شراكة بوتين «الاستراتيجية» مع بيونغ يانغ توسّع المواجهة مع الغرب

أصغر من تحالف... وأكبر من اتفاق عسكري

المصفحة الرسمية بين الرئيسين فلاديمير بوتين وكيم جونغ أون في بيونغ يانغ (رويترز)
المصفحة الرسمية بين الرئيسين فلاديمير بوتين وكيم جونغ أون في بيونغ يانغ (رويترز)
TT

شراكة بوتين «الاستراتيجية» مع بيونغ يانغ توسّع المواجهة مع الغرب

المصفحة الرسمية بين الرئيسين فلاديمير بوتين وكيم جونغ أون في بيونغ يانغ (رويترز)
المصفحة الرسمية بين الرئيسين فلاديمير بوتين وكيم جونغ أون في بيونغ يانغ (رويترز)

قد تشكّل الزيارة «التاريخية»، كما وصفتها موسكو وبيونغ يانغ، للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى كوريا الشمالية، نقطة تحوّل رئيسية في الصراع المتفاقم بين روسيا والغرب. لقد نفّذ «سيد الكرملين» عملياً بعض تهديداته المعلنة على خلفية زيادة انخراط الغرب في الحرب الأوكرانية. ولم يعد الأمر يقتصر على التلويح بتسليح «خصوم الولايات المتحدة وحلفائها»، بل خيار وُضع على مسار التنفيذ وينتظر القرار السياسي في اللحظة المناسبة للكرملين. بيد أن الأمر الأكثر إثارة في مُخرجات زيارة بيونغ يانغ كمُن في إطلاق إشارة جدية بجهوزية الكرملين لتوسيع «رقعة المواجهة» الدائرة في أوكرانيا وحولها، لتشمل مناطق في العالم، مشتعلة بملفات ساخنة ومعقدة للغاية. ولذلك؛ كان طبيعياً أن تثير الزيارة ونتائجها قلقاً جدياً لدى الغرب. وأن تفتح أيضاً باباً واسعاً للنقاش حول رؤية الكرملين لملامح «العالم الجديد المتعدد الأقطاب» الذي لطالما روّج له بوتين، وآليات بناء تحالفاته في المنظومتين الإقليمية والدولية التي يسعى لتكريسها.

لعل العنوان الأبرز لزيارة الرئيس فلاديمير بوتين كوريا الشمالية تمثّل في توقيع اتفاقية «الشراكة الاستراتيجية الشاملة»، التي حملت في أحد بنودها تأكيداً مثيراً للغاية حول «الدفاع المشترك» ضد أخطار خارجية قد تهدّد البلدين أو أحدهما.

هذه الصيغة بحد ذاتها شكّلت مادة غنية للنقاش، وأساساً لزيادة مخاوف الغرب حيال سياسات بوتين الإقليمية.

وقبل الدخول في تفاصيل الاتفاق وآليات تطبيقه المحتملة، تجدر الإشارة إلى نقطتين فارقتين. النقطة الأولى هي أن الاتفاقية بشكلها الراهن تشكل استعادة مباشرة للإرث السوفياتي بكل ما يحمل هذا الأمر من رسائل وإشارات من جانب الكرملين حول مدى استعداده للمضي في صراعه القائم مع الغرب إلى أقصى مدى ممكن. ولذلك؛ يمكن ملاحظة أن الاتفاقية تشكل تطويراً مباشراً لـ«معاهدة الصداقة والمساعدة المتبادلة المُبرمة» بين «كوريا الديمقراطية والاتحاد السوفياتي» في العام 1961 في ذروة «الحرب الباردة».

والنقطة الثانية أن هذه أول اتفاقية من نوعها توقّعها روسيا المعاصرة خارج الإطار الجغرافي للفضاء السوفياتي السابق، بمعنى أنها خارج نطاق مجالها الحيوي وفضاء مصالحها المباشرة. وللعلم، كانت روسيا أبرمت اتفاقاً مماثلاً فقط مع حليفتها الأقرب بيلاروسيا، وكما أبرمت اتفاقات جماعية حملت المضمون نفسه في إطار «معاهدة الأمن الجماعي» مع بلدان سوفياتية سابقة، لكن هذه المعاهدة ظلت في غالب الأحيان حبراً على ورق. ولم تشهد تحركاً جماعياً «ضد خطر خارجي» على أحد بلدان المجموعة إلا في حالات محدودة للغاية.

بداية حقبة جديدة!

بناءً عليه؛ تكتسب الاتفاقية مع بيونغ يانغ أهمية إضافية. وهو ما دفع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إلى إعلان بداية «حقبة جديدة». وقال بعد التوقيع إنه «تم الإعلان عن البداية الرسمية لعلاقات التحالف بين جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية والاتحاد الروسي؛ ما يمثل نقطة تحول رئيسية في تاريخ تطور العلاقات الكورية - الروسية».

