رواندا... قصة 3 عقود من التطوّر المدهش

بعد معاناة طويلة مع العداء والحرب الأهلية

 كيغالي ... ازدهار وتطور (شاترستوك)
كيغالي ... ازدهار وتطور (شاترستوك)
TT

رواندا... قصة 3 عقود من التطوّر المدهش

 كيغالي ... ازدهار وتطور (شاترستوك)
كيغالي ... ازدهار وتطور (شاترستوك)

من حرب أهلية، كانت بين الأكثر دموية في القرن العشرين، إذ حصدت نحو مليون قتيل، لم تسدّ طريق رواندا نحو النجاح. ومن الاستعمار الذي ودع البلاد في الستينات، مروراً بتلك الحرب التي أشعلها إسقاط طائرة الرئيس جوفينال هابياريمانا (من شعب الهوتو)، إلى التنمية على يد الرئيس الحالي بول كاغامي، كتبت رواندا قصة نجاح استثنائية.

التاريخ السياسي لرواندا بدأت ملامحه خلال الفترة الاستعمارية البلجيكية، بين عامي 1916 و1962، ويومذاك كان السكان الأصليون بسوادهم الأعظم من غالبية الهوتو، وأقلية التوتسي. واتهم الاستعمار وقتها بالعمل على غرس بذور التمييز بينهم لكي يستمر، وهنا بدأت الأزمة السياسية الأكبر في تاريخ البلاد.

تلك الأزمة طفت على السطح مع إنهاء الاستعمار البلجيكي وسيطرة غالبية الهوتو على السلطة، وتسارع نزعة بعض أبنائها الانتقامية تجاه أقلية التوتسي التي تمتعت طويلاً بامتيازات ومكانة أرفع. وهذا الأمر دفع كثيرين من التوتسي المهددين بالتمييز والعنف إلى الفرار لبلدان مجاورة، كان أبرزها أوغندا. وبقي هؤلاء في المنفى لفترة غير قصيرة، وكان بينهم الطفل بول كاغامي، وسط رفض لعودتهم من قبل السلطة في رواندا.

وكان ذلك الملمح الثاني الأبرز بتاريخ رواندا الذي شهد بداية تغير دراماتيكي، مع تأسيس الشاب بول كاغامي مع آخرين بأوغندا في الثمانينات «الجبهة الوطنية الرواندية»، منادياً بعودة الروانديين المنفيين إلى وطنهم وتشكيل حكومة جديدة وتقاسم السلطة. لكن ردّ نظام الرئيس الرواندي (آنذاك) جوفينال هابياريمانا تمثّل في تأسيس ميليشيات من متشدّدي الهوتو. وهكذا، اندلعت عام 1990 المواجهات بين «الجبهة» والنظام، ولم تهدأ نيرانها إلا عبر مفاوضات بين عامي 1992 و1993، في مدينة أروشا بتنزانيا، وكلّلت تلك المباحثات بخطط للاندماج وتقاسم السلطة... إلا أنها كانت تسير ببطء وظلت حبراً على ورق.

لكن شهر أبريل (نيسان) 1994 شكّل علامة فارقة في المشهد السياسي الرواندي، إذ قتل الرئيس هابياريمانا في استهداف صاروخي لطائرته، ما أشعل حرب إبادة بين الهوتو والتوتسي، الذين اتهمهم متشددو الهوتو بارتكاب جريمة الاغتيال، بينما اتهمت جهات أخرى جماعات من الهوتو معادية للرئيس بارتكابها. ولقد سقط في تلك الحرب نحو مليون شخص، لكن الكلمة الأخيرة في الحرب كانت لـ«الجبهة»، التي سيطرت تحت قيادة كاغامي على العاصمة كيغالي، وأنهت الأعمال الانتقامية.

