في السنوات السابقة دأب اللبنانيون والعرب على معايدة فيروز في ذكرى مولدها بنشر صورها وأغنياتها، وكتابة المقالات، والتعبير عن مشاعرهم تجاهها على وسائل التواصل، وإهدائها تحياتهم وشوقهم للقائها. ودأبت ابنة فيروز ريما الرحباني سنوياً على مقابلة هذا الحب العارم بلفتة تنقلها نيابة عن «جارة القمر» إلى محبيها أينما كانوا، قد تكون كلماتٍ أو صوراً أو شريطَ فيديو، أو كلها مجتمعة.
هذه السنة، والوضع على ما هو عليه، لا بدّ أن السيدة حزينة حزناً لا يحتمل، فحبها لفلسطين هو مما عرف عنها دائماً. لهذا وبمناسبة عيد ميلادها الـ89 نشرت ريما الرحباني شريطاً نادراً لوالدتها من كواليس تحضيرها لتسجيل أغنية في نيويورك عام 1981.
في الشريط، يسمع صوت فيروز المؤثر يصدح بكلمات، كأنها ردّ على الهول الغزاوي، تبدأ بـ«في ظلام اللّيل أُناديكُم هل تسمعون؟ مات أهلي وعيونهم محدِّقةٌ في سواد السّماءْ...» هذه الكلمات كتبها جبران خليل جبران تعبيراً عن تأثره وحزنه الكبيرين بعد المجاعة التي ضربت لبنان خلال الحرب العالمية الأولى.
فيروز غنت لفلسطين كما لم يفعل أحد، ولعل أكثر أغنياتها ترداداً على الألسن هي «زهرة المدائن» إلى جانب «راجعون» و«يافا» و«سلامي لكم يا أهل الأرض المحتلة»، و«أنا لا أنساك فلسطين»، و«القدس العتيقة»، و«جسر العودة».
بالصور... دفن «الأغا خان الرابع» في أسوان المصريةhttps://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/5110438-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D8%B1-%D8%AF%D9%81%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%BA%D8%A7-%D8%AE%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D8%B3%D9%88%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9
وسط دقات أجراس الكنائس، وأصوات الآذان؛ شُيعت جنازة الأغا خان الرابع الأمير كريم الحسيني، إمام الإسماعيليين النزاريين، أحد فروع الإسلام الشيعي، ورئيس واحدة من كبرى مؤسسات المساعدات التنموية، ظهر الأحد، بمدينة أسوان (جنوب مصر).
وقدمت الحكومة المصرية تسهيلات لافتة لضمان تنفيذ مراسم الدفن بسلاسة، إذ أصدر رئيس الوزراء المصري ترخيصاً بدفن الراحل في أسوان، كما وجه وزير الطيران المدني، بتقديم كل تسهيلات استقبال جثمان أغا خان الرابع، وأسرته، حيث استقبل مطار أسوان طائرتين خاصتين من البرتغال تحملان جثمان الراحل وأفراد أسرته، وأعضاء من الطائفة الإسماعيلية، حيث كان في استقبالهم الدكتور إسماعيل كمال محافظ أسوان، الذي قدم «خالص التعازي باسم الدولة والحكومة المصرية لأسرة زعيم الطائفة الإسماعيلية». وفق بيان المحافظة.
أسرة الأمير الراحل وأعضاء من الطائفة الإسماعيلية خلال تشييع الجنازة (محافظة أسوان)
وكان كريم الحسيني الذي غيبه الموت في لشبونة البرتغالية الثلاثاء عن عمر ناهز 88 عاماً، قد أوصى بأن يتم دفنه بجوار جده السلطان محمد شاه «الأغا خان الثالث» بالجبل الغربي، وبدأت مراسم الجنازة الرسمية من أمام مقبرة «عملاق الأدب» الراحل عباس العقاد حتى ميدان الدكتور مجدي يعقوب، ثم تحركت الجنازة في موكب من المراكب النيلية إلى البر الغربي لنهر النيل متوجهة إلى مقبرة الأغا خان الثالث الذي تُوفي عام 1957، إلى جانب زوجته البيجوم أم حبيبة، التي توفيت عام 2000.
وتولى الحسيني، الذي أسس المقر العالمي للشيعة الإسماعيلية في عام 2015 بالعاصمة البرتغالية، زعامة هذه الجماعة وعمره 20 عاماً، خلفاً لجده «أغا خان الثالث» السلطان محمد شاه، وتم اختيار ابنه رحيم ليكون الإمام الخمسين للجماعة.
