هيمنة اليمين الكاملة مأزق قد يُبكي الإسرائيليين لأجيال

قراءة في تداعيات «حرب غزة» على السلطة في تل أبيب

دمار غزة (إ.ب.أ)
دمار غزة (إ.ب.أ)
TT

هيمنة اليمين الكاملة مأزق قد يُبكي الإسرائيليين لأجيال

دمار غزة (إ.ب.أ)
دمار غزة (إ.ب.أ)

عندما دخل حزب «المعسكر الرسمي» بقيادة بيني غانتس، إلى الائتلاف الحكومي الإسرائيلي يوم 11 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أي بعد 4 أيام من هجوم «حماس» على المواقع العسكرية والبلدات الإسرائيلية في غلاف غزة، حظيت خطوته بتقدير كبير من الجمهور. وفي أول استطلاع رأي أجرته صحيفة «معاريف» خلال تلك الفترة، في أول ديسمبر (كانون الأول) منحه الناخبون 40 مقعداً، أي أكثر من ثلاثة أضعاف قوته الانتخابية، إذ كان له 12 مقعداً فقط. وحسب تلك النتائج، هبط حزب «الليكود» بقيادة بنيامين نتنياهو من 32 مقعداً، له اليوم، إلى 18 مقعداً. ودلَّت النتائج على أن معسكر نتنياهو يهبط من 64 إلى 43 مقعداً، فيما يرتفع نصيب المعسكر المناوئ له من 54 إلى 77 مقعداً. حصاد3 – مستقبل إسرائيل تحت هيمنة اليمين المطلقة

لقد نظر الشارع الإسرائيلي إلى بيني غانتس بنهاية العام الماضي على أنه قائد متواضع يتصرّف كجندي في الاحتياط، يمتثل للأوامر العسكرية، ويضع مصلحة الدولة فوق أي اعتبار. ورأى أن الرجل، «الملسوع» من تجربة سابقة مع بنيامين نتنياهو -والذي استقال أخيراً من حكومته- عضّ على جرحه وعاد للتحالف معه مجدداً في سبيل «الوحدة الوطنية». ويذكر أن الإعجاب بغانتس قد ازداد أكثر عندما أعلن قُبيل تعيينه أنه لا يطالب بوزارات له ولرفاقه، بل كل ما يطلبه هو الشراكة الفعلية في إدارة الحرب، وكان له ما أراد.

يومها، وفقاً لشهود عيان كثيرين، كان نتنياهو محطماً نفسياً من هول الضربة. إذ تمكّنت «حماس» من مباغتة الجيش الإسرائيلي والاستخبارات وإلحاق خسائر فادحة، قتلى وجرحى، واحتلت 11 موقعاً عسكرياً و22 بلدة، فيما بدت القيادة الإسرائيلية كأنها تغطّ في سُبات عميق.

أيضاً، نتنياهو، بصفته رئيس حكومة، يتحمّل مسؤولية أساسية عن هذا الإخفاق، ولذا طالبه 84 في المائة من الإسرائيليين بالاستقالة. أما الجيش فعمد إلى فعلٍ انتقامي هستيري، وشن حرب دمار شامل أحرق فيها غزة وأهلها -وليس «حماس»- وأخذ يُعدّ لتوجيه ضربة استباقية إلى لبنان، حتى قبل أن يعلن «حزب الله» حرب «الإسناد».

الكرامة وإنقاذ الهيبة

كان غانتس، ومعه «شريكه» رئيس الأركان السابق الآخر غادي آيزنكوت، قد جاءا إلى «مجلس قيادة الحرب» ليسهما في «إنقاذ هيبة وكرامة الجيش الإسرائيلي»، وحقاً صار الجمهور يرى في غانتس أفضل المرشحين لرئاسة الحكومة بدل نتنياهو. ولكن الآن بعد مضيّ أكثر من 8 أشهر، عاد الجمهور الإسرائيلي يفتش عن رئيس حكومة آخر، بعد فقدانه الأمل في نتنياهو يقنعه... وأيضاً في غانتس وكل مرشح من الشخصيات القيادية المطروحة.

الاستطلاعات الأخيرة تشير إلى أن غانتس سيهبط إلى 27 مقعداً، ولكن إذا أُسس حزب يميني آخر سيوزّع الجمهور أصواته بين غانتس والحزب الجديد. وهذا ليس تصوراً وهمياً، بل واقعي جداً. إذ إن رئيس الوزراء الأسبق نفتالي بنيت، يسعى لتشكيل حزب يضم يوسي كوهين، رئيس «الموساد» السابق، وغدعون ساعر الوزير والحليف السابق لغانتس، وأفيغدور ليبرمان رئيس حزب «اليهود الروس»، وأشارت نتائج الاستطلاع إلى أن هذا الحزب سيحصد الأصوات من كل الأحزاب وسيصبح الحزب الأكبر، مما يعني أنه سيكلَّف بتشكيل الحكومة.