بذا، بدأ فصل سياسي جديد شهد تشكيل حكومة وطنية لأول مرة في رواندا، برئاسة باستور بيزيمونغو، مع تعيين كاغامي نائباً للرئيس، قبل أن يطيح الثاني بالأول وسط اتهامات متبادلة. ومن ثم، يزكي البرلمان كاغامي رئيساً للبلاد في عام 2000. وهكذا، توقف المشهد السياسي عند كاغامي على امتداد نحو 24 سنة، شهدت انتخابه تكراراً في أعوام 2003 و2010 و2017. وفي 15 يوليو (تموز) الماضي، استكمل مسيرته في السلطة وانتخب للولاية الرابعة الرئاسية، وحقق فوزاً ساحقاً بنسبة 99.18 في المائة من الأصوات. وللتذكير، طيلة ربع قرن، شهدت الحياة السياسية إجراء استفتاءين: الأول في 2003، لسنّ دستور يحظر العرقية والأعمال الانتقامية، وآخر في 2015، شمل تعديلات سمحت له بالبقاء في الحكم حتى 2034، إذا فكر بالترشح مجدداً رغم رفض متزايد من معارضيه.

محمد تورشين، المحلل السياسي المختص بالشؤون الأفريقية، قال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن رواندا «مرّت بفصول سياسية مهمة منذ مواجهة الاستعمار، مروراً بحرب الإبادة الفارقة بالحياة السياسية، حتى انتخاب كاغامي»، غير أنه يرى أن الرئيس الرواندي المُعاد انتخابه سيواجه «تحديات كبيرة». فوفق تورشين، سيواجه كاغامي «خيارات صعبة» داخل المنظومة الحاكمة، سواء لجهة إيجاد خلف له، أو محاولة تعديل الدستور للبقاء بالحكم.

ومن ثم، يتوقع تورشين أن يقدم الرئيس الرواندي، بعد ولايته الجديدة، على تغييرات سياسية تضمن استمراره في السلطة عبر تعديل الدستور استناداً لشعبيته، ووجود شريحة كبيرة عاشت فترة الازدهار الاقتصادي بعهده مع وعود بالسعي لتحقيق أكبر قدر من النجاحات داخل الدولة.



عضلات نتنياهو انتفخت... والنتيجة مخيفة

تشييع إسماعبيل هنية في طهران قبل مراسم دفنه في قطر (الشرق الأوسط)
تشييع إسماعبيل هنية في طهران قبل مراسم دفنه في قطر (الشرق الأوسط)
TT

عضلات نتنياهو انتفخت... والنتيجة مخيفة

تشييع إسماعبيل هنية في طهران قبل مراسم دفنه في قطر (الشرق الأوسط)
تشييع إسماعبيل هنية في طهران قبل مراسم دفنه في قطر (الشرق الأوسط)

كثيرون من شهود العيان، ينشرون تقارير تفيد بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كان في حالة اكتئاب شديد وإحباط أشد، في صبيحة السبت 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عندما أبلغه مستشاره العسكري بتفاصيل هجوم «حماس» على 11 موقعاً عسكرياً و22 بلدة في غلاف غزة.

هذه الحالة رافقته لأيام طويلة عدة. لكن الطريقة التي اختارها جيشه للرد على «حماس»، بالهجوم العسكري الجنوني الذي دمّر غزة بكل ما فيها من عمار وحضارة، وقصد قتل روح أهلها كباراً وصغاراً، أعجبت نتنياهو وأخافته في آن. ويقال إنه لم ينتعش ويبدأ العودة إلى طبيعته، إلا عندما جاءه الرئيس الأميركي جو بايدن إلى تل أبيب في زيارته التضامنية الشهيرة، بعد 11 يوماً من الهجوم. في حينه شوهد نتنياهو وهو لا يتمالك نفسه وحاشر رئيس الدولة يتسحاق هيرتسوغ لكي يسبقه على عناق بايدن. وقد انتقده الإسرائيليون على خرق «البروتوكول» الذي ينص على أن الرئيس (هيرتسوغ) يسبقه في استقبال الرئيس الضيف (بايدن). واعتبروا ذلك تصرفاً صبيانياً فحسب. لكن الأميركيين أدركوا أن الرجل منهار وقد اهترأت أعصابه وهو ينتظر وصول بايدن... وما إن رأته عيناه حتى ارتمى في حضنه كما يفعل طفل ضائع يلتقي والدته.

