بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها
القاهرة:«الشرق الأوسط»
TT
القاهرة:«الشرق الأوسط»
TT
بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها
خطفت بوتسوانا (بتشوانالاند سابقاً) أنظار العالم منذ أشهر باكتشاف ثاني أكبر ماسة في العالم، بيد أن أنظار المراقبين تخاطفت الإعجاب مبكراً بتلك الدولة الأفريقية الحبيسة، بفضل نموذجها الديمقراطي النادر في قارتها، وأدائها الاقتصادي الصاعد.
قد يكون هذا الإعجاب سجل خفوتاً في مؤشراته، خصوصاً مع موجة ركود وبطالة اجتاحت البلاد منذ سنوات قليلة، إلا أنه يبحث عن استعادة البريق مع رئيس جديد منتخب ديمقراطياً.
على عكس الكثير من دول «القارة السمراء»، لم تودّع بوتسوانا حقبة الاستعمار عام 1966 بمتوالية ديكتاتوريات وانقلابات عسكرية، بل اختارت صندوق الاقتراع ليفرز برلماناً تختار أغلبيته الرئيس. وأظهر أربعة من زعماء بوتسوانا التزاماً نادراً بالتنحي عن السلطة بمجرد استكمال مدّد ولايتهم المنصوص عليها دستورياً، بدءاً من كيتوميلي ماسيري، الذي خلف «السير» سيريتسي خاما عند وفاته في منصبه بصفته أول رئيس لبوتسوانا. وهذا التقليد الذي يصفه «مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية» بأنه «مثير للإعجاب»، جنت بوتسوانا ثماره أخيراً بانتقال سلمي للسلطة إلى الحقوقي والمحامي اليساري المعارض دوما بوكو.
انتصار بوكو جاء بعد معركة شرسة مع الرئيس السابق موكغويتسي ماسيسي ومن خلفه الحزب الديمقراطي... الذي حكم البلاد لمدة قاربت ستة عقود.
ويبدو أن تجربة تأسيس الحزب الديمقراطي من زعماء قبائل ونُخَب أوروبية كانت العلامة الأهم في رسم المسار الديمقراطي لبوتسوانا، عبر ما يعرف بـ«الإدماج الناعم» لهؤلاء الزعماء القبليين في بنية الدولة. لكن المفارقة كانت «الدور الإيجابي للاستعمار في هذا الشأن»، وفق كلام كايلو موليفي مُستشار الديمقراطية في مكتب رئيس بوتسوانا السابق للإذاعة السويسرية. وتكمن كلمة السر هنا في «كغوتلا»، فبحسب موليفي، اختار البريطانيون الحُكم غير المُباشر، عبر تَرك السلطة للقادة القبليين لتسيير شؤون شعبهم، من دون التدخل بهياكل الحكم التقليدية القائمة.
نظام «كغوتلا» يقوم على «مجلس اجتماعي»، ويحق بموجبه لكل فرد التعبير عن نفسه، بينما يناط إلى زعيم القبيلة مسؤولية التوصل إلى القرارات المُجتمعية بتوافق الآراء. ووفق هذا التقدير، قاد التحالف البلاد إلى استقرار سياسي، مع أنه تعيش في بوتسوانا 4 قبائل أكبرها «التسوانا» - التي تشكل 80 في المائة من السكان وهي التي أعطت البلاد اسمها -، بجانب «الكالانغا» و«الباسار» و«الهرو».
وإلى جانب البنية الديمقراطية ودور القبيلة، كان للنشأة الحديثة للجيش البوتسواني في حضن الديمقراطية دور مؤثر في قطع الطريق أمام شهوة السلطة ورغباتها الانقلابية، بفضل تأسيسه في عام 1977 وإفلاته من صراعات مع الجيران في جنوب أفريقيا وزيمبابوي وناميبيا.
على الصعيد الاقتصادي، كان الاستعمار البريطاني سخياً – على نحو غير مقصود – مع بوتسوانا في تجربة الحكم، إلا أنه تركها 1966 سابع أفقر دولة بناتج محلي ضئيل وبنية تحتية متهالكة، أو قل شبه معدومة في بعض القطاعات.
