الأردن... رئيس لا يجامل في مواجهة مجلس نواب برؤوس حامية

قراءة في تشكيلة الحكومة الأردنية الجديدة

تشكيلة الحكومة الأردنية الجديدة بحضور الملك عبدالله الثاني (وكالة الأنباء الأردنية بترا)
تشكيلة الحكومة الأردنية الجديدة بحضور الملك عبدالله الثاني (وكالة الأنباء الأردنية بترا)
TT

الأردن... رئيس لا يجامل في مواجهة مجلس نواب برؤوس حامية

تشكيلة الحكومة الأردنية الجديدة بحضور الملك عبدالله الثاني (وكالة الأنباء الأردنية بترا)
تشكيلة الحكومة الأردنية الجديدة بحضور الملك عبدالله الثاني (وكالة الأنباء الأردنية بترا)

لم يُفسّر أحد «قلة اكتراث» الشارع الأردني أمام حدثين مهمين على المستوى المحلي: إذ بعد نتائج الانتخابات النيابية التي أُجريت في العاشر من سبتمبر (أيلول) الحالي وجاءت نتائجها بعكس جميع التوقعات الرسمية، تشكلت حكومة جديدة مُشبعة بمفارقات عدة، بدءاً من اختيار الرئيس، وليس انتهاءً بخريطة التشكيل سياسياً وديموغرافياً وجغرافياً. وحقاً، لم ينشغل أحد سوى الإعلام ونخبه السياسية ببث تحليلات متناقضة بين التبشير ونقص التفاؤل بالمرحلة. إذ يُعتقد وسط النخب أن جبهة المواجهة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية مقبلة، لا سيما وأن اختيار الفريق الوزاري سبق انعقاد مجلس الأمة ليصادر معه طموحات النواب الحزبيين بأن يكون لهم تأثير في اختيار الوزراء من بوابة «المشاورات» - التي درجت أحياناً ويعتبرها البعض «شكلية»، - الأمر الذي قلّص مساحات نفوذ الأحزاب الطامحة أمام منتسبيها والرأي العام.

اختيار جعفر حسّان رئيساً للحكومة الأردنية الجديدة كان مفاجأة لم تتوقعها الأوساط السياسية؛ كونه «رجل ظل مؤثراً» في صناعة القرارات السياسية والاقتصادية خلف الكواليس، وذلك من خلال خدمته في فترتين مديراً للمكتب الخاص للعاهل الأردني (الفترة الأولى من 2014 - 2018، والفترة الثانية من عام (2021 - 2024)، بل، حتى وهو وزير في 6 حكومات، عُرف عنه زهده الإعلامي.

المقربون من حسّان يصفونه بأنه حاد الطباع، وإن خفتت هذه الصفة إبّان خدمته الأخيرة بالقصر الملكي. وهو منتظم بالعمل لساعات طويلة لدرجة يرهق معها مَن حوله، ثم أنه محسوب على نخب الاقتصاد أكثر من نخب السياسة، وقريب من تيار ينتمي إلى فكرة الإصلاحات الشاملة في البلاد، وهو التيار الذي أثّر بحسّان خلال فترته الثانية في خدمة الملك عبد الله الثاني.

أشبه بـ«تعديل موسّع»

لم تأتِ حكومة جعفر حسّان التي أدت اليمين الدستورية يوم 18 سبتمبر (أيلول) الحالي بأسماء من خارج صندوق الخيارات التقليدية؛ ما دفع بعض النقاد إلى اعتبار التشكيل أشبه بـ«تعديل موسع» على حكومة بشر الخصاونة، التي استقالت غداة إعلان النتائج النهائية لانتخابات أعضاء مجلس النواب في الجريدة الرسمية. ويأتي ذلك انسجاماً من أعراف أردنية تتعلق بمشاورات مراكز القرار المدنية والأمنية، وحسابات الجغرافيا والمحاصصة.

