وضع الملك سلمان بن عبد العزيز ثقته في ولي عهده الأمير محمد بن سلمان رئيس مجلس الوزراء السعودي لتحقيق تطلعات وآمال بلاده للمضي قدماً في بناء دولة المستقبل وجعلها لاعباً ورقماً صعباً في المعادلة الدولية، وتمكن الأمير محمد بن سلمان من خلال مشاريع وأعمال لافتة واستراتيجية يأتي في طليعتها إقراره رؤية وطنية تغطي كل مجالات الحياة والمضي قدماً في وضع أرضية صلبة لبناء دولة تجمع بين الأصالة والتحديث، وحملت الرؤية اسم «رؤية المملكة 2030».
ونجح ولي العهد السعودي خلال بضع سنوات في تحقيق أهداف هذه الرؤية والمضي في مسارات التحديث والتنوع مع الحرص على حماية الهوية الوطنية وقيمها، وحول بلاده إلى ورشة عمل طالت كل شيء وأقر اتفاقيات وبناء علاقات استراتيجية وعقد شراكات مع الأقطاب واللاعبين الكبار في المشهد الدولي لتحقيق مصالح مشتركة سياسية واقتصادية وثقافية وغيرها.
ثقة عالمية ومحلية
لخص الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، بكلمته التي ألقاها نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى السعودي في سبتمبر (أيلول) 2024، لخص ملامح من المنجزات والرحلة التي قطعتها البلاد في عهد الملك سلمان، وخصوصاً في تطبيق «رؤية المملكة 2030»، طارحاً أمثلة وبالأرقام على منجزات جوهرية لرؤيتها التي حظيت بثقة عالمية ومحلية، كما لم ينس المشهد الإقليمي والدولي وما يجري فيه من أحداث ومواقف بلاده من ذلك.

يقول الأمير محمد بن سلمان: «ونحن على أعتاب دورة جديدة من أعمال مجلس الشورى، نؤكد أهمية دور المجلس في الارتقاء بأداء مؤسسات الدولة، ودوره الفعال في تطوير الأنظمة وتحديثها، إلى جانب مهامه الرقابية ومتابعته المستمرة لتنفيذ الاستراتيجيات والخطط المعتمدة، منذ إطلاق (رؤية المملكة 2030) والمواطن نصب أعيننا، فهو عمادها وغايتها، وأي إنجاز يتحقق من خلال مظلتها الشاملة للمسارات المختلفة، هو رفعة للوطن ومنفعة للمواطن وحصانة للأجيال القادمة من التقلبات والتغيرات». وقال: «نلتقيكم اليوم وقد قطعنا أجزاءً من هذه الرحلة بخطوات ثابتة وعمل مستمر، نفخر فيها بتحقيق الكثير من المستهدفات على المستوى الوطني والدولي، وارتقت فيها المملكة درجات متقدمة في المؤشرات والتصنيفات الدولية، ونحن ماضون بتفاؤل وثقة في مواصلة الرحلة لتحقيق مستهدفاتنا، وفق منهج شامل وتكاملي يقوم على المراجعة الدقيقة وترتيب الأولويات. لقد حققت بلادنا منجزات جوهرية كثيرة خلال هذه الرحلة العظيمة، ومن نماذج هذه الأنشطة غير النفطية في المملكة، سجلت أعلى إسهام لها في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بـ(50 في المائة) في العام الماضي، مما يعزز استدامة النمو وشموليته ويحقق جودة عالية في التنوع الاقتصادي، ويواصل صندوق الاستثمارات العامة دوره في تحقيق أهدافه ليكون قوة محركة للاستثمار، وسجلت البطالة بين المواطنين والمواطنات، أدنى مستوى لها تاريخي في الربع الأول من عام 2024 بلغ (7.6 في المائة)، بعد أن كانت نسبته (12.8 في المائة) في عام 2017. وارتفعت نسبة تملك المساكن للمواطنين من (47 في المائة) عام 2016 إلى ما يزيد على (63 في المائة)، وفي مجال السياحة سبقت المنجزات التاريخ المستهدف؛ حيث حددت استراتيجية السياحة الوطنية التي أطلقت عام 2019، مستهدف 100 مليون سائح في 2030، وتم تجاوز هذا المستهدف والوصول إلى (109) ملايين سائح عام 2023، وحققت المملكة المرتبة الـ16 بين الدول الأكثر تنافسية، ومع استكشاف الثروات الطبيعية تغدو المملكة من أكبر مخازن الثروات الطبيعية في العالم، كما أن بلادكم أحرزت مكانة متقدمة في مجال الطاقة المتجددة، وصارت من أكثر الفاعلين فيها إقليمياً ودولياً».

وشدد ولي العهد السعودي على أن بلاده اليوم نتيجة منجزاتها ورؤيتها، تحظى بثقة عالمية جعلت منها إحدى الوجهات الأولى للمراكز العالمية والشركات الكبرى، وفي مقدمتها افتتاح المركز الإقليمي لصندوق النقد الدولي، ومراكز لنشاطات دولية متعددة في الرياضة والاستثمار والثقافة وبوابة تواصل حضاري، مما أسهم في اختيارها لاستضافة «إكسبو 2030» وتستعد اليوم لتنظيم كأس العالم عام 2034.
وقال: «إننا نفخر بمنجزات المواطنين والمواطنات في مجالات الابتكار والعلوم، ونولي التعليم جل اهتمامنا ليكون نوعياً يعزز المعرفة والابتكار، ونعمل على بناء أجيال تتمتع بالتميز العلمي والمهارات العالية، وتحظى بكل الفرص لنيل تعليم رفيع».
صورة ثاقبة
نؤكد أنه بينما نمضي في مسارات التحديث والتنوع، فإننا حريصون أشد الحرص على حماية هويتنا وقيمنا، التي هي امتداد لمسيرة أجدادنا وآبائنا، وهي صورتنا الثاقبة في العالم أجمع. وأشار ولي العهد السعودي إلى أن القضية الفلسطينية تتصدر اهتمام بلادكم، ونجدد رفض المملكة وإدانتها الشديدة لجرائم سلطة الاحتلال الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، متجاهلة القانون الدولي والإنساني في فصل جديد ومرير من المعاناة، ولن تتوقف المملكة عن عملها الدؤوب، في سبيل قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ونؤكد أن المملكة لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون ذلك، موجهاً في هذا الصدد شكره إلى الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية تجسيداً للشرعية الدولية، ونحث باقي الدول على القيام بخطوات مماثلة. وأكد الأمير محمد بن سلمان على حرص بلاده على التعاون مع كل الدول الفعالة في المجتمع الدولي، متيقنة أن ما يحمي البشرية ويصون قيمها الحضارية، هو السعي المشترك إلى مستقبل أفضل مبني على التعاون المثمر بين الدول والشعوب، واحترام استقلالية الدول وقيمها والأخذ بمبدأ حسن الجوار، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وتجنب اللجوء إلى القوة في حل النزاعات، كما أن المملكة تسعى إلى تعزيز الأمن والسلم الإقليمي والدولي، من خلال بذل الجهود للوصول إلى حلول سياسية للأزمات في اليمن والسودان وليبيا وغيرها، وكذلك تدعم الحلول في الأزمات الدولية مثل الأزمة الروسية الأوكرانية.