وهكذا، يخرج غانتس مرة أخرى «من المولد بلا حمص»، بعدما انفضّ الجمهور عنه. فلماذا يحصل له هذا وهو الذي يحمل على كتفه 33 سنة من الخدمة العسكرية ويتعامل مع محيطه بصدق وصراحة... ومعروف أنه لا ينتمي إلى شريحة السياسيين الفاسدين؟

نتنياهو حاضراً اجتماعاً حكومياً (رويترز)

طريقة اللعب... وتقبّل الفساد

غانتس بنفسه ليس بريئاً من هذه النتيجة، لكنَّ المسؤولية لا تنحصر به. فإسرائيل تعيش أزمة وطنية كبرى، سياسية ومجتمعية شاملة، والشارع يتجه نحو اليمين بشكل جارف، وكما في كل حرب... يتجه أكثر وأكثر إلى اليمين. بينما غانتس يُعد من الجناح الليبرالي، وكان قد أعرب عن تأييده لـ«حل الدولتين».

أيضاً، ليست «حماس» وحدها، بل أيضاً اليمين الحاكم نجح في تقويض هيبة ومكانة الجيش وغيره من أجهزة الأمن. ومع أن الجيش ما زال أكثر مؤسسة رسمية تحظى باحترام الناس وثقتهم، فقد انخفضت نسبة الثقة به من 87 في المائة إلى 63 في المائة. وقسم كبير من الشارع يسير وراء الشعارات العاطفية فارغة المضمون، وتفتش عن قائد «أزعر» و«فهلوي» و«يتقن اللعب والخداع» لا عن قائد «رمادي بارد».

وفي مكان ما، لم يعد الجمهور أيضاً ينفر من «القائد الفاسد»، خصوصاً في يمين الخريطة الحزبية. فوفق استطلاع أجراه «المعهد الإسرائيلي للديمقراطية»، ونُشر عام 2018، قال 47 في المائة من المستفتين إن القيادة السياسية في إسرائيل «فاسدة». وفي تحليل النتائج، تبين أن هذه النسبة تنخفض لدى ناخبي اليمين إلى 25 في المائة، أي إن غالبية 75 في المائة لا يرون أن القيادة السياسية فاسدة، مع أن رئيس الوزراء يحاكَم بتهمة الفساد، وهناك ثلاثة وزراء أُدينوا بالفساد. ثم إن الحكومة الإسرائيلية الحالية سعت لسن قوانين تجيز للوزارات تعيين مسؤولين عديدين على أساس القرب من الوزير وليس الكفاءة. وأقرت في موازنتها صرف أكثر من 1.5 مليار دولار للأحزاب تصرفها على مصالحها الذاتية من موازنة الدولة. والمستشارة القضائية للحكومة حذرت من أن إيتمار بن غفير، وزير الأمن الداخلي، يُحدث تغييراً جوهرياً في الشرطة بما يلائم سياسة حزبه المتطرف ويختار لرئاسة الدوائر والأذرع ضباطاً مقربين منه وليس وفق معيار المهنية. وبالتالي، مضى الزمن الذي كان فيه وزير ينتحر، عندما يكتشفون أنه ارتكب مخالفة فساد. فالفساد ببساطة لم يعد أمراً معيباً.

الخوف

ثمة محنة أخرى يعيشها المجتمع الإسرائيلي تدفعه إلى قرارات وسياسات متهوّرة بعيدة عن الحكمة. فالقيادة اليمينية بمجملها، وليس فقط نتنياهو، تتبنى عقيدة الخوف والتخويف، وتبني سياستها على الاعتقاد بأن عدواً ما يلاحق اليهود لإبادتهم في كل عصر. ووفق قناعات هؤلاء «اليهود شعب الله المختار» والعالم كله يغار منهم ويحسدهم، ويريد التخلص منهم.

بدأ ذلك بالعداء للسامية في الغرب -وأوروبا بشكل خاص– وتفاقم مع «المحرقة النازية»، والآن العرب والإسلام.

طبعاً، هناك أساس لهذا الاعتقاد، فالنازية فعلاً عملت على «إبادة» اليهود. وتوجد جماعات عربية وإسلامية تطلق شعارات معادية لليهود، لكنَّ هؤلاء أقلية ضئيلة، لا تزيد نسبتها -مثلاً- على نسبة اليهود الإسرائيليين الذين يريدون إبادة الشعب الفلسطيني!