ولقد تحصّنت حكومة حسّان في تشكيلتها الجديدة بخبرات بيروقراطية وخبرات نيابية ونقابيّة سابقة تأهباً لـ«المواجهة المرتقبة» مع مجلس النواب الذي سيتعامل مع استحقاقين دستوريين في مطلع عهده، هما: مناقشة البيان الحكومي والتصويت على الثقة، واستحقاق مناقشة وإقرار قانون الموازنة العامة المُثقل بأرقام العجز وارتفاع سقوف خدمة المديونية الخارجية والداخلية. وكذلك سيتعامل مع مطالبات نيابية موسمية تُطالب بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل، ومطالب اقتصادية لم يعد بإمكان الحكومات الاستجابة لها في ظل تنامي أرقام المديونية العامة وعجز الموازنة. وفضلاً عن هذا وذاك، فإن الرئيس الجديد المعروف عنه اقتصاده في المجاملة سيواجه بنواب عُرف عنهم الإسراف في المطالبات الخدمية.

من جهة ثانية، جاء احتفاظ حسّان بحقائب لعدد من الأصدقاء المقربين منه - وهو واقع استقرت عليه الأعراف السياسية في البلاد من حيث الاستعانة بالمعارف والثقات في اختيار الوزراء - فإنه لم يستطع تجاوز أسماء خلال الـ48 ساعة الماضية التي سبقت إعلان تشكيلة فريقه الوزاري، ولقد خصّ في تشكيلته ثلاثة أحزاب فقط من التي نجحت في الانتخابات الأخيرة.

قراءات أولية يصعب التنبؤ بنتائجها

استدعى جعفر حسّان من الخبرات النيابية السابقة كلاً من: المحامي عبد المنعم العودات، رئيس مجلس النواب الأسبق ورئيس اللجنة القانونية لدورات عدة، ليكون وزيراً للشؤون السياسية والبرلمانية، وخالد البكار، النائب السابق لدورات عدة وعضو مجلس الأعيان وزيراً للعمل، وخير أبو صعيليك، النائب السابق لدورات عدة ورئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب لدورات عدة وزير دولة لتطوير القطاع العام. كذلك استعان حسّان بمصطفى الرواشدة، عضو مجلس الأعيان وأول نقيب لنقابة المعلمين (المُعطل عملها بموجب قرار قضائي) في البلاد وزيراً للثقافة، والنائب السابق يزن شديفات وزيراً للشباب.

جرى استدعاء هؤلاء في مواجهة مجلس النواب الجديد، بكتله الحزبية الوازنة التي تتقدّمها كتلة حزب «جبهة العمل الإسلامي»، كتلة «المعارضة الحرجة» الممثلة بـ31 مقعداً، إلا أن ما ينقصهم في خبرة العمل الحكومي، قد يعوّضه الوزير العائد والمحسوب على تيار البيروقراط الرسمي المهندس وليد المصري الذي عيّن وزيراً للإدارة المحلية. وكان المصري قد خدم رئيساً لبلدية إربد الكبرى، ثاني أكبر بلديات المملكة، ثم وزيراً في حكومات متعاقبة، ولقد نجح في تفريق جبهات المعارضة النيابية في ملفات عدة أيام مشاركته في حكومات عبد الله النسور، وهاني الملقي وعمر الرزاز خلال السنوات بين 2013 و2019.

وبين الخطوات المهمة كان الإبقاء على أيمن الصفدي، الوزير الأكثر شعبية في الحكومة السابقة بسبب تصريحاته القاسية تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة وموقفه المعادي لحكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية، نائباً للرئيس ووزيراً للخارجية، وأيضاً الاستعانة بعضو مجلس الأعيان محمد المومني صاحب لقب «أطول وزراء الإعلام بقاءً»؛ إذ عمل وزيراً خلال السنوات (2013 - 2018) مسجلاً حضوراً لافتاً في عدد من الأحداث الأمنية والسياسية التي عاشتها البلاد، ومعروف عنه دقة تصريحاته، ودبلوماسيته العالية في الإجابة عن أسئلة الصحافيين.