منذ تلك اللحظات مرت عشرة أشهر، والطفل المنهار صار «طاووساً» أرعن مستأسداً... لا يتردد في مهاجمة بايدن في عقر داره ويعود إلى إسرائيل كما لو أنه حقق الانتصار عليه. وحقاً عاد من واشنطن أكثر تشدداً في مواقفه من الحرب. يتكلم عن ضرورة استمرارها بلا خجل ولا تردد. ويعمل بشكل واضح على توسيعها. وصادق على اغتيالات مشكوك في جدواها العسكرية والاستراتيجية. وأتت هذه الاغتيالات، بالصدفة أو بالتخطيط المقصود، لتتوّج زيارته إلى الولايات المتحدة.

خطط لنقل رسالة

اليوم، يتضح أن الحوارات الدائرة بين تل أبيب وواشنطن، تدل على أن نتنياهو ليس فقط نسي المشهد الذي ارتمى فيه على أحضان بايدن، بل يتصرف كما لو أنه هو صاحب الحضن. وعندما التقى الرئيس بايدن، شاءت الأقدار أن يكون الأخير في عز اضطراره إلى التنازل عن الترشيح للرئاسة.

الأميركيون يسمّون وضع الرئيس في حالة كهذه «بطة عرجاء». ومع أن رئيس الوزراء الإسرائيلي امتدحه وشكره على دعمه، فإنه لم يتردد في انتقاده أيضاً على ضغوطه لوقف الحرب. وبالفعل، لليمين الإسرائيلي خطاب سياسي واضح مع الأميركيين، وقد حرص نتنياهو على أن يصل إلى كل أذن في الولايات المتحدة. ملخص الخطاب، أن ما تفعله إسرائيل في غزة أقل بكثير مما فعلته الولايات المتحدة في العراق أو أفغانستان أو فيتنام. وأحد كتاب اليمين المشهورين، أليكس غوردون، صاغ هذا الموقف قائلاً: «في 4 يونيو (حزيران) 2024، قال الرئيس بايدن في مقابلة مع مجلة (تايم) إن (الناس لديهم سبب للاعتقاد) بأن رئيس الوزراء نتنياهو يطيل الحرب في غزة لأسباب تتعلق بالبقاء السياسي». ولكن من يدري إلى متى يجب أن تستمر هذه الحملة؟ ففي نهاية المطاف، لا يوجد ذكاء اصطناعي أو ذكاء طبيعي يعرف على وجه اليقين الفترة الزمنية الدقيقة والأمثل للحروب، بما في ذلك الحرب ضد الإرهابيين في غزة. وبما أن الذكاء الفائق الذي يعرف كل شيء غير موجود، فإننا مضطرون إلى إجراء تقدير زمني لمدة الحرب ضد الإرهابيين من خلال مقارنتها بحروب أخرى مع إرهابيين آخرين. فقد بدأت الحرب مع إرهابيي تنظيم (داعش) في مدينة الموصل العراقية يوم 24 مارس (آذار) 2016 واستمرت حتى 9 يوليو (تموز) 2017. وفي هذه الحرب التي قادها الجيش العراقي شاركت القوات الجوية الأميركية والبريطانية وفرنسا وألمانيا وتركيا والإمارات العربية المتحدة إلى جانب العراقيين. وهزم هذا التحالف الإرهابيين وطردهم من الموصل. كان يعيش في الموصل نحو 1.5 مليون نسمة. وبلغت مساحة الموصل 180 كيلومتراً مربعاً. أما في غزة فيبلغ عدد السكان نحو 2.23 مليون نسمة. وتساوي مساحة غزة 362 كيلومتراً مربعاً، أي ضعف مساحة الموصل. من حيث حجم المنطقة وحجم السكان وحدهم، من المتوقع أن تكون الحرب في غزة أطول بـ1.5 - 2 مرة من الحملة في الموصل، أي ما بين سنة و11 شهراً وسنتين و6 أشهر».