في المقابل، العرب يقدمون لإسرائيل عرضاً سخياً لإنهاء الصراع الإسرائيلي - العربي من جذوره، عبر مبادرة السلام السعودية، التي غدت مبادرة عربية تقبلها «منظمة التعاون الإسلامي» وجميع القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني. وسيشمل العرض سلاماً شاملاً بين إسرائيل والعرب والدول الإسلامية يشمل إقامة دولة فلسطينية على مساحة 22 في المائة من فلسطين التاريخية.

قصة اللاسامية

مع هذا، يحاول قادة اليمين إقناع اليهود بأنه لا أحد معهم، وبأن اللاسامية تتحكم بمؤسسات الأمم المتحدة. واستمرت تهم اللاسامية عندما خرج ملايين الناس عبر العالم في مظاهرات غضب إثر مشاهدة صور أطفال غزة يتمزقون بحمم المتفجرات الإسرائيلية. وطالت التهم حتى محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية في لاهاي، اللتين قررتا التحقيق في ممارسات إسرائيل في غزة بناءً على معطيات رهيبة وأدلة كثيرة، بينها تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الذي أمر الجيش بالتعامل مع الفلسطينيين على أنهم «حيوانات»، ووزير آخر طلب إبادة غزة بقنبلة نووية، ووزير ثالث دعا إلى محو غزة. بل حتى الرئيس الأميركي جو بايدن، اتهمه بعض الوزراء بـ«التآمر مع حماس» عندما اختلف مع الحكومة الإسرائيلية.

تلاشي «حل الدولتين»

أخيراً، استطلاعات الرأي تشير إلى أن غالبية الشارع ما عاد متقبّلاً «حل الدولتين». بل حتى أجهزة الأمن الإسرائيلية، التي تبني مواقفها على أساس دراسات ومعطيات استخبارية، وترى أن المصلحة الوطنية العليا لإسرائيل تكمن في «حل الدولتين»، تقف عاجزة عن التصدّي لسياسات اليمين، وأبرزها مشاريع الاستيطان في الضفة الغربية الهادفة إلى إجهاض «حل الدولتين»، وحملات القمع الدموية، وحماية مخططات المستوطنين بما فيها طرد مزارعين فلسطينيين من أراضيهم وبيوتهم لكي يسيطروا هم عليها.

إسرائيل تعيش أزمة وطنية كبرى سياسية ومجتمعية شاملة

افتداء الأسرى الإسرائيليين... صار قضية كبيرة

عندما طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من عائلات الرهائن المحتجزين لدى «حماس»، أن يَحذروا من أن يؤدي «نضالهم الشرعي لتحرير أبنائهم» إلى تشجيع «حماس» على تشديد مطالبها في الصفقة، اختلفوا فيما بينهم؛ بعضهم وافقه وبعضهم اعترض بحجة أن نتنياهو «مخادع ويحاول منعنا من ممارسة الضغوط عليه».وفي لقائه الثاني معهم، اقترح عليهم ممارسة الضغط على «حماس» لا عليه، وعرض عليهم السفر على حساب الدولة إلى دول أوروبا وأميركا والتقاء القادة السياسيين لـ«تجنيدهم إلى جانب إسرائيل في المعركة ضد (حماس)». وبالفعل، وافق قسم كبير منهم، وسافروا، في عدة رحلات نظَّمتها وزارة الخارجية، والتقوا عدة زعماء ووزراء، ورفض آخرون هذه الرحلات مؤكدين أن نتنياهو يخدعهم.وبعدما صارت مظاهرات عائلات الرهائن يومية، صاروا يقرأون في الشبكات الاجتماعية منشورات تهاجمهم وتتهمهم بـ«طعن الدولة في ظهرها والمساس بمعنويات الجنود الإسرائيليين الذين يقاتلون العدو»، لكنهم لم يرتدعوا. وكان ردهم: «نحن دولة ديمقراطية، حرية التعبير فيها مكفولة، والاختلافات أمر صحي». ولكن، عندما بدأوا يتعرّضون لاعتداءات جسدية من نشطاء في اليمين المتطرف ينعتونهم بالخيانة، بدا الخوف يتسلل إليهم وبعضهم ارتدع عن المشاركة في المظاهرات.وعندما أطلق الوزير المتطرف إيتمار بن غفير، الرّسَن للشرطة كي تفرّقهم بالقوة وتعتدي على كثيرين منهم، لا فرق بين شابٍّ ومسنٍّ، أو بين رجل وامرأة، أُصيب متظاهر بكسور في جمجمته، فبدأت العائلات تدرك أن الحكومة اليمينية أدخلتهم إلى «الحرب الداخلية» لا «حرب غزة»، بعد اتهامهم بأنهم «أعداء». ولقد تساءلت باسمها وباسمهم، والدة أحد الجنود الأسرى: «هل يُعقَل أن

قيادة الدولة اليهودية تفقد أهم قيمة في اليهودية، افتداء الأسرى وأبدلت بها إهدار دم الأسرى بشكل متعمَّد؟».

