ترسيم حدود لبنان وسوريا يشكّل الاختبار الأول لعلاقاتهما

إنجاز كبير في جدة على الرغم من «هواجس» الماضي

الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي يتوسط الوزيرين منسى وابو قصرة في لقاء التوقيع بمدينة جدة (واس)
الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي يتوسط الوزيرين منسى وابو قصرة في لقاء التوقيع بمدينة جدة (واس)
TT
20

ترسيم حدود لبنان وسوريا يشكّل الاختبار الأول لعلاقاتهما

الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي يتوسط الوزيرين منسى وابو قصرة في لقاء التوقيع بمدينة جدة (واس)
الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي يتوسط الوزيرين منسى وابو قصرة في لقاء التوقيع بمدينة جدة (واس)

شكّلت الاشتباكات التي شهدتها الحدود الشرقية للبنان منتصف شهر مارس (آذار) الحالي أول اختبار للدولتين اللبنانية والسورية الجديدتين، في مقاربة الملفات المعقّدة والمتراكمة التي كان النظام السوري السابق كما الحكومات اللبنانية التي كان يسيطر عليها «حزب الله» تفضّل أن تبقى مجمّدة على حالها تبعاً لمصالح الطرفين. الحدود اللبنانية - السورية تمتد على طول أكثر من 375 كلم. ويُجمع الخبراء على أن تأخر ترسيمها، ووجود عوامل جغرافية واجتماعية تضاف إليها عوامل أخرى سياسية وأمنية، أمور تجعل منها «خاصرة رخوة» للبلدين، قد تشهد تجدد المواجهات العسكرية في أي وقت كان، وبخاصة أن فيها عشرات المعابر غير الشرعية التي تُستخدم لتهريب الأفراد والسلع والسلاح منذ سنوات طويلة.

شهد ملف ترسيم الحدود اللبنانية - السورية خلال الساعات الماضية خرقاً كبيراً بالإعلان من مدينة جدّة عن توقيع اتفاق برعاية ووساطة المملكة العربية السعودية بين وزير الدفاع اللبناني ميشال منسّى ووزير الدفاع السوري مُرهف أبو قصرة، جرى فيه التأكيد على «الأهمية الإستراتيجية لترسيم الحدود بين البلدين، وتشكيل لجان قانونية ومتخصصة بينهما في عدد من المجالات، وتفعيل آليات التنسيق بين الجانبين للتعامل مع التحديات الأمنية والعسكرية على أن يُعقد اجتماع متابعة في المملكة العربية السعودية خلال الفترة المقبلة».

الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي يتوسط الوزيرين منسى وابو قصرة في لقاء التوقيع بمدينة جدة (واس)
الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي يتوسط الوزيرين منسى وابو قصرة في لقاء التوقيع بمدينة جدة (واس)

مصادر مطلعة رأت أن دخول المملكة العربية السعودية على خط الوساطة بين البلدين «يجعل أي اتفاق أو تفاهم أمكن التوصل إليه ملزِماً للطرفين ويعطيه بُعداً أكثر جدية». وما تجدر الإشارة إليه هنا أن الجيش اللبناني ينشر 4 أفواج على طول الحدود اللبنانية - السورية بعدد عناصر يبلغ نحو 4838 عنصراً، يتوزّعون على 108 مراكز من بينها 38 برج مراقبة مجهزين بكاميرات وأجهزة استشعار ليلية، كما كان قد أعلن رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي. إلا أن هذا الواقع لم يحُل دون مواجهات عنيفة شهدتها هذه الحدود بدأت بين العشائر، وانضم إليها «حزب الله» قبل أن تتحوّل بين الجيش اللبناني وقوات الأمن السورية؛ ما أدى إلى مقتل 7 أشخاص في لبنان و3 من الجانب السوري.