مع هذا، انعكس التأسيس الديمقراطي، وفق محللين، على تجربة رئيسها الأول «السير» سيريتسي خاما؛ إذ مضى عكس اتجاه الرياح الأفريقية، منتهجاً نظام «رأسمالية الدولة»، واقتصاد السوق، إلى جانب حرب شنَّها ضد الفساد الإداري.
على صعيد موازٍ، أنعشت التجربة البوتسوانية تصدير اللحوم، كما عزّز اكتشاف احتياطيات مهمة من المعادن - لا سيما النحاس والماس - الاقتصاد البوتسواني؛ إذ تحتضن بلدة أورابا أكبر منجم للماس في العالم.
ثم إنه، خلال العقدين الأخيرين، جنت بوتسوانا - التي تغطي صحرء كالاهاري 70 في المائة من أرضها - ثمار سياسات اقتصادية واعدة؛ إذ قفز متوسط الدخل السنوي للمواطن البوتسواني إلى 16 ألف دولار أميركي مقابل 20 دولاراً، بإجمالي ناتج محلي بلغ 19.3 مليار دولار، وفق أرقام البنك الدولي. كذلك حازت مراكز متقدمة في محاربة الفساد بشهادة «منظمة الشفافية العالمية». ومع أن الرئيس البوتسواني المنتخب تسلم مهام منصبه هذا الأسبوع في ظل مستويات بطالة مرتفعة، وانكماش النشاط الاقتصادي المدفوع بانخفاض الطلب الخارجي على الماس، إلا أن رهان المتابعين يبقى قائماً على استعادة الماسة البوتسوانية بريقها.
يأتي فوز دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية وعودته الوشيكة إلى البيت الأبيض يوم يناير (كانون الثاني) 2025 نقطة تحوّل مهمة وسط اضطرابات غير عادية في
لا يختلف متابعو ملفات انتقال السلطة في أفريقيا، على أن العناد مفتاح سحري لشخصية المحامي والحقوقي اليساري دوما بوكو (54 سنة)، الذي أصبح رئيساً لبوتسوانا،
شيغيرو إيشيبا... رئيس وزراء اليابان الجديد يعدّ العدة لتجاوز الهزيمة الانتخابية الأخيرةhttps://aawsat.com/%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%82/%D8%AD%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%A8%D9%88%D8%B9/5077312-%D8%B4%D9%8A%D8%BA%D9%8A%D8%B1%D9%88-%D8%A5%D9%8A%D8%B4%D9%8A%D8%A8%D8%A7-%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D9%88%D8%B2%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D9%8A%D8%B9%D8%AF%D9%91-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D8%A9-%D9%84%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D9%88%D8%B2-%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%B2%D9%8A%D9%85%D8%A9
شيغيرو إيشيبا... رئيس وزراء اليابان الجديد يعدّ العدة لتجاوز الهزيمة الانتخابية الأخيرة
إيشيبا
الأحداث المتلاحقة والمتسارعة في اليابان شرعت أخيراً الأبواب على كل الاحتمالات، ولا سيما في أعقاب حدوث الهزيمة الانتخابية التي كانت مرتقبة للحزب الديمقراطي الحر الحاكم. هذه الهزيمة جاءت إثر تبديل «استباقي» في زعامة الحزب المحافظ - المهيمن على السلطة في اليابان معظم الفترة منذ الخمسينات - في أعقاب قرار رئيس الحكومة السابق فوميو كيشيدا الاستقالة (حزبياً ومن ثم حكومياً) في أعقاب التراجع الكبير في شعبية الحزب، وتولّي غريمه الحزبي الأبرز شيغيرو إيشيبا المنصبَين. ومن ثم، دعا إيشيبا بنهاية سبتمبر (أيلول) الماضي إلى إجراء انتخابات عامة عاجلة ومبكّرة يوم 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عن إجراء انتخابات عاجلة، انتهت بفقدان الائتلاف الحاكم المكوّن من الديمقراطيين الأحرار وحليفه حزب «كوميتو» الغالبية البرلمانية.
