توقّعات وتخمينات... حول من سيأتي بعد فرنسيس؟


ساحة القديس بطرس في الفاتيكان
ساحة القديس بطرس في الفاتيكان
TT
20

توقّعات وتخمينات... حول من سيأتي بعد فرنسيس؟


ساحة القديس بطرس في الفاتيكان
ساحة القديس بطرس في الفاتيكان

السـؤال الكبير الذي يرتسم، اليوم، في أفق الكنيسة الكاثوليكية لم يعد حول صحة البابا فرنسيس، بقدر ما هو حول ماذا بعد رحيله. ماذا سيبقى من إرث هذا الحبر الأعظم الذي كسر عشرات التقاليد التي كانت راسخة في السدة البابوية منذ قرون، وتحوّل بسرعة إلى قشعريرة سَرَت في جسد الكنيسة المترهلة تحت وطأة الجمود والفضائح والدسائس؟ ماذا سيكون موقف الكنيسة بعده من المهاجرين الذين يشكلون أبرز ظواهر هذا العصر، هو الذي غسل أرجلهم، أفارقة ومسلمين ومعتقلين؟

أحد الكرادلة المقرّبين من برغوليو يقول: «ماذا بعد فرنسيس؟ ثمة تغييرات عميقة حصلت منذ وصوله، ورياح جديدة تهبّ على الكنيسة وانفتاح غير مسبوق في أوساط الكوريا، لكن ليس واضحاً ما يمكن أن يحصل مع البابا الجديد». ويضيف: «الإجابة عند الناس وفي الذهنيات. لقد شهدنا مناقشات صارخة وخيبات متتالية، وعلينا أن ننتظر ونفكّر في الأمد البعيد».

في غضون ذلك، يستمر ماراثون المصلّين أمام مستشفى «جيميلّي» في العاصمة الإيطالية روما على وقْع البيانات الطبية المقتضبة التي تفيد عن وضع البابا الصحي. وتُواصل الدوائر الفاتيكانية أنشطتها كالمعتاد تحت العين الساهرة لوزير خارجية الكرسي الرسولي الكاردينال بارولين، الذي يتواصل يومياً مع فرنسيس. لكن ثمة مهامّ محددة لا يمارسها سوى البابا، مثل تعيين الأساقفة والكرادلة، والموافقة على إجراءات التطويب والتقديس وتوجيه المواعظ إلى المؤمنين مرتين في الأسبوع. وعندما يتعذّر على البابا أن يمارس مهامه حضورياً، تنتقل إدارة الكنيسة إلى كوريا روما، تحت إشراف وزير الخارجية الذي يدير الشؤون الدبلوماسية والإدارية، ويقوم مقام «رئيس حكومة الفاتيكان».

وفي أروقة الفاتيكان المُسربلة بالأسرار، بدأت تُسمَع التكهنات والترجيحات حول هوية البابا المقبل الذي يعتقد البعض أنه يجب أن «يعود» إيطالياً بعد ثلاثة باباوات «أجانب»، في حين يرى آخرون أن ثمة حظوظاً كبيرة في أن يكون أميركياً أو ناطقاً بالإسبانية يمثل ما لا يقل عن 40 في المائة من الكاثوليك في العالم.

كلمة أخيرة... لا بد منها في تقييم تجربة البابا فرنسيس، هي أن البعض يأخذون عليه أنه في بعض الملفات الشائكة، مثل التحرّش الجنسي، لم يذهب بعيداً في التدابير التطهيرية وإجراءات التحقيق والملاحقة وكشف الحقائق. وهذا، ربما لمعرفته بجسامة هذا الملف وتداعياته الضخمة المحتملة على صعيد السُّمعة والتعويضات المالية. ولكن، يقول المنتقدون أيضاً إن «الخطوات الخجولة»، والتعيينات التي قام بها، لم تمسّ البنية الأساسية. وبالتالي، كلها قد تذهب هباءً بعد رحيله إذا قرّر خلفُه ألا يتابعها والسير على خطاه.



