الأردن... رئيس لا يجامل في مواجهة مجلس نواب برؤوس حامية

قراءة في تشكيلة الحكومة الأردنية الجديدة

تشكيلة الحكومة الأردنية الجديدة بحضور الملك عبدالله الثاني (وكالة الأنباء الأردنية بترا)
تشكيلة الحكومة الأردنية الجديدة بحضور الملك عبدالله الثاني (وكالة الأنباء الأردنية بترا)
TT

الأردن... رئيس لا يجامل في مواجهة مجلس نواب برؤوس حامية

تشكيلة الحكومة الأردنية الجديدة بحضور الملك عبدالله الثاني (وكالة الأنباء الأردنية بترا)
تشكيلة الحكومة الأردنية الجديدة بحضور الملك عبدالله الثاني (وكالة الأنباء الأردنية بترا)

لم يُفسّر أحد «قلة اكتراث» الشارع الأردني أمام حدثين مهمين على المستوى المحلي: إذ بعد نتائج الانتخابات النيابية التي أُجريت في العاشر من سبتمبر (أيلول) الحالي وجاءت نتائجها بعكس جميع التوقعات الرسمية، تشكلت حكومة جديدة مُشبعة بمفارقات عدة، بدءاً من اختيار الرئيس، وليس انتهاءً بخريطة التشكيل سياسياً وديموغرافياً وجغرافياً. وحقاً، لم ينشغل أحد سوى الإعلام ونخبه السياسية ببث تحليلات متناقضة بين التبشير ونقص التفاؤل بالمرحلة. إذ يُعتقد وسط النخب أن جبهة المواجهة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية مقبلة، لا سيما وأن اختيار الفريق الوزاري سبق انعقاد مجلس الأمة ليصادر معه طموحات النواب الحزبيين بأن يكون لهم تأثير في اختيار الوزراء من بوابة «المشاورات» - التي درجت أحياناً ويعتبرها البعض «شكلية»، - الأمر الذي قلّص مساحات نفوذ الأحزاب الطامحة أمام منتسبيها والرأي العام.

اختيار جعفر حسّان رئيساً للحكومة الأردنية الجديدة كان مفاجأة لم تتوقعها الأوساط السياسية؛ كونه «رجل ظل مؤثراً» في صناعة القرارات السياسية والاقتصادية خلف الكواليس، وذلك من خلال خدمته في فترتين مديراً للمكتب الخاص للعاهل الأردني (الفترة الأولى من 2014 - 2018، والفترة الثانية من عام (2021 - 2024)، بل، حتى وهو وزير في 6 حكومات، عُرف عنه زهده الإعلامي.

المقربون من حسّان يصفونه بأنه حاد الطباع، وإن خفتت هذه الصفة إبّان خدمته الأخيرة بالقصر الملكي. وهو منتظم بالعمل لساعات طويلة لدرجة يرهق معها مَن حوله، ثم أنه محسوب على نخب الاقتصاد أكثر من نخب السياسة، وقريب من تيار ينتمي إلى فكرة الإصلاحات الشاملة في البلاد، وهو التيار الذي أثّر بحسّان خلال فترته الثانية في خدمة الملك عبد الله الثاني.

أشبه بـ«تعديل موسّع»

لم تأتِ حكومة جعفر حسّان التي أدت اليمين الدستورية يوم 18 سبتمبر (أيلول) الحالي بأسماء من خارج صندوق الخيارات التقليدية؛ ما دفع بعض النقاد إلى اعتبار التشكيل أشبه بـ«تعديل موسع» على حكومة بشر الخصاونة، التي استقالت غداة إعلان النتائج النهائية لانتخابات أعضاء مجلس النواب في الجريدة الرسمية. ويأتي ذلك انسجاماً من أعراف أردنية تتعلق بمشاورات مراكز القرار المدنية والأمنية، وحسابات الجغرافيا والمحاصصة.

