جزين «عروسة الشلال»... وجميلة الجنوب اللبناني

طبيعتها خلابة ومعالمها متنوعة

بلدة جنوبية تشتهر بموقعها الجميل وطبيعتها الرائعة (خاص نديم اسمر من جزين)
بلدة جنوبية تشتهر بموقعها الجميل وطبيعتها الرائعة (خاص نديم اسمر من جزين)
TT

جزين «عروسة الشلال»... وجميلة الجنوب اللبناني

بلدة جنوبية تشتهر بموقعها الجميل وطبيعتها الرائعة (خاص نديم اسمر من جزين)
بلدة جنوبية تشتهر بموقعها الجميل وطبيعتها الرائعة (خاص نديم اسمر من جزين)

إذا رغبت في الحصول على جرعة أوكسيجين جبلية أصيلة حيث تمضي أوقاتاً مميزة لن تنساها، ما عليك سوى التوجه إلى بلدة جزين الجنوبية.

بلدة جنوبية تشتهر بموقعها الجميل وطبيعتها الرائعة (خاص نديم اسمر من جزين)

لقبها «عروسة الشلال» لم يأتِ عن عبث، فهي بمثابة قطعة من الجنة على الأرض لما تضم من مواقع ومعالم أثرية وطبيعية. ومن يقصدها من بيروت التي تبعد على مسافة 77 كيلومتراً منها، سيكرر زيارته لها مرة جديدة. فكمية الأماكن السياحية ستتطلب منه البقاء فيها لأكثر من يوم واحد. فنادق ومطاعم وكنائس وأسواق وأدراج قديمة بانتظارك، أضف إليها المغاور وقصر فريد سرحال والشلالات.

 

إليك أهم 5 أماكن لا بد من زيارتها في جزين...

 

شلالات جزين

شلال جزين الأشهر (خاص نديم أسمر من جزين)

 

تعدّ شلالات جزين من الأشهر في لبنان، كما تندرج في المرتبة الخامسة عالمياً؛ نظراً لارتفاعها الذي يتجاوز الـ900 متر؛ ولأنها رمز من رموز هذه البلدة الجنوبية، فلا بد لمن يزورها أن يقصد المطاعم والمقاهي التي تتوزع على جانبيها. تصبح مياه «الشالوف» كما يسميه أهالي جزين غزيرة في فصل الشتاء. وهي نالت لقبها «عروسة الشلال» بسببه؛ إذ يقع في وسطها. وهو ينبع من صخور جزين ويصب في وسط البلدة.

وتأخذ المطاعم والمقاهي الواقعة حوله أسماء ترتبط به ارتباطاً مباشراً أو بالمناظر الطبيعية التي تطل عليها. فكما «مطعم الشلال» كذلك «مطعم الشالوف» و«منظر الحرج»، فجميعها تقع على مشارف الشلال، حيث يمكن لروادها أن يمتّعوا نظرهم بطبيعة جزين والبلدات المحيطة بها مثل بكاسين. وتقدم هذه المطاعم اللقمة اللبنانية الشهية من مازات وأطباق.

أنشئت قرب الشلال حديقة عامة تعرف بـ«بارك جزين». وتنتشر حولها مقاهٍ ومطاعم تقدم أكلات لبنانية، وأخرى من نوع الأطباق السريعة كالبيتزا والهمبرغر.

 

مغارة قرقماز و«المعبور»

 

توجد في بلدة جزين مواقع أثرية، من بينها «مغارة قرقماز» المعروفة بـ«فخر الدين». وهي تقع مباشرة في جوف الجبل الذي يصبّ فيه الشلال. وكان الأمير فخر الدين المعني الثاني وابنه قرقماز قد اختبآ فيها هرباً من السلطة العثمانية. ويروي أهل البلدة أن السلطة المذكورة علمت بمكانهما وتمت محاصرتهما بدخان الحرائق، ثم ألقي القبض عليهما وأعدما في الأستانة.

أما «المعبور» فهو اسم يطلق على الطريق الممتدة على طول مدخل بلدة جزين. وكانت في الماضي يستخدمها أهالي منطقة الجنوب للعبور من خلالها متنقلين سيراً على الأقدام من بلدة إلى أخرى. وبقي هذا الاسم يرتبط بهذه الطريق على الرغم من توسيعها. فهي تحولت طريقاً سريعة تنتهي بتمثال للسيدة العذراء «سيدة المعبور». وتحيط بـ«المعبور» من الجانبين مناظر طبيعية من غابات صنوبر وغيرها.

بلدة رائعة تطل على أجمل المناظر الطبيعية (ليف لاف جزين)

 

أسواق جزين القديمة

 

تم ترميم أسواق جزين القديمة من قِبل بلديتها منذ سنوات قليلة. فجرى تغيير أبواب دكاكينها ورصّ أرصفتها من جديد مع الحفاظ على مظهرها التراثي العريق. وتطالعك في تلك الأسواق القديمة التي يقصدها أهالي البلدات المجاورة، كل ما يخطر على بالك من حوانيت ومحال تجارية صغيرة متلاصقة تجد فيها أصنافاً من المونة اللبنانية، بالإضافة إلى الأفران والمخابز المتخصصة ببيع خبز المرقوق القروي والمناقيش بالزعتر وغيرها. كما تجد فيها السكاف والجزار والخياط ومحال بيع الحلويات العربية.

أشعار ونقوش عربية (خاص موقع قصر فريد سرحال)

 

حِرف وهدايا جزين

 

من يزُر بلدة جزين فلا بد أن يقصد محالها التجارية التي تبيع الأشغال اليدوية. فنساء جزين وربات منازلها يشتهرن بأعمالهن الحِرفية من تطريز وخياطة. أما شهرتها الأكبر فتكمن في صناعة السكاكين والسيوف.