الواقع، وفق قسطنطين أسمولوف، الباحث البارز في مركز الدراسات الكورية في معهد الصين وآسيا الحديثة التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أن تسمية الاتفاقية بحد ذاتها تشير إلى ارتفاع كبير في مستوى العلاقات الثنائية. ورأى أن «الشراكة الاستراتيجية» تقفز بالعلاقات بين موسكو وبيونغ يانغ «خطوات عدة دفعة واحدة».

وهنا، لا بد من استعادة نص المعاهدة الأصلية التي طُوّرت؛ إذ نصّت المادة 1 من «معاهدة الصداقة والمساعدة المتبادلة» لعام 1961 على ما يلي: «إذا تعرض أحد الطرفين المتعاقدين لهجوم مسلح من قِبل أي دولة أو تحالف دول، وبالتالي وجد نفسه في حالة حرب، فإن الطرف المتعاقد الآخر يقدم على الفور المساعدة اللازمة. المساعدات العسكرية وغيرها من المساعدات بكل الوسائل المتاحة لها». وهكذا استُعير النص حرفياً تقريباً في الاتفاقية الجديدة مع إضافة نكهة معاصرة عبر الكلام عن التحديات الجديدة و«العدوان» المحتمل من خصوم الطرفين. وفي هذا الإطار تبرز إشكالية التعامل مع النص الموقع، وما إذا كان الهدف منه تطبيقاً عملياً أم توجيه رسائل تهديد لأطراف ثالثة.

هنا يقول بعض الخبراء الروس إنه «من الواضح أن السؤال الذي يطرح نفسه: مَن سيصف ما يشكّل عدواناً؟ على سبيل المثال، إذا قالت كوريا الشمالية إنها تعرّضت لهجوم، هل ينبغي لروسيا أن تتفق مع وجهة النظر هذه؟ أم يتوجب عليها أن تقيّم بنفسها أن هذا عدوان، وما إذا كان الوضع يتطلب تفعيل بند الدفاع المشترك؟».

رسالة إلى «الجيران»

الواضح أن الضمانات الأمنية التي قدّمتها روسيا لكوريا الشمالية تستهدف في المقام الأول أقرب جيرانها - اليابان وكوريا الجنوبية -، فضلاً عن حليفتهما الأكبر الولايات المتحدة. ولقد تجلى ذلك في خطاب بوتين، الذي ذكر فيه تحديداً توسيع البنية التحتية العسكرية الأميركية في شمال شرق آسيا، فضلاً عن زيادة حجم وكثافة التدريبات المشتركة مع كوريا الجنوبية واليابان. ووفقاً لخبراء، فإن «الإشارة الواضحة إلى خصوم الطرفين قد تدفع بيونغ يانغ نحو نشاط عسكري أكبر في المنطقة».

أسمولوف يضع تفسيره لأحكام الاتفاقية المُبرمة عبر الإشارة إلى احتمالات تطبيق أحكام المساعدة المتبادلة في سياق العملية العسكرية في أوكرانيا. ويقول: «من الناحية النظرية، دعونا نتخيّل موقفاً يقوم فيه الجانب الأوكراني مرة أخرى بقصف بيلغورود بطائرات قدّمتها الولايات المتحدة. يعلن الجانب الروسي أن هذا بالفعل هجوم على أراضيه، ويتجاوز حدود المنطقة العسكرية الشمالية، ويطلب المساعدة من كوريا الشمالية. أي أن الاتهامات الموجهة ضد موسكو وبيونغ يانغ حول تعاون عسكري في أوكرانيا ستتحول عملياً وقعاً سياسياً وعسكرياً جديداً».

ولكن في المقابل، ثمة من يقول إن مفهوم «المساعدة المتبادلة» أُدرِج في الاتفاقية بشكل غير واضح عمداً؛ بهدف توظيفه وفقاً للحاجة السياسية عند الضرورة.

الرئيسان الروسي والكوري الشمالي يتأهبان لتوقيع الاتفاقية الدفاعية (رويترز)

أداة ضغط سياسي

«إلى حد ما، يمكن اعتبار زيارة بوتين لبيونغ يانغ نفسها إحدى أدوات الضغط السياسي»، كما يقول روبرت وينستانلي تشيسترز، المحاضر في جامعة ليدز البريطانية. بمعنى أن أهمية الزيارة الحقيقية تتجلى في أبعادها من وجهة نظر جيوسياسية، أكثر من أن تكون محطة لإعلان تحالف عسكري. ولتوضيح هذه الفكرة يقول الباحث إن على الولايات المتحدة وحلفائها أن يأخذوا هذا العامل (الاتفاقية مع روسيا) في الاعتبار عند محاولاتهم لمواجهة بيونغ يانغ؛ الأمر الذي سيقلل من احتمالية الصدام العسكري مع كوريا الشمالية. وبذا يبدو التطور جزءاً من سياسة الردع للطرفين أكثر من أن يكون «تحالفاً عسكرياً واسع النطاق» بين روسيا وكوريا الشمالية.