ألحق الناخبون اليابانيون الأحد الماضي هزيمة مؤلمة بالحزب الديمقراطي الحر، الذي هيمن مع استثناءات قليلة على حكم البلاد منذ عام 1955، وكانت هزيمته الأخيرة الأولى له التي تفقده الغالبية المطلقة في مجلس النواب منذ 15 سنة. وهنا، يتفق المراقبون على أن الحزب المحافظ والكبير النفوذ إنما حصد نقمة الشارع وغضبه بسبب التضخم المتصاعد والتباطؤ الاقتصادي وضعف قيمة العملة الوطنية «الين»، ناهيك من الفضائح المالية التي تورّطت بها قيادات حزبية، وصلات بعض الأعضاء بـ«كنيسة التوحيد» (الحركة المونية). وهكذا أخفق الحزب مع حليفه الصغير في جمع ما هو أكثر من 215 مقعداً من أصل 465 في حين كانت الغالبية المطلقة تحتاج إلى 233 مقعداً.
نكسة مبكرة للزعيم الجديد
هذه الهزيمة المريرة شكّلت أيضاً نكسة كبرى ومبكرة لزعيم الحزب ورئيس الوزراء الجديد شيغيرو إيشيبا، الذي أخفق رهانه بامتصاص النقمة الشعبية وترسيخ موقعه عبر الانتخابات المبكّرة.
وحقاً، أعلن إيشيبا في أول تعليق له على النتيجة نقلته شبكة «سي إن إن» الأميركية، أن الناخبين «أصدروا حكماً قاسياً» بحق حزبه الذي عليه أن «يأخذه بجدية وامتثال». لكنه أردف أنه لا يعتزم التنحي من رئاسة الحكومة، موضحاً «بالنسبة لي، فإنني سأعود إلى نقطة البداية، وأسعى للدفع قدماً بتغييرات داخل هيكل الحزب، وتغييرات أخرى أعمق لمواجهة الوضع السياسي». وفي حين ذكر إيشيبا أنه ليس لدى الحزب أي فكرة جاهزة لتحالف جديد فإن كل سياسات الحزب ستكون مطروحة على بساط البحث.
بطاقة هوية
وُلد شيغيرو إيشيبا يوم 4 فبراير (شباط) 1957 لعائلة سياسية مرموقة، مثله في ذلك الكثير من ساسة الحزب الديمقراطي الحر. إذ إن والده جيرو إيشيبا كان محافظاً لإقليم توتوري، الريفي القليل السكان بجنوب غرب اليابان، بين عامي 1958 و1974، قبل أن تُسند إليه حقيبة وزارة الداخلية. من الناحية الدينية، رئيس الوزراء الحالي مسيحي بروتستانتي تلقى عمادته في سن الـ18 في توتوري، كما أن جد أمّه قسٌّ من روّاد المسيحية في اليابان.
تلقّى شيغيرو دراسته الجامعية وتخرّج مجازاً بالحقوق في جامعة كييو، إحدى أعرق جامعات اليابان الخاصة، ومقرها العاصمة طوكيو، وفيها التقى زوجته المستقبلية يوشيكو ناكامورا، وهما اليوم والدان لابنتين.
وبعد التخرّج توظّف في مصرف «ميتسوي»، قبل أن يسير على خُطى والده فيدخل ميدان السياسة بتشجيع من صديق والده ورئيس الوزراء الأسبق كاكوي تاناكا (1972 - 1974).
وبالفعل، انتُخب وهو في سن التاسعة والعشرين، عام 1986، نائباً عن الديمقراطيين الأحرار في البرلمان (مجلس النواب) عن دائرة توتوري الموسّعة حتى عام 1996، ثم عن دائرة توتوري الأولى منذ ذلك الحين وحتى اليوم. وعُرف عنه طوال هذه الفترة اهتمامه ودرايته بملفّي الزراعة والسياسة الدفاعية. وحقاً، خدم لفترة نائباً برلمانياً لوزير الزراعة في حكومة كييتشي ميازاوا.
مسيرة سياسية مثيرة
في واقع الأمر، لم تخلُ مسيرة شيغيرو إيشيبا السياسية من الإثارة؛ إذ تخللها ليس فقط الترّقي في سلّم المناصب باتجاه القمّة، بل شهدت أيضاً مواقف اعتراضية واستقلالية وضعته غير مرة في مسار تصادمي مع حزبه وحزب والده.