الأحزاب في البرلمان

وكما سبقت الإشارة، جاءت تشكيلة حكومة الرئيس حسّان كـ«أمر واقع» وفق موعد تكليفه، لتتجاوز فكرة المشاورات النيابية الحزبية غير المُلزمة؛ الأمر الذي ترك ظلالاً على فرص تشكيل حكومة «توافقات حزبية». وهذا ما يؤيده مناصرو فكرة منع «حرق المراحل»؛ إذ من المبكّر الذهاب لهذا الخيار في ظل غياب غالبية حزبية مؤثرة نيابياً. وبين المفارقات الرقمية والمحاصصات التقليدية ما يلي:

أولاً- توزّعت جغرافيا اختيار الفريق الحكومي تبعاً للتقاليد المحلية، فحظي شمال المملكة بحصة وازنة من الحقائب، وتمثل الجنوب بخمس حقائب وزارية، وكان للوسط حصة أعلى في الحقائب مما كان له في الحكومة السابقة، وذلك لصالح محافظتي العاصمة والبلقاء، في حين بقيت أرقام «كوتات» الشركس والمسيحيين من دون ارتفاع. وتَسقط هذه الحسابات إلا من جلسات النميمة السياسية في البلاد، بيد أنها لن تؤثر في ارتفاع منسوب النقاش المجتمعي بسبب ابتعاد الأردنيين عن سجالات المحاصصة والجهوية إذا كان أداء الفريق الوزاري جاداً في حل الأزمات الاقتصادية المتراكمة.

ثانياً - انخفض عدد النساء في الحكومة الجديدة إلى 5 سيدات، ولقد توزّعن على وزارات السياحة التي أسندت إلى لينا عناب، والتخطيط والتعاون الدولي لزينة طوقان، والتنمية الاجتماعية لوفاء بني مصطفى، والنقل لوسام التهتموني. وبقيت نانسي نمروقة في الحكومة الجديدة، لكن كوزيرة الدولة للشؤون الخارجية بعدما كانت تشغل حقيبة وزارة الدولة للشؤون القانونية في الحكومة السابقة. وفي المقابل، خرجت من الحكومة وزيرة الاستثمار خلود السقّاف، ووزيرة العمل ناديا الروابدة، ووزيرة الثقافة هيفاء النجار.

ثالثاً - أبقت الحكومة الجديدة على وزراء الخارجية أيمن الصفدي، والتربية والتعليم والتعليم العالي عزمي محافظة، ووزير الداخلية مازن الفراية، ووزير الأشغال ماهر أبو السمن، ووزير المياه رائد أبو السعود، والزراعة خالد حنيفات، والطاقة صالح الخرابشة، والأوقاف محمد الخلايلة، والصحة فراس الهواري، والبيئة خالد الردايدة، إضافة إلى الوزيرات الخمس. في حين انتقلت وزارة الإدارة المحلية من الوزير المخضرم توفيق كريشان إلى وليد المصري، والاتصال الحكومي من مهند مبيّضين إلى محمد المومني، ووزارة المالية من محمد العسعس لأمينها العام عبد الحكيم الشبلي، ووزارة الدولة للشؤون القانونية من نانسي نمروقة إلى فياض القضاة رئيس ديوان التشريع والرأي، ووزارة الدولة لشؤون رئاسة الوزراء من إبراهيم الجازي إلى عبد الله العدوان، ووزارة الدولة من وجيه عزايزة إلى أحمد العبادي، ووزارة الدولة للشؤون الاقتصادية من ناصر شريدة إلى مهند شحادة، ووزارة الاقتصاد الرقمي والريادة من أحمد الهناندة إلى سامي سميرات، والشؤون البرلمانية من حديثة الخريشا إلى عبد المنعم العودات، والعمل من ناديا الروابدة إلى خالد البكار، ووزارة الثقافة من هيفاء النجار إلى مصطفى الرواشدة، ووزارة الصناعة والتجارة من يوسف الشمالي إلى يعرب القضاة.