وفي الوقت عينه، ووفقاً لخبراء روس، يُستبعَد أن يؤثر رفع مكانة علاقات بيونغ يانغ مع موسكو على علاقات الأولى مع بكين. وهنا يجب الأخذ في الاعتبار أن موسكو ما كانت لتقدم على خطوة كهذه من دون إبلاغ بكين. ويرجح خبراء أن يكون بوتين أبلغ الصينيين بنيته توقيع اتفاقية جديدة مع بيونغ يانغ إبان زيارته بكين في مايو (أيار). لكن هذا لا يعني أن الصين راضية تماماً عن وضع قد يؤجج التوتر أكثر في شبه الجزيرة الكورية. وهي ما زلت، وفقاً لخبراء، تفضل إدارة الملف عبر القوة الناعمة والدبلوماسية النشطة في مقابل الاندفاع الروسي «الساخن» في المواجهة القائمة مع الغرب.

عموماً، لا تزال الصين مُحتكِرة فعلياً مجال التعاون التجاري والاقتصادي مع كوريا الشمالية، مع محاولة موسكو تحقيق تكافؤ معين في هذا الشأن في المجال الأمني والعسكري. لكن التطور الأخير لا يعني أن بيونغ يانغ قد تنظر إلى روسيا كشريك أكثر أهمية من الصين. وبدلاً من ذلك، يُرجّح أن تستخدم كوريا الشمالية علاقتها مع روسيا لتحقيق التوازن وتوسيع قدراتها الاستراتيجية تجاه العلاقة مع الصين.

ملف العقوبات

الشق الثاني المهم للغاية في زيارة بوتين إلى كوريا الشمالية، تعلّق بملف العقوبات المفروضة على بيونغ يانغ. إذ تطرق بوتين بشكل منفصل لموضوع العقوبات التي تخضع لها كل من روسيا وكوريا الشمالية، مع الفارق أن الأخيرة لا تخضع فقط لعقوبات أحادية الجانب، بل لتدابير يفرضها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أيضاً.

"أول اتفاقية من نوعها توقّعها روسيا المعاصرة خارج الإطار الجغرافي للفضاء السوفياتي السابق"

لذا حمل تعهده بـ»إعادة النظر في النظام التقييدي غير المحدد المدة الذي فرضه مجلس الأمن الدولي تجاه بيونغ يانغ» أهمية خاصة. ثم أن هذا الموقف ارتبط بالحرب الأوكرانية بشكل مباشر، عبر إعلان بوتين إطلاق شارة البدء بتنشيط التعاون العسكري التقني مع كوريا الشمالية بعد اتهامه الدول الغربية بانتهاك الالتزامات الدولية فيما يتعلق بإمدادات محتملة لأسلحة بعيدة المدى وطائرات مقاتلة من طراز «إف - 16» إلى أوكرانيا.

لكن هذا الملف لا يقتصر على البُعد العسكري. وبجانب تصدير الأسلحة والمعدات العسكرية والتكنولوجيات ذات الاستخدام المزدوج ووقود الطائرات والصواريخ، فإن القرارات الدولية تحظر تزويد كوريا الشمالية بالغاز الطبيعي والمعادن والمعدات الصناعية والمركبات والسلع الفاخرة. كذلك يُحظر على هذا البلد تصدير الفحم والمأكولات البحرية والمنسوجات والأجهزة الكهربائية والخشب والموارد الطبيعية الأخرى، وعلى البنوك الكورية الشمالية فتح فروع أجنبية، وكان تم وضع حد لتوظيف العمال الكوريين الشماليين.

ماذا يمكن لروسيا أن تفعل في هذا الإطار؟

ظلت موسكو منذ بعض الوقت تضع عقبات أمام تشديد نظام العقوبات ضد بيونغ يانغ. وفي مايو 2022، منعت روسيا والصين مشروع قرار أعدته الولايات المتحدة بشأن فرض قيود جديدة رداً على اختبارات الصواريخ الباليستية المتكررة. وفي مارس (آذار) 2024، استخدمت موسكو حق النقض (الفيتو) ضد قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتمديد ولاية مجموعة من الخبراء الذين يراقبون الامتثال للعقوبات الدولية ضد كوريا الشمالية.

في المقابل، حتى بدعم من الصين، تظل روسيا عاجزة عن رفع العقوبات الدولية المفروضة على كوريا الديمقراطية. ففي ديسمبر (كانون الأول) 2019، قدّمت موسكو وبكين مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي، يتضمن رفع الحظر على تصدير المأكولات البحرية والمنسوجات والتماثيل، وإعفاء مشاريع السكك الحديدية والطرق بين الكوريتين من العقوبات الأميركية، فضلاً عن رفع العقوبات الأميركية، وإنهاء حظر عمل الكوريين الشماليين في الخارج. ولكن في النهاية... لم تُطرح الوثيقة للتصويت. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، قدمت روسيا والصين نسخة منقحة من القرار إلى أعضاء مجلس الأمن لكنهما فشلتا مجدداً في اعتماده. وهكذا، في ظل الحقائق الجيوسياسية الحالية، تظل فرص إقرار مثل هذه الوثيقة من قِبل بقية الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن، عملياً معدومة.