ولقد تحصّنت حكومة حسّان في تشكيلتها الجديدة بخبرات بيروقراطية وخبرات نيابية ونقابيّة سابقة تأهباً لـ«المواجهة المرتقبة» مع مجلس النواب الذي سيتعامل مع استحقاقين دستوريين في مطلع عهده، هما: مناقشة البيان الحكومي والتصويت على الثقة، واستحقاق مناقشة وإقرار قانون الموازنة العامة المُثقل بأرقام العجز وارتفاع سقوف خدمة المديونية الخارجية والداخلية. وكذلك سيتعامل مع مطالبات نيابية موسمية تُطالب بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل، ومطالب اقتصادية لم يعد بإمكان الحكومات الاستجابة لها في ظل تنامي أرقام المديونية العامة وعجز الموازنة. وفضلاً عن هذا وذاك، فإن الرئيس الجديد المعروف عنه اقتصاده في المجاملة سيواجه بنواب عُرف عنهم الإسراف في المطالبات الخدمية.

من جهة ثانية، جاء احتفاظ حسّان بحقائب لعدد من الأصدقاء المقربين منه - وهو واقع استقرت عليه الأعراف السياسية في البلاد من حيث الاستعانة بالمعارف والثقات في اختيار الوزراء - فإنه لم يستطع تجاوز أسماء خلال الـ48 ساعة الماضية التي سبقت إعلان تشكيلة فريقه الوزاري، ولقد خصّ في تشكيلته ثلاثة أحزاب فقط من التي نجحت في الانتخابات الأخيرة.

قراءات أولية يصعب التنبؤ بنتائجها

استدعى جعفر حسّان من الخبرات النيابية السابقة كلاً من: المحامي عبد المنعم العودات، رئيس مجلس النواب الأسبق ورئيس اللجنة القانونية لدورات عدة، ليكون وزيراً للشؤون السياسية والبرلمانية، وخالد البكار، النائب السابق لدورات عدة وعضو مجلس الأعيان وزيراً للعمل، وخير أبو صعيليك، النائب السابق لدورات عدة ورئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب لدورات عدة وزير دولة لتطوير القطاع العام. كذلك استعان حسّان بمصطفى الرواشدة، عضو مجلس الأعيان وأول نقيب لنقابة المعلمين (المُعطل عملها بموجب قرار قضائي) في البلاد وزيراً للثقافة، والنائب السابق يزن شديفات وزيراً للشباب.

جرى استدعاء هؤلاء في مواجهة مجلس النواب الجديد، بكتله الحزبية الوازنة التي تتقدّمها كتلة حزب «جبهة العمل الإسلامي»، كتلة «المعارضة الحرجة» الممثلة بـ31 مقعداً، إلا أن ما ينقصهم في خبرة العمل الحكومي، قد يعوّضه الوزير العائد والمحسوب على تيار البيروقراط الرسمي المهندس وليد المصري الذي عيّن وزيراً للإدارة المحلية. وكان المصري قد خدم رئيساً لبلدية إربد الكبرى، ثاني أكبر بلديات المملكة، ثم وزيراً في حكومات متعاقبة، ولقد نجح في تفريق جبهات المعارضة النيابية في ملفات عدة أيام مشاركته في حكومات عبد الله النسور، وهاني الملقي وعمر الرزاز خلال السنوات بين 2013 و2019.

وبين الخطوات المهمة كان الإبقاء على أيمن الصفدي، الوزير الأكثر شعبية في الحكومة السابقة بسبب تصريحاته القاسية تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة وموقفه المعادي لحكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية، نائباً للرئيس ووزيراً للخارجية، وأيضاً الاستعانة بعضو مجلس الأعيان محمد المومني صاحب لقب «أطول وزراء الإعلام بقاءً»؛ إذ عمل وزيراً خلال السنوات (2013 - 2018) مسجلاً حضوراً لافتاً في عدد من الأحداث الأمنية والسياسية التي عاشتها البلاد، ومعروف عنه دقة تصريحاته، ودبلوماسيته العالية في الإجابة عن أسئلة الصحافيين.

الأحزاب في البرلمان

وكما سبقت الإشارة، جاءت تشكيلة حكومة الرئيس حسّان كـ«أمر واقع» وفق موعد تكليفه، لتتجاوز فكرة المشاورات النيابية الحزبية غير المُلزمة؛ الأمر الذي ترك ظلالاً على فرص تشكيل حكومة «توافقات حزبية». وهذا ما يؤيده مناصرو فكرة منع «حرق المراحل»؛ إذ من المبكّر الذهاب لهذا الخيار في ظل غياب غالبية حزبية مؤثرة نيابياً. وبين المفارقات الرقمية والمحاصصات التقليدية ما يلي:

