يمكنك رؤية الجدران المزخرفة التي تزين مقهى «نيوروريكان بويتس كافيه» التاريخي.

 

زيارات لا بد منها

- متحف مدينة نيويورك؛ حيث يمكنك اكتشاف 400 عام من التاريخ.

- حديقة شارع إليزابيث؛ حديقة مجتمعية مليئة بالأجواء الزاهية والمقاعد الخفية لاكتشافها.

- سوق «تيرمينال غرين بوينت» وبها مجموعة من الباعة كل يومي سبت وأحد، سواء أكانت الأجواء مشمسة أم ممطرة.

المطاعم:

- «لو روك»: مطعم فرنسي أنيق يوجد في «مركز روكفلر» بتصميم فني رائع.

- «إيسز بيتزا»: يقدم شرائح على طريقة ديترويت في منطقة ميدتاون.

- «لودي»: مطعم إيطالي بمقاعد في الهواء الطلق، والمفضل لدى نقاد الطعام في صحيفة «التايمز».

- «بلو ريبون سوشي بار»: 11 مقعداً فقط في «مركز روكفلر».

- «جيميز كورنر»: في «تايمز سكوير».

- مطعم «فرنكل ديليكاتسين آند أبيتايزينغ»: حيث الاستمتاع باللحم المقدد مع البيض والجبن في «غرين بوينت» ببروكلين.

- متجر «بيتر بان للكعك والحلوى»: أسعد الزبائن لعقود بحلوياته الرخيصة والمبهجة وموظفيه ذوي الزي الموحد بألوانه الزاهية.

- «بار بيتي»: مطعم إيطالي في «غرينتش فيليدج»، قد يكون مشهوراً بصفوف انتظار الزبائن وخدمة الطعام، ولكن مشاهدة الناس هناك رائعة.

- «مالاتيستا تراتوريا»: يمكنك تناول الطعام الإيطالي في أجواء هادئة، والدفع النقدي في «فيليدج».

- مقهى «ماري كرايزيس»: هو المكان الذي يمكنك فيه العثور على «مواهب بروادواي».

- «غولدن يونيكورن»: مطعم صيني معروف بمأكولاته الشهية في حي تشاينا تاون.

- مطعم «ماي لاي واه»: يقدم شرائح اللحم المقدد اللذيذة أو كعك صفار البيض على البخار، في وجبة خفيفة ومثالية أثناء التنقل.

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

مصر تحتفل بتعامد الشمس على قدس الأقداس في الأقصر

يوميات الشرق جانب من الاحتفال بالتعامد في معبد الكرنك (محافظة الأقصر)

مصر تحتفل بتعامد الشمس على قدس الأقداس في الأقصر

الظاهرة تؤكد مهارة المصريين القدماء في علم الفلك؛ إذ تدل على بداية فصل الشتاء، مما يثبت معرفة المصري القديم بالتقويم الشمسي وربطه بحياته الاجتماعية والدينية.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق سياح يتجولون في أحد شوارع طوكيو (إ.ب.أ)

33 مليون زائر هذا العام... وجهة شهيرة تحطم رقماً قياسياً في عدد السياح

يسافر الزوار من كل حدب وصوب إلى اليابان، مما أدى إلى تحطيم البلاد لرقم قياسي جديد في قطاع السياحة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق المهرجان يجمع بين الثقافة والتراث والفنون التي تتميز بها العلا (واس)

انطلاق «شتاء طنطورة» في العُلا بفعاليات ثقافية وتراثية

انطلقت فعاليات مهرجان «شتاء طنطورة» في نسخته الجديدة بمحافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، ليجمع بين الثقافة والتراث والفنون التي تتميز بها المنطقة.

«الشرق الأوسط» (العُلا)
يوميات الشرق «مستر بيست» انتهى من تصوير أفلام ترويجية بمنطقة الأهرامات (إنستغرام)

«مستر بيست» يفجر جدلاً في مصر بشأن «تأجير الأهرامات»

أثار «يوتيوبر» أميركي جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بعد حديثه عن «تأجير الأهرامات»، وهو ما نفته وزارة السياحة والآثار المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق معرض «قمة الهرم» يحكي قصة الحضارة المصرية القديمة (وزارة السياحة والآثار)

«قمة الهرم» يحقق نجاحاً في الصين ويبرز المزارات المصرية

يستمر المعرض المؤقت للآثار المصرية بمدينة شنغهاي الصينية في تحقيق نجاحات وأرقام قياسية للزوار بما يبرز قصة الحضارة الفرعونية القديمة.

محمد الكفراوي (القاهرة )

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».