مع هذا، قد تجد موسكو بدائل. منها مثلاً، إعلان وقف مؤقت للامتثال لعقوبات معينة ضد كوريا الشمالية لأسباب إنسانية؛ وهو الأمر الذي ستنتقده حتماً الولايات المتحدة وحلفاؤها. وبمقدور موسكو أيضاً اللجوء إلى تفسير «مبتكر» للعقوبات - وفق مبدأ «ما ليس محظوراً فهو مسموح به».

بالإضافة إلى ذلك، قد ترفض روسيا الامتثال للقيود الدولية المفروضة على توظيف العمال الكوريين الشماليين وتوريد الموارد الطبيعية والمعدات إلى بيونغ يانغ. وهنا يشدد خبراء على أن «عبر هذه الإجراءات، تستطيع روسيا أن توضح للمجتمع الدولي أن العقوبات غير فعالة ليس فقط في سياق كوريا الشمالية، ولكن أيضاً بشكل عام».

موسكو وبيونغ يانغ وقَّعتا اتفاقية ممر جسر تومانايا الحدودي

> بالإضافة إلى الاتفاقية الاستراتيجية الجديدة، وقّعت موسكو وبيونغ يانغ خلال الزيارة اتفاقيتين لا تقلان أهمية، الأولى بشأن بناء جسر بري عبر نهر تومانايا الحدودي الذي يتدفق إلى بحر اليابان، والأخرى حول التعاون في مجال الرعاية الصحية والتعليم الطبي والتعليم الطبي. ولقد ورد ذكر تومانايا سابقاً في بيان مشترك عقب المفاوضات بين بوتين والرئيس الصيني شي جينبينغ في منتصف مايو (أيار)؛ إذ أكد الطرفان في حينها أنهما «سيواصلان، إلى جانب كوريا الديمقراطية تبادل وجهات النظر البنّاءة حول موضوع ملاحة السفن الصينية في الروافد السفلية».لزيادة حجم التجارة، يعد الاتفاق على بناء جسر طريق عبر تومانايا أمراً مهماً؛ نظراً لأن الأطراف في حاجة إلى تعزيز الروابط اللوجيستية، فحالياً يرتبط البلدان براً فقط بخطوط سكك الحديد التي تمر عبر «جسر الصداقة».ولتوضيح أهمية المشروع أكثر، يقول خبراء إن الصين وكوريا الشمالية (التي يبلغ اعتمادها التجاري على بكين بنسبة 95 في المائة) لديهما الآن 18 نقطة تفتيش. وتهتم الصين بالوصول إلى بحر اليابان، لكن تطوير الأراضي في هذه المنطقة يعتمد على القرارات السيادية لموسكو وبيونغ يانغ.كذلك، يشير بعض الخبراء إلى أن مشروع الجسر البري عبر نهر تومانايا العميق القابل للملاحة طُرح للمرة الأولى في تسعينات القرن الماضي. وفي حال شرع البلدان حالياً في التنفيذ العملي للمشروع بعد توافر الإرادة السياسية والظروف الدولية الملائمة لهما، فإن هذا المسار سيخلق وضعاً جديداً تماماً بالنسبة إلى حركة البضائع والتجارة، وستكون الصين قادرة على الإبحار مباشرة بسفنها التجارية إلى بحر اليابان؛ الأمر الذي سيكون أكثر ربحية.ويخلص خبراء إلى أنه من الناحية النظرية، يمكن للصينيين لاحقاً، الحصول على الحق في مثل هذه التحركات للسفن الحربية أيضاً؛ ما من شأنه تغيير الوضع الاستراتيجي الإقليمي بشكل كبير.


مقالات ذات صلة

انتخابات تاريخية في جامو وكشمير أمام خلفية إلغاء حكومة مودي وضع «الولاية الاتحادية»

حصاد الأسبوع تجمع حزبي في إحدى المناطق رافض لإلغاء حكومة مودي المادة 370 (رويترز)

انتخابات تاريخية في جامو وكشمير أمام خلفية إلغاء حكومة مودي وضع «الولاية الاتحادية»

بعد عِقد من الزمن، توافد الناخبون بإقليم جامو وكشمير، ذي الغالبية المسلمة والخاضع للإدارة الهندية، بأعداد قياسية للتصويت للحكومة المحلية في إطار انتخابات...