هذا، وبدلاً من وزير العدل أحمد زيادات دخل الفريق الحكومي بسام التلهوني - وهو الذي غادر ومعه وزير الداخلية السابق سمير مبيضين بتعديل طارئ من حكومة بشر الخصاونة بسبب مخالفتهما شروط وقواعد السلامة العامة المتبعة أثناء انتشار فيروس «كوفيد - 19» -، كما عاد إلى الحكومة وزيراً للاستثمار مثنّى الغرايبة بعد مغادرة خلود السقاف، وللعلم سبق للغرايبة العمل في حكومة عمر الرزاز (2018 - 2020)، وكان قبلها حراكياً نشطاً خلال سنوات الربيع الأردني. ولقد عادت السفيرة الأردنية لدى اليابان لينا عناب إلى موقعها وزيرة للسياحة بدلاً من مكرم القيسي، ويذكر أنها كانت قد استقالت من حكومة الرزاز، ومعها وزير التربية والتعليم عزمي محافظة، بعد فاجعة وفاة 22 طالباً وطالبة في البحر الميت بسبب الظروف الجوية ومخالفة تعليمات الرحلات المدرسية شتاء عام 2019.

جبهات حكومية مزدحمة المعارك

بناءً على ما سبق؛ من المتوقع أن يكون لحزب «جبهة العمل الإسلامي» (الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين» غير المرخّصة في البلاد) فرصة لتحقيق مزيد من الشعبية من خلال مقاعده الـ31 في مجلس النواب العشرين؛ إذ يعتقد أن نواب الحزب سيسعون لتسجيل المواقف مسلحين بملَكة الخطابة ومتجهّزين بقراءات سابقة وتحضير جيد لجداول أعمال الجلسات النيابية الرقابية والتشريعية.

وبالفعل، بدأ استثمار الحزب مبكّراً في حصد الإعجاب الشعبي من خلال مطالباته بمواقف تصعيدية ضد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ودعوته إلى النزول للشارع بهتافات «تزايد» على الموقف الرسمي الذي حظي باحترام النخب السياسية بعد تقدّمه على عدد من المواقف العربية والدولية، ويتوقع أن يواصل نواب الحركة الإسلامية حصد المزيد من الشعبية على حساب موقع الحكومة المحاصرة بمحدّدات لا يمكن تجاوزها. ومن ثم، يتوقّع مراقبون أن تكون «عقدة المواجهة» المنتظرة بين نواب الحركة الإسلامية والحكومة هي مسألة نقابة المعلمين التي جمّد القضاء أعمالها منذ عام 2018، وجرى توقيف نقيبها وأعضاء من مجلسها، وهذا النقيب هو اليوم نائب فاز عن مقاعد الدائرة الحزبية المخصصة للأحزاب، وهو شخصية شاغبت كثيراً في ملف نقابة المعلمين وتعرّضت للتوقيف مرات عدة.

الإسلاميون... ومفاجأة الرسميين

> جاءت نتائج الانتخابات الأخيرة «صادمة» لمراكز القرار السياسي في الأردن، وبالأخص بعد الكشف عن «زيف» بعض الدراسات والاستطلاعات التي أجرتها مؤسسات مجتمع مدني روّجت لقراءات داخلية تتعارض مع الواقع الذي ظهرت عليه النتائج النهائية. وكانت هذه قد أشارت إلى «محدودية» أصوات الحركة الإسلامية، وتنامي فرص أحزاب محسوبة على الخط الرسمي. لكن نتيجة كتلة حزب «جبهة العمل الإسلامي» جاءت بما لم يتوقعه أحد في أعقاب حصول مرشحيها على أكثر من 450 ألف صوت من أصل 1.65 مليون من المقترعين. ومقابل ذلك، جاءت نتائج أحزاب «الميثاق» 93680 ألف صوت، و«إرادة» 75121، والحزب الوطني الإسلامي 87519، و«تقدم» 61199، وهذه النتائج على مستوى الدائرة العامة المخصصة للأحزاب. من ناحية أخرى، بعيداً عن التلاوم بين «عرّابي العملية الانتخابية»، فإن قانون الانتخاب الذي أجريت بموجبه الانتخابات الأخيرة صعد بالجميع على الشجرة، فأمام حقيقة النتائج، فإن أي تعديل على القانون سيكون بمثابة «رِدة» على برنامج التحديث السياسي. وإذا بقي القانون على حاله، فإنه من المقرّر ارتفاع أرقام المقاعد الحزبية في البرلمان المقبل بنسبة 50 في المائة؛ وهو ما سيعني زيادة ضمنية لمقاعد الإسلاميين في المجلس المقبل، وهذا تحدٍ أمام «الدولة العميقة» التي تبحث عن تعدّدية متقاربة الأثر والدور والتنظيم. والحقيقة أن الإسلاميين كانوا مُدركين لحقيقة أرقامهم. فأي قانون انتخاب بصوتين: واحد لدائرة محلية حدودها الإدارية ضيقة وواحد آخر للدائرة العامة (الوطنية) المخصّصة للأحزاب... يعني مضاعفة حصصهم في عدد المقاعد. وهذا مع الوضع في الحسبان أن «مطبخ» إدارة العملية الانتخابية لدى الحركة الإسلامية، ابتعد تماماً عن مزاحمة مرشحيه في الدوائر المحلية، وركّز على «خزّانه التصويتي» في معاقله التاريخية. وهكذا حصل في الدوائر المحلية على 14 مقعداً في عشر دوائر محلية ترشّحوا عنها، وفي الدائرة العامة حصل على 17 مقعداً، مستفيداً من أصوات مجّانية حصل عليها من المحافظات ودوائر البدو المُغلقة ذات الصبغة العشائرية التي كانت تُحسب تاريخياً على المؤسسة الرسمية.