«قسد»... النشأة والتحالفات والسيطرة وحربها مع تركيا

من معركة الباغوز (ا ف ب / رويترز)
من معركة الباغوز (ا ف ب / رويترز)
TT
20

«قسد»... النشأة والتحالفات والسيطرة وحربها مع تركيا

من معركة الباغوز (ا ف ب / رويترز)
من معركة الباغوز (ا ف ب / رويترز)

ظهرت ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) يوم 10 من أكتوبر (تشرين الأول) 2015 بعد مرور 4 أسنوات على اندلاع الحرب السورية بصفتها قوة عسكرية منظمة، وتحالفاً عسكرياً بين فصائل كردية وعربية ومسيحية. ولقد شكّلت ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية عمودها الفقري. وانضمت إلى «الوحدات» ميليشيا «قوات الصناديد» التابعة لقبيلة شمر العربية، إضافة إلى ميليشيا «المجلس السرياني العسكري» من المكوّن المسيحي، وفصائل أخرى أقل نفوذاً من مدينتي إدلب وحلب.

يمثل «قسد» سياسياً «حزب الاتحاد الديمقراطي»، من أبرز الجهات السياسية التي تدير الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا. ويُعد «مجلس سوريا الديمقراطية» الجناح السياسي للميليشيا، التي فرضت نفسها جهةً عسكرية بشمال شرقي البلاد، بعد انسحاب القوات النظامية الموالية للرئيس السوري بشار الأسد نهاية 2012، لإخماد الانتفاضة الشعبية المناوئة لنظام حكمه في مناطق أخرى.

تسيطر هذه الميليشيا راهناً على مساحة تقدّر بنحو 20 في المائة من الأراضي السورية، موزّعة على 3 محافظات، هي الحسكة ودير الزور (ريف دير الزور الشرقي والشمالي)، والرقّة (مركز مدينة الرقّة ومدينتي الطبقة والرصافة)، إلى جانب عين العرب (كوباني) في ريف حلب الشرقي، وحيّي الشيخ مقصود والأشرفية داخل مدينة حلب. وفيها أنشأت «قسد» هيئات حكم مدنية ومجالس محلية مستقلة عن حكومة دمشق، وهي تسيطر حالياً على أبرز حقول النفط والطاقة والغاز بأرياف محافظتي دير الزور والحسكة.

لكن في المقابل، خسرت الميليشيا مدينة عفرين عام 2018 ومدينتي رأس العين وتل أبيض عام 2019 لصالح فصائل مسلحة موالية لتركيا.

منذ تأسيس التحالف الدولي لمحاربة «داعش» بقيادة الولايات المتحدة بنهاية 2014، لعبت «قسد» دوراً بارزاً في هزيمته بريف محافظة حلب، ثم مدينة الرقة وريف دير الزور، وقضت على سيطرة التنظيم العسكرية والجغرافية على شرقي سوريا في معركة الباغوز في مارس (آذار) 2019.

لدى «قسد» أسلحة ثقيلة بينها ناقلات جنود ومدافع هاون ورشاشات ثقيلة وأسلحة متوسطة وخفيفة، إلى ذخائر ومدرعات ومدافع حصلت عليها من «التحالف» وغنمتها خلال المعارك. وكانت أعلنت خلال حربها في محور سد تشرين بريف حلب ضد الفصائل الموالية لتركيا والهجمات الجوية إنها تمتلك طائرات مسيّرة من دون طيار.

تعرّف الميليشيا عن نفسها في نظامها الداخلي بأنها «قوات وطنية تعمل على الدفاع عن حدود الوطن والمجتمع ضد أيّ اعتداء خارجي»، و«تتعاون مع قوات التحالف والقوّات الصديقة والحليفة في مكافحة الإرهاب في سوريا».

أما هيكليتها العسكرية، فتتشكل من 20 مجلساً وقيادة عامة يترأسها مظلوم عبدي، ويقدر عددها بنحو 100 ألف مقاتل، بينهم 30 ألف عنصر من «قوات الأمن الداخلي» (الأسايش)، وهي ثاني قوة عسكرية منضبطة مسيطرة بعد الجيش السوري، كما أنها خضعت لدورات الجيوش النظامية وتلقت تدريبات من خبراء ومختصين من الجيش الأميركي ودول غربية وعربية، ولديها قيادة هرمية تتوزع على وحدات وأفواج وقطع عسكرية، وتمتلك مقار ونقاطاً عسكرية ووحدات سكنية شيدت بدعم من قوات التحالف الدولية المناهض لـ«داعش».