من مظاهرات مناوئي الحكومة الإسرائيلية في تل أبيب (إ.ب.أ)

ولكن، قبل نحو أسبوعين، أزال الوزراء في حكومة نتنياهو الستار عن عورة موقفهم عندما حضروا إلى الكنيست (البرلمان) ليخاطبوا قادتهم.كانت الأنباء تتحدث عن «قبول إسرائيل المقترح الإسرائيلي للصفقة»، حسب الرئيس الأميركي جو بايدن، ووزير خارجيته أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جاك سوليفان. لكنَّ وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، حضر إلى المداولات في لجنة المالية، وقال إنه لن يؤيد الصفقة الجاري العمل عليها مع «حماس». وأضاف: «ما يطلبه (يحيى) السنوار الآن هو تحرير مئات القتلة مع دم على الأيدي كي يحرّر مخطوفين. هذا الأمر من شأنه أن يؤدي إلى قتل الكثير جداً من اليهود... نحن سنقلب كل حجر كي نعيد كل المخطوفين، لكننا لن ننتحر بشكل جماعي».وفي نقاش آخر اصطدم النائب إسحاق فيندروس من «يهدوت هتوراة» لليهود المتديّنين، مع إستر بوخشتاف، أُم المخطوف ياغف بوخشتاف، بعدما طلبت الأم حق الكلام أمام اللجنة التي يترأسها فيندروف. إذ سألها: «أتريدون ممارسة نشاط سياسي حزبي؟». فصُدمت الأم وصرخت في وجهه: «أنت تتهمني بالسياسة وأنا أحاول أن أبثّ ألمي على ولدي؟ ألا تخجل من نفسك؟ أنت رجل دين وتعرف أن التوراة تعد افتداء الأسرى عملاً مقدّساً... فهل هكذا تفهم أحكام الدين؟ مَن منّا يُغلِّب السياسة الحزبية؟ مَن منّا تنازل عن القِيَم؟».في الواقع، الكلام عن القِيَم يكثر هذه الأيام في إسرائيل وسط أجواء التوتر الشديد والحرب متعددة الجبهات. فعلى هامش هذه الحرب ثمة تراجع صارخ وغير مسبوق عن قِيَم كثيرة. وهناك مَن يشعر بأن مصير القِيَم صار أخطر بكثير من السؤال عمّن يحكم إسرائيل في المرحلة التالية، بعد استقالة بيني غانتس وغادي آيزنكوت من الحكومة. وكثرة يقولون إن هناك ما يهدّد مستقبل إسرائيل برمّتها، لأنها بُنيت على أساس تلك القِيَم... وأهمها: افتداء الأسرى.وإلى جانب أحكام الدين في الموضوع، توجد مسألة استراتيجية تتعلق بها. فامتناع الحكومة عن الذهاب إلى صفقة لتحرير الأسرى، البالغ عددهم اليوم 120 أسيراً، يثير شكوكاً لدى كل جندي يحارب في الميدان حول مصيره. فيتساءل: «هل إذا وقعتُ في الأسر، سيصيبني ما يصيب هؤلاء الأسرى؟ سأتعفّن في نفق تحت الأرض ولا يسأل عني أحد؟ أهذه هي إسرائيل التي أنتمي إليها وأحارب لأجلها وأفتديها بروحي وحياتي؟».وعليه، فالقضية هي: هل يستطيع أن يحارب بإقدام وشجاعة مَن يسكنه هاجس كهذا؟


مقالات ذات صلة

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

حصاد الأسبوع من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

يأتي فوز دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية وعودته الوشيكة إلى البيت الأبيض يوم يناير (كانون الثاني) 2025 نقطة تحوّل مهمة وسط اضطرابات غير عادية في

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع دوما بوكو

دوما بوكو... رئيس بوتسوانا «العنيد» يواجه تحديات «البطالة والتمرد»

لا يختلف متابعو ملفات انتقال السلطة في أفريقيا، على أن العناد مفتاح سحري لشخصية المحامي والحقوقي اليساري دوما بوكو (54 سنة)، الذي أصبح رئيساً لبوتسوانا،

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
حصاد الأسبوع بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها

بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها

خطفت بوتسوانا (بتشوانالاند سابقاً) أنظار العالم منذ أشهر باكتشاف ثاني أكبر ماسة في العالم، بيد أن أنظار المراقبين تخاطفت الإعجاب مبكراً بتلك الدولة الأفريقية

«الشرق الأوسط» ( القاهرة)
حصاد الأسبوع الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)

