إبراهيم تراوري... رئيس بوركينا فاسو وقائد حربها الشرسة ضد «الإرهاب»

تولّى الحكم عبر «انقلاب عسكري» ومدَّد سلطته الانتقالية 5 سنوات

 تأتي رئاسة تراوري في فترةٍ تواجه خلالها بوركينا فاسو تحديات أمنية وإقليمية بعدما فقدت السيطرة على نحو 40 في المائة من مساحتها، للجماعات المسلّحة
تأتي رئاسة تراوري في فترةٍ تواجه خلالها بوركينا فاسو تحديات أمنية وإقليمية بعدما فقدت السيطرة على نحو 40 في المائة من مساحتها، للجماعات المسلّحة
TT

إبراهيم تراوري... رئيس بوركينا فاسو وقائد حربها الشرسة ضد «الإرهاب»

 تأتي رئاسة تراوري في فترةٍ تواجه خلالها بوركينا فاسو تحديات أمنية وإقليمية بعدما فقدت السيطرة على نحو 40 في المائة من مساحتها، للجماعات المسلّحة
تأتي رئاسة تراوري في فترةٍ تواجه خلالها بوركينا فاسو تحديات أمنية وإقليمية بعدما فقدت السيطرة على نحو 40 في المائة من مساحتها، للجماعات المسلّحة

رغم تعهّد النقيب إبراهيم تراوري، رئيس بوركينا فاسو، بألا يبقى في السلطة، فإنه مدّد فترة الحكم الانتقالي خمس سنوات إضافية، راهناً إجراء الانتخابات التي كان من المقرّر عقدها في يوليو (تموز) الماضي، بـ«سماح الظروف الأمنية». تراوري كان قد تولّى السلطة عبر انقلاب عسكري في سبتمبر (أيلول) 2022، متعهداً بـ«إنقاذ البلاد»، غير أنه لا يزال يخوض وجيشه «حرباً شرسة» ضد الجماعات «الإرهابية» المتطرّفة، التي تشن هجمات شِبه يومية على مناطق عدة من البلاد. وهذا، وسط مخاوف من أن «يرسّخ تراوري حكماً عسكرياً في بوركينا فاسو - التي كانت تُعرَف سابقاً باسم جمهورية أعالي الفولتا - يعزّز حالة اللااستقرار السياسي والأمني»، التي تشهدها بلاده الحبيسة والواقعة في الغرب الأفريقي، منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960.

وُلد إبراهيم تراوري يوم 14 مارس (آذار) عام 1988، لعائلة مسلمة من شعب الديولا «الجولا»، تقطن بلدة بوندوكوي، الواقعة في محافظة موهوم، شمال غربي العاصمة واغادوغو. ولقد نشأ في بيئة ريفية متواضعة، حيث أنهى تعليمه الابتدائي ثم الإعدادي في بلدته الريفية الصغيرة بمدرسة بوندوكوي الابتدائية العامة، قبل أن ينتقل إلى بوبو ديولاسو، ثاني كبرى مدن بوركينا فاسو؛ لإكمال تعليمه الثانوي في مدرسة ليسيه ميكست داكارت.

في عام 2006 التحق تراوري بجامعة جوزيف كي زيربو «جامعة واغادوغو سابقاً»، حيث حصل على درجة البكالوريوس في الجيولوجيا عام 2010.

بيد أن طموح ذلك الشاب كان أبعد من الجيولوجيا، إذ التحق، في العام نفسه، بأكاديمية جورج نامونو العسكرية، حيث تخرَّج بعد سنتين برتبة ملازم ثان.

في الواقع، لا تذكر سيرة تراوري الذاتية، المنشورة على موقع الرئاسة البوركينية، كثيراً عن تلك الفترة، إلا أن تقارير محلية وغربية عدة نقلت عن مقرَّبين منه، خلال مرحلة الدراسة العسكرية، وصفهم إياه بأنه كان تلميذاً «خجولاً ومتحفظاً وذكياً في آن».

التدرّج العسكري

انضمّ تراوري إلى الجيش، وبدأ رحلة صعود وتدرُّج سريعة داخل صفوفه، إذ خدم، فور تخرجه في المنطقة العسكرية الأولى بمحافظة كايا، لمدة سنتين حتى عام 2014، ثم رقّي إلى رتبة ملازم أول.