أولاً- توزّعت جغرافيا اختيار الفريق الحكومي تبعاً للتقاليد المحلية، فحظي شمال المملكة بحصة وازنة من الحقائب، وتمثل الجنوب بخمس حقائب وزارية، وكان للوسط حصة أعلى في الحقائب مما كان له في الحكومة السابقة، وذلك لصالح محافظتي العاصمة والبلقاء، في حين بقيت أرقام «كوتات» الشركس والمسيحيين من دون ارتفاع. وتَسقط هذه الحسابات إلا من جلسات النميمة السياسية في البلاد، بيد أنها لن تؤثر في ارتفاع منسوب النقاش المجتمعي بسبب ابتعاد الأردنيين عن سجالات المحاصصة والجهوية إذا كان أداء الفريق الوزاري جاداً في حل الأزمات الاقتصادية المتراكمة.

ثانياً - انخفض عدد النساء في الحكومة الجديدة إلى 5 سيدات، ولقد توزّعن على وزارات السياحة التي أسندت إلى لينا عناب، والتخطيط والتعاون الدولي لزينة طوقان، والتنمية الاجتماعية لوفاء بني مصطفى، والنقل لوسام التهتموني. وبقيت نانسي نمروقة في الحكومة الجديدة، لكن كوزيرة الدولة للشؤون الخارجية بعدما كانت تشغل حقيبة وزارة الدولة للشؤون القانونية في الحكومة السابقة. وفي المقابل، خرجت من الحكومة وزيرة الاستثمار خلود السقّاف، ووزيرة العمل ناديا الروابدة، ووزيرة الثقافة هيفاء النجار.

ثالثاً - أبقت الحكومة الجديدة على وزراء الخارجية أيمن الصفدي، والتربية والتعليم والتعليم العالي عزمي محافظة، ووزير الداخلية مازن الفراية، ووزير الأشغال ماهر أبو السمن، ووزير المياه رائد أبو السعود، والزراعة خالد حنيفات، والطاقة صالح الخرابشة، والأوقاف محمد الخلايلة، والصحة فراس الهواري، والبيئة خالد الردايدة، إضافة إلى الوزيرات الخمس. في حين انتقلت وزارة الإدارة المحلية من الوزير المخضرم توفيق كريشان إلى وليد المصري، والاتصال الحكومي من مهند مبيّضين إلى محمد المومني، ووزارة المالية من محمد العسعس لأمينها العام عبد الحكيم الشبلي، ووزارة الدولة للشؤون القانونية من نانسي نمروقة إلى فياض القضاة رئيس ديوان التشريع والرأي، ووزارة الدولة لشؤون رئاسة الوزراء من إبراهيم الجازي إلى عبد الله العدوان، ووزارة الدولة من وجيه عزايزة إلى أحمد العبادي، ووزارة الدولة للشؤون الاقتصادية من ناصر شريدة إلى مهند شحادة، ووزارة الاقتصاد الرقمي والريادة من أحمد الهناندة إلى سامي سميرات، والشؤون البرلمانية من حديثة الخريشا إلى عبد المنعم العودات، والعمل من ناديا الروابدة إلى خالد البكار، ووزارة الثقافة من هيفاء النجار إلى مصطفى الرواشدة، ووزارة الصناعة والتجارة من يوسف الشمالي إلى يعرب القضاة.

هذا، وبدلاً من وزير العدل أحمد زيادات دخل الفريق الحكومي بسام التلهوني - وهو الذي غادر ومعه وزير الداخلية السابق سمير مبيضين بتعديل طارئ من حكومة بشر الخصاونة بسبب مخالفتهما شروط وقواعد السلامة العامة المتبعة أثناء انتشار فيروس «كوفيد - 19» -، كما عاد إلى الحكومة وزيراً للاستثمار مثنّى الغرايبة بعد مغادرة خلود السقاف، وللعلم سبق للغرايبة العمل في حكومة عمر الرزاز (2018 - 2020)، وكان قبلها حراكياً نشطاً خلال سنوات الربيع الأردني. ولقد عادت السفيرة الأردنية لدى اليابان لينا عناب إلى موقعها وزيرة للسياحة بدلاً من مكرم القيسي، ويذكر أنها كانت قد استقالت من حكومة الرزاز، ومعها وزير التربية والتعليم عزمي محافظة، بعد فاجعة وفاة 22 طالباً وطالبة في البحر الميت بسبب الظروف الجوية ومخالفة تعليمات الرحلات المدرسية شتاء عام 2019.