واضاف غوردون: «لقد قاتل نحو 8000 من إرهابيي (داعش) في الموصل، وعدد إرهابيي (حماس) أكبر بثلاث أو حتى أربع مرات من إرهابيي (داعش). ومن الواضح أيضاً من هذه الأرقام أن الحملة في غزة من المتوقع أن تكون أطول بكثير من تلك التي حدثت في الموصل. لكن في الموصل، لم يكن لدى إرهابيي (داعش) أنفاق تحت الأرض يصل طولها إلى نحو 500 كيلومتر كما هو الحال في غزة. ولهذا السبب لم يكن لديهم إمكانية المناورة تحت الأرض، ونقل سريع للقوات وهناك عدد لا يحصى من الكمائن كما هو الحال في غزة. لذلك؛ لا مفر من أن يؤدي تأثير الأنفاق إلى إطالة أمد الحرب في غزة أكثر بكثير من مدّتها في الموصل. لكن هناك عاملاً آخر يطيل أمد الحرب؛ لأن الجيش الإسرائيلي يتعامل مع السكان المدنيين في غزة بشكل أبطأ وأكثر حذراً من الجيش العراقي وحلفائه في الموصل».

ومع أن نتنياهو لم يلتقِ مسؤولاً أميركياً واحداً يشجعه على سياسته، وحتى المرشح الجمهوري دونالد ترمب، حثّه على إنهاء الحرب، عاد إلى إسرائيل رافعاً حدة تهديداته وراح يصعّد اجراءاته الحربية.

تغيّر توجه الجيش

من جهة ثانية، بشكل مفاجئ، وجد الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي عارضت سياسته، وقد غيّرت توجهها. ففي يوم هبوط طائرة نتنياهو بمطار تل أبيب، تعرّضت ثلاث قواعد عسكرية إسرائيلية لهجوم من نحو ألفي شخص من ميليشيات اليمين المتطرف يحتجون على قيام الشرطة العسكرية التابعة للجيش باعتقال تسعة جنود للتحقيق معهم في شكاوى أسرى فلسطينيين تعرّضوا للتعذيب والتنكيل والاغتصاب الوحشي. ولقد اعتدى هؤلاء على الجنود وراحوا يطالبون بإقالة رئيس أركان الجيش هرتسي هليفي. ورافقهم في الهجوم عدد من الوزراء والنواب أعضاء أحزاب اليمين الحاكم، الليكود بقيادة نتنياهو والصهيونية الدينية بقيادة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.

هذه أول مرة في تاريخ إسرائيل يحصل فيها هجوم على الجيش من مواطنين. لكنه تطور حتمي. فهو حصيلة تحريض شرس من اليمين على قيادة الجيش، مستمر منذ أكثر من عشر سنوات، بعدما اختلفت هذه القيادة مع نتنياهو ومنعته من إطلاق خطة للهجوم على إيران، واتهمته بالتخلي عن عقيدة القتال والاشتباك والإقدام.

ولكي نأخذ فكرة عن مضمون هذا الهجوم نقتبس ما قاله سموتريتش في مؤتمر حزب «تكوما» (البعث)، في أول الشهر الفائت: «نحن نحتاج إلى قيادة عسكرية مع حمض نووي (DNA) مختلف، لا يخاف من صنع النصر». وسموتريتش، الذي لم يخدم في الجيش، ومع ذلك وضعه نتنياهو وزيراً ثانياً في وزارة الدفاع، هاجم عدداً من الجنرالات، مثل عاموس يدلين وتمير هايمان، الرئيسين الأسبقين لشعبة الاستخبارات العسكرية، والمحرر العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، «الذين بدلاً من أن يدفنوا أنفسهم في البيت خجلاً وحياءً بسبب مفاهيمهم التي أوصلت الجيش إلى حالة الترهل، يواصلون حرث استديوهات التلفزيونات للتحليل والتعليق وتقديم النصائح المخزية التي تشجع على وقف الحرب وتقبل الهزيمة».