سنوات خدمة تراوري العسكرية الأولى تركّزت في المناطق المتضررة من «الإرهاب». وفي عام 2019 شارك في عملية أطلق عليها مسمى «سحب النار» ضد الجماعات المسلَّحة في المناطق الشرقية والشمالية الشرقية من البلاد. وعلى الأثر، رقّي إلى رتبة نقيب عام 2020، لكن نشاطه العسكري لم يقتصر على العمليات الداخلية، بل شارك في عمليات دولية، ضمن إطار قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام، كما التحق بدورات تدريبية عسكرية عدة، مِن بينها تدريب متخصص في الدفاع الجوي بالمغرب. ومع أن الرجل لا يحمل أوسمة عسكرية، فإنه وفْق الإعلام المحلي، معروف في أوساطه بأنه «قوي وشجاع».

داميبا... من الشراكة إلى الانقلاب

في يناير (كانون الثاني) 2022، شارك إبراهيم تراوري في انقلاب عسكري قاده العقيد بول هنري سانداوغو داميبا، وأطاح بنظام الرئيس المدني المنتخَب روك كابوري.

وفي مارس من العام نفسه، عيّن تراوري قائداً لفيلق «فوج المدفعية»، المتركز في كايا بالمنطقة الشمالية الوسطى، وهو موصوف بأنه «فيلق قوي جداً ومحترف»، لكن الأمور لم تستقرَّ طويلاً، إذ بعد نحو تسعة أشهر، قاد تراوري انقلاباً عسكرياً ضد داميبا في سبتمبر (أيلول).

وعقب نجاح الانقلاب، ألقى خطاباً قال فيه إن «هدفه إنقاذ البلاد من الأوضاع الأمنية المتدهورة»، بعد «فشل» القيادة السابقة في حماية البلاد من الإرهاب. وفي 21 أكتوبر (تشرين الأول) 2022، أدى تراوري اليمين الدستورية رئيساً للبلاد، ليصبح، وفق مراقبين، «أصغر» رئيس دولة في العالم. ويومذاك، قال تراوري، مخاطباً مسؤولي حكومة بوركينا فاسو: «أعلم أنني أصغر سناً من معظمكم هنا. نحن ما كنا نريد ما حدث، لكن لم يكن أمامنا خيار».

حازم وجادّ

كثيرون شبّهوا تراوري بزعيم بوركينا فاسو الثوري الراحل توماس سانكارا، ونقلت الـ«بي بي سي» عن وسائل إعلام بوركينية محلية قولها إن «تراوري تولّى زعامة البلاد بعد انقلاب عسكري، وهو نقيب بالجيش يبلغ من العمر 34 سنة، تماماً مثل سانكارا».

وبالفعل، يستخدم الإعلاميون المحليون أوصافاً عدة لتراوري؛ بينها «الحَزم»، و«الجِدية»، والقدرة على تحفيز الجنود، وأحياناً الجرأة والعنف. ويروون عنه - موقع «أفريكا ريبورت» - أنه عندما كان قائداً لوحدة عسكرية، قال لجنوده: «الجهاديون لا يرتدون سترات واقية من الرصاص، لذا نحن لا نحتاج إليها أيضاً».

والواقع أنه منذ تولَّى تراوري السلطة، ركّز على تعزيز قدرات الجيش عبر تدريبه وتجهيزه بأحدث المُعدّات، والتعاون إقليمياً ودولياً بهدف مكافحة «الإرهاب»، ثم إنه وضع «خطة وطنية للتحول الاقتصادي» تُشدد على تنويع مصادر الدخل، ودعم قطاعات مثل الزراعة والطاقة. واجتماعياً، أطلق تراوري برامج لدعم تمكين المرأة، وزيادة مشاركتها في الحياة السياسية والاقتصادية.

الحرب على الإرهاب

تأتي رئاسة تراوري في فترة تُواجه خلالها بوركينا فاسو تحديات أمنية وإقليمية، بعدما فقدت السيطرة على نحو 40 في المائة من مساحتها، للجماعات المسلّحة. لذا لا تخلو خطابات تراوري من تأكيد «أهمية تعزيز القدرات العسكرية لمواجهة التهديدات الأمنية». ومن جهة ثانية، تُعدّ بوركينا فاسو «نموذجاً مصغّراً» للأزمات العميقة الجذور المتعلقة بالحكم وتوطيد أركان الدولة، التي تتكرر في جميع أنحاء غرب أفريقيا ومنطقة الساحل. وهذه أزمات استبعد «مجلس العلاقات الخارجية الأميركي»، في تقرير له نُشر عام 2022، امتلاك تراوري الأدوات الكافية لحلها.