في عام 1993، خرج من صفوف حزبه الديمقراطي الحر ليلتحق بحزب «تجديد اليابان» الذي أسسته قيادات منشقة عن الحزب بقيادة تسوتومو هاتا (رئيس الوزراء عام 1994) وإيتشيرو أوزاوا (وزير داخلية سابق) حتى عام 1994. ثم انتقل إلى حزب «الحدود الجديدة» الذي أُسس نتيجة اندماج «تجديد اليابان» مع قوى أخرى، وفيه مكث بين 1994 و1996، وبعدها ظل نائباً مستقلاً إلى أن عاد إلى صفوف الديمقراطيين الأحرار ويستأنف ضمن إطار الحزب الكبير ترقّيه السياسي السريع ضمن قياداته.
في أعقاب العودة عام 1997، تبوّأ إيشيبا عدداً من المسؤوليات، بدأت بمنصب المدير العام لوكالة الدفاع – أي حقيبة وزير الدفاع منذ أواخر 2007 –. ولقد شغل إيشيبا منصب وزير الدفاع بين عامي 2007 و2008 في حكومتي جونيتشيرو كويزومي وياسوو فوكودا، ثم عُيّن وزيراً للزراعة والغابات والثروة السمكية في حكومة تارو آسو بين 2008 و2009. وكذلك، تولّى أيضاً منصب الأمين العام للحزب الديمقراطي الحر بين 2012 و2014.
مع الأخذ في الاعتبار هذه الخلفية، كان طبيعياً أن يدفع طموح إيشيبا الشخصي هذا السياسي الجريء إلى التوق لخوض التنافس على زعامة الحزب، وبالتالي، رئاسة الحكومة.
بالمناسبة، جرّب شيغيرو إيشيبا حظه في الزعامة مرّات عدة. وكانت المرة الأولى التي يرشح نفسه فيها عام 2008 إلا أنه في تلك المنافسة احتل المرتبة الخامسة بين المتنافسين. بعدها رشح نفسه عامي 2012 و2018، وفي المرتين كان غريمه رئيس الوزراء الأسبق الراحل شينزو آبي... «وريث» اثنتين من السلالات السياسية اليابانية البارزة، والزعيم الذي شغل منصب رئاسة الحكومة لأطول فترة في تاريخ المنصب.
ثم في أعقاب استقالة آبي (الذي اغتيل عام 2022) لأسباب صحية عام 2020، رشّح إيشيبا نفسه، إلا أنه خسر هذه المرة وجاء ثالثاً، وذهبت الزعامة ورئاسة الحكومة ليوشيهيدي سوغا. وفي العام التالي، بعدما أحجم إيشيبا عن خوض المنافسة، فاز الزعيم ورئيس الحكومة السابق السابق فوميو كيشيدا. بيد أن الأخير قرّر في أغسطس (آب) أنه لن يسعى إلى التجديد الموعد المقرر في سبتمبر (أيلول). وهكذا، بات لا بد من الدعوة إلى إجراء انتخابات الزعامة الأخيرة التي فاز بها إيشيبا، متغلباً بفارق بسيط وفي الدورة الثانية على منافسته الوزيرة اليمينية المتشدّدة ساني تاكاييشي، التي كانت تصدرت دور التصويت الأولى. وهكذا، صار زعيماً للحزب الديمقراطي الحر ومرشحه لرئاسة الحكومة الرسمي، وعلى الأثر، اختاره مجلس النواب رئيساً للوزراء في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) المنصرم.
أفكاره ومواقفه
على الرغم من طول بقاء إيشيبا في قلب الحلبة السياسية، فإن طبيعته الاستقلالية، عقّدت أمام المحللين وضعه في خانة واضحة. فهو تارة يوصف بأنه وسطي ليبرالي، تارة أخرى يوصف بـ«الإصلاحي»، وفي أحيان كثيرة يُعرّف بأنه يميني محافظ، بل متشدد. ومما لا شك فيه، أن طبيعة تركيبة الحزب الديمقراطي الحرّ، القائمة على أجنحة تسمح بتعدّد الولاءات الشخصية وتوارثها داخل أروقة تلك الأجنحة، وهذا من دون أن ننسى أن بداية الحزب نفسه جاءت من اندماج حزبين محافظين هما الحزب الحر (الليبرالي) والحزب الديمقراطي الياباني عام 1955.