الإعتبارات العسكرية والأمنية تتصدر المشهد في تونس

ضاعف الرئيس التونسي قيس سعيّد فور أداء اليمين بمناسبة انتخابه لعهدة ثانية، الاهتمام بالملفات الأمنية والعسكرية الداخلية والخارجية والتحذير من «المخاطر

كمال بن يونس (تونس)
حصاد الأسبوع جنود فرنسيون  في مالي (سلاح الجو الأميركي)

إضاءة على تراجع تأثير سياسة فرنسا الخارجية

بعد عقود من الحضور القوي للدبلوماسية الفرنسية في العالم، ورؤية استراتيجية وُصفت «بالتميز» و«الانفرادية»، بدأ الحديث عن تراجع في النفوذ

أنيسة مخالدي (باريس)

الإعتبارات العسكرية والأمنية تتصدر المشهد في تونس

الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)
الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)
TT

الإعتبارات العسكرية والأمنية تتصدر المشهد في تونس

الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)
الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)

ضاعف الرئيس التونسي قيس سعيّد فور أداء اليمين بمناسبة انتخابه لعهدة ثانية، الاهتمام بالملفات الأمنية والعسكرية الداخلية والخارجية والتحذير من «المخاطر والمؤامرات» و«المتآمرين» على أمن الدولة. كما كثف سعيّد لقاءاته بمسؤولي وزارتي الدفاع والداخلية وأعضاء مجلس الأمن القومي الذي يضم كذلك أكبر قيادات القوات المسلحة العسكرية والمدنية إلى جانب رئيسَي الحكومة والبرلمان ووزراء السيادة وكبار مستشاري القصر الرئاسي. وزاد الاهتمام بزيادة تفعيل دور القوات المسلحة و«تصدرها المشهد السياسي» بمناسبة مناقشة مشروع ميزانية الدولة للعام الجديد أمام البرلمان بعد تصريحات غير مسبوقة لوزير الدفاع الوطني السفير السابق خالد السهيلي عن «مخاطر» تهدد أمن البلاد الداخلي والخارجي.

تصريحات وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي تزامنت مع تصريحات أخرى صدرت عن وزير الداخلية خالد النوري وعن وزير الدولة للأمن القاضي سفيان بالصادق وعن الرئيس قيس سعيّد شخصياً. وهي كلها حذّرت من مخاطر الإرهاب والتهريب والمتفجرات والهجرة غير النظامية، ونبّهت إلى وجود «محاولات للنيل من سيادة تونس على كامل ترابها الوطني ومياهها الإقليمية» وعن «خلافات» لم تُحسم بعد و«غموض» نسبي في العلاقات مع بعض دول المنطقة.

وهنا نشير إلى أن اللافت في هذه التصريحات والمواقف كونها تأتي مع بدء الولاية الرئاسية الثانية للرئيس قيس سعيّد، ومع مصادقة البرلمان على مشروع الحكومة لموازنة عام 2025... وسط تحذيرات من خطر أن تشهد تونس خلال العام أزمات أمنية وسياسية واقتصادية اجتماعية خطيرة.

أكثر من هذا، يتساءل البعض عن مبرّر إثارة القضايا الخلافية مع ليبيا، والمخاطر الأمنية من قِبل كبار المسؤولين عن القوات المسلحة، في مرحلة تعذّر فيها مجدداً عقد «القمة المغاربية المصغرة التونسية - الليبية - الجزائرية»... التي سبق أن تأجلت مرات عدة منذ شهر يوليو (تموز) الماضي.

كلام السهيلي... وزيارة سعيّد للجزائركلام السهيلي، وزير الدفاع، جاء أمام البرلمان بعد نحو أسبوع من زيارة الرئيس قيس سعيّد إلى الجزائر، وحضوره هناك الاستعراض العسكري الضخم الذي نُظّم بمناسبة الذكرى السبعين لانفجار الثورة الجزائرية المسلحة. وما قاله الوزير التونسي أن «الوضع الأمني في البلاد يستدعي البقاء على درجة من اليقظة والحذر»، وقوله أيضاً إن «المجهودات العسكرية الأمنية متضافرة للتصدّي للتهديدات الإرهابية وتعقّب العناصر المشبوهة في المناطق المعزولة». إلى جانب إشارته إلى أن تونس «لن تتنازل عن أي شبر من أرضها» مذكراً - في هذا الإطار - بملف الخلافات الحدودية مع ليبيا.

من جهة ثانية، مع أن الوزير السهيلي ذكر أن الوضع الأمني بالبلاد خلال هذا العام يتسم بـ«الهدوء الحذر»، فإنه أفاد في المقابل بأنه جرى تنفيذ 990 عملية في «المناطق المشبوهة» - على حد تعبيره - شارك فيها أكثر من 19 ألفاً و500 عسكري. وأنجز هؤلاء خلال العمليات تفكيك 62 لغماً يدوي الصنع، وأوقفوا آلاف المهرّبين والمهاجرين غير النظاميين قرب الحدود مع ليبيا والجزائر، وحجزوا أكبر من 365 ألف قرص من المخدرات.