إعادة هيكلة الجيش... والتعبئة العامة

للتذكير، فور وصول تراوري إلى الحكم أعلن أن هدفه الوحيد هو الانتصار على «الإرهاب». وفي هذا السياق أعاد هيكلة الجيش، وأعلن «تعبئة عامة» يوم 19 أبريل (نيسان) 2023، مدَّدها أخيراً لمدة سنة أخرى. و«التعبئة العامة» تشبه «حالة الطوارئ»، وتنص على «استدعاء الشباب من سن الـ18 سنة فما فوق، والذين يتمتعون باللياقة البدنية، إلى التجنيد، وفقاً للاحتياجات التي تُعبر عنها السلطات المختصة».

لكن، بينما يقود تراوري حرباً على الإرهاب، ثمة ملامح أزمة تتفاقم بصمت، ذلك أن فترة حكم تراوري القصيرة نسبياً لتاريخه تُواجه انتقادات بسبب «تعزيز قبضة الجيش على السلطة»، وتأجيل الانتخابات التي تستهدف إعادة الحكم المدني. ففي مايو (أيار) الماضي، مُدّدت فترة الحكم الانتقالي خمس سنوات إضافية، وزعم تراوري أن «التمديد ضروري لإعادة بناء الدولة على أسس قوية، وضمان الاستقرار قبل العودة إلى الحكم المدني». وأضاف أن «الانتخابات ستُجرى عندما تسمح الظروف الأمنية بذلك».

الواقع أن ملامح الأزمة ظهرت عبر بيانات متكررة أعلنت فيها الحكومة عن محاولات انقلاب تدّعي أنها «مموَّلة ومدعومة من الخارج». و«كشفت» أولى تلك المحاولات بعد سنة من تولّي تراوري الحكم يوم 27 سبتمبر 2023. ومع أن المحاولات «كلها باءت بالفشل»، فإنها أثارت مخاوف بشأن استقرار الحكم.

بل أثّرت هذه المحاولات على تراوري إلى درجةٍ دفعت البعض للقول إنه «بات مهووساً بالمؤامرات المحتملة ضده، ومقتنعاً بضرورة مراقبة الجميع». وبالفعل، اتخذ الرجل إجراءات أمنية «صارمة» لحماية حكمه وأركانه، وكفَّ عن الخروج ليلاً، وقلَّص دائرة خُلصائه لتنحصر في إخوته وبعض المقرَّبين.

«حليف روسيا»

تقارير غربية عدة تُصنّف تراوري، اليوم، «حليفاً لروسيا»، وبخاصة أنه طالب القوات الفرنسية، في مارس 2023، بالانسحاب من البلاد، ما دفع البعض للقول إنه يسعى لقطع علاقاته مع باريس، مقابل تعزيزها مع موسكو، في سياق الصراع بين الدولتين على النفوذ بأفريقيا.

لكن تراوري أكد، في تصريحات صحافية، أنه «لا قطع للعلاقات الدبلوماسية، ولا حقد تجاه دولة معينة». ونفى وجود ميليشيا «فاغنر» الروسية في بلاده، قائلاً: «نسمع مراراً أن (فاغنر) باتت في واغادوغو... هذه الشائعة خُلقت لكي ينأى الجميع بأنفسهم عنا». وجاء النفي رغم تأكيده «تعزيز العلاقات مع روسيا»، وقوله، عام 2022، إن «بلاده ترتبط بعقد عسكري مع روسيا، وتستخدم عتادها بكثرة».

أيضاً «فاغنر» نفسها أكدت وجودها، في تصريحات تزامنت مع إعلانها، يوم 30 أغسطس (آب) الماضي، رحيل جزء من قواتها في بوركينا فاسو، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن قائد «لواء الدببة» الروسي، فيكتور يرمولاييف، في مقابلة عبر تطبيق «تلغرام»، أن «نحو مائة من أصل نحو 300 مرتزق روسي غادروا بوركينا فاسو». في المقابل، ووفق «أ.ف.ب»، أكد يرمولاييف «بقاء بعض القوات»، قبل أن يوضح: «لدينا قواعد وممتلكات ومُعدات وذخيرة. لن نعيد كل شيء إلى روسيا».