على المستوى الاجتماعي، أبدى إيشيبا مواقف متحررة في عدد من القضايا بما في ذلك تأييده شخصياً زواج المثليين، كما أنه من مؤيدي ترك الخيار لكل من الزوجين بالاحتفاظ بالاسم الأصلي قبل الزواج. أما على الصعيد الاقتصادي، وتأثراً بكونه ممثلاً لمنطقة ريفية قليلة السكان، فإنه أبدى ولا يزال اهتماماً كبيراً بالتناقص السكاني وضرورة الاهتمام بالاقتصاد الريفي؛ ما يعني العمل على تقليص الفوارق بين الحواضر الغنية والأرياف الفقيرة.
لم تخلُ مسيرة إيشيبا السياسية من الإثارة... إذ اتخذ مواقف اعتراضية واستقلالية
وضعته أكثر من مرة في مسار تصادمي مع حزبه
السياسة الدولية
في ميدان العلاقات الخارجية والسياسة الدولية، تُعرف عن إيشيبا مواقفه المتشددة المتوافقة مع أفكار التيار المحافظ داخل الحزب الحاكم، وبالأخص إزاء التصدي لخطر نظام كوريا الشمالية وقضية تايوان، حيث يقف بقوة بجانب نظامها الديمقراطي في وجه التهديد الصيني.
وفيما يتعلق بالعلاقات مع الولايات المتحدة، حليف اليابان الأكبر، رأى رئيس الوزراء الحالي قبل أشهر أن سبب إحجام واشنطن عن الدفاع هو أن أوكرانيا ليست عضواً في حلف دفاع مشترك مثل حلف شمال الأطلسي (ناتو). واستطراداً، في ربط الوضع الأوكراني بحالة تايوان، يعتبر إيشيبا أن تأسيس حلف أمني آسيوي خطوة ضرورية لردع أي هجوم صيني على تايوان، لا سيما في «التراجع النسبي» في القوة الأميركية.
وفي التصور الذي عبَّر عنه إيشيبا بـ«ناتو» آسيوي يواجه تهديدات روسيا والصين وكوريا الشمالية، يجب أن يضم الحلف العتيد دولاً غربية وشرقية منها فرنسا، وبريطانيا وألمانيا، وكذلك الهند، والفلبين، وكوريا الجنوبية، وأستراليا وكندا.
من جهة ثانية، تطرّق إيشيبا خلال الحملة الانتخابية إلى التحالف الأميركي - الياباني، الذي وصفه بأنه «غير متوازٍ» ويحتاج بالتالي إلى إعادة ضبط وتوازن. وكان في أول مكالمة هاتفية له بعد ترؤسه الحكومة اليابانية مع الرئيس الأميركي جو بايدن، أعرب عن رغبته في «تعزيز الحلف» من دون أن يعرض أي تفاصيل محددة بهذا الشأن، ومن دون التطرق إلى حرصه على إجراء تغييرات في الاتفاقيات الثنائية كي يتحقق التوازن المأمول منها.
التداعيات المحتملة للنكسة الانتخابية الأخيرة
في أي حال، نكسة الحزب الديمقراطي الحر في الانتخابات العامة الأخيرة تفرض على شيغيرو إيشيبا «سيناريو» جديداً ومعقّداً... يبداً من ضمان تشكيلة حكومة موسّعة تخلف حكومته الحالية، التي لا تحظى عملياً بتفويض شعبي كافٍ. وهذا يعني الانخراط بمساومات ومفاوضات مع القوى البرلمانية تهدف إلى تذليل العقبات أمامه.
المهمة ليست سهلة حتماً، لكن خبرة الساسة اليابانيين التقليديين في التفاوض والمساومات أثبت فعالياتها في مناسبات عدة، بما فيها الفضائح وانهيار التحالفات، وكانت دائماً تثمر عقد صفقات طارئة حتى مع القوى المناوئة.