بالتوازي، كشف وزير الدفاع لأول مرة عن تسخير الدولة ألفي عسكري لتأمين مواقع إنتاج المحروقات بعد سنوات من الاضطرابات وتعطيل الإنتاج والتصدير في المحافظات الصحراوية المتاخمة لليبيا والجزائر.

مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه اوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

تفعيل دور «القوات المسلحة»

تصريحات الوزير السهيلي لقيت أصداء كبيرة، محلياً وخارجياً، في حين اعترض على جانب منها سياسيون وإعلاميون ليبيون بارزون.

بيد أن الأمر الأهم، وفق البشير الجويني، الخبير التونسي في العلاقات بين الدول المغاربية والدبلوماسي السابق لدى ليبيا، أنها تزامنت مع «تأجيل» انعقاد القمة المغاربية التونسية - الليبية - الجزائرية التي سبق الإعلان أنه تقرر تنظيمها في النصف الأول من الشهر الأول في ليبيا، وذلك في أعقاب تأخير موعدها غير مرة بسبب انشغال كل من الجزائر وتونس بالانتخابات الرئاسية، واستفحال الأزمات السياسية الأمنية والاقتصادية البنكية في ليبيا من جديد.

والحال، أن الجويني يربط بين هذه العوامل والخطوات الجديدة التي قام بها الرئيس سعيّد وفريقه في اتجاه «مزيد من تفعيل دور القوات المسلحة العسكرية والمدنية» وسلسلة اجتماعاته مع وزيري الداخلية والدفاع ومع وزير الدولة للأمن الوطني، فضلاً عن زياراته المتعاقبة لمقر وزارة الداخلية والإشراف على جلسات عمل مع كبار كوادرها ومع أعضاء «مجلس الأمن القومي» في قصر الرئاسة بقرطاج. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه إذ يسند الدستور إلى رئيس الدولة صفة «القائد العام للقوات المسلحة»، فإن الرئيس سعيّد حمّل مراراً المؤسستين العسكرية والأمنية مسؤولية «التصدي للخطر الداهم» ولمحاولات «التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي».

واعتبر سعيّد خلال زيارات عمل قام بها إلى مؤسسات عمومية موسومة بأنه «انتشر فيها الفساد» - بينها مؤسسات زراعية وخدماتية عملاقة - أن البلاد تواجه «متآمرين من الداخل والخارج» وأنها في مرحلة «كفاح جديد من أجل التحرر الوطني»، ومن ثم، أعلن إسناده إلى القوات المسلّحة مسؤولية تتبع المشتبه فيهم في قضايا «التآمر والفساد» والتحقيق معهم وإحالتهم على القضاء.

المسار نفسه اعتمده، في الواقع، عدد من الوزراء والمسؤولين الحكوميين التونسيين بينهم وزير الصحة والوزير المستشار السابق في قصر قرطاج الجنرال مصطفى الفرجاني، الذي أعلن بدوره عن إحالة مسؤولين متهمين بـ«شبهة الفساد» في قطاع الصحة على النيابة العمومية والوحدات الأمنية المركزية المكلّفة «الملفات السياسية والاقتصادية الخطيرة»، وبين هذه الملفات الإرهاب وسوء التصرّف المالي والإداري في أموال الدولة ومؤسساتها.

متغيرات في العلاقات مع ليبيا والجزائر وملفَي الإرهاب والهجرة

القمة المغاربية الأخيرة التي استضافتها الجزائر (لانا)

حملات غير مسبوقة

وفعلاً، كانت من أبرز نتائج «التفعيل الجديد» للدور الوطني للمؤسستين العسكرية والأمنية، وتصدّرهما المشهد السياسي الوطني التونسي، أن نظّمت النيابة العمومية وقوات الأمن والجيش حملات غير مسبوقة شملت «كبار الحيتان» في مجالات تهريب المخدرات والممنوعات، وتهريب عشرات آلاف المهاجرين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء سنوياً نحو تونس، عبر الحدود الليبية والجزائرية تمهيداً لترحيلهم بحراً نحو أوروبا عبر إيطاليا.

وحسب المعلومات التي ساقها كل من وزيري الدفاع والداخلية، وأيضاً رئاسة الحرس الوطني، تمكنت القوات العسكرية والأمنية لأول مرة من أن تحجز مئات الكيلوغرامات من الكوكايين إلى جانب «كميات هائلة من الحشيش» والأقراص المخدرة.