ما يُذكر، يعيش الجيش ومعه بقية أجهزة الأمن في إسرائيل كارثة معنوية منذ 7 أكتوبر الماضي؛ بسبب الإخفاق في منع هجوم «حماس». ولقد حاول الجيش التغلب على الكارثة بحرب جنونية دمر فيها قطاع غزة بشكل شبه كامل... اتضح أنها ليست موجهة ضد «حماس»، بل ضد الشعب الفلسطيني كله. إذ قتل نحو 40 ألفاً، ثلثاهم من النساء والأطفال والمسنين والعجزة، ودمّر كل الجامعات والمستشفيات ومعظم المدارس والجوامع والكنائس. وقَتَل علماء وصحافيين وأطباء ومعلمين وباحثين ومخترعين وفقهاء ورجال دين ومسعفين وطواقم إغاثة. لكن هذا كله لم يحقق أياً من أهداف الحرب. وبقيت الصورة الختامية أن هذا الجيش بعظمة قوته (ثلاثة أرباع المليون جندي ومئات الطائرات الحديثة والصواريخ الجبارة وآلاف الأطنان من المتفجرات) وبضخامة وحداثة أسلحته ودعم الولايات المتحدة وحكومات الغرب له، يدير حرباً تستغرق 10 أشهر ضد تنظيم مسلح محدود القوة (30 - 40 ألف عنصر) وفقير الأسلحة، ولم يستطع حسمها.

التصعيد ... لاستعادة هيبة مهدورة

هذه المشكلة أضعفت الجيش وأثارت تساؤلات كثيرة لدى الحلفاء والأصدقاء، الذين كانوا يأتون لتعلم دروس الحرب منه. وفي الوقت عينه، أثارت أسئلة كثيرة لدى الجمهور الإسرائيلي. وكلما عاد الجنود من الجبهة، ازدادت الأسئلة وأصبحت استنكارية أكثر. وبسبب الصراعات الداخلية داخل المجتمع الإسرائيلي، ومحاولات حكومة اليمين درء الاتهامات عنها بالمسؤولية عن الإخفاق، زاد اليمين على الوقود زيتاً فراح يحرّض على قيادة الجيش ويتهمها بالفشل وبالجبن. وفعلاً دلّت الاستطلاعات على أن ثقة الجمهور الاسرائيلي بالأجهزة الأمنية انخفضت بشكل حاد من 90 في المائة إلى 70 و60 في المائة. وصار رئيس أركان الجيش وجنرالاته يتعرضون لإهانات حتى في جلسات الحكومة، من وزراء كثيرين وليس فقط بن غفير وسموتريتش. وكان نتنياهو يسمع ويسكت. ومن هنا تفاقم الاستخفاف بالجيش لدرجة أن المستوطنين اعتدوا على جنوده في الضفة الغربية، ونشطاء اليمين هاجموا القواعد العسكرية.

لذا؛ قررت الأجهزة الأمنية استعادة هيبتها المهدورة أياً كان الثمن. فانتهزت فرصة التراخي الأمني في الضاحية وفي طهران، ووجهت ضربتيها، باغتيال رئيس حركة «حماس»، إسماعيل هنية في قلب مجمع «الحرس الثوري» الإيراني، واغتيال قائد أركان «حزب الله» فؤاد شكر. وخرج نتنياهو يعلن بتفاخر مخضّب بسكرة نصر: «لقد أغلقنا حسابات مع (القائد العسكري بـ«حزب الله»، فؤاد شكر) محسن، وسنغلق الحسابات مع أي شخص يسيء إلى بلادنا». وأردف: «منذ هجوم بيروت، سمعت التهديدات من جميع الجهات. نحن مستعدّون لأي سيناريو، وسنقف مركّزين، ومصمّمين ضدّ أي تهديد، وستجبي إسرائيل ثمناً باهظاً، إزاء أي عدوان علينا من أي ساحة. قلت بالفعل في الأيام الأولى للحرب إن الأمر سيستغرق وقتاً ويتطلّب الصبر منّا جميعاً، وسأكرّر ذلك اليوم أيضاً».

وبعدما ألقى هذا الحجر في البئر، واستعرض العضلات المنفوخة على أقصى حد، دخلت المنطقة برمتها في توتر خطير، وتصعيد مخيف، باتجاه توسيع الحرب نحو مدى يصعب تقديره.