التطورات الميدانية

المناطق الحدودية – في شمال شرقي لبنان بالذات - كانت قد شهدت، بعد سقوط النظام السابق في دمشق، اشتباكات متفرقة بين مهرّبين من الطرفين. وأطلقت قوات الأمن السورية خلال شهر فبراير (شباط) الماضي حملة أمنية في محافظة حمص التي تحدّ شمال لبنان وشماله الشرقي؛ بهدف إغلاق الطرق المستخدمة في تهريب الأسلحة والبضائع. وتتهم هذه القوات «حزب الله» بأنه ينشط في رعاية عصابات التهريب عبر الحدود، وأن المواجهات المسلحة التي خاضتها على الحدود الشرقية للبنان شارك فيها عناصر الحزب بشكل مباشر. غير أن قيادة «حزب الله» نفت أي علاقة له بالموضوع.

وفي منتصف الشهر الحالي، بعد مواجهات دامية بين الطرفين على أثر اتهام سوريا عناصر «حزب الله» بدخول أراضيها وخطف وقتل ثلاثة من أفراد الجيش السوري، دخل الجيش اللبناني على الخط بإيعاز من رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون الذي أعطى توجيهاته بالردّ على مصادر النيران والانتشار في بلدة حوش السيد علي التي شهدت أعنف المواجهات. ومن ثم، أوكل الرئيس عون وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي التواصل مع السلطات السورية لحل الأزمة، قبل أن يتسلّم وزير الدفاع منّسى الملف.

الترسيم أولاًفي أي حال، يرى كثيرون أن حل الأزمة الحدودية بين البلدين تبدأ بترسيم الحدود. وحقاً، هذا ما نصّ عليه قرار مجلس الأمن الدولي في عام 2006، وحمل الرقم 1680، ولحظ إلى جانب الترسيم إقامة علاقات دبلوماسية رسمية بين البلدين، كما أكد على وجوب نزع سلاح الميليشيات. غير أن سوريا رفضت، يومذاك، القرار، واعتبرته تدخلاً في شؤونها الداخلية، بينما رحّب به عدد من الدول الغربية بجانب الحكومة اللبنانية.

قوات في المنطقة الحدودية بين سوريا ولبنان (آ ب)
قوات في المنطقة الحدودية بين سوريا ولبنان (آ ب)

العميد المتقاعد خليل الحلو، الباحث اللبناني في الشؤون السياسية والاستراتيجية، يرى أن «مسألة ترسيم الحدود مع سوريا ليست مسألة طوبوغرافية حصراً، إنما لها بُعد اجتماعي باعتبار أن لدى كثيرين من اللبنانيين أملاكاً في الجهة السورية من الحدود، ما يتطلب نقاشات ومفاوضات طويلة». ويلفت الحلو في لقاء مع «الشرق الأوسط» إلى أن «القضية لا تُحل على مستوى وزيري الدفاع أو الجيشين اللبناني والسوري، بل تحتاج إلى مؤتمر قمة بين رئيسي جمهورية البلدين يضم وزراء متخصصين، وهي ورشة إذا ما انطلقت قد تستمر لسنوات».

وفق الحلو، فإن «تطبيق القرار الدولي 1680 مرتبط بشكل أساسي بقدرة الجيش اللبناني على الانتشار لضبط الحدود. وراهناً لديه 4 أفواج حدود برّية وعشرات أبراج المراقبة، كما يمتلك سلاح جو. وبالتالي، إذا ما كُلّف فعلياً ضبط الحدود عبر قرار سياسي واضح، لا بالكلام وحده، فهو قادر على ذلك، من دون تناسي أدوار الأجهزة الأمنية الأخرى في هذا المجال».

للعلم، تربط لبنان وسوريا 6 معابر نظامية، هي:

- معبر المصنع الذي يربط بين بيروت ودمشق من جهة البقاع الشرقي

- معبر جوسية الواقع بين بلدة القاع اللبنانية ومدينة القصير السورية

- معبر مطربا شرقي مدينة الهرمل اللبنانية

- معبر الدبوسية بشمال لبنان

- معبر تلكلخ غربي محافظة حمص، مقابل منطقة وادي خالد في عكار

- ومعبر العريضة قرب الشاطئ الذي يؤدي من شمال لبنان إلى مدينة طرطوس السورية.