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع طابور اقتراع في كشمير (رويترز)

القضايا الرئيسية في انتخابات 2024 الكشميرية

برز إلغاء المادة 370 وتأسيس دولة مستقلة في جامو وكشمير قضيتَين رئيسيتين في هذه الانتخابات، بينما تشكّل البطالة مصدر قلق مزمن كبير. الصحافي زاهور مالك قال: «ثمة…

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع لقطة من مناظرة الثلاثاء الرئاسية (رويترز)

هل اقتربت أميركا من تغيير هوية «الجيل» الذي يحكم واشنطن؟

يُجمِع خبراء المناظرات الرئاسية الأميركية على أن الانتصارات فيها لا تُترجم بالضرورة فوزاً في الانتخابات، والمرشحون الذين يتألقون في المناظرات لا يفوزون دائماً

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع يقدّم بارنييه نفسه على أنه رجل ينتمي إلى اليمين لكن ليس اليمين البورجوازي القومي المتعصّب بل اليمين الاجتماعي

ميشال بارنييه رئيس الحكومة الفرنسية الجديد... هل يكون الرجل المعجزة الذي ينقذ عهد ماكرون؟

بعد 25 سنة أمضاها ميشال بارنييه في بروكسل (1999 – 2021) مفوضاً أوروبياً متنقلاً في مناصب عديدة، منها مسؤول عن السوق الأوروبية الداخلية ونائب لرئيس المفوضية،

ميشال أبونجم (باريس)
حصاد الأسبوع الرئيس الموريتاني ولد الغزواني يستقبل رئيس الوزراء الإسباني سانتشيز ورئيسة المفوضية الأوروبية فون در لاين في نواكشوط 
(آ فب)

إسبانيا تحاول التحكّم بهاجس التعامل مع المهاجرين

عندما فازت إسبانيا بكأس الأمم الأوروبية لكرة القدم، أواسط يوليو (تموز) الفائت، كان النجم الأبرز في الفريق الوطني الأمين جمال، وهو لاعب من أب مغربي وصل قبل 19

شوقي الريّس (مدريد)

«حرب لبنان» تظهر تغييراً كبيراً في نظرة أميركا تجاه إيران

القصف وأعمدة الدخان في جنوب لبنان (رويترز)
القصف وأعمدة الدخان في جنوب لبنان (رويترز)
TT

«حرب لبنان» تظهر تغييراً كبيراً في نظرة أميركا تجاه إيران

القصف وأعمدة الدخان في جنوب لبنان (رويترز)
القصف وأعمدة الدخان في جنوب لبنان (رويترز)

منذ اندلاع «حرب مساندة» غزة التي أطلقها «حزب الله» قبل نحو سنة، كانت المؤشرات كلها توحي بأن حرب الإبادة التي شنّتها إسرائيل رداً على «هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)»، ستنتقل عاجلاً أو آجلاً إلى لبنان، في ظل إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه يخوض «حرباً ستكون طويلة لتغيير خريطة الشرق الأوسط». ومع ذلك، كانت معظم التحليلات تتكلّم عن «مأزق» إسرائيل «المأزومة»، وعن خلافاتها في الداخل ومع الخارج، ولا سيما الولايات المتحدة، ما سمح للبعض بالترويج أن أهداف هذه الحرب لم تتحقق، وقد لا تتحقق، سواء في غزة والأراضي الفلسطينية، أو في لبنان. لكن على أرض الواقع، كان من الواضح أن ما حقّقته إسرائيل حتى الآن من حربها على غزة يتجاوز كثيراً الردّ على «هجوم أكتوبر».

بعدما نجحت إسرائيل في تعزيز «صورة» ربط حربها التهجيرية في غزة بأنها «صراع وجود» مع إيران وأذرعها الساعين إلى تدميرها، وفّرت تلك الحرب للإسرائيليين أيضاً غطاءً دولياً واسعاً، ليس لإطالة حرب الإبادة ضد الفلسطينيين فقط، بل الانتقال أيضاً إلى حرب إبادة أخرى ضد لبنان.

هذا الأمر طرح تساؤلات عن حقيقة الموقف الأميركي تجاه أهداف إسرائيل، وعمّا إذا كانت حربها لتغيير «المشهد الإقليمي» ممكنة من دون موافقة أميركية. بيد أن الوقوف على المتغيرات الدراماتيكية التي طرأت على سياسة واشنطن يظهر تغييراً كبيراً في مقاربتها ونظرتها تجاه إيران، مع التغييرات التي طرأت على المشهد الدولي منذ اندلاع الحرب الأوكرانية.

«فرصة استراتيجية» لأميركا

قبل الدخول في ما عدّه البعض «تجاهلاً» من تل أبيب للمساعي الأميركية لفرض وقف لإطلاق النار في حربها المتصاعدة ضد «حزب الله»، روّجت تحليلات العديد من الصحف الأميركية ولا تزال لـ«خلافات» بين واشنطن وتل أبيب. إلا أن دينيس روس، المبعوث الرئاسي السابق في المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، رأى أن ما جرى حتى الآن «يُعد فرصة استراتيجية لأميركا، ليس لتغيير المنطقة فقط، بل تغيير الوضع في لبنان أيضاً بعد اغتيال حسن نصر الله وإضعاف (حزب الله)». وخلال ندوة في «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى»، حضرتها «الشرق الأوسط»، يوم الأربعاء، وشاركت فيها دانا سترول، نائبة مساعد وزير الدفاع السابقة لشؤون الشرق الأوسط في إدارة بايدن، وديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأدنى في إدارة ترمب، أضاف روس: «بات بمقدور أميركا اتخاذ إجراءات رادعة مباشرة، ليس ضد إيران فقط، بل المشاركة قبل ذلك في ضرب أذرعها مباشرة وملاحقتهم».