جبهات حكومية مزدحمة المعارك

بناءً على ما سبق؛ من المتوقع أن يكون لحزب «جبهة العمل الإسلامي» (الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين» غير المرخّصة في البلاد) فرصة لتحقيق مزيد من الشعبية من خلال مقاعده الـ31 في مجلس النواب العشرين؛ إذ يعتقد أن نواب الحزب سيسعون لتسجيل المواقف مسلحين بملَكة الخطابة ومتجهّزين بقراءات سابقة وتحضير جيد لجداول أعمال الجلسات النيابية الرقابية والتشريعية.

وبالفعل، بدأ استثمار الحزب مبكّراً في حصد الإعجاب الشعبي من خلال مطالباته بمواقف تصعيدية ضد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ودعوته إلى النزول للشارع بهتافات «تزايد» على الموقف الرسمي الذي حظي باحترام النخب السياسية بعد تقدّمه على عدد من المواقف العربية والدولية، ويتوقع أن يواصل نواب الحركة الإسلامية حصد المزيد من الشعبية على حساب موقع الحكومة المحاصرة بمحدّدات لا يمكن تجاوزها. ومن ثم، يتوقّع مراقبون أن تكون «عقدة المواجهة» المنتظرة بين نواب الحركة الإسلامية والحكومة هي مسألة نقابة المعلمين التي جمّد القضاء أعمالها منذ عام 2018، وجرى توقيف نقيبها وأعضاء من مجلسها، وهذا النقيب هو اليوم نائب فاز عن مقاعد الدائرة الحزبية المخصصة للأحزاب، وهو شخصية شاغبت كثيراً في ملف نقابة المعلمين وتعرّضت للتوقيف مرات عدة.

الإسلاميون... ومفاجأة الرسميين

> جاءت نتائج الانتخابات الأخيرة «صادمة» لمراكز القرار السياسي في الأردن، وبالأخص بعد الكشف عن «زيف» بعض الدراسات والاستطلاعات التي أجرتها مؤسسات مجتمع مدني روّجت لقراءات داخلية تتعارض مع الواقع الذي ظهرت عليه النتائج النهائية. وكانت هذه قد أشارت إلى «محدودية» أصوات الحركة الإسلامية، وتنامي فرص أحزاب محسوبة على الخط الرسمي. لكن نتيجة كتلة حزب «جبهة العمل الإسلامي» جاءت بما لم يتوقعه أحد في أعقاب حصول مرشحيها على أكثر من 450 ألف صوت من أصل 1.65 مليون من المقترعين. ومقابل ذلك، جاءت نتائج أحزاب «الميثاق» 93680 ألف صوت، و«إرادة» 75121، والحزب الوطني الإسلامي 87519، و«تقدم» 61199، وهذه النتائج على مستوى الدائرة العامة المخصصة للأحزاب. من ناحية أخرى، بعيداً عن التلاوم بين «عرّابي العملية الانتخابية»، فإن قانون الانتخاب الذي أجريت بموجبه الانتخابات الأخيرة صعد بالجميع على الشجرة، فأمام حقيقة النتائج، فإن أي تعديل على القانون سيكون بمثابة «رِدة» على برنامج التحديث السياسي. وإذا بقي القانون على حاله، فإنه من المقرّر ارتفاع أرقام المقاعد الحزبية في البرلمان المقبل بنسبة 50 في المائة؛ وهو ما سيعني زيادة ضمنية لمقاعد الإسلاميين في المجلس المقبل، وهذا تحدٍ أمام «الدولة العميقة» التي تبحث عن تعدّدية متقاربة الأثر والدور والتنظيم. والحقيقة أن الإسلاميين كانوا مُدركين لحقيقة أرقامهم. فأي قانون انتخاب بصوتين: واحد لدائرة محلية حدودها الإدارية ضيقة وواحد آخر للدائرة العامة (الوطنية) المخصّصة للأحزاب... يعني مضاعفة حصصهم في عدد المقاعد. وهذا مع الوضع في الحسبان أن «مطبخ» إدارة العملية الانتخابية لدى الحركة الإسلامية، ابتعد تماماً عن مزاحمة مرشحيه في الدوائر المحلية، وركّز على «خزّانه التصويتي» في معاقله التاريخية. وهكذا حصل في الدوائر المحلية على 14 مقعداً في عشر دوائر محلية ترشّحوا عنها، وفي الدائرة العامة حصل على 17 مقعداً، مستفيداً من أصوات مجّانية حصل عليها من المحافظات ودوائر البدو المُغلقة ذات الصبغة العشائرية التي كانت تُحسب تاريخياً على المؤسسة الرسمية.