أما المعابر غير الشرعية فتعدُ بالمئات.

الرؤية السورية

في هذه الأثناء، ترى جهات رسمية لبنانية، فضَّلت إغفال ذكر هويتها، أن السلطة الجديدة في سوريا «لا تبدو متحمسة أو مستعجلة» لبت الملفات العالقة مع لبنان، سواء الملف الحدودي أو ملف اللاجئين أو سواها من الملفات؛ نظراً لأن أولوياتها لا تزال محصورة بضبط الوضع في الداخل السوري، ومعالجة مئات الملفات لتسهيل أمور الناس داخل البلاد. وتشير مصادر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى وجود علامات استفهام حول قدرة السلطات الجديدة هناك من الإمساك بكامل الأراضي السورية وضمناً الحدود.

في المقابل، توضح السياسية والباحثة السورية - الأميركية الدكتورة مرح البقاعي لـ«الشرق الأوسط» أن «الدولة الجديدة في سوريا لا تزال في مرحلة التأسيس؛ إذ لم يتجاوز عمرها ثلاثة أشهر». ومن ثم تتطرق إلى «الكثير من القضايا والمشكلات العالقة في الداخل السوري، خصوصاً بعد سقوط نظام استبدّ بالحكم لمدة خمسين سنة ونصف السنة. لذلك؛ حتى الآن، لم يكتمل المشهد الداخلي السوري بصورته الرسمية والإجرائية».

وترى البقاعي أن «الاشتباكات عبر الحدود هي في منطقة لطالما كانت غير مستقرة لعقود. ثم أنها كانت تحت سيطرة النظام السابق في سوريا، شهدت تفاعلات معقدة، إذ كانت بعض العشائر المحلية على وفاق مع النظام الذي رحل، كما كان لها علاقات مع (حزب الله) في لبنان. هذه العشائر كانت تعمل على طرفي الحدود، وتعتمد بشكل أساسي على التهريب مصدراً للموارد».

وبحسب البقاعي، «تكمن المشكلة الأساسية في هذه المنطقة الحدودية - وتحديداً في المنطقة الشرقية - في غياب الأمن والسيطرة الفعلية، حيث تنتشر عصابات التهريب التي اعتاشت لعقود على هذه الأنشطة في ظل غياب أي تنمية حقيقية. ومع الواقع الجديد في البلدين، أتت الاشتباكات نتيجةً مباشرة لمحاولة الأطراف الجديدة فرض سيطرتها».

أما عن رؤيتها للحل، فتقول الباحثة السورية - الأميركية إنه «من الضروري البدء بوقف عمليات التهريب، لكن الحل الجذري يتطلب العودة إلى مسألة ترسيم الحدود بين البلدين. وهذا أمر معقّد وسيأخذ وقتاً؛ إذ إنه مرتبط بالوضع الإقليمي ككل، وليس فقط بالحدود اللبنانية - السورية، بل يشمل أيضاً الحدود اللبنانية مع إسرائيل».

وللعلم، تعدّ مصادر نيابية لبنانية أن وضع الحدود السورية الراهن مرتبطاً إلى حد كبير بوضع الحدود الجنوبية. وتشير لـ«الشرق الأوسط» إلى «وجود قرار أميركي - إسرائيلي حاسم بتضييق الخناق على (حزب الله)، وقطع كل طرق إمداده بكل الوسائل، ومن هنا تُفهم عمليات القصف الإسرائيلي التي نشهدها للحدود الشرقية بين الحين والآخر».

ولادة متعسّرة

في الحقيقة، بعد سقوط النظام في سوريا، كانت هناك خشية لبنانية كبيرة من تفلّت أمني ينسحب على لبنان. وظلّت السلطات في بيروت تراقب من بعيد التطورات إلى أن قرّر رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي زيارة دمشق للقاء الرئيس السوري أحمد الشرع منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي، إلا أن اللقاء بقي دون نتائج. وعملية.