وبحسب روس، فإنه بعدما تمكّنت إسرائيل من ضرب و«تحييد» الخطر الذي يمثله «حزب الله» و«حماس»، يمكن لواشنطن الآن «ضرب وملاحقة الحوثيين، كإشارة إلى أننا قادرون على تعريض ما نعتقده نحن مصالح مهمة لها، وخصوصاً برنامجها النووي، وليس المصالح التي تعتقد إيران أنها مهمة بالنسبة لها فقط».

تغيير مسار المنطقة

من جهتها، قالت سترول، إن إرسال الأصول العسكرية الأميركية، منذ اندلاع الحرب قبل نحو سنة، وخصوصاً في الفترة الأخيرة «لا يُعبّر عن تصميم إدارة بايدن على مواجهة التهديدات الإقليمية، والدفاع عن إسرائيل، ومنع توسّع الحرب فقط، بل تغيير المسار في المنطقة أيضاً». وأضافت: «كل الأحداث التي وقعت منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) حتى الآن، بما فيها تصفية قوة (حماس) وضرب (حزب الله) وتوجيه ضربات لإيران، لم يكن بالضرورة مخطط لها. لكن اليوم، بعد كل الذي جرى، ينبغي أن نستغل ما حصل لنمضي في مسار مختلف، بما يعيد الاستقرار والسلام إلى المنطقة، وإعادة مسار العلاقات الإسرائيلية العربية إلى مسارها الذي انقطع بعد 7 أكتوبر».

من ناحيته، قال شينكر: «ثمة فهم خاطئ لتفسير ما تعنيه المطالبة بوقف إطلاق النار، سواء في غزة أو لبنان، وذلك لأن الأهداف التي وضعت لا يمكن تحقيقها من دون تغيير الديناميات السابقة». وأردف أنه بمعزل عن الإدارة الجديدة التي ستأتي بعد الانتخابات الأميركية، وسواء أكان الفائز فيها كامالا هاريس أم دونالد ترمب، لا شك أنه «سيكون من الصعب العودة إلى السياسات الأميركية السابقة تجاه إيران وأذرعها وبرنامجها النووي». وأكد أن أميركا «ستلعب دوراً رئيسياً في إعادة تشكيل وترتيب الأوضاع بعد حرب غزة، التي ستنتهي عاجلاً أم آجلاً، وكذلك في لبنان».

وهكذا، أمام هذه «الرؤية» التي تعكس حقيقة الموقف الأميركي للصراع الجاري، إن إصرار البعض على اعتباره إذعاناً وارتباكاً أميركياً أمام رغبات إسرائيل، قد يكون من الضروري قراءة «التحولات» التي طرأت على موقف إدارة الرئيس جو بايدن، منذ اندلاع الحرب.

تقديرات مختلفة للحرب في لبنان

كانت هناك تقديرات مختلفة داخل إدارة بايدن عن طبيعة الأخطار التي يمكن أن تواجهها «العملية» العسكرية التي أطلقتها إسرائيل ضد «حزب الله»، وعن قدراته العسكرية الحقيقية التي جرى تضخيمها. ولكن، بدلاً من تبيّن صحة تلك التقديرات، انتهى الأمر بتبنّي العديد من المسؤولين الأميركيين النجاح الذي حقّقته إسرائيل في سعيها - بزخم مذهل - إلى إضعاف «حزب الله». وهو ما بدا أنه يتناسب مع نمط إدارة بايدن، التي لطالما تدرّجت في التعبير عن مواقفها من الأحداث السياسية الخارجية.

إذ بعدما تحثّ إسرائيل على لجم اندفاعاتها، كانت لا تلبث أن تتراجع لاحقاً. وبعدما أوضح بايدن رغبته في «الوقف الفوري» للقتال في لبنان، وتحفّظه عن التوغّل البرّي، ظهر انقسام بين المسؤولين الأميركيين حول «الحكمة» من الحملة الإسرائيلية ضد «حزب الله»، خاصة منذ مقتل زعيمه حسن نصر الله، في 27 سبتمبر (أيلول) الماضي. ففي حين ركّز البعض كثيراً على المخاطر، قال آخرون إنه إذا أمكن توجيه ضربة قوية للحزب من دون إثارة صراع إقليمي أوسع يجذب إيران فإن ذلك قد يُعدّ نجاحاً.