وما يستحقّ هنا أنه كان لإحباط محاولة الانقلاب على تراوري، في سبتمبر 2023، «دور في تسارع التقارب بين واغادوغو وموسكو»، إذ «أرسلت روسيا بعدها، عشرات من الأفراد العسكريين والمرتزقة إلى بوركينا فاسو، بعضهم توجَّه مباشرة إلى مقر الرئاسة»، وفق موقع «أفريكا ريبورت» الذي أشار إلى «نشر نحو 200 شخص، ضمن إطار الشراكة الروسية الجديدة مع أفريقيا». ونقل الموقع عن مصدر عسكري بوركيني قوله إن «القوات الروسية شكّلت نوعاً من الفقاعة الأمنية ذات الدوائر المتداخلة حول تراوري لحمايته».ختاماً، يرى مراقبون تراوري نموذجاً متناقضاً ومعقّداً، بين قائد عسكري شاب بادر لتولّي زمام أمور بلاده بهدف «إنقاذها» و«إصلاحها»، ورئيس يسعى لترسيخ نظام حكم عسكري فردي، مؤجِّلاً أي خيارات لحكم مدني ديمقراطي. وتثير مسيرته العسكرية القصيرة جدلاً وتساؤلات بشأن قدرته على تحقيق الاستقرار في بوركينا فاسو، وما إذا كان سيقود البلاد نحو المدنية أم نحو حكم عسكري طويل الأمد.


مقالات ذات صلة

فوز منتظر للرئيس عبد المجيد تبّون في انتخابات الرئاسة الجزائرية

حصاد الأسبوع الرئيس عبد المجيد تبّون (رويترز)

فوز منتظر للرئيس عبد المجيد تبّون في انتخابات الرئاسة الجزائرية

يتوجه الجزائريون اليوم إلى مراكز الاقتراع لاختيار رئيس جديد. وهذه هي ثاني استحقاقات رئاسية بعد الحراك الذي طال سنتين تقريباً، وشهد خروج ملايين الجزائريين إلى

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع بليز كومباووري (أ.ف.ب)

بوركينا فاسو... 9 سنوات من مواجهة «الجماعات المسلحة»

لم تعرف بوركينا فاسو (أعالي الفولتا) استقراراً سياسياً لعقود طويلة، فمنذ استقلالها عن فرنسا عام 1960 شهدت تسعة انقلابات عسكرية؛ كان آخِرها الانقلاب الذي قاده

«الشرق الأوسط» ( القاهرة)
حصاد الأسبوع مناصرو حزب "البديل لألمانيا" اليميني المتطرف في ملتقى انتخابي بولاية ثورينجيا (رويترز)

ألمانيا أمام تحدي اليمين المتطرف وتداعيات صعوده السياسي

قبل 4 سنوات كانت نسبة التأييد لحزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف، على المستوى الوطني، لا تتعدى 12 في المائة. ومع أن تأييده في الولايات الألمانية

راغدة بهنام (برلين)
حصاد الأسبوع مصفاة راس لانوف على الساحل الليبي (آ ف ب)

ليبيا: الصراع على المصرف المركزي يعمّق الأزمة السياسية

بات «قوت الشعب» الليبي ومقدراته ورقة ضغط سياسي في لعبة الصراع على السلطة والنفوذ والمال بين «حكومتي» شرق ليبيا وغربها، وسط معركة تدور رحاها ظاهرياً حول شخص

فتحية الدخاخني (القاهرة)
حصاد الأسبوع عندما اختاره الرئيس سعيّد وزيراً للشؤون الاجتماعية، ثم رئيساً للحكومة يوم 7 أغسطس، أخذ في الحساب خلفيته الإدارية وخبرته الطويلة في الملفات النقابية والسياسية

كمال المدّوري... رئيس حكومة تونس الجديد أكاديمي مستقل أولويته «الأمن الاجتماعي»

فاجأ الرئيس التونسي قيس سعيّد المراقبين السياسيين داخل البلاد وخارجها، الذين كانوا يتابعون «مستجدات ملفات الانتخابات الرئاسية»، فأعلن قبل أسابيع من الموعد


معظم رؤساء الحكومات التونسية ولدوا في منطقة «الساحل»

الحبيب الصيد (الشرق الاوسط)
الحبيب الصيد (الشرق الاوسط)
TT

معظم رؤساء الحكومات التونسية ولدوا في منطقة «الساحل»

الحبيب الصيد (الشرق الاوسط)
الحبيب الصيد (الشرق الاوسط)

يتحدّر أغلب رؤساء الحكومات في تونس منذ أواسط خمسينات القرن الماضي من منطقة «الساحل» (وسط الشاطئ الشرقي لتونس)، موطن الرئيسين الأسبقين الحبيب بورقيبة (1957 - 1987) وزين العابدين بن علي (1987 - 2011) وكبار المسؤولين في الدولة. وفي المقابل، جاء 3 منهم فقط من مواليد العاصمة تونس، هم الباجي قائد السبسي ويوسف الشاهد وإلياس الفخفاخ.