أيضاً، عُقد لقاء بين الشرع وعون على هامش القمة العربية في مارس (آذار) الحالي، شدَّدا خلاله على ضرورة ضبط الحدود بين البلدين. لكن المواجهات المسلحة التي تلت اللقاء أكدت أن الملف يتطلب معالجة أعمق وعلى المستويات كافة.

هنا لا تُنكر مرح البقاعي أن «العلاقات السورية - اللبنانية تشهد ولادة متعسّرة، سواءً في سوريا بعد سقوط النظام، أو في لبنان بعد الفراغ الحكومي الطويل. وكلا البلدين في حاجة ماسة إلى التعاون في مختلف المجالات، وأهمها المجال الأمني».

وهي ترى أيضاً أن «ما يمنح الدولة السورية الجديدة شرعية كبيرة، ويجعل المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية، يثق بها، هو أن بعض المجموعات التي كانت في السلطة سابقاً والمصنّفة على قوائم الإرهاب لم تعُد جزءاً من المشهد». وتتابع أن «الدول الأوروبية بدأت بالتعامل بشكل إيجابي مع الدولة الوليدة في سوريا. والسبب الرئيس لهذا التغير هو قدرة السلطات الجديدة في سوريا على إنهاء وجود حزب الله والميليشيات الإيرانية في البلاد خلال وقت قياسي... وهذا إنجاز يحسب لها، ليس فقط على المستويين الدولي والإقليمي، بل أيضاً بالنسبة للشعب السوري نفسه. إذ تم تحرير سوريا، وحياتها العامة، ومجتمعها من قبضة النفوذ الإيراني، الذي تسبّب في حالة من الفساد وانعدام الاستقرار لعقود طويلة».


مقالات ذات صلة

سارة الزعفراني... مهندسة مخضرمة تترأس حكومة تونسية أولوياتها اقتصادية

حصاد الأسبوع الزعفراني

سارة الزعفراني... مهندسة مخضرمة تترأس حكومة تونسية أولوياتها اقتصادية

بعد نحو ستة أشهر من تعديل حكومي واسع شمل 22 حقيبة وزارية ورئاسة الحكومة، أعلنت رئاسة الجمهورية في تونس عن إقالة رئيس الحكومة كمال المدوري، الخبير الدولي في المفاوضات الاجتماعية والاقتصادية، وتعويضه بوزيرة التجهيز والإسكان في حكومته سارة الزعفراني الزنزري. جاء هذا التعديل، وهو السادس من نوعه منذ يناير (كانون الثاني) 2020، في مرحلة شهدت تعقد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية التي تمر بها تونس والمنطقة، وخلال فترة عرفت تزايد انتقادات الرئيس التونسي قيس سعيّد لـ«لوبيات» اتهمها بعرقلة مشاريع الإصلاح التي أراد أن يفتتح بها عهدته الرئاسية الثانية. هذه الانتقادات أعادت إلى الأذهان تصريحات وبلاغات إعلامية رئاسية عديدة صدرت خلال الأشهر الماضية عن الرئيس سعيّد ومقرّبين منه تتهم مسؤولين كباراً في الحكومة وفي الإدارة بالسلبية والفشل وسوء التصرف في الأملاك العمومية، وأيضاً في ملفات التضخم وارتفاع الأسعار وتدهور القدرة الشرائية للطبقات الشعبية، بجانب ملفات أمنية عديدة، بينها تدفق آلاف المهاجرين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء وتمركزهم في تونس بطريقة غير قانونية.

كمال بن يونس (تونس)
حصاد الأسبوع رئيس الدولة قيس سعيّد (رويترز)

صلاحيات رئيسَي الدولة والحكومة في دستور تونس الجديد

فتح التغيير الرابع لرئيس الحكومة التونسية في ظرف ثلاث سنوات ونصف السنة والسادس في ظرف خمس سنوات نقاط استفهام وسط المراقبين داخل البلاد وخارجها. وبرزت مواقف.