مقالات ذات صلة

سرقة كومبيوتر يحوي بيانات حساسة من السفارة الأردنية في فرنسا 

أوروبا لوحة مفاتيح كومبيوتر مضاءة بواسطة رمز إلكتروني معروض في هذه الصورة التوضيحية الملتقطة في الأول من مارس 2017 (رويترز)

سرقة كومبيوتر يحوي بيانات حساسة من السفارة الأردنية في فرنسا 

تعرضت السفارة الأردنية في فرنسا لعملية سرقة ليل الأربعاء - الخميس، بحسب ما أعلن مصدر قضائي، الجمعة، واختفى جهاز كومبيوتر يحوي بيانات حساسة، بحسب مصدر في الشرطة.

«الشرق الأوسط» (نانتير)
المشرق العربي وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي (إ.ب.أ)

الأردن: إسرائيل تدفع المنطقة برمتها إلى هاوية حرب إقليمية

قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي اليوم الأربعاء إن إسرائيل «تدفع المنطقة برمتها إلى هاوية حرب إقليمية» من خلال مواصلة التصعيد الخطير على عدة جبهات.

«الشرق الأوسط» (عمان)
المشرق العربي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني (أ.ب)

الحكومة الجديدة في الأردن تؤدي اليمين الدستورية أمام الملك عبد الله

الديوان الملكي الأردني يعلن أن رئيس الوزراء والوزراء الجدد يؤدون اليمين الدستورية أمام الملك عبد الله.

«الشرق الأوسط» (عمان)
المشرق العربي علم الأردن في العاصمة عمان (أ.ف.ب)

الأردن يحبط محاولة طائرة مسيّرة اجتياز أراضيه

قالت وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، اليوم الثلاثاء، إن القوات المسلحة الأردنية أحبطت محاولة «اجتياز طائرة مسيرة إلى الأراضي الأردنية».

«الشرق الأوسط» (عمان)
المشرق العربي جنود إسرائيليون عند جسر اللنبي مع الأردن يوم 8 سبتمبر الحالي (رويترز)

خطة إسرائيلية لتعزيز أمن الحدود مع الأردن

طرح الجيش الإسرائيلي «خطة استراتيجية شاملة تهدف إلى إغلاق الثغرات في الحدود الأردنية الإسرائيلية»، بهدف منع إيران من تهريب الأسلحة إلى الضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

ألينا حبّة محامية ترمب ومستشارة حملته الأولى ... هل ستساهم في جَسر هوّته مع الناخبات؟

ألينا حبّة
ألينا حبّة
TT

ألينا حبّة محامية ترمب ومستشارة حملته الأولى ... هل ستساهم في جَسر هوّته مع الناخبات؟

ألينا حبّة
ألينا حبّة

منذ قرّر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب منتصف عام 2015 الترشّح للمرة الأولى في سباق الرئاسة الأميركية، كان يؤخذ عليه تعامله مع النساء، ولم يتوانَ عن توجيه النقد لهنّ، وبالأخص، اللاتي اتهمنه بالاعتداء الجنسي. ورغم محاولات ترمب تصوير الاتهامات التي وُجّهت وتوجّه إليه، بأنها «اضطهاد سياسي»، لم يستطع التخلي عن أسلوبه الخاص في تقريع منافسيه، حتى ولو أفقده ذلك ميزات لا يزال الناخبون الأميركيون - ولا سيما قاعدته الشعبية - يرون أنها قد تكون كافية لتمكينه من العودة إلى البيت الأبيض. وهو بدلاً من التطرق إلى المواضيع التي يقول الناخبون إنهم يهتمون بها كثيراً، فإنه غالباً ما كان - ولا يزال - يتورّط في مواجهات بدت خياراً استراتيجياً، وسط خوضه سباقاً محتدماً مع نائبة الرئيس كمالا هاريس، مرشحة الحزب الديمقراطي، ويواجه ما يمكن أن يكون فجوة تاريخية مع النساء، وسط سعيه لجذب الناخبات في نوفمبر (تشرين الثاني).