مقالات ذات صلة

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
رياضة عربية منتخب الأردن اكتفى بالتعادل مع الكويت (الاتحاد الأردني)

«تصفيات المونديال»: الكويت تحبط الأردن بالتعادل

فرّط منتخب الأردن في تقدمه بهدف رائع ليزن النعيمات، بعدما سجل محمد دحام في الشوط الثاني ليتعادل 1 - 1 مع مضيفه الكويت.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
المشرق العربي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال افتتاح أعمال دورة جديدة للبرلمان الاثنين (رويترز)

عبد الله الثاني يفتتح أعمال البرلمان مشدداً على «السلام العادل»

شدد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني على أن مستقبل بلاده «لن يخضع لسياسات لا تُلبي مصالحه»، وقال إن «السلام العادل هو السبيل لرفع الظلم عن الفلسطينيين».

محمد خير الرواشدة (عمّان)
المشرق العربي ملك الأردن عبد الله الثاني (رويترز)

في خطاب العرش... ملك الأردن يؤكد التمسك بالسلام العادل «لرفع الظلم التاريخي» عن الفلسطينيين

أكد ملك الأردن خلال خطاب العرش، في افتتاح الجلسة الأولى لمجلس الأمة اﻟ20، الاثنين، أن «السلام العادل والمشرف هو السبيل لرفع الظلم التاريخي» عن الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (عمّان)

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

TT

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

روبيو
روبيو

بينما يراقب العالم السياسات الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي ستتحدّد على أساس شعاره «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماغا)، بادر ترمب إلى تشكيل فريق سياسة خارجية وأمن قومي «متجانس»، لا يكرّر الأخطاء والصدامات التي خاضها في ولايته الأولى؛ إذ على مدى السنوات الثماني الماضية، جمع ترمب ما يكفي من الموالين، لتعيين مسؤولين من ذوي التفكير المماثل؛ لضمان ألا تواجهه أي مقاومة منهم. ومع سيطرة الحزب الجمهوري - الذي أعاد ترمب تشكيله «على صورته» - على مجلسي الشيوخ والنواب والسلطة القضائية العليا، ستكون الضوابط على سياساته أضعف بكثير، وأكثر ودية مع حركة «ماغا»، مما كانت عليه عام 2017. وهذا يشير إلى أن واشنطن ستتكلّم عن سياستها الخارجية بصوت واحد خلال السنوات الأربع المقبلة، هو صوت ترمب نفسه. لكن وعلى الرغم من أن قدرته على قيادة آلية السياسة الخارجية ستتعزّز، فإن قدرته على تحسين مكانة الولايات المتحدة في العالم مسألة أخرى.

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، السيناتور ماركو روبيو، مرشحاً لمنصب وزير الخارجية، بعد قطع الأخير شوطاً كبيراً في تقديم الولاء له. للعلم، علاقة الرجلين التي بدأت منذ عام 2016، وانتهت بشكل تصادمي بعد هزيمة روبيو في الانتخابات الرئاسية التمهيدية للحزب الجمهوري، تحولت إلى علاقة تحالفية إثر دعم روبيو كل ما قاله وفعله ترمب تقريباً إبّان فترة رئاسته الأولى.