«الشرق الأوسط» (تونس)
حصاد الأسبوع ممارسات إسرائيل في الضغة الغربية مصدر قلق بالغ للأردن (آ ب)

الأردن يعيش شهوراً فاصلة بمواجهة الهموم الداخلية والإقليمية

لا يخلو تاريخ الأردن القريب من تحديات مصيرية هدّدت أمنه واستقراره، وسعت للتشويش على استقرار نظامه السياسي. فجملة التحديات التي فرضتها جغرافيا المملكة وتاريخها معاً صارت العناوين ذات الأولوية في مناقشة المصالح الأردنية في المدى المنظور. جولة على هذه التحديات تُمكّن المراقبين من تقدير الموقف الأردني وتعقيداته؛ فعلى جبهة الأردن الغربية عانت البلاد من حالة الطوارئ العسكرية على مدى السنوات والعقود الماضية بفعل الاحتلال الإسرائيلي، والتعامل مع نكبة هجرة الفلسطينيين عام 1948، ونكسة حزيران من عام 1967 التي تسبّبت بهجرة الفلسطينيين الثانية. والحال ليست بأفضل على الجبهة الشمالية مع سوريا، فخلال سنوات الحرب الماضية كانت الجبهة الشمالية ملفاً أمنياً - عسكرياً ساخناً، كما استقبل عبرها نحو مليون لاجئ سوري. وتستمر محاولات عصابات تجارة المخدّرات والسلاح في تهديد الأمن على الحدود في مشهد متكرّر دفع الأردن للقصف بالطائرات عدداً من مصانع المخدرات في الجنوب السوري، التي كانت تابعة لميليشيات محسوبة على «حزب الله» اللبناني وإيران و«الفرقة الرابعة» في الجيش السوري بقيادة ماهر الأسد. وأخيراً لا آخراً، على الشرق هناك الحدود البرية الطويلة مع العراق، وفي آخر 22 سنة ظلت هذه الحدود عنوان تهديد لأمن الأردن، كما حصل في أحداث تفجير الفنادق في العاصمة عمّان عام 2005، بالإضافة إلى محاولات أخرى أُحبطت قبل استكمال أهدافها.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
حصاد الأسبوع العاهل الاردني عبدالله الثاني مستقبلاً الرئيس السوري أحمدوالشرع في مطار ماركا بعمّان (سانا)

حرب غزة وفّرت على حكومة حسّان مواجهات قاسية

على مدى شهور العدوان الإسرائيلي على غزة تراجعت أولوية الشأن الداخلي؛ ما أعفى الحكومة الأردنية من مواجهات قاسية مع الشارع والبرلمان. وسمح ذلك لشخص رئيس الوزراء.

حصاد الأسبوع بوندي

بام بوندي... تُدخل على وزارة العدل تغييرات جوهرية في سياق معارك ترمب القضائية

عندما اختار الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، المدعية العامة السابقة لولاية فلوريدا، بام بوندي، لتكون أعلى مسؤول عن إنفاذ القانون في البلاد،

إيلي يوسف ( واشنطن)

يوم في عمر رئيس الحكومة الإسرائيلية

نتنياهو (آ ف ب)
نتنياهو (آ ف ب)
TT
20

يوم في عمر رئيس الحكومة الإسرائيلية

نتنياهو (آ ف ب)
نتنياهو (آ ف ب)

> لكي نعرف كيف تُدار إسرائيل في ظل هذه الحكومة، نستعرض فيما يلي يوماً من عمر رئيسها، بنيامين نتنياهو.

في الساعة السادسة والنصف صباحاً، يجتمع مع سكرتيره العسكري ليطلعه على آخر الأخبار العسكرية. فالجيش الإسرائيلي يدير حرباً متعددة الجبهات، من طرف واحد. لا أحد يحاربه، لكنه يصر على توسيع الاحتلال في قطاع غزة، وفق خطة لسيطرة الأمة على 40 في المائة من أراضيها. ويقوم بعدة عمليات حربية في عدة مواقع في الضفة الغربية: جنين لليوم الستين على التوالي، وطولكرم لليوم الخامس والخمسين، وبيت لحم وقلقيلية والخليل.