مع تسلّم كمالا هاريس لواء ترشيح الحزب الديمقراطي، وقولها إنها عملت في وقت ما في سلسلة «ماكدونالد» للوجبات السريعة، ثم إعلانها أنها تخاطب النساء مع جيل من أقرانها جئن من بيئات اجتماعية وسياسية «متواضعة»، بدأ السباق على كسب أصوات الناخبات، وكأنه مواجهة مع فئة أخرى من النساء... يسعى ترمب من خلالهن إلى تغيير الصورة النمطية التي وسمت علاقته بهنّ.

هكذا، صعدت سارة ساندرز هاكابي، حاكمة ولاية أركنسو والناطقة السابقة باسم البيت الأبيض، ولورا لومر، مناصرة «نظريات المؤامرة» اليمينية المتطرفة، والمحامية ألينا حبّة. والثلاث آتيات من أصول «أرقى» اجتماعياً إلى دائرة الضوء، في مسعى من الرئيس الأميركي السابق والمرشح الحالي للحزب الجمهوري، لجَسر الهوة التي يعانيها ترمب مع الناخبات، عبر الدفع بهن إلى مواقع متقدمة في حملته الانتخابية.

قبل نحو 3 أشهر، أعلنت حملة ترمب أن ألينا حبّة، المحامية والناطقة القانونية باسمه، باتت مسؤولة عن دور رئيسي جديد، سيكون محوَرياً في إعادة الرئيس السابق إلى البيت الأبيض. وراهناً، تعمل حبّة «مستشارة أولى» لحملة إعادة انتخاب ترمب، وهذه ترقية تأتي بعد حصولها على اعتراف وطني بدورها القانوني في فريقه على مدى السنوات القليلة الماضية. وبالتالي، غدت حبّة من العناصر الرئيسية في فريق الرئيس السابق، وقد تلعب دوراً محورياً في حال عودته رئيساً للولايات المتحدة، مرّة أخرى.

إلا أن صعود ألينا حبّة، المحامية الأميركية ذات الأصول العراقية، يسلّط الضوء على كثرة من الأميركيين ذوي الأصول العربية المهاجرة ومسيراتهم، الذين انحازوا إلى الخطاب الشعبوي المناهض للهجرة.

عن ألينا حبّة؟ولدت ألينا سعد حبة عام 1984 في مدينة ساميت بولاية نيوجيرسي، لوالدين من الكاثوليك الكلدانيين الذين فرّوا من العراق في أوائل الثمانينات، أما والدها فهو الدكتور سعد حبّة، الطبيب المتخصص بأمراض الجهاز الهضمي.

تخرّجت ألينا في مدرسة كينت بليس الخاصة في نيوجيرسي عام 2002. ثم التحقت بجامعة ليهاي المرموقة، في ولاية بنسلفانيا، وتخرّجت فيها عام 2005 بدرجة البكالوريوس في العلوم السياسية.

وبعد التخرج، عملت بين عامي 2005 و2007، في صناعة الأزياء وإنتاج الإكسسوارات والتسويق مع شركة «مارك جاكوبس» إحدى العلامات التجارية الرائدة في أميركا. وقالت في تصريح لها، إنها على الرغم من استمتاعها بصناعة الأزياء، قررت مواصلة تعليمها العالي، والالتحاق بكلية الحقوق، لأسباب مالية. وبالفعل، حصلت على إجازة في القانون جامعة وايدنر، القريبة من مدينة فيلادلفيا، عام 2010. ومن ثم، عملت لفترة وجيزة كاتبةً قانونية لدى قاضي المحكمة العليا في نيوجيرسي آنذاك، يوجين كودي الابن، ثم رئيسة للمحكمة المدنية العليا في مقاطعة إسكس بنيوجيرسي، من عام 2010 إلى عام 2011.

بدأت حبّة عملها الخاص محاميةً في نهاية 2011، عندما انضمت مساعدةً في شركة «تومبكن ماغواير»، حتى بداية 2013. وبعدها التحقت بشركة محاماة أسسها زوجها السابق حتى عام 2020، قبل أن تغادرها وتؤسس شركتها الخاصة. ووفقاً لموقعها الإلكتروني، تشغل حبّة حالياً منصب الشريك الإداري لشركة «حبّة مادايو وشركاؤهم» القانونية، وتتمتع بخبرة في التقاضي وتأسيس الشركات، والعقارات التجارية، وقانون الأسرة، وصناعة الخدمات المالية والقضايا المتعلقة بالبناء.