هذا الواقع قد يعزّز تثبيت روبيو في مجلس الشيوخ - الذي يمضي فيه الآن فترته الثالثة - من دون عقبات جدية، في ظل دوره وتاريخه في المجلس، منذ أن فاز بمقعد فيه عام 2010. وحقاً، لاقى اختيار روبيو استحساناً حتى من بعض الديمقراطيين، منهم السيناتور الديمقراطي جون فيترمان، الذي قال إنه سيصوّت للمصادقة على تعيينه. كذلك أشاد السيناتور الديمقراطي مارك وارنر، رئيس لجنة الاستخبارات الحالي، في بيان، بروبيو ووصفه بأنه ذكي وموهوب.

ملف الخارجية للرئيس

روبيو، من جهته، لم يترك شكاً حيال مَن يقرر السياسة الخارجية للولايات المتحدة، عندما قال إن من يحددها، ليس وزير الخارجية، بل الرئيس. وبالتالي فإن مهمة مَن سيشغل المنصب ستكون تنفيذ سياسات هذا الرئيس، وهي تهدف إلى تأمين «السلام من خلال القوة»، ووضع مصالح «أميركا في المقام الأول».

وحقاً، يلخص روبيو رؤيته لأميركا بالقول: «هي أعظم دولة عرفها العالم على الإطلاق، لكن لدينا مشاكل خطيرة في الداخل وتحدّيات خطيرة في الخارج». وأردف: «نحن بحاجة إلى إعادة التوازن لاقتصادنا المحلي، وإعادة الصناعات الحيوية إلى أميركا، وإعادة بناء قوتنا العاملة من خلال تعليم وتدريب أفضل». واستطرد: «لا شيء من هذا سهل، لكن لا يمكننا أن نتحمل الفشل. هذا هو السبب في أنني ملتزم ببناء تحالف متعدّد الأعراق من الطبقة العاملة على استعداد للقتال من أجل هذا البلد والدخول في قرن أميركي جديد».

ولكن من هو ماركو روبيو؟ وما أبرز مواقفه الداخلية والخارجية؟ وكيف أدت استداراته السياسية إلى تحوّله واحداً من أبرز المرشحين للعب دور في إدارة ترمب، بل كاد يكون نائبه بدلاً من جي دي فانس؟

سجل شخصي

ولد ماركو روبيو قبل 53 سنة في مدينة ميامي بولاية فلوريدا، التي يعدّها موطنه. كان والده يعمل نادلاً ووالدته عاملة في أحد الفنادق. وفي حملته الأولى لمجلس الشيوخ، حرص دائماً على تذكير الناخبين بخلفيته من الطبقة العاملة، التي كانت تشير إلى التحوّلات الطبقية التي طرأت على قاعدة الحزب الجمهوري، وتحوّلت إلى علامة انتخابية، مع شعار «فقط في أميركا»، بوصفه ابناً لمهاجرَين كوبيّين... أصبح عضواً في مجلس الشيوخ الأميركي.

عندما كان في الثامنة من عمره، انتقلت الأسرة إلى مدينة لاس فيغاس بولاية نيفادا، حيث أمضى نحو 6 سنوات من طفولته، بعدما وجد والداه وظائف في صناعة الفنادق المتنامية فيها. وفي سن الرابعة عشرة من عمره، عاد مع عائلته إلى ميامي. ومع أنه كاثوليكي، فإنه تعمّد في إحدى كنائس لطائفة المورمون في لاس فيغاس، غير أنه في فلوريدا كان يحضر القداديس في إحدى الكنائس الكاثوليكية بضاحية كورال غايبلز، وإن كان قد شارك الصلوات سابقاً في كنيسة «كرايست فيلوشيب»، وهي كنيسة إنجيلية جنوبية في ويست كيندال بولاية فلوريدا.