وسلاح الجو الإسرائيلي يقصف ثلاثة مواقع في سوريا، يدمّر خلالها مواقع مدمرة، وإحدى وحداته تغادر المنطقة المحتلة في الجنوب وتدخل قرية قرب درعا، لتصفية خلية مسلحين. وطائراته المسيرة تقصف في لبنان. ورئاسة أركان الجيش الإسرائيلي تعدّ لجلسة من 10 ساعات، ستعقدها لاحقاً (الخميس) مع قائد القوات الأميركية في المنطقة، الجنرال مايكل كوريلا، ضمن التحضيرات لضربات حربية على إيران وحلفائها من الحوثيين في اليمن.

في السابعة صباحاً، يلتقي نتنياهو مدير مكتبه ليراجع معه برنامج الزيارة التي سيقوم بها في اليوم التالي إلى المجر، حيث يتحدى ونظيره فيكتور أوربان، قرار محكمة الجنايات الدولية لاعتقاله بتهمة تنفيذ عمليات إبادة جماعية وجرائم حرب أخرى في قطاع غزة.

في السابعة والربع صباحاً، ينشر نتنياهو بياناً يقول فيه إنه قرر تعيين إيلي شاربيت رئيساً لجهاز المخابرات العامة (الشاباك) مكان رونين بار الذي أقيل من منصبه بحجة أنه فقد الثقة به. ولقد جمّدت المحكمة القرار، بناء على دعوى رفعها قادة أحزاب المعارضة وحركات تعمل على سلامة الحكم، لكنها سمحت له بإجراء لقاءات لاختيار رئيس آخر.

شاربيت هو القائد الأسبق لسلاح البحرية، ويدير حالياً شركة تعمل في «السايبريات». لكن رفاق نتنياهو في الليكود، ومعهم زوجته سارة وابنهما يائير، يعترضون على شاربيت، لأنه كان قد شارك في مظاهرة ضد خطة الحكومة للانقلاب على منظومة الحكم والجهاز القضائي، وكتب مقالاً انتقد فيه الرئيس دونالد ترمب بسبب سياسته المعادية لحركات الحفاظ على المناخ وجودة البيئة في العالم. وقبل أن يحل المساء يعلن نتنياهو تراجعه عن قرار تعيين شاربيت.

في التاسعة يدخل نتنياهو قاعة المحكمة المركزية في القدس، التي تعقد جلساتها في تل أبيب بطلب منه لأن الظروف الأمنية في قاعة المحكمة في القدس لا توفر له ما يكفي من أمان. وفي الجلسة يتولى محاميه استجوابه، للشهر الثاني على التالي، وهدفه إقناع المحكمة بأن الاتهامات ضده في الاحتيال وخيانة الأمانة وتلقي الرشى تهم مفبركة وغرضها إسقاط حكومته.

وبعد ست ساعات، ينتقل نتنياهو إلى مكتبه، حيث ينتظره محققو الشرطة من الوحدة 433 المتخصصة في الجرائم الكبرى، ويحققون معه في اتهامات أخرى موجهة لثلاثة من كبار مستشاريه، الذين كانوا اعتقلوا بتهمة التورط في الحصول على أموال من قطر لقاء جهدهم للترويج إلى قطر في إسرائيل وغرس مفاهيم تأييد لسياسة الدوحة، وبينها - حسب الشبهات الرسمية - التحريض على مصر بحجة أنها تعزز قواتها في سيناء وتتدرب على هجوم على إسرائيل.

بعد هذا التحقيق يتصل بعائلتين من عائلات المحتجزين الإسرائيليين لدى «حماس» للسؤال على أحوالهما، وصد الادعاءات بأن حكومته ليست مهتمة بشؤونهم، وأن اتهامه بإهمالهم والتضحية بهم هو افتراء مصدره «الدولة العميقة اليسارية».

بعد كل هذا، يخلد نتنياهو إلى النوم، حالماً - كما يقال - بنوم الأطفال من دون أي قلق أو أرق أو عذاب ضمير، بل برضى تام عن الذات.