تشييع جنازة الأغا خان الرابع من أمام مقبرة عباس العقاد (محافظة أسوان)
وتعد الطائفة الإسماعيلية النزارية ثاني أكبر جماعة شيعية مسلمة من حيث العدد، إذ يبلغ عدد أعضائها ما بين 12 و15 مليون عضو حول العالم، وتنتشر في أكثر من 25 دولة، خصوصاً في وسط وجنوب آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط.
والراحل هو مؤسس ورئيس شبكة الأغا خان للتنمية، التي توظف 96 ألف شخص في جميع أنحاء العالم، وتمول برامج تنمية خاصة في آسيا وأفريقيا.
جنازة الأغا خان في البر الغربي للنيل (شبكة أغا خان)
ولشبكة الأغا خان للتنمية مشاريع عدة في أسوان تركز بشكل أساسي على الترميم وإعادة التأهيل الثقافي والتنمية المستدامة، وتحسين جودة الحياة للمجتمع المحلي. ومن أبرز هذه المبادرات، ترميم مقبرة الفاطميين في أسوان، وهي من أقدم مواقع الدفن الإسلامية في مصر، كما تولت الشبكة صيانة متحف أسوان في جزيرة إلفنتين.
وتعود مقبرة الأغا خان في أسوان إلى السلطان محمد شاه الحسيني الذي بناها على ربوة عالية وأوصى بالدفن فيها، وذلك بعد قضائه عدة سنوات في المدينة حيث تم علاجه في رمالها، وقد صممت المقبرة على التراث المعماري الإسلامي الفاطمي، على يد «شيخ المعماريين العرب» الدكتور مهندس فريد شافعي، وتحولت إلى مزار سياحي حتى أوصت أسرته بعد ذلك بإغلاقها أمام الزائرين.
وتعد حديقة الأزهر التي افتتحت في القاهرة قبل عشرين سنة من أكبر مشاريع الشبكة وأكثرها تأثيراً في القاهرة. وحوّل المشروعُ مكبَّ نفاياتٍ مساحته 30 هكتاراً إلى واحة خضراء وسط القاهرة، التي تعد واحدة من أكثر مدن العالم كثافة سكانية، كما أوجدَ آلاف فرص العمل خلال مرحلة البناء وبعدها.
وحضر المراسم الجنائزية في المركز الإسماعيلي في لشبونة يوم السبت، أكثر من 300 ضيف، من بينهم رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، والرئيس البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوزا، والملك الإسباني السابق خوان كارلوس الأول.
وكان أغا خان الرابع يحمل الجنسيتين البريطانية والبرتغالية، بالإضافة إلى الجنسية الكندية الفخرية، ومن المقرر أن يخلفه ابنه الأكبر الأمير رحيم البالغ من العمر 53 عاماً، وسيحصل على لقب أغا خان الخامس، وسيتم تنظيم حفل تنصيبه يوم الثلاثاء في مقر المركز الإسماعيلي وسط لشبونة.
مقبرة أغا خان بأسوان (شبكة أغا خان)
وقدم الأمير الجديد رحيم الحسيني الأغا خان الخامس شكره للرئيس عبد الفتاح السيسي وحكومته على الدعم اللامحدود الذي أظهرته الدولة المصرية لمؤسسة أغا خان والطائفة الإسماعيلية، من خلال إنهاء الإجراءات المتعلقة بمراسم الجنازة والدفن في أسرع وقت ممكن للأمير الراحل كريم أغا خان. بحسب بيان محافظة أسوان.
وتناول لقاء عقد بين الأمير رحيم والمحافظ عقب انتهاء مراسم الدفن سبل التعاون بين شبكة الأغا خان و«مؤسسة أم حبيبة» ومحافظة أسوان عبر ضخ استثمارات جديدة وتنفيذ مشروعات وحزمة من البرامج التنموية والمجتمعية، وفي النهاية أهدى المحافظ «مفتاح مدينة أسوان» للأمير رحيم الحسيني.
وتعد أسوان من أهم الوجهات السياحية في مصر خلال موسم الشتاء، حيث تتمتع بأجواء دافئة، وبإطلالة نيلية ساحرة، وبمعالم أثرية متعددة، من بينها معبد فيلة، وجزيرة النباتات، ومتحف النوبة، والسد العالي. وتعد قريبة من معبدي أبو سمبل وإدفو.