وفي الحصيلة، أدّت تلك العمليات إلى إيقاف عدد من كبار المهرّبين ومن رؤوس تجار المخدرات «بقرار رئاسي»، بعدما أثبتت دراسات وتقارير عدة أن مئات الآلاف من أطفال المدارس، وشباب الجامعات، وأبناء الأحياء الشعبية، تورّطوا في «الإدمان» والجريمة المنظمة. وجاء هذا الإنجاز بعد عقود من «تتبّع صغار المهرّبين والمستهلكين للمخدرات وغضّ الطرف عن كبار المافيات»، على حد تعبير الخبير الأمني والإعلامي علي الزرمديني في تصريح لـ«الشرق الأوسط».

تحرّكات أمنية عسكرية دوليةعلى صعيد آخر، جاء تصدّر القوات المسلحة العسكرية والأمنية التونسية المشهدين السياسي متلازماً زمنياً مع ترفيع التنسيقين الأمني والعسكري مع عواصم وتكتلات عسكرية دولية، بينها حلف شمال الأطلسي (ناتو) وقيادة القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم). وما يُذكر هنا أنه في ظل عودة التوترات السياسية في ليبيا، وتفاقم الخلافات داخلها بين حلفاء روسيا وتركيا والعواصم الغربية، تزايدت الاهتمامات الأميركية والأوروبية والأطلسية بـ«ترفيع الشراكة الأمنية والعسكرية مع تونس».

أيضاً، ورغم الحملات الإعلامية الواسعة في تونس ضد الإدارة الأميركية وحلفائها منذ عملية «طوفان الأقصى»؛ بسبب انحيازها لإسرائيل ودعمها حكومة بنيامين نتنياهو، كثّفت واشنطن - عبر بعثاتها في المنطقة - دعمها التدريبات العسكرية والأمنية المشتركة مع قوات الجيش والأمن التونسية.

بل، لقد أعلن جوي هود، السفير الأميركي لدى تونس، عن برامج واسعة لترفيع دور «الشراكة» العسكرية والأمنية الأميركية - التونسية، وبخاصة في المحافظات التونسية الحدودية مع كل من ليبيا والجزائر، وأيضاً في ميناء بنزرت العسكري (شمال تونس) ومنطقة النفيضة (100 كلم جنوب شرقي العاصمة تونس).

وإضافة إلى ما سبق، أعلنت مصادر رسمية تونسية وأميركية عن مشاركة قوات تونسية ومغاربية أخيراً في مناورات عسكرية بحرية أميركية دولية نُظمت في سواحل تونس. وجاءت هذه المناورات بعد مشاركة الجيش التونسي، للعام الثالث على التوالي، في مناورات «الأسد الأفريقي» الدولية المتعددة الأطراف... التي نُظم جانب منها في تونس برعاية القوات الأميركية.

وحول هذا الأمر، أكد وزير الداخلية التونسي خالد النوري، قبل أيام في البرلمان، أن من بين أولويات وزارته عام 2025 «بناء أكاديمية الشرطة للعلوم الأمنية» في منطقة النفيضة من محافظة سوسة، وأخرى لحرس السواحل، وهذا فضلاً عن توسيع الكثير من الثكنات ومراكز الأمن والحرس الوطنيين وتهيئة مقر المدرسة الوطنية للحماية المدنية.

أبعاد التنسيقين الأمني والعسكري مع واشنطنوحقاً، أكد تصريح الوزير النوري ما سبق أن أعلن عنه السفير الأميركي هود عن «وجود فرصة لتصبح تونس ومؤسّساتها الأمنية والعسكرية نقطة تصدير للأمن وللتجارب الأمنية في أفريقيا وفي كامل المنطقة».

وفي هذا الكلام إشارة واضحة إلى أن بعض مؤسسات التدريب التي يدعمها «البنتاغون» (وزارة الدفاع الأميركية)، وحلفاء واشنطن في «ناتو»، معنية في وقت واحد بأن تكون تونس طرفاً في «شراكة أمنية عسكرية أكثر تطوراً» مع ليبيا وبلدان الساحل والصحراء الأفريقية والبلدان العربية.

وزير الداخلية خالد النوري نوّه أيضاً بكون جهود تطوير القدرات الأمنية لتونس «تتزامن مع بدء العهدتين الثانيتين للرئيس قيس سعيّد وأخيه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون».

وفي السياق ذاته، نوّه عزوز باعلال، سفير الجزائر لدى تونس، بالشراكة الاقتصادية والأمنية والسياسية بين تونس والجزائر، وبنتائج زيارة الرئيس سعيّد الأخيرة للجزائر، وكذلك بجلسات العمل واللقاءات السبعة التي عقدها وزيرا خارجيتي البلدين محمد علي النفطي وأحمد عطّاف خلال الأسابيع القليلة الماضية في الجزائر وفي عواصم أخرى عدة.