اعتاد رؤساء الجمهورية في لبنان على إهداء سكاكين وسيوف جزين لرؤساء أجانب كذكرى قيّمة يحملونها معهم من لبنان. كما تعتمدها مدرسة الحربية في لبنان لشراء سيوف طلابها. هذه الصناعة هي بمثابة مورد رزق لنصف أهالي البلدة الذين لا يزيد عددهم على 40 ألف شخص. ويتنافس الحرفيون على صناعة هذه الحرفة اليومية في ابتكار الأشكال والرسوم والزخرفة التي تزين القبضات المصنوعة بعض الأحيان من قرون الحيوانات (العاج) أو عظامها، وتأخذ شكل طاووس أو عصفور أو سمكة أو إوزة، وغيرها، وتصبغ بألوان مختلفة كالأزرق أو النبيذي أو الذهبي لتتلاءم مع مختلف الأطباق المقدمة على الموائد. وتعدّ هذه الحرفيات من الهدايا الفاخرة التي يتبادلها اللبنانيون مع بعضهم ومع زوارهم الأجانب. ويختلف زبائن هذه الهدايا تبعاً لسعرها وقيمتها. فعادة ما يختار الأثرياء والطبقة الراقية، المجموعة المؤلفة من أكثر من 100 قطعة مصنوعة من العاج الخالص أو المطعمة بالذهب. وتفوق تكلفتها 10 آلاف دولار. بينما قطع وأوانٍ حرفية أخرى يمكن شراؤها بالقطعة أو أكثر فتتراوح أسعارها بين الـ100 و200 دولار.

 

قصر فريد سرحال

جانب من قصر سرحال الغني بالتحف والقطع الفنية من بلدان عدة (خاص موقع قصر فريد سرحال)

 

يعدّ قصر النائب الراحل الدكتور فريد سرحال تحفة أثرية مميزة في لبنان. فهو جمع أحجاره وزخرفته وتماثيله وأرضيته الرخامية من مختلف البلدان. فكان عندما يسافر حول العالم يحمل من كل بلد ما يناسب قصره الذي حلم في بنائه في بلدته الأم جزين. فحملها معه ما أعجبه، من أفغانستان وحلب والهند وغيرها؛ مما حوله متحفاً يتغنى به أهل جزين. يطغى الطابع التراثي الإسلامي على المتحف المزدان بالأشعار العربية، والمنمنمات اليدوية التي برع فيها الـ«جزينيون»، وتدرّب مزارعون على خوض غمارها، بإشراف مباشر من الطبيب سرحال الذي كان حلمه الأساسي أن يكون مهندساً معمارياً.

أمضى الراحل فريد سرحال ثلاثين عاماً يجمع تحفاً من أجل هذا المتحف، زار الشرق الإسلامي كله واشترى الكثير من الأنتيكا والأثاث. ومن منطقة البسطة في بيروت اشترى النراجيل، وزار أوروبا الشرقية والهـند والشام وسوريـا ومصر، وجلب منها «الأوبالين» ومن تركيا الخشبيـات. أما السجاد العجمي والنحاسيات فحملها معه من طهران. وكانت أبواب القصر قد فُتحت خصيصاً لتصوير أحد المسلسلات اللبنانية وهو «ثورة الفلاحين».


مقالات ذات صلة

7 أسباب تجعل موناكو وجهة تستقبل فيها العام الجديد

سفر وسياحة كازينو مونتي كارلو يلبس حلة العيد (الشرق الأوسط)

7 أسباب تجعل موناكو وجهة تستقبل فيها العام الجديد

لنبدأ بخيارات الوصول إلى إمارة موناكو، أقرب مطار إليها هو «نيس كوت دازور»، واسمه فقط يدخلك إلى عالم الرفاهية، لأن هذا القسم من فرنسا معروف كونه مرتعاً للأغنياء

جوسلين إيليا (مونتي كارلو)
يوميات الشرق تنقسم الآراء بشأن إمالة المقعد في الطائرة (شركة ليزي بوي)

حق أم مصدر إزعاج؟... عريضة لحظر الاستلقاء على مقعد الطائرة

«لا ترجع إلى الخلف عندما تسافر بالطائرة» عنوان حملة ساخرة أطلقتها شركة الأثاث «ليزي بوي».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق افتتاح تلفريك جديد في جبال الألب (إ.ب.أ)

سويسرا تفتتح أشد عربات التلفريك انحداراً في العالم

افتُتح تلفريك جديد مذهل في جبال الألب البرنية السويسرية. ينقل تلفريك «شيلثورن» الركاب إلى مطعم دوار على قمة الجبل اشتهر في فيلم جيمس بوند.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق سياح يتجولون في أحد شوارع طوكيو (إ.ب.أ)

33 مليون زائر هذا العام... وجهة شهيرة تحطم رقماً قياسياً في عدد السياح

يسافر الزوار من كل حدب وصوب إلى اليابان، مما أدى إلى تحطيم البلاد لرقم قياسي جديد في قطاع السياحة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
سفر وسياحة البترون وجبيل وزغرتا... تتألق وتلبس حلة الأعياد

البترون وجبيل وزغرتا... تتألق وتلبس حلة الأعياد

في مناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة، تتنافس بلدات ومدن لبنانية على اجتذاب الزوّار. مدينتا جبيل والبترون كما زغرتا تشكّل وجهات سياحية داخلية محببة.

فيفيان حداد (بيروت)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».