حقائق
رؤساء وزارات اليابان منذ نهاية الحرب العالمية الثانية
في عام 1955، أي بعد مرور عقد من الزمن على هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، التقى حزبان سياسيان يمينيان وتفاهما على الاندماج في حزب تحوّل ما يشبه الظاهرة في الأنظمة الديمقراطية في العالم.الحزبان المقصودان هما الحزب الحر (أو الحزب الليبرالي) والحزب الديمقراطي الياباني، ولقد نتج من هذا الاندماج الحزب الديمقراطي الحر، الذي هيمن على مقدرات السياسة اليابانية منذ ذلك الحين باستثناء خمس سنوات، فقط خسر فيها السلطة لقوى معارضة أو منشقة عنها. وطوال الفترة التي تقرب من 70 سنة خرج من قادة الحزب الكبير زعماء نافذون رسخوا الاستقرار ورعوا الاستمرارية وأسهموا، بالتالي، في تحقيق «المعجزة الاقتصادية» اليابانية المبهرة.وفيما يلي، أسماء رؤساء الحكومات التي تولت السلطة منذ منتصف الخمسينات:- الأمير ناروهيكو هيغاشيكوني (من الأسرة المالكة) 1945- البارون كوجيرو شيديهارا (مستقل) 1945 – 1946- شيغيرو يوشيدا (الحزب الحر) 1946 – 1947- تيتسو كاتاياما (الحزب الاشتراكي) 1947 – 1948- هيتوشي آشيدا (الحزب الديمقراطي) 1948- شيغيرو يوشيدا (الحزب الديمقراطي الليبرالي / الحزب الحر) 1948 – 1954- إيتشيرو هاتاياما (الحزب الديمقراطي الياباني / الحزب الديمقراطي الحر) 1954 – 1956- تانزان إيشيباشي (الحزب الديمقراطي الحر) 1956 – 1957- نوبوسوكي كيشي (الحزب الديمقراطي الحر) 1957 – 1960- هاياتو إيكيدا (الحزب الديمقراطي الحر) 1960 – 1964- إيساكو ساتو (الحزب الديمقراطي الحر) 1964 – 1972- كاكوي تاناكا (الحزب الديمقراطي الحر) 1972 – 1974- تاكيو ميكي (الحزب الديمقراطي الحر) 1974 – 1976- تاكيو فوكودا (الحزب الديمقراطي الحر) 1976 – 1978- ماسايوشي أوهيرا (الحزب الديمقراطي الحر) 1978 – 1980- زينكو سوزوكي (الحزب الديمقراطي الحر) 1980 – 1982- ياسوهيرو ناكاسوني (الحزب الديمقراطي الحر) 1982 – 1987- نوبورو تاكيشيتا (الحزب الديمقراطي الحر) 1987 – 1989- سوسوكي أونو (الحزب الديمقراطي الحر) 1989- توشيكي كايفو (الحزب الديمقراطي الحر) 1989 – 1991- كيئيتشي ميازاوا (الحزب الديمقراطي الحر) 1991 – 1993- موريهيرو هوسوكاوا (الحزب الياباني الجديد) 1993 – 1994- تسوتومو هاتا (حزب «تجديد اليابان») 1994- توميئيتشي موراياما (الحزب الاشتراكي) 1994 – 1996- ريوتارو هاشيموتو (الحزب الديمقراطي الحر) 1996 – 1998- كايزو أوبوتشي (الحزب الديمقراطي الحر) 1998 – 2000- يوشيرو موري (الحزب الديمقراطي الحر) 2000 – 2001- جونيتشيرو كويزومي (الحزب الديمقراطي الحر) 2001 – 2006- شينزو آبي (الحزب الديمقراطي الحر) 2006 – 2007- ياسوو فوكودا (الحزب الديمقراطي الحر) 2007 – 2008- تارو آسو (الحزب الديمقراطي الحر) 2008 – 2009- يوكيو هاتوياما (الحزب الديمقراطي الياباني) 2009 – 2010- ناوتو كان (الحزب الديمقراطي الياباني) 2010 – 2011- يوشيهيكو نودا (الحزب الديمقراطي الياباني) 2011 – 2012- شينزو آبي (الحزب الديمقراطي الحر) 2012 – 2020- يوشيهيدي سوغا (الحزب الديمقراطي الحر) 2020 – 2021- فوميو كيشيدا (الحزب الديمقراطي الحر) 2021 – 2024- شيغيرو إيشيبا (الحزب الديمقراطي الحر) 2024.....