واليوم، يذهب كثيرون إلى القول إن وجهة النظر الأخيرة هي التي تغلبت في النهاية، وعبّرت عنها تصريحات وزير الخارجية أنتوني بلينكن، «غير المعهودة» من كبير الدبلوماسيين، حين تكلّم عن «العدالة» التي نفّذت بحق نصر الله.

الضغط العسكري يدعم الدبلوماسية

يوم الاثنين الماضي، قال ماثيو ميللر، الناطق باسم الخارجية للصحافيين: «نحن بالطبع نواصل دعم وقف إطلاق النار، ولكن في الوقت نفسه، هناك أمران آخران صحيحان أيضاً: الضغط العسكري يمكن في بعض الأحيان أن يمكّن الدبلوماسية. وطبعاً، قد يؤدي أيضاً إلى سوء التقدير... يمكن أن يؤدي إلى عواقب غير مقصودة، ونحن نتحادث مع إسرائيل حول كل هذه العوامل الآن».

وحقاً، حتى الاتفاق الذي قيل إنه حصل بين أميركا وفرنسا وإسرائيل ودول عدة توصُّلاً إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان، لمدة 3 أسابيع، بدا أن واشنطن قد تخلت عنه.

هذا ما بدا بعدما رأى مسؤولون في إدارة بايدن أن إسرائيل تحاول توجيه ضربة حاسمة لـ«حزب الله» عبر اغتيال زعيمه، بعد الضربات الساحقة التي نفّذتها على امتداد الأشهر الماضية، وتوجّت بما سُمي بهجوم «البيجر»، وبتصفية العديد من قياداته العليا والوسطى.

ورغم اتهام بنيامين نتنياهو بأنه هو الذي عاد عن الاتفاق الذي وافق عليه، فإن «الصمت» الأميركي الذي تلا اغتيال نصر الله، كاد يؤدي إلى تأجيل حتى إلغاء زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى لبنان، التي أصرّ قصر الإليزيه عليها في نهاية المطاف، تعبيراً عن «غضب» فرنسا، الذي قابلته إسرائيل بقصف هدف في العاصمة بيروت، للمرة الأولى يوم الأحد الماضي.

الحسم في تفكيك بنية «حزب الله»

بعدها، يوم الاثنين، في إشارة واضحة لحسم التردد ودعم العملية الإسرائيلية، قال «البنتاغون» إن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اتفق مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت «على ضرورة تفكيك البنية التحتية الهجومية على طول الحدود الشمالية لإسرائيل، لضمان عجز (حزب الله) عن شنّ هجمات على غرار هجمات 7 أكتوبر على المجتمعات الإسرائيلية في تلك المنطقة». وأردف «البنتاغون» أن أوستن «راجع التطورات الأمنية والعمليات الإسرائيلية» مع غالانت، وأكد مجدداً «دعم الولايات المتحدة لحقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد إيران و(حزب الله) و(حماس) والحوثيين وغيرها من المنظمات الإرهابية المدعومة من إيران».

ورغم تأكيد أوستن على أهمية «التحول في نهاية المطاف من العمليات العسكرية إلى المسار الدبلوماسي لتوفير الأمن والاستقرار في أقرب وقت ممكن»، فإنه أوضح أن واشنطن في وضع جيد للدفاع عن أفرادها وشركائها وحلفائها في مواجهة تهديدات إيران والمنظمات الإرهابية المدعومة منها، وأنها عازمة على منع أي جهة فاعلة من استغلال التوترات أو توسيع الصراع. كذلك ناقش أوستن مع غالانت ما سمّاه «العواقب الوخيمة» التي ستتحمّلها إيران في حال اختارت شنّ هجوم عسكري مباشر ضد إسرائيل.

ومقابل تركيز إدارة بايدن كثيراً من مساعيها منذ ما يقرب من سنة على منع التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله»، أعجب بعض المسؤولين بالإنجازات الإسرائيلية. ومع شلل الحزب وتراجع قدراته «الإقليمية»، بات هؤلاء يعتقدون أن الوضع بات الآن مختلفاً تماماً، مشيرين إلى أن إسرائيل في أقوى موقف لها منذ بدأ الجانبان تبادل إطلاق النار منذ 8 أكتوبر بعد فتح «جبهة الإسناد» لغزة.

ولكن، مع ذلك، قال مسؤولون كبار إنهم كانوا ينصحون إسرائيل بألّا تشنّ غزواً برّياً للبنان، ويحذرون من أن خطوة كهذه يمكن أن تأتي بنتائج عكسية، تتمثّل ببناء الدعم السياسي لـ«حزب الله» داخل لبنان وإطلاق العنان لعواقب غير متوقعة على المدنيين والتدخل الإيراني.