وفي سياق متّصل، حصلت ألينا حبّة على رخصة لممارسة المحاماة في ولايات نيويورك ونيوجيرسي وكونكيتيكت. وعملت محاميةً رئيسية في ثلاث قضايا، منها دعوى جماعية فيدرالية ضد دار رعاية في نيوجيرسي متهمة بارتكاب العديد من مخالفات الإهمال وانتهاكات الاحتيال على المستهلك. وشغلت أيضاً منصب المستشار العام لشركة تدير مرائب السيارات مملوكة من زوجها الثاني غريغ روبن.

التقرّب من ترمبسياسياً، يرى البعض أن ميول حبّة سرعان ما برزت عبر محاولتها التقرّب من الرئيس السابق. وكانت قد انضمت عام 2019 إلى نادي ترمب الوطني للغولف بيدمينستر في نيوجيرسي، وتعرّفت عليه هناك.

غير أنها لم تتولَ أي عمل قانوني لصالح ترمب عندما عيّنها، خلال سبتمبر (أيلول) 2021، ضمن فريقه القانوني لتحلّ محل العديد من المحامين المعروفين الذين عملوا لدى ترمب لسنوات عديدة، قبل انسحابهم من خدمته، ومنهم مارك كاسويتز، وتشارلز هاردر، وجوانا هندون، ومارك موكاسي، وجاي سيكولو ولورانس روزين.

وبعد فترة وجيزة، رفعت حبّة دعوى قضائية بقيمة 100 مليون دولار نيابةً عن ترمب ضد صحيفة «النيويورك تايمز»، وثلاثة مراسلين للصحيفة، وابنة أخت ترمب، ماري ترمب. إلا أن القاضي ردّ الدعوى. ثم عملت حبّة لصالح ترمب في القضية التي كانت رفعتها سومر زيرفوس ضده عام 2017 بتهمة التشهير. وفي ذلك العام رمى ترمب زيرفوس بـ«الكذب»، بعدما اتهمته بتقبيلها وملامستها من دون موافقتها، عندما كانت متسابقة في برنامجه التلفزيوني الشهير «ذي أبرينتيس».

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2021، رفعت حبّة دعوى مضادة ضد زيرفوس؛ بحجة أنها كانت تحاول خنق حق ترمب في حرية التعبير، لكن القضية أوقفت بعدما سحبت زيرفوس دعوتها.

محامية ترمب الأولىوهكذا، حظيت حبّة بثقة ترمب، بعدما ساعدته ومثّلته في دعاوى قضائية عدة، بينها قضية التصريح الكاذب لقيمة أصوله التي طلبت منه البنوك تقديمها سنوياً للتأكد من أن لديه الأموال الكافية لسداد قروضها. واستأنفت دون نجاح أمر محكمة يطلب من ترمب وأبنائه الإدلاء بشهادة تحت القسم حول التقييمات التي وقّعوا عليها عند تقديم تلك الإقرارات. وبعدما استجوبت ليتيشيا جيمس، المدعية العامة لنيويورك، ترمب في أغسطس (آب) 2022، قادت حبّة الدفاع عنه، لينقل عنها لاحقاً إدلاؤها بتعليقات عنصرية ضد جيمس، واصفة إياها بـ«العاهرة السوداء»، وأنها «شخص مريض».

بعدها، في سبتمبر 2022، رفض قاضي المحكمة الجزئية الأميركية دعوى رفعتها حبّة لمصلحة ترمب ضد هيلاري كلينتون وجون بوديستا (الرئيس السابق للجنة الوطنية للحزب الديمقراطي) وجايك سوليفان (مستشار الأمن القومي الحالي)، وديبي واسرمان شولتز، والعديد من المسؤولين الديمقراطيين، للمطالبة بتعويضات عن أدوارهم المزعومة في التخريب على حملته الرئاسية عام 2016.

وخلص القاضي إلى أن شكوى ترمب لم تكن كافية من جميع النواحي، محتفظاً بالحق في فرض عقوبات على محامي ترمب. وهو ما حصل بعد شهرين، حين فرض غرامات عليهم، من بينهم ألينا حبّة، ومايكل ماديو، وبيتر تيكتين وجيمي آلان ساسون. وفي يناير (كانون الثاني) 2023، أمر القاضي كلاً من ترمب وحبّة وشركتها بدفع 938 ألف دولار تكاليف قانونية لـ31 متهماً، بينهم اللجنة الوطنية الديمقراطية وهيلاري كلينتون ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق جيمس كومي. هذا، وكانت حبّة، أحد أعضاء فريق الدفاع عن ترمب في قضية «شراء الصمت» التي رفعتها ضده وربحتها ممثلة أفلام إباحية، وغرّم عليها بقيمة 83.3 مليون دولار.