حقائق

قضايا الحدود التونسية... شرقاً وغرباً

اقترن بدء الولاية الرئاسية الثانية التونسي للرئيس قيس سعيّد بتحرّكات قام بها مسؤولون كبار في الدولة إلى مؤسسات الأمن والجيش في المحافظات الحدودية، وبالأخص من جهة ليبيا، ضمن جهود مكافحة الإرهاب والتهريب والمخدرات.ومعلوم أنه زاد الاهتمام بالأبعاد الأمنية في علاقات تونس بجارتيها ليبيا والجزائر بعد إثارة وزير الدفاع خالد السهيلي أمام البرلمان ملف «رسم الحدود» الشرقية لتونس من قِبل «لجنة مشتركة» تونسية - ليبية. وكما سبق، كان الوزير السهيلي قد تطرّق إلى استغلال الأراضي الواقعة بين الحاجز الحدودي بين ليبيا وتونس، قائلاً إن «تونس لم ولن تسمح بالتفريط في أي شبر من الوطن». وفي حين رحّبت أطراف ليبية ومغاربية بهذا الإعلان، انتقده عدد من المسؤولين والخبراء الليبيين بقوة واعتبروا أن «ملف الخلافات الحدودية أغلق منذ مدة طويلة».ولكن، حسب تأكيدات مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، فإن السلطات الليبية أعلنت عن تغيير موقع العلامة الحدودية الفاصلة بين ليبيا وتونس «جزئياً» في منطقة سانية الأحيمر، التي تتبع ليبيا. إذ أورد بيان مديرية أمن السهل الغربي في يوليو (تموز) 2022، أنها رصدت ضم سانية الأحيمر إلى الأراضي التونسية، من خلال وضع العلامة الدالة على الحدود بذلك المكان (شرق السانية) بمسافة تقدر بنحو 150 متراً شرقاً ونحو 6 كيلو جنوباً.‏ما يستحق الإشارة هنا أن اللجنة الخاصة بترسيم الحدود الليبية مع تونس، والمكلفة من قِبل وزارة الدفاع في حكومة طرابلس، كشفت عن وجود عملية «تحوير» للعلامة. لكن مصادر دبلوماسية من الجانبين أكدت أن هذه القضية، وغيرها من «الخلافات والمستجدات»، جارٍ بحثها على مستوى اللجنة المشتركة ومن قِبل المسؤولين السياسيين والديبلوماسيين «بهدوء».في أي حال، أعادت إثارة هذه القضية إلى الواجهة تصريحاً سابقاً قال فيه الرئيس سعيّد بشأن الحدود مع ليبيا: «إن تونس لم تحصل إلا على الفتات» بعد خلافها الحدودي البحري مع ليبيا في فترة سبعينات القرن الماضي.والحقيقة، أنه سبق أن شهدت علاقات تونس وليبيا في أوقات سابقة توترات محورها الحدود والمناطق الترابية المشتركة بينهما؛ وذلك بسبب خلافات حدودية برّية وبحرية تعود إلى مرحلة الاحتلالين الفرنسي لتونس والإيطالي لليبيا، ثم إلى «التغييرات» التي أدخلتها السلطات الفرنسية على حدود مستعمراتها في شمال أفريقيا خلال خمسينات القرن الماضي عشية توقيع اتفاقيات الاستقلال. وهكذا، بقيت بعض المناطق الصحراوية الحدودية بين تونس وكل من ليبيا والجزائر «مثار جدل» بسبب قلة وضوح الترسيم وتزايد الأهمية الاستراتيجية للمناطق الحدودية بعد اكتشاف حقول النفط والغاز.وعلى الرغم من توقيع سلطات تونس وليبيا والجزائر اتفاقيات عدة لضبط الحدود والتعاون الأمني، تضاعف الاضطرابات الأمنية والسياسية في المنطقة منذ عام 2011 بسبب اندلاع حروب جديدة «بالوكالة» داخل ليبيا ودول الساحل والصحراء، بعضها بين جيوش و«ميليشيات» تابعة لواشنطن وموسكو وباريس وأنقرة على مواقع جيو - استراتيجية شرقاً غرباً.مع هذا، وفي كل الأحوال، تشهد علاقات تونس وكل من ليبيا والجزائر مستجدات سريعة على المجالين الأمني والعسكري. وربما تتعقد الأوضاع أكثر في المناطق الحدودية بعدما أصبحت التوترات والخلافات تشمل ملفات أمنية دولية تتداخل فيها مصالح أطراف محلية وعالمية ذات «أجندات» مختلفة وحساباتها للسنوات الخمس المقبلة من الولاية الثانية للرئيسين سعيّد وعبد المجيد تبّون.