يعرف عن روبيو أنه من مشجعي كرة القدم الأميركية، وكان يحلم بالوصول إلى دوري كرة القدم الأميركي عندما لعب في المدرسة الثانوية، إلا أنه لم يتلق سوى عرضين من كليتين جامعيتين. وبدايةً اختار كلية تاركيو غير المعروفة، التي تقع في بلدة يقل عدد سكانها عن 2000 شخص في المنطقة الشمالية الغربية الريفية من ولاية ميسوري. ولكن عندما واجهت الكلية الإفلاس وتعرّض للإصابة، تخلى روبيو عن كرة القدم وانتقل إلى فلوريدا، ليتخرّج ببكالوريوس في العلوم السياسية في جامعة فلوريدا، ثم في كلية الحقوق بجامعة ميامي.

في عام 1998، تزوّج روبيو من جانيت دوسديبيس، وهي أمينة صندوق سابقة في أحد المصارف، ومشجعة لنادي ميامي دولفينز لكرة القدم الأميركية، وأنجبا أربعة أطفال، وهو يعيش الآن وعائلته في ويست ميامي بولاية فلوريدا. ووفق موقع «أوبن سيكريت. أورغ»، بدءاً من عام 2018، كان صافي ثروة روبيو سلبياً؛ إذ تجاوزت ديونه 1.8 مليون دولار أميركي.

مسيرته السياسية الطموحة

يوم 13 سبتمبر (أيلول) 2005، في سن 34 سنة انتخب روبيو عضواً في مجلس النواب في فلوريدا، وأصبح رئيساً له عام 2006، بعد انسحاب منافسيه دينيس باكسلي وجيف كوتكامب ودينيس روس، ليغدو أول أميركي من أصل كوبي يتولى هذا المنصب، حتى عام 2008.

عام 2010، كان روبيو يُعد مرشحاً ضعيفاً ضد الحاكم (آنذاك) تشارلي كريست لترشيح الحزب الجمهوري لمجلس الشيوخ. وبالفعل، تعرّض لضغوط من قادة الحزب للانسحاب من السباق والترشح بدلاً من ذلك لمنصب المدعي العام، مع وعود من الحزب بإخلاء الميدان له. ويومذاك كتب في مذكراته «ابن أميركي»، قائلاً: «لقد أقنعت نفسي تقريباً بالانسحاب». غير أنه عاد وتمسك بموقفه، وكتب في تلك المرحلة أنه شعر بأنه لا يستطيع التراجع عن كلمته. وبقي في السباق، وفاز بأول فترة له في مجلس الشيوخ، حيث أعيد انتخابه في عام 2016، ثم مرة أخرى في عام 2022.

وعام 2016، دخل روبيو السباق الرئاسي منافساً مجموعة كبيرة من الجمهوريين، منهم دونالد ترمب، وفاز في لاية مينيسوتا، بينما حل السيناتور تيد كروز (من تكساس) ثانياً، وترمب ثالثاً. بعدها كانت انتصاراته الأخرى الوحيدة في واشنطن العاصمة وبورتوريكو. ومن ثم، انسحب بعدما هزمه ترمب في ولايته فلوريدا جامعاً 46 في المائة من الأصوات بينما جاء روبيو ثانياً بنسبة 27 في المائة. وخلال ذلك السباق، تبادل الرجلان الإهانات؛ إذ لقّبه ترمب بـ«ماركو الصغير»، وردّ روبيو بإهانة ترمب ووصفه بأنه «محتال» و«مبتذل». ولكن عندما أعادت قناة «آيه بي سي نيوز» في وقت سابق من هذا العام بث بعض تعليقاته عن ترمب عام 2016، قلل روبيو من أهميتها، بالقول: «كانت حملة». وفعلاً، بعد تولّي ترمب الرئاسة عام 2017، تحسنت علاقاتهما وظل على مقربة منه، حتى بعدما اختار ترمب السيناتور الشاب جي دي فانس (من أوهايو) لمنصب نائب الرئيس. بل سافر روبيو مع ترمب خلال المرحلة الأخيرة من سباق 2024، وألقى خطابات باللغتين الإنجليزية والإسبانية في العديد من التجمعات في اليوم الأخير من الحملة.