أبواب الشهرة والثروة... فُتحتلا شك في أن تعيين ترمب ألينا حبّة محامية له، فتح أمامها أبواب الشهرة والثروة، لتبرز على الساحة العامة باعتبارها، أبرز الناطقين باسمه والمدافعين عنه. وهي الآن مستشارة أولى للجنة العمل السياسي في حركة «ماغا» (لنعيد أميركا عظيمة) الناشطة لدعم إعادة انتخابه، الأمر الذي رفع ثروتها الشخصية؛ إذ تجاوز دخلها السنوي 200 ألف دولار، وحصلت على أكثر من 3.5 مليون دولار مقابل عملها مستشارةً، وفقاً لشبكة «إيه بي سي نيوز».

أيضاً، منذ أصبحت حبّة مساعدة قانونية رئيسة لترمب، انجذبت أكثر فأكثر إلى دائرته، وصارت من الشخصيات التي يتكرر ظهورها في نواديه، بنيوجيرسي وفلوريدا. وفي عيد ميلادها خلال فبراير (شباط)، نشرت صورة لها جالسة إلى جانبه.

وبعد كلمة حبّة في الليلة الأخيرة من مؤتمر الحزب الجمهوري، يوم 15 يوليو (تموز)، وإثر تعرّض ترمب لمحاولة الاغتيال الأولى، قالت لشبكة «فوكس نيوز» عندما سُئلت عن شعورها إزاء الضمادة التي وضعها على أذنه المصابة ودخل قاعة المؤتمر وسط هتافات مؤيديه وتصفيقهم: «أعتقد أن أفضل كلمة لوصف ذلك هي تأثّرت... أعتقد أن أميركا يمكن أن ترى أن الرئيس ترمب مختلف اليوم». وتابعت: «لم أظن قَطّ في حياتي أنني سأعيش ذلك، ناهيك بأن أعيشه وأقول هذا صديقي... كان ذلك صعباً جداً بالنسبة لي. إنه أمرٌ مؤلم، لكنني فخورة به».

صوت ترمب في المستقبلعدّت حبّة ترقيتها إلى «مستشارة أولى» لحملة إعادة انتخاب ترمب بأنها «شرف عظيم»، وتعهّدت بأنها ستوفر لها، كأم، الفرصة لمناقشة القضايا المهمة للنساء في جميع أنحاء البلاد. كما أعلنت استعدادها لمواصلة دورها محاميةً له، في القضايا الجارية التي تشارك فيها، لكنها تخطط أيضاً لأن تصبح الآن «صوتاً للرئيس ترمب» من أجل التكلّم عن مجموعة واسعة من القضايا.

يبقى القول، أن حبّة تصف نفسها، كاثوليكيةً، بأنها «متدينة للغاية»؛ ما يجعل رسالتها المحافظة قريبة من اتجاهات كثيرين من المسيحيين العرب الأميركيين، الذين يعتبرون ترمب ممثلاُ لهم في هذا المجال. وهي، رغم تمكّنها من الحفاظ على خصوصية حياتها العائلية حتى الآن، فقد قالت في نوفمبر الماضي لصحيفة «النيويورك بوست» اليمينية إن لديها ثلاثة أطفال، مراهق يبلغ من العمر 14 سنة، وابن يبلغ من العمر تسع سنوات، وابنة تبلغ سبع سنوات من زوجها الأول ماثيو آيت، الذي تطلقت منه عام 2019. وفي عام 2020 تزوّجت من غريغ روبن، زوجها الثاني، ويعيشون في برناردزفيل بنيوجيرسي. وذكرت وسائل إعلام أميركية أن حبّة تعتبر صديقة مقربة من إريك نجل دونالد ترمب. وظهرت مع كيمبرلي غيلفويل، خطيبة دونالد ترمب «الابن» في العديد من المناسبات.

عاجل ضربة جوية جديدة على الضاحية الجنوبية لبيروت وتصاعد دخان من المنطقة