لا كلام عن وقف التصعيد

من جهة ثانية، مع الهجمات الصاروخية الإيرانية «المحسوبة» ضد إسرائيل، رداً على قتل إسماعيل هنية وحسن نصر الله، بدا لافتاً أن الرئيس بايدن لم يتكلّم - للمرة الأولى - عن ضرورة «وقف التصعيد» و«ضبط النفس». بل العكس، أكّد أن واشنطن «تدعم بالكامل» إسرائيل بعد الهجوم الذي جرى صدّه بدعم أميركي و«أثبت انعدام فاعليته»، وأن المناقشات مستمرة مع إسرائيل بشأن الردّ، مضيفاً أن «العواقب على إيران لم تُحدد بعد».

موقف بايدن لم يكن وحيداً، إذ اندفع المشرّعون الأميركيون من الحزبين مؤيدين مواقف أكثر حزماً من إيران، وداعين إلى تبني سلسلة من التدابير المحددة والمصمّمة لشلّ القوى العسكرية لطهران ووكلائها، وإلى تمرير تمويل إضافي لإسرائيل في أعقاب هجوم إيران.

وبالفعل، يرى كثرة من المسؤولين الأميركيين اليوم، أن إدارة بايدن تحوّلت من محاولة منع اتساع حرب غزة إلى إدارة «الحرب الشاملة»، في ظل رؤية غدت موحّدة مع إسرائيل تجاه الأهداف المأمول تنفيذها. وتساءلت صحيفة «النيويورك تايمز» عن المدى الذي يمكن أن تبلغه الحرب، وما إذا كانت الولايات المتحدة ستنخرط فيها بشكل مباشر، في ظل مخاوف من احتمال أن ترد إسرائيل على صواريخ إيران باستهداف منشآتها النووية، ما قد يؤدي إلى خروج الحرب عن السيطرة.

لكن بايدن عاد وأوضح، يوم الأربعاء، أنه لا يدعم أي استهداف إسرائيلي للبرنامج النووي الإيراني، فاتحاً المجال أمام تكهنات عن بدء مفاوضات للتوصل إلى تسوية بين الطرفين. وهذا، بالتوازي مع تقديم مزيد من المساعدات لإسرائيل لإنهاء الحرب ضد «حماس» في غزة، والتصدّي للهجمات التي تنفذها جماعة الحوثي في اليمن ضد إسرائيل والملاحة في البحر الأحمر والمضائق الدولية القريبة، ودعم غزوها البرّي للبنان «لتفكيك البنية التحتية» لـ«حزب الله».

تساؤلات مع تغيير أميركا نبرتها واستراتيجيتها

> وسط تحذيرات من أن يكون لبنان هو ساحة «الحرب الشاملة» بين إسرائيل وإيران، أشار مسؤول أميركي كبير إلى المشاورات الواسعة النطاق مع إسرائيل، بما في ذلك مع مكتب بنيامين نتنياهو لصوغ الاستجابة المناسبة، من دون أن يشير إلى «الخلافات» القديمة بين الرئيس جو بايدن ونتنياهو على طريقة تعامل إسرائيل مع حرب غزة، وانتقال المعركة إلى لبنان. وأضاف المسؤول: «لكن بعد دخول إيران المعركة بشكل مباشر، التي تشكل (تهديداً مدمراً) لإسرائيل، تغيّرت نبرة أميركا واستراتيجيتها». أما «النيويورك تايمز» فنقلت عن جوناثان بانيكوف، مدير «مبادرة سكوكروفت للأمن في الشرق الأوسط بالمجلس الأطلسي»، قوله إن «الحرب الشاملة حتى الحرب الأكثر محدودية، يمكن أن تكون مدمّرة للبنان وإسرائيل والمنطقة. ولكن من خلالها ستأتي فرص غير متوقعة أيضاً لتقويض النفوذ الإيراني الخبيث في المنطقة، من خلال عرقلة جهودها لإعادة تشكيل (حزب الله)، مثلاً. وبالتالي، ينبغي للإدارة الجديدة أن تكون جاهزة للاستفادة من هذه الفرص». لكن مع المفاجأة التي تعرّضت لها إسرائيل أخيراً خلال «توغّلاتها» البرّية، وسقوط العديد من جنودها بين قتيل وجريح من قبل مقاتلي (حزب الله)، طرح العديد من التساؤلات... منها عمّا إذا كانت ستعيد النظر بخططها العسكرية وبحساباتها فيما يتعلق بكيفية إقامتها «المنطقة العازلة» في جنوب لبنان، تطبيقاً للقرار 1701؟ وأيضاً، هل ستكثّف قصفها الوحشي والتدميري، بما يؤدي بتلك التوغّلات إلى احتلال جديد، أو تحويل المنطقة إلى «أرض محروقة»؟ وهل سيكون متاحاً مرة أخرى أمام الحزب واللبنانيين عموماً، إعادة تنظيم «مقاومة» ما، على قاعدة توافق سياسي ينهي سلطة «حزب الله» لمصلحة الدولة... أم أن المقوّمات مستعصية في ظل الانهيار السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يعيشه لبنان؟