لم يترك روبيو شكاً حيال مَن يقرر سياسة واشنطن الخارجية

عندما قال إن من يحددها هو الرئيس... لا وزير الخارجية

سياسات روبيو المحافظة

بدءاً من أوائل عام 2015، حصل روبيو على تصنيف بنسبة 98.67 في المائة من قبل «اتحاد المحافظين الأميركيين»، بناء على سجلّه التصويتي مدى الحياة في مجلس الشيوخ. وعام 2013 كان روبيو السيناتور السابع عشر الأكثر محافظة. ويصنّف مركز سن القوانين الفعالة روبيو باستمرار بين أعضاء مجلس الشيوخ الثلاثة الأكثر فاعلية في الكونغرس.

يُذكر أن روبيو دخل مجلس الشيوخ بدعم قوي من جماعة «حفلة الشاي» التي كانت تمثل اليمين الأكثر محافظة في الحزب الجمهوري. لكن دعمه في عام 2013 لتشريع الإصلاح الشامل للهجرة بهدف توفير مسار للحصول على الجنسية لـ11 مليون مهاجر غير موثق في أثناء تنفيذ تدابير مختلفة لتعزيز الحدود الأميركية، أدى إلى انخفاض دعمهم له. وللعلم، رغم تمرير ذلك المشروع في مجلس الشيوخ، أسقطه المتشددون في مجلس النواب.

ثم، بمرور الوقت، نأى روبيو بنفسه عن جهوده السابقة للتوصل إلى «حل وسط» بشأن الهجرة؛ كالعديد من مواقفه الداخلية والخارجية التي عُدّت سبباً رئيساً لتغير علاقة ترمب به؛ إذ اعتمد مواقف أكثر تشدداً بشأن الهجرة، ورفض مساعي الحزب الديمقراطي إزاء ملف الهجرة منذ عام 2018 وحتى 2024.

في مارس (آذار) 2016، عارض روبيو ترشيح الرئيس باراك أوباما للقاضي ميريك غارلاند للمحكمة العليا، متذرعاً «لا أعتقد أنه يجوز لنا المضي قدماً بمرشح في العام الأخير من ولاية هذا الرئيس. أقول هذا، حتى لو كان الرئيس جمهورياً». لكنه في سبتمبر (أيلول) 2020، إثر وفاة القاضية الليبرالية روث بايدر غينزبيرغ، أشاد روبيو بترشيح ترمب للقاضية المحافظة إيمي باريت للمحكمة، وصوّت لتثبيتها في 26 أكتوبر (تشرين الأول)، قبل 86 يوماً من انتهاء ولاية ترمب الرئاسية.

أيضاً في مارس 2018، دافع روبيو عن قرار إدارة ترمب بإضافة سؤال الجنسية إلى تعداد عام 2020. ورجح الخبراء يومها أن يؤدي إدراج هذا السؤال إلى نقص حاد في تعداد السكان وبيانات خاطئة؛ إذ سيكون المهاجرون غير المسجلين أقل استعداداً للاستجابة للتعداد.

وحول الميزانية الفيدرالية، يدعم روبيو مع إعطاء الأولوية للإنفاق الدفاعي، ويرفض الإجماع العلمي بشأن تغير المناخ، الذي ينص على أن تغير المناخ حقيقي ومتقدم وضار وينجم في المقام الأول عن البشر. كذلك يعارض روبيو قانون الرعاية الميسرة (أوباما كير) وقد صوّت لإلغائه رغم فشل المحاولة. وهو معارض صريح للإجهاض، وقال إنه سيحظره حتى في حالات الاغتصاب وزنا المحارم، مع استثناءات إذا كانت حياة الأم في خطر.وأخيراً، يدعم روبيو تحديد ضرائب الشركات بنسبة 25 في المائة، وتعديل قانون الضرائب، ووضع حد أقصى للتنظيمات الاقتصادية، ويقترح زيادة سن التقاعد للضمان الاجتماعي بناءً على متوسط العمر المتوقع الأطول. ويعارض المعايير الفيدرالية الأساسية المشتركة للتعليم، كما يدعو إلى إغلاق وزارة التعليم الفيدرالية.