الرئيس السابق الراحل الباجي قائد السبسي، سياسي مخضرم تولّى رئاسة الحكومة عام 2011 في عهد «الرئيس المؤقت» رئيس البرلمان السابق فؤاد المبزّع ثم انتخب رئيساً للجمهورية لمرحلة ما بين 2014 و2019. وفي حين ترأس يوسف الشاهد الحكومة من صيف 2016 إلى أوائل 2020، تولّى إلياس الفخفاخ المنصب عندما ترأس الحكومة الأولى في عهد قيس سعيّد لمدة 6 أشهر في 2020، وهو بالمناسبة، وإن كان من مواليد تونس العاصمة فإنه أصلاً من صفاقس، العاصمة الصناعية والتجارية في الساحل الشرقي الجنوبي للبلاد.

محمد الغنوشي (آ ف ب)

هيمنة «الساحل»

بما يخصّ منطقة «الساحل» الواقعة على بعد 150 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة، وكبرى مدنها مدينة سوسة، فقد تعاقب منها على رئاسة الحكومة نخبة من كبار رجال السياسة في البلاد، هم على التوالي:

الحبيب بورقيبة، من مدينة المنستير (1955 - 1957)، وتولّى عملياً رئاسة الحكومة حتى 1969. وللعلم، رسمياً كان المنصب شاغراً (بين 25 يوليو - تموز 1957 و7 نوفمبر - تشرين الثاني 1969)، إذ في مطلع النظام الجمهوري تولى الرئيس إدارة الحكومة، وبعدها تعاقب «فعلياً» على المنصب كل من:

الباهي الأدغم، بلدة منزل النور المجاورة لمدينة المنستير، (1969 - 1970)

أحمد بن صالح، مدينة المكنين، (1960 - 1970)

الهادي نويرة، المنستير، (1970 - 1980) – أول رئيس حكومة يحمل المسمّى رسمياً.

محمد مزالي، المنستير، (1980 - 1986)

رشيد صفر، من المهدية، (1986 - 1987)

زين العابدين بن علي، مدينة حمام سوسة، (1987)

الهادي البكّوش، حمام سوسة، (1987 - 1989)

حامد القَروي، مدينة سوسة، ( 1989 - 1999 )

محمد الغنّوشي، سوسة، (1999 - 2011)

حمّادي الجبالي، سوسة، (2012 - 2013)

المهدي جمعة، المهدية، (2014)

الحبيب الصيد، سوسة، (2015 - 2016).

حامد القروي (الشرق الاوسط)

في المقابل، من خارج منطقة «الساحل» وتونس العاصمة، تولّى المهندس علي العريّض، القيادي السابق في حزب حركة النهضة رئاسة الحكومة في عام 2013، فكان السياسي الوحيد الذي يصل إلى هذا المنصب من «الجهات المهمشة» في أقصى الجنوب الشرقي الصحراوي، وهو من مواليد مدينة مدنين.

كذلك، تولّى وزير الداخلية السابق هشام المشيشي رئاسة الحكومة بين سبتمبر (أيلول) 2020 و25 يوليو 2021، فكان أول رئيس للحكومة من مدينة بوسالم في محافظة جندوبة في الشمال الغربي الزراعي و«المهمّش».

وبين 2021 و2023 صارت الدكتورة نجلاء بودن، من مواليد مدينة القيروان، أول سيدة تشغل منصب رئاسة الحكومة في تونس.

أخيراً، ما يستحق الذكر أن الدكتور محمد المنصف المرزوقي، ابن الجنوب الصحراوي التونسي، صار بين عامي 2012 و2014 الشخصية الوحيدة التي تولت رئاسة الدولة (رئاسة الجمهورية) من غير أبناء «الساحل